روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    الإجارة المنتهية بالتمليك أ.د. صالح السلطان

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    الإجارة المنتهية بالتمليك       أ.د. صالح السلطان Empty الإجارة المنتهية بالتمليك أ.د. صالح السلطان

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء أبريل 19, 2011 1:46 pm


    الإجارة المنتهية بالتمليك






    أ.د. صالح السلطان

    تعريفها:
    هي عقد بين طرفين يؤجر فيه أحدهما الآخر عيناً كدار أو سيارة مقابل أجرة تسدد على أقساط مدة معينة تنتقل بعدها ملكية العين إلى المستأجر على صفة معينة.
    حكمها:
    اختلف في حكمها فمنعها بعض فقهاء العصر وذلك لما في صور بعض عقودها من الغرر والظلم للمستأجر مما يخرجها عن مسمى الإجارة، وأجازها آخرون وخرجوا جوازها على عقود منها:
    التخريج الأول: أنها بيع تقسيط
    وبيانه: أن من نظر في بعض صيغ عقود الإجارة المنتهية بالتمليك فيلحظ أن الطرفين تعاقدا أصلا على عقد البيع بالتقسيط مشروطا فيه عدم انتقال المبيع للمشتري إلا بعد سداد جميع الأقساط ونية البيع من الطرفين ظاهرة يدل عليها الالتزام المذكور في بنود بعض الشركات بالوعد في البيع ونقل الملكية للمشتري بعد الوفاء بكامل الشروط.
    ويشهد لذلك أن الأجرة المدفوعة على أقساط أكثر من أجرة المثل وتتناسب مع ثمن البيع وكذلك ما في بنود بعض الشركات من أن المؤجر لا يقبل بأي حال أن تعود السلعة إليه
    ويناقش هذا التخريج بالآتي:
    أولاً: أن القول بأنه بيع غير مسلم لأن المبيع في البيع لا يصح اشتراط الاحتفاظ بملكيته للبائع حتى يتم سداد الثمن.
    كما أن الاحتفاظ بالملكية مع كونه عقد بيع فيه غرر بين لأن المستأجر (المشتري) لو تخلف عن أداء قسط أو أقساط أخذت منه العين وضاع عليه حقه وما دفعه من ثمن وهذا غرر وظلم وأكل للمال بالباطل، إذ إن المستأجر دفع أقساطا لا تناسب الإجارة لأنها تتجاوز قيمة المنافع وهي في الأصل قيمة للرقبة فقد خسر الثمن والمثمون الذين ربحهما البائع فيكون جمع العوض والمعوض خلافاً للقاعدة الشرعية في العقود.
    وكل هذا تخرجة عن مسمى البيع.
    أقول: وهذا المذكور قوي إذا لم يتم نقل الملكية من آخر الأمر لسبب من الأسباب كعجز عن التسديد.
    ومن ثم فتخريج هذا العقد على بيع التقسيط لا يصح للفرق بين العقدين في ماهية كل عقد وما يترتب عليه من الملكية والضمان والإصلاح وغيرها أو عدم ذلك.
    التخريج الثاني:تخريج الإجارة المنتهية بالتمليك على الإجارة مع شرط الهبة
    فتكون صيغة العقد: آجرتك هذه الدار مثلا بثلاثمائة ألف ريال تدفع على خمسة عشر قسطا على أنك إذا وفيت بهذه الأقساط فالدار هبة لك ويقبل الآخر.
    وبيانه: أن هذا العقد عقد إجارة اقترن به شرط الهبة فالهبة معلقة على الوفاء بجميع الأجرة.
    وقد يناقش بالآتي:
    1- أنه تضمن اشتراط عقد هبة في عقد إجارة والجمهور على منع اشتراط عقد في عقد.
    ويجاب: بأن الراجح جوازه - إذا لم يكن المشروط عقد قرض أو حيلة على الربا- ولا محذور في ذلك وهو مذهب مالك، واختيار الشيخ عبد الرحمن السعدي.
    2- أن فيه تعليق الهبة على شرط وتعليق العقود لا يصح وهو قول الجمهور.
    وأجيب: بأن الصحيح صحة تعليق العقود لأن الأصل الحل ولتعليق النبي صلى الله عليه وسلم الولاية (أميركم زيد فإن قتل فجعفر ...) وهذا اختيار شيخ الإسلام وابن القيم.
    3- أن فيه آخذا لزيادة على أجرة المثل مقابل هبته في النهاية فترجع إلى أنها هبة بعوض وهي بيع فيرجع إلى أن العقد عقد بيع وقد تقدم أنه لا يصح لما فيه من الظلم للمستأجر وأخذ حقه من غير مقابل والمستأجر رضي بالدفع لما زاد على أجرة المثل على أمل تسديد سائر الأقساط وقد يعجز عن ذلك.
    ويجاب من وجهين:
    أحدهما: أنه ليس كل من يمارس هذه العقود يأخذ بأكثر من أجرة المثل فمن الشركات من تأخذ قدر أجرة المثل.
    ومن ثم فلا يرد عليها هذا الاعتراض.
    الثاني: أن من الشركات من ترد إلى المستأجر ما أخذته زائدا عن أجرة المثل إذا عجز عن إتمام العقد لعذر مقبول كإعساره ونحو ذلك.
    ومن ثم فلا يرد عليها هذا الاعتراض لكن يبقى هذا الاعتراض وجيها فيما عدا هذين الوجهين.
    التخريج الثالث: تخريج هذا العقد على الإجارة مع شرط البيع.
    فتكون الصيغة: آجرتك هذه الدار لمدة خمسة عشر عاما كل عام بعشرين ألف ريال مثلا ويقبل الآخر.
    فهو بيع معلق على سداد أقساط الإجارة وقد تقدم صحة التعليق، ولا محذور فيما يظهر لكن بشرط مراعاة المستأجر إذا عجز عن الوفاء لعذر مقبول وكانت الأجرة أكثر من أجرة المثل لئلا يترتب على ذلك أخذ ماله وأكله بالباطل.
    أما إذا كانت الأجرة بقدر المثل فلا محذور في ذلك والله أعلم.
    التخريج ا لرابع:تخريج هذا العقد على الإجارة مع الوعد بالبيع:
    أولاً: اختلف في حكم الوفاء بالوعد على ثلاثة أقوال:
    الأول: أنه مستحب وهو قول الشافعية وقول عند المالكية والحنابلة.
    الثاني: أنه واجب مطلقا وهو قول المالكية ووجه عند الحنابلة اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
    الثالث: أنه واجب إن كان له سبب وهو قول المالكية، وقول الحنفية قريب منه وأرجحها الثاني لعموم الأدلة الدالة على وجوب الوفاء بالوعد والعهد.
    ثانياً: صيغة هذا العقد: أن يقول المؤجر: أجرتك هذه الدار مثلا لمدة خمسة عشر عاما وأجرة كل قسط مثلا عشرين ألف ريال، وأعدك وعدا ملزما ببيعها لك إن وفيت الأقساط بثمن قدره مثلا عشرين ألف ريال ويقبل الآخر.
    ومثل ذلك الوعد بالهبة فيقول: وأعدك وعدا ملزما بهبة الدار لك إن وفيت بجميع الأقساط وقد أجازها بصيغة الوعد عددا من العلماء المعاصرين.
    وقد يعترض على هذا التخريج بالآتي:
    1- هل الوعد ملزم، وقد تقدم أن الراجح وجوب الوفاء به.
    2- هل مجرد الوعد بالبيع أو الهبة يكفي لانتقال الملك إذا تم سداد جميع الأقساط؟
    الظاهر والله أعلم: أن الوعد بمفرده لا يكفي لانتقال الملك وأنه لا بد من إتمام العقد ويلزم بذلك ديانة وقضاء الممتنع من ذلك، إذ الوعد لا يصلح إيجابا أو قبولا.
    هل البيع الموعود به له ثمن أو بدون ثمن؟
    الغالب أن البيع الموعود به له ثمن وإلا فلا يصدق عليه أنه بيع وإنما يكون هبة وهذا بيع صحيح لكن مع مراعاة المستأجر إذا عجز عن الوفاء لعذر مقبول كما تقدم..

