روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 5:55 am

    المحكمة الدستورية العليا هي المحكمة العليا في جمهورية مصر العربية،[2] يقع مقرها في القاهرة، ومهمتها مراقبة تتطابق القوانين مع مواد الدستور. فهي تقوم بإلغاء القوانين التي تخالف نصوص ومواد الدستور المصري. وهي هيئة قضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في مصر. وهي تؤلف من رئيس و نائب أو أكثر للرئيس وعدد كاف من المستشارين. تصدر أحكامها من سبعة مستشارين . وأحكامها نهائية لا يمكن الطعن فيها بأي طريقة من طرق الطعن.[3]

    وكذلك تقوم المحكمة الدستورية العليا بتحديد المحكمة المختصة وظيفيًا في حالة وجود تنازع بين سلطتين. ويشترط في ذلك التنازع عدة شروط لكي تستطيع المحكمة العليا تحديد المحكمة المختصة وظيفيًا، حيث يجب أن يكون التنازع أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ويجب أن ينشأ التنازع من حكمين حسما النزاع في موضوعه حسمًا باتًا، كما يشترط كون الحكمين متناقضين تناقضًا من شأنه جعل تنفيذهما معًا أمرًا متعذرًا، وأخيرًا يشترط صدور الحكمين محل التنازع على التنفيذ من محكمتين مستقلتين وظيفيًا.[4]

    وإذا أذنت محكمة الموضوع لأحد الأشخاص برفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، أو قضت المحكمة الموضوعية بإحالة الدعوى الدستورية إلى المحكمة الدستورية العليا. فيجب أن تتضمّن صحيفة الدعوى التي ترفع إلى المحكمة (في الحالة الأولى)، أو قرار الإحالة من محكمة الموضوع (في الحالة الثانية)، بيان النص التشريعي المقال بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدّعى بمخالفته، وأوجه المخالفة. وإلا كانت الدعوى غير مقبولة.[5]

    أما بالنسبة لصحيفة دعوى التنازع على الاختصاص أو دعوى التنازع على تنفيذ حكمين نهائيين، فيجب أن تقدم صورة رسمية من الحكمين الذين وقع في شأنهما التنازع على الاختصاص أو التنازع على التناقض في التنفيذ، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة. وإذا كان المشرّع قد أوجب على رافع الدعوى في هاتين الدعويين اتّخاذ هذا الإجراء، فإنه قد رتب على عدم اتّخاذ هذه الإجراءات عدم قبول الدعوى.[5]
    اختصاصاتها

    احتوى الدستور المصري الدائم الصادر سنة 1971 أحكامًا خاصة بالمحكمة الدستورية العليا ضمن مواده من 174 حتى 178، ثم تلى ذلك بيان ما لحق به من تعديلات، ثم بيان نصوص قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، والذي جاء مبينًا لاختصاصاتها؛ والتي تتمثل في:

       الرقابة على دستورية القوانين واللوائح.[6]
       تفسير النصوص التشريعية التي تثير خلافًا في التطبيق.
       الفصل في تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي.
       الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين.
       تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقًا لأحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلافًا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها.[7]

    حيث يجوز للمحكمة في جميع الحالات أن تقضي بعدم دستورية أي نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة اختصاصاتها ويتصل بالنزاع المطروح عليها وذلك بعد اتباع الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية.[8] وبيّن القانون كيفية توصيل الدعوى للمحكمة في صورها المختلفة وكيفية تحضيرها ونظرها حتى إصدار الحكم فيها.

    وللمحكمة الدستورية العليا أنشطتها في المجال الدولي؛ كعضويتها في اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العليا، وكونها عضوًا مراقبًا في اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية الأوروبية، وكذلك عضوًا مراقبًا لاتحاد المحاكم الدستورية لدول أمريكا اللاتينية.
    إجراءات التقاضي فيها

    تسري الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة، وذلك بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.[9] وتتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:[10]

       طريقة الإحالة: إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة.[11]
       طريقة الدفع: إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، أجّلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع موعدًا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الموعد المحدد اعتبر الدفع كأن لم يكن.[12]

    يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدّعى بمخالفته وأوجه المخالفة.[13] ولكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى. ويجب أن يبيّن في الطلب موضوع النزاع وجهات القضاء التي نظرته وما اتخذته كل منها في شأنه. ويترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه.[14] ولكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين. ويجب أن يبين في الطلب النزاع القائم حول التنفيذ، ووجه التناقض بين الحكمين. ولرئيس المحكمة أن يأمر بناء على طلب ذوي الشأن بوقف تنفيذ الحكمين أو أحدهما حتى الفصل في النزاع.[15]

    يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ويجب أن يبين في طلب التفسير النص التشريعي المطلوب تفسيره، وما أثاره من خلاف في التطبيق ومدى أهميته التي تستدعي تفسيره تحقيقًا لوحدة تطبيقه.[16]

    يجب أن تكون الطلبات وصحف الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا موقعًا عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو بهيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار على الأقل حسب الأحوال، وأن يرفق بالطلب صورة رسمية من الحكمين الذين وقع في شأنهما التنازع أو التناقض وإلا كان الطلب غير مقبول.[17] ويقيد قلم الكتّأب قرارات الإحالة الواردة إلى المحكمة والدعاوى والطلبات المقدمة إليها في يوم ورودها أو تقديمها في سجل يخصص لذلك. وعلى قلم الكتّأب إعلان ذوي الشأن عن طريق قلم المحضرين بالقرارات أو الدعاوى أو الطلبات سالفة الذكر في مدى خمسة عشر يومًا من ذلك التاريخ. وتعتبر الحكومة من ذوي الشأن في الدعاوى الدستورية.[18] ويعتبر مكتب المحامي الذي وقع على صحيفة الدعوى أو الطلب محلاً مختارًا للطالب ومكتب المحامي الذي ينوب عن المطلوب ضده في الرد على الطلب محلاً مختارًا له، وذلك ما لم يعين أي من الطرفين لنفسه محلاً مختارًا لإعلانه فيه.[19] ولكل من تلقى إعلانًا بقرار إحالة أو بدعوى أو يودع قلم كتّأب المحكمة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إعلانه مذكرة بملاحظاته مشفوعة بالمستندات. ولخصمه الرد على ذلك بمذكرة ومستندات خلال الخمسة عشر يومًا التالية لانتهاء الميعاد. فإذا استعمل الخصم حقه في الرد كان للأول التعقيب بمذكرة خلال الخمسة عشر يومًا التالية.[20] ولا يجوز لقلم الكتّأب أن يقبل بعد انقضاء المواعيد المبينة في المادة السابقة أوراقًا من الخصوم، وعليه أن يحرر محضرًا يثبت فيه تاريخ تقديم هذه الأوراق واسم مقدمها وصفته.[21]

    يعرض قلم الكتّأب ملف الدعوى أو الطلب على هيئة المفوضين في اليوم التالي لانقضاء المواعيد المبينة سابقًا. وتتولى الهيئة تحضير الموضوع، ولها في سبيل ذلك الاتصال بالجهات ذات الشأن للحصول على ما يلزم من بيانات أو أوراق، كما أن لها دعوة ذوي الشأن لاستيضاحهم ما ترى من وقائع وتكليفهم بتقديم مستندات ومذكرات تكميلية وغير ذلك من إجراءات التحقيق في الأجل الذي تحدده. ويجوز للمفوّض أن يصدر قرارًا بتغريم من يتسبب في تكرار تأجيل الدعوى مبلغًا لا يجاوز عشرين جنيهًا ويكون قراراه في هذا الشأن نهائيًا، كما يجوز له إقالته من هذه الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذرًا مقبولاً.[22] وتودع هيئة المفوضين بعد تحضير الموضوع تقريرًا تحدد فيه المسائل الدستورية والقانونية المثارة ورأي الهيئة فيها مسببًا. ويجوز لذوي الشان أن يطّلعوا على هذا التقرير بقلم كتّأب المحكمة ولهم أن يطلبوا صورة منه على نفقتهم.[23] ويحدد رئيس المحكمة خلال أسبوع من إيداع التقرير تاريخ الجلسة التي تنظر فيها الدعوى أو الطلب. وعلى قلم الكتّأب إخطار ذوي الشأن بتاريخ الجلسة بكتاب مسجل بعلم الوصول. ويكون ميعاد الحضور خمسة عشر يومًا على الأقل ما لم يأمر رئيس المحكمة في حالة الضرورة، وبناء على طلب ذوي الشأن بتقصير هذا الميعاد إلى ما لا يقل عن ثلاثة أيام. ويعلن هذا الأمر إليهم مع الإخطار بتاريخ الجلسة.[24] ويجب حضور أحد أعضاء هيئة المفوضين جلسات المحكمة ويكون من درجة مستشار على الأقل.[25]

    يقبل للحضور أمام المحكمة المحامون المقبولون للمرافعة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا. ويكون الحاضر عن الحكومة من درجة مستشار على الأقل بهيئة قضايا الدولة.[26] وتحكم المحكمة في الدعاوى والطلبات المعروضة عليها بغير مرافعة. فإذا رأت ضرورة المرافعة الشفوية فلها سماع محامي الخصوم وممثل هيئة المفوّضين، وفي هذه الحالة لا يؤذن للخصوم أن يحضروا أمام المحكمة من غير محام معهم. وليس للخصوم الذين لم تودع بأسمائهم مذكرات وفقًا لحكم المادة (37) الحق في أن ينيبوا عنهم محاميًا في الجلسة. وللمحكمة أن ترخّص لمحامي الخصوم وهيئة المفوّضين في إيداع مذكرات تكميلية في المواعيد التي تحددها.[27]

    ولا تسري على الدعاوى والطلبات المعروضة على المحكمة قواعد الحضور أو الغياب المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية.[28]
    طبيعة أحكامها

       تصدر أحكام المحكمة وقراراتها باسم الشعب.[29]
       تفصل المحكمة من تلقاء نفسها في جميع المسائل الفرعية.[30]
       أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن.[3]
       أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية، وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يومًا على الأكثر من تاريخ صدورها. ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخًا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا مباشر، وذلك دون إخلال باستفادة المدّعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص. فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقًا بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادًا إلى ذلك النص كأن لم تكن. ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه.[31]
       تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها. وتسري على هذه المنازعات الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها. ولا يترتب على رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى الفصل في المنازعة.[32]
       تسري على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة فيما لم يرد به نص في هذا القانون القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات.[33]

    شؤونها المالية

    يفرض رسم ثابت مقداره خمسة وعشرون جنيهًا على الدعاوى الدستورية. ويشمل الرسم المفروض جميع الإجراءات القضائية الخاصة بالدعوى شاملة إعلان الأوراق والأحكام. ويجب على المدعي أن يودع خزانة المحكمة عند تقديم صحيفة هذه الدعوى كفالة مقدارها خمسة وعشرون جنيهًا. وتودع كفالة واحدة في حالة تعدد المدعين إذا رفعوا دعواهم بصحيفة واحدة. وتقضي المحكمة بمصادرة الكفالة في حالة الحكم بعدم قبول الدعوى أو رفضها. ولا يقبل قلم الكتّأب صحيفة الدعوى إذا لم تكن مصحوبة بما يثبت هذا الإيداع.[34]

    ويعفى من الرسم كله أو بعضه ومن الكفالة كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن الدفع بشرط أن تكون الدعوى محتملة الكسب. ويفصل رئيس هيئة المفوّضين في طلبات الإعفاء وذلك بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقول الطالب وملاحظات قلم الكتّأب ويكون قراراه في ذلك نهائيًا. ويترتب على تقديم طلب الإعفاء قطع الميعاد المحدد لرفع الدعوى بعدم الدستورية.[35]

    تسري على الرسوم والمصروفات، فيما لم يرد به نص في هذا القانون، الأحكام المقررة بالقانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية في المواد المدنية وفي قانون المرافعات المدنية والتجارية.[36] وتكون للمحكمة موازنة سنوية مستقلة، تعد على نمط الموازنة العامة للدولة، وتبدأ ببداية السنة المالية لها وتنتهي بنهايتها. ويتولى رئيس المحكمة إعداد مشروع الموازنة لتقديمه إلى الجهة المختصة بعد بحثه وإقراره من الجمعية العامة للمحكمة. وتباشر الجمعية العامة للمحكمة السلطات المخوّلة لوزير المالية في القوانين واللوائح بشأن موازنة المحكمة، كما يباشر رئيس المحكمة السلطات المخولة لوزير التنمية الإدارية ولرئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة. وتسري على موازنة المحكمة والحساب الختامي فيما لم يرد به نص في هذا القانون أحكام قانون الموازنة العامة للدولة.[37]
    تطوّرها التاريخي

    ظهرت مطالب لرقابة القضاء على دستورية القوانين في مصر على المستوى الفقهي والقضائي قبل أن تطرح تشريعيًا بفترة زمنية طويلة.[38]

    حيث أيّد الفقه حق المحاكم في مراقبة دستورية القوانين التي تعمل بها والامتناع عن العمل بها في النزاع المعروض عليها دون التعرّض للقانون ذاته أو الحكم ببطلانه. وكان أول ظهور لهذا الرأي في محاضرة ألقيت سنة 1920 بعنوان "مهمة السلطة القضائية في المسائل الدستورية بالولايات المتحدة ومصر".[39] وقد حرّك هذا الرأي جدلاً فقهيًا واسعًا أسفر عن إقرار أغلب رجال الفقه لحق القضاء المصري في رقابة دستورية القوانين. استنادًا إلى مبدأ شرعية القوانين، واستنادًا إلى أن صيانة القانون تدخل في نطاق عمل القاضي، ونظرًا إلى أن مبدأ الفصل بين السلطات يحتّم أن تكون هناك جهة قضائية ينوط بها الرقابة على مدى مشروعية القانون، بينما رفض القليل من رجال الفقه منح المحاكم هذا الحق.[40]

    ومع ذلك لم يتّخذ القضاء المصري أسلوبًا لتنظيم سلطته في الرقابة على مدى مشروعية القوانين عقب صدور دستور 1932.[41]
    المرحلة الأولى: سنة 1924[42]

    ظهرت على سطح الحياة القضائية لأول مرة مسألة ما لدى القوانين من دستورية في عام 1924 أمام محكمة جنايات الإسكندرية، وذلك أثناء نظرها للطعن المقدّم من هيئة الدفاع الخاصة بمجموعة من المواطنين وجّهت إليهم النيابة العامة تهم بنشر أفكار ثوريّة تطالب بتغيير الحياة السياسية والاجتماعية في مصر، وذلك في المدة ما بين عامي 1923 و1924 في الإسكندرية ومدن أخرى، فحكمت المحكمة حضوريًا على المتهمين بالسجن ثلاث سنوات استنادًا إلى المادة 151 من قانون العقوبات، فطعن دفاع المتهمين على هذا الحكم على أساس أنّ المادة المذكورة تخالف المادة 14 من الدستور.
    المرحلة الثانية: سنة 1925[43]

    صدر تعديل لقانون الانتخابات أثناء فترة حلّ البرلمان في سنة 1925، فرفض بعض العمد والمشايخ استلام الدفاتر الخاصة بالانتخاب وقاموا بالإضراب عن العمل، فأمرت النيابة العامة بسرعة ضبطهم وإحضارهم وتقديمهم للمحاكمة بتهمة عدم تنفيذ الأوامر الحكومية الصادرة إليهم من رؤسائهم القانونيين، وقد أوردت هيئة الدفاع عن هؤلاء المتهمين في دفاعها أنّ القانون الانتخابات المعدّل غير دستوري؛ لصدوره أثناء غيبة البرلمان، وعليه فإن امتناعهم عن عمل نشأ من هذا القانون غير المشروع أمرًا لا يصح معاقبتهم من أجله، فحكمت المحكمة حضوريًا في سنة 1926 بتغريم كل من المتهمين مبلغ عشرة جنيهات مصرية فقط لا غير؛ لمخالفتهم الأوامر الرسمية التي صدرت إليهم.

    وقد ورد في منطوق حكم المحكمة، أثناء نظرها للطعن بعدم دستورية قانون الانتخابات، الآتي:
     
    المحكمة الدستورية العليا (مصر)

    اتّفق علماء الدستورية، أنه مع اعترافهم بحق المحاكم في تقدير دستورية القوانين لا يخولونها حق إلغاء هذه القوانين غير الدستورية إعمالاً لنظرية فصل السلطات؛ بل كل ما للمحاكم هو أن تمتنع عن تنفيذ قانون لعدم دستوريته، وبدون أن يغير ذلك من قيام القانون المذكور واحتمال أن تحكم محاكم أخرى بدستوريته.

     
    المحكمة الدستورية العليا (مصر)
    المرحلة الثالثة: سنة 1941[44]

    أصدرت محكمة مصر الأهلية في سنة 1941 حكمًا تاريخيًا يقضي بحق المحاكم في الرقابة على ما لدى القوانين من دستورية، وذلك انطلاقًا من وجود قانونين يجري العمل بهما في الحياة القانونية للبلاد؛ فهناك القانون العادي الذي تسير به الأمور في المحاكم المصرية ويستخدمه القاضي لحل النزاعات المعروضة أمامه، وهناك الدستور وهو أعلى القوانين في مصر. والقاضي مطالب باحترام القانونين أثناء نظره لأي دعوى. ولكن إذا تعارض نص من نصوص القانون العادي مع نص من نصوص الدستور، يجب على القاضي في هذه الحالة ترجيح النص الدستوري على نص القانون العادي؛ لسموّ الدستور.
    المرحلة الرابعة: عام 1948[45]

    نتيجة لجهود فقهاء القانون في مصر من أجل رقابة القضاء على ملائمة القوانين للدستور، أصدرت محكمة القضاء الإداري في 1948 حكمًا اعتبره الكثيرون، بحق، مسار تغيير جذري لرقابة القضاء المصري على دستورية القوانين المتداولة في القطر المصري. فبعد هذا الحكم صار جليًا للكافة مدى أحقيّة القضاء في التصدّي للقوانين غير الدستورية.

    وأسست المحكمة حكمها السابق على أساس أن القانون المصري لا يمنع، شكلاً أو موضوعًا، المحاكم المصرية من تولي مهام الرقابة المطلوبة، فالرقابة بهذا الشكل تعدّ خير تطبيق لمبدأ الفصل بين السلطات. كذلك اعتمدت المحكمة في حكمها على السلطة التقديرية التي تتمتع بها المحاكم المصرية في مواجهة الدعاوى التي تفصل فيها؛ وتتمثّل تلك السلطة التقديرية في إهمال المحكمة لقانون عادي يتعارض مع مادة من مواد الدستور.
    المرحلة الخامسة: عام 1953[46]

    ظلّ الوضع القضائي في مصر كما هو عقب حكم محكمة القضاء الإداري، حتى قامت ثورة يوليو سنة 1952، فوضعت مشروعًا لدستور جديد بدلا من دستور 1923 أطلق عليه مشروع لجنة الخمسين. ونص المشروع على إنشاء محكمة عليا تكون لها سلطة الرقابة على دستورية القوانين، وكان ذلك المشروع يمثل أول محاولة تتحقق على الواقع العملي لإنشاء المحكمة العليا في مصر تبسط رقابتها على القوانين.

    حدد المشروع عدد قضاة المحكمة العليا المزمع تأسيسها بألا يتجاوز تسعة قضاة بأي حال من الأحوال، وأن يتم اختيار هؤلاء القضاة من بين أساتذة القانون بكليات الحقوق المصرية ومن مستشاري المحاكم الأخرى ومن المحلّفين لدى محكمة النقض المصرية. وبدأ مشروع لجنة الخمسين يتّخذ، فعليًا، حيّز التنفيذ. ولكن تم إجهاض المشروع على يد رجال الثورة الذين تجاهلوه وأعدّوا مشروع مختلف للدستور الجديد.
    المرحلة السادسة: سنة 1969[47]

    أصدر الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة قرار بالقانون 81 لسنة 1969 بإنشاء المحكمة العليا التي تأسست فعليًا في عام 1970، وتولت مهمة الرقابة الدستورية. ويرى الكثير من الفقهاء أن ذلك القرار قد عوّض، وبشكل كبير، عن الفشل الذي أصاب مشروع لجنة الخمسين. ظلت المحكمة العليا تمارس مهامها الدستورية الموكلة إليها حتى تأسيس المحكمة الدستورية العليا في 1979.
    المرحلة السابعة: سنة 1971[48]

    ظهرت تسمية "المحكمة الدستورية العليا"، بصدور دستور 1971، على المحكمة التي تنظّم رقابة دستورية القوانين. وجعلها هيئة قضائية مستقلة.

    بعد ذلك صدر قانون المحكمة الدستورية العليا بالقانون رقم 48 لسنة 1979. ونظّم القانون عمل المحكمة، وتشكيلها، واختصاصاتها؛ لضمان استقلالها عن السلطة التنفيذية.
    المرحلة الثامنة : سنة 2012

    بعد ثورة 25 يناير في 2011 وبعد انتخابات الرئاسة المصرية في 2012، قام حوار وجدل عميق استمر لمدة ستة أشهرحول مشروع دستور جديد لمصر "مشروع دستور مصر ٢٠١٢"، تم بعده استفتاء الشعب المصري في استفتاء عام علي مرحلتين يومي 15 و22 ديسمبر 2012 علي دستور جديد لمصر "دستور ٢٠١٢". وفي 25 ديسمبر 2012 حسم الشعب المصري خياراته مع الدستور وانتهى الأمر بإقراره بموافقة نحو 64% واعتراض 36% من المصوتين.وبموجب الدستور الجديد تستمر المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة، مقرها مدينة القاهرة، تختص دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح.ويحدد القانون إختصاصتها الأخرى، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها.

    ولكن حدد الدستور الجديد تشكيلها من رئيس وعشرة أعضاء، علي أن يبين القانون الجهات والهيئات القضائية أو غيرها التي ترشحهم، وطريقة تعيينهم، والشروط الواجب توافرها فيهم، ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية.كما نصت المادة (177) من دستور 2012 علي تحديد إختصاص المحكمة الدستورية العليا في تقرير مدي مطابقة مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات التشريعية والمحلية للدستور قبل إصدارها، ولا تخضع القوانين المشار إليها للرقابة اللاحقة المنصوص عليها في الفقرة الأولي.
    مبنى المحكمة
    مبنى المحكمة في حي المعادي بالقاهرة الكبرى.

    يقع مبنى المحكمة الدستورية العليا في كورنيش النيل بالمعادي بالقاهرة الكبرى، على مساحة أربعة آلاف متر مربع، ويتكون من أربعة أدوار، بالإضافة إلى قاعات الجلسات والمؤتمرات، ومكتب رئيس المحكمة و33 مكتبًا للمستشارين، ومكتبة قضائية تحوي على كتب ومراجع قانونية. ويجمع مبنى المحكمة في شكله بين العمارة المصرية القديمة وبين الطراز المعماري المعاصر. فكأنه بذلك يعبّر عن الطراز المعماري القديم برؤية معاصرة. حيث بني مبنى المحكمة الدستورية العليا على طراز معبد الأقصر على 14 مسلة فرعونية بالدور الأرضي، و14 مسلة من الطابق الأول حتى الطابق الرابع، وهو ما يماثل تصميم المعابد المصرية من حيث الأعمدة والتيجان المزيّنة بزهرة اللوتس والبردي. ويبلغ ارتفاع الأعمدة 28 متر، كما توجد نافورة على شكل زهرة اللوتس.

