روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    صدمة الإخوان فى الخليفة المنتظر !

    جليله محمود
    جليله محمود
    .....
    .....


    عدد المساهمات : 1008
    نقاط : 2940
    السٌّمعَة : 7
    تاريخ التسجيل : 11/10/2010

    صدمة الإخوان فى الخليفة المنتظر ! Empty صدمة الإخوان فى الخليفة المنتظر !

    مُساهمة من طرف جليله محمود الأحد سبتمبر 18, 2011 6:37 pm

    يدمن الإخوان المسلمون التعالى على المختلفين
    معهم حتى لو كانوا منهم ولهم، ولو كانوا من أبناء الجماعة المخلصين
    والسابقين والفالحين، ولا يريد الإخوان أن يقرأوا سوى فى الكتب القديمة ولا
    أن يكتبوا سوى باللغة القديمة، ولا ينظرون سوى فى الخرائط القديمة حتى لو
    ظهر لهم -من بينهم - من يحاول أن يرشدهم إلى الطريق الصحيح والجديد.


    هكذا رفض الإخوان نصيحة رئيس الوزراء التركى رجب طيب
    أردوغان رغم أنه زعيم الحزب (الإسلامى) الوحيد الذى أفلح فى الانتقال بدولة
    مسلمة من الخلف إلى الأمام ومن الفقر إلى الغنى ومن التخلف إلى التقدم،
    ورغم أنه خالف ناموس الفشل الذى سار عليه الإسلاميون الذين تولوا الحكم من
    باكستان إلى السودان ومن إيران إلى طالبان، حيث لم تكن هذه نظما إسلامية
    بقدر ما كانت نظما فاشية عنصرية تلتحف بالإسلام.

    لقد أثار موقف
    القوى الإسلامية المختلفة من أردوغان دهشة الكثيرين واستغرابهم حين هاجمت
    هذه القوى تصريحات أردوغان الأخيرة فى مصر والتى قال فيها إن الدولة
    العلمانية لاتعنى اللادينية، وإنما تعنى احترام كل الأديان وإعطاء كل فرد
    الحرية فى ممارسة دينه، الأكثر من هذا أن أردوغان طالب المصريين بعدم الخوف
    من النموذج العلمانى قائلا: «على المصريين ألا يقلقوا من هذا الأمر، وعلى
    المنوط بهم كتابة الدستور فى مصر توضيح أن الدولة تقف على مسافة واحدة من
    كل الأديان وتكفل لكل فرد ممارسة دينه».
    أردوغان الذى يفهم العلمانية
    جيدا ربما بأكثر مما يفهمها بعض غلاة العلمانيين واصل شرحه قائلا:
    «العلمانية لاتعنى أن يكون الأشخاص علمانيين، فأنا مثلا لست علمانيا لكننى
    رئيس وزراء دولة علمانية، وهناك 99% من سكان تركيا مسلمون، ولكن هناك أيضا
    مسيحيين ويهودا وأقليات، لكن الدولة فى تعاملها معهم تقف عند نفس النقطة
    وهذا ما يقره الإسلام ويؤكده التاريخ الإسلامى»، ولم يكتف أردوغان بهذا
    لكنه انتقد بشدة استغلال الدين لتوظيفه فى السياسة، وهو ما تفعله جماعة
    الإخوان المسلمين تماما، والحقيقة أن الرجل الذى بدأ حياته فى جماعة
    الإخوان المسلمين (بدأ فى حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أربكان) كان يهدى
    الإخوان خلاصة تجربة ناجحة استطاع فيها أن يقود حزبه للوصول للحكم وهو ما
    جعل الإخوان لايتوقفون طوال الوقت عن المطالبة بتطبيق النموذج التركى فى
    مصر، وعندما جاء الرجل الذى صمم النموذج التركى نفسه ليشرح لهم خلاصة
    تجربته وحقيقة فهمه لعلاقة الشريعة بالحكم أبوا واستكبروا ومارسوا عادتهم
    القديمة فى رفض كل الأفكار الجديدة ووصفوا ما يفعله بأنه تدخل فى الشئون
    الداخلية! حيث صرح محمود غزلان المتحدث الرسمى للإخوان بأن الجماعة تعتبر
    تصريحات أردوغان بمثابة تدخل أجنبى فى القضايا الداخلية لمصر، مضيفا أن
    تجارب الدول لا تستنسخ، وظروف تركيا فرضت عليها التعامل بمفهوم الدولة
    العلمانية !
    والحقيقة أن الإخوان كانوا أول من دعا لاستنساخ النموذج
    التركى والأكثر من هذا أنهم أرسلوا آلافا من كوادرهم لاستقبال أردوغان فى
    المطار وكأن الجماعة التى قامت ردا على سقوط الخلافة العثمانية كانت تستقبل
    الخليفة العثمانى الجديد وتستعد معه لميلاد جديد، لكن أردوغان البرجماتى
    تماما كان رائعا وهو يهدى الجماعة العجوز وحلفاءها من السلفيين خلاصة
    تجربته فى الحكم والسياسة وفهم الحياة.