    هذه خلاصة تخريج حكم الإجارة المنتهية بالتمليك:
    وهي جائزة فيما يظهر تخريجا على الأمور الثلاثة المتقدمة مع مراعاة ما تقدم:
    1- من حفظ حقوق المستأجر وعدم استغلاله وأكل ماله بالباطل.
    2- وينبه إلى أنه متى طلبت الشركة أو المؤسسة المؤجرة إلى مسمى البيع أو المال غير الأقساط فإن هذا لا يجوز لأنه يخرجها عن مسمى الإجارة إلى مسمى البيع أو مسمى آخر لأن الإجارة لا يقدم فيها الأجرة.
    3- وكذلك إذا شرط ضمان العين المؤجرة على المستأجر فإنه لا يجوز لأن الأصل أنها أمانة في يده والأمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط.
    4- ومثل ذلك إذا شرط عليه صيانة العين فإنه لا يجوز لأن هذا مجهول ولأن الملك للمؤجر فإصلاحها على المالك ولأن الأجرة في مقابل الانتفاع بالعين سليمة ألا أن يكون الخلل حدث بفعل المستأجر.
    5- ومثل ذلك إذا شرط عليه التأمين فإنه يجوز لأن الأمين لا يؤمن على فعله مع أن الراجح عدم جواز التأمين لما فيه من القمار.
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    الإجارة المنتهية بالتمليك       أ.د. صالح السلطان Empty رد: الإجارة المنتهية بالتمليك أ.د. صالح السلطان