    كذلك تتضمّن المحكمة لوحات زجاجية تتوافق مع تصميم مبنى المحكمة بشكله الفرعوني القديم.
    صورة عبر القمر الصناعي للقاهرة الكبرى.
    مأزق دستوري في 2008 بسبب الموقع الجغرافي

    صدر عن إحدى التقسيمات القديمة لمحافظات إقليم القاهرة الكبرى استحدثت فيه محافظتين جديدتين هما: حلوان، والسادس من أكتوبر بتاريخ 18 إبريل 2008، وبعد صدور القرار الخاص بإنشاء محافظة حلوان‏ فوجئت المحكمة بأن مقرها الواقع علي كورنيش النيل وضمن دائرة حي البساتين قد أصبح تابعا جغرافيا لمحافظة حلوان‏ وليس للقاهرة العاصمة‏ مما يشكل مخالفة دستورية‏ [49] حيث ينص دستور 1971 علي أن تقع المحكمة في العاصمة،[50] والنص موجود في الفصل الخامس من الباب الخامس من دستور 1971 تحت مسمى "المحكمة الدستورية العليا"، المادة رقم 174 والتي تنص على:
     
    المحكمة الدستورية العليا (مصر) المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، في جمهورية مصر العربية، مقرها مدينة القاهرة.[51]
     
    المحكمة الدستورية العليا (مصر)

    ولحلّ هذه المشكلة، تدخل الرئيس السابق محمد حسني مبارك لحسم المأزق الدستوري بتاريخ 21 إبريل 2008، وأعلن أن الدستور ينص على أن المحكمة يجب أن تقع في العاصمة، وأصدر قرارًا بإعادة تبعية المحكمة إداريا لمحافظة القاهرة.[52]

    وبعد ثورة 25 يناير، قامت الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور / عصام شرف بإلغاء محافظتي، حلوان والسادس من أكتوبر في حركة تغيير المحافظين والتي صدرت من المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسؤول عن إدارة شئون البلاد في تلك الفترة وعادت السادس من أكتوبر لتبعية محافظة الجيزة، كما عادت حلوان لتبعية محافظة القاهرة باعتبارهما امتداداً صحراوياً للمحافظتين ومكملتين لخطط التوسع العمراني والزراعي بالقاهرة والجيزة.
    التعيين فيها

    يشترط فيمن يعيّن مستشارًا بالمحكمة العليا أن تتوافر فيه الشروط العامة اللازمة لتولى القضاء طبقًا لأحكام قانون السلطة القضائية، وألا تقل سنه عن ثلاث وأربعين سنة ميلادية. ويكون اختياره من بين الفئات الآتية:[53]

       المستشارين الحاليين أو من في درجتهم من أعضاء الهيئات القضائية المختلفة ممن أمضوا في وظيفة مستشار أو ما يعادلها مدة ثلاث سنوات على الأقل.
       من سبق لهم شغل وظيفة مستشار أو ما يعادلها في الهيئات القضائية لمدة ثلاث سنوات على الأقل.
       المشتغلين بتدريس القانون بجامعات جمهورية مصر العربية في وظيفة أستاذ لمدة ثماني سنوات على الأقل.
       المحامين الذين اشتغلوا أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا لمدة ثماني سنوات على الأقل.

    يعين رئيس المحكمة الدستورية العليا بقرار من رئيس الجمهورية، ومن بين أعضاء المحكمة العليا أو من غيرهم ممن تتوافر فيهم شروط التعيين المبينة سلفًا. ويجوز تعيين رئيس المحكمة دون تقيد بسن التقاعد.[54] ويكون تعين نواب رئيس المحكمة ومستشاريها بقرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للقضاء. ويحدد قرار التعيين الوظيفة والأقدمية فيها. ويكون تعيين رئيس المحكمة العليا ونوابه والمستشارين لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. ويحلف أعضاء المحكمة العليا قبل مباشرة وظائفهم يمينًا بأن يحكموا بالعدل وأن يحترموا القانون. ويكون حلف رئيس المحكمة اليمين أمام رئيس الجمهورية. ويكون حلف نواب رئيس المحكمة ومستشاريها أمام رئيس المحكمة العليا.[55]
    ملاحظات

       أعضاء المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للعزل. ولكن إذا فقد أحدهم الثقة والاعتبار أو أخل إخلالاً جسيمًا بواجبات وظيفته فإنه يجوز إحالته إلى المعاش بقرار من رئيس الجمهورية بناء على تحقيق تجريه معه المحكمة. ويعتبر في إجازة حتمية من تاريخ قرار رئيس المحكمة بإحالته إلى التحقيق لحين البتّ فيه.[56]
       تسري الأحكام الخاصة بتقاعد مستشاري محكمة النقض على أعضاء المحكمة الدستورية.[57]
       لا يجوز ندب أو إعارة أعضاء المحكمة إلا للأعمال القانونية بالهيئات الدولية أو الدول الأجنبية أو للقيام بمهام علمية.[58]
       تكون جلسات المحكمة العليا علنية إلا إذا أمرت المحكمة بجعلها سرية مراعاة للآداب أو محافظة على النظام العام أو في الأحوال الأخرى التي يحددها القانون. ويكون النطق بالحكم في جميع الأحوال في جلسة علنية. وتسري على الأحكام التي تصدرها المحكمة العليا ونظام الجلسات القواعد المطبقة أمام محكمة النقض.
       تكون أحكام المحكمة العليا وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن.[3]
       يقبل للمرافعة أمام المحكمة العليا المحامون المقبولون أمام محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا.
       يكون للمحكمة العليا كبير كتّأب، ووكيل له، وعدد كاف من رؤساء الأقلام، والكتاب، والمترجمين، وغيرهم من العاملين. وتسري في شأن هؤلاء العاملين الأحكام العامة للعاملين المدنيين في الدولة. ويكون لرئيس المحكمة العليا بالنسبة لهم سلطات الوزير ووكيل الوزارة المنصوص عليها في القوانين واللوائح.
       تشكل بالمحكمة لجنة لشئون العاملين بها من ثلاثة من المستشارين فيها يختارهم رئيس المحكمة ومن كبير كتّأب المحكمة ووكيله، وتختص هذه اللجنة باقتراح كل ما يتعلق بشئون العاملين بالمحكمة من تعيين ونقل وترقية وعلاوات.
       تسري في شأن عدم صلاحية عضو المحكمة، وتنحيه ورده ومخاصمته، نفس الأحكام المقرر بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض. وتفصل المحكمة الدستورية العليا المصرية في طلب الرد ودعوى المخاصمة بكامل أعضائها ماعدا العضو المشار إليه، ومن يقوم لديه عذر. ولا يقبل رد أو مخاصمة جميع أعضاء المحكمة أو بعضهم بحيث يقل عدد الباقين منهم عن سبعة.[59]
       ينشأ بالمحكمة صندوق تخصص له الدولة الموارد اللازمة لتمويل وكالة الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء المحكمة وهيئة المفوضين بها وأسرهم. وتؤول إلى هذا الصندوق حقوق والتزامات الصندوق المنشأ. ولا يجوز لمن ينتفع من هذا الصندوق الانتفاع من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية.[60]
       تختص المحكمة دون غيرها بالفصل في الطلبات الخاصة بالمرتبات والمكافآت والمعاشات بالنسبة لأعضاء المحكمة أو المستحقين عنهم. وتختص، كذلك، بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم وكذلك طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات.[61]

    الجمعية العامة للمحكمة

    تؤلف الجمعية العامة للمحكمة من جميع أعضائها. ويحضر اجتماعاتها رئيس هيئة المفوضين أو أقدم أعضائها. ويكون له صوت معدود في المسائل المتعلقة بالهيئة.[62]. وتختص الجمعية العامة بالنظر في المسائل المتعلقة بنظام المحكمة وأمورها الداخلية وتوزيع الأعمال بين أعضائها وجميع الشئون الخاصة بهم. ويجوز لها أن تفوّض رئيس المحكمة أو لجنة من أعضائها في بعض ما يدخل في اختصاصاتها. ويجب أخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بالمحكمة.[63].

    تجتمع الجمعية العامة بدعوة من رئيس المحكمة أو بناء على طلب ثلث عدد أعضائها، ولا يكون انعقادها صحيحًا إلا بحضور أغلبية الأعضاء. ويرأس الجمعية رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه، ويكون التصويت علانية ما لم تقرر الجمعية العامة أن يكون سرًا.[64]

    وتصدر الجمعية قراراتها بالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين، وإذا تساوت الأصوات يرجح رأي الجانب الذي منه الرئيس ما لم يكن التصويت سرًا فيعتبر الاقتراح مرفوضًا. وتثبت محاضر أعمال الجمعية العامة في سجل يوقعه رئيس الجمعية وأمين عام المحكمة.[65] وتؤلف لجنة الشئون الوقتية بقرار من الجمعية العامة، وذلك برئاسة رئيس المحكمة وعضوية اثنين أو أكثر من الأعضاء تتولى اختصاصات الجمعية العامة في المسائل العاجلة أثناء العطلة القضائية للمحكمة.[66]
    هيئة المفوّضين لدى المحكمة

    هي هيئة داخل المحكمة تتألّف من رئيس المحكمة وعدد كافي من المستشارين والمستشارين المساعدين. ويحل محل الرئيس عند غيابه الأقدم من أعضائه، ويتولى رئيس الهيئة تنظيم العمل بها والإشراف عليها.[67]

    يشترط فيمن يعيّن رئيسًا لهيئة المفوضين ذات الشروط المقررة لتعيين أعضاء المحكمة. ويشترط فيمن يعين مستشارًا أو مستشارًا مساعدًا بالهيئة ذات الشروط المقررة في قانون السلطة القضائية لتعيين أقرانهم من المستشارين بمحاكم الاستئناف أو الرؤساء بالمحاكم الابتدائية على حسب الأحوال.[68] ويعين رئيس وأعضاء الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس المحكمة وبعد أخذ رأي الجمعية العامة. ويكون التعيين في وظيفة رئيس الهيئة والمستشارين بها بطريق الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة. ولرئيس المحكمة ندب أعضاء من الهيئات القضائية للعمل بهيئة المفوضين ممن تنطبق عليهم أحكام الفقرة الثانية، وذلك بعد أخذ رأي الجمعية العامة وطبقًا للإجراءات المنصوص عليها في قانون الهيئة التي ينتمون إليها.[68]

    يؤدي رئيس وأعضاء هيئة المفوّضين قبل مباشرتهم أعمالهم اليمين التالية أمام الجمعية العامة للمحكمة:[69]
     
    المحكمة الدستورية العليا (مصر)

    "أقسم بالله العظيم أن احترم الدستور والقانون، وأن أؤدي عملي بالأمانة والصدق"

     
    المحكمة الدستورية العليا (مصر)

    رئيس وأعضاء هيئة المفوضين غير قابلين للعزل، ولا يجوز نقلهم إلى وظائف أخرى إلا بموافقتهم. وتسري في شأن ضماناتهم وحقوقهم وواجباتهم وإحالتهم إلى التقاعد وإجازاتهم والمنازعات المتعلقة بترقياتهم ومرتباتهم ومكافآتهم ومعاشاتهم، هم وسائر المستحقين عنهم، ذات الأحكام المقرر بالنسبة لأعضاء المحكمة.[70]
    إحصائيات المحكمة

    إحصائية إجمالية بالقضايا المحكوم فيها منذ إنشاء المحكمة حتى 30 إبريل 2008.[71]
    السنة القضائية إجمالي القضايا قضايا دستورية قضايا تنازع قضايا تفسير
    الأولى 1979 62 31 26 4
    الثانية 1980 52 41 6 5
    الثالثة 1981 87 82 2 2
    الرابعة 1982 170 150 15 3
    الخامسة 1983 160 150 6 2
    السادسة 1984 149 136 7 1
    السابعة 1985 60 47 6 1
    الثامنة 1986 49 28 15 3
    التاسعة 1987 62 38 20 0
    العاشرة 1988 47 39 4 0
    الحادية عشر 1989 56 40 12 0
    الثانية عشر 1990 122 104 9 0
    الثالثة عشر 1991 80 65 9 1
    الرابعة عشر 1992 44 26 9 0
    الخامسة عشر 1993 52 37 11 1
    السادسة عشر 1994 62 39 17 0
    السابعة عشر 1995 115 83 24 2
    الثامنة عشر 1996 171 131 13 0
    التاسعة عشر 1997 242 181 10 0
    العشرون 1998 254 159 13 0
    الحادية والعشرون 1999 292 174 34 0
    الثانية والعشرون 2000 224 128 17 0
    الثالثة والعشرون 2001 428 280 17 0
    الرابعة والعشرون 2002 369 165 16 1
    الخامسة والعشرون 2003 331 113 10 0
    السادسة والعشرون 2004 275 22 8 0
    السابعة والعشرون 2005 323 11 1 0
    الثامنة والعشرون 2006 83 67 14 0
    التاسعة والعشرون 2007 222 169 50 0
    الثلاثون 2008 332 271 57 0
    الإجمالي العام 4975 3007 458 26
    أحدث الأحكام لعام 2008[72]

    الطعن رقم 241 لسنة 24 ق دستورية جلسة 3 فبراير 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1947، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

    الحكم رقم 70 لسنة 28 ق دستورية جلسة 2 مارس 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 4 من قانون التعاون الإسكاني الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 فيما نصت عليه من أنه "وللجهة الإدارية المختصة تحصيل مستحقات وحدات التعاون الإسكاني لدى الأعضاء بطريق الحجز الإداري، ولها في سبيل ذلك أن تستعين بغير مقابل بالأجهزة الحكومية أو المحلية"، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

    الحكم رقم 279 لسنة 25 ق دستورية جلسة 2 مارس 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 102 من لائحة نظام العاملين المدنيين بجهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة بوزارة الدفاع، الصادر بقرار رئيس مجلس إدارة جهاز الخدمات العامة رقم 1 لسنة 1985، فيما تضمنته من حرمان العامل من المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية بما لا يجاوز ثلاثة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل.

    الطعن رقم 214 لسنة 28 ق دستورية جلسة 6 إبريل 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 65 من لائحة العاملين ببنك ناصر الاجتماعي الصادر بقرار مجلس إدارة البنك بتاريخ 6 يناير 1980، وقبل تعديلها بقرار مجلس إدارة البنك في 21 فبراير 2001، فيما تضمّنه من وضع حدّ أقصى للمقابل النقدي لرصيد الإجازات السنوية لا يجاوز أجر أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعًا إلى أسباب تقتضيها مصلحة العمل.

    الطعن رقم 33 لسنة 23 ق دستورية جلسة 4 مايو 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، فيما نصت عليه من نقل أعيان الوقف (بعد وفاة الواقف الأصلي) إلى المستحقين الحاليين فيه، ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق، دون باقي ورثة الواقف.

    الطعن رقم 116 لسنة 27 ق دستورية جلسة 4 مايو 2008: حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981، في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر؛ فيما تضمّنه من عدم اشتراط موافقة المؤجر عند تغيير المستأجر استعمال جزء من العين المؤجرة إلى غير غرض السكنى، وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

    الطعن رقم 20 لسنة 27 ق دستورية جلسة 8 يونيو 2008: حكمت المحكمة أولاً: بعدم دستورية ما نص عليه البند 2 من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 2004؛ بزيادة المعاشات، من أن تكون الزيادة في المعاش بحدّ أقصى ستين جنيهًا شهريًا، وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة. ثانيًا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخيًا لإعمال أثره.

    الطعن رقم 148 لسنة 28 ق دستورية جلسة 6 يوليو 2008: حكمت المحكمة أولاً: بعدم دستورية نص المادة 25 من قانون تنظيم هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 75 لسنة 1963، معدلاً بالقانونين رقمي 65 لسنة 1976، 10 لسنة 1986، فيما تضمّنه من:

       أن يرأس لجنة التأديب والتظلمات؛ وهي تنظر في أمر عضو الهيئة الذي حصل على تقريرين متواليين بدرجة أقل من المتوسط أو أربعة تقارير بدرجة متوسط، ورئيس الهيئة؛ الذي رفع الأمر إلى وزير العدل.
       أن تفصل اللجنة المشار إليها في هذا الطلب، ولو كان من أعضائها من شارك في فحص حالة العضو والتفتيش عليه.

    ثانيًا: إلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
    نظام المرتبات[56]

       رئيس المحكمة العليا: يعامل معاملة الوزير من حيث المرتب وبدل التمثيل والمعاش.
       نواب رئيس المحكمة: يعاملون معاملة رؤساء محاكم الاستئناف من حيث المرتب والمعاش.
       المستشارون: يعينون بمرتب 1400 ج.م- 2000 ج.م بعلاوة 75 ج.م سنويًا.
       يمنح كل من نواب رئيس المحكمة بدل طبيعة عمل قدره (400 ج.م سنويًا).
       يمنح المستشار بدل طبيعة عمل قدره (300 ج.م سنويًا).

    مراجع

       محمد رفعت عبد الوهاب، القانون الدستوري: المبادئ الدستورية العامة - دراسة النظام الدستوري المصري، دار المعارف، الإسكندرية، 1990.
       السيد صبري، مبادئ القانون الدستوري، المطبعة العالمية، ـــــــــ، 1949.
       عبد العزيز محمد سالمان، رقابة دستورية القوانين، دار الفكر العربي، القاهرة، 1995.
       عادل عمر شريف، قضاء الدستورية بالقضاء الدستوري في مصر، مطابع دار الشعب، القاهرة، 1988.
       محمد كامل ليلة، القانون الدستوري، دار الفكر العربي، القاهرة، 1967.

    مصادر

       ^ "التشكيل الحالي للمحكمة". الموقع الرسمي للمحكمة الدستورية العليا المصرية. اطلع عليه بتاريخ 2010-07-10.
       ^ القانون الدستوري: النظرية العامة - النظام الدستوري المصري/محمد عبد الرحمن هلول

    مادة 48 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ القانون الدستوري: النظرية العامة - النظام الدستوري المصري/محمد عبد الرحمن هلول، صفحة 13
    القانون الدستوري: النظرية العامة - النظام الدستوري المصري/محمد عبد الرحمن هلول، صفحة 14
    ^ مادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 27 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 28 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 29 فقرة (أ) من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 29 فقرة (ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 30 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 31 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 32 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 33 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 34 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 35 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 36 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 37 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 38 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 39 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 40 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 41 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 42 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 43 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 44 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 45 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 46 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 47 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 51 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 53 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 54 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 55 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 56 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ القضاء المستعجل/تأليف محمد عبد اللطيف/دار النشر للجامعات المصرية، 1968.
    ^ قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإثبات/إعداد ومراجعة: الإدارة العامة للشئون القانونية/الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، 1998، صفحة 35.
    ^ قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإثبات/إعداد ومراجعة: الإدارة العامة للشئون القانونية/الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، 1998، صفحة 37.
    ^ قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإثبات/إعداد ومراجعة: الإدارة العامة للشئون القانونية/الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، 1998، صفحة 38.
    ^ مبادئ القانون الدستوري/السيد صبري/المطبعة العالمية، 1949، صفحة 11.
    ^ مبادئ القانون الدستوري/السيد صبري/المطبعة العالمية، 1949، صفحة 12.
    ^ مبادئ القانون الدستوري/السيد صبري/المطبعة العالمية، 1949، صفحة 13.
    ^ مبادئ القانون الدستوري/السيد صبري/المطبعة العالمية، 1949، صفحة 17.
    ^ قضاء الدستورية بالقضاء الدستوري في مصر/عادل عمر شريف/مطبعة دار الشعب، 1988، صفحة31
    ^ قضاء الدستورية بالقضاء الدستوري في مصر/عادل عمر شريف/مطبعة دار الشعب، 1988، صفحة32
    ^ قضاء الدستورية بالقضاء الدستوري في مصر/عادل عمر شريف/مطبعة دار الشعب، 1988، صفحة35
    ^ لينك 07770777، الأخبار، مناقشات ساخنة وبيان عاجل في البرلمان ينتقد التقسيم الجديد للمحافظات، بتاريخ 21 إبريل 2008
    ^ جريدة الفجر، العدد رقم 266،الاثنين 16 أغسطس 2010
    ^ بوابة الحكومة المصرية، الدستور ووثائق قانونية، دستور جمهورية مصر العربية، الفصل الخامس، المحكمة الدستورية العليا
    ^ جريدة الأهرام، العدد 44332‏، الصادر بتاريخ 22 إبريل 2008
    ^ مادة 4 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 5 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 6 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    مادة 11 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 14 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 13 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 15 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 18 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 16 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 7 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 8 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 9 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 9 مكرر من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 10 من قانون المحكمة الدستورية العليا
    ^ مادة 21 من قانون المحكمة الدستورية العليا

       مادة 22 من قانون المحكمة الدستورية العليا
       ^ مادة 23 من قانون المحكمة الدستورية العليا
       ^ مادة 24 من قانون المحكمة الدستورية العليا
       ^ مجلة الدستورية: العدد العاشر، صفحة 22
       ^ مجلة الدستورية: العدد العاشر، صفحة 18
    منقووووول


    عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في الأحد نوفمبر 13, 2016 6:53 am عدل 1 مرات
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:01 am

    المحكمة الدستورية العليا: تاريخ من القضاء والسياسة
    عادت «المحكمة الدستورية العليا » إلى بؤرة الضوء مؤخرًا بعدما قضت بحل مجلس الشعب قبل أيام من أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر بعد ثورة25 يناير. إذ جاء قرار الدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب، بدعوة مجلس الشعب للانعقاد، ثم حكم «الدستورية» بعدم تنفيذ قرار مرسي ليكشفا مدى انغماس قضاء مصر الدستوري في الصراع السياسي في البلاد، وهو الأمر الذي أثار كثير من التساؤلات حول العلاقة بين القضاء والسياسة وحدود الصلة بين سلطات الدولة المختلفة.

    البداية

    في 7 مارس 2009 أحتفلت «المحكمة الدستورية العليا» بمرور أربعين عامًا علي إنشاء القضاء الدستوري المصري. حيث يؤرخ رسميًا لبدء الرقابة الدستورية على القوانين بإصدار الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر القرار بقانون رقم 81 لسنة 1969 بإنشاء «المحكمة العليا» التي تأسست فعليًا في عام 1970.

    إلا أن البداية الحقيقية للقضاء الدستوري المصري كانت أبعد من ذلك. ففي سنة 1924، ظهرت على سطح الحياة القضائية لأول مرة مسألة دستورية القوانين أمام محكمة جنايات الإسكندرية، وذلك أثناء نظرها الطعن المقدّم من هيئة الدفاع عن مجموعة من المواطنين وجّهت إليهم النيابة العامة تهمًا بنشر أفكار ثوريّة، فحكمت المحكمة حضوريًا على المتهمين بالسجن ثلاث سنوات استنادًا إلى المادة 151 من قانون العقوبات، فطعن دفاع المتهمين على الحكم على أساس أنّ المادة المذكورة تخالف المادة 14 من الدستور.

    وفي 1925 حدثت قصة شبيهة، حين رفض بعض العمد والمشايخ استلام دفاتر الانتخاب وأضربوا عن العمل، فأمرت النيابة العامة بتقديمهم للمحاكمة بتهمة عدم تنفيذ الأوامر الحكومية، فأوردت هيئة الدفاع في دفاعها أنّ قانون الانتخابات المعدّل غير دستوري لصدوره أثناء غيبة البرلمان.

