روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    السيدة جويرية.. سيدة قومها التي وقعت أسيرة وتزوجها النبي

    رمضان الغندور
    رمضان الغندور
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني


    عدد المساهمات : 7758
    نقاط : 21567
    السٌّمعَة : 16
    تاريخ التسجيل : 31/05/2009
    العمر : 67
    العمل/الترفيه : محامي حر

    السيدة جويرية.. سيدة قومها التي وقعت أسيرة وتزوجها النبي Empty السيدة جويرية.. سيدة قومها التي وقعت أسيرة وتزوجها النبي

    مُساهمة من طرف رمضان الغندور السبت يونيو 04, 2011 5:50 am


    السيدة جويرية.. سيدة قومها التي وقعت أسيرة وتزوجها النبي 3_2
    نستكمل في حلقتنا هذه رحلتنا في رحاب أمهات المؤمنين مع السيدة جويرية بنت الحارث، التي تزوجها النبي بعد سيدتنا زينب بنت جحش.
    الأسباب التي دفعت النبي إلى الزواج منها
    قال
    ابن عباس: كان اسم جويرية: برّة؛ فسماها النبي صلى الله عليه وسلم جويرية،
    وُلدت قبل البعثة بنحو ثلاثة أعوام تقريباً، تزوّجها النبي عليه الصلاة
    والسلام وهي ابنة عشرين سنة في سنة خمس للهجرة، أو سنة ست على اختلاف بين
    المؤرخين، وكان أبوها الحارث سيداً مُطاعاً، قَدِمَ على النبي صلى الله
    عليه وسلم، وأسلم، وروى عنها عبد الله بن عباس، وعبيد بن السابق، وأبو
    أيوب، ومجاهد، وعبد الله ابن شداد أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    تعود أسباب زواج النبي صلى الله عليه وسلم من هذه السيدة جويرية
    إلى غزوة بني المصطلق، التي ذكر ابن إسحاق وبعض علماء التفسير, أنها كانت
    في العام السادس من الهجرة، والصحيح الذي عليه المحققون أنها كانت في العام
    الخامس للهجرة، كما ذكرت على اختلاف بين المؤرخين.
    سبب الغزوة
    بلغ
    النبي صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون له، وقائدهم الحارث بن
    أبي ضرار؛ فلما سمع النبي عليه الصلاة والسلام بهم, خرج إليهم حتى لقيهم
    على ماء, يقال له: المريسيع؛ فتزاحم الناس واقتتلوا, فهزم الله بني
    المصطلق.
    ونستنتج من هذا أن المسلمين في أيام ضعفهم, كانت حركاتهم
    ردودَ أفعال، أما المسلمون في قوتهم, فحركاتهم أفعال. وشتان بين أنه كلما
    اعتدى عليك أحد، تتحرك وتستنكر وتشجب وتتألم وتشكو, وبين أن تبدأ أنت خصمك؛
    مَن الذي ينتصر دائماً؟ هو الذي يفرض على خصمه الوقت والزمان للمعركة..
    نرجو الله سبحانه وتعالى أن يستعيد المسلمون قوتهم, كي يتحركوا بفعل لا
    بردّ فعل، وثمة فرق كبير بين أن تتحرك بفعل، وبين أن تتحرك برد فعل؛ فالنبي
    عليه الصلاة والسلام شعَر أن بني المصطلق تتجمع، وتتهيَّأُ، وتكيد له؛
    فماذا فعل؟ بدأهم، وقالوا في شئون الحرب: إن الهجوم أفضل وسائل الدفاع، أيْ
    أن تبدأ أنت، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}.
    ويذكر
    أنه حينما وصل النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام إلى بني المصطلق,
    أمر عمر بن الخطاب أن يعرض الإسلام على القوم؛ فإن أسلموا فهم منّا ونحن
    منهم، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وانتهى الأمر؛ فنادى عمر فيهم, قولوا:
    لا إله إلا الله محمد رسول الله, تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم، ولو قالوها
    بألسنتهم.
    أبى الفريقان، وتراموا، وأمر النبي عليه الصلاة والسلام
    أصحابه؛ فحملوا عليهم حملة رجل واحد؛ فلم يُفلت من المشركين أحد؛ إذ وقعوا
    أسرى بعد ما قتل منهم عشرة أشخاص، ولم يستشهد من المسلمين إلا رجل واحد
    قُتِل خطأ، وسقطت القبيلة بما تملك في أيدي المسلمين، وهكذا رأى النبي عليه
    الصلاة والسلام أن يُعَامل المهزومون بإحسان؛ ليعلّمنا أن المؤمن قلبه
    مليء بالرحمة لكل الخلق؛ بل إنه يستمد هذا من أن الله سبحانه وتعالى لا
    يغضب على عباده العصاة والكفار؛ بل يغضب من عملهم؛ فإذا رجعوا كانوا
    أحبابه.
    عن قصتها
    قال ابن
    هشام: لما انصرف النبي عليه الصلاة والسلام من غزوة بني المصطلق، ومعه
