روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    الدفوع الذهبية في جريمة شيك بدون رصيد.

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    الدفوع الذهبية في جريمة شيك بدون رصيد. Empty الدفوع الذهبية في جريمة شيك بدون رصيد.

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الخميس فبراير 21, 2013 12:10 am


    الدفوع الذهبية
    في جرائم الشيك في قانون العقوبات القطري.
    تأليف علي المسلوخي محامي ومستشار قانوني

    مقدمة :
    بدأ يحتل الشيك الآن مكانةهامة في دنيا المعاملات أفضل من المكانة التي تحتلها الكمبيالة أو السندالأدنى أو أي من الأوراق التجارية الأخرى، ونظراً لزيادة الثقة فيه وكثرة التعامل به كان من واجب القانون من أجل ضمانقيام الشيك بوظيفته أن يتدخل لحماية هذه الثقة وهذا التعامل، بضمانات قانونية تكفلعدم التلاعب به، وتكفل أيضا سريان أداء مهامه المنوطة به، باعتباره أداة وفاء بينالمتعاملين يحل محل النقود في المعاملات التجارية والالتزامات المالية لما يحققه منمزايا عدة، فهو يؤدي بفضل الحسابات الجارية إلى زيادة النقود التي تعتمد عليهامؤسسات الائتمان ويسهل على المودعين في الوقت ذاته استثمار أموالهم بما يحصلون عليهمن عائد مع بقائها دائماً رهن إشارتهم، فيوفون منها ما عليهم من ديون دون حاجة إلينقلها، وإذا كثرت الشيكات وكانت المصارف المسحوبة عليها حامله لشيكات على مصارفأخرى عظمت المزايا التي تترتب على الوفاء بها وأمكن تسويه صفقات كبيرة بعملية نقلالحساب.
    ولسنا هنا بصدد بيان التطورالتاريخي للشيك منذ نشأتهبل تكفى الإشارة إلى أن نطاق استعماله كان في البدايةضيقاً ثم أنتشر إزاء تبيان ما أداه من خدمات تجارية ومدنية– يتدخل المشرع بالقدر الذي يراه لازماً وضرورياً للمحافظة علىالاستقرار لذلك التنظيم، لذلك نجد أن كثيراً من التشريعات تضم نصوصها أحكاماً تنظمالشيك سواء في المجموعة التجارية أو في غيرها أو في قوانين مستقلة، ويلاحظ من تنظيمالتشريعات المختلفة للشيكات أنها جميعاً تنبثق من قاعدة أصلية، وهي قيام هذه الصكوكبوظيفة النقود، وان لم تعتبر من النقد مما أدى إلي انتشار استعمالها كلما ازدادالنشاط في مختلف أوجه الحياة، وكلما تقدم الوعي المصرفي فيها.


















    الباب الأول
    جرائم الشيك











    الفصل الأول
    موضوع الجريمة المادي وهو الشيك.
    وسوف نبحث في هذا الفصل تعريف الشيك والطبيعة القانونية له والشروط الواجب توافرها فيه .

    المبحث الأول :- تعريف الشيك :
    يلاحظ أن التشريعات في مجملها قد تجنبت الخوض في مسألةتعريف الشيك واقتصر الأمر فيها على ضرورة توافر البيانات الإلزامية فيه إلا أنالبعض منها قام بذلك كالقانون القطري ،حيث أن المشرع القطري عرف الشيك في المادة (452) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم (27) لسنة 2006 التي تنص على أن ( الشيك ورقة تجارية تتضمن أمرا صادرا من الساحب الى البنك المسحوب عليه بأن يدفع في اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره مبلغا معينا من النقود لأمر شخص ثالث هو المستفيد أو لحامله .)
    كما أن المشرع علىضرورة اشتمال الشيك على البيانات الإلزامية فيه، بقوله في المادة (561) من ذات القانون ( يجب أن يشتمل الشيك على البياناتالآتية :
    1-كلمة شيك مكتوبة في متن الصك وباللغة التي كتببها.
    2- تاريخ ومكان إصدار الشيك .
    3- اسم من يلزمه الوفاء (المسحوب عليه).
    4- اسم من يجب الوفاء له أو لأمره .
    5- أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود .
    6- مكانالوفاء..
    7- اسم وتوقيع من أصدر الشيك(الساحب).
    وأشار في المادة) 562( منه إلي أن الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة في المادة السابقة من هذاالقانون لا يعتبر شيكاً إلا في الحالتين الآتيتين:
    1-إذا خلا من بيان مكان الإصدار اعتبر صادرا في المكان المبين بجانب اسم الساحب.
    2- إذا خلا الشيكمن بيان مكان وفائه ، فالمكان المعين بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكان وفائه ،فإذا ذكرت عدة أمكنة بجانب اسم المسحوب عليه اعتبر الشيك مستحق الوفاء في أول مكان مبين فيه ،وإذا خلا الشيك من هذه البيانات أعتبر مستحق الوفاء في المكان الرئيسي للمسحوب عليه .)
    والجدير بالذكر أن قانون العقوبات لم يعرف الشيك وقد يفسر ذلك في معنى الإحالة الى تعريف قانون التجارة له .
    وإذا كان ماتقدم هو مسلك القانون فإننا نلاحظ أن القضاء في الدول المختلفة، يكتفي متمشياً معالواقع العلمي، بأن يكون للصك كل المظاهر التي تكفى لاعتباره شيكاً يؤدى وظيفتهبمجرد الاطلاع عليه دون الاعتداد بما وراء ذلك، وإن أشارت بعض أحكامه إلى ضرورةاستيفاء الشروط التي نص عليها القانون، ومن أحكامه المستقر عليها أن الشيك المعرف في القانونالتجاري بأنه أداه وفاء ودفع ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغني عن استعمالالنقود في المعاملات هو نفسه الذي أخذت به أحكام القانون الجنائي، وما دام قدأستوفي المقومات التي تجعل منه أداة وفاء في نظر القانون، فإن الساحب لا يستطيع أنيغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها القانون فيها من مميزات].

    المبحث الثاني : الطبيعة القانونية للشيك :-
    يتميز الشيك بطبيعة قانونية مزدوجة ،فهو من ناحية عمل قانوني شكلي ومن ناحية ثانية عمل قانوني مجرد .
    ولشكلية الشيك مظهران ،فيتعين أن يكون الشيك مكتوبا ،فلا يعرف القانون شيكا شفويا، ومن ناحية ثانية يتعين أن يتضمن بيانات إلزامية حددتها المادة (561) من قانون التجارة .
    والشيك بعد ذلك عمل قانوني مجرد أي يتضمن في ذاته سببه ومن ثم لا يجوز البحث عن سببه في علاقة قانونية سابقة على إصداره ،أو في واقعة أيا كانت مادية أو قانونية ،والنتيجة المترتبة على ذلك وجوب البحث عن شروط صحته فيه ذاته وعدم جواز البحث عنها خارجه ،فإذا شاب العلاقة القانونية فيما بين الساحب والمستفيد او العلاقة فيما بين الساحب والمسحوب عليه سبب للبطلان فلا يجوز أن ينعكس ذلك السبب على صحة الشيك ،فهو يظل صحيحا على الرغم من ذلك (1).

    (1)د.محمود نجيب حسني – جرائم الإعتداء على الأموال في قانون العقوبات البناني – المجلد الثاني ط3 –ص465و466.
    المبحث الثالث :- الشروط الواجب توافرها في الشيك :-
    تنقسم الشروط الواجب توافرها في الشيك إلى شروط موضوعيةوأخرى، شكلية، الشروط الموضوعية تتعلق بالأهلية، والرضا والمحل والسبب، والشكلية تدور فيوجوب أن يكون الشيك محرراً وأن يذكر به بيان الساحب والمسحوب عليه والمستفيد والأمربدفع مبلغ من النقود، وتاريخ إصداره ومكانه .

    المطلب الأول : الشروط الموضوعية :-
    في الأصل أن الشيك يمثل علاقتين قانونيتين الأولى بين الساحبوالمستفيد والثانية بين الساحب والمسحوب عليه، وقد تنشأ بعد هذا علاقات أخرى بينالموقعين على الشيك، وهذه العلاقات جميعاً شأنها شأن غيرها تحكمها شروط موضوعيةتتعلق بالأهلية والرضا المحل والسبب وانتفاء هذه الشروط أو بعضها قد يترتب عليهبطلان الالتزام الناشئ عنها ويقتضينا الحال التعرض لتلك الشروط وفقاً للبيانالآتي:
    أ- الأهلية :
    لم يشترط قانون التجارة شروطاً خاصة بالنسبة لأهلية التعامل في الأوراق التجارية ، إذ ترك أحكام الأهلية للقواعد العامة الواردة في القانون المدني.
    وعلية فإن كل شخص طبيعي بلغ سنه الثامنة عشرة ولم تشبأهليته شائبة كالجنون والعته يكون قادراً على إنشاء الأوراق التجارية والالتزام بهاويبطل تصرفه إن كان عديم الأهلية، أما أن كان ناقص الأهلية فيكون له الخيار بينالإجازة أو النقض بعد اكتمال أهليته، وقد جعل القانون التجاري القطري الأهلية القانونية ثماني عشرة سنة وبالنسبة للشيك فإن التزامات ناقصيالأهلية الذين ليسوا تجاراً، وعديمي الأهلية الناشئة عن توقيعاتهم على الشيككساحبين أو مظهرين، أو ضامنين احتياطيين، أو بأية صفة أخرى باطلة بالنسبة لهم فقط.(1)
    ولكن جرائم الشيكات كما نعلم لا تعدو أنتكون نوعاً من الجرائم العادية ليست لها أحكام متميزة فتنطبق عليها القواعد العامة،ومن ثم فإن بطلان الالتزام من الناحية المدنية لا يؤثر إطلاقاً في صحة الشيك وكونهورقة متضمنة أمرا بالدفع بمجرد الإطلاع، وقد حوت من البيانات ما يجعلها تقوم مقامالنقود،أي أنها تتجرد عن الالتزامات الناشئة عنها، فتستوي أن تكون صحيحة أم باطلة،ومن اجل هذا فقد ذهبت أراء الفقهاء وأحكام المحاكم إلى القول بصحة الشيك الصادربسبب دين قمار رغم بطلان الالتزام الناشئ عن علاقة المديونية، وإذن يتعين، تطبيققواعد المسئولية الجنائية بالنسبة إلى جرائم الشيك مجردة عن البحث فيما وراءالالتزام به،فإذا كان الشخص مصاباً بعارض من عوارضالأهلية كالجنون أو العته أو الغفلة أو السفه فإن الأحكام الخاصة بالمسئوليةالجنائية هي التي تطبق دون القواعد المنصوص عليها في القانون المدني لاختلاف الحكمةفيهما.

    (1)د.محمد سعيد نمور- شرح قانون العقوبات الخاص الجرائم الواقعة على الأموال ص306.
    ب- الرضا :
    يتعين في كل التزام ناشئ عن علاقة قانونية أن يكون مبنياًعلى رضا صحيح خالي من العيوب فإن شابه غلط أو إكراه أو تدليس ترتب علي ذلك بطلانالالتزام مطلقاً أو نسبياً وفقاً للقواعد المقررة في القانون المدني أو القانونالتجاري حسب الأحوال، أما إذا تعلق الأمر بالشيكات وجب القول أن العلاقة السابقةعلى إعطاء الشيك التي قد تكون مشوبة بعيبي الغلط والتدليس لا تمنع من قيامالمسئولية الجنائية إذا تم تحرير الشيك محتوياً البيانات الشكلية المطلوبة إذ يكفيلتوافر إحدى جرائم الشيك قيام القصد العام وهو العلم بوجود مقابل الوفاء الكافيوالقابل للسحب. أما عيب الإكراه إذا ما توافر فإن المسئولية الجنائية فيه تكونمنتفية لعدم وجود القصد الجنائي بانعدام الإرادة الحرة كمن يهدد أخر بسلاح علىالتنازل عن دين له فيقوم بتحرير شيك بمقداره – أما إذا لم يؤثر الإكراه على إرادةالساحب الحرة، في هذه الحالة حقت عليه المسئولية الجنائية إلا أنه في حالات أخري منالغلط – كالغلط المادي في تحرير مبلغ الشيك فإن ذلك من شأنه أن ينفي القصد الجنائيوالحال نفسه بالنسبة إلى الغلط الناشئ عن معلومات خاطئة تلقاها الساحب من المسحوبعليه عن قدر رصيده لديه، والإهمال المؤدي إلى الغلط لا يرتب المسئولية الجنائية لأنجرائم الشيك هي جرائم عمدية ينبغي أن يتوافر فيها القصد الجنائي.
    ج- المحل :
    محلالالتزام في الشيك هو دائماً مبلغ محدد من النقود، إذ بهذا المبلغ المحدد تقوموظيفته في الوفاء، أما أن كان غير ذلك أو كان مجهلاً، فإن ذلك يرتب بطلان الشيك كصكسواء من الناحية المدنية أو التجارية أو من ناحية إمكانية المساءلة الجنائية لاتحادالحكمة في الحالتين.(1)
    د- السبب :
    المقصود بالسبب في الشيك – أساسالالتزام الوارد به أي العلاقة القانونية التي من أجلها حرر الساحب الشيك لمصلحةالمستفيد، في القواعد العامة يتعين حتى تجوز المطالبة بقيمة الشيك أمام المحكمةالمدنية أن يكون سبب الالتزام فيه مشروعاً فإن اتسم بعدم المشروعية كان مصير الدعوىالرفض.
    أما من الناحية الجنائية فإنه من المستقر عليه فقها وقضاء وقانونا أن عدم مشروعية السبب لا يؤثر على المساءلةالجنائية إذا توافرت أركان إحدى جرائم الشيك ومرد ذلك الحكمة من العقاب في تلكالجرائم إذ مادام غرض المشرع من التجريم هو حماية التعامل بالشيكات على أساس أنالصك يعتبر أداه تحل محل النقود في الدفع استوجب هذا أن لا يؤثر عدم مشروعية سببإعطاء الشيك في إمكان المساءلة الجنائية، ويتعين توقيع العقاب عند عدم وجود مقابلوفاء كاف وقابل للسحب أو غير ذلك من صور التجريم،ويقتصر عدم مشروعية السبب على علاقةالمديونية بين ساحب الشيك والمستفيد منه.