    وفي 1941 حدثت نقلة في تاريخ القضاء الدستوري، حين أصدرت «محكمة مصر الأهلية» حكمًا تاريخيًا يقضي بحق المحاكم في الرقابة على دستورية القوانين انطلاقًا من وجود قانونين يجري العمل بهما في البلاد، وهما القانون العادي والدستور. حيث يتوجب على القاضي إعمال القانونين في أحكامه، وإن حدث تعارض يتوجب عليه الركون إلى القانون الأعلى وهو الدستور.

    وتلا ذلك إصدار محكمة القضاء الإداري في 1948 حكمًا اعتبره الكثيرون علامة من علامات القضاء المصري، حين أقرت بحق القضاء في التصدي للقوانين غير الدستورية، وذلك بإهمال تطبيق أي قانون يراه القاضي، وفقًا لسلطته التقديرية، متعارضًا مع الدستور.

    هذا وقد طفت فكرة إنشاء محكمة دستورية متخصصة إلى السطح لأول مرة عام 1953، حين قامت ثورة يوليو بتكليف لجنة اُسميت «لجنة الخمسين» بوضع مشروع دستور جديد للبلاد نص في أحد مواده على إنشاء محكمة عليا تكون لها سلطة الرقابة على دستورية القوانين. وقد حدد مشروع الدستور عدد قضاة المحكمة العليا بحيث لا يتجاوز تسعة قضاة بأي حال من الأحوال، يختار ثلثهم رئيس الجمهورية، والثلث الثاني يختاره البرلمان، والثالث تختاره السلطة القضائية.إلا أن دستور 1953 انتهى «في صندوق القمامة» بحسب تعبير الكاتب والمؤرخ صلاح عيسى. وهكذا، لم يكتب للمحكمة الدستورية أن ترى النور آنذاك.

    الدستورية والقضاء

    في1969 قرر رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبد الناصر إصدار قانون «المحكمة العليا». كانت تلك أول تجربة لإنشاء محكمة دستورية متخصصة يناط بها دون غيرها الرقابة على دستورية القوانين. وقد باشرت المحكمة مهمتها مدة تقترب من العشر سنوات حتى أنشأ السادات «المحكمة الدستورية العليا» في 1979.

    ولا يمكن فهم قرار عبد الناصر هذا دون ربطه بسياقه السياسي الأوسع. حيث تزامن اعتزام «الرئيس» إنشاء محكمة دستورية مع أكبر صدام شهدته مصر في تاريخها بين السلطتين القضائية والتنفيذية فيما عرف بـ«مذبحة القضاة» (1969) التي انتهت وقائعها إلى عزل أكثر من مائتي قاض من بينهم رئيس محكمة النقض.

    ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن ناثان براون في كتاب له عن القضاء المصري أن جذور الصراع بين ناصر والقضاة تعود إلى منتصف ستينيات القرن العشرين، حين بدأت جماعة من الشخصيات القانونية والسياسية المحسوبة على النظام تدعو إلى إجراء تغييرات في الثقافة القانونية لمواكبة التحول ناحية بناء المجتمع الاشتراكي.

    وبحسب براون، فإن معظم هذه الدعوات طالبت بتغيير على مستويين. المستوى الأول هو إعادة النظر في التشريعات السابقة على 1952 التي طالب أشخاص مثل القانوني البارز «جمال العطيفي» بمراجعتها من حيث أنها كانت «نتاجًا لعصر رأسمالي ومن شأنها أن تقوض فرص التحول الاشتراكي».

    أما المستوى الثاني، فقد تركز على المطالبة بتغيير «النظام القضائي»، وهو ما تبدى في الدعوة التي صاغها أمين عام الاتحاد الاشتراكي «علي صبري» في سلسلة من المقالات عن «كيفية إدارة هذا التحول في النظام القضائي نحو نظام أكثر اتساقًا، وانطلاقًا من الأيديولوجية الاشتراكية».

    وقد تسارعت الأحداث في هذا الاتجاه بعد هزيمة 1967 التي أضعفت النظام وخصمت كثيرًا من شرعيته. إذ بدأ عبد الناصر يشعر بالحاجة إلى بسط سيطرته على السلطة القضائية، خاصة مع رفض أغلبية القضاة لمقترحات تغيير النظام القضائي التي طرحها عدد من رموز الفكر الناصري.

    وهكذا جاء إنشاء «المحكمة العليا» في سياق إعادة هيكلة شاملة للنظام القضائي تهدف إلى بسط النظام لسيطرته على القضاة. فمن ناحية أولى كان مطلوبًا من «المحكمة» إعادة تفسير القوانين القديمة بحيث تساير متطلبات المجتمع الجديد، وهو بالضبط ما نصت عليه المذكرة الإيضاحية لإنشائها، حيث قالت: «أصبح واضحًا في كثير من الحالات أن أحكام القضاء ليست قادرة على أن تساير مسيرة التطور التي حدثت في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية.وهذا نتيجة لقصور في التشريعات أو نتيجة لأن التفسيرات غير مناسبة للعلاقات الجديدة. ومن واجب القضاة أن يقوموا بالتفسير والتطبيق بما يضفي الفاعلية على النصوص الهامدة... وهكذا فإن مهمة المحكمة الجديدة هي تطوير فقه اشتراكي جديد وضمان التفسير الملزم للنصوص القانونية.»

    ومن ناحية ثانية، فإن إنشاء محكمة دستورية كان منتظرًا منه أن يضفي جانبًا دستوريًا «يساعد السلطة القائمة في أخذ قراراتها دون الحديث عن عدم شرعية قانونية»، وذلك بعد أن ألقت «مذبحة القضاة» ظلالا كثيفة من الشك على استقلال القضاء ونزاهته وبعده عن تأثيرات السلطة التنفيذية.

    السادات

    تراجع نظام السادات بداية من 1971 عن الكثير من قرارات «مذبحة القضاة» واتخذ عددًا من التدابير لإلغاء آثارها. ثم تم إقرار دستور 1971 الذي جاء فيه فصل كامل عن «المحكمة الدستورية العليا». ورغم ذلك تأخر إنشاء المحكمة 8 سنوات كاملة.فلماذا؟

    يعود التأخر في صدور التشريع الخاص بإنشاء «الدستورية العليا» إلي توجس المجتمع القضائي تجاه المحكمة. يقول براون: «توجس القضاة من أن النص الدستوري الذي يتطلب أن تكون المحكمة جهازًا قضائيًا مستقلا قد لا يحظى إلا باحترام جزئي، فتكون المحكمة مستقلة عن غيرها من أجهزة القضاء، ولكن أبعد ما تكون عن الاستقلال عن السلطة التنفيذية.هذه الشكوك كانت لها أساسها القوي بسبب دور مؤسسة الرئاسة القوي في تعيينات المحكمة العليا والمدة القصيرة لشغل مناصب القضاة في هذه المحكمة (ثلاث سنوات).»

    لكن الحقيقة أن التشريع الخاص بالمحكمة جاء خالقًا درجة من التوازن في علاقة تلك الأخير بالسلطة التنفيذية. فرغم أن قرارات تعيين رئيس المحكمة وعضويتها تصدر بشكل رئاسي، إلا أن الجمعية العمومية للمحكمة هي التي تقدم الترشيحات لرئيس الجمهورية عبر مجلس القضاء الأعلى، مع الاتفاق عرفيًا أن يكون اختيار رئيس المحكمة بالأقدمية. ورغم أن الأمور لم تخرج عن هذا الاتفاق سوى مرتين فقط – في حالتي المستشارين فتحي نجيب وممدوح مرعي – إلا أنه يظل مجرد اتفاق عرفي غير مكتوب، وتبقي سلطة رئيس الجمهورية في تعيين أفراد المحكمة مطلقة.

    وعلى الجانب الآخر، خسر المجتمع القضائي كثيرًا بانفصال المحكمة التام عن باقي الجسد القضائي. فميزانية المحكمة والسند التشريعي والدعم الإداري لها أمور منفصلة تمامًا عن القضاء العادي، مما يثير القلق تجاه مدى ارتباطها بالدولة وبباقي مؤسسات السلطة القضائية.ولهذه الأسباب، وأسباب أخرى، جاءت توصيات «مؤتمر العدالة الأول» بإلغاء المحكمة.

    الدستورية وتحولات المجتمع

    لعبت المحكمة الدستورية منذ إنشائها في أواخر سبعينيات القرن العشرين وحتى اليوم أدوارًا مهمة في تثبيت شرعية التحولات السياسية والاقتصادية التي شهدتها مصر في ذلك الحين.

    ورغم أن إنشاء المحكمة تأخر عن قرارات السادات الاستراتيجية الأكثر أهمية – الانفتاح والتوجه ناحية الغرب والسلام مع إسرائيل – إلا أنها لعبت في السنوات التي تلت إنشائها دورًا ملحوظًا في تقنين آثار تلك التغيرات بتفسير الدستور تفسيرًا مرنًا ليتوافق مع نظام سياسي واقتصادي واجتماعي غير ذلك الذي كتب الدستور في ظله.

    فعلى المستوى السياسي، كان الدستور قد أُقر في ظل نظام الحزب الواحد، ليأتي السادات فيعلن المنابر ثم الأحزاب في 1975-1976. ولذا، ففي سنوات الثمانينيات والتسعينيات لعبت الدستورية دورًا في تحديد نظام الانتخابات الذي يتوافق مع روح الدستور، وذلك حين قضت بعدم دستورية قانون الانتخابات بالقائمة وقررت أن النظام الفردي هو الذي يحقق مبدأ المساواة بين المواطنين الذي يعد ركنًا ركينًا في الدستور.

    أما فيما يتعلق بالتحولات الاقتصادية، فإن الأستاذ المساعد بقسم الاقتصاد السياسي في الجامعة الأمريكية سامر سليمان يؤكد إن الدوافع الاقتصادية لعبت دورًا كبيرًا في إنشاء المحكمة الدستورية. ويستخدم سليمان في حديث له إلى «بوابة المصري اليوم» مصطلح «قضينة السياسة المصرية» الذي صكه أستاذ القانون بالولايات المتحدة الدكتور تامر مصطفى لشرح المسألة، رابطًا إنشاء المحكمة جزئيًا باحتياجات نظامي السادات ومبارك إلى الاستثمارات الأجنبية.

    إذ يرى الباحث أن التحول الذى أجراه السادات ومن بعده مبارك فى السياسات العامة من الاشتراكية إلى الرأسمالية كان يقتضي إعطاء ضمانات للمستثمرين الأجانب للحفاظ على حقوقهم فى الملكية من خلال المحكمة الدستورية العليا، مضيفًا أن «وجهة النظر تلك تدعمها دلالات مثل الحكم بدستورية سياسات الخصخصة الذي فسرته المحكمة بقولها إن الدستور – الذي كان ينص آنذاك على الاشتراكية وصيانة القطاع العام – وثيقة تقدمية يتغير تفسيرها بحسب الزمان والمكان.»

    ومن ناحية أخرى يلفت سليمان أنظارنا إلى أن «المحكمة الدستورية العليا كانت في نظام مبارك بمثابة صمام أمان يدفع القوى السياسية المعارضة إلى ساحات القضاء بدلا من الشارع». فالواقع أن جزءًا كبيرًا من الصراعات السياسية في الثمانينيات والتسعينيات قد حُسم في ساحات المحاكم بدلا من حسمه بطرق أخرى قد تكون أكثر تكلفة على نظام الحكم. فقوانين الإيجارات والانتخابات والضرائب وغيرها كانت مجالًا للطعن في ساحات المحاكم خلال تلك السنوات. وفي المقابل، كان نظام مبارك يحترم أحكام الدستورية أكثر من احترامه لأحكام المحاكم الأخرى كالنقض والإدارية العليا.

    جدل لا ينتهي

    وهكذا كان لـ«الدستورية» القول الفصل في بعض من أهم المسائل السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد. فهي قد حكمت بحل مجلس الشعب مرتين قبل المرة الأخيرة، وقضت ببطلان القانون الذي يحظر إنشاء أحزاب سياسية معارضة لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، وألغت القرار بعزل قيادات نقابات المحامين الذين اختلفوا مع السادات باعتباره انتهاكًا للحريات، وقضت ببطلان قوانين إيجارات المساكن، وببطلان عدد من قرارات تأميمات الأراضي في الستينيات، وغيرها من الأمور.

    وبينما يرى البعض أن أداء المحكمة قد تذبذب بين مرحلة وأخرى، بحسب شخصية رئيسها وبحسب ضغوط أخرى متنوعة، إلا أنها ظلت في كل الأزمنة سلطة حاسمة لعبت دورًا أصيلا في تحديد الاختيارات الاقتصادية والسياسية لمصر.

    والأكيد أن «المحكمة الدستورية» بوضعيتها الخاصة في النظام القضائي ، وبجدلية علاقتها بالسلطة التنفيذية، ستظل أكثر أركان النظام القضائي المصري إثارة للجدل. والمتوقع أن يزداد هذا الجدل في الأيام القادمة، خاصة مع دخول الدستورية كطرف رئيسي في صراع سياسي ضار تخوضه سلطة وصلت حديثًا للحكم وأخرى قائمة ولا تريد مغادرته.
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:10 am