    جويرية بنت الحارث، وكان بذات الجيش، دفع جويرية إلى رجل من الأنصار، وأمره
    بالاحتفاظ بها؛ لكونها بنت سيد قومها، وكان هذا قبل توزيع الغنائم.. وقدِم
    النبي عليه الصلاة والسلام المدينة؛ فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء
    ابنته؛ فلما كان بالعقيق, نظر أبوها إلى الإبل التي جاء بها ليفدي ابنته؛
    فرغب في بعيرين منها؛ فغيّبهما في شعب من شعاب العقيق، ثم أتى النبي عليه
    الصلاة والسلام، وقال: يا محمد, لقد أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها؛ فقال عليه
    الصلاة والسلام: أين البعيران اللذان غيبتهما في العقيق في شعب كذا وكذا؟
    فقال الحارث: أشهد أنك رسول الله؛ لأن هذا الذي فعلته لا يعلمه أحد إلا
    الله، وأسلم معه ابنان له، وناس من قومه، وجاء بالبعيرين.
    وقال ابن
    إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير, عن عمه عروة بن الزبير, عن خالته
    عائشة, قالت: لما قسّم النبي عليه الصلاة والسلام سبايا بني المصطلق, وقعت
    جويرية بالسهم لحارث بن قيس بن شماس، أو لابن عم لها؛ فكاتبته على نفسها؛
    أن تعطيه شيئاً من المال على أن يُعتقها، فأتت رسول الله, تستعينه في
    كتابتها؛ فقالت له: فلو تعينني على أن أدفع المال لهذا الذي كنت نصيبه لعله
    يعتقني.
    قالت عائشة: فلما دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم,
    قلتُ: "يا رسول الله, جويرية بنت الحارث أبوها سيد قومه، فقالت جويرية: يا
    رسول الله, قد أصابني من البلايا ما لا يخفى عنك، وكاتبتُ على نفسي؛ فأعنّي
    على كتابي"؛ فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام أنها هذه المرأة بنت سيد
    قومها الحارث, الذي جمع الجموع لقتاله, تسترحمه وتستنجد بها للتخلص من
    الرقّ والعبودية حفاظاً على كرامتها وكرامة أبيها وقومها، كان لا بد -وهو
    الرءوف الرحيم- أن يستجيب لأمرها، ويلبي طلبها؛ فلما رأت منه الرحمة، أسلمت
    وتزوجها النبي.
    وفي رواية ثانية رواها الذهبي في سير أعلام
    النبلاء, يقول: "إن النبي عليه الصلاة والسلام سبى جويرية؛ فجاء أبوها؛
    فقال: يا محمد، أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها، وإن ابنتي لا يُسبى مثلها؛ فأنا
    أكرم من ذلك؛ فخلِّ سبيلها؛ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أريت إن
    خيرتها، أليس قد أحسنت؟ فقال أبوها: بلى؛ فلما سألها قالت: اخترتُ الله
    ورسوله".
    وهذا يُذكّرنا بقصة سيدنا زيد عندما جاء والده ليفديه من
    الرقّ، قال له النبي: خيِّره؛ فإن أرادكم لا أريد عليه شيئاً؛ فلما خيّروه,
    اختار الله ورسوله.
    عبادة السيدة جويرية واجتهادها
    لقد
    عاشت جويرية في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أم المؤمنين، وهذا منصب
    رفيع، في كل الدول يقال: السيدة الأولى، زوجة الملك تُعدّ السيدة الأولى؛
    فهذه كانت أسيرة؛ لكنها بنت سيد قومها، فتزوجها النبي، وتألف قلب قومها،
    وأطلق سراحهم جميعاً، وأسلموا جميعاً، وهذه حكمته صلى الله عليه وسلم.
    هذه الصحابية الجليلة كانت خير مثل يُحتذى في رعايتها لزوجها، وحسن عشرتها معه، لقد كانت كثيرة الاجتهاد بالعبادة لله تعالى.
    والحقيقة
    أن للنبي قولاً رائعاً حين قال: "إن الله اختارني واختار لي أصحابي"..
    ويقاس على ذلك: أن الله اختار له زوجاته؛ فهذه الصحابية الجليلة أم
    المؤمنين, كانت كثيرة الاجتهاد بالعبادة, والإكثار من ذكر الله تعالى،
    والصوم، وفعل الخيرات.
    وفاتها
    عاشت
    جويرية أم المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم راضية مرضية، إلى أن
    استقرّ الأمر لمعاوية ابن أبي سفيان، وتوفيت في المدينة، بعد منتصف القرن
    الأول من الهجرة, سنة 56 على الأرجح، وصلى عليها مروان بن الحكم أمير
    المدينة، وقد بلغت 70 سنة، وقيل: توفيت سنة 50, وهي بنت 65 سنة, والله
    تعالى أعلم.
    فرضي الله عن سيدتنا أم المؤمنين جويرية بنت الحارث.. ونفعنا بها وبعلمها وبآل بيت نبينا في الدنيا والآخرة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 4:57 pm