    (1)د.محمود نجيب حسني – جرائم الإعتداء على الأموال في قانون العقوبات البناني – المجلد الثاني ط3 –ص468.
    المطلب الثاني :- الشروط الشكلية :
    أول هذه الشروط أن يكون الشيك مكتوبا ، وهذا ما نصت عليه المادتين (447) و(452) من قانون التجارة ،وهذا يترتب عليه أنه لا يجوز اثبات وجود الشيك بالبينة أو القرائن أو اليمين بل لابد من وجود شيك مكتوب تتوافر فيه جميع الشروط القانونية الخاصة بالشيك .
    ومن المقرر قضاء أنه يكفي للإدانة وجود صورة من الشيك ضمن أوراق الدعوى ولا يشترط وجود أصل الشيك محل الجريمة .
    وقد جرت العادة على تحرير الشيكات على أوراق خاصة منتزعة من دفاتر شيكات تسلمها البنوك والمصارف لعملائها .
    ولم يحدد القانون حجم الورقة التي يكتب عليها الشيك ،كما لا يهم أن تكون الكتابة بخط اليد أو مطبوعة او خليطا بين الطباعة والكتابة اليدوية .كما انه قد يكتب الشيك بأية لغة يقع الاتفاق عليها فلا يشترط تحريره بلغة معينة .
    والسؤال الذي يثور هنا هل يجوز تحرير الشيك على ورق عادي أم يشترط أن يكون محرر على نماذج البنوك التي توزعها على العملاء؟
    في السابق جرى العرف أن تحرر الشيكات على النماذج الخاصة بالبنوك ،ولكن إذا حرر الشيك على ورقة عادية واشتمل على كافة بياناته كانت له صفة الشيك ،ولكن الآن في ظل قانون التجارة المعمول به فإن المادة (563) منه تنص صراحة على أن الشيكات المحررة على غير نماذج البنك المسحوب عليه لا تعتبر شيكات ،وعليه فإنها لا تستأهل الحماية القانونية المقررة للشيك ،واي اجتهاد عكس ذلك فهو غير صحيح لأنه لا اجتهاد في ظل ورود نص المادة السابقة .
    والى جانب اشتراط الكتابة لابد من توافر بيانات معينة وهي ما يطلق عليها البيانات الإلزامية ،وهذه البيانات حددتها المادة (562) من قانون التجارة ،كما قد يتضمن الشيك بيانات اختيارية لم ينص عليها قانون التجارة في نص واحد بل في نصوص متفرقة مثل اشتراط الوفاء في محل مختار واستراط الرجوع بلا مصاريف وغيرها من الشروط الأخرى ،ومن الجدير بالذكر أن خلو الشيك من احد هذه البيانات الإختيارية لايفقده صفته ،على عكس ما هو الحال بالنسبة للبيانات الإلزامية المنصوص عليها في المادة (561) من قانون التجارة التي إذا خلا منها الشيك فإنه يفقد صفته عملاً باحكام المادة (562) من ذات القانون وقد اشرنا إليها سابقا.









    الفصل الثاني
    جرائم الشيك

    تمهيد :-
    النص القانوني :-
    لقد ورد النص على جرائم الشيك في المادة (357) من قانون العقوبات القطري على أنه :-
    ( يعاقب بالحبس مده لا تقل عنثلاثة اشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة الآف ريال ولا تزيد على عشرة الآف ريال او بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من ارتكب بسوء نية أحد الأفعال التالية:
    1- أعطى شيكاًلا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ،او كان الرصيد أقل من قيمة الشيك .
    2- سحب بعد إعطاء الشيك كل المقابل لوفائه أوبعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته .
    3- أمر المسحوب عليه الشيك بعدم صرفه .
    4- تعمد تحرير الشيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع صرفه .
    5- إذا ظهر لغيره شيكاً أو سلمه شيكاً مستحق الدفع لحامله وهو يعلم أن ليس له مقابليفي بكامل قيمته أو يعلم أنه غير قابل للصرف .)
    وسوف نعالج جرائم الشيك بشكل مختصر كونها ليست موضوع بحثنا الرئيسي ،وسنتناول خمسة مباحث وهي :-
    المبحث الأول :- أركان الجريمة بصورها المختلفة :-
    إن جرائم الشيك تتكون من ركنين :-ركن مادي وركن معنوي .

    المطلب الأول :-الركن المادي: –
    وهو نشاط مادي يتمثل في القيام بأحد الأفعال الخمسة المنصوص عليها في المادة (357) من قانون العقوبات وهي :-
    1- أعطى شيكاًلا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ،او كان الرصيد أقل من قيمة الشيك .
    2- سحب بعد إعطاء الشيك كل المقابل لوفائه أوبعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته .
    3- أمر المسحوب عليه الشيك بعدم صرفه .
    4- تعمد تحرير الشيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع صرفه .
    5- إذا ظهر لغيره شيكاً أو سلمه شيكاً مستحق الدفع لحامله وهو يعلم أن ليس له مقابليفي بكامل قيمته أو يعلم أنه غير قابل للصرف.

    المطلب الثاني :-الركن المعنوي:-
    إن جرائم الشيك من الجرائم العمدية التي ينبغي لقيامها توافر القصد الجرمي لدى الساحب ،وهذا القصد يتكون من شقين العلم والإرادة ،اي ان الساحب يقوم بارتكاب احد الافعال الخمسة المذكورة في المادة (357) من قانون العقوبات مع علمه بأن هذا الفعل سيؤدي الى هذه النتيجة – عدم صرف الشيك ،فيمنع ذلك المستفيد من الحصول على قيمة الشيك .

    المبحث الثاني :-الشروع في جرائم الشيك :-
    للوهلة الأولى وباستقراء المادة (361) من قانون العقوبات القطري التي تعاقب على الشروع في الجنح الواردة في الفصل الثاني ومن ضمنها جرائم الشيك المنصوص عليها في المادة (357) منه يخيل لنا أن القانون يعاقب على الشروع في جرائم الشيك.
    ولكن بالرجوع الى المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم (23) لسنة 2004 نجد أن المشرع قد وضع قيداً على النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة لجرائم الشيك وهذا القيد يتمثل في شكوى تقدم من المجني عليه أو وكيله خلا مدة ثلاثين يوما من علمه بوقوع الجريمة وبمرتكبها ،وهذا يعني أن الشروع في جرائم الشيك غير متصور عملياً نتيجة وجود هذا القيد الذي في جوهره يمنع النيابة العامة من تحريك الدعوى الجنائية في جرائم الشيك إلا بعد وقوع الجريمة .

    المبحث الثالث :- الاشتراك في جرائم الشيك :-
    منالمعلوم أن وسائل الاشتراك في الجريمة كما حددتها المادة (39) من قانون العقوبات هي واحدة من ثلاث – التحريض، الاتفاق، المساعدة - ويشترط حتى يتوافر الاشتراك المعاقب عليه فضلاً عنذلك هو أن يحدث قبل وقوع الجريمة، ثم تتم بناء عليه.. ولا نعتقد أن من طبيعة جرائمالشيك ما ينافي إمكان الاشتراك فيها – فمن يحرض أخر على إصدار أمر إلى المحسوب عليهبعدم دفع قيمة الشيك، أو يتفق معه على إصدار شيك ليس له مقابل أو رصيد أو يساعدهعلى ذلك بأن يعد له الشيك للتوقيع عليه مع علمه بعدم وجود رصيد - يعتبر في هذهالصور جميعاً شريكاً في الجريمة .

    وقد جرت العادة والأغلب الأعم من قضايا الشيكات المنظورة أمام القضاء أن يقوم الموظف بتحويل راتبه على احد البنوك ، ومن ثم يحصل على قرض سيارة أو بيت ...من ذلك البنك ويقوم بتحرير شيكات كأقساط للسيارة لهذا البنك بصفته المستفيد والمسحوب عليه في نفس الوقت ،ومن ثم بعد عدة اقساط ،يتخلف العميل عن دفع عدة اقساط فيقوم البنك بتقديم شكوى لتحريك الدعوى الجنائية ضده بجريمة اصدار شيك لا يقابله رصيد ، ورأيي المتواضع في هذه الحالة أنه يجب ملاحقة البنك المسحوب عليه (المجني عليه ) بصفته شريكا في الجريمة فهو من ساعد الساحب (المتهم ) واعطاه سلاح الجريمة – دفتر الشيكات – واتفق معه وهو من حرضه على ارتكاب الجريمة عندما قبل أن يستلم تلك الشيكات وهو يعلم علم اليقين أن العميل ليس لديه رصيد كافي في حسابه للوفاء بقيمتها لا سيما ان حساب العميل موجود لدى هذا البنك .
    المبحث الرابع : إنقضاء الدعوى الجنائية في جرائم الشيك :-
    تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة لجرائم الشيك عملاً بأحكام المادة (13) من قانون الإجراءات الجنائية القطري ب:-
    1- وفاة المتهم .
    2- صدور حكم بات فيها .
    3- العفو العام .
    4- إلغاء القانون الذي يعاقب على الفعل .
    5- مضي المدة (التقادم – ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة سواء علم بها المجني عليه أم لم يعلم ).
    6- أي سبب آخر ينص عليه القانون – مثل التصالح والتنازل .
    والجدير بالذكر هنا ان الدفع بإنقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة امام محكمة التمييز .

    المبحث الخامس : قيود تحريك الدعوى الجنائية في جرائم الشيك :-
    ان الدعوى الجنائية منوطة بالنيابة العامة تستعملها بصفتها وكيلة عن المجتمع ولصالحه ،فالنيابة العامة هي صاحبة السلطة والصلاحية في تحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها ان شاءت حركتها وان شاءت سكتت مستهدية في هذا وذاك بما تراه من حسن السياسة لمصلحة الجماعة ،بيد أن المشرع في احوال خاصة رأى أن يقيد حرية النيابة في مباشرة الدعوى الجنائية هادفاً من وراء هذا الى تحقيق حكمة خاصة ترجع الى رعاية صالح معين وقصد أن يكون آخر غير النيابة العامة هو الحكم في تقرير هذه المصلحة وما إذا كان من الخير مباشرة تلك الدعوى أم لا .(1)
    ولذلك فإن المشرع القطري في المادة (3) من قانون الإجراءات الجنائية قد
    حظر على النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية في بعض الجرائم ومن
    ضمنها جرائم الشيك إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو من يقوم مقامه وقد حدد المشرع في المادة (7) من ذات القاون الميعاد الذي يحق فيه للمجني عليه أن يتقدم بالشكوى وهو ثلاثون يوما من علمه بوقوع الجريمة وبمرتكبها ،وهذا الميعاد لا يقبل انقطاعا أو ايقافا ولا يمتد بسبب العطلات الرسمية .










    (1)د.عزت مصطفى الدسوقي – قيود الدعوى الجنائية ص229.
    الباب الثاني
    الدفوع الموضوعية والشكلية
    في جرائم الشيك








    الفصل الأول
    الدفـوع التـي تثـار بشـأن جرائم الشيك

    سوف نتنـاول فـي هـذا الفصل الدفـوع التـي يمكـن إثارتهـا بشـأن أركـان هـذه الجريمـة والتـي متـى كانـت مؤسسـة قانونـا تـؤدي إلـى انتفـاء جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد وذلـك بغـض النظـر عـن مختلـف الدفـوع العامـة التـي تعتـرض كافـة الجرائـم مـن دون كالدفـع بانقضـاء الدعـوى الجنائية لوفـاة المتهـم أو التقـادم ومـا إلـى ذلـك مـن الدفـوع.
    ونظـرا لتعـدد وكثـرة الدفـوع التـي تستأثـر بهـا جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد دون غيرهـا مـن الجرائـم فإننـا ارتأينـا تناولهـا فـي ثلاثـة مطالـب مستقلـة نخصـص الأول منهـا للدفـوع التـي تثـار بشـأن الركـن المـادي للجريمـة ونفـرد المطلـب الثانـي للدفـوع التـي تعتـرض قيـام الركـن المعنـوي لهـا فـي حيـن نتطـرق فـي المطلـب الثالـث مـن هـذا المبحـث إلـى الدفـوع التـي لا تأثيـر لهـا فـي قيـام أركـان جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد.
    وقبـل التطـرق لهـذه الدفـوع التـي تنفـرد بهـا جرائم الشيك - جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد لابـأس مـن تعريـف الدفـع بصفـة عامـة ، فلقـد جـرى العمـل فـي المسائـل الجنائيـة علـى إطـلاق كلمـة الدفـع علـى مختلـف أوجـه الدفـاع موضوعيـة كانـت أو قانونيـة التـي قـد يثيرهـا الخصـم لتحقيـق غايتـه مـن الخصومـة فـي الدعـوى المنشـورة أمـام المحكمـة إثباتـا لادعائـه أو نفيـا لادعـاء خصمـه، وعـادة مـا يكـون المتهـم هـو مـن يقـوم بإثـارة الـدفع للتنصـل مـن المسؤوليـة الجنائيـة الواقعـة علـى عاتقـه مـن خـلال تهديـم أركـان الجريمـة أو أحدهـــا.