    منهج المحكمة الدستورية في التعامل مع الدعوى الدستورية
    استقرت أحكام المحكمة الدستورية على أن انعقاد الولاية للمحكمة الدستورية بنظر الدعوى الدستورية والفصل فيها رهن بأن يكون اتصالها بها قد تم وفقاً للأوضاع المقررة. وذهبت المحكمة في العديد من أحكامها الى أنها وإن كانت ليست جهة طعن بالنسبة إلى الموضوع، إلا أن لها أن تستبين وتتحقق من مدى مطابقة قرار الإحالة اليها للقواعد القانونية المقررة. ففي حكمها الصادر في الطعن رقم 3/95 دستوري بتاريخ 19/11/1995 قررت المحكمة الدستورية «أنه لما كان النص في البند (ب) من المادة الرابعة من القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية على أن (ترفع المنازعات إلى المحكمة الدستورية.. إذا رأت احدى المحاكم أثناء نظر قضية من القضايا، سواء من تلقاء نفسها أو بناء على دفع جدي تقدم به احد أطراف النزاع، إن الفصل في الدعوى يتوقف على الفصل في دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة توقف نظر القضية وتحيل الأمر إلى المحكمة الدستورية للفصل فيه) مؤداه أن ولاية المحكمة الدستورية في نظر الدعوى الدستورية والفصل فيها لا تقوم الا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقا للأوضاع المقررة قانوناً، ومنها ألا تقام الدعوى الدستورية إلا بمقتضى حكم صادر من محكمة الموضوع سواء من تلقاء نفسها أو بناء على دفع جدي من أحد الخصوم متى استلزم ذلك الفصل في الخصومة المطروحة، وكان الحكم بإحالة المنازعة الى المحكمة الدستورية هو من مقومات الدعوى الدستورية المتعلقة بالنظام العام التي استوجبها المشرع باعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي تغيا به مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالاجراءات التي رسمها القانون بما يتعين معه التزامها والا كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة». وقد خلصت المحكمة وبالبناء على ذلك إلى عدم قبول الدعوى بسبب بطلان حكم الإحالة تأسيساً على أن أحد أعضاء هيئة محكمة الاستئناف التي أصدرت حكم الإحالة سبق له أن أبدى رأيه في موضوع الدعوى «ومن ثم يكون حكم الإحالة المشار اليه موصوماً بالبطلان إعمالاً لحكم المادتين 102، 103 مرافعات». ومضت المحكمة تقول انه «وان كانت المحكمة الدستورية في ممارستها لاختصاصاتها بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع، الا انه من واجبها، بل عليها، ان تتحقق من صحة الاجراء الذي اتصلت بمقتضاه بالدعوى الدستورية بما لها من سلطة الاشراف على اجراءات الدعوى الدستورية، تكفل لها القيام بالاستيثاق من سلامة تلك الاجراءات ومطابقتها للقواعد التي سنها المشرع لقيامها، نتيجة لا^ثارها القانونية، ومنها ان يكون اتصالها بالدعوى بمقتضى حكم صحيح له وجوده قانونا غير مشوب بالعوار والبطلان وهي أمور تتعلق بالنظام العام تقررها المحكمة من تلقاء نفسها». غير أن المحكمة الدستورية سبق لها أن قررت في حكمها الصادر في الطعن رقم 1/94 دستوري بتاريخ 17/5/1994 أن صدور حكم الإحالة اليها من محكمة غير مختصة لا يؤثر في سلامة اتصال المحكمة في الدعوى الدستورية، تأسيساً على أنها ـ أي المحكمة الدستورية ـ «ليست جهة طعن بالنسبة الى محكمة الموضوع وإنما هي جهة ذات اختصاص أصيل حدده قانون انشائها في مجال الرقابة الدستورية»، وان الدعوى الدستورية «تستقل عن دعوى الموضوع لأنها تعالج موضوعاً مغايراً لموضوع الدعوى الأصلية الذي تتصل به المنازعة في الاختصاص والتي تستقل تلك المحكمة بالفصل فيها دون المحكمة الدستورية، مما لا يتأتى معه عرض أمر تلك المنازعة وما يتفرع عنها عليها». وخلصت المحكمة إلى أن الدفع بعدم قبول الدعوى يغدو على غير أساس. ويبدو من مطالعة الحكمين اللذين أشرنا اليهما قبل قليل أن ثمة تناقضا في موقف المحكمة الدستورية، فهي وان كانت تقرر في العديد من أحكامها أنها ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع، إلا أنها قررت عدم قبول الدعوى تأسيسا على بطلان حكم الإحالة اليها، كما قررت ايضاً سلامة اتصالها بالدعوى الدستورية حتى وإن صدر حكم الإحالة اليها من محكمة غير مختصة. فهل هناك تناقض في موقف المحكمة الدستورية فعلاً، أم أن المحكمة سلكت نفس النهج في الحكمين المشار اليهما؟ هذا ما سوف نبحثه فيمايلي: التعليق بمقتضى المادة الثامنة من القانون رقم 14 لسنة 1973 بانشاء المحكمة الدستورية، فوض المشرع المحكمة الدستورية بوضع «لائحة تتضمن القواعد الخاصة باجراءات التقاضي أمامها» كما أنه قرر الإحالة إلى «الأحكام المقررة لدى دائرة التمييز» في كل ما لم يرد بشأنه نص خاص في تلك اللائحة وبما «لا يتعارض مع أحكام هذا القانون أو مع طبيعة العمل في المحكمة الدستورية». ويستفاد من هذا النص أن المشرع قد منح المحكمة الدستورية سلطة واسعة في تقرير قواعد نظر الدعوى الدستورية بغير معقب على قضائها، فلائحة المحكمة الدستورية وقبلها قانون انشائها لم يتضمنا أحكاماً تفصيلية. وباستقراء الأحكام العديدة الصادرة من المحكمة الدستورية، يمكن القول إنها تبنت ثلاث قواعد أساسية هي ركيزة التعامل مع الدعوى الدستورية. القاعدة الأولى: إن الدعوى الدستورية هي دعوى مستقلة عن دعوى الموضوع. والقاعدة الثانية: إن المحكمة الدستورية ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع. أما القاعدة الثالثة: فهي أن للمحكمة الدستورية أن تتحقق من مدى مطابقة القرار الصادر بالإحالة إليها للقواعد القانونية المقررة. وقد عبّر الحكم الصادر في الطعن رقم 1/81 دستوري بتاريخ 11/7/1981 عن قاعدة استقلال الدعوى الدستورية عن دعوى الموضوع وقاعدة ان المحكمة الدستورية ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع على النحو التالي: «ولئن كانت الدعوى الدستورية لا ترفع إلا بطريق الدفع الذي يثار أمام محكمة الموضوع، إلا أنها متى رفعت أمام المحكمة الدستورية فإنها تستقل عن دعوى الموضوع اذ تعالج موضوعاً مغايرا لموضوع الدعوى الأصلية الذي أثير بشأنه الدفع، فلا تتصل المحكمة الدستورية بالدفع إلا بمقتضى قرار الإحالة الذي ينفرد قاضي الموضوع بتقديره وليس للخصوم بعد ذلك أي دور في توجيه الدعوى الدستورية لما لهذه الدعوى من طبيعة خاصة مردها إقرار المشروعية وتحقيق الصالح العام بصرف النظر عن مصالح الخصوم، ومتى رفعت الدعوى أخذت مسارها دون اشتراط لحضور أطرافها او من يمثلهم فيها بطبيعة الحال». وتطبيقا لقاعدة أن المحكمة الدستورية ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع، فقد رفضت المحكمة في ذات الحكم دفعاً بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة وأسست قضاءها بالقول: «ومن جهة أخرى فعلى الفرض الجدلي بصحة الدفع فإنه تبعاً لقاعدة (قاضي الموضوع هو قاضي الدفوع) فإن مجال ابدائه أمام قاضي الموضوع الذي كان في مكنته تمحيصه وتقديره والفصل فيه لتعلق ذلك بالدعوى والقواعد القانونية المطبقة عليها وليست المحكمة الدستورية جهة طعن بهذا الصدد وانما هي جهة ذات اختصاص أصيل حدده قانون انشائها». أما عن القاعدة الثالثة وهي حق المحكمة الدستورية بأن تستبين وتتحقق من مدى مطابقة القرار الصادر بالإحالة اليها للقواعد القانونية المقررة، فقد عبر عنها الحكم الصادر في الطعن رقم 4/1998 دستوري بتاريخ 2/5/1998 حيث قررت المحكمة: «أن ولاية المحكمة الدستورية ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانونا والتي عينتها المادة الرابعة من القانون رقم 14/1973 بانشاء المحكمة الدستورية على مقتضى حكم من محكمة الموضوع بإحالة المنازعة اليها بناء على دفع جدي يقدمه أحد أطراف النزاع أثناء نظره أمامها باعتبار أن سلوك هذا الطريق وإقامة الدعوى الدستورية من خلاله هو من الأمور الاجرائية الجوهرية التي لا يجوز مخالفتها كيما ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في اطارها المحدد ووفقا لأحكامها، وقد وضعت تلك الاجراءات على نحو خاص بالنظر إلى خطورة الدعوى الدستورية ونوعيتها المتميزة عن سائر الدعاوى، وإذا كان الدفع بعدم الدستورية الذي تتحرك به الدعوى الدستورية هو أحد مقومات قبول الدعوى الدستورية المتعلقة بالنظام العام فإن من اللازم ابداءه في المناسبة بالأوضاع المقررة قانوناً.. والمحكمة الدستورية وإن كانت ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع إلا أنه من واجبها عن تقديرها لقرار إحالة الدعوى إليها أن تتحقق من صحة الإجراء الذي اتصلت بمقتضاه الدعوى الدستورية ومطابقته للقواعد القانونية التي تجعله منتجاً لا^ثاره، اذ هي الجهة المنوط بها وحدها استظهار توافر شروط قبول الدعوى الدستورية واتصالها بها». وتتفق القواعد التي قررتها المحكمة الدستورية في الكويت مع تلك التي قررتها المحكمة الدستورية العليا في مصر حيث قررت هذه المحكمة ان مباشرة الرقابة القضائية على الدستورية.. «لم يطلقها المشرع من الضوابط التي تنظمها وإنما أحاطها بأوضاع محددة لا تقام الدعوى الدستورية إلا من خلالها باعتبارها من مقوماتها حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية وفقا لها بما لا مخالفة فيه للدستور». (انظر المحكمة الدستورية العليا قضية رقم 1 سنة 15 ق ـ دستورية ـ 7/5/1994). كما قررت المحكمة أن «لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها. ذلك أنهما لا تختلطان ببعضهما ولا تتحدان في اجراءات او شرائط قبولهما، بل تستقل كل منهما عن الأخرى في شكلها وموضوعها». (قضية رقم 25 لسنة 22 ق دستورية 5/5/2001) كما قررت في حكم آخر «أن المحكمة الدستورية العليا ليست جهة طعن بالنسبة إلى محكمة الموضوع، وإنما هي جهة ذات اختصاص أصيل حدده قانون انشائها، ولئن كانت الدعوى الدستورية لا ترفع إلا بعد دفع يثار أمام محكمة الموضوع أو بطريق الإحالة منها إلى المحكمة الدستورية العليا على ما سلف بيانه، إلا أنها متى رفعت إلى هذه المحكمة فإنها تستقل عن دعوى الموضوع لأنها تعالج موضوعاً مغايراً لموضوع الدعوى الأصلية». (قضية 47 لسنة 3ق ـ دستورية ـ 11/6/1983 ) وإذا كان تبني المحكمة الدستورية في الكويت القواعد الثلاث المتعلقة باستقلال الدعوى الدستورية عن دعوى الموضوع، وبعدم اعتبار المحكمة الدستورية جهة طعن بالنسبة إلى محكمة الموضوع، وبأحقية المحكمة الدستورية في فحص مدى مطابقة قرار الاحالة إليها للقواعد القانونية المقررة، يتفق مع طبيعة الدعوى الدستورية وطبيعة المهمة التي تقوم بها المحكمة الدستورية، فإن تطبيقاتها لتلك القواعد مضطربة، حتى إن التناقض بين بعض التطبيقات تناقض بيّـن كما سيتضح بعد قليل. ويمكن القول ان مرجع التناقض هو ضوابط القاعدة الثالثة وهي أحقية المحكمة الدستورية في فحص مدى مطابقة قرار الإحالة إليها للقواعد القانونية، إذ إن بعض تطبيقات هذه القاعدة تقود نحو الالتزام بالقاعدتين الاخريين، في حين أن تطبيقات أخرى تقود نحو إهدارهما. فقد جرى قضاء المحكمة الدستورية «على أن لا يتقدم بالطعن في أية منازعة تتعلق بالدعوى الدستورية إلا صاحب الشأن فيها أو من يفوضه صراحة في ذلك نيابة عنه، بما مقتضاه أنه يجب على الوكيل عن صاحب الشأن أن يكون حاصلاً على تفويض خاص يخوله الدفع بعدم الدستورية، وان يقدم الوكالة التي تبيح له ذلك إلى ما قبل إقفال باب المرافعة وصدور الحكم في الدفع سالف الذكر، والمحكمة الدستورية وان كانت ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع إلا أنه من واجبها عند تقديرها لقرار إحالة الدعوى إليها أن تتحقق من صحة الإجراء الذي اتصلت بمقتضاه بالدعوى الدستورية ومطابقته للقواعد القانونية التي تجعله منتجاً لا^ثاره، اذ هي الجهة المنوط بها وحدها استظهار توافر شروط قبول الدعوى الدستورية واتصالها بها، ومن ثم فإن قضاء محكمة الموضوع في جدية الدفع لا يقيد المحكمة الدستورية إذ لا يعتبر فصلاً في توافر شروط قبولها لعدم تعلقها بشروط انعقاد الخصومة الدستورية». وبناء على ذلك خلصت المحكمة إلى الحكم بعدم قبول الدعوى لأن وكالة محامي الطاعن «خلت مما يفيد نيابة المحامي المذكور في إبداء الدفع بعدم الدستورية» (طعن رقم 4/1998 دستوري 2/5/1998). غير ان المحكمة الدستورية وفي حكم سابق قررت ان الدفع بانتفاء صفة الوكيل لا يقوم على أساس مقبول، وبررت ذلك بقولها: «إن مجرد الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع لا يعني طرح النزاع أمام المحكمة الدستورية، ذلك أن الدعوى الدستورية دعوى قائمة بذاتها وتختلف طبيعة وموضوعاً عن الدعوى الأصلية المرددة بين الخصوم، ولئن كانت الدعوى الدستورية لا ترفع إلا بطريق الدفع الذي يثار أمام محكمة الموضوع إلا أنها متى رفعت أمام المحكمة الدستورية فإنها تستقل عن دعوى الموضوع إذ تعالج موضوعاً مغايراً لموضوع الدعوى الأصلية الذي أثير بشأنه الدفع، فلا تتصل المحكمة الدستورية بالدفع إلا بمقتضى قرار الإحالة والذي ينفرد قاضي الموضوع بتقديره وليس للخصوم بعد ذلك أي دور في توجيه الدعوى الدستورية، لما لهذه الدعوى من طبيعة خاصة مردها إقرار المشروعية وتحقيق الصالح العام بصرف النظر عن مصالح الخصوم ومتى رفعت الدعوى أخذت مسارها دون اشتراط حضور أطرافها أو من يمثلهم فيها بطبيعة الحال، هذا من جهة ومن جهة أخرى فعلى الفرض الجدلي بصحة الدفع فإنه تبعاً لقاعدة (قاضي الموضوع هو قاضي الدفوع) فإن مجال ابدائه أمام قاضي الموضوع الذي كان في مكنته تمحيصه وتقديره، والفصل فيه لتعلق ذلك بالدعوى والقواعد القانونية المطبقة عليها وليست المحكمة الدستورية جهة طعن بهذا الصدد وإنما هي جهة ذات اختصاص أصيل حدده قانون إنشائها على ما سبق بيانه» (طعن رقم 1/81 دستوري 11/7/1981). ولعل التناقض بين الحكمين السابقين واضح، إذ في حين أن المحكمة الدستورية قضت في الحكم الأول بعدم قبول الدعوى تأسيساً على انتفاء صفة الطاعن تطبيقاَ لحقها في فحص مدى مطابقة قرار الإحالة إليها للقواعد القانونية نجدها في الحكم الثاني ترفض الدفع بعدم القبول المؤسس على انتفاء صفة الطاعن بقولها إنها ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع، وإن قاضي الموضوع هو قاضي الدفوع. وفي نفس سياق هذا التناقض يأتي موقف المحكمة الدستورية في الحكمين محل هذا التعليق، ففي الحكم الصادر في الطعن رقم 1/94 التزمت المحكمة بقاعدة أنها ليست جهة طعن حين قررت أن اتصالها بالدعوى الدستورية عن طريق محكمة غير مختصة بإحالتها لا أثر له على قبولها، كما أنها التزمت بقاعدة استقلال الدعوى الدستورية عن دعوى الموضوع، وان الدعوى الدستورية تعالج موضوعاً مغايراً لموضوع الدعوى الأصلية، وان المنازعة في الاختصاص تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها، وإنه لا يتأتى عرض أمر تلك المنازعة وما يتفرع عنها على المحكمة الدستورية. ويتفق اتجاه المحكمة الدستورية هذا مع اتجاه المحكمة الدستورية العليا في مصر والتي قررت ان«لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها» وان «الفصل في شروط اتصال الدعوى الموضوعية بمحكمة الموضوع وفقاً للأوضاع المقررة أمامها ليس من بين المهام التي ناطها المشرع بالمحكمة الدستورية العليا». (قضية 25 لسنة 22 ق دستورية 5/5/2001). وتطبيقاً لهذا المبدأ رفضت المحكمة الدستورية العليا دفعاً بعدم قبول الدعوى مؤسس على عدم اختصاص المحكمة التي أصدرت حكم الإحالة ولائيا بنظر الدعوى، وإن انتفاء ولاية المحكمة يؤدي إلى تخلف أحد شروط قبول الدعوى الدستورية، وقالت المحكمة رداً على هذا الدفع «ان المحكمة الدستورية العليا ليست جهة طعن بالنسبة إلى محكمة الموضوع وإنما هي جهة ذات اختصاص أصيل حدده قانون انشائها. ولئن كانت الدعوى الدستورية لا ترفع إلا بعد دفع يثار أمام محكمة الموضوع أو بطريق الإحالة منها الى المحكمة الدستورية العليا على ما سلف بيانه، الا انها متى رفعت إلى هذه المحكمة فإنها تستقل عن دعوى الموضوع لأنها تعالج موضوعاً مغايراً لموضوع الدعوى الاصلية الذي يتصل به الدفع بعدم الاختصاص ومن ثم تكون محكمة الموضوع، دون المحكمة الدستورية هذا العليا هي صاحبة الولاية في الفصل فيه»، (قضية 47 لسنة 3ق دستورية 11/6/1983). أما ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية في الكويت في حكمها الصادر في الطعن رقم 3/95 دستوري وقضائها بعدم قبول الدعوى تأسيساً على بطلان حكم الإحالة إليها على نحو ما ورد في ذلك الحكم فإنه في تقديرنا تطبيق خاطىء لقاعدة حق المحكمة الدستورية في فحص مدى مطابقة حكم الإحالة للقواعد القانونية، فالمحكمة الدستورية أهدرت في ذلك القضاء قاعدتي استقلال الدعوى الدستورية وإن المحكمة الدستورية ليست جهة طعن، ذلك أن حكم المحكمة الدستورية هذا يعد فصلاً في دعوى الموضوع وإهداراً لقاعدة أخرى سبق أن تبنتها المحكمة الدستورية في الطعن رقم 1/81 المشار إليه قبل قليل وهي أن قاضي الموضوع هو قاضي الدفوع، ولا يؤثر في هذا أن يجادل البعض في اختلاف طبيعة الدفع بعدم اختصاص المحكمة عن الدفع ببطلان الحكم وتأثير ذلك الاختلاف على قبول الدعوى الدستورية، إذ بصرف النظر عن الاختلاف بين الدفعين، فإنهما متصلان بالدعوى الموضوعية، بما مؤداه استقلال محكمة الموضوع بالفصل فيهما، والقول بغير ذلك يجعل المحكمة الدستورية جهة طعن بالنسبة إلى محكمة الموضوع، ويفقد الدعوى الدستورية استقلاليتها. وقد يرى البعض أن ما نقول به يؤدي إلى اغلاق الباب في وجه المحكمة الدستورية وحرمانها من حقها في فحص مدى سلامة اجراءات إحالة الدعوى الدستورية إليها، إلا أن هذا مردود عليه بما تبنته المحكمة الدستورية ذاتها في العديد من أحكامها، فللمحكمة أن «تستبين وتتحقق من مدى مطابقة قرار الإحالة للمحكمة الدستورية للقواعد القانونية المقررة» بما مؤداه أن سلطة المحكمة في الاستبانة والتحقق تنصب على «قرار الإحالة» دون أن تمتد إلى الدعوى الموضوعية وما يتفرع عنها من دفوع، بمعنى أن رقابة المحكمة الدستورية لا تتعدى اجراءات اتصالها بالدعوى الدستورية، وهذا ما عبرت عنه المحكمة الدستورية ذاتها في حكمها الصادر في الطعن رقم 2/94 بتاريخ 21/6/1994 بقولها: «وحيث ان الدعوى الدستورية فإنه نظراً لطبيعتها كدعوى عينية تستهدف التشريع المطعون عليه بالعيب، فقد وضع المشرع إجراءات تحريكها وشروط قبولها والاختصاص بنظرها أمام المحكمة الدستورية ولجنة فحص الطعون على نحو خاص، ولما كانت تلك الإجراءات من مقومات الدعوى الدستورية وأدخل بالتنظيم القضائي فإن ولاية المحكمة الدستورية بالفصل في دستورية القوانين واللوائح لا تنعقد إلا باتباعها لتعلقها بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي قصد به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية التي رسمها وإلا كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة». الخلاصة يعكس الحكمان محل التعليق أن منهج المحكمة الدستورية في التعامل مع الدعوى الدستورية هو منهج يتسم بالاضطراب، فقد عجزت المحكمة عن الالتزام بقواعد أساسية صاغتها في العديد من أحكامها، وقد عرضنا في هذا التعليق صورتين من صور الاضطراب، الاولى تتصل بالدفع بانتفاء صفة الطاعن حيث اعتبرت المحكمة أن هذا الدفع هو من الدفوع المتصلة بدعوى الموضوع وأعملت قاعدة أن قاضي الموضوع هو قاضي الدفوع، ورفضت ـ بناء على ذلك ـ دفعاً بعدم قبول الدعوى، في حين أنها وفي أحكام أخرى تصدت للدفع وأخذت به إعمالاً لحقها في التحقق من صحة اتصالها بالدعوى الدستورية. أما الصورة الثانية فتتصل بموقف المحكمة الدستورية عن دفع بعدم قبول الدعوى لصدور حكم الإحالة من محكمة غير مختصة، وقد اعتبرت المحكمة أن ذلك لا يؤثر في سلامة اتصالها بالدعوى بحسبان أنها ليست جهة طعن بالنسبة إلى محكمة الموضوع، في حين قررت عدم قبول دعوى أخرى دفع فيها ببطلان حكم الإحالة اليها لأن أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت حكم الإحالة سبق أن أبدى رأيه في الدعوى الموضوعية، مهدرة بذلك قاعدة استقلالية الدعوى الدستورية عن دعوى الموضوع وقاعدة أن المحكمة الدستورية ليست جهة طعن بالنسبة لمحكمة الموضوع.
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:12 am


    اختصاصات المحكمة الدستورية العليا
    من آليات القضاء في مصر



    أولًا: الرقابة على دستورية القوانين واللوائح:

    تعني: الرقابة على دستورية القوانين واللوائح: مدى مطابقة القوانين العادية للنصوص الدستورية القائمة في دستور الدولة، لأن الأصل هو أنه لا يجوز لقانون عادي أن يخالف نص دستوريًّا وفقًا لقواعد تدرج القوانين واعتبار النص الدستوري هو أقوى النصوص في قوانين الدول.



    وتنصرف في هذه الرقابة إلى جميع القوانين المعمول بها في الدولة سواء كانت تشريعات صادرة من السلطة التشريعية أو قوانين عرفية غير مكتوبة أو لوائح إدارية أو تنظيمية أو تنفيذية أو غير ذلك مما يعتبر قانونًا في بلد ما.



    وقد توكل الرقابة على دستورية القوانين إلى محكمة خاصة تسمى المحكمة الدستورية أو المحكمة العليا وقد توكل إلى القضاء العادي أو القضاء الإدارية وفق لنظام الذي يقع عليه الاختيار.



    وقد وقع الاختيار في مصر على نظام المحكمة الدستورية العليا ونعرض له في فرعين نحيط بكافة المسائل المتعلقة بها.



    وتنعقد اختصاص المحكمة الدستورية العليا بمراقبة دستورية القوانين واللوائح في ثلاث حالات:

    الحالة الأولى: الاحالة من المحكمة المنظور أمامها النزاع.

    الحالة الثانية: الدفع ورفع دعوى عدم دستورية بناء على قرار.

    الحالة الثالثة: حق المحكمة الدستورية في التصدي.



    الحالة الأولى: الاحالة من المحكمة المنظور أمامها النزاع:

    إذا تراءى لأحد المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر احدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية.



    وانعقاد اختصاص المحكمة الدستورية على هذا النحو بناء على ما ارتأته المحكمة المختصة أثناء نظر احدى الدعاوى اختصاص مستحدث. إذ لا يشترط في هذه الحالة أن يدفع أحد الخصوم بعدم دستورية النص، وانما يكفي أن تستشف المحكمة أن النص القانوني أو اللائحي مشكوك في دستوريتها حتى يعرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا وينعقد اختصاصها.



    وتيسرا على المتقاضين وحرصا على مبدأ المشروعية فقد نص القانون على أن المحكمة توقف الدعوى، وتحيل الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية.



    ومعنى ذلك أن المشرع قد أعفى صاحب المصلحة من عناء رفع دعوى عدم الدستورية في هذه الحالة.



    الحالة الثانية: الدفع ورفع دعوى عدم دستورية بناء على قرار:

    وهنا يتقدم صاحب المصلحة من الخصوم بدفع موضوعي بعدم دستورية النص المزمع تطبيقه على النزاع، فهو لا ينتظر حتى يطبق النص بالفعل وإنما هو يستشعر أتجاه رأي المحكمة ويبادر إلى استعمال حقه في الدفع بعدم الدستورية. وتتولى المحكمة التي تنظر الموضوع تقدير مدى جدية الدفع. فإذا وجدته قائما على أساس فإنها تحكم بتأجيل الدعوى الأصلية، وتحدد لمن تقدم بالدفع ثلاثة أشهر لرفع دعوى فرعية أمام المحكمة الدستورية. وهذه الدعوى ليست دعوى أصلية مبتدأ، وإنما هي دعوى فرعية ترفع بخلاف الأصل إلى محكمة أخرى غير المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية حيث لا اختصاص لهذه الأخيرة بنظر مسألة الدستورية. وإذا أنقضى الأجل المحدد لرفع دعوى الدستورية دون رفعها فأنه يجوز للمحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية أن تعتبر الدفع بعدم الدستورية كأن لم يكن، وتواصل نظر الدعوى، وقد تنتهي إلى تطبيق النص الذي أدعى بعدم دستوريته.



    الحالة الثالثة: حق المحكمة الدستورية في التصدي:

    حينما تقوم المحكمة الدستورية ببحث مسألة عدم دستورية نص أو لائحة قد تجد هناك نصا في قانون أو لائحة متعلق بالنزاع المطروح على هذه المحكمة فتقوم بالفصل فيه دون إحالة أو رفع دعوى من ذوي الشأن.



    ومن كل ما تقدم يلاحظ عدم وجود دعوى أصلية بعدم الدستورية يجب أن تثار بالتبعية لنزاع مرفوع بالفعل وقائم أمام هيئة قضائية.



    ثانيا: الفصل في تنازع الاختصاص الإيجابي والسلبي بين الجهات والهيئات القضائية:

    يثير هذا النوع من اختصاص المحكمة الدستورية العليا مسألة ضرورة عدم تعارض الأحكام القضائية من جهة، وضرورة أن يجد المتقاضي محكمة تختص بالفصل في نزاعه.



    كمان أن هذا النوع من الاختصاص لا يواجه حالة تعدد الدعاوى القضائية، فنحن في هذه الحالة أمام دعوى واحدة متحدة الخصوم والموضوع والسبب، وكل ما يحدث هو أن المدعي في حالة التنازع الإيجابي على الاختصاص يرفع دعواه مرتين أمام المحاكم تتبع جهات قضائية مختلفة وتحكم كل محكمة باختصاصها بنظر الدعوى، مع أن المفروض هو اختصاص محكمة واحدة تتبع جهة قضائية معينة بنظر هذه الدعوى. وهنا ينسب للمدعي سلوك غير سوي لأنه يرفع دعواه في وقت متعاصر أمام أكثر من محكمة. ويقال في هذه الحالة أن هناك تنازع على الاختصاص ونخاطر في هذه النهاية بالحصول على حكمين قضائيين متناقضين. ولحل هذه المشكلة نلجأ للمحكمة الدستورية العليا لكي تحدد المحكمة المختصة. والواقع أنه في هذا الفرض تحكم كل محكمة باختصاصها بنظر الدعوى، لأنها لو حكمت بعدم الاختصاص لأي سبب كان، لوجب عليها أن تقرن الحكم بعدم الاختصاص بالإحالة إلى المحكمة التي تراها مختصة وتلزم المحكمة الأخيرة بحكم الإحالة.



    كما أن الخصم الآخر لا يستطيع الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع لأن هذا الدفع ينفع في الأحوال التي تتبع المحاكم فيها جهة قضائية واحدة، والفرض في حالة التنازع الإيجابي أننا أزاء محاكم تتبع جهات قضائية مختلفة، ولا يوجد في الدفع بالإحالة نص يشابه نص المادة 110 مرافعات الذي يسمح بالإحالة عند الحكم بعدم الاختصاص إلى محاكم تتبع جهة قضائية أخرى غير جهة القضاء العادي.



    أما في حالة التنازع السلبي على الاختصاص ففي الواقع لا يوجد تنازع من الأصل لأن المدعي إذ يطرح نزاعه على محكمة تتبع جهة القضاء العادي، فأنها تحكم بعدم الاختصاص، وإذا ذهب بدعواه إلى جهة القضاء الأخرى فإنها تحك بعدم الاختصاص، فلا يجد المتقاضي محكمة تنظر دعواه، ويوجد في هذه الحالة أنكار للعدالة. ومع ذلك فهذا الفرض من النادر عملا قيامه مع وجود المادة 110 من قانون المرافعات التي توجب إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في كل حالة يصدر فيها حكما بعدم حكم الاختصاص، حتى وإن كانت المحكمة المختصة تتبع جهة قضائية أخرى غير جهة القضاء العادي. ومع ذلك فالفرض الوحيد المتصور لقيام حالة التنازع السلبي على الاختصاص هو الفرض الذي تحكم فيه المحكمة بعدم الاختصاص أيا كان سببه وتغفل أقران هذا الحكم بالإحالة.



    وعلى ذلك يشترط لقيام التنازع على الاختصاص بصورتيه أن يكون تنازعا فعليا، وألا يكون النزاع قد فصل فيه موضوعيا، وأن يكون التنازع بين محاكم تتبع جهات قضائية أو بين محاكم هذه الجهات أو لجان اختصاص قضائي. ويجب أن يتم الفصل صراحة بحكم نهائي في مسألة الاختصاص، ويرفع طلب حل التنازع قبل الفصل في الموضوع وألا صرنا أمام حكمين متناقضين صادرين من جهتي قضاء مختلفتين. ويترتب على تقديم طلب الفصل في التنازع الإيجابي على الاختصاص وقف السير في الدعاوى بقوة القانون إلى أن يتم تحديد المحكمة المختصة.



    ويلاحظ أن التنازع على الاختصاص الذي يتم بين محاكم تابعة لذات الجهة القضائية يتم حله عن طريق الطعن على الحكم الصادر بالطريق الملائم[1].



    ثالثًا: المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام النهائية المتعارضة:

    يفترض هذا النوع الاختصاص للمحكمة الدستورية العليا المفترضات الآتية:

    1- وجود حكمين نهائيين متعارضين.



    2- أن يكون هذين الحكمين صادرين من محاكم تتبع جهات قضائية مختلفة. كمحكمة تتبع جهة القضاء الإداري، أو بين أي محكمة من هاتين الجهتين ومحكمة عسكرية، أو محكمة القيم، أو هيئة ذات اختصاص قضائي. أما إذا كانت المنازعات خاصة بحكمين نهائيين متعارضين من جهة قضائية واحدة، فأن حسم هذا التنازع يتم باستعمال طرق الطعن المنصوص عليها في القانون.



    3- أن يقدم طلب وقف تنفيذ هذين الحكمين إلى المحكمة الدستورية العليا قبل تمام التنفيذ، والطلب يقدم بدون رسوم، ومرفقا به صورة من الأحكام المتعارضة. ويلاحظ أن مجرد تقديم طلب حل التنازع لا يترتب عليه وقف التنفيذ بقوة القانون، بل لا بد من أن يطلب وقف التنفيذ من جانب صاحب الشأن، ولرئيس المحكمة سلطة تقديرية في الأمر بوقف التنفيذ أو عدم وقفه.



    ويتم الفصل في هذا التنازع عن طريق بيان أي الحكمين صدر من محكمة مختصة. ولا تتعرض المحكمة لما قضى به الحكم من حيث الموضوع، أو من حيث صحته الشكلية، كما أنها لا تفاصل بين الحكمين ويترتب على صدور الحكم بذلك:

    1- زوال أمر وقف التنفيذ الصادر من رئيس المحكمة.

    2- سقوط الحكم الصادر من الجهة التي حكم بعدم ولايتها.



    ويلاحظ أن هذا النوع من اختصاص المحكمة الدستورية لا يعتبر طعنا في الأحكام.