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء أبريل 19, 2011 1:55 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم

    التأجير المنتهي بالتمليك،وصفه وحكمه الشرعي



    اختلفت وجهات نظر العلماء الكرام في الحكم الشرعي لهذه المعاملة التي انتشر العمل بها اليوم،والناس في أمس الحاجة لبيان حكمها الشرعي،وهو ما لن يتأتى على نحو صحيح ما لم يتم توصيف المعاملة،وتصويرها الصورة المطابقة لما هي عليه في الواقع،ومن ثم تعطى الحكم الشرعي الذي يطابق ما هي عليه،وليس الخطأ في إطلاق الأحكام الشرعية يجيء - في الغالب - من الأدلة بل من تناول الدليل من حيث انطباقه على الحالة التي نبحث الحكم لها ،وهنا سأعمد إلى توصيف المعاملة ومن ثم تطبيق الأدلة الشرعية عليها ليتضح إن كانت مما أحل الشرع أو حرم،كما أتعرض خلال ذلك لأهم الملاحظ الشرعية على ما سأذكره،بإذنه تعالى.




    أولا:توصيف تلك المعاملة:


    يذهب المرء إلى شركة أو نحو ذلك لشراء سيارة أو غيرها وليس عنده مال يكفي للشراء،أو عنده ولكنه يفضل وجود السيولة بيده،فهو يريد تلك السلعة بالتقسيط،فيجد البائع قد عانى كثيرا من التقسيط،نظرا لكثرة من قصر بل أبى أن يسدد ما عليه،حتى صارت الأموال على الناس عدة ملايين لا يجد حيلة لردها وليس يجد تحت يده من الضمانات ما يفي بالحق أو حتى بشيء منه،فوجد بديلا يمكن من خلاله الرجوع ولو بشيء من الحق،وهي طريقة تأجير تلك السيارة أو المنزل أو نحو ذلك مدة معينة على أنه إن انتهى خلالها من بلوغ مبلغ متفق عليه سابقا يصبح من حقه تملك تلك السيارة،إن رغب في ذلك وعليه عندها أن يدفع مبلغا ماليا لنقل ملكية السيارة أو نحوها له،أو كما هو في بعض الحالات ليس يطلب منه دفع شيء في نهاية تلك المدة.


    هذه هي صورة تلك المعاملة،وينص العقد المبرم على أمور أهمها


    1-التأجير متضمنا ما جرت عليه عادة الناس في عقد الإجارة بل أفضل في كثير من الحالات،إذ تكون قيمة الإيجار أقل في العادة من قيمة الإيجار في عقود ليس فيها النص على تمليك في المستقبل.

    2- ويتضمن العقد النص كذلك على استحقاق ذلك المستأجر بعد نهاية مدة التأجير لتملك تلك السلعة،بشرط سداد جميع المبالغ المتفق عليها،وهو أمر ليس ملزما للمستأجر في حين هو ملزم لتلك الشركة أو نحوها،فللمستأجر الحق بتملكها إن أراد وله صرف النظر عنها.

    ثانيا:الحكم الشرعي،المطابق للتوصيف السابق.



    لقد أجاز الإسلام الإجارة لكل ما جاز بيعه مما لا تذهب عينه باستعماله،ولا تكاد تجد من يقول بغير هذا القول،من أهل العلم.

