روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    العقيدة الحرة للقاضي الجنائي هل مطلوب أن تكون تابعة للرأي العام

    avatar
    اشرف سعد الدين
    .
    .


    عدد المساهمات : 40
    نقاط : 104
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 28/08/2010

    العقيدة الحرة للقاضي الجنائي هل مطلوب أن تكون تابعة للرأي العام Empty العقيدة الحرة للقاضي الجنائي هل مطلوب أن تكون تابعة للرأي العام

    مُساهمة من طرف اشرف سعد الدين الإثنين سبتمبر 26, 2011 11:14 pm


    العقيدة الحرة للقاضي الجنائي حال الحكم في الدعوى
    هل
    مطلوب أن تكون خاضعة للرأي العام

    الأصل المقررفي أصول المحاكمات الجنائية أن يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته ، غير أنه لا يجوز له أن يبني حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة ( المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية ) ، أي أن القاضي و هو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة ، و يتفق مع تلك الحرية في تكوين عقيدة القاضي اشتراط خلو ذهنه عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً ( الطعن بالنقض رقم 17633 لسنة 76 ق – جلسة 21/7/2005 ). و مفاد ذلك – بطريق اللزوم – إلزام و التزام القاضي بأن يقوم بتحصيل عقيدته – في شأن الأدلة المطروحة أمامه – بنفسه ، من خلال الإجراءات و السلطات المخولة له قانوناً ، بحيث تعبر عقيدته عن اقتناعه و حكمه هو فقط ، دون أن يكون له شريك في شئ من ذلك ، و قد قضت محكمة النقض في ذلك بأن ( الإدانة يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع بها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته ، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو بما يجريه من التحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه ، لا يشاركه فيها غيره ، و لا يصح أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاؤه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه ) نقض في 10/4/1980 أحكام النقض س35 ق88 ص404 .

    و من أجل ذلك كان الأصل الأصيل و الركن الركين الذي استقرت عليه محكمة النقض أن ( العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات و أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ) الطعن رقم 47 لسنة 60 ق – جلسة 24/1/1991 ، إلا إنه يجب على القاضي ألا يبني حكمه إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى و ليس له أن يقيم قضاءه على أمور لا سند لها من التحقيقات (نقض 24/2/1975 أحكام النقض س26 ق42 س188 ، ذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم و اليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر و لا تؤسس على الظن و الاحتمال و الاعتبارات المجردة ( نقض في 13/6/1985 أحكام النقض س36 ق138 س782 ).

    و من ناحية أخرى و ارتباطاً بما تقدم ، فإن المستقر عليه إجماعا ً( أنه من المبادئ الأساسية في الإجراءات الجنائية أن كل متهم يتمتع بقرينة البراءة إلى أن يحكم بإدانته بحكم نهائي ، و أنه إلى أن يصدر هذا الحكم له الحرية الكاملة في اختيار وسائل دفاعه بقدر ما يسعفه مركزه في الدعوى و ما يحيط بنفسه من عوامل الخوف و الحرص و الحذر و غيرها من العوارض الطبيعية لضعف النفوس البشرية ، و قد قام على هدي من هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه و أصبح حقاً مقدساً يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها و يؤذي العدالة معاً إدانة برئ ) نقض في 25 /1/1965 أحكام النقض س16 ق21 ص87 .

    و قد سمت المحكمة الدستورية العليا بتلك المبادئ و جعلتها تتوسد مكاناً علياً من المبادئ الدستورية ، المحلية و العالمية ، حيث قضت بأن :