    المبحث الأول : الدفـوع التـي تعتـرض قيـام الركـن المـادي للجريمـة .
    إن الدفـوع التـي يمكن أن تثـار بشـأن الركـن المـادي فتحـول دون قيامـه هـي مجموعـة الدفـوع التـي تنصـب علـى الشـروط الشكليـة المستوجبـة قانونـا لقيـام الشيـك كورقـة تجاريـة تستحـق الحمايـة الجنائيـة المقـررة بموجـب المـادة 561 من قانون التجارة السابـق ذكرهـا ، ذلـك أن المشـرع القطري استوجـب توافـر عناصـر يلـزم وجودهـا فـي الصـك ذاتـه حتـى يثبـت لـه وصـف الشيـك الـذي يعنيـه القانـون التجـاري باعتبـاره أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات،ومن هذه الدفوع :-
    1- الدفع بأن الشيك يحمل تاريخين :-
    قـد يحـدث و أن يحـرر الساحـب الشيـك بتاريخيـن أحدهمـا للسحـب و الآخـر للاستحقـاق فنتسـاءل حينئـذ عـن مـدى صحـة هـذا الشيـك و مـدى خضوعـه
    للحمايـة الجنائيـة المقـررة قانونـا متـى انعـدم الرصيـد أو كـان غيـر كافيـا . ولـذا فيعتبـر الدفـع بـأن الشيـك يحمـل تاريخيـن مـن أهـم الدفـوع التـي تثـار فـي مجـال جرائـم الشيـك و قـد استقـرت محكمـة النقـض المصريـة فـي العديـد مـن أحكامهـا علـى اعتبـار الشيـك الـذي يحمـل تاريخيـن باطـلا و فاقـدا لمقوماتـه كـأداة وفـاء و خارجـا بذلـك عـن نطـاق تطبيـق أحكـام قانـون العقوبـات فـي هـذا الشـأن .
    و يعتبـر هـذا الدفـع من الدفـوع الجوهريـة التـي متـى تمـت إثارتهـا تعيـن علـى المحكمـة الـرد عليهـا سـواء بالقبـول أو الرفـض و إلا تعـرض قضاؤهـا للنقـض لكونـه مشوبـا بالقصـور ، لكنـه لا يعتبـر مـن الدفـوع المتعلقـة بالنظـام العـام و لا يتمتـع تبعـا لذلـك لخصائـص هـذه الأخيـرة فـلا يجـوز إثارتـه أمـام محكمة التمييز.
    2- الـدفـع بخلـو الشيـك مـن توقيـع الساحـب :-
    يحـب أن يشتمـل الشيـك علـى توقيـع الساحـب و إلا فقـد وصفـه كشيـك، ذلـك أن الصـك الـذي يخلـو مـن توقيـع مـن أنشـأه يعـد ورقـة عاديـة لا قيمـة لهـا مـن الناحيـة القانونيـة فـلا تثبـت بذاتهـا حقـا و لا يؤبـه بهـا فـي التعامـل.
    ذلك أن التوقيـع مـن البيانـات الإلزامية الواجـب توافرهـا فـي الشيـك عمـلا بنـص المـادة 561 مـن قانـون التجـارة فـإن خلـوه منـه يفقـده صفتـه كشيـك طبقـا لنـص المـادة 562 مـن قانـون التجـارة .

    المبحث الثاني :- الدفـوع التـي تعتـرض قيـام الركـن المعنوي للجريمـة:-
    تكلمنا عـن الدفـوع التـي تثـار بشـأن الشيـك كسنـد بمفهـوم المـادة 561 مـن قانـون التجـارة والتـي تفقـده وصفـه هـذا وقـد تهـدم تبعـا لذلـك الركـن المـادي لجنحـة إصـدار بشيـك بـدون رصيـد .
    وليسـت هـذه الدفـوع لوحدهـا التـي مـن الممكـن أن تثـار بشـأن جرائـم الشيـك فقـد يحـدث وأن يتمسـك المتهـم المتابـع بشـأن الجنحـة بدفـوع مـن شأنهـا اعتـراض قيـام الركـن المعنـوي كالدفـع بالتزويـر خاصـة فـي التوقيع ، والدفـع بكـون الشيـك موضـوع المتابعـة قـد حـرر تحـت تأثيـر الإكـراه المادي أو المعنوي والدفـع بكـون الشيـك متحصـل مـن جريمـة ومـا إلـى ذلـك مـن الدفـوع التـي تعـدم ركـن الرضـا فـي تحريـر الشيـك وتعـدم بذلـك الركـن المعنـوي للجريمـة .

    المبحث الثالث : الدفـوع التـي لا تـؤثـر فـي قيـام الجـريمـة:-
    لقـد تناولنـا فـي االمبحثين الأول والثانـي مـن هـذا الفصل الدفـوع التـي يمكـن إثارتهـا بشـأن الركنيـن المـادي والمعنـوي لجنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد والتـي إذا مـا توافـرت وكانـت قائمـة ومؤسسـة قـد تهـدم أحدهمـا فتنتفـي بذلـك الجريمـة فـي حـق المتهـم . لكـن لا تعتبـر هـذه الدفـوع لوحدهـا التـي قـد تثـار بشـأن جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد و إنمـا توجـد دفـوع أخـرى يمكـن للمتهـم الاحتجـاج بهـا وإثارتهـا وإن كـان ذلـك لا يؤثـر علـى قيـام الجريمـة فـي شـيء وتتعلـق الأولـى بالدفـوع التـي يمكـن إثارتهـا بشـأن الشـروط الشكليـة اللازمـة لقيـام الشيـك كسنـد تجـاري بمفهـوم المـادة 561 مـن قانـون التجـارة ليصبـح أهـلا للحمايـة الجنائيـة المقـررة بمـوجـب المـادة 562مـن قانـون التجارة ليصبـح أهـلا للحمايـة الجنائيـة المقـررة بمـوجـب المـادة 357 مـن قانـون العقوبـات وتتعلـق الأخـرى بالدفـوع المتنوعـة التـي لا تنصـب علـى الشـروطالشكليـة للشيـك والتـي يحتـج بهـا المتهـم للتهـرب مـن المسؤوليـة الجنائيـة الواقعـة علـى عاتقـه ، وهـذا مـا سنتنـاولـه فـي المطلبين التالييـن:

    الـمطلب الأول : الـدفـوع المتعلقـة بالشـروط الشكليـة فـي الشيـك :-
    تتلخـص هـذه الدفـوع فـي الدفـع بصوريـة التاريـخ فـي الشيـك والدفـع بخلـو الشيـك مـن بيـان مكـان سحبـه أو مـن اسـم المستفيـد أو مـن مبلـغ الشيـك وكـذا الدفـع بالتوقيـع علـى بيـاض والدفـع بانتفـاء مسؤوليـة الساحـب لكـون عـدم الصـرف مـرده اختـلاف نمـوذج التوقيـع و أخيـرا الدفـع بعـدم تحريـر الشيـك علـى نمـوذج مطبـوع.
    فقـد يتـم تحريـر الشيـك فـي تاريـخ معيـن ثـم يوضـع تاريـخ لاحـق للاستحقـاق يختلـف عنـه ثـم يدفـع الساحـب بصوريـة تاريـخ الاستحقـاق وقـد ذهبـت محكمـة النقـض المصريـة إلـى أن مثـل هـذا الشيـك يعتبـر صـادرا فـي تاريـخ واحـد ويكـون لحاملـه الحـق فـي استيفـاء قيمتـه وقـد أيـد الفقـه هـذا القضـاء وذهـب إلـى جعـل هـذا الدفـع لا يؤثـر فـي قيـام الجريمـة لا لشـيء إلا لحمايـة الشيـك باعتبـاره أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات وسـد البـاب لمـن يريـد الطعـن فيـه وينفـي عنـه صفتـه هـذه وسـد بـاب الغـش والتلاعـب الـذي مـن شأنـه إضعـاف الثقـة فـي التعامـل بالشيـك كـأداة وفـاء كمـا سبـق ذكـره أعـلاه.
    وقـد يثـور التسـاؤل عـن أثـر صوريـة التاريـخ علـى المسؤوليـة الجنائيـة للساحـب فقـد قضـت محكمـة النقـض المصريـة بـأن الشيـك متـى كـان مستوفيـا لجميـع الشـروط الشكليـة التـي يتطلـب القانـون توافرهـا فهـو يعـد شيكـا بمفهـوم القانـون التجـاري و لا يجـدي فـي المتهـم أن يثبـت أن تحريـره إنمـا كـان فـي تاريـخ سابـق عـن التاريـخ الثابـت فـي الشيـك.لـذا فقـد استقـرت محكمـة النقـض المصريـة علـى أن الصوريـة فـي تاريـخ تحريـر الشيـك و أن الشيـك مؤخـر التاريـخ هـــوشيـك صحيـح و متـى كـان بـدون رصيـد فهـو يستوجـب حينئـذ المسؤوليـة الجنائيـة .
    وفـي الحيـاة العمليـة أمثلـة كثيـرة لقضايـا تـم الدفـع فيهـا مـن قبـل المتهـم بتوقيعـه علـى الشيـك موضـوع المتابعـة علـى بيـاض علـى سبيـل الضمـان لا الوفـاء لكن اجتهـاد محكمـة النقـض المصريـة استقـر علـى كـون توقيـع الساحـب
    علـى بيـاض لا يؤثـر علـى سلامـة الشيـك متـى كـان مستوفيـا بياناتـه قبـل تقديمـه للصـرف وهـذا هـو الـرأي الـذي استقـرت عليـه محكمة النقض المصرية حيـث ذهبـت إلـى اعتبـار إصـدار شيـك علـى بيـاض علـى سبيـل الضمـان لا يحـول دون متابعـة الساحـب ومعاقبتـه وفقـا لمـا يقضـي بـه القانـون .
    وقـد يثيـر المتهـم دفعـا بعـدم تحريـر الشيـك علـى النمـوذج المطبـوع ، هـذا الأخيـر الـذي لا يعتبـر مـن البيانـات الجوهريـة اللازمـة لقيـام الشيـك المنصوص عليها في المـادة 561 مـن قانـون التجـارة كمـا أن القانـون لا يرتـب علـى تخلفهـا فقـدان الشيـك لصفتـه هـذه عمـلا بنـص المـادة 562 مـن قانـون التجـارة،وقد ذهبـت محكمـة النقـض المصريـة فـي أحـد قراراتهـا إلـى أنـه : لا يشتـرط أن يكـون الشيـك محـررا علـى نمـوذج مطبـوع ومأخـوذ مـن دفتـر الشيكـات الخاصـة بالساحـب ، وهـذا هـو الـرأي الراجـح الـذي ذهـب إليـه غالـب الفقـه .
    ولكن الوضع مختلف في قانون التجارة القطري حيث أن المادة(563) منه تعتبر أن الشيك المحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه لا يعتبر شيكاً.
    هـذه هـي جملـة الدفـوع التـي تنصـب علـى الشـروط الشكليـة للشيـك لكنهـا لا تؤثـر علـى صفتـه هـذه كمـا أنـه لا تؤثـر علـى قيـام الجريمـة .