    رابعًا: اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالتفسير:

    منح المشرع المحكمة الدستورية العليا اختصاصا بتفسير القوانين والقرارات بقوانين واللوائح، ويكون ذلك في الأحوال التي تثير فيها مثل هذه القوانين خلافا في التفسير. ولا تختص المحكمة الدستورية بتفسير نصوص الدستور.



    والقرار الصادر بالتفسير من هذه المحكمة ليس حكما، لأنه لم يصدر في نزاع ولا يوجد خصوم ولا يخضع لقواعد الأحكام القضائية. وهو ملزم للكافة.



    والذي يتقدم بطلب التفسير هو وزير العدل بناء على طلب رئيس الوزراء، أو رئيس مجلس الشعب، أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ويكون هذا الطلب بدون رسوم. ويبين فيه النص التشريعي المطلوب تفسيره والخلاف الدائر في التطبيق خلال هذا التفسير وأهمية التفسير.



    والقرارات الصادرة بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة من تاريخ نشرها الذي يتم خلال 15 يوم التالية لصدورها. ودور المحكمة الدستورية العليا في التفسير لا يلغي سلطة المحاكم في التفسير القضائي الذي قد يلزم أحد. كما لا يلغي دور المشروع في التفسير التشريعي. وإنما ستميز التفسير الصادر من المحكمة الدستورية بأنه يتمشى مع ما تثيره متطلبات العمل القضائي من إيضاح غموض ما قد يوجد من نصوص تشريعية بطرقة سريعة ومن قضاة متخصصين.

    [1] نبيل عمر. أصول المرافعات المدنية 1986 ص 120.



    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:14 am


    تحضير الدعوى الدستورية


    تقوم هيئة المفوضين لدى المحكمة الدستورية بتحضير الدعوى وإعدادها وكتابة الرأي فيها والحكمة من ذلك إعطاء الفرصة لأعضاء المحكمة الدستورية لأن يتفرغوا للفصل في الدعوى الدستورية وأناط التحضير لهيئة المفوضين على النحو الوارد بالمواد 21، 22، 23، 24، من قانون المحكمة الدستورية.



    والمستفاد من هذه المواد أن هيئة المفوضين لدى المحكمة الدستورية العليا هي هيئة قضائية مشكلة تشكيلا قضائيا وتسري في شأن ضماناتهم وحقوقهم المالية ذات الأحكام المقررة لأعضاء المحكمة وهيئة المفوضين لها ثلاثة اختصاصات أساسية.



    الأول: إجراءات تحضير الدعوى الدستورية

    تمر الدعوى الدستورية بمراحل ثلاث الأولى مرحلة وجودها بقلم الكتاب حيث تبدأ أولى خطواتها بإيداع العريضة أو صدور قرار الإحالة وقيدها في يوم ورودها أو تقديمها وإعلانها ثم يعقب ذلك ايداع المذكرات ثم تبادل الردود حول هذه المذكرات وبانتهاء الفترة المقررة لتبادل الردود والمستندات بين الخصوم يحرر قلم الكتاب محضرا يثبت فيه تاريخ تقديمها واسم مقدمها وصفته وبتحرير هذا المحضر تخرج الدعوى من حوزة قلم الكتاب لتصل إلى المفوضين التي تتولى تحضير الدعوى وهو ما يتعلق بموضوع الدعوى الدستورية وهو يبدأ بعد انتهاء فترة تبادل المذكرات حيث تتصل الهيئة بذوي الشأن للحصول على ما يلزم من بيانات أو إيضاحات. وتنتهي بتقديم مذكرة برأيها الفني في الموضوع والذي كثيرا ما تأخذ به المحكمة.



    وقد نظمت المادتان 39، 40 من قانون المحكمة عملية تحضير الدعوى إذ نصت المادة 39 على أن يعرض قلم الكتاب ملف الدعوى أو الطلب على هيئة المفوضين في اليوم التالي لانقضاء المواعيد المبينة في المادة 37 وتتولى الهيئة تحضير الموضوع ولها في سبيل ذلك الاتصال بالجهات ذات الشأن للحصول على ما يلزم من بيانات أو أوراق كما أن لها دعوة ذوي الشأن لاستيضاحهم ما ترى من وقائع وتكليفهم بتقديم مستندات ومذكرات تكميلية وغير ذلك من إجراءات التحقيق في الأجل الذي تحدده ويجوز للمفوض أن يصدر قرارا بتغريم من يتسبب في تكرار تأجيل الدعوى مبلغا لا يجاوز عشرين جنيها ويكون قراره في هذا الشأن نهائيا كما يجوز له اقالته من الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذرا مقبولا. كما نصت المادة 40 على أن تودع هيئة المفوضين بعد تحضير الموضوع تقريرا تحدد فيه المسائل الدستورية والقانونية المثارة ورأي الهيئة فيها مسببا ويجوز لذوي الشأن أن يطلعوا على هذا التقرير بقلم كتاب المحكمة ولهم أن يطلبوا صورة منه على نفقتهم فالمفوض وفقا لهذين النصين له سلطات واسعة منها أنه:

    1- يتصل بالجهات ذات الشأن لاستيضاحهم يما يعن له من نقاط حول موضوع الدعوى كما أن له تكليفهم بتقديم آية أوراق أو مستندات تكون لازمة من وجهة نظره للفصل في موضوع الدعوى أو أن تكون لازمة لإعدادا سليما وذلك في الأجل الذي يحدده.



    2- وحتى لا يطول أمد التقاضي في الدعوى فقد اعطى القانون للمفوض سلطة فرض عقوبات مالية تتمثل في غرامة يفرضها على من يتسبب في تكرار تأجيل الدعوى أثناء التحضير ويكون قراره في هذا الشأن نهائيا.



    3- كما أن له عقد جلسات تحضيرية يستدعى فيها ذوي الشأن لا استيضاحهم حول ما يراه من نقاط أو يكلفهم بتقديم مستندات وواضح من ذلك أن القانون قد أعطى هيئة مفوضي الدولة أمام المحكمة الدستورية العليا سلطات واسعة أراد بها أن تعاون المحكمة بأن ترفع عن عاتقها عبء تحضير القضايا وتهيئتها للمرافقة حتى يتفرغ القضاء للفصل فيها وبأن تقدم معاونة فنية تساعد على تمحيص القضايا دقيقا.



    الثانية: حضور جلسات المحكمة

    فيشترط لصحة القضاء وجلسات المحكمة حضور أحد اعضاء هيئة المفوضين من درجة مستشار على الأقل وذلك وفقا لما أوجبته المادة 42 من قانون المحكمة ومن الناحية العملية فإن لهذا الحضور فائدة عملية إذ أن رئيس المحكمة قد يعن له أن يستجلى من ممثلي الهيئة بعض النقاط الغامضة في التقرير المقدم من الهيئة إلى المحكمة وقد يطلب منه اعداد تقرير تكميلي في بعض المسائل التي جاء تقرير الهيئة قاصرا عن بحثها.



    الثالثة: الفصل في طلبات الاعضاء من الرسوم والكفالة

    ولما كان نص المادة 53 من قانون المحكمة الدستورية بفرض رسما ثابتا على الدعوى الدستورية مقدار خمسة وعشرون جنيها كما توجب على المدعي ان يودع كفالة قدرها خمسة وعشرون جنيها تصادر في حالة الحكم بعدم قبول الدعوى أو برفضها فإذا ما كان الخصم المكلف بالرسم والكفالة عاجزا عن الدفع فان المادة 54 قد اناطت برئيس هيئة المفوضين أن يفصل في الطلبات التي تقدم بالإعفاء من الرسم والكفالة وذلك بعد أن يطلع على الأوراق وسماع أقوال الطالب وملاحظات قلم الكتاب وشريطة أن تكون الدعوى محتملة الكسب ويكون قراره في هذا الشأن نهائيا[1].

    [1] انظر هلال يوسف ابراهيم، الموسوعة الكاملة في أحكام المحكمة الدستورية العليا (الاسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، ط 2007م)، ج 1، ص 101 - 104.

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:17 am

    وثيقة إختصاصات المحكمة الدستورية العليا
    مادة 192 من دستور 2014

    تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين، واللوائح، .....

    مادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي:

    أولا: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. ......
    آلية تحريك الإختصاص

    قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    مادة 29

    1/#الإحالة من المحكمة المنظور أمامها النزاع:

    إذا تراءى لأحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية.

    2/#الدفع أمام محكمة الموضوع بعدم الدستورية:

    إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن.

    مادة 27

    3/ حق المحكمة الدستورية في#التصدي :

    يجوز للمحكمة في جميع الحالات أن تقضي بعدم دستورية أي نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة اختصاصاتها ويتصل بالنزاع المطروح عليها وذلك بعد إتباع الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية.

    الفصل في تنازع الاختصاص الإيجابي والسلبي بين الجهات والهيئات القضائية

    (تنازع)


    مادة 192 من دستور 2014
    تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها.......

    الفصل في تنازع الاختصاص بين جهات القضاء، والهيئات ذات الإختصاص القضائي.....

    مادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي:......

    ثانيا: الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل أحدهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها.....
    آلية تحريك الإختصاص

    مادة 31 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    لكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى في الحالة المشار إليها في البند ثانيا من المادة (25).

    .........

    الفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام النهائية المتعارضة

    (تنازع)


    مادة 192 من دستور 2014

    تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها.......

    الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها....

    مادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي:......

    ثالثا: الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها.....
    آلية تحريك الإختصاص

    مادة 32 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    لكل ذي شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين في الحالة المشار إليها في البند ثالثا من المادة (25).

    .......

    الفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها وقراراتها

    (منازعة تنفيذ)


    مادة 192 من دستور 2014

    تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها.......

    الفصل في .... المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها، والقرارات الصادرة منها....

    مادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها.

    تفسير النصوص التشريعية

    (تفسير)


    مادة 192 من دستور 2014

    تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها.......

    تفسير النصوص التشريعية

    مادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلافا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها.
    آلية تحريك الإختصاص

    مادة 33 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية.

    الفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها
    (طلبات أعضاء)

    مادة 192 من دستور 2014

    تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها.......

    الفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها...

    مادة 16 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    تختص المحكمة دون غيرها بالفصل في الطلبات الخاصة بالمرتبات والمكافآت والمعاشات بالنسبة لأعضاء المحكمة أو المستحقين عنهم.
    كما تختص بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم وكذلك طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات.

    الفصل في طلب الرد ودعوى المخاصمة المتعلقة بأحد أعضاءها
    (مخاصمة)

    مادة 192 من دستور 2014

    ..... ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها.

    مادة 15 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979

    تفصل المحكمة الدستورية العليا في طلب الرد ودعوى المخاصمة بكامل نوابها عدا النائب المشار إليه، ومن يقوم لديه عذر، ويراعى أن يكون عدد النواب الحاضرين وترا بحيث يستبعد أحدث النواب.

    الفصل في طلب إغفال طلبات
    (إغفال طلبات)

    مادة 192 من دستور 2014

    ..... ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها.

    مادة 193 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968

    إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه.

    الفصل في طلب تفسير حكم المحكمة الدستورية
    (تفسير أحكام)

    مادة 192 من دستور 2014

    ..... ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة، وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها.

    مادة 192 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968

    يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى. ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً من كل الوجوه للحكم الذي يفسره,



    تشتمل هذه #الوثيقة على كافة الإختصاصات المنوطة بالمحكمة الدستورية العليا المصرية والسند التشريعي لهذه الاختصاصات.

    تم عمل هذه الوثيقة بالإستعانة بخاصية البحث العام لموقع شبكة قوانين الشرق

    نادين عصام النجار/ باحثة قانونية بأكاديمية قوانين الشرق
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:21 am

    القضاء الدستوري في مصر
    مقدمة – الشرعية الدستورية تطور مسالة رقابة دستورية القوانين الفصل الأول المقدمات الضرورية لإمكان وجود رقابة علي دستورية القوانين المبحث الأول – وجود دستور - معني الدستورية - سمو القواعد الدستورية - السمو الموضوعي - السمو الشكلي المبحث الثاني – الإيمان بمبدا المشروعية وسيادة القانون المبحث الثالث – وجود قضاء مستقل الفصل الثاني مفهوم الرقابة علي دستورية القوانين واهم صور هذه الرقابة المبحث الأول – الرقابة علي دستورية القوانين في فرنسا المبحث الثاني – الرقابة علي دستورية القوانين في الولايات المتحدة الأمريكية المبحث الثالث – الرقابة علي دستورية القوانين في بعض الدول الأوربية أولاً – النمسا ثانياً – ألمانيا ثالثاً – إيطاليا - بعض التجارب العربية في رقابة الدستورية - الكويت - المغرب القسم الثاني القضاء الدستوري في جمهورية مصر العربية الفصل الأول رقابة دستورية القوانين قبل نشأة القضاء الدستوري الفصل الثاني القضاء الدستوري المتخصص أولاً – المحكمة العليا - تكوين المحكمة العليا - اختصاصات المحكمة العليا - أهم اتجاهات المحكمة العليا ثانياً – المحكمة الدستورية العليا - تمهيد 1 – كيفية تكوين المحكمة 2 – اختصاصات المحكمة الفصل الأول الدعوى الدستورية 1 – كيفية اتصال المحكمة بالدعوى - الإحالة - الدفع - التصدي الفصل الثاني شروط قبول الدعوى الدستورية - تمهيد الفصل الثالث موضوع الدعوى الدستورية - التشريع الخاضع للرقابة - نظرية الأعمال السياسية - مناط الرقابة أو مرجع الرقابة الفصل الرابع العيوب الدستورية - العيوب الشكلية - العيوب الموضوعية - عيب عدم الاختصاص - عيب المحل - عيب الانحراف - أحكام القضاء الدستوري - طبيعة الحكم الدستوري - حجية الأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية - أهم اتجاهات القضاء الدستوري - في المجال الاقتصادي - في المجال الاجتماعي - في المجال السياسي ملحق قانون المحكمة الدستورية العليا ومذكرته الإيضاحية
    إعداد / دكتور يحيي الجـمـل
    الشرعية الدستورية مقدمة : الشرعية الدستورية تعني أن يكون الدستور بحسبانه القانون الاسمي في بلد من البلاد هو المرجع لتحديد مؤسسات الدولة واختصاصات هذه المؤسسات والقائمين بتمثيلها المعبرين عن إرادتها . والدستور إذ يحدد سلطات الدولة ومؤسساتها يقتضي أن تكون تلك السلطات والمؤسسات خاضعة للدستور عاملة في إطاره لا تعدوه ولا تخرج عليه . ومن هنا قيل أن الدستور تضعه " السلطة المؤسسة " في الدولة وان هذه السلطات والمؤسسات داخل الدولة إنما هي سلطات مؤسسة والدولة نفسها في ظل الشرعية الدستورية تعتبر مؤسسة المؤسسات . ومن المنطقي أن السلطة المؤسسة وما تضعه من دستور تأتى في وضع اعلي واسمي من السلطات المؤسسة وما يصدر عنها من قوانين أو قرارات أو حتى أحكام قضائية . كل سلطات الدولة الحديثة من تشريعية وتنفيذية وقضائية تخضع للدستور بحسبان أن الدستور هو سند وجود هذه السلطات جميعاً وهو مصدر شرعيتها فإذا كان ذلك كذلك فانه لا يتصور أن يصدر عن السلطات التشريعية قانون يخالف الدستور وكذلك أيضا لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تصدر قرارات مخالفة للدستور الذي هو سند وجود هذه السلطة وهو الذي أعطاها ما تمارسه من اختصاصات . كذلك السلطة القضائية مع الاختلاف بين طبيعتها وطبيعة السلطتين الأخريين بحسبانها سلطة غير منشئة فهي لا تشرع ولا تسن قوانين ولا تصدر قرارات وأنها هي تفصل في منازعات تثور بين الناس وبعضهم أو بين الناس وأجهزة الدولة أو حتى بين أجهزة الدولة نفسها . السلطة القضائية سلطة غير منشئة بهذا المعني وانما هي سلطة فصل في المنازعات وهي تفصل في هذه المنازعات علي ضوء أحكام القانون . وأحكام القانون بالمعني الواسع أو عبارة سيادة القانون بمعني اعم تغني حكم أو سيادة القانون . وعبارة حكم القانون أو سيادته the rule of law عني سيادة القاعدة القانونية بمعناها الشامل والذي يبدا من اعلي بالقاعدة الدستورية ثم تأتى القاعدة التشريعية ثم القرارات الإدارية لائحية أو فردية ولا يتصور أن يوجد مبدأ سيادة القانون كاملا إذا كان القضاء لا يستطيع أن يتصدى لقاعدة قانونية سواء صدرت عن سلطة التشريع أو عن سلطة التنفيذ لكي يعلن انها مخالفة للدستور أو موافقة له . هذا هو المفهوم العام البسيط للشرعية الدستورية . وهو مفهوم حديث نسبياً . ذلك أن فكرة الدستور نفسها باعتباره القانون الأساسي أو القانون الذي يسمو علي غيره من القوانين هي فكرة لا يتجاوز عمرها قرنين من الزمان إلا قليلاً . وقبل هذه المرحلة كانت الدولة تقوم أساساً علي حكم الفرد وعلي إرادة هذا الفرد الحاكم أو مجموعة الإفراد الحاكمين . كان معني الشرعية يرجع إلى إدارة الملك أو إرادة الأمير أو إرادة السلطان أو ما شئت من مسميات . كان كل ما يصدر عن هؤلاء يعد مشروعاً ما داموا يتمتعون بسدة الحكم . وكانت إرادة الدولة آنذاك ترتبط بإرادتهم وتختلط بها . لم يكن الملك أو الأمير أو السلطات صاحب " اختصاص " يزاوله استناداً إلى قاعدة قانونية وانما كان يعتبر نفسه وكان يعتبر الناس هو " صاحب السلطة " وليس معبراً عنها أو ممثلا لها كما يقال الآن في ظل الشرعية الدستورية أو في ظل مبدأ سيادة القانون . ومن هنا كان صحيحاً من ناحية الواقع ومن ناحية القانون ما قاله لويس الرابع عشر ملك فرنسا " أن الدولة " “ I'ETATC'ENT MOI “ ذلك أن الدولة كانت تختلط بشخص الحاكم من كل ناحية . ذمتها المالية هي ذمته المالية . إرادتها هي إرادته . كلمته هي القانون والقانون هو كلمته . ومن هنا جاز للويس الرابع عشر أن يقول " أنا الدولة " وكان هذا القول ليس من باب الفخر " والعنجهية " وانما كان تعبيراً عن حقائق العصر . وبعد ذلك سارت الدولة في طريق طويل انتهت بان انفصلت إرادة الحاكم عن إرادة الدولة . اصبح للدولة إرادتها واصبح الحاكم مجرد معبر عن هذه الإرادة . وهو لا يعبر عن هذه الإرادة تعبيرا مزاجيا يعبر عنها وفقا لقواعد معينة موضوعة ومعروفة سلفا . فان هو خرج عن هذه القواعد فان تعبيره يكون غير مشروع . وصاحب ذلك وجود فكرة المؤسسة التي تعني وجود تنظيم مستمر له إطار قانوني يستند إليه وله عاملون يمارسون اختصاصات المؤسسة وفقا للإطار الذي تحدده القواعد المنشئة لها . وتأكد ذلك كله – وجود مؤسسات وانفصال شخصية الحاكم عن شخصية الدولة – عندما عرفت الإنسانية القواعد الدستورية . وكانت إنجلترا هي اسبق البلاد لمعرفة القواعد الدستورية سواء عرفية أو مكتوبة ولكن التجربة الدستورية البريطانية التي بدأت منذ القرن الثاني عشر وتطورت تطورا بطيئا لم يكتمل إلا في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ظلت بعيدة عن التأثير المباشر علي دول العالم عدا المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية والتي أصبحت بعد ذلك " الولايات المتحدة الأمريكية " وكان التطور الدستوري البريطاني منذ القرن الثاني عشر وحتى القرن العشرين يسير في خط واضح . تقليص سلطات الملوك وزيادة سلطات المجالس المنتخبة إلى أن وصل التطور إلى ذروته واصبح الملك في إنجلترا مجرد رمز عار من كل السلطات صغيرها وكبيرها . واصبح البرلمان وحكومته هو الذي يجمع السلطات جميعا في قبضته . ولكن التجربة البريطانية رغم انها هي التي انبتت مبدأ سيادة القانون the rule of law إلا أن تأثيرها في مضمون فكرة الشرعية الدستورية كان محدودا . ومرجع ذلك إلى أن القواعد الدستورية في بريطانيا كانت تصدر عن البرلمان بالأغلبية العادية . وكانت القوانين كذلك تصدر عن البرلمان بالأغلبية العادية مما يمكن معه القول انه من الناحية الشكلية فان القاعدة الدستورية تتساوى مع القاعدة القانونية من حيث المصدر . حقا يبقي للقاعدة الدستورية نوع من السمو الموضوعي . ولكن هذا السمو الموضوعي – كما سنري – ليس هو المعول عليه عندما نتحدث عن الشرعية الدستورية ورقابة دستورية القوانين . وكان لابد للتطور الحاسم في قضية الشرعية الدستورية أن ينتظر أمرين هامين أما أولهما فقد كان إعلان الدستور الأمريكي في 17 سبتمبر عام 1787 الذي يعتبر اقدم دستور وضعي مكتوب . وأما ثانيهما وأبعدهما أثرا وتأثيرا فتلك هي الثورة الفرنسية التي بدأت أحداثها عام 1789 وأتى نقلت النظام السياسي كله من حال إلى حال . وليس من همنا هنا أن ندرس التطور الدستوري في أوربا بعد الثورة الفرنسية أو في أمريكا بعد استقلال الولايات المتحدة وإعلان دستورها . هذا أمر يطول شرحه ويخرج عن النطاق المحدود لهذه الدراسة الذي يعني أساساً بموضوع الشرعية الدستورية . بل إن موضوع الشرعية الدستورية نفسه أوسع مدي من الهدف المحدد الذي نقصد إليه في هذا المؤلف . وهو هدف اكثر تواضعاً من دراسة الشرعية الدستورية بمعناها الشامل ولكنه هدف مرتبط بهذه الشرعية أوثق ارتباط حتى أن تلازمهما يبدو واضحاً . ذلك الهدف هو دراسة مسالة رقابة دستورية القوانين . تطور مسالة رقابة دستورية القوانين : ظل موضوع الرقابة علي دستورية القوانين " خصوصية " أمريكية طوال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين رغم عدم وجود قضاء دستوري متخصص ولكن المحكمة العليا الأمريكية – التي هو بمثابة قمة التنظيم القضائي في تلك البلاد – أقرت لنفسها حق رقابة دستورية القوانين منذ عام 1803 في الحكم الشهير الذي أصدره القاضي مارشال والذي سنشير إليه علي نحو اكثر تفصيلاً فيما بعد . لكن الأمر لم يستمر هكذا في القرن العشرين وبالذات في أعقاب الحرب العالمية الأولى حيث بدا مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين يجد إلى بعض الدساتير التي صدرت في فترة ما بين الحربين ثم انتشر المبدأ بعد الحرب العالمية الثانية واصبح من الأمور المستقرة أن الدساتير الحديثة في اغلبها تتبني مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين . وفي فترة ما بين الحربين رأت النمسا – 1920 – أول محكمة دستورية في أوربا . وكان فقه العلامة كلسن الفقيه الكبير وراء إنشاء هذه المحكمة . كذلك شاهدت تشيكوسلوفاكيا في نفس العام – 1920 – الشيء ذاته . وفي عام 1931 أنشئت محكمة دستورية في أسبانيا . وإذا كانت المحكمة النمساوية قد استقرت واستمرت فان المحكمتين الأخريين جارت عليهما تغيرات النظم السياسية واقتلعتهما من جذورهما . وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية بدا التطور الحقيقي والكبير في تبني الدساتير الحديثة لمدا الرقابة علي دستورية القوانين : حدث ذلك في جمهورية ألمانيا الاتحادية – آنذاك – عام 1949 وفي إيطاليا عام 1948 حيث توجد في كل من البلدين واحدة من اقوي المحاكم الدستورية . وفي الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 تنظيم خاص للرقابة السابقة علي دستورية القوانين . وفي عام 1975 تبنت اليونان نظاما للرقابة علي دستوره القوانين وكذلك فعلت أسبانيا بعد عودة النظام الديموقراطي إليها وأنشأت محكمة دستورية عام 1978 وفي عام 1980 تبنت بلجيكا نظام الرقابة علي دستورية القوانين أيضا . وهكذا انتشرت الرقابة علي دستورية القوانين في الغالبية العظمي من البلاد الأوربية . وعندما اجتاح الاستقلال القارة الأفريقية في أعقاب حرب السويس عام 1956 وبدء تصفية الإمبراطورية البريطانية والفرنسية اخذ كثير من الدساتير الحديثة بمبدا الرقابة علي دستورية القوانين (1). وعندما صدر دستور 1971 في مصر نص في مادته 174 علي إنشاء المحكمة الدستورية العليا . وهكذا نري من بعيد كيف سار التطور الدستوري في هذا الشأن حتى انه وصل إلى قلب القارة الأفريقية والي شمالها وذلك بصرف النظر عن مدي فعالية هذه الرقابة ومدي الإيمان بها لدي الأنظمة الحاكمة في البلاد الحديثة الاستقلال ومن ثم الحديثة العهد بالنظام الديموقراطي . والملحوظة التي نريد أن نبدأ بها قبل أن نختتم هذه المقدمة هي أن الرقابة علي دستورية القوانين ليست مرتبطة ارتباط السبب بالنتيجة بوجود قضاء دستوري متخصص فقد توجد الرقابة الدستورية حتى في غير وجود قضاء دستوري متخصص كما كان ومازال الحال في الولايات المتحدة الأمريكية وكما كان الحال في مصر قبل إنشاء القضاء المتخصص علي نحو ما سنري . ولعله يحسن بنا في ختام هذه المقدمة أن نورد عبارة للأستاذ الدكتور احمد فتحي سرور : " الشرعية الدستورية هي الضمان الأعلى لسيادة القانون علي سلطات الدولة ، فيها تتأكد سيادة القانون عليها . فبالشرعية الدستورية يتم تنظيم السلطة وممارسة أعمالها في إطار المشروعية . ويدعم القضاء مبدأ الشرعية الدستورية خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورا لكل سلطة ، ورادعا ضد العدوان . وتعكس الشرعية الدستورية النظام السياسي للدولة . وهو في الدولة القانونية ترتبط كل الارتباط بالنظام الديمقراطي وبسيادة القانون . ويدعم ذلك كله قضاء دستوري يحمي الشرعية الدستورية فيدعم بذلك سيادة القانون (2). وسنمضي في دراستنا هذه علي النحو التالي : 1 – المقدمات الضرورية لوجود رقابة علي دستورية القوانين . 2 – المفهوم العام لمعني الرقابة علي دستورية القوانين . 3 – اختيار بعض أنظمة الرقابة من اجل نوع من الدراسة المقارنة ( الولايات المتحدة – فرنسا – ألمانيا – إيطاليا – النمسا ) . 4 – الرقابة علي دستورية القوانين في مصر قبل إنشاء القضاء الدستوري المتخصص وبعده . وبالله التوفيق