    ( و حيث إن الدستور كفل في مادته السابعة و الستين الحق في المحاكمة المنصفة بما تنص عليه من أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ، و هو حق نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الانسان في مادته العاشرة و الحادية عشرة التي تقررأولاهما أن لكل شخص حقاً مكتملاً و متكافئاً مع غيره في محاكمة علنية و منصفة ، تقوم عليها محكمة مستقلة محايدة ، تتولى الفصل في حقوقه و التزاماته المدنية ، أو في التهمة الجنائية الموجهة إليه ، و تردد ثانيتهما في فقرتها الأولى حق كل شخص و جهت إليه تهمة جنائية في أن تفترض براءته ، إلى أن تثبت إدانته في محاكمة علنية توفر له فيها الضمانات الضرورية لدفاعه ، و هذه الفقرة هي التي تستمد منها المادة 67 من الدستور أصلها ، و هي تردد قاعدة استقرالعمل على تطبيقها في الدول الديمقراطية ، و تقع في إطارها مجموعة من الضمانات الأساسية تكفل بتكاملها مفهوماً للعدالة يتفق بوجه عام مع المقاييس المعاصرة المعمول بها في الدول المتحضرة .......و بمراعاة أن يكون الفصل في هذا الاتهام عن طريق محكمة مستقلة و محايدة ينشئها القانون ، و أن تجري المحاكمة علانية و خلال مدة معقولة ، و أن تستند المحكمة في قرارها بالإدانة – إذا خلصت إليها – إلى موضوعية التحقيق الذي تجريه ، و إلى عرض مجرد للحقائق .......فقد غدا من الحتم أن يرتب الدستور على افتراض البراءة عدم جواز نقضها بغير الأدلة الجازمة التي تخلص إليها المحكمة و تتكون من جماعها عقيدتها . و لازم ذلك أن تطرح هذه الأدلة عليها ، و أن تقول هي وحدها كلمتها فيها ، و ألا تفرض عليها أي جهة أخرى مفهوماً محدداً لدليل بعينه ، و أن يكون مرد الأمر دائماً إلى ما استخلصته هي من وقائع الدعوى و حصلته من أوراقها ، غير مقيدة بوجهة نظر النيابة العامة أو الدفاع بشأنها ....و ذلك انطلاقاً من إيمان الأمم المتحضرة بحرمة الحياة الخاصة ، و بوطأة القيود التي تنال من الحرية الشخصية و لضمان أن تتقيد الدولة – عند مباشرتها لسلطاتها في مجال فرض العقوبة صونا ًللنظام الاجتماعي – بالأغراض النهائية للقوانين العقابية التي ينافيها أن تكون إدانة المتهم هدفاً مقصوداً لذاته ، أو أن تكون القواعد التي تتم محاكمته على ضوئها مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة .....و إنما يؤسس افتراض البراءة على الفطرة التي جبل الإنسان عليها ، فقد ولد حراً مبرءاً من الخطيئة أوالمعصية ، و يفترض على امتداد مراحل حياته أن أصل البراءة لا زال كامناً فيه ، مصاحباً له فيما يأيته من أفعال ). الحكم الصادر في الدعوى رقم 25 لسنة 16 ق دستورية – جلسة 3/7/1995 .

    و إذا كانت تلك المبادئ الجوهرية لازمة للمحاكمة المنصفة ذاتها ، فإن إنفاذها يستوجب توافر ضمانات لا تقل أهمية عنها ، تتمثل في استقلال السلطة القضائية و حيدتها ، لضمان الخصوع للقانون و لحصول من يلوذون بها على الترضية القضائية التي يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم أو حرياتهم ، و قد أوضحت المحكمة الدستورية العليا مفهوم كلا من استقلال القضاء و حيدته بقولها ( إن استقلال السلطة القضائية مؤداه أن يكون تقدير كل قاض لوقائع النزاع ، و فهمه لحكم القانون بشأنها ، متحرراً من كل قيد ، أو تأثير ، أو إغواء ، أو وعيد ، أو تدخل ، أو ضغوط ، أياً كان نوعها أو مداها أو مصدرها أو سببها أو صورتها ، ما يكون منها مباشراً أو غير مباشر .....فإذا كان انصرافهم – القضاة – عن إنفاذ الحق تحاملاً من جانبهم على أحد الخصوم ، و انحيازاً لغيره ، لمصالح ذاتية أو لغيرها من العوامل الداخلية التي تثير غرائز ممالأة فريق دون آخر ، كان ذلك منهم تغليباً لأهواء النفس ، منافياً لضمانة التجرد عند الفصل في الخصومة القضائية ، مما يخل بحيادهم ......) حكمها الصادر في الدعوى رقم 34 لسنة 16 ق دستورية – جلسة 15/6/1996 .

    و إذا كان ذلك كذلك ، فإنه يقع على كاهل رجال القضاء الاستمساك بتلك الضمانات ، استهدافاً لتحقيق العدالة ، فعليهم أن يحيطوا بواقع الدعوى وأدلتها وأن تكون أبصارهم بها حديداً ، لتستوي أحكامهم على سوقها ، أصلها ثابت و فرعها من القانون صادع ، و ليس من رأي غيرهم أو هوى النفس ، فالقضاء خاضع في ذلك - و على ما نص عليه الدستور- لسلطان القانون ، و لا رقيب عليه في ذلك غير ضميره وحده ، مع ضرورة أن يراعي القضاة أننا نحيا ثورة على الفساد بكل أشكاله ، و النفوس مشحونة ضد هولاء الظلمة الذي أفسدوا في البلاد إفساداً ، و عاثوا ضد أهلها ظلماً و عدواناً ، فليصدعوا بحكم الحق في أسرع وقت ممكن ، حتى تهدأ النفوس ، و ليتذكر رجال القضاء قول الله تعالى في سورة ص آية 26 ( يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ، إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) .