    الـمطلب الثـانـي : الـدفـوع المتنوعـة الأخـرى التـي لا تؤثـر فـي قيـام الجريمـة:-
    تتمثـل أغلـب هـذه الدفـوع فـي الدفـع بانتفـاء القصـد الجنائـي والدفـع بعلـم المستفيـد بعـدم وجـود الرصيـد والدفـع بانعـدام أصـل الشيـك والدفـع بكـون الشيـك قـد حـرر لسبـب غيـر مشـروع وكـذا الدفـع بعـدم تقديـم الشيـك فـي الآجـال المقـررة قانونـا.
    فالقصـد الجنائـي المتمثـل فـي سـوء النيـة الجانـي يقتضـي أن تنصـرف إرادة الساحـب إلـى تحقيـق وقائـع الجريمـة مـع علمـه بأركانهـا المختلفـة كمـا يستوجبهـا القانـون ولقـد استقـرت محكمة النقض علـى أنـه لا عبـرة بالأسبـاب التـي حملـت المتهـم علـى إتيـان فعلـه فهـي مـن قبيـل البواعـث التـي ليـس مـن شأنهـا نفـي القصـد الجنائـي ، فقـد يحـدث وأن يدفـع الساحـب بكونـه يجهـل عـدم وجـود الرصيـد الكافـي والقابـل للصـرف وقـت تحريـره للشيـك لينفـي عنـه الركـن المعنـوي للجريمـة ويبقـى دفعـه هـذا عديـم الأثـر إذ أن مـن الأجـدر بـه أن يكـون عالمـا بحركـة رصيـده تكريسـا للثقـة التـي ينبغـي أن تصبـغ التعامـل بالشيـك وعليـه فتكـون الجريمـة ثابتـة فـي حقــه .
    كمـا قـد يثيـر المتهـم دفعـا بعلـم المستفيـد بعـدم وجـود الرصيـد فـي حالـة مـا إذا قـدم لـه الشيـك كضمـان إلـى حيـن حلـول أجـل ثـم يتقـدم المستفيـد لسحـب الشيـك بنيـة الإضـرار بالساحـب ، فهـل مـن شـأن هـذا الدفـع التأثيـر فـي قيـام الجريمـة ؟
    لقـد أجابـت محكمـة النقـض المصريـة علـى هـذا التسـاؤل بالنفـي حيـث قـررت أن علـم المستفيـد بعـدم وجـود الرصيـد لا تأثيـر لـه علـى قيـام الجريمـة معللـة رأيهـا بـــأن: لا عبـرة فـي قيـام جريمـة إعطـاء شيـك بـدون رصيـد قائـم وقابـل للصـرف لسبـب تحريـر الشيـك والغـرض مـن تحريـره ولا لعلـم المستفيـد وقـت استـلام الشيـك بعـدم وجـود رصيـد للساحـب فـي البنـك المسحـوب لـه .
    وبالرجـوع إلـى أحكـام القانـون التجـاري فـي هـذا الشـأن وكـذا قانـون العقوبـات فإنـه لا تأثيـر لهـذا الدفـع علـى قيـام الجريمـة ذلـك أن الشيـك هـو أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات ولا يمكـن بـأي حـال مـن الأحـوال تحويـل غرضهـا .
    أمـا إذا دفـع المتهـم بانعـدام أصـل الشيـك بالملـف فإنـه يتعيـن أن نجيـب عليـه بـأن أصـل الشيـك غيـر لازم لتحريـك ومتابعـة الدعـوى العموميـة وتكفـي الصـور التـي تؤخـذ عنـه لذلـك وقـد استقـرت المحكمـة العليـا علـى أن عـدم وجـود أصـل الشيـك بالملـف عنـد المحاكمـة لا ينفـي بتاتـا وقـوع الجريمـة .
    وكثيـرا مـا يقـدم المتهـم المتابـع بشـأن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد دفعـا يتعلـق بالتـزام الـذي حـرر الشيـك لأجلـه كـأن يكـون الالتـزام باطـلا لكونـه مبنـي علـى سبـب غيـر مشـروع كالديـن الناتـج عـن القمـار أو أن يكـون مقابـل رشـوة أو لتسويـة معاملـة معيبـة لنقـص أهليـة أحـد أطرافهـا و مهمـا كـان سبـب الالتـزام الـوارد بالشيـك باطـلا فـإن ذلـك لا يؤثـر علـى قيـام الجريمـة و المسؤوليـة الجنائيـة فـي حـق المتهـم فمتـى كـان المحـرر قـد استوفـى فـي الظاهـر كافـة الشـروط و البيانـات التـي يستوجبهـا القانـون استحـق الحمايـة الجنائيـة المقـررة قانونـا تدعيمـا للثقـة فـي التعامـل بـه كـأداة وفـاء إذا مـا حـدث و أن أصـدر مـن دون هنـاك رصيـد قائـم و قابـل للصـرف وقـت تحريـره .
    و قـد قضـت محكمـة النقـض المصريـة فـي ذلـك أنـه إذا كـان الشيـك قـد استوفـى شروطـه و بياناتـه كـأداة وفـاء فـإن مـا يدفـع بـه المتهـم حـول سبـب تحريـر الشيـك كـأن يكـون غيـر مشـروع لا أثـر لـه علـى طبيعتـه ذلـك أن المسؤوليـة الجنائيـة هنـا لا تتأثـر بالسبـب أو الباعـث الـذي أعطـى الشيـك مـن أجلـه .
    الفصل الثاني
    الدفوع الذهبية في جرائم الشيك
    سوف نتناول في هذا الفصل بعض من أهم الدفوع الجديدة والتي لم يسبق لأحد التطرق لها .

    المبحث الأول:- الدفع بأن الصك (الورقة ) موضوع هذه الدعوى لا تتوافر فيه الشروط الشكلية التي يتطلبها القانون لإعتباره شيكاً كونه خالياً من ذكر مكان الإصدار ، ولا يوجد أي بيان لمكان ما بجانب اسم الساحب على النحو الذي يتطلبه القانون ومن ثم فلا يعد شيكا وتنحسر عنه الحماية الجنائية :-
    لما كانت المادة (561 ) من قانون التجارة القطري تنص:-
    (يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية :-
    1- كلمة "شيك " مكتوبة في متن الصك وباللغة التي كتب بها .
    2- تاريخ ومكان إصدار الشيك .
    3- اسم من يلزمه الوفاء "المسحوب عليه ".
    4- اسم من يجب الوفاء له أو لأمره على النحو المنصوص عليه.
    5- أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود .
    6- مكان الوفاء .
    7- اسم وتوقيع من اصدر الشيك (الساحب )."(

    والمادة (562 ) من ذات القانون تنص :-
    (لا يعتبر الصك الخالي من البيانات المذكورة في المادة السابقة شيكاً ،إلا في الحالتين الآتيتين:-
    1- إذا خلا الشيك من مكان الإصدار، اعتبر صادرا في المكان المبين بجانب اسم الساحب.
    2- إذا خلا الشيك من بيان مكان وفائه ، فالمكان المعين بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكان وفائه ،فإذا ذكرت عدة أمكنة بجانب اسم المسحوب عليه اعتبر الشيك مستحق الوفاء في أول مكان مبين فيه ،وإذا خلا الشيك من هذه البيانات أعتبر مستحق الوفاء في المكان الرئيسي للمسحوب عليه .)
    فالمشرع القطري عد مكان إصدار الشيك من البيانات الشكلية الهامة ولذلك كان من البيانات التي نصت عليها المادة (561 ) من قانون التجارة القطري،ورتب بطلان الشيك على تخلفه في المادة (562) من ذات القانون.
    حيث أن الفقرة الأولى من المادة (562) من قانون التجارة القطري تنص بمفهوم المخالفة على انه إذا خلا الشيك من مكان الإصدار ولم يكن مبين بجانب اسم الساحب أي مكان فإن الصك لا يعتبر شيكاً، وهذا ليس مستغربا أو مستهجناً فالفقرة الأولى والثانية من المادة (562) تجارة هي استثناء على الأصل (أن الصك الخالي من البيانات المذكورة في المادة السابقة لا يعتبر شيكاً) والإستثاء لا يجوز التوسع فيه ، ولا إجتهاد مع مورد النص .
    فالمادة (562 ) قد نصت على حالات معينة استثنائية يمكن تجاوزها ولا يفقد الشيك صفته ومنها انه " إذا خلا الشيك من مكان إصداره ، اعتبر صادرا في المكان المبين بجانب اسم الساحب) بما مفاده انه يجب ان يذكر في الشيك مكان الإصدار فإذا لم يذكر اعتبر المكان المبين بجانب اسم الساحب هو مكان إصداره وفيما خلا هذه الحالة فإن الشيك يفقد صفته وبذلك يحول دون تطبيق نص المادة (357 ) من قانون العقوبات .
    ولما كان ذلك وكانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الإنحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل اياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للإجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه .
    ولا محل للإجتهاد القضائي أخذاً بالمبدأ القضائي الشهير "لا إجتهاد في ظل وجود النص." والقول بغير ذلك يعد مخالفة لصريح النصوص وإهداراً للغايات التشريعية التي تكفل حماية المجتمع.
    أما القول بأن مكان الإصدار من البيانات التي إذا خلا منها الشيك فإنه لا يفقد صفته فهذا صحيح بالنسبة للمشرع المصري والمشرع الأردني بسبب وجود نص في قانون التجارة المصري ينص على أنه "إذا خلا الشيك من بيان مكان الإنشاء يعد منشاً في المكان المبين بجانب اسم الساحب وإذا لم يذكر مكان الإنشاء فيعتبر موطن الساحب هو مكان الإنشاء ".
    وكذلك وجود نص في قانون التجارة الاردني ينص على أنه " إذا خلا الشيك من بيان مكان الإنشاء يعد منشاً في المكان المبين بجانب اسم الساحب وإذا لم يذكر مكان الإنشاء فيعتبر مكان تسليمه للمستفيد هو مكان الإنشاء ".
    أما بالنسبة للمشرع القطري فقد نص في المادة (562) من قانون التجارة القطري على انه (إذا خلا الشيك من مكان الإصدار، اعتبر صادرا في المكان المبين بجانب اسم الساحب).
    ونفس النص موجود في المادة (515) من قانون التجارة السوري أيضاً.
    فالمشرعان القطري و السوري إتخذا نفس الموقف بالنسبة لمكان الإصدار.
    وقد استقر اجتهاد محكمة التمييز السورية على أنه :- " يجب ان يذكر في الشيك مكان إصداره فإذا لم يذكر مكان الإصدار في الشيك فيمكن التجاوز عنه إذا ذكر مكان بجانب اسم الساحب وفيما خلا هذه الحالة فإن الشيك يفقد مميزاته القانونية”(لطفاً انظر قاعدة 1798 المجموعة الجزائية لقرارات محكمة النقض السورية 1949-1990 – الجزء الثاني – المحامي ياسين الدركزللي – الطبعة الثانية 1992 (ج224 ق 151 ت 17/2/1979 ).
    "إن عدم ذكر مكان إنشاء الشيك وعدم ذكر أي مكان مسجل بجانب اسم صاحبه يجعل هذا الشيك فاقدا أحد بياناته ولا يعتبر شيكا وهو أمر من متعلقات لنظام العام وأن عدم وجود مؤونة له بتاريخ إصداره لا يشكل عدم إصدار شيك بدون رصيد."
    (تمييز سوري - هيئة عامة قرار 30 أساس 96 تاريخ 18-3-1996)
    ولما كانت محكمة التمييز القطرية قد قضت أنه :-
    " إن الشيك في حكم المادة (357 ) من قانون العقوبات هو المعرف في قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (16) لسنة 1971 – ومن بعده قانون التجارة الصادر بالقانون رقم (27 ) لسنة 2006 الذي حل محله بالنسبة للشيك ذلك أن المشرع في قانون العقوبات لم يضع تعريفاً للشيك او بياناً لأركانه إكتفاءً بما ورد في القانونين ، واللذين عرفا الشيك وبينا أركانه
    فالورقة التي لا تتوافر فيها مقومات إعتبارها شيكاً في مواد قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون التجارة لا تعد شيكاً وبالتالي لا تستأهل الحماية المقررة بالمادة (357 ) في قانون العقوبات. ولما كان ذلك وكان قانون المواد المدنية والتجارية الساري على واقعة التداعي قد إستلزم في المادة (430 ) منه ان يشتمل الشيك على لفظ شيك في متن الصك وباللغة التي كتب بها ونص في المادة (431 ) منه على أن الصك الخالي من هذا البيان لا يعتبر شيكاً وتنحسر عنه الحماية الجنائية .ودفاع الطاعن بانحسار وصف الشيك عن الصك لخلوه من لفظ (شيك) بمتنه جوهري .وجوب إيراده والرد عليه وإغفال ذلك خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع."
    (الطعن رقم 97 لسنة 2007 تمييز جنائي جلسة 21 مايو 2007 ).
    " من الأصول المقررة أنه يتعين أن يكون الشيك مستوفيًا لجميع الشروطالشكلية التي يتطلب القانون توافرها في الشيك بمعناه الصحيح وإذا كان الشيك موضوعالدعوى قد استوفى الشكل الذي يتطلبه القانون لكي تجري الورقة مجرى النقود فإنه يعدشيكًا بالمعنى المقصود في حكم القانون ."
    (الطعن رقم 9 لسنة 2005 تمييز جنائي جلسة 25 ابريل 2005 )
    ولما كانت محكمة النقض المصرية قد قضت بأن :- (الدفع بأن الشيك موضوع الدعوى لا تتوافر فيه الشروط الشكلية والموضوعية للشيك – إغفال تحقيق هذا الدفع الجوهري قصور وإخلال بحق الدفاع . (الطعن رقم 2329 لسنة 31 ق جلسة 1/10/1962 س 13 ص 584)
    ولما كان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن الورقة محل الدعوى الراهنة لم يكتب في متنها مكان الإصدار ولا يوجد أي مكان مبين بجانب اسم الساحب على النحو الذي يتطلبه القانون ومن ثم فلا تعد شيكاً وتنحسر عنها الحماية الجنائية والتي لم تتقرر إلا للورقة المتوافرة على المقومات التي وضعها القانون لإعتبارها شيكاً.
    ومن خلال ما تقدم فإن الورقة موضوع الدعوى لا تتوافر فيها الشروط الشكلية والموضوعية التي يتطلبها القانون لإعتبارها شيكاً كونها خالية من ذكر مكان الإصدار ولا يوجد أي مكان مبين بجانب اسم الساحب على النحو الذي يتطلبه القانون ومن ثم فلا تعد شيكا وتنحسر عنها الحماية الجنائية ،مما يقتضي معه القضاء ببراءة المتهم من الإتهام المنسوب له.