    وهذا يقتضي جواز هذه المعاملة من حيث هي عقد تأجير،بصرف النظر عن الأمر الثاني وسآتي لذكره،وبيان إن كان له أثر على هذه الجزئية من العقد،إلا أنني أريد استيفاء الحديث عن هذا الشق من العقد قبل الخوض في الشق الآخر،لوجود بعض الملاحظ هنا.

    منها قول القائل:يا أخي هذا الرجل الذي رغب في الحصول على تلك السلعة إنما جاء ليتملكها بطريقة البيع بالتقسيط،فحين لم يتح له ذلك الأمر لنظام فرضته تلك الشركة والمؤسسة استأجر تلك السلعة وهو إنما أراد تملكها،بل استأجر ونيته التملك لا الاستئجار،وأنت تعلم من خلال القاعدة المشهورة (العبرة للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني)،وحين تقول لي هذا استئجار أقول لك حسنا هو استئجار بالنسبة لك لا لي،فأنا إنما أردت التملك،ولك أن تعتبرها ما شئت.

    ومن هنا ذهب بعض أهل العلم إلى بطلان المعاملة برمتها لأنها تقع على غير ما قصد طرفا البيع،فهما على وجه الحقيقة إنما يريدان البيع لا الإجارة،ولكن كل منهما لجأ لصيغة التأجير فرارا من شيء قد يضر به،فالشركة من أجل ضمان حقها،والمستأجر لأنه لم يتح له شراءها بالطريقة المعتادة في بيع التقسيط،فالنية على شيء والعقد تحدث عن شيء آخر.

    هذا الأمر حمل بعض أهل العلم للقول ببطلان المعاملة،بناء على تلك القاعدة.

    أقول القاعدة صحيحة إلا أنها لا تتعلق بموضوعنا أصلا،لأنها تتحدث عن قصد المتكلم حين يقول أمرا وهو يريد غيره،أو يعقد عقدا متضمنا شيئا وهو يريد آخر،فيصرح لدى مباشرة آثار ذلك العقد أو القول أنه لم يرد ما تناوله بقوله من حيث الصيغة ولم يرد ما تضمنه العقد الذي أبرم معه من مضامين،فعندها لدى الفصل بين طرفي المعاملة يقوم كل منهما فيحدد مراده الذي يصبح لازما ويعتبر بعد بيانه جزءا من الصيغة وملحقا بها،وإلا فللقضاء أن يقول قولته ضمن تفصيلات ليس هذا محل بيانها،على أن للقاعدة أيضا استثناءات في أمور كالعتق ونحوه،فهو مما لايسوغ قبول زعمه أنه لم يكن يقصد العتق لو تلفظ بقوله أنت حر لعبده،فهل العبرة هنا للفظ أو للقصد،بل لا يلتفت للقصد أصلا.

    على كل ليس لهذه القاعدة دخل فيما نحن بصدد الحديث عنه،وذلك لأنهما وإن نويا أمرا مختلفا عن الصيغة،إلا أنهما لدى مباشرة آثار العقد باشراه وهما يعلمان أنها يباشران عقد تأجير،وهو واضح غاية الوضوح لدى كل منهما،وليس يأتي يوم يقول فيه أحدهما والله يا أخي الصيغة تأجير ولم أفهم أنه تأجير بمعنى التأجير،بل ظننت أن عبارة تأجير تعني بيع،بالله عليكم هل يقول ذلك أحد،ثم أليس هو مضحك لدى أدنى تأمل،ولذا صح يقينا أن القاعدة لا تتناول ما نحن بصدده،فكل منهما عقد مريدا للبيع ولكنه يفهم أنه حيل بينه وبين البيع بصيغة لا تحتمل البيع مما يجعله حال مباشرة العقد قاصدا للتأجير ولا يفهم من العقد سوى هذا،فلو قدرنا أن زاعما قال ياأخي بل أردت بصيغة التأجير البيع،نقول له هذا لا يقبل منك لعدم احتمال الخطأ في فهم عبارة تأجير.

    والآن هل من ملاحظة أخرى على هذا الشق من العقد، الجواب نعم ،فهناك من ينتقد العقد لوجود احتمال سحب السلعة المستأجرة من تحت يد المستأجر حين يتأخر في سداد ما عليه،وياله من منظر مأساوي أن يخرج الرجل من بيته ليتجه إلى العمل ثم لا يجد السيارة أمام المنزل (هذا كمثل)،ليس لأنها مسروقة بل لأن شركة التأجير قد سحبتها،ويظل ساخطا ويقول والله لا يجوز التأجير المنتهي بالتمليك (هكذا يفتي ولعله لا يصلي و يقسم لصحة مذهبه)لأن الشركة أكلته مقلبا،وسحبت سيارتها(التي يظنها سيارته) دون إنذار.