    الشرعية الدستورية
    مقدمة :
    الشرعية الدستورية تعني أن يكون الدستور بحسبانه القانون الاسمي في بلد من البلاد هو المرجع لتحديد مؤسسات الدولة واختصاصات هذه المؤسسات والقائمين بتمثيلها المعبرين عن إرادتها .
    والدستور إذ يحدد سلطات الدولة ومؤسساتها يقتضي أن تكون تلك السلطات والمؤسسات خاضعة للدستور عاملة في إطاره لا تعدوه ولا تخرج عليه .
    ومن هنا قيل أن الدستور تضعه " السلطة المؤسسة " في الدولة وان هذه السلطات والمؤسسات داخل الدولة إنما هي سلطات مؤسسة والدولة نفسها في ظل الشرعية الدستورية تعتبر مؤسسة المؤسسات .
    ومن المنطقي أن السلطة المؤسسة وما تضعه من دستور تأتى في وضع اعلي واسمي من السلطات المؤسسة وما يصدر عنها من قوانين أو قرارات أو حتى أحكام قضائية .
    كل سلطات الدولة الحديثة من تشريعية وتنفيذية وقضائية تخضع للدستور بحسبان أن الدستور هو سند وجود هذه السلطات جميعاً وهو مصدر شرعيتها فإذا كان ذلك كذلك فانه لا يتصور أن يصدر عن السلطات التشريعية قانون يخالف الدستور وكذلك أيضا لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تصدر قرارات مخالفة للدستور الذي هو سند وجود هذه السلطة وهو الذي أعطاها ما تمارسه من اختصاصات .
    كذلك السلطة القضائية مع الاختلاف بين طبيعتها وطبيعة السلطتين الأخريين بحسبانها سلطة غير منشئة فهي لا تشرع ولا تسن قوانين ولا تصدر قرارات وأنها هي تفصل في منازعات تثور بين الناس وبعضهم أو بين الناس وأجهزة الدولة أو حتى بين أجهزة الدولة نفسها .
    السلطة القضائية سلطة غير منشئة بهذا المعني وانما هي سلطة فصل في المنازعات وهي تفصل في هذه المنازعات علي ضوء أحكام القانون .
    وأحكام القانون بالمعني الواسع أو عبارة سيادة القانون بمعني اعم تغني حكم أو سيادة القانون . وعبارة حكم القانون أو سيادته the rule of law عني سيادة القاعدة القانونية بمعناها الشامل والذي يبدا من اعلي بالقاعدة الدستورية ثم تأتى القاعدة التشريعية ثم القرارات الإدارية لائحية أو فردية ولا يتصور أن يوجد مبدأ سيادة القانون كاملا إذا كان القضاء لا يستطيع أن يتصدى لقاعدة قانونية سواء صدرت عن سلطة التشريع أو عن سلطة التنفيذ لكي يعلن انها مخالفة للدستور أو موافقة له .
    هذا هو المفهوم العام البسيط للشرعية الدستورية . وهو مفهوم حديث نسبياً . ذلك أن فكرة الدستور نفسها باعتباره القانون الأساسي أو القانون الذي يسمو علي غيره من القوانين هي فكرة لا يتجاوز عمرها قرنين من الزمان إلا قليلاً .
    وقبل هذه المرحلة كانت الدولة تقوم أساساً علي حكم الفرد وعلي إرادة هذا الفرد الحاكم أو مجموعة الإفراد الحاكمين .
    كان معني الشرعية يرجع إلى إدارة الملك أو إرادة الأمير أو إرادة السلطان أو ما شئت من مسميات .
    كان كل ما يصدر عن هؤلاء يعد مشروعاً ما داموا يتمتعون بسدة الحكم . وكانت إرادة الدولة آنذاك ترتبط بإرادتهم وتختلط بها .
    لم يكن الملك أو الأمير أو السلطات صاحب " اختصاص " يزاوله استناداً إلى قاعدة قانونية وانما كان يعتبر نفسه وكان يعتبر الناس هو " صاحب السلطة " وليس معبراً عنها أو ممثلا لها كما يقال الآن في ظل الشرعية الدستورية أو في ظل مبدأ سيادة القانون .
    ومن هنا كان صحيحاً من ناحية الواقع ومن ناحية القانون ما قاله لويس الرابع عشر ملك فرنسا " أن الدولة " “ I'ETATC'ENT MOI “ ذلك أن الدولة كانت تختلط بشخص الحاكم من كل ناحية . ذمتها المالية هي ذمته المالية . إرادتها هي إرادته . كلمته هي القانون والقانون هو كلمته . ومن هنا جاز للويس الرابع عشر أن يقول " أنا الدولة " وكان هذا القول ليس من باب الفخر " والعنجهية " وانما كان تعبيراً عن حقائق العصر .
    وبعد ذلك سارت الدولة في طريق طويل انتهت بان انفصلت إرادة الحاكم عن إرادة الدولة . اصبح للدولة إرادتها واصبح الحاكم مجرد معبر عن هذه الإرادة . وهو لا يعبر عن هذه الإرادة تعبيرا مزاجيا يعبر عنها وفقا لقواعد معينة موضوعة ومعروفة سلفا . فان هو خرج عن هذه القواعد فان تعبيره يكون غير مشروع .
    وصاحب ذلك وجود فكرة المؤسسة التي تعني وجود تنظيم مستمر له إطار قانوني يستند إليه وله عاملون يمارسون اختصاصات المؤسسة وفقا للإطار الذي تحدده القواعد المنشئة لها .
    وتأكد ذلك كله – وجود مؤسسات وانفصال شخصية الحاكم عن شخصية الدولة – عندما عرفت الإنسانية القواعد الدستورية .
    وكانت إنجلترا هي اسبق البلاد لمعرفة القواعد الدستورية سواء عرفية أو مكتوبة ولكن التجربة الدستورية البريطانية التي بدأت منذ القرن الثاني عشر وتطورت تطورا بطيئا لم يكتمل إلا في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ظلت بعيدة عن التأثير المباشر علي دول العالم عدا المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية والتي أصبحت بعد ذلك " الولايات المتحدة الأمريكية " وكان التطور الدستوري البريطاني منذ القرن الثاني عشر وحتى القرن العشرين يسير في خط واضح . تقليص سلطات الملوك وزيادة سلطات المجالس المنتخبة إلى أن وصل التطور إلى ذروته واصبح الملك في إنجلترا مجرد رمز عار من كل السلطات صغيرها وكبيرها . واصبح البرلمان وحكومته هو الذي يجمع السلطات جميعا في قبضته .
    ولكن التجربة البريطانية رغم انها هي التي انبتت مبدأ سيادة القانون the rule of law إلا أن تأثيرها في مضمون فكرة الشرعية الدستورية كان محدودا . ومرجع ذلك إلى أن القواعد الدستورية في بريطانيا كانت تصدر عن البرلمان بالأغلبية العادية . وكانت القوانين كذلك تصدر عن البرلمان بالأغلبية العادية مما يمكن معه القول انه من الناحية الشكلية فان القاعدة الدستورية تتساوى مع القاعدة القانونية من حيث المصدر . حقا يبقي للقاعدة الدستورية نوع من السمو الموضوعي . ولكن هذا السمو الموضوعي – كما سنري – ليس هو المعول عليه عندما نتحدث عن الشرعية الدستورية ورقابة دستورية القوانين .
    وكان لابد للتطور الحاسم في قضية الشرعية الدستورية أن ينتظر أمرين هامين أما أولهما فقد كان إعلان الدستور الأمريكي في 17 سبتمبر عام 1787 الذي يعتبر اقدم دستور وضعي مكتوب .
    وأما ثانيهما وأبعدهما أثرا وتأثيرا فتلك هي الثورة الفرنسية التي بدأت أحداثها عام 1789 وأتى نقلت النظام السياسي كله من حال إلى حال .
    وليس من همنا هنا أن ندرس التطور الدستوري في أوربا بعد الثورة الفرنسية أو في أمريكا بعد استقلال الولايات المتحدة وإعلان دستورها . هذا أمر يطول شرحه ويخرج عن النطاق المحدود لهذه الدراسة الذي يعني أساساً بموضوع الشرعية الدستورية .
    بل إن موضوع الشرعية الدستورية نفسه أوسع مدي من الهدف المحدد الذي نقصد إليه في هذا المؤلف . وهو هدف اكثر تواضعاً من دراسة الشرعية الدستورية بمعناها الشامل ولكنه هدف مرتبط بهذه الشرعية أوثق ارتباط حتى أن تلازمهما يبدو واضحاً . ذلك الهدف هو دراسة مسالة رقابة دستورية القوانين .
    تطور مسالة رقابة دستورية القوانين :
    ظل موضوع الرقابة علي دستورية القوانين " خصوصية " أمريكية طوال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين رغم عدم وجود قضاء دستوري متخصص ولكن المحكمة العليا الأمريكية – التي هو بمثابة قمة التنظيم القضائي في تلك البلاد – أقرت لنفسها حق رقابة دستورية القوانين منذ عام 1803 في الحكم الشهير الذي أصدره القاضي مارشال والذي سنشير إليه علي نحو اكثر تفصيلاً فيما بعد .
    لكن الأمر لم يستمر هكذا في القرن العشرين وبالذات في أعقاب الحرب العالمية الأولى حيث بدا مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين يجد إلى بعض الدساتير التي صدرت في فترة ما بين الحربين ثم انتشر المبدأ بعد الحرب العالمية الثانية واصبح من الأمور المستقرة أن الدساتير الحديثة في اغلبها تتبني مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين .
    وفي فترة ما بين الحربين رأت النمسا – 1920 – أول محكمة دستورية في أوربا . وكان فقه العلامة كلسن الفقيه الكبير وراء إنشاء هذه المحكمة .
    كذلك شاهدت تشيكوسلوفاكيا في نفس العام – 1920 – الشيء ذاته .
    وفي عام 1931 أنشئت محكمة دستورية في أسبانيا .
    وإذا كانت المحكمة النمساوية قد استقرت واستمرت فان المحكمتين الأخريين جارت عليهما تغيرات النظم السياسية واقتلعتهما من جذورهما .
    وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية بدا التطور الحقيقي والكبير في تبني الدساتير الحديثة لمدا الرقابة علي دستورية القوانين : حدث ذلك في جمهورية ألمانيا الاتحادية – آنذاك – عام 1949 وفي إيطاليا عام 1948 حيث توجد في كل من البلدين واحدة من اقوي المحاكم الدستورية .
    وفي الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 تنظيم خاص للرقابة السابقة علي دستورية القوانين .
    وفي عام 1975 تبنت اليونان نظاما للرقابة علي دستوره القوانين وكذلك فعلت أسبانيا بعد عودة النظام الديموقراطي إليها وأنشأت محكمة دستورية عام 1978 وفي عام 1980 تبنت بلجيكا نظام الرقابة علي دستورية القوانين أيضا .
    وهكذا انتشرت الرقابة علي دستورية القوانين في الغالبية العظمي من البلاد الأوربية .
    وعندما اجتاح الاستقلال القارة الأفريقية في أعقاب حرب السويس عام 1956 وبدء تصفية الإمبراطورية البريطانية والفرنسية اخذ كثير من الدساتير الحديثة بمبدا الرقابة علي دستورية القوانين (1).
    وعندما صدر دستور 1971 في مصر نص في مادته 174 علي إنشاء المحكمة الدستورية العليا .
    وهكذا نري من بعيد كيف سار التطور الدستوري في هذا الشأن حتى انه وصل إلى قلب القارة الأفريقية والي شمالها وذلك بصرف النظر عن مدي فعالية هذه الرقابة ومدي الإيمان بها لدي الأنظمة الحاكمة في البلاد الحديثة الاستقلال ومن ثم الحديثة العهد بالنظام الديموقراطي .
    والملحوظة التي نريد أن نبدأ بها قبل أن نختتم هذه المقدمة هي أن الرقابة علي دستورية القوانين ليست مرتبطة ارتباط السبب بالنتيجة بوجود قضاء دستوري متخصص فقد توجد الرقابة الدستورية حتى في غير وجود قضاء دستوري متخصص كما كان ومازال الحال في الولايات المتحدة الأمريكية وكما كان الحال في مصر قبل إنشاء القضاء المتخصص علي نحو ما سنري .
    ولعله يحسن بنا في ختام هذه المقدمة أن نورد عبارة للأستاذ الدكتور احمد فتحي سرور : " الشرعية الدستورية هي الضمان الأعلى لسيادة القانون علي سلطات الدولة ، فيها تتأكد سيادة القانون عليها . فبالشرعية الدستورية يتم تنظيم السلطة وممارسة أعمالها في إطار المشروعية . ويدعم القضاء مبدأ الشرعية الدستورية خلال استقلاله وحصانته لتصبح القاعدة القانونية محورا لكل سلطة ، ورادعا ضد العدوان .
    وتعكس الشرعية الدستورية النظام السياسي للدولة . وهو في الدولة القانونية ترتبط كل الارتباط بالنظام الديمقراطي وبسيادة القانون . ويدعم ذلك كله قضاء دستوري يحمي الشرعية الدستورية فيدعم بذلك سيادة القانون (2).
    وسنمضي في دراستنا هذه علي النحو التالي :
    1 – المقدمات الضرورية لوجود رقابة علي دستورية القوانين .
    2 – المفهوم العام لمعني الرقابة علي دستورية القوانين .
    3 – اختيار بعض أنظمة الرقابة من اجل نوع من الدراسة المقارنة ( الولايات المتحدة – فرنسا – ألمانيا – إيطاليا – النمسا ) .
    4 – الرقابة علي دستورية القوانين في مصر قبل إنشاء القضاء الدستوري المتخصص وبعده .
    وبالله التوفيق


    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:25 am

    2008
    شرح قانون - التعليـق على تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا

    التعليـق على
    القرار بالقانون رقم 168 لسنة 1998 بشأن
    تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا
    *استرداد الضرائب بالرغم من التعديل*
    ونص القانون 48 لسنة 1979 والتعديل بالقانون 168 لسنة 1998
    · طبيعة قانون المحكمة الدستورية العليا .
    · اختصاصات المحكمة الدستورية العليا .
    · كيفية الطعن على نص بعدم الدستورية .
    · طبيعة أحكام المحكمة الدستورية العليا .
    · مدى إلزامية أحكام المحكمة الدستورية العليا .
    · مدى تغيير مبادئ أحكام المحكمة الدستورية العليا .
    · مدى تأثر الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا بالتعديل .
    · مدى دستورية تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا .
    · الآثار المترتبة على الحكم الصادر بعدم الدستورية .
    · التعديل لا يمنع من استرداد الضريبة وكيفية استرداد الضريبة .
    مكـرم فخـرى منصـور
    المحــامى

    الناشر / المكتبة القانونية
    18 شارع سامى البارودى - باب الخلق



    مقدمة
    لما كان الحكم بعدم دستورية نص - سواء كان هذا النص فى قانون أو لائحة - هو تقرير ببطلان هذا النص وكان هذا البطلان متعلقا بالنظام العام هذا فضلا عن أن التقرير بالبطلان يعنى انعدام النص منذ ميلاده ، ولما كان إطلاق هذا المبدأ يؤثر على المعاملات والعلاقات التى تكون قد ترتبت ونشأت بناء على هذا النص المحكوم بعدم دستوريته فإن المشرع فى ظل القانون رقم القانون 48 لسنة 1979بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا - مادة 49 - قد تناول الآثار المترتبة على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة فنص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ، هذا فضلا عن أن المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون قد بينت أن مؤداه هو عدم تطبيق النص ليس فى المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز القانونية التى تكون قد استقرت عند صدوره ……
    ثم صدر القرار بالقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا وألغى الأثر الرجعى للنصوص الضريبية المحكوم بعدم دستوريتها ولم يرتب لها إلا أثرا مباشرا يبدأ من اليوم التالى لنشر الحكم بالجريدة الرسمية ، ما لم تحدد المحكمة تاريخ آخر ، وفيما عدا المدعى الذى قضى فى دعواه بعدم الدستورية النص الضريبى ، هذا فضلا عن أنه خول المحكمة الدستورية العليا الحق فى تحديد تاريخا أسبق لبدء تنفيذ الحكم الصادر بعدم دستورية أية نصوص أخرى غير ضريبية .
    ولقد أقر مجلس الشعب بجلسته المؤرخة 5/12/1998 هذا القرار بقانون ووافق عليه …… .
    وإزاء ذلك ولما كان هذا محل خلاف وجدال فكان يتعين علينا أن نتعرض لهذا القرار بالقانون فى إيجاز شديد مع بيان طبيعة قانون المحكمة الدستورية العليا ، واختصاصها ، وكيفية الطعن على نص ، وطبيعة الأحكام ، ومدى إلزامها ، ومدى تغيير المبادئ التى تضعها ، ومدى تأثر الأثر الرجعى بالتعديل ، والآثار المترتبة على الحكم بعدم دستورية النصوص الضريبية ، وهل تعديل قانون المحكمة الدستورية يمنع من استرداد الضريبة ، وإذا كان لا يمنع كيفية الاسترداد ، مع بيان مدى دستورية التعديل ، وكذلك المبدأ الدستورى الذى أرسته المحكمة الدستورية العليا المؤيد للأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا ، .
    وكلنا أمل فى أن يحوز كتيبنا قبولكم .
    المؤلف
    مكرم فخرى منصور
    ت ، فاكس 24830846
    0127963519
    بريد الكترونى :- makram@online.com.eg
    موقع الكترونى :- makramfakhry.blogspot.com








    أولا :- طبيعة قانون المحكمة الدستورية العليا :-
    قانون المحكمة الدستورية العليا من القوانين المكملة للدستور فى النظام الدستورى المصرى ، كما أن المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها .
    ولقد نص الدستور فى المادة 174 على أن " المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ، فى جمهورية مصر العربية ، ومقرها مدينة القاهرة " . كما نصت المادة 175 على أن " تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ، وتتولى تفسير النصوص التشريعية ، وذلك كله على الوجه المبين فى القانون ، ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التى تتبع أمامها " . كما نصت المادة 176 على أن " ينظم القانون كيفية تشكيل المحكمة الدستورية العليا ، ويبين الشروط الواجب توافرها فى أعضائها وحقوقهم وحصانتهم " .
    ولقد صدر القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا الذى تضمن ستين مادة موزعة على خمسة أبواب :-

    تناول الباب الأول نظام المحكمة ( المواد 1 إلى 24 ) من حيث تشكيلها ، والجمعية العامة للمحكمة ، وحقوق الأعضاء وواجباتهم ، وهيئة المفوضين .

    وخصص الباب الثانى للاختصاصات والإجراءات ( المواد 25 إلى 45 ) .

    والباب الثالث للأحكام والقرارات ( المواد 46 إلى 51 ) .

    والباب الرابع للرسوم والمصروفات ( المواد 52 إلى 55 ) .

    والباب الخامس للشئون المالية والإدارية ( المواد 56 إلى 60 ) .
    [ راجع القانون الدستورى للدكتور رمزى الشاعر ص 587 ، 588 ]

    ثم صدر قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا .
    ونشر بالجريدة الرسمية - العدد 28 ( مكرر ) فى 11 يوليه 1998 .

    ثانيا :- اختصاصات المحكمة الدستورية العليا :-

    تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتى :-
    1. الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح .
    2. الفصل فى تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل أحدهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها .
    3. الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها.
    4. تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلافا فى التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضى توحيد تفسيرها.
    5. القضاء بعدم دستورية أى نص فى قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة اختصاصها ويتصل بالنزاع المطروح عليها وذلك بعد الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية .

    ثالثا :- كيفية الطعن على نص بعدم الدستورية :-

    تنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 على أن " تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالى:-

    أ _ إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع ، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية .

    ب _ إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن . "
    ويتضح من ذلك أنه لابد من توافر الآتى :-

    أن يكون هناك نزاع مطروحا أمام القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى - لجان الطعن الضريبى مثلا - .
    ثم بعد ذلك يرى أحد الخصوم أو المحكمة ذاتها أو الهيئة - حسب الأحوال - أن أحد النصوص الواجب تطبيقها واللازمة للفصل فى الدعوى المنظورة يحتمل مسألة عدم الدستورية - يستوى فى ذلك أن يكون هذا النص فى قانون أو لائحة – .
    فإذا كانت المحكمة أو الهيئة هى التى تراءى لها مسألة عدم الدستورية أحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية النص من عدمه ، متضمنة فى قرار الإحالة النص التشريعى المطعون عليه والنص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة ،

    أما إذا كان أحد الخصوم هو الذى دفع بعدم الدستورية فأننا نكون أحد افتراضيين :-

    الافتراض الأول :- أن ترى المحكمة أن هذا الدفع جدى فتؤجل المحكمة نظر الدعوى مع منح الخصم الذى دفع بعدم الدستورية أجلا لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا لا يتجاوز الثلاثة أشهر ، وإذا انقضى هذا الأجل دون رفع الدعوى يعتبر الدفع كأن لم يكن ،أما إذا رفعت الدعوى فى الميعاد فيجب أن تتضمن صحيفة الطعن النص التشريعى المطعون عليه بعدم الدستورية ، والنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها ، وأوجه المخالفة هذا فضلا عن توقيعها من محام مقبول للمرافعة أمام المحكمة الدستورية العليا .

    أما الافتراض الثانى :- وهو إذا رأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع بعدم الدستورية الذى أثاره الخصم غير جدى فيستمر نظر الدعوى الموضوعية طبقا للقانون دون إحالتها للمحكمة الدستورية العليا .

    وخلاصة القول :- أنه لا يمكن رفع دعوى دستورية مبتدأه أمام المحكمة الدستورية العليا دون وجود منازعة موضوعية متعلقة بالنص المطعون عليه بعدم الدستورية .

    رابعا :- طبيعة أحكام المحكمة الدستورية العليا :-

    إن طبيعة الأحكام بصفة عامة أن تكون أحكام منشئة أو مقررة أو كاشفة، ولكن طبيعة أحكام المحكمة الدستورية العليا هى ذات طبيعة كاشفة فقط تكمن فى مراقبة القوانين واللوائح وتقرير اتفاق النصوص القانونية المطعون عليها مع الدستور أو مجاوزتها للضوابط التى فرضها من خلال حيثيات حكمها ، الذى به ترسى مبادئ قانونية تتفق مع الدستور ملزمة لكل سلطات الدولة ، ولا يجوز لها أن تعدل عن هذه المبادئ فى أية أحكام أخرى إلا فى حالة تعديل الدستور أو تغييره . وأن قضائها بعدم دستورية نص هو تقريرا لزواله نافيا وجوده منذ ميلاده . وقضائها بصحته ، يؤكد استمرار نفاذه تبعا لخلوه من كل عوار يدينه ، ويجوز لها أن تتعرض للنص وتقضى بعدم دستوريته على غير الأسباب التى جاءت بصحيفة الطعن هذا بخلاف أحكام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا إذ كلتاهما لا يقضيان فى الطعن المنظور إلا على أساس الأسباب التى تضمنتها صحيفة الطعن .
    أى أن طبيعة أحكام المحكمة الدستورية العليا الكاشفة تكشف عن عوار النص أو صحته فإن كان النص صحيح تحصن ، أما إذا كان معيب دستوريا فيكون باطلا بطلانا مطلقا منذ ميلاده .

    ولقد قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 22 لسنة 18 ق بالآتى نصه :_

    “ ولا مجافاة فى ذلك لقواعد الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية ، ولا لمقاصد الدستور ، ذلك أن مباشرة هذه المحكمة لتلك الرقابة ، غايتها تقرير اتفاق النصوص القانونية المطعون عليها مع الدستور أو مجاوزتها للضوابط التى فرضها ، وتقيمها لهذه النصوص لا ينفصل عما يكون قد اعتراها من عوار عند إقرارها أو إصدارها ، فلا تكون عيوبها أمرا طارئا عارضا عليها ، بل كامنا فيها ، ولصيقا بها منذ ميلادها ، ومتصلا بها - لزوما - اتصال قرار بما يشوهها . وكشفها عن عيوبها هذه ليس إلا إعلانا عن حقيقتها ، وإثباتا لها . ولا يتصور بالتالى أن تضيفها إليها ، ولا أن تكون من خلقها أو تصورها ، ولا أن تقحمها على نصوص قانونية خلت منها ، بل هى تجليها ، محددة من خلال حكمها - وعلى ضوء أحكام الدستور - القاعدة القانونية التى يجب تطبيقها فى النزاع الموضوعى ، وهى بعد قاعدة ينبغى إعمالها بافتراض أن النص الباطل منعدم ابتداء لا انتهاء ، فلا يكون قابلا للتطبيق إلا منذ أن نشأ معيبا .
    ذلك أن إبطال هذه المحكمة للنصوص القانونية المخالفة للدستور ، يعتبر تقريرا لزوالها نافيا وجودها منذ ميلادها . وقضائها بصحتها ، يؤكد استمرار نفاذها تبعا لخلوها من كل عوار يدينها . "

    وللأسف الشديد إن تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 قد خلط بين الآثار التى تترتب على الحكم والأثر الكاشف للحكم كما خلط بين طبيعة أحكام القضاء بصفة عامة من أن تكون منشأة أو مقررة أو كاشفة وطبيعة أحكام المحكمة الدستورية ذات الطبيعة الكاشفة فقط ، فالتعديل حاول تغيير طبيعة أحكام المحكمة الدستورية فجعلها ذات طبيعة منشأة عند قضائها بعدم دستورية نص ضريبى وذات طبيعة مقررة عند قضائها بعدم دستورية أى نص آخر ، وهذا التعديل بمحاولة تغيير طبيعة أحكام المحكمة الدستورية لن يغير من طبيعتها الكاشفة إذ أن طبيعتها تستمدها من الدستور ذاته .

    كما يرى المستشار / شفيق أمام :-
    " أن آثار الحكم لاحقة لصدور الحكم ، أما الأثر الكاشف للحكم فهو جزء من تكوينه ومن طبيعته لأن الأحكام الصادرة فى الدعاوى القضائية بوجه عام لا يمكن فصلها عن الحالة القانونية أو الواقعية السابقة على صدور هذه الأحكام والتى يتم تصويبها من خلال الحكم الصادر فى الدعاوى القضائية ليصدر حكم يقرر وجه الحقيقة فى هذه الحالة بعد سماع طرفى الخصومة ومناقشتهما وتحقيق أقوالهما وفحص ما يقدمانه من أدلة ليجرى على وقائع النزاع ما يثبت لدى القاضى أنه الحق فالقضاء يقوم على التحقق من مدى تطابق بين المراكز القانونية التى اكتسبها الخصوم بحكم الواقع وبين المراكز القانونية الصحيحة التى يوجبها القانون لهم وعلى أساس مقابلة تلك المراكز يصدر الحكم فى ادعاءات الخصوم فى الدعاوى ، ولهذا فإن الحكم القضائى فيما يقرره من صحيح حكم القانون على وقائع النزاع إنما يكون كاشفا عن حكم القانون على هذه الوقائع مرتدا بما قضى به إلى تاريخ نشوء الحق المحكوم به أو إلى تاريخ العدوان عليه أو إلى تاريخ انتقاله أو زواله ، فالحكم هو الخاتمة الطبيعية لكل خصومة ليكشف عن وجه الحق فى مراكز الخصوم فيها ويبين حقوق كل منهما قبل التداعى أمام المحاكم وما طرأ على هذه الحقوق من تعديل أثناء سير الخصومة إلى أن يصدر الحكم فيها فهو بطبيعته كاشف عن هذه المراكز وعن هذه الحقوق وليس نشأ لها .
    ……… إلا أن الأحكام القضائية جميعا سواء كانت كاشفة كأصل عام أو منشأة لا تترتب عليها آثارها إلا من تاريخ صدورها كما أن بعض هذه الآثار لا تترتب عليها إلا من تاريخ لاحق على صدورها وهو انقضاء ميعاد الطعن فيها بطريق الاستئناف دون استئنافها …… "
    " راجع أزمة المحكمة الدستورية – المستشار شفيق أمام ص 80 وما بعدها "

    خامسا :- مدى إلزامية أحكام المحكمة الدستورية العليا لكافة سلطات الدولة :-
    لما كانت سلطات الدولة تتمثل فى السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية ، وهذه السلطات تمارس اختصاصاتها وفقا للدستور والقانون وتراقب كل منها السلطة الأخرى فى ممارسة اختصاصها فى نطاق من التعاون ، وكانت المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها نص عليها الدستور ، ومن اختصاصها - دون غيرها - الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وأن قضائها بعدم دستورية نص ملزم لكافة سلطات الدولة ولا يجوز العمل به اعتبارا من اليوم التالى لنشر الحكم - وفقا لنص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والمعدل بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - هذا فضلا عن الأثر الرجعى أو بمعنى أدق الأثر الكاشف الذى سنتولى إيضاحه فيما بعد . وهذا الالتزام يستمد حجيته من الدستور ذاته وطبيعة الخصومة فى الدعوى الدستورية باعتبارها خصومة عينية - لتوجيهها للنص المطعون فيه بعدم الدستورية - والحكم الصادر فيها له حجية مطلقة – وليست نسبية - ترد على الكافة مشروطة بوحدة الموضوع ووحدة السبب .

    · وما الفرق بينها وبين أحكام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا :-

    إن الأحكام الصادرة من كلتا المحكمتين النقض والإدارية العليا ملزمة من الناحية الأدبية للمحاكم الأقل منها فى الدرجة أو بمعنى أصح هى ملزمة من الناحية الأدبية لقضاة ومستشارين المحاكم الأقل درجة عند الحكم فى دعوى منظورة أمامهم ويكون هناك مبدأ قانونى سبق وأن أرسته أى من المحكمتين واجب التطبيق فى الدعوى المنظورة فللمستشارين والقضاة الذين ينظرون الدعوى أما تطبيق ما أرسته المحكمة العليا أو العدول عنه دون أن يكون ملزمين بتطبيقه قانونا، باعتبار أن محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا كل منهما فى حدود اختصاصها ترسى قواعد قانونية قضائية فى تطبيق وتفسير وتأويل القانون وهى رقيب على الأحكام الصادرة من قضاة ومستشارين المحاكم الأقل منها متى طعن على هذه الأحكام أمامها وبناء على أسباب الطعن المعروضة بصحيفة الطعن دون أن تتعداها ، هذا بخلاف أحكام المحكمة الدستورية العليا كما سبق ذكره .



    · أما بالنسبة لأحكام المحكمة الدستورية العليا :-

    فإن الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا واعتبارا من اليوم التـالى لتاريخ نشرها بالجريدة الرسمية تصبح هذه الأحكام ملزمة لكل سلطات الدولة لما له من حجية مطلقة - التشريعية والقضائية والتنفيـذية - ويعدم النص المحكوم بعدم دستوريته ليس من تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا أو تاريخ نشره ولكن من تاريخ صدور القانون المحكوم بعدم دستورية أحد نصوصه باستثناء المراكز القانونية التى تكون استقرت حتى اليوم التالى لتاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية - هذا قبل تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - . ويكون استقرار المراكز القانونية أما بالتقادم أو بصدور حكم نهائى بات فى نزاع متعلق بالنص المحكوم بعدم دستوريته ،

    ولقد قضت المحكمة الدستورية العليا بالمبدأ الآتى :-

    " وليس مفهوما أن تكون واقعة نشر الأحكام الصادرة بعدم دستورية بعض النصوص القانونية - فى ذاتها - حدا زمنيا فاصلا بين صحتها وبطلانها ، فلا يكون النص الباطل منعدما إلا اعتبارا من اليوم التالى لهذا النشر .

    والقول بذلك مؤداه أن يكون التقاضى جهدا ضائعا وعملا عبثيا ، وأن للنص القانونى الواحد مجالين زمنيين ، يكون صحيحا فى أحدهما ، وباطلا فى ثانيهما ، حال أن بطلان النصوص القانونية لا يتجزأ ، ويستحيل أن ينقلب العدم وجودا ، ولا أن يكون مداه متفاوتا أو متدرجا ، فالساقط لا يعود أبدا .
    وحيث أن قانون المحكمة الدستورية العليا - ضمانا لصون الحرية الشخصية التى كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التى لا يجوز الإخلال بها عدوانا - قد نص فى المادة 49 منه ، على أنه إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلق بنص جنائى ، فإن أحكام الإدانة الصادرة استنادا إليه ، تعتبر كأن لم تكن . وهو ما يعنى سقوطها بكل آثارها ولو صار الطعن فيها ممتنعا ، لتفارقها قوة الأمر المقضى التى قارنتها .
    وتلك هى الرجعية الكاملة التى أثبتها قانون المحكمة الدستورية العليا لأحكامها الصادرة بإبطال النصوص العقابية . وهى بعد رجعية لا قيد عليها ولا عاصم منها ، بل يكون أثرها جارفا لكل عائق على خلافها ولو كان حكما نهائيا.
    فإذا كان قضائها مبطلا لنص غير جنائى ، فإن أثره الرجعى يظل جاريا ، ومنسحبا إلى الأوضاع والعلائق التى أتصل بها مؤثرا فيها ، حتى ما كان منها سابقا على نشره فى الجريدة الرسمية ، ما لم تكن الحقوق والمراكز التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى توافر فيه شرطان :- أولهما : أن يكون باتا وذلك باستنفاذه طرق الطعن جميعا ، ثانيهما : أن يكون صادرا قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا ، ومحمولا على النصوص القانونية عينها التى قضى ببطلانها ."( القضية رقم 22 لسنة 18 قضائية "دستورية " جلسة 30 / 11 / 1996 ) .

    وعليه … عند نظر محكمة النقض أو المحكمة الإدارية العليا لطعن ما … ويكون نص القانون المطبق على النزاع موضوع الطعن قد قضى فيه بعدم الدستورية ، فإن المحكمة سواء النقض أو الإدارية العليا تلتزم بحكم المحكمة الدستورية العليا باعتبارهما من السلطة القضائية ، كما يجوز لأى من المحكمتين أن تتصدى لأى نص فى قانون أو لائحة معروض عليها ترى أنه غير دستورى فتحيل الدعوى للمحكمة الدستورية العليا للفصل فيه – على النحو السالف ذكره – ………… هذا فضلا عن التزام جميع السلطات بالدولة.

    سادسا :- هل المبادئ التى تضعها أحكام المحكمة الدستورية العليا تتغير بعد صدور تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا - ما هو التعديل - :-

    بادئ ذى بدء لابد وأن نبين ما هو التعديل فلقد قرر المشرع فى المادة الأولى من قانون تعديل المحكمة الدستورية العليا بتعديل المادة 49 بالآتى " يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم بذلك تاريخا آخر أسبق ، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له فى جميع الأحوال إلا أثرا مباشرا ، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص " .

    وطبقا لهذا التعديل أصبح كل حكم قضى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لا يجوز تطبيقه بأثر رجعى ما لم يحدد ذات الحكم القاضى بعدم الدستورية تاريخا لبدء العمل بالأثر الرجعى لهذا الحكم وهذا فيما عدا جميع النصوص الضريبية- من تاريخ صدور القرار بقانون بتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا فى 11/8/1998 - التى قد يقضى بعدم دستوريتها فهذه الأحكام لا يكون لها أية آثار قبل نشر الحكم فى الجريدة الرسمية ولا يستفيد منها غير المدعى الذى قضى لصالحه فى الدعوى دون أحدا غيره .

    ولما كان من المعلوم لرجال القانون والفقه والمستقر عليه أن أحكام المحكمة الدستورية العليا ، أو المبادئ أو بمعنى أوضح حيثيات أحكام المحكمة الدستورية العليا لا تتغير أو تتبدل إذ أنها ترسى مبادئ قانونية دستورية تساير الدستور وطبقا له ، وأن تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا لن يغير المبادئ التى سبق وأن أرستها المحكمة الدستورية العليا أو يجعلها تعدل عنها مستقبلا إذ أن هذه المبادئ الدستورية تنبع من الدستور ذاته ، وما دام الدستور بمنأى عن التعديل أو التغيير فالمبادئ الدستورية التى أرسيت لا مجال لتغييرها إلا بتغيير الدستور أو تعديله.

    ومن هنا يكون قد بات واضحا أن أساس حيثيات أحكام المحكمة الدستورية العليا هو الدستور وليس قانون المحكمة الدستورية العليا ، ولما كان سبق وأن قضت المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 22 لسنة 18 قضائية "دستورية " جلسة 30 / 11 / 1996 بتفسير الأثر الرجعى لأحكامها - كما سبق وأن ذكرناه - فإنه فى ظل تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا وبالرغم من النص على " عدم جواز تطبيق النص - المحكوم بعدم دستوريته - من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم تاريخا آخر أسبق " فإنه يمتنع على المحكمة الدستورية العليا أن تضع مبدأ قانونيا خلاف المبدأ الذى أرسته فى القضية رقم 22 لسنة 18 قضائية "دستورية " جلسة 30 / 11 / 1996.
    وعليه يكون للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا أثرا مباشرا وكذلك أثرا رجعيا مادام كان هناك مجال لإعماله - عدا النصوص الضريبية طبقا للتعديل - .

    سابعا :- الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا ومدى تأثره بتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا :-

    كما أسلفنا القول أن المحكمة الدستورية العليا تضع بحيثيات أحكامها مبادئ دستورية ولا يجوز لها أن تعدل عنها مهما طالت مدتها إلا إذا تم تعديل الدستور أو تغييره ، ولا مجال لأن تضع المحكمة الدستورية العليا تاريخا لبدء الأثر الرجعى لأحكامها المتعلقة بالنصوص الجنائية فالتعديل خص نص الفقرة الثالثة من المادة التاسعة والأربعون من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 فقط دون المساس بالفقرة الرابعة والمتعلقة بالنصوص الجنائية فلم يشملها التعديل ،

    والقاعدة العامة أن الأثر المترتب على القضاء بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشره فى الجريدة الرسمية - وإن القصد من النشر فى الجريدة الرسمية هو افتراض علم الكافة به والالتزام بحجيته المطلقة فيما قضى به من عدم دستورية النص ، وليس مفهوما أن تكون واقعة نشر الحكم هى تحديد تاريخا لبدء بطلان النص فلا يجوز أن يكون للنص القانونى الواحد مجالين زمنيين ، يكون صحيحا فى أحدهما وباطلا فى ثانيهما ، حال أن بطلان النصوص القانونية لا يتجزأ ، هذا فضلا عن أن إذا كان لابد من نشر النصوص القانونية فى الجريدة الرسمية عند إصدارها وكذلك عند إلغاءها فلازم ولابد بل ومن باب أولى من نشر الحكم القاضى ببطلانها - ولما كانت أحكام المحكمة الدستورية العليا فى قضائها بعدم دستورية نص تقضى بانعدام هذا النص منذ ميلاده وإلغاء كافة آثاره ، فيما عدا المراكز القانونية التى استقرت بناء على هذا النص - وهى قاعدة قانونية منطقية صحيحة - تأسيسا على قاعدة أصولية وهى أن ما بنى على باطل فهو باطل ، ويستحيل أن ينقلب العدم وجودا ، ولا أن يكون مداه متفاوتا ، فالساقط لا يعود أبدا .

    وللأسف الشديد أن التعديل قد أعطى للمحكمة الدستورية العليا أن تحدد تاريخا آخر أسبق لبدء سريان الأثر الرجعى فى كل حكم على حده أو آلا تضع تاريخا، ….

    وهنا الصدام بين المبدأ الدستورى الذى استقر وبين التعديل الذى أتى به المشرع - بالرغم من أن المستقر عليه فى مبادئ المحكمة الدستورية العليا من أن آثار أحكام المحكمة الدستورية العليا تنصرف إلى العلائق والأوضاع السابقة عليها بعد أن مسها النص المطعون فيه مؤثرا فى بنيانها . ومن ثم كان تصويبها من خلال الدعوى الدستورية لازما لرد الأضرار التى لحقتها أو التى تتهددها . ويقتضى ذلك بالضرورة أن يكون قضاء المحكمة الدستورية العليا بأبطال النص المطعون فيه ، منسحبا إليه ، ليعيدها إلى الحالة التى كان عليها قبل سريان النص الباطل فى شأنها –
    ولكن بعد صدور القرار بقانون بتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا فيجب أن نبين الفروض التى يمكن أن تثور فى هذا الشأن:-

    ففى حالة صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا متضمنا تاريخا لبدء سريان الأثر الرجعى للحكم تم إعماله على هذا الأمر تنفيذا للحكم وإن كان ذلك يعد مخالفا للمبدأ السابق ، ومناقضا لما سبق وأن أرسته المحكمة الدستورية العليا وفقا للدستور الذى لم يتعدل من انسحاب البطلان إلى تاريخ صدور النص .
    أما إذا لم يتضمن الحكم تاريخا لبدء سريان الأثر الرجعى فهل يطبق فى شأنه القاعدة العامة من انسحاب آثاره على الأوضاع والعلائق السابقة عليه .، أم يطبق الحكم من اليوم التالى لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    وأمام صراحة النص لا مجال للاجتهاد ، فالمشرع قد عدل قانون المحكمة الدستورية العليا وبين أن الحكم القاضى بعدم دستورية نص لا يجوز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم تاريخا آخر أسبق .

    · إلا أننا نرى أن هذا التعديل قد خالف كل القواعد القانونية والدستورية المستقرة تأسيسا على :-

    منح المشرع المحكمة الدستورية العليا حق تنظيم الآثار المترتبة على عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ، فى حين أن الدستور قرر فى المادة 178 منه على أن " تنشر فى الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية ، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية ، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعى من آثار . " .
    فالدستور أناط بالقانون وحده دون غيره بتنظيم آثار ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص ، وعليه يكون منح المشرع للمحكمة الدستورية العليا حق تنظيم هذه الآثار مخالفا لنص المادة 178 من الدستور .

    إن طبيعة أحكام المحكمة الدستورية العليا فى قضائها بأبطال نص يعتبر تقريرا لزواله نافيا وجوده منذ ميلاده ، وقضائها بصحته ، يؤكد استمرار نفاذه تبعا لخلوه من كل عوار يدينه ، إذ أن القول بأن واقعة نشر الحكم الصادر بعدم دستورية نص - فى ذاتها - حدا زمنيا فاصلا بين صحته وبطلانه ، فلا يكون النص الباطل منعدما إلا اعتبارا من اليوم التالى لهذا النشر ، مؤداه أن يكون التقاضى جهدا ضائعا وعملا عبثيا ، وأن للنص القانونى الواحد مجالين زمنيين ، يكون صحيحا فى إحداهما ، وباطلا فى ثانيهما ، حال أن بطلان النصوص القانونية لا يتجزأ ، ويستحيل أن ينقلب العدم وجودا ، ولا أن يكون مداه متفاوتا أو متدرجا ، فالساقط لا يعود أبدا ." الطعن رقم 22 لسنة 18 ق دستورية عليا " .

    بطلان نص القانون أو اللائحة المقرر بقضاء المحكمة الدستورية العليا هو بطلان مطلق متعلق بالنظام العام بل يعلو على النظام العام وعلى الكافة إعماله ، وما بنى على باطل فهو باطل ، فالنص المخالف للدستور منعدما منذ ميلاده مهما إن طالت مدته ، ويلغى كل ما ترتب عليه من آثار ، فالأصل أن تصدر القوانين واللوائح متوافقة مع أحكام الدستور فإن صدرت مخالفة له وقضى ببطلانها أصبحت كأن لم تكن ، باستثناء المراكز القانونية التى استقرت ، ويكون استقرار المراكز القانونية أما بالتقادم ، أو بصدور حكما نهائيا باتا .