    و في الوقت ذاته يلزم التنبيه إلى أن القضاء يحكم وفقاً لما يعرض عليه من الأدلة و ما يبدى أمامه من أوجه الدفاع ، فإذا كانت الأدلة لا ترشح و لا تكفي للإدانة فلا مناص من القضاء بالبراءة ، و لا يجب حينئذ لوم القضاء ، بل يتعين البحث عن الأدلة الأخرى المثبتة للاتهام يقيناً ، أو المتهم الحقيقي و تقديمه للمحاكمة بالأدلة المقنعة الثابتة و من خلال الإجراءات السليمة قانوناً ، و هنا يأتي دور الدولة الإيجابي - تأييداً منها للثورة و مبادئها - في توفير جميع الظروف التي تهئ للقضاء من أمرهم رشدا، و تيسر سرعة الفصل في القضايا دون إخلال بموجبات العدالة ، و فوق ذلك بإعمال مبدأ الشفافية في تلك القضايا و هؤلاء المتهمين ، حتى يطمئن الناس و يكونوا على بينة من أمرهم ، و لكي لا ندع لذوي النية الخربة ذريعة لإثارة الفتنة بين فئات الشعب .

    و من هنا يتبين – بحق – خطورة الضغوط الجماهيرية من المواطنين على القضاة من خلال التواجد باستمرار خارج قاعات المحاكم التي تنظر القضايا المتهم فيها بعض رموز النظام السابق ، بما يوحي بضرورة الحكم بإدانتهم ، و هو ما تشجع عليه بعض وسائل الإعلام المسموعة و المرئية و المقروءة ، إذ لا ريب في أن ذلك يخالف المبادئ القانونية و الدستورية المشارإليها سلفاً ، و من شأنه أن يحدث نوعاً من التأثيرعلى القضاة ، فلا تكون أحكامهم معبرة عن حكم القانون ، مما يشكك في نتيجة تلك الدعاوى ، مزعزعاً الثقة في محصلتها النهائية ، و هو ما يعتبر هدماً للعدالة بإنكار موجباتها ، و هذا كله ينعكس بالضرورة على مدى جدية و قانونية تلك المحاكمات كشرط للحصول على الأموال التي استولى عليها هولاء الذين يصدر ضدهم أحكام بإدانتهم ، فضلاً عما يمكن أن يصدر من أحكام بإدانة أبرياء دون ذنب أو جريرة ، اللهم إلا إرضاء الرأي العام ، و إذا كنا ننعي على النظام السابق تسييس و توجيه بعض رجال القضاء إلى الحكم في بعض القضايا بحكم معين ، فكيف نرضى لأنفسنا أن نتسابق إلى الإقتداء بذلك بعد ثورة مجيدة تستهدف العدالة في كافة مناحي الحياة .

    و أذكّربما تواتر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن الشخص لا يزر غير سوء عمله ، و أن جريرة الجريمة لا يؤاخذ بها إلا جناتها ، و لا ينال عقابها إلا من قارفها ، و أن شخصية العقوبة و تناسبها مع الجريمة محلها مرتبطان بمن يعد قانوناً " مسئولاً عن ارتكابها " ، و من ثم تفترض شخصية العقوبة – التي كفلها الدستوربنص المادة 66 – شخصية المسئولية الجنائية ، و بما يؤكد تلازمهما ، ذلك أن الشخص لا يكون مسئولاً عن الجريمة و لا تفرض عليه عقوبتها ، إلا باعتباره فاعلاً لها أو شريكاً فيها ، و لئن كان ما تقدم يعبر عن العدالة الجنائية في مفهومها الحق ، و يعكس بعض صورها الأكثر تقدماً، إلا أن ذلك ليس غريباً عن العقيدة الإسلامية ، بل أكدتها قيمها العليا ، إذ يقول تعالى – في محكم آياته – ( قل لا تُسألون عما أجرمنا و لا نسأل عما تفعلون ) ، فليس للإنسان إلا ما سعى ، و ما الجزاء الأوفى إلا صنو عمله ، و كان وليد إرادته الحرة ، متصلاً بمقاصدها .( حكمها في الدعوى رقم 59 لسنة 18ق دستورية – جلسة 1/2/1997 .

    و لا ينبغي أن يكون سوء الظن هو الأساس في اعتقاداتنا ، و بصورة يشوبها العموم ، و إذا كان هناك من رجال القضاء من كان محسوباً على النظام السابق ، من خلال أعماله و ليس مجرد افتراض لا يسمن و لا يغني من جوع ، فينبغي أن يكون السعي نحو تطهير القضاء منهم من خلال الطرق القانونية و الرأي والتظاهر السلمي و المجادلة بالتي هي أحسن .
    تلك كانت مجرد تاملات قانونية فيما يجري من وقائع نعايشها ، من وجهة نظر محايدة ، لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء ، إنما هو الحق المجرد ، و ما أجمل قول الله تعالى في سورة المائدة – آية 8 :

    ( يأيها الذين ءامنوا كونوا قَوامينَ لله شهداء بالقسط ، و لا يَجْرٍمَنّكم شَنئانُ قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ، و اتقوا الله ، إنّ الله خبير بما تعملون ) . صدق الله العظيم .




    أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
    0126128907



      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 13, 2024 1:13 am