    طيب تصور أنك استأجرت سيارة من شركة تأجير لا تبيع السيارات أصلا فهي شركة تأجير من الألف إلى الياء،ثم أتت وسحبت السيارة نظرا لعدم سدادك المبالغ المترتبة هكذا لعدة أيام،هل ستغضب،أو تطنش،وخليهم ياكلوا هواء،والله ما يشوفوا مني قرشا!

    أخي أنا أتحدث عن واقع وليس عن خيال،وتصور لو كنت أنت صاحب الشركة،هل ستفعل فعله؟

    قد تقول يا أخي أغراضي الشخصية وأوراقي و..و.. ،فأقول لك يداك أوكتا وفوك نفخ،ماذا تصنع لك الشركة إذا تأخرت عن السداد عدة أشهر هل تسلم على رأسك لتعطيها حقها،ثم الرسول صلى الله عليه وسلم يقول المسلمون على شروطهم،وبالفعل هم يخبرونك أن السيارة سوف تسحب إن لم يتم السداد،والواقع أنهم لا يفعلون ذلك إلا بعد عدد من التحذيرات،ولكنك لا تبالي،وهو من حقهم،وهو مما لا أثر له في صحة العقد من هذه الحيثية،ولا أظن طالب علم يحكم ببطلان هذه المعاملة من هذه الحيثية.

    بقي أن من الذوق وحسن التعامل ألا تعمد الشركة لهذا الأمر سوى كحل أخير مع التأكيد على العميل بل الاشتراط عليه ألا يدع شيئا مهماً في السيارة وإلا فهم غير مسؤولين عنه لو سحبت،وعلى الشركة التأكيد أيضا للمستأجر بهذه الطريقة أن سيارته سوف تسحب في غضون مثلا ثلاثة أشهر لعدم السداد،هذا من الذوق ومما يقلل الخصومة،وهو ما أنصح الشركات لاشتراطه على المتعاملين معها بهذه الطريقة،

    والآن هل من ملاحظ أخرى على العقد في شقه الأول.

    الجواب كلا،فلا أتصور وجود ملاحظ سوى ما ذكرت،والآن أعمد لبيان ما يتعلق بالشق الثاني للعقد من الوجهة الشرعية،وبيان مدى تأثيره على العقد بكامله من حيث الصحة والجواز.

    الشق الثاني،أو الجزئية الأخرى التي هي محل نظر من العلماء بارك الله عليهم.

    والسؤال هل الانتهاء بالتمليك المذكور في العقد لدى تلك الشركات جاء بصيغة شرط،أو بصيغة عقد كامل معلق بشرط.

    وفي الواقع لا سبيل لقول ثالث،فهو إما من قبيل الشرط،أو من قبيل العقد المعلق بشرط،ولدى التأمل نجده من قبيل العقد الموعود به أو المعلق بشرط،لأن الشروط بذاتها داخلة في صلب العقد ولها أثرها فيه بدءا من توقيعه،وهو ما لا نراه هنا فلا يسوغ اعتبار ذلك الشق من قبيل الشروط لهذا السبب وهو أنها مما لا أثر له في بدء العمل بالعقد،ولو اعتبرناه من قبيل الشروط لاحتجنا لدراسة مدى صحته ومدى ما له من أثر في صحة العقد،وهو ما أجدني في غنى عن بحثه هنا.

    بقي أن الشق المذكور آنفا يعتبر عقدا معلقا على شرط،أي موعود به،وهو وإن دخل في صلب بنود تلك العقود إلا أنه من قبيل التعليق لا التنجيز،فهنا لدينا عقد إجارة،ووعد بالبيع معلق بشرط،في العقد ذاته.
    وهل لهذا أي أثر في العقد برمته؟

    أخي لكي تتضح الصورة أقول:

    لو استأجرت سيارة أو دارا بألف ريال شهريا،ووقعت عقد الإجارة وليس في النية تملك تلك السلعة،ويقيت تسدد الإيجار لعدة أشهر،هل يقوي أحد بعدم صحة هذا العقد،ثم بدا لك أن تشتري تلك السيارة أو الدار بعد تلك المدة فذهبت إلى صاحب الدار وقلت له أريد أن اشتري دارك أو سيارتك ولكن ليس لدي من المال ما يكفي الآن،وأرغب إليك أن تعدني بألا تبيعها حتى أؤمن لك قيمة السيارة مثلا،وهي عشرة آلاف ريال بعد سنة،والتزم لك بذلك خطيا،وقال لك يا أخي أعدك بذلك وألتزم لك به،وليس ذلك ملزما لك،والأمر إليك عند حلول الأجل المتفق عليه،فإن شئت اشتريت أو تركت.