    المبحث الثاني- الدفع بأن الصك (الورقة ) موضوع هذه الدعوى لا تتوافر فيه الشروط الشكلية التي يتطلبها القانون لإعتبارها شيكاً كونه خالياً من ذكر اسم الساحب باللغة العربية التي كتب بها على النحو الذي يتطلبه القانون ومن ثم فلا يعد شيكا وتنحسر عنه الحماية الجنائية والتي لم تتقرر إلا للورقة المتوافرة على المقومات التي وضعها القانون لإعتبارها شيكاً:-
    لما كانت المادة (561 ) من قانون التجارة تنص :-
    (يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية :-
    1- كلمة "شيك " مكتوبة في متن الصك وباللغة التي كتب بها .
    2- تاريخ ومكان إصدار الشيك .
    3- اسم من يلزمه الوفاء "المسحوب عليه ".
    4- اسم من يجب الوفاء له أو لأمره على النحو المنصوص عليه في المادتين (567 )،(568 ) من هذا القانون .
    5- أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود .
    6- مكان الوفاء .
    7- اسم وتوقيع من اصدر الشيك (الساحب )."

    والمادة (562 ) من ذات القانون تنص :-
    (لا يعتبر الشيك الخالي من البيانات المذكورة في المادة السابقة شيكاً ،إلا في الحالتين الآتيتين:-
    1- إذا خلا الشيك من مكان الإصدار، اعتبر صادرا في المكان المبين بجانب اسم الساحب.
    2- إذا خلا الشيك من بيان مكان وفائه ، فالمكان المعين بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكان وفائه ،فإذا ذكرت عدة أمكنة بجانب اسم المسحوب عليه اعتبر الشيك مستحق الوفاء في أول مكان مبين فيه ،وإذا خلا الشيك من هذه البيانات أعتبر مستحق الوفاء في المكان الرئيسي للمسحوب عليه .)

    "ولما كان الشيك في حكم المادة (357) من قانون العقوبات هو المعرف في قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (16) لسنة 1971 – ومن بعده قانون التجارة الصادر بالقانون رقم (27 ) لسنة 2006 الذي حل محله بالنسبة للشيك ذلك أن المشرع في قانون العقوبات لم يضع تعريفاً للشيك او بياناً لأركانه إكتفاءً بما ورد في القانونين ، واللذين عرفا الشيك وبينا أركانه .فالورقة التي لا تتوافر فيها مقومات إعتبارها شيكاً في مواد قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون التجارة لا تعد شيكاً وبالتالي لا تستأهل الحماية المقررة بالمادة (357 ) في قانون العقوبات . ولما كان ذلك وكان قانون المواد المدنية والتجارية الساري على واقعة التداعي قد إستلزم في المادة (430 ) منه ان يشتمل الشيك على لفظ شيك في متن الصك وباللغة التي كتب بها ونص في المادة (431 ) منه على أن الصك الخالي من هذا البيان لا يعتبر شيكاً وتنحسر عنه الحماية الجنائية ."
    (تمييز قطري – الأحكام الجنائية -الطعن رقم 97 لسنة 2007 جلسة 21 من مايو لسنة 2007 ).
    ولما كان من المقرر أن الشيك الذي لم يستوفِ الشكل الذي يتطلبه القانون لكي تجري الورقة مجرى النقود فإنه لا يعد شيكاً بالمعنى المقصود في المادة (357 ) من قانون العقوبات.
    ولما كانت محكمة النقض المصرية قد قضت بأن :-
    (الدفع بأن الشيك موضوع الدعوى لا تتوافر فيه الشروط الشكلية والموضوعية للشيك – إغفال تحقيق هذا الدفع الجوهر
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    الدفوع الذهبية في جريمة شيك بدون رصيد. Empty رد: الدفوع الذهبية في جريمة شيك بدون رصيد.

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الخميس فبراير 21, 2013 12:12 am

    (الشكوى حق للمجنى عليه وحده ، وله أن يتقدم بها بنفسه أو بواسطة وكيل خاص بشأن ‏الجريمة موضوع ‏الشكوى فلا يكفى لذلك مجرد الوكالة العامة). ‏ (الدكتور أحمد فتحى سرور / الوسيط فى قانون الإجراءات الجنائية – طبعة ‏‏1980 ص 647)
    "ولما كان الأصل أن يقدم المجني عليه الشكوى بنفسه ومع ذلك فقد أجاز له المشرع أن يوكل غيره في تقديم الشكوى ،ويجب أن يكون التوكيل خاصاً أي متعلقاً بواقعة معينة وقعت في فترة سابقة على التوكيل ."(لطفاً تراجع الدكتورة آمال عثمان – شرح قانون الإجراءات الجنائية ص72 )
    "يجب أن يكون التوكيل أو التفويض خاصاً وصريحاً وصادراً عن واقعة معينة سابقة على صدوره ،أي ينبغي أن يكون التوكيل أو التفويض لاحقاً للواقعة المشكو عنها ، فلا يغني عن ذلك توكيل عام بإجراءات التقاضي سابق على الواقعة المشكو عنها أياً كان نوعه وهذا شرط من النظام العام لأن شروط تحريك الدعوى الجنائية كلها من النظام العام ."
    (الدكتورعزت مصطفى الدسوقي – قيود الدعوى الجنائية بين النظرية والتطبيق – ص 234 ).
    ولما كان البين من المفردات خلو أوراق الدعوى من وجود شكوى قانونية صحيحة مقدمة من الممثل القانوني للمجني عليه البنك الإفريقي " الشيخ ........ او من يفوضه بذلك بموجب تفويض لاحق على وقوع الجريمة المشكو عنها موضوع هذه الدعوى.
    ولما كان هذا الدفع من النظام العام ويجب على المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها ولو لم يثيره الخصوم.
    ومن ثم يكون "الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني كون الشكوى مقدمة ممن لا يملك حق تقديمها "في محله وجديراَ بالقبول مما يقتضي معه الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني.


    المبحث الرابع :- الدفع بإنتفاء الركن المادي للجريمة لإنتفاء فعل الإعطاء ،حيث أن تسليم الشيك للشاكية لم يكن بقصد التخلي عن حيازته نهائياً وطرحه للتداول ونقل الحق الثابت فيه وملكيته للشاكية ، بل سلمها الشيك على وجه الوديعة والرهن التجاري للورقة التجارية:-
    لما كان من المقرر عدم تحقق الركن المادي في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد إلا بتخلي الساحب إرادياً عن حيازة الشيك،المادة (357 ) عقوبات . الدفع بتخلف فعل الإعطاء في جريمة شيك بدون رصيد جوهري ويجب على المحكمة أن تعنى بتحقيقه والرد عليه بأسباب سائغة ."
    ( الطعن رقم 33 لسنة 2007 تمييز قطري جنائي جلسة 29/4/2007 )
    لما كان من المقرر أن الركن المادي لجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد هو إعطاء الشيك أي تسليمه من الساحب إلى المستفيد بقصد التخلي عنه و حيازته بصفة نهائية ،فيتمكن المستفيد من حيازة الشيك والتصرف به.ولا يتحقق فعل الإعطاء الشيك إذا إنتفت إرادة الساحب في التخلي نهائياً عن حيازة الشيك إلى المستفيد .
    (نقض 22/11/1960 أحكام النقض س11 ق155 ص811 )
    "الأصل ان إعطاء الشيك بتسليمه إلى المستفيد إنما يكون على وجه يتخلى فيه الساحب نهائياً عن حيازته بحيث تنصرف إرادة الساحب إلى التخلي عن حيازة الشيك فإذا إنتفت الإرادة لسرقة الشيك منه أو فقده أو تزويره عليه انهار الركن المادي للجريمة وهوفعل الإعطاء."
    (نقض الطعن رقم 27024 لسنة 63 قضائية جلسة 1998م )
    وعلى ذلك يلزم في التخلي الذي يتوافر به النشاط الإجرامي أن يكون نهائياً وإرادياً فلكي يتحقق فعل الإعطاء يتعين أن يخرج الساحب الشيك من حوزته بصفة نهائية فإذا سلم الساحب الشيك على وجه الوديعة فإن التخلي لا يكون نهائياً ولا ينهض بذلك فعل الإعطاء. (راجع المستشار محمد اسماعيل يوسف في جرائم الشيك ص 12 ).
    وحيث أنه بتاريخ ....... حصل المتهم على قرض تمويل شراء سيارات من البنك (الشاكي ) بقيمة ........ر.ق وحرر له 48 شيك كأقساط وفاء لثمن هذه السيارات قيمة كل شيك (...... ر.ق) ،
    وحرر له الشيك موضوع هذه الدعوى بدون تاريخ بقيمة المديونية كاملة والبالغة (........ر.ق) كشيك وديعة ومرهون رهن تجاري وفقاً لأحكام المواد (239 ) و(579 ) و(560 ) و(480 )من قانون التجارة التي أجازت رهن جميع الأوراق التجارية ومن ضمنها الشيكات ورهن الحق الثابت فيها،وسلمه المتهم كشيك وديعة تبقى لدى البنك(المجني عليه) على أن تعيده إلى المتهم بعد الانتهاء من سداد جميع الأقساط .
    وبتطبيق ما سبق على واقعة التداعي نجد أن إعطاء المتهم الشيك للبنك الشاكي لم يكون وليد إرادة حرة كما لم يكن بقصد التخلي عنه نهائياً وطرحه للتداول ونقل حيازته وملكيته للشاكية بل سلمها الشيك على وجه الوديعة والرهن التجاري على أن يسترده بعد سداد جميع الأقساط وبهذا ينهار ركن الإعطاء المتطلب لتوفر أركان جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المعاقب عليها قانوناً.
    فالمتهم قام بتسليم الشيك إلى البنك الشاكي ليس بهدف صرفه والتخلي عن حيازته نهائياً ونقل الحق الثابت فيه فور تسليمه للشاكية وليس بنية إطلاقه في التداول بل بهدف أن يودع لديها على سبيل الوديعة لحين الإنتهاء من سداد جميع الأقساط .
    ومن المقرر أنه ينبغي أن يكون الشيك قد خرج من حوز الساحب برضاه ،وذلك بتسليمه الى المستفيد ،حتى يمكن القول أن الركن المادي للجريمة قد تحقق شريطة أن لا يكون التسليم قد تم على سبيل الوديعة التي يتعين استردادها بعد مدة معينة ،إذ ان التسليم لابد ان يكون نهائيا ولا رجعة فيه حتى يقوم ركن اصدار الشيك فتقوم بذلك الجريمة عند توافر سوء النية بطبيعة الحال .(نقض مصري 27/5/1985 ،مجموعة احكام النقض ،س9،رقم 149 ،ص 582 )
    فالشيك موضوع هذه الدعوى ورقة تجارية تطبق عليها أحكام الرهن التجاري على الأوراق التجارية المنصوص عليها في المادة (239 ) من قانون التجارة .
    كما أن المتهم يتمسك بدفعه ويجادل في واقعة قيامه بتسليم الشيك موضوع هذه الدعوى إلى المجني عليها تسليماً صحيحاً بقصد التخلي نهائياً عن حيازته للمستفيد وإطلاقه في التداول ، فإذا كان المتهم قد تخلى عن حيازة الشيك فإن هذا التخلي لم يكن نهائياً ولا بنية إطلاقه في التداول ،ومن ثم لا تنعطف على الشيك الحماية الجنائية المقررة في قانون العقوبات وذلك لإنتفاء فعل إعطاء الشيك الذي هو جوهر وأساس الركن المادي في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد.
    ومن ثم يكون الدفع بإنتفاء أركان الجريمة في حق المتهم لعدم حصول ركنها المادي وهو فعل الإعطاء للشاكية في محله وجديراً بالقبول والإجابة مما يتعين معه القضاء ببراءة المتهم من الجريمة المنسوبة له.

    المبحث الخامس- الدفع بأن الصك موضوع هذه الدعوى لا تتوافر فيه الشروط الشكلية التي يتطلبها القانون لإعتبارها شيكاً كونه خاليا من ذكر تاريخ إصداره ومن ثم فلا يعد شيكا وتنحسر عنه الحماية الجنائية ً:-
    لما كان المشرع القطري قد عد تاريخ إصدار الشيك من البيانات الشكلية الهامة ولذلك كان من البيانات التي نصت عليها المادة (561 ) من قانون التجارة ، ورتب بطلان الشيك على تخلفها في المادة (562) من ذات القانون ، فالمادة (562 ) من قانون التجارة تنص على أن الصك الخالي من أحد البيانات التي أوجبت أن يشتمل عليها الشيك ومن ضمنها تاريخ إصداره لا يعد شيكاً، وعلى ذلك فإن لم يشتمل الشيك على تاريخ إنشائه يفقد صفته كشيك ولا تنطبق عليه أحكام المادة (357 ) من قانون العقوبات،