    ويبدو لافتا أن الجماعة
    رفضت نصيحة أردوغان الذى خرج حزبه العدالة والتنمية من عباءتها، وكأن
    الجماعة ترفض كل المجتهدين من داخلها والذين يحاولون دفعها للأمام، وترحب
    بكل المتكلسين والمعادين للتقدم الذين دفعوها بالفعل ليس فقط للتحالف مع
    القوى السلفية الأكثر تعصبا وتشددا وعنصرية ولكن للتأثر بهذه القوى.

    والحقيقة
    أن تصريحات أردوغان جاءت بمثابة صدمة للإخوان المسلمين الذين اندمجوا فى
    التربيط مع القوى السلفية المختلفة لاقتسام كعكعة مصر ما بعد الثورة مفضلين
    الرجوع للخلف بدلا من السير للأمام، على أن نصيحة أردوغان تكتسب أهميتها
    من كونه واحدا من أبناء حركة الإخوان استطاع أن يتطور عنها وأن يسبقها
    فكريا، حيث انضم أردوغان لحزب الخلاص الوطنى فى نهاية السبعينيات، وتقول
    سيرته الشخصية إن عمره وقتها كان 16عاما تقريبا، حيث إنه من مواليد 26
    فبراير عام 1954وكان زعيمه وقتها نجم الدين أربكان والذى يعرف بأنه باعث
    الحركة الإسلامية فى تركيا، وقد ظل أردوغان يتنقل مع نجم الدين أربكان فى
    تجارب حزبية مختلفة كانت كلها أسماء متعددة لجوهر واحد هو حزب إسلامى يحمل
    أفكار جماعة الإخوان المسلمين مع نزعة صوفية على الطريقة التركية، وفى
    1994فاز أردوغان بمنصب عمدة إسطنبول فى انتخابات خاضها عن حزب الرفاه
    التركى، وقد أدرك الرجل ذو النزعة البرجماتية الواضحة والذى درس إدارة
    الأعمال أن الناس تريد الخبز لا الشعارات فانهمك فى تطوير المدينة المهملة
    وأقام عشرات المشروعات التى أنعشتها اقتصاديا وهو ما ضمن له أن تصل شعبيته
    لعنان السماء.

    والحقيقة أن أردوغان الذى يقف اليوم لينصح المصريين
    بأن ينص دستورهم على علمانية الدولة لم يكن متخليا عن انتمائه الإسلامى
    لدرجة أنه دخل السجن فى عام 1998متهما بالتحريض على الكراهية الدينية بعد
    أن استشهد بأبيات من الشعر التركى تقول: «مساجدنا ثكناتنا، ومآذننا حرابنا،
    والمصلون جنودنا»، لكنه بعد خروجه من السجن مباشرة انتهز فرصة حظر حزب
    الفضيلة الذى كان ينتمى إليه تحت قيادة زعيمه التقليدى نجم الدين أربكان
    ليؤسس مع عدد من رفاقه حزب العدالة والتنمية عام 2001 ولعل المفارقة أن
    الإخوان الذين يهاجمون أردوغان الآن أطلقوا على الحزب المعبر عنهم اسم
    العدالة والحرية تيمنا باسم حزب أردوغان.

    لقد أدرك أردوغان ورفاقه
    أن الإسلام جوهر وليس مظهرا، لذلك قطع أى صلة مع نجم الدين أربكان وأعلن أن
    حزبه لن يدخل فى أى مماحكات مع الجيش وأعلن أنه «سيتبع سياسة واضحة ونشطة
    من أجل الوصول إلى الهدف الذى رسمه أتاتورك لإقامة المجتمع المتحضر فى إطار
    القيم الإسلامية التى يؤمن بها 99% من مواطنى تركيا».

    ولعل هذا هو
    ما تم بالفعل خلال تسع سنوات تولى فيها حزب أردوغان الحكم نجح خلالها فى
    أن يصبح متوسط معدل النمو فى تركيا 8%، وحول بلاده لقوة إقليمية عظمى وقدم
    نفسه كزعيم للعالم الإسلامى، وأغلب الظن أن هذا قد حدث لأنه كان لديه
    برنامج واضح، ولأنه أدرك أن الناس تريد الخبز لا الشعارات، وأن الإسلام لا
    يعنى أن تقطع يد السارق وتلغى صناعة السياحة بقدر ما يعنى أن تحكم حكما
    رشيدا وعادلا، وهو الدرس الذى تعلمه الإسلاميون فى تركيا خلال سنوات قليلة
    للغاية (أول حزب إسلامى ظهر هناك عام 1970)، فى حين لم يتعلمه الإخوان
    المسلمون فى مصر رغم أنهم بلغوا من العمر أرذله!


    وائل لطفي .. روز اليوسف

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 11:19 pm