    هل هذا يصح عند أهل العلم؟

    نعم،وهذا وعد بالبيع وليس مع من أبطله من أهل العلم دليل (وهي مسألة الوعد بالبيع المشهورة عند أهل العلم)ودليل صحتها ما ثبت من الأحاديث مما يوجب الوفاء بالوعود كقوله صلى الله عليه وسلم(آية المنافق ثلاث ..وذكر إذا وعد أخلف)المهم أن القضاء يوجبه عند الاختلاف وهو المعمول به الآن في معظم محاكم الدنيا،فأكثر العقود من العقود الموعود بها خصوصا على المستوى الصناعي وقطاع الخدمات،فأنت تستقدم ألف عامل بعقد موعود به غير منجز ولا يبدأ أثره إلا في وقت لاحق،فهل يوجد اليوم من لا يلزم به من أهل العلم(هذا قضاء)،فحين يصح العقد الموعود به ويلزم العمل به عند حلول الأجل المتفق عليه في هذه الصورة الأخرى،فما المانع الشرعي أن يصح العمل به حين نضم الورقتين معا،أعني في المثال السابق عقد التأجير،المنجز،وعقد البيع الموعود به،فنحن لم نزد أن جمعنا بين العقدين المنجز وهو الإجارة والموعود به وهو البيع في ورقة واحدة،وحين لا يصح ذلك ويصح في ورقتين منفصلتين هذا ما لا نفهمه.

    قد يقال بل هو عين ما ثبت نهي الرسول  عنه من حديث أبي هريرة قال إن النبي  نهى عن بيعتين في بيعة ،وكذا ما جاء عن ابن مسعود في النهي عن صفقتين في صفقة،وهو وإن كان الأصح وقفه إلا أنه بمعنى الذي قبله ،فما هو الجواب عن ذلك،وإذا لم يكن جواب صحيح فلا ريب عندها للقول بعدم صحة هذا العقد برمته،لأنه من باب بيعتين في بيعة.

    والجواب جد يسير ذلك أنني ولدى جمعي للصور التي ذكرها العلماء في شرح هذا الحديث لم أجد منها صورة التأجير أصلا فكل ما يذكرونه صور تتعلق بالبيع وليس للإجارة ذكر،بل لقد ذكر ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داوود بعد ذكر بعض صور البيعتين في بيعة نفاها جميعا وضعف انطباق النص عليها وجعل الصورة الوحيدة التي ينطبق عليها النهي هي ما عرف ببيع العينة ونح هنا ليس منه في ورد أو صدر،وإليك قول ابن القيم القيم،قال في الحاشية ج: 9 ص: 247:"وللعلماء في تفسيره(أقول:بل هناك خمسة تفاسير أخرى) قولان،أحدهما أن يقول:بعتك بعشرة نقدا، أو عشرين نسيئة،وهذا هو الذي رواه أحمد عن سماك ففسره في حديث ابن مسعود قال نهى رسول الله عن صفقتين في صفقة قال سماك الرجل يبيع الرجل فيقول هو علي نساء بكذا وبنقد بكذا،وهذا التفسير ضعيف؛فإنه لا يدخل الربا في هذه الصورة،ولا صفقتين هنا،وإنما هي صفقة واحدة بأحد الثمنين،والتفسير الثاني أن يقول:أبيعكها بمائة إلى سنة،على أن أشتريها منك بثمانين حالة،وهذا معنى الحديث الذي لا معنى له غيره وهو مطابق لقوله فله أوكسهما أو الربا؛فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربي أو الثمن الأول فيكون هو أوكسهما وهو مطابق لصفقتين في صفقة فإنه قد جمع صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة ومبيع واحد وهو قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها ولا يستحق إلا رأس ماله وهو أوكس الصفقتين فإن أبي إلا الأكثر كان قد أخذ الربا،فتدبر مطابقة هذا التفسير لألفاظه وانطباقه عليها،ومما يشهد لهذا التفسير ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر عن النبي أنه نهى عن بيعتين في بيعة وعن سلف وبيع،فجمعه بين هذين العقدين في النهي لأن كلا منهما يؤول إلى الربا لأنهما في الظاهر بيع وفي الحقيقة ربا"ولي مع قوله رحمه الله تعالى عدة وقفات إلا أن المقصود هنا واضح.