    أما القول بأن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد تتحق ولو خلا من تاريخ إصداره بحجة ان الصك يظل عى الرغم من ذلك محتفظاً بظاهره كشيك فلا يؤخذ به عندنا ذلك لأن القانون الذي اعتمد عليه القائلون بهذا الرأي لم يرتب على عدم ذكر التاريخ بطلان الشيك بعكس قانون التجارة القطري الذي أورد نصاً صريحاً على أن الشيك الخالي من ذكر تاريخ إصداره لا يعتبر شيكاً،وأما القول بأن خلو الشيك من تاريخ إصداره لا يعيبه وانما يفيد تفويض المستفيد بوضع التاريخ هو قول لا يستند الى أساس من القانون ، إذ أن مجرد إصدار الشيك بلا تاريخ يفقده صفته كشيك ولا يفيد بعد ذلك تفويض المستفيد بوضع التاريخ وإذا كان هناك تفويض اثناء إنشائه فلابد من إثباته بالطريق القانوني.
    فقيام البنك الشاكي بوضع التاريخ على الصك موضوع الدعوى بعد مرور أكثر من سنة على استلامه بدون علم المتهم و موافقته لا يعيد لهذا الصك صفة الشيك، فالصفة ولدت ميتة ولا مجال لرد الحياة إلى ميت .
    فالعبرة بإستيفاء الشيك لبياناته وشروطه القانونية هي وقت إصداره وإعطائه للمستفيد وليس وقت تقديمه للمسحوب عليه للصرف، حيث أن تقديم الشيك الى البنك لا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو عمل مادي يتجه إلى إستيفاء مقابل الشيك ،
    وهذا ما أكدته محكمة التمييز القطرية حين قضت بأنه :- "من المقررأن جريمة إعطاء شيك تتم بمجرد إعطاء شيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب في تاريخ الإستحقاق ،اما تقديم الشيك الى البنك فلا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو عمل مادي يتجه الى استيفاء مقابل الشيك ،وما إفادة البنك إلا إجراء كاشف للجريمة ."
    (الطعن رقم 31 لسنة 2006 – تمييز جنائي – جلسة 24/4/2006)
    و كما انه لا يجوز القول بأن الصك الخالي من تاريخ إصداره يعتبر شيكاً ويتمتع بالحماية الجنائية إستنادا إلى إجتهاد قضائي مفاده - أن مجرد تسليم الشيك خالي من التاريخ يعني أن ساحبه فوض المستفيد بوضع التاريخ - ذلك أن هذا الإجتهاد القضائي في غير محله لوجود نص ، ولا إجتهاد في ظل وجود النص وصراحة نصي المادة (561) والمادة (562 ) من قانون التجارة والتي تنصان على أن الصك الخالي من تاريخ إصداه لا يعتبر شيكاً.
    ولما كان ذلك وكانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الإنحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل اياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للإجتهاد القضائي إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه أخذاً بالمبدأ القضائي الشهير "لا إجتهاد في ظل وجود النص." والقول بغير ذلك يعد مخالفة لصريح النصوص وإهداراً للغايات التشريعية التي تكفل حماية المجتمع.

    أما القول بأن تسليم الشيك الخالي من تاريخ إصداره للمستفيد تفويضاً له بوضع التاريخ هو قول مخالف للقانون ، لأن التفويض هو توكيل والتوكيل لا يفترض وجوده بل يجب إثباته ولا يثبت بالإستنتاج بل يجب أن يثبت بسند خطي ( كتابة) وخاصة إذا كان الإلتزام مالياً. كما لا يجوز أن يعتبر تسليم الشيك الخالي من التاريخ الى المستفيد على انه تفويض قانوني للإفتقاد الى اي سند من القانون .

    كما أن القول بأن تسليم الشيك الخالي من تاريخ إصداره للمستفيد يفيد ضمنياً وإفتراضياً أن الساحب قد فوضه بوضع التاريخ قبل تقديمه للمسحوب عليه ،يتعارض مع الأصول المقررة في قضاء محكمة التمييز القطرية بأنه من اللازم في أصول الإستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤدياً إلى ما رتب عليه من غير تعسف في الإستنتاج ولا تنافر مع العقل والمنطق ، وأن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على حجج قطعية الثبوت تفيد الجزم واليقين وليس على الظن والإستنتاج والإفتراض.
    ومن ناحية أخرى فإن فكرة التفويض تصل بنا إلى نتيجة هامة هي صعوبة تحديد وقت إرتكاب الجريمة ، هل هو التاريخ الذي أثبته المستفيد يوم تقديم الشيك للوفاء أو هل هو التاريخ الذي أُعطي الشيك فيه فعلاً؟؟
    حيث أن فكرة التفويض تحول دون معرفة التاريخ الحقيقي الذي وقعت فيه الجريمة المعول عليه لبدء سريان التقادم في الدعوى الجنائية على مقتضى المادة (14) من قانون الإجراءات الجنائية ، والتشبث بالتاريخ الذي وضعه المستفيد على الشيك يوم تقديمه للوفاء- بحجة وجود تفويض مفترض - يعني الإنحراف عن نصوص القانون وجعل مناط التقادم هذا التاريخ لا التاريخ الحقيقي لوقوع الجريمة .ولما كان التقادم الجنائي من النظام العام الذي لا يجوز مخالفته ،فإن مؤدى هذا الإجتهاد القضائي – فكرة التفويض المفترض – إقرار مخالفة النظام العام .

    كما أن القول بأن تسليم المتهم الشيك خالي من التاريخ للشاكية يعني أنه فوضها بوضع التاريخ الذي تراه مناسباً قبل تقديمه الى المسحوب عليه يجعل حق الشكوى كسيف يسلطه المستفيد على رقبة الساحب ويهدده به كل حين ويبتزه ،وهذا يتعارض مع مراد الشارع في المادة (7) من قانون الإجراءات الجنائية من تحديد المدة التي يمكن للمجني عليه أن يتقدم فيها بشكواه حتى لا يكون حق الشكوى مدعاة لإساءة استخدامه من قبل المجني عليه ويهدد به المتهم كل حين وآخر،والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة لا يمكن قبولها وهي أن حق المجني عليه في التحريك المباشر أوسع من حق النيابة العامة في تحريك الدعوى (في ذات المعنى أنظر نقض مصري 13 من فبراير 1968 ، مجموعة أحكام النقض س19 ،ص 215 ،رقم 38 ).
    كما أن إفتراض أن الساحب فوض المستفيد بتعبئة التاريخ الذي يوافق هواه غير جائز إذ قد يكون لا يوجد رصيد للساحب في ذلك التاريخ الذي يضعه المستفيد على الشيك وقد يعاقب الساحب على فعل غيره الأمر غير الجائز قانوناً.
    كما أن التفويض في هذه الحالة – يعني تفويض بإتمام إرتكاب جريمة من جرائم الشيك المؤثمة بمقتضى أحكام قانون العقوبات ، لا سيما إذا كان المستفيد يعلم علم اليقين أن الشيك ليس له رصيد في التاريخ الذي وضعه على الشيك ،فيكون التفويض في أمر يعتبر في نظر القانون جريمة باطلاً وأن محله غير مشروع.
    ولما كان الثابت من أوراق الدعوى أنه في عام ....... أعطى المتهم الشيك موضوع هذه الدعوى مطبوع وخالي من تاريخ إصداره الى الشاكية ،وأنه بعد مرور عام على استلامها للشيك، وبعد تخلف المتهم عن دفع عدة اقساط من قرض السيارة قامت البنك الشاكي بوضع التاريخ على الشيك بخط اليد دون علم المتهم وموافقته وبدون تفويض منه بذلك ، لا بل أن البنك الشاكي قام بوضع التاريخ وهو تعلم علم اليقين بأن الشيك لن يصرف بسبب عدم وجود رصيد .
    فهذا يعني أن الشاكي – البنك - يعد شريكا في الجريمة موضوع هذه الدعوى عملاً بأحكام الفقرة الثالثة من المادة (39) من قانون العقوبات التي تنص على أنه يعد شريكا في الجريمة كل من ساعد الفاعل بأي طريقة في الأعمال المتممة لإرتكابها ويجب معاقبتها وفقاً لأحكام المادة (45) من قانون العقوبات التي تنص على أنه يعاقب من ساهم في الجريمة فاعلاً كان أم شريكاً بعقوبة الجريمة التي وقعت فعلاً ولو كانت غير التي قصد إرتكابها متى كانت الجريمة التي وقعت نتيجة محتملة لأفعال المساهمة التي حصلت منه.
    ومن خلال ما تقدم يتضح لعدالتكم بطلان نظرية التفويض فيما يتعلق بتاريخ الشيك ويصبح سنداً عادياً لا عقاب عليه إذا لم يكن له رصيد .
    كما أن جوهر فكرة التفويض هو" أن تسليم الساحب الشيك للمستفيد خالي من التاريخ يعني انه قد فوضه في تعبئة التاريخ قبل تقديمه للمسحوب عليه وينحسر عن المستفيد عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه،وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف الظاهر ."
    أي أن إفتراض وجود التفويض قرينة نسبية ويجوز للساحب إثبات عكسها بكل طرق الإثبات .
    وبتطبيق ذلك على واقعة الدعوى نجد أنه بتاريخ ........ قام المتهم بإعطاء الصك محل الدعوى الى الشاكية خالي من التاريخ - مع التمسك بأن التسليم لم يكن بقصد التخلي عن الشيك وطرحه للتداول والتخلي عنه نهائيا ونقل الحق الثابت فيه للمستفيد وإنما كان التسليم على وجه الوديعة والرهن التجاري للورقة التجارية – كما أن المتهم لم يفوض الشاكية بوضع التاريخ على الصك محل الدعوى- ولم يفوضها بوضع التاريخ .
    ومن خلال ما تقدم ، فإن الدفع الجوهري بأن المتهم لم يفوض الشاكية بوضع التاريخ على الصك موضوع الدعوى في محله ، مما يترتب عليه أن الورقة موضوع هذه الدعوى لا تتوافر فيها الشروط الشكلية والموضوعية التي يتطلبها القانون كونها خالية من ذكر تاريخ إصدارها ومن ثم فلا تعد شيكا وتنحسر عنها الحماية الجنائية والتي لم تتقرر إلا للورقة المتوافرة على المقومات التي وضعها القانون لإعتبارها شيكاً ،مما يتعين معه القضاء ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه.
    المبحث السادس :- الدفع بإنتفاء سوء النية كون النيابة العامة لم تقدم أي دليل يثبت سوء نية المتهم:-
    ولما كان الشارع قد اعتبر سوء النية ركن من أركان جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب طبقاً للمنصوص عليه في المادة (357) من قانون العقوبات ، ولما كانت القاعـدة العامـة أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته ،وأن عـبء إثبـات الإدانة يقـع علـى عاتـق النيابـة العامـة، دون أن تُجشِّم المتَّهَم عبء إثبات البراءة، فهذه البراءة أمر مُفتَرض، ، فلا يلزم المتَّهَم بتقديم أيِّ دليل على براءته لأن الأصل فيه هو البراءة .
    ولما كانت النيابة العامة لم تقدم أي دليل يثبت سوء نية المتهم ممايتعين معه القضاء ببراءة المتهم من الإتهام المنسوب إليه.
    أما القول بأنه من المقررطبقاً لإجتهادات محكمة التمييز القطرية ومحكمة النقض المصرية أن سوء النية في جريمةاصدار شيك دون رصيد مفترض في حق الساحب بمجرد إعطائه شيك لا يقابله رصيد، فنحن نقول أن الإجتهاد القضائي – مع كل الإحترام والتقدير والإجلال والإكبار – هو اجتهاد باطل قانوناً ومجانب للصواب وذلك للأسباب التالية :-
    1- وذلك لمخالفته لمبادئ الشريعة الإسلامية لأصل البراءة وضمانات المحاكمة المنصفة العادلة وحق الدفاع مما يعتبر إخلالاً بنصوص المادة الأولى والمادة (36 ) من الدستور القطري.
    والمادة الأولى من الدستور الدائم لدولة قطر تنص على أن الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها .
    وقد جاء في المذكرة التفسيرية للدستور الدائم "وعبارة دين الدلة هو الإسلام ليست مجرد عبارة نظرية وانما هي عبارة لها نتيجة عملية اساسية هي ان الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشؤيعاتها وقوانينها ونظمها ،وقد ثار نقاش موضوعي جاد عند صياغة هذه الفقرة من المادة الاولى ،وكان هناك اتجاهان اتجاه يرى ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريعات واتجاه يرى ان تكون الشريعة مصدرا رئيسيا للتشريعات ،إلا ان الكل مجمع على انه لا يجوز ان يصدر تشريع في قطر يخالف المبادىء القطعية الثبوت ، قطعية الدلالة من احكام الشريعة الإسلامية، وقد قصد الدستور من هذه المادة ان يحمل مجلس الشورى امانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ،وبحيث لا تفهم هذه المادة فهماً سلبياً وكأنها دعوة للتخلي عن الأحكام ومبادىء الشريعة الإسلامية ."(الجريدة الرسمية ، العدد السابع - 1 جمادى الآخرة1426/7يوليو 2005م)
    والمادة (39 ) من الدستور الدائم لدولة قطر تنص على ان المتهم برئ حتى تثبت ادانته امام القضاء في محاكمة توفر له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع .

    ولما كان مبدأ الأصل فى الإنسان البراءة وهو من المبادئ قطعية الثبوت والدلالة فيجب ألا تخل الإجتهادات القضائية بهذا المبدأ وإن خالفته تكون مشوبة بمخالفة الدستور.
    حيث أن الشارع ألقى على النيابة العامة مسئولية إثبات سوء نية الساحب ،والإجتهاد القضائي بنقل عبء الإثبات على عاتق الساحب مفاده انه يجب على الساحب إثبات حسن نيته وذلك حتى ينجو من العقاب ويكون بذلك قد أتخذ من عجزه عن إثبات حسن نيته- ولو كان حسن النية فعلاً دليلاً قاطعاً على ثبوت مسئوليته عن الجريمة وهو بذلك يخل بأصل البراءة السالف ذكره لأن معنى نقل عبء الإثبات على عاتق المتهم هو إفتراض بإدانته وذلك يعد مخالفة لقرينة البراءة المفترضة فى كل إنسان والمنصوص عليها فى المادة الأولى والمادة (39) من الدستور القطري.
    هذا وقد استقر الفقه على أن " ضمانات حقوق الإنسان لقرينة البراءة تضم نوعين من الضمانات الرئيسية أولاهما:- ضمانات المحاكمة القانونية (أو المنصفة) ويقصد بها مجموعة الإجراءات التى تتم بها الخصومة الجنائية فى إطار من حماية الحرية الشخصية وغيرها من حقوق الإنسان المتعلقة بها والتى تكون فى مجموعها مفترضا أوليا لقيام الدولة القانونية وثانيتهما:- ضمانات إثبات الإدانة وعن هذه الأخيرة يؤكد أنه لما كان الاصل فى المتهم البراءة فإن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة فعليها وحدها عبء تقديم الدليل وكل ما له هو أن يناقش أدله الإثبات التى تتجمع حوله لكى يفندها أو يضع فيها بذور الشك دون أن يلتزم بتقديم أدلة إيجابية تفيد برأته. (لطفاً يراجع الدكتور/ فتحى سرور - الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان فى الإجراءات الجنائية ص203 ).
    ومما لا شك فيه أن نقل عبء الاثبات من عاتق النيابة أو المجنى عليه إلى عاتق الساحب فى هذا الإجتهاد هو افتراض قضائي للإدانه ومناقض للصالح العام ومناقض للعقل والمنطق بل مناقض أيضا لموجبات قرينة البراءة .
    *ومن خلال ما تقدم فإن الإجتهاد القضائي بان سوء النية مفترض لدى ساحب الشيك هو اجنهاد باطل لمخالفته للمادة (39) من الدستور الدائم لدولة قطر ووجه المخالفة الدستوريةهوافتراض المسئولية الجنائية وإلغاء قرينة البراءةالأصلية.
    وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا في مصر بهذا الصدد علىأنه:"لا يجوز افتراض القصد الجنائي في حق المتهم، وأكدت أن غموض النصوصالعقابية عدوان على الحرية الشخصية"(حكم المحكمة الدستورية العليا في 16 نوفمبر سنة 1996م في القضية رقم (10) لسنة 18 قضائية دستورية.)

    2- وفقًا للأصل العام فإنَّه لا يجوزُ إنشاء أو إعمال أيِّ قرائن قضائية، يكون من شأنها إلقاء عِبء الإثبات على عاتق المتَّهَم؛ باعتبار أنَّ المبدأ "افتراض البراءة" - وهو أصل قانوني ثابت، ورُكن من أركان الشرعيَّة الإجرائيَّة - لا محلَّ لدحضه، أو افتراض عكسه، إلاَّ بحكمٍ قضائيٍّ باتٍّ بالإدانة، يسطر بصدوره عنوان حقيقة لا تقبل المجادَلة، ومن ثَمَّ فإنَّ كلَّ قرينة تنقل عِبء الإثبات إلى المتَّهَم، تُعَدُّ افتِئاتًا على الأصل العام في المتَّهَم، وهو البراءة.
    3- كما أن هذا الإجتهاد القضائي يخالف الأصل فى تشريعات الإجراءات الجنائية والتى توضع أصلا لحماية الحريات وأنه لا مجال فيها لتطبيق القاعدة المدنية بإلزام المدعى عليه بإثبات الدفوع التى يتمسك بها.
    وعلى هدي ما تقدم جميعه ،ولما كانت حماية العدالة والحفاظ أولى من حماية ورقة تجارية ، وحيث أن حماية المجتمع بجميع طبقاته أولى من حماية فئة محددة من الناس – البنوك الربوية – ولما كان لا يوجد أي سبب يبرر الإفتئات على حقوق المتهم في ضمان محاكمة عادلة، ومن ثم يكون الدفع بأن المتهم برىء وأن النيابة العامة لم تقدم أي دليل يثبت إدانته وسوء نيته ،مما يتعين معه القضاء ببراءته من الإتهام المنسوب له.



    المبحث السابع :- الدفع بإنعدام وبطلان اتصال المحكمة بالدعوى بسبب بطلان أمر الإحالة لعدم إرفاق قائمة بأدلة الثبوت به:-
    لما كانت المادة (62) من قانون الإجراءات الجنائية القطري تنص على أنه إذا رأت النيابة العامة في مواد المخالفات والجنح أن الدعوى صالحة لرفعها ،بناء على الإستدلالات التي جمعت تحيلها إلى محمكمة الجنح المختصة بنظرها ويعلن أمر الإحالة إلى المتهم.
    والمادة (149) من ذات القانون تنص على أنه إذا رأت النيابة العامة أن الواقعة جنحة أو مخالفة وأن الأدلة على المتهم كافية أحالت الدعوى إلى محكمة الجنح المختصة بنظرها ما لم تكن الجريمة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف فتحيلها الى محكمة الجنايات ،ويعلن أمر الإحالة إلى المتهم .
    و المادة (151) منه تنص على أنه يجب أن ترفق بأمر الإحالة قائمة بمؤدى أقوال الشهود وغيرها من أدلة الثبوت .
    و المادة (256 ) منه تنص على أنه يكون الإجراء باطلا إذا نص القانون على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء.
    ولما كان من المقرر فقهاً وقضاءً وقانوناً أن أمر الإحالة عمل من أعمال التحقيق. ( الطعن رقم 180 لسنة 2007 – تمييز جنائي قطري - جلسة 5/11/2007 )
    *ومؤدى هذه النصوص القانونية السابقة - أنه يجب على النيابة العامة (سواء اكانت الإحالة تمت بموجب المادة (62) أو المادة (149) من قانون الإجراءات الجنائية) أن ترفق بأمر الإحالة قائمة بأدلة الثبوت .
    أما القول بأن قائمة الثبوت خاصة بالإحالة التي تتم بموجب المادة (149) إجراءات جنائية فهذا قول ليس له أي سند من صحيح القانون ،حيث أن المادة (151) المشارإليها آنفاً لم تفرق بين الإحالة التي تتم بموجب المادة (62) والإحالة التي تتم بموجب المادة (149)من ذات القانون، ولم تفرق بين الجنايات والجنح وما بين الجنح التي تم التحقيق فيها والجنح التي لم يتم التحقيق فيها .
    ولما كان ذلك وكانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الإنحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل اياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للإجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه ،حيث أن الغاية من التي تغياها الشارع من إرفاق قائمة بأدلة الثبوت مع أمر الإحالة هي توفيرضمانات المحاكمة العادلة وحفاظاً على مبدأ المتهم برىء حتى تثبت إدانته المنصوص عليهما في المادة (39 ) من الدستور الدائم لدولة قطر.
    ولما كانت النيابة العامة حركت هذه الدعوى وأحالتها الى محكمتكم الموقرة دون أن ترفق بأمر الإحالة قائمة بأدلة الثبوت.
    وعلى هدي ما تقدم جميعه ، تجدون عدالتكم أن أمر الإحالة باطل بسبب عدم إرفاق قائمة بأدلة الثبوت به وذلك على خلاف ما نصت عليه المادة (151) إجراءات جنائية ،مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بسبب بطلان اتصال المحكمة الموقرة بالدعوى.
    المبحث الثامن :الدفع بعدم دستورية المادة (357) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 11لسنة 2004:-
    ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 12 لسنة 2008 بإنشاء المحكمة الدستورية العلياتنص على أنه "تُنشأ هيئة قضائية مستقلة تسمى ( المحكمة الدستورية العليا ) تكون لها موازنة مستقلة ، ويكون مقرها مدينة الدوحة ."
    والمادة (12) منه تنص على أنه تختص المحكمة دون غيرها بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح .
    والمادة (13) من ذات القانون تنص على أنه " تتولى المحكمة الفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي :
    1- إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة، لازم للفصل في النزاع ، أوقفت الدعوى ، وأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية ، للفصل في دستوريته .
    2- إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ، بعدم دستورية نص قانون أو لائحة ، ورأت المحكمة أو الهيئة جدية الدفع ، أوقفت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ستين يوماً لرفع دعواه الدستورية أمام المحكمة الدستورية ، فإن لم ترفع الدعوى في الميعاد المحدد ، اعتبر الدفع كأن لم يكن .
    والمادة (32 ) منه "على جميع الجهات المختصة، كل فيما يخصه تنفيذ هذا القانون. ويعمل به من الأول من أكتوبر 2008. وينشر في الجريدة الرسمية."
    والمادة (15) منه تنص على أنه يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقاً لحكم المادة (13) من هذا القانون ، بيان النص المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعي بمخالفته وأوجه المخالفة .
    *ومن خلال ما تقدم ،فإن المتهم يدفع بعدم دستورية نص المادة (357) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 2004 لمخالفته نص المادة الأولى من الدستور الدائم لدولة قطر التي تنص على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريعات.
    أوجه المخالفة للدستور :
    - تعارض المادة (357) من القانون الطعين مع المادة الأولى منالدستور.
    -إباحة الربا المحرم شرعاً،وأكل أموال الناس بالباطل.
    - حبس الساحب المعسر وإلزامه بدفع قيمة الشيك علماً بأنها دين سابق على وقوع الجريمة.
    وفي بيان الوجه الأول نقول :-
    لما كانت المادة الأولى من الدستور الدائم لدولة قطر تنص على أن الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها .
    وقد جاء في المذكرة التفسيرية للدستور الدائم "وعبارة دين الدلة هو الإسلام ليست مجرد عبارة نظرية وانما هي عبارة لها نتيجة عملية اساسية هي ان الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشؤيعاتها وقوانينها ونظمها ،وقد ثار نقاش موضوعي جاد عند صياغة هذه الفقرة من المادة الاولى ،وكان هناك اتجاهان اتجاه يرى ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريعات واتجاه يرى ان تكون الشريعة مصدرا رئيسيا للتشريعات ،إلا ان الكل مجمع على انه لا يجوز ان يصدر تشريع في قطر يخالف المبادىء القطعية الثبوت ، قطعية الدلالة من احكام الشريعة الإسلامية، وقد قصد الدستور من هذه المادة ان يحمل مجلس الشورى امانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ،وبحيث لا تفهم هذه المادة فهماً سلبياً وكأنها دعوة للتخلي عن الأحكام ومبادىء الشريعة الإسلامية ."(الجريدة الرسمية ، العدد السابع - 1 جمادى الآخرة1426/7يوليو 2005م)
    ولما كان من المبادىء القطعية الثبوت ، قطعية الدلالة من احكام الشريعة الإسلامية الغراء أن الربا و التعامل مع البنوك الربوية امراً محرماً شرعاً.
    وأدلة التحريم هي :-
    1- القرآن الكريم ،حيث أن الله حرم الربا وأنزل فيه من الوعيد الهائل ما لم ينزله في غيره، لا بل أعلن الله الحرب على من يتعامل بالربا قوله تعالى : (ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم، إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون) [سورة البقرة : 276-279].

    2- السنة النبوية ،حيث أنه وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء)) رواه مسلم في صحيحه (المساقاة)، باب (لعن آكل الربا وموكله)، برقم: 1598.

    3-الإجماع ،حيث أن المجامع العلمية والفقهية الإسلامية، والمؤتمرات العالمية للاقتصاد الإسلامي والفقه الإسلامي كلها قد أجمعت على أن االتعامل مع البنوك الربوية محرم شرعاً ،وذلك في مجمع البحوث الإسلامية سنة 1965م في القاهرة برئاسة الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر في ذلك الوقت وبحضور ممثلي 35 دولة، أجمعوا على أن التعامل مع البنوك الربوية امر محرم شرعاً، ثم أكد ذلك المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي بمكة، وأكد ذلك مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي يمثل جميع دول الإسلام وهي 55 دولة

    وفي الحديث الذي رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعاً: "إن الله لا يجمع أمتي – أو قال أمة محمد – على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار".

