روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    من طرائف الانتخابات .. الديمقراطيه تعنى مساواة المرأة بالرجل فى الزواج بأربع

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    من طرائف الانتخابات .. الديمقراطيه تعنى مساواة المرأة بالرجل فى الزواج بأربع Empty من طرائف الانتخابات .. الديمقراطيه تعنى مساواة المرأة بالرجل فى الزواج بأربع

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأربعاء نوفمبر 09, 2011 9:00 pm

    كان أستاذ الأجيال أحمد لطفي السيد، أحد الطلائع الذين بشروا بالفكرة النيابية على صفحات الجريدة التي صدرت عام 1907 لتكون لسان حال حزب الأمة، وهو حزب كان ينطلق من رؤية تقول إن في مصر قوتين، هما القوة الشرعية ممثلة في الخديو عباس حلمي الثاني، والقوة الفعلية ممثلة في جيش الاحتلال البريطاني، وأن موازين القوى السياسية في البلاد، لا تستقيم إلا إذا كانت هناك قوة ثالثة، بين هاتين القوتين، هي قوة الأمة.‏ وعلى امتداد ست سنوات، ظل أحمد لطفي السيد يدعو على صفحات الجريدة التي كان يترأس تحريرها إلى الديمقراطية، وإلى توسيع اختصاصات المجالس التمثيلية الشكلية التي كانت قائمة آنذاك، لتتحول تدريجيا إلى مجالس نيابية حقيقية، تمثل الأمة، لتتخلق عبر ذلك القوة الثالثة، التي لن تتوازن أوضاع مصر السياسية دونها.‏ وأخيرا تحقق الحلم جزئيا، وتقرر عام 1913 تشكيل الجمعية التشريعية، ومنحت بعض اختصاصات المجالس النيابية، وكان طبيعيا، وقد تحقق بعض ما يطالب به أن يرشح أحمد لطفي السيد نفسه في الانتخابات في مسقط رأسه، بإحدى دوائر محافظة الدقهلية.‏ ولأنه كان ينتمي إلى عائلة كبيرة من أعيان الدقهلية، تملك مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وترتبط بعلاقات مصاهرة، بمعظم العائلات ذات الثقل في قرى الدائرة، فضلا عن أنه كان شخصية عامة، معروفة على نطاق القطر كله، كعضو في اللجنة الإدارية لواحد من الأحزاب الثلاثة الوحيد في مصر، يحتفظ بصلات قوية مع الباشاوات والأعيان وأصحاب النفوذ، بما في ذلك أفندينا الخديو عباس ذات نفسه، فقد كان محاميا ومفكرا وصحفيا يترأس تحرير واحدة من الصحف اليومية الكبري.‏ وبتجمع كل هذه الصفات فيه، أصبح هناك اعتقاد جازم لدى الجميع، بأن فوز أحمد لطفي السيد بتمثيل الدائرة، ليس محل شك، وهو ما أقلق منافسه الشيخ عثمان سليط، الذي فكر جديا في أن يتنازل عن الترشيح يأسا من الفوز، لولا أن صديقا له، أقنعه بأن هناك وسيلة تقضي على منافسه، وتدمر الميزات التي يعتقد الجميع، بأنها سبيله لاكتساح منافسيه، والفوز في الانتخابات، وعلى الفور اختارا مجموعة من أعداد الجريدة، التي تحمل مقالات لطفي السيد في الديمقراطية، ومساواة الرجل بالمرأة، وبدأ الاثنان يطوفان بالدائرة، فإذا ضمهما مجلس في مضيفة أحد عمد أو مشايخ القرى، قال الصديق:‏ إن لطفي بك كفء ونزيه.. بس يا خسارة.‏ فإذا سأله الحاضرون على إيه يا سيدنا البيه؟ قال‏: لو ماكانشي ديمقراطي.‏ وينشط أحد أنصار لطفي السيد إلى دفع الاعتراض متسائلا عن عيب الديمقراطية، عندئذ يقول الصديق:‏ ألا تدري ما الديمقراطية؟ إنها مصيبة على الدين وعلى العادات، ألا يطالب لطفي بك بمساواة المرأة بالرجل؟ طيب أليس من حق الرجل أن يتزوج بأربع نساء؟ فإذا تساوت المرأة والرجل في الحقوق، ألا يكون معنى ذلك أن تصبح للمرأة نفس حقوق الرجل، فتتزوج هي الأخرى بأربعة رجال؟ إذا كان هذا يرضيكم يا حضرات الناخبين، فانتخبوا صاحب الرأي المخالف لدين الله، وأحكام الشرع، وعادات المسلمين‏.‏ وبعد هذا الكلام يناول الصديق السامعين، أعداد الجريدة ليقرأوا ويتأكدوا بأنفسهم من صدق الكلام، وهو ما كان ينتهي عادة بإلقائها على الأرض مصحوبة بكلمات نعوذ بالله‏.. إن هذا لكفر صريح، لأن الذين كانوا يقرأون المقالات، كانوا يفهمون نصوصها من خلال التفسيرات التي سبقتها وليس من خلال النصوص التي وردت بها.‏ وأصبح لطفي السيد من يومها، يعرف بين الناخبين في بلاد الدائرة، بأنه - والعياذ بالله - ديمقراطي، فإذا ذكر أحد اسمه أمام أحدهم، بصق على الأرض، وقال‏: لطفي بيه إخص دا ديمقراطي.‏ وهكذا طارت الدائرة، وفاز بتمثيلها الشيخ عثمان سليط، الذي لم يترجم أرسطو، ولم يدع إلى حرية الرأي والفكر والاعتقاد، وإلى أن تكون الأمة مصدر السلطات.‏ وربما كانت هذه التجربة المريرة، وراء الموقف الذي اتخذه لطفي السيد من الديمقراطية الليبرالية حتى عام 1952، فمع أنه كان أحد المثقفين الذين شاركوا في قيادة ثورة 1919، وتحمسوا للمطالبة بإلغاء الحماية البريطانية على مصر، إلا أن المرحلة الأولى من الثورة، ما كادت تنتهي بإلغاء الحماية، وإعلان الدستور، حتى انضم مع عدد آخر من المثقفين والسياسيين الذين كانوا يتعاطفون أو يقودون حزب الأمة إلى المنشقين عن حزب الوفد، الذين شكلوا حزب الأحرار الدستوريين، وناصبوا سعد زغلول العداء، باعتباره زعيم الرعاع، ومؤسس مدرسة ديمقراطية الغوغاء.‏ وهكذا اشترك أحمد لطفي السيد، الذي يعتبره كثيرون أحد الآباء المؤسسين للتيار الليبرالي في الفكر العربي، في وزارة محمد محمود باشا، التي تشكلت عام 1928، وحلت مجلس النواب الذي كان قائما، وأوقفت اجتماعات مجلس الشيوخ، وعطلت مواد الدستور، الخاصة بإجراء الانتخابات، وعلقت الحياة النيابية لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.‏ ولم يكن أحمد لطفي السيد هو الوحيد من بين المثقفين الليبراليين الذي اتخذ هذا الموقف، إذ كانت صفوف الأحرار الدستوريين تضم كذلك مثقفين بارزين من بينهم طه حسين ومحمد حسين هيكل، ومحمود عزمي، وعبد القادر المازني، كانوا يؤمنون بأن الديمقراطية الحقيقية، هي ديمقراطية، أو بمعنى أدق ديكتاتورية المثقفين، وليست ديمقراطية الشيخ سليط.‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 31, 2024 1:21 am