    وعلى كل ليس ضروريا أن تكون الصورة التي ينطبق عليها النص مما ذكره علماؤنا،لأننا نعلم أن شرعنا لكل زمان ومكان فلعل صورة حادثة توافق ما نهى  عنه فنحرمها حتى ولو لم نجد قائلا بها من العلماء باعتبارها نازلة،وهذه من أهم ميزات التشريع الإسلامي، وليس من مانع لتحريم هذه الصورة والقول ببطلان هذا العقد لو قدر أنها مما يتناوله الحديث السابق بالنهي،إلا أن دون ذلك أمور،منها أن النهي يتعلق بصفقتين معا وبيعتين معا أحداهما ينشأ أثرها مع الأخرى،ولا يقال بيع أو صفقة من حيث الاستعمال اللغوي إلا على ما أنجز،فكل بيع موعود به لا يسمى بيعا على سبيل الإطلاق،بل لا بد من إضافته إلى المستقبل،والقول ذاته يقال عن الصفقة،فليست تطلق العبارة إلا على ما كان ناجزا،وحين تكون معلقة فإنها تضاف إلى ما علقت به،فهنا لدينا عقد التأجير،أو صفقة الإجارة،وهي منجزة،وصفقة البيع الموعود به وهي غير منجزة،فكيف يصح تناول الحديث وانطباقه على الصورة المذكورة،وهما أمران أحدهما منجز والآخر ليس كذلك،هذا ما لا يصح ولا يجوز لغة أو شرعا،لأن النهي عن بيعتين لا عن بيع أو صفقة منجزة وأخرى معلقة،وحيث لا يتناول النص تلك الصورة ولا ينطبق عليها فليس مما حرم الإسلام أو نهى عنه الشرع،وقد قال تعالى:" وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه"،ثم الأصل في هذا الباب الجواز،وليس مع من جعل الأصل المنع دليل يصلح للاحتجاج به لما ذهبوا إليه،قال الشوكاني في السيل الجرار( ج: 4 ص: 108):"أخرج الدارقطني من حديث أبي ثعلبة رفعه إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها،وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم؛فحرم من أجل مسألته،وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وفي الباب أحاديث شاهدة لثبوت أصالة الحل في كل شيء ما لم ينقل عنه ناقل تقوم به الحجة"،ولذا لا مساغ للقول بتحريم مثل هذه المعاملة،أو ببطلانها.

    وهل بقي شيء؟

    نعم بقي أمر الصيغة التي أزعم أنها أهم سبب جعل الكثيرين يذهبون إلى تحريم هذه المعاملة،ويظنونها من قبيل الصفقتين في صفقة،وهو صحيح لأول وهلة،ذلك أن عبارة التأجير المنتهي بالتمليك،توحي كما لو كان التأجير والتمليك ناجزين،وهو ما ليس منصوصا عليه في العقد،بل مجرد تسمية للعقد بغير اسمه،لأن الواقع أنه عقد تأجير منتهي تماما لتبدأ معاملة جديدة هي ما سبق الوعد به من طرف واحد (وهو الشركة) حيث سوف يتأمل المشتري أمره،إن أراد الشراء وإلا فلا،فهو كما لو جاء للتو وليس مما تربطه بتلك السلعة أية صلة ليشريها بناء على وعد من البائع معلق بهذا الوقت،وهو ملتزم بإبراز السلعة للمشتري ليرى رأيه،فإن أعجبته أخذها وإلا فلا،ولذا لو جعلنا اسم العقد التأجير مع الوعد بالبيع لسلم العقد من الطعون التي وجهت إليه ولوجدنا الغالبية لا تتحرج من القول بجواز مثل هذه المعاملة،وسيقال هو تأجير مع الوعد بالبيع.

    فأنا أنصح الشركات لتغيير اسم العقد ولا بأس لو بقي ما سوى ذلك على حاله ليصبح اسم العقد التأجير مع الوعد بالبيع(وهو ما يعبر عن الواقع).