    لقد قررت المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 بشأن الأثر الرجعى بالآتى نصه :-
    " وتناول القانون أثر الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة فنص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم وهو نص ورد فى بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء على أن مؤداه هو عدم تطبيق النص ليس فى المستقبل فحسب ، وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة تقادم " .،
    وهذا يؤيد أن التعديل الأخير لقانون المحكمة الدستورية العليا بشأن الأثر الرجعى قد جاء مخالفا لكل وجميع المبادئ القانونية والدستورية المستقرة .

    · وخلاصة القول أننا نرى :-

    إذا نص الحكم على تاريخا لإعمال الأثر الرجعى يتم تطبيقه تنفيذا للحكم ، أما إذا لم ينص الحكم على تاريخ لبدء الأثر الرجعى فتطبق القواعد العامة من انسحاب آثاره على الماضى باستثناء الحقوق والمراكز القانونية المستقرة أما تعديل القانون بهذه الصورة ليكون للأحكام الصادرة بعدم دستورية نص أو قانون أثرا مباشرا فقط ما لم تحدد المحكمة تاريخا آخر يكون قد جانبه الصواب وخالف كل وجميع المبادئ القانونية والدستورية المستقرة تأسيسا على أن تقرير المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص هى تقرير ببطلان هذا النص ، وما أتى به تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا من إلغاء الأثر الرجعى لأحكام المحكمة الدستورية العليا هو فى حقيقته تعديل بجعل تقرير المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص هو تقرير بإلغاء هذا النص المخالف للدستور- وهذا مخالف لطبيعة أحكام المحكمة الدستورية القاضية بعدم دستورية نص فهى تبطل النص ولا تلغيه كما انتهى المشرع فى تعديله - وهذا يختلف تماما عن بطلان النص فهناك فرق كبير جدا بين البطلان وبين الإلغاء ، فالبطلان هو انعدام منذ الميلاد ويلغى كل ما بنى عليه منذ ميلاده باستثناء المراكز القانونية التى استقرت ، أما الإلغاء فهو وقف العمل به وتنفذ جميع التصرفات التى تمت تنفيذا له .
    هذا بالإضافة إلى أن المحكمة الدستورية العليا سبق وأن أرست مبدأ أن الحكم بعدم دستورية نص هو تقرير ببطلانه منذ ميلاده كما سبق وأن ذكرنا أن تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا لن يغيير أو يعدل من المبادئ التى أرستها المحكمة الدستورية العليا وذلك لأنها تستمدها من الدستور ذاته وتدور وجودا وعدما مع الدستور أو تعديله .

    ثامنا :- مدى دستورية تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا .- تمييز النصوص الضريبية عن غيرها فى شأن الأثر الرجعى للأحكام - :-

    لإصدار قانون لابد من توافر شروط شكلية وموضوعية معا ، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط تعرض هذا القانون للطعن عليه بعدم الدستورية بذات الطرق المنصوص عليها فى القانون - والمشار إليها - ،

    ولبحث مدى دستورية قانون برمته أو نص فى قانون أو لائحة لابد من مراجعة مدى توافر الشروط الشكلية والموضوعية فى إصداره ، وبتطبيق ذلك على تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا أو بمعنى أصح ، قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 بتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا نجد الآتى :-
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:26 am


    من الناحية الشكلية :-
    أ - إن نص المادة 195 من الدستور تنص على " يؤخذ رأى مجلس الشورى فيما يلى :-……. مشروعات القوانين المكملة للدستور " .، ولما كان مشروع تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا من القوانين المكملة للدستور ، إلا أنه لم يتم عرضه على مجلس الشورى ، مما يعرضه للطعن عليه بعدم الدستورية ، .

    ب - إن نص المادة 86 من الدستور تنص على " يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع …." ،
    كما تنص المادة 147 من الدستور على " إذا حدث فى غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية أن يصدر فى شأنها قرارات تكون لها قوة القانون ، ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب"

    كما أن نص المادة 175 من الدستور تنص على " تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ، وتتولى تفسير النصوص التشريعية ، وذلك كله على الوجه المبين فى القانون ، ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التى تتبع أمامها " .

    وعليه يكون مجلس الشعب هو المختص أصلا بالتشريع ، ويختص رئيس الجمهورية استثناء ، والمحكمة الدستورية العليا تتولى الرقابة على دستورية القوانين سواء التى صدرت من مجلس الشعب باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل أو من رئيس الجمهورية بقرار استثناء من الاختصاص الأصيل .

    ولما كان قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 هو استثناء له شروط نص عليها الدستور وهى - " إذا حدث فى غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير …." - حالة الضرورة التى تبيح لرئيس الجمهورية ممارسة اختصاص من اختصاصات مجلس الشعب وهو التشريع ، وحالة الضرورة ليست مطلقة دون رقيب عليها فالمحكمة الدستورية العليا هى الرقيب على كل القوانين التى تصدر بما فيها القرارات بقوانين .

    · ولقد قضت فى مثل هذه القرارات بالآتى :-

    أن توافر حالة الضرورة - بضوابطها الموضوعية التى لا تستقل السلطة التنفيذية بتقديرها - هى علة اختصاصها بمجابهة الأوضاع الطارئة والضاغطة بتلك التدابير العاجلة ، بل هى مناط مباشرتها لهذا الاختصاص وإليها تمتد الرقابة الدستورية التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا للتحقق من قيامها فى الحدود التى رسمها الدستور ولضمان ألا تتحول هذه الرخصة التشريعية - وهى من طبيعة استثنائية - إلى سلطة تشريعية كاملة ومطلقة لا قيد عليها ولا عاصم من جموحها وانحرافها " .

    [ الدعوى رقم 25 لسنة 16 ق دستورية جلسة 3/ 7/ 1995 ]

    كما أرست المحكمة الدستورية العليا مبدأ دستوريا فى تعريف حالة الضرورة المشار إليها كالآتى :-

    " أنها تلك التى تقع فيما بين أدوار انعقاد السلطة التشريعية أو حال غيبتها وتواجه السلطة التنفيذية أوضاعا قاهرة أو ملحة تطرأ خلال هذه الفترة الزمنية وتلجئها إلى الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير فى شأنها ، ومن ثم يكون تداخلها بهذه التدابير وتطبيقها لها مبررا بحالة الضرورة ومستندا إليها وبالقدر الذى يكون متناسبا مع متطلباتها وبوصفها تدابير من طبيعة استثنائية .

    [ الدعوى رقم 15 لسنة 8 ق دستورية جلسة 7/ 12/ 1991 ] .

    · ولما كانت حالة الضرورة غير متوافرة وذلك للآتى :-

    لم تطرأ أوضاع قاهرة أو ملحة خلال الفترة الزمنية بين فض دور الانعقاد العادى لمجلس الشعب وصدور القرار بقانون حيث أن سبب الإصدار كان معروفا سلفا فالدعاوى الدستورية الخاصة بالضرائب لم تولد فجأة بل كانت متداولة ، فما جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا يؤيد العلم بهذه الدعاوى من قبل انتهاء دور الانعقاد العادى لمجلس الشعب ، كما أن مجلس الشعب كان قد أنتهى انعقاده قبل صدور القرار بقانون بفترة وجيزة مما يحمل شبهة التعمد فى صدور هذا التعديل لقانون المحكمة الدستورية العليا بإصدار قرار بقانون .

    من الناحية الموضوعية - تمييز النصوص الضريبية عن غيرها فى شأن الأثر الرجعى للأحكام - :-

    أ - إن نص المادة 38 من الدستور ينص على " يقوم النظام الضريبى على العدالة الاجتماعية .." فأين العدالة فى استثناء الأحكام التى تصدر بعدم دستورية نص ضريبى – بالرغم من طبيعة أحكام المحكمة الدستورية العليا الكاشفة - من أية آثار بالنسبة للماضى إعمالا لنص تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا وحرمان الممول الذى قام بسداد الضرائب تنفيذا للنص الذى قضى بعدم دستوريته ، علما بأن القضاء بعدم دستورية النص هو حكم كاشف ، فالنص المقضى بعدم دستوريته منعدم منذ ميلاده ، وعليه يكون سداد الضريبة قد تم بدون وجه حق ، وحرمان الممول من استرداد ما دفعه بدون وجه حق - دون اللجوء إلى القضاء - يكون مخالف تماما للعدالة الاجتماعية ، هذا فضلا عن أن الممول الذى لم يسدد الضريبة أصبح فى مركز قانونى أفضل من الممول الذى قام بسداد الضريبة التزاما بأحكام النص القانونى قبل تقرير بطلانه .

    ب - كما أن المادة 40 من الدستور تنص على " المواطنون لدى القانون سواء وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة " وإن نص تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا على استفادة المدعى من الأثر الرجعى للحكم القاضى بعدم دستورية النص ، يعنى أن من حق هذا المدعى فقط استرداد ما قد يكون دفعه من ضرائب إعمالا للنص المقضى بعدم دستوريته فى حين أن غيره من الممولين لا يحق لهم استرداد ما قاموا بسداده من ضرائب إعمالا للنص المقضى بعدم دستوريته حتى تاريخ اليوم التالى لنشر الحكم بالجريدة الرسمية ، . وهذا تمييز بين المواطنين - للأسف بنص القانون - بالرغم من صراحة نص المادة 40 من الدستور ، والذى لا يجوز لأية قوانين أو لوائح أن تخالف أحكامه .



    3 . من الناحية العملية :-

    أ - إن تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا وإلغاء الأثر الرجعى لأحكامها الخاصة بنصوص ضريبية ، سوف يفقد مصداقية القوانين بصفة عامة وقوانين الضرائب بصفة خاصة لدى المواطنين ، بل سوف يحجم الأغلبية عن سداد الضرائب خشية صدور أحكام بعدم دستورية النصوص التى على أساسها سيقومون بسداد الضرائب ، مما يصيب الخزانة العامة بأضرار أكبر بكثير من الأضرار التى تصيب الخزانة العامة من استرداد المواطنين للضرائب التى دفعت بغير وجه حق بناء على نص ضريبى قضى بعدم دستوريته .

    ب - سوف يؤدى هذا التعديل إلى عدم الموافقة على تقديرات مصلحة الضرائب مهما إن كانت حقيقية أو أقل من الحقيقة ، واختيار طريق الطعن عليها والولوج للمحاكم وإطالة أمد التقاضى ، بل قد يصل الأمر إلى الطعن على كل نص ضريبى بعدم الدستورية ، هذا فضلا عن تعطل القانون رقم 159 لسنة 1997 فى شأن التصالح فى المنازعات الضريبية القائمة أمام المحاكم بين مصلحة الضرائب والممولين.

    ج - تكدس عدد القضايا الضريبية أمام المحاكم ، وبصفة خاصة الطعون بعدم الدستورية ، وزيادة القضايا المعروضة على المحكمة الدستورية العليا .
    وكل هذه الأسباب وغيرها… تؤثر بطريق مباشر و بطريق غير مباشر على الحالة الاقتصادية بالبلاد ، هذا فضلا عن تأثيرها على خطط النمو الاقتصادى والاستثمار وجذب الاستثمارات إذ أن قدوم مستثمر مرتبط بشكل مباشر وغير مباشر بمصداقية القوانين واستقرارها .

    تاسعا :- الآثار المترتبة على استفادة الطاعن من الحكم الصادر بعدم دستورية النص الضريبى :-

    طبقا لنص تعديل القانون أن المدعى فقط وليس كل طاعن بعدم الدستورية على النص الضريبى هو الذى يستفيد من الأثر الرجعى ، بمعنى أنه قد يطعن على نص ضريبى من أكثر من طاعن فى أكثر من قضية وتحال هذه القضايا جميعها إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فى مدى دستورية النص المطعون عليه من عدمه ، ومن الطبيعى أن تُقيد كل قضية أمام المحكمة الدستورية العليا برقم طعن مستقل ، ثم تفصل المحكمة الدستورية العليا فى أحد هذه الطعون ، وتقضى بعدم دستورية النص ، فهنا يستفيد المدعى فى هذا الطعن الذى قضى فيه دون سائر الطاعنين الآخرين ، وذلك تأسيسا على أن المحكمة الدستورية العليا لا يجوز لها أن تقضى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة أكثر من مرة بل تقضى فى الطعون المماثلة أى أن كان عددها بعدم القبول مادام سبق لها القضاء بعدم دستورية النص ، وهذا يرجع إلى طبيعة الخصومة الدستورية من إنها خصومة عينية كما سبق وأن ذكرنا .

    وهنا نكون أمام مسألة معقدة ، فما الذنب الذى أقترفه هؤلاء الطاعنين ، فهم لجئوا للقضاء للاستفادة من الأثر الرجعى واسترداد ما دفعوه بغير حق إلا أن القضاء لم ينصفهم لسبب خارج عن إرادته ، فأين العدالة ؟؟؟؟؟ !!!!!!!!!!!
    وهذا أيضا يؤيد أن التعديل غير دستورى لمخالفته نص المادة 40 من الدستور والمشار إليها.

    عاشرا :- هل هذا التعديل سيكون مانع من استرداد ما سدد بغير حق إعمالا لنص حٌكم بعدم دستوريته ؟ - الإثراء بلا سبب -:-

    من المستقر عليه فقها وقضاء أن ما دفع بغير حق يجوز استرداده طبقا للقواعد العامة فى الإثراء بلا سبب وعليه تكون الإجابة عن السؤال بالنفى ،
    وذلك تأسيسا على أنه لتطبيق قواعد الإثراء بلا سبب لا بد من توافر ثلاثة أركان يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات هى :-
    1. إثراء المدين :-
    ولا يكون ذلك إلا بدخول قيمة ما يثرى به فى ذمته المالية ، وبتطبيق ذلك على ما تم سداده لمصلحة الضرائب نجد أن الخزانة العامة قد أثرت بمقدار ما سدد تنفيذا للنص المنعدم ، والمحكوم بعدم دستوريته .
    2. افتقار الدائن :-
    الشرط الثانى أن يقابل إثراء المدين افتقار فى جانب الدائن ، ويجب أن يكون الافتقار هو السبب المباشر فى إثراء المدين ، وهنا نجد أن كل ممول قام بسداد لمصلحة الضرائب - أى أن كان المبلغ الذى قام بسداده - يكون قد افتقر بسبب هذا السداد مباشرة دون أية أسباب أخرى .
    3. انعدام السبب :-
    المقصود بالسبب هو المصدر القانونى الذى يكسب المثرى الإثراء فيجعل له الحق فى استبقائه ، ولذلك يجب حتى تقوم دعوى الإثراء ، أن يتجرد الإثراء عن سبب يبرره ، فإذا وجد سبب يبرره فلا محل لاسترداده ، وبتطبيق ذلك نجد أنه لا يجوز لمصلحة الضرائب أن تحتفظ بما سبق سداده لها إعمالا لنص قضى بعدم دستوريته وأصبح منعدما منذ ميلاده.
    ( الموجز فى النظرية العامة للالتزام - للأستاذ/ عبد المنعم حسنى - طبعة 1991 ص 133 )

    انقضاء دعوى الإثراء بلا سبب :-
    لتحديد مدة انقضاء دعوى الإثراء بلا سبب يجب أن نفرق بين حالتين :-
    الحالة الأولى :-
    أما أن يكون تاريخ نشر الحكم القاضى بعدم دستورية النص الضريبى سابق على تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا ،
    وفى هذه الحالة :-
    تنقضى هذه الدعوى بمضى خمسة عشر سنة من تاريخ السداد وهذا ما استقرت عليه محكمة النقض
    حيث قضت بأن " يشترط لتطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة 177 من القانون المدنى أن يكون المبلغ الذى حصلته الدولة قد دفع باعتباره ضريبة أو رسما وأن يكون تحصيله قد تم بغير حق أما إذا كانت المبالغ التى حصلت كضريبة قد تم تحصيلها بحق وزال سبب الالتزام بسبب لاحق فإن هذا الدين يصبح دينا عاديا يسقط الحق فى انقضائه بمدة التقادم العادية طبقا للقواعد العامة وهى خمسة عشر سنة " .

    ( نقض جلسة 28/3/1973مجموعة المكتب الفنى 24 ص 509 )

    وذلك تأسيسا على أن الحكم القاضى بعدم الدستورية قبل التعديل ينسحب بأثر رجعى وبالتالى يكون السداد قد تم ليس كضريبة أو رسما فينقضى الحق فى المطالبة باسترداده بمدة خمسة عشر سنة تبدأ من تاريخ السداد باعتباره دينا عاديا .

    ومثال ذلك :-
    قام شخص بسداد مبلغ خمسة آلاف جنيه لمصلحة الضرائب تنفيذا لأحكام نص الفقرة الأولى من المادة 3 مكررا ، والمادة 3 مكررا ( 2 ) المضافين للقانون رقم 107 لسنة 1976 بالقانون رقم 34 لسنة 1978 - قانون ضريبة الأرض الفضاء - فى تاريخ 1/1/1992 وصدر حكم المحكمة الدستورية العليا فى الطعن رقم 5 لسنة 10 قضائية " دستورية " بعدم دستورية هاتين المادتين فى تاريخ 19/6/1993 ونشر بالجريدة الرسمية .
    فمن حق هذا الشخص أن يرفع دعوى استرداد ما دفع بغير حق ضد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب حتى تاريخ 31/12/2006 وهو نهاية المدة القانونية – الخمسة عشر سنة – من تاريخ السداد ، باعتبار أن ما قام بسداده أصبح دينا عادينا ولا يسقط إلا بانقضاء خمسة عشر سنة .

    أما الحالة الثانية :-
    أن يكون تاريخ نشر الحكم القاضى بعدم دستورية النص الضريبى بعد تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا ،
    وفى هذه الحالة :-
    تنقضى هذه الدعوى بمضى ثلاث سنوات من تاريخ السداد
    إعمالا لأحكام القواعد العامة فى القانون المدنى بشأن الإثراء بلا سبب وذلك تأسيسا على أن السداد قد تم باعتباره ضريبة وأن النص الذى تم على أساسه السداد قد أبطل ولم يلغى .

    ومثال ذلك :-
    استرداد ضريبة العاملين بالخارج التى قضى بعدم دستوريتها فى الطعن رقم 43 لسنة 17 قضائية " دستورية " بتاريخ 2/1/1999 بشرط أن لا يكون قد انقضى على تاريخ سدادها ثلاث سنوات .

    وفى كلتا الحالتين يشترط ألا يكون قد صدر حكم نهائى بات بشأن هذه المبالغ المطلوب استردادها .

    حادى عشر :- كيف تسترد ما سبق سداده إعمالا لنص قضى بعدم دستوريته ؟ - دعوى استرداد غير المستحق – المسئولية التقصيرية :-

    سبق وأن أوضحنا فى البند السابق أن تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا بشأن عدم سريان الأثر الرجعى على النصوص الضريبية المحكوم بعدم دستوريتها لن يؤثر على استرداد ما قد تم تسديده بالاستناد لأحد النصوص الغير دستورية تأسيسا على القاعدة العامة فى الإثراء بلا سبب – هذا من جهة - ومن جهة أخرى إعمالا لأحكام الدستور إن السلطة التشريعية هى المنوط بها إصدار التشريعات أصلا ، كما يختص رئيس الجمهورية بإصدار القرارات بقوانين استثناء ، وتختص السلطة التنفيذية بإصدار اللوائح ، والأصل أن تصدر التشريعات والقرارات بقوانين واللوائح متوافقة مع أحكام الدستور ، فإن صدر تشريع أو نص فيه أو لائحة أو نص فيها مخالف للدستور كانت الدولة مسئولة عنه طبقا لقواعد المسئولية التقصيرية بكافة أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية ولقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن الدولة مسئولة .

    " الإدارية العليا 13/4/1957 – المحاماة 39 ص 596 " .

    كما استقرت أحكام محكمة النقض على أنه " تتحقق مسئولية الشخص المعنوى العام " الدولة " فى مصر على النحو الذى تتحقق به مسئولية الأفراد والأشخاص المعنوية الخاصة . وقواعد المسئولية التقصيرية واحدة للفريقين .

    " نقض مدنى 15/3/1956 – مجموعة المكتب الفنى 7 ص 310 " .

    [ راجع الموجز فى النظرية العامة للالتزام – الأستاذ/ عبد المنعم حسنى المحامى سنة 1991 ص 75 : 84 ] .

    وعليه لاسترداد الضريبة التى تم سدادها إعمالا لنص قضى بعد ذلك بعدم دستوريته فى ظل أحكام القرار بقانون 168 لسنة 1998 غاية ما هنالك أن من قام بسداد الضريبة سوف يقوم برفع دعوى استرداد غير المستحق أو رد غير المستحق طبقا لنص المواد من 181 إلى 183 من القانون المدنى إذا لم يمضى على تاريخ سدادها ثلاث سنوات – مدة انقضاء دعوى الاسترداد ، وهذه الدعوى هى تطبيق خاص للقاعدة العامة فى الإثراء بلا سبب ، وتسرى عليها ذات قواعد التقادم ..


    وشروط دعوى استرداد غير المستحق أو رد غير المستحق هى :-
    1. أن يكون القبض على سبيل الوفاء :-
    نصت على ذلك المادة 181/1 مدنى بقولها " كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقا له وجب عليه رده " . والوفاء عمل قانونى تتجه فيه إرادة الموفى إلى قضاء دين ثابت فى ذمته ، أيا كان مصدر هذا الدين . ويقع على عاتق الموفى الذى يطلب الاسترداد عبء إثبات حصول الوفاء منه ، ويوجب ذلك عليه أن يقيم الدليل على أمرين :- أولهما قيامه بوفاء تلحق به صفة التصرف القانونى ، وثانيهما قيامه بالوفاء بما لم يكن مستحقا فى ذمته.

    2. أن يقع الوفاء باطلا أو أن يتقرر بطلانه :-
    لا محل لاسترداد الموفى به إذا كان الوفاء باطلا أو تقرر إبطاله ، يستوى فى ذلك كافة أسباب البطلان أو الإبطال .هذا ما نصت عليه المادة 182 من القانون المدنى " يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذا لالتزام لم يتحقق أو لالتزام زال سببه بعد أن تحقق " ، وفى موضوعنا هذا القضاء بعدم دستورية النص الضريبى هو حكم ببطلان النص والذى على أساسه قد تم الوفاء فيكون الاسترداد له أساسه القانونى .

    3. آلا يكون الموفى قد قصد بالوفاء التبرع أو التنازل فى الحالات التى يصح فيها ذلك :-
    ويكون الوفاء على سبيل التبرع أو التنازل إذا كان يعلم الموفى أنه غير ملزم بما دفعه ، وهذا ما استقرت عليه محكمة النقض من أنه " لا محل للرد إذا كان الدفع عن بصيرة وترو ى عن علم الدافع بأنه غير ملزم بما دفعه . ( نقض مدنى 10/12/1975 - مجموعة المكتب الفنى 26 ص 1618 ) ويكون ذلك فى موضوعنا إذا تم السداد بعد اليوم التالى لنشر الحكم القاضى بعدم دستورية النص فى الجريدة الرسمية .
    ولا مجال هنا لإعمال مبدأ سوء النية بل أن مبدأ حسن النية هو المطبق فلا