    *وعلى خلاف ما تقدم جميعه ،فإن المادة (357) من قانون العقوبات توفر الحماية الجنائية للشيك وتعاقب على إصدار شيك بدون رصيد دون أن تميز بين الشيكات المسحوبة على بنوك ربوية وبين الشيكات المسحوبة على بنوك إسلامية،مع أن الشيكات المسحوبة على بنوك ربوية هي شيكات ربوية، وأن توفير الحماية الجنائية لها يعتبر إباحة وتسهيل للتعامل بالربا وهذا كله من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله سبحانه عن ذلك في قوله عز وجل: [وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.] (سورة المائدة، الآية 2).
    وفي بيان الوجه الثاني نقول:-
    لما كانت المادة الأولى من الدستور الدائم لدولة قطر تنص على أن الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها .
    وقد جاء في المذكرة التفسيرية للدستور الدائم "وعبارة دين الدلة هو الإسلام ليست مجرد عبارة نظرية وانما هي عبارة لها نتيجة عملية اساسية هي ان الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشؤيعاتها وقوانينها ونظمها ،وقد ثار نقاش موضوعي جاد عند صياغة هذه الفقرة من المادة الاولى ،وكان هناك اتجاهان اتجاه يرى ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريعات واتجاه يرى ان تكون الشريعة مصدرا رئيسيا للتشريعات ،إلا ان الكل مجمع على انه لا يجوز ان يصدر تشريع في قطر يخالف المبادىء القطعية الثبوت ، قطعية الدلالة من احكام الشريعة الإسلامية، وقد قصد الدستور من هذه المادة ان يحمل مجلس الشورى امانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ،وبحيث لا تفهم هذه المادة فهماً سلبياً وكأنها دعوة للتخلي عن الأحكام ومبادىء الشريعة . "(الجريدة الرسمية ، العدد السابع - 1 جمادى الآخرة1426/7يوليو 2005م)
    ولما كان من المبادىء القطعية الثبوت ، قطعية الدلالة من احكام الشريعة الإسلامية الغراء أن إنظار المعسر إلى حين ميسرة واجب شرعاً - ميزت بين المدين المعسر والمدين الموسر - وأن الحبس يكون للمدين الموسر لأن مماطلته في السداد ظلم ،قال (صلى الله عليه وسلم ) :"مطل الغني ظلم " ،اما المدين المعسر قلا يجوز حبسه بل أن إنظاره واجب والإبراء أفضل ،ولكن لا يفهم من ذلك أن الحق قد سقط وأن الشارع الله عز وجل - قد سهل لحقوق الناس الضياع بل حث الناس على إعانة المسلم والرفق به ولهذا قال تعالى) : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون). "الآية 88 سورة البقرة" وقد جعل الله عز وجل الإبراء من الدين أفضل من الإنظار مع أن الإنظار واجب والإبراء مندوب.
    وقد تضافرت الأحاديث الشريفة في الحض على إنظار المعسر ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن حذيفة عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال "أن رجلا مات فدخل الجنة ،فقيل له ما كنت تعمل ؟فقال :إني كنت ابايع الناس ،فكنت انظر المعسر واتجوز في السكة أو النقد ،فغفر له."(صحيح مسلم – كتاب المساقاة حديث رقم 2919 ).
    عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: أصيب رجل في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تصدقوا عليه، فتصدق النّاس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لغرمائه: خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك"[ صحيح مسلم كتاب المساقاة- باب استحباب الوضع من الدين(3/1191)].
    وما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): "من انظر معسراً أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه ،يوم لا ظل إلا ظله ."(رواه الترمذي في كتاب البيوع حديث رقم 1227).
    يقول الطبري – رحمه الله – في هذا الشأن:" أن دين رب المال في ذمة غريمه يقضيه من ماله، فإذا عدم ماله فلا سبيل له على رقبته، لأنه قد عدم ما كان عليه أن يؤدي منه حق صاحبه لو كان موجودا، وإذا لم يكن على رقبته سبيل، لم يكن إلى حبسه وهو معدوم بحقه، سبيل. لأنه غير مانعه حقا، له إلى قضائه سبيل، فيعاقب بمطله إياه بالحبس. ".(تفسير الطبري ص47)
    ويقول ابن كثير – رحمه الله – في تفسير هذه الآية:" يأمر تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يجد وفاء فقال: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة. لا كما كان أهل الجاهلية يقول أحدهم لمدينه إذا حلّ عليه الدين إمّا أن تقضي وإمّا أن تربي، ثمّ يندب إلى الوضع عنه ويعد على ذلك الخير والثواب الجزيل"[تفسير القرآن العظيم، أبوالفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، دار الفكر ببيروت 1401هـ،(1/332)].
    ويقول محمد العثيمين رحمه الله:
    "أما إنظار المعسر فإنه واجب ، يجب علىالإنسان إذا كان صاحبه معسراً لا يستطيع الوفاء عليه أن ينظره ولا يحل له أن يكربه أو يطالبه لقول الله تعالى : (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) فهناك فرق بين الإبراء وهو إسقاط الدين عن المعسر وبين الإنظار، الإنظار واجب والإبراء سنة ولا شك أن الإبراء أفضل لأن الإبراء تبرأ به الذمة نهائياً والإنظار تبقى الذمة مشغولة لكن صاحب الحق لا يطالب حتى يستطيع المطلوب أن يوفي."
    (لطفا يراجع رياض الصالحين - الجزء الثالث - ص516)
    ويقول ابن حزم رحمه الله :" فهذا نص جلي على أن ليس لهم إلا ما وجدوا له وأنه ليس لهم حبسه وأن ما وجد من ماله للغرماء وهذا هو الحق الذي لا يحل سواه"[ المحلى، أبومحمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، دار الآفاق الجديدة ببيروت(8/170)].
    وقداعتبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مماطلة الغني ظلم لقدرته على الوفاء بديونه، ولمّا كان المدين معسراً لم يكن تأخيره للقضاء ظلم.[انظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني (7/173)].
    وبالنظر إلى المقصود من الحبس، فالمدين إذا لم يقدر على قضاء الدين لا يكون الحبس مفيداً لأنّ الحبس شُرع للتوسل إلى قضاء الدين لا لعينه.[ بدائع الصنائع(7/173)، المغني والشرح الكبير لابن قدامة(4/291)].
    *خلاصة ما سبق أنّ التشريع الإسلامي راعى في المدين المعسر جانب الرأفة والرحمة، فلا يكون للدائن على نفس المدين سلطان نتيجة لالتزام المدين بدينه، مّما يدل على تعلق الدين بأموال وذمّة المدين دون أن يجعل من نفس المدين محلاً لإذلاله والتسلط عليه، كما أنّه راعى في هذا المجال جانب الفائدة المرجوة وأنّ حبس المدين المعسر لا يعود على الدائن بفائدة إذ أنّه عاجز عن الوفاء وليس ممتنعاً عنه ،وأن الحبس يكون للمدين الموسر لأن مماطلته في السداد ظلم ،قال (صلى الله عليه وسلم ) :"مطل الغني ظلم".
    ولكن المادة(357) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 11لسنة 2004الواردة في الباب الثالث – الفصل الثاني الإحتيال – قد عاقبت كل من أعطى شيك لا يقابله رصيد بالحبس وألزمته بدفع قيمة الشيك- علماً بأن قيمة الشيك دين سابق على وقوع الجريمة وغير مترتب عليها - وذلك دون أن تميز بين الشخص المعسر والموسر،حيث أن الشيك في حقيقته هو التزام تعاقدي وهذا ما أكدته المادة (452 ) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 2006 التي عرفت الشيك بأنه ورقة تجارية تتضمن أمرا صادرا من الساحب الى البنك المسحوب عليه بأن يدفع في اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره مبلغا معينا من النقود لأمر شخص ثالث هو المستفيد او لحامله ، من خلال هذا التعريف تجدون عدالتكم أن الشيك في حقيقته إلتزام تجاري- دين مدني او تجاري .
    وأن الغاية من النص المطعون بعدم دستوريته هو حماية الشيك كورقة تجارية تجري مجرى النقود في التعامل – أي حماية التعاملات التجارية – وأغلبها إلتزامات تعاقدية .
    وقد تواتر العمل فى مختلف نواحى الحياة فى قطر على تغييرطبيعة الشيك من كونه أداة وفاء ليصبح أداة ائتمان حتى أن البنوك درجت على أن يكون أحد ضمانات القروض هو توقيع المقترض على شيك بكامل قيمة القرض، وهو الأمر الذى أدى إلى الانفصال بين النموذج التجريمى لجريمة الشيك وبين الواقع الاجتماعى،فتنتفى جريمة الإحتيال فى حقيقة الأمر إذا كان المسحوب لصالحه الشيك يعلم علم اليقين أن الساحب لا رصيد له قائم للوفاء بقيمة الشيك، بل هو الذى يطلب توقيع المدين على شيك.ومن ثم لا يجوز القول بأن المستفيد فى هذه الحالة وقع ضحية لجريمة إحتيال.
    ويلجأ الدائنون والبنوك إلى هذا الأسلوب لإسباغ ثوب جنائى على معاملات فى جوهرها مدنية للاستفادة من الحماية الجنائية المسبوغة على الشيك .
    والواقع العملى يؤكد أن نسبة كبيرة من الشيكات موضوع التنازع فى المحاكم هى شيكات صدرت كضمان وتأمين وليس كمقابل وفاء. ومما يدلل على هذا الفهم ما جرى عليه العمل فى البنوك
    ولدى التجار عند الإقراض أو عند تعامل الجمهور مع التجار فى حالة الشراء بالتقسيط فالبنك والتاجر يعلمان مقدما أن العميل لا يملك رصيدا فى البنك ومع ذلك يدفعان المدين لإصدار
    شيك وهو لا يملك من مقومات الشيك سوى الأسم فقط ذلك مما جعل الشيك يفقد وظيفته الحقيقيةكأداة وفاء مما جعل المحاكم الجنائية تكتظ بالقضايا.

    ومن المستقر عليه قضاءا أن سبب وظروف وملابسات إنشاء الشيك غالبا ما لا تكون محل النظر أثناء التقاضى، على الرغم من أن التنظيم التقليدى لجريمةإصدار شيك بدون رصيد لم يفرق بين ما إذا كان الشيك مقابل وفاء حال أم أداة ائتمان آجل، الأمر الذى تحولت معه العقوبة الجنائية المفروضة لحمايةالشيك إلي سيف سلط على رقاب المدينين يستخدمه الدائنون لتوقيع عقوبة جنائية على نزاع هو فى حقيقته نزاع مدنى مما يشكل ردة خطيرة فى تطور قانون العقوبات الذى فصل منذ زمن طويلبين العقوبات المدنية والعقوبة الجنائية.
    وقد استقرت المحكمةالدستورية المصريةعلى أنه:-
    "وحيث إن الجزاء الجنائي كان عبر أطوار قاتمة فى التاريخ، أداة طيعة للقهر والطغيان محققا للسلطة المستبدة أطماعها، ومبتعدا
    بالعقوبة عن أغراضها الاجتماعية، وكان منطقيا وضروريا أن تعمل الدول المتمدينة على أن تقيم تشريعاتها الجزائية وفق أسس ثابتة تكفل بذاتها انتهاج الوسائل القانونية السليمة - فى جوانبها الموضوعية والإجرائية- لضمان ألا تكون العقوبة أداة قامعة
    للحرية، عاصفة بها بالمخالفة للقيم التى تؤمن بها الجماعة فى تفاعلها مع الأمم المتحضرة واتصالها بها. وكان لازما - فى مجال تثبيت هذا الاتجاه - أن تفرض الدساتير المعاصرة القيود التى ارتأتها على سلطان المشرع فى مجال التجريم، تعبيرا عن إيمانها بأن حقوق الإنسان وحرياته لا يجوز التضحية بها فى غير ضرورة تمليها مصلحة اجتماعية لهااعتبارها، واعترافا منها بأن الحرية فى كامل أبعادها لا تنفصل عن حرمة الحياة، إن الحقائق المريرة التى عايشتها البشرية على امتداد مراحل تطورها، تتطلب نظاما متكاملا يكفل للجماعة مصالحها الحيوية، ويصون -فى إطار أهدافه - حقوق الفرد وحرياته الأساسية، بما يحول دون إساءة استخدام العقوبة تشويها لأغراضها. وقد تحقق ذلك بوجه خاص من خلال ضوابط صارمة ومقاييس اكثر إحكاما غايتها تحديد ماهية الأفعال المنهيعن ارتكابها تحديدا قاطعا"
    فتجريم قانون العقوبات لفعل إصدار شيك بدون رصيد يخل بكل هذه الضوابط حيث جاء من الاتساع بحيث اشتمل النموذج التجريمى على أفعال من طبيعة مدنية أو تعاقدية كإصدار شيك لضمان حقوق يتضمنها عقد بيع بالتقسيط أو عقد قرض أو حتى عقد مشاركة فى تأسيس شركة حيث جرت العادة على أن الدائن فى مثل هذه العقود يحرص على إجبار المدين على التوقيع على شيك كضمان جنائى سريع لحقوقه المالية، والدائن يعلم تمام العلم أنه لا يوجد رصيد أصلا لدى المدين، وفى أحوال كثيرة يعلم أن المدين ليس له حساب بنكي أصلا (معظم حالة الشيكات الخطية مثلا)، وهو ما يتعارض مع المبدأ الذى بلورته الشريعة الإسلامية الغراء ومن بعدها البشرية فى تطورها وتحضرها والقاضي بعدم جواز سجن إنسان على أساس عدم قدرته على الوفاء بالتزام تعاقدي أو مدني فقط بسبب إعساره ،وهو المبدأ الذى كفلته المادة 22 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية.

    كما انه من المقرر في قضاء محكمة النقض المصرية : "أن الدفع بعدم الدستورية لا يستنهض ولاية محكمة الموضوع لتقدير جديتهإلا إذا ورد على نص أو نصوص بذاتها عينها المدعي وحددها باعتبارها نطاقاً لدفعه،متضمناً تحديد أبعاده، كي تجيل محكمة الموضوع بصرها في النصوص المطعون عليها لتقديرجدية المطاعن الموجهة إليها من وجهة نظر أولية لا تسبر أغوارها، ولا تعتبر منبئة عنكلمة فاصلة في شأن اتفاقها مع أحكام الدستور أو خروجها عليها،وأن جدية الدفع بعدم الدستورية تفترض أمرين: أن يكون النص محل الدفعلازماً للفصل في النزاع الموضوعي، وأن تكون للمطاعن الدستورية في شأن هذا النص مايظاهرها".
    و من المقرر أيضاً في قضاء محكمة النقض المصرية "أن الدفع بعدم الدستورية ليس من قبيل الدفوع الشكلية أو الموضوعية،ويتغيا مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور, ترجيحاً لها على ماعداها."
    ولكل ما تقدم ،ولما كان الدفع بعدم الدستورية جدياً فإن المتهم يلتمس وقف نظر الدعوى وإحالة الأوراق الى المحكمة الدستورية أو التصريح لمبدي الدفع بإقامة الدعوى الدستورية.














      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 12, 2024 6:25 am