    وهل بقي شيء؟

    نعم

    إنه الغرر،حيث قد تقرر سلفا ثمن السلعة التي لا يدرى ما الحالة التي ستكون عليها عند حلول الأجل الموعود به،فهي إن كانت بحالة جيدة فلعل الثمن المقرر لا يكون مناسبا للشركة،وإن كان غير ذلك لن يكون الثمن مناسبا للمشتري،فما أثر هذا على العقد؟

    أقول ليس له أثر باعتبار الشركة ملزمة بالبيع لذلك الرجل بعينه،عند حلول الأجل ولكنها ليست ملزمة بالبيع مع الإجحاف بحقها،مثل أي معاملة لا صلة لها بموضوعنا،كأن يأتي رجل ليشتري سلعة بثمن اتفق عليه مع البائع وتم توقيع العقد على هذا الأساس ثم علم البائع أنه غبن فهو بخير النظرين إما أن يأخذ ما نقص من الثمن أو الفسخ،مثل تلقي الركبان،والعكس صحيح لو كان المشتري هو المغبون،فإن تراضيا على ذلك وإلا رجعا إلى القضاء،وقد ترى الشركة أنها في حل من وعدها لسبب من الأسباب،أقول لا ليست في حل والقضاء يلزمها،فليس لها أن تقول لن أبيع لك وسأبيع لغيرك بعد وعدها للرجل،بيد أنها في حل لو أحلها المستأجر من وعدها.
    وعلى كل ما ذكرته هنا نظري بحت،لأن معظم الشركات من خلال الخبرة علمت عدة أمور :
    الأول:أن هذا العقد يناسبه أن تكون مسؤولية الضمان والصيانة عليها خلال مدة العقد،كاملة حتى تبقى تلك السلعة سليمة إلى أفضل حد ممكن.

    ثانيا:رأوا التأمين على السيارة أيضا لهذا السبب.

    ثالثا:غالبا ما يوضع ثمن الشراء بأقل بكثير من ثمن السوق لا لأن الشركة قد غرر بها بل لأنها ترى أن من حق ذلك المستأجر أن ينال ميزة على غيره،أما حين يرى المشتري أنه المغبون وهو قليل فله أن يصرف النظر عن السلعة،ولا حرج عليه.

    هل بقي شيء؟

    نعم،إن طريقة البيع هذه أوجدت سبيلا شرعيا لضمان الحقوق ولجميع الأطراف،وهي قد أوجدت تيسيرا لا يحس به من لم يذق طعم الفقر أو الحاجة يوما نظرا لما تفضل عليه الله تعالى،وليس هينا القول بالتحريم(وهو هين جدا لو كان هو الصواب)إلا على من يجد ما يشتري به كل ما يريد هو وأبناؤه،ولكنه كالغل على آخرين لا تزيد دخولهم عن شيء لا يكفي غيرهم عدة أيام،ولا يجدون من يكفلهم ليشتروا بالتقسيط،ولا يجدون ما يستطيعون به الاستئجار بالطريقة المعتادة،لأن الاستئجار بها بفوق الاستئجار بالطريقة التي ندرسها كثيرا بما لا يقل عن نحو الضعف،فمثلا تستأجر السيارة بهذا النظام الذي ندرسه بنحو 33ريال يوميا،في حين لا يكاد يجد المرء سيارة يستأجرها في الحالة المعتادة لتأجير السيارات بنحو 70ريالا،انظر الفرق،وستقول مثل هذا الرجل قد لا يستطيع إتمام السداد،فالذي منه هربت الشركات وقعت فيه،أقول هذا صحيح ولكنهم يجدون سيارة بين أيديهم يرجعون منها ببعض حقهم،وهناك فائدة لا تكاد تقاس بثمن وهي أن ذلك المستأجر بهذه الطريقة التي ندرسها حين يعجز يقوم برد السيارة،وتبقى رقبته مرفوعة،وانظر الصورة في حالة ما إذا اشتراها بالتقسيط لعله يبيع السيارة لأنه محتاج،ثم يتصرف في ثمنها،لأنه محتاج،ثم يسجن لعدم قدرته على السداد لأنه محتاج،ولذا كان الأنسب له التأجير مع الوعد بالبيع.
    وهل بقي شيء؟

    لا



    هذا أهم ما لدي والله ولي التوفيق.

    الشيخ:عدنان بن جمعان الزهراني

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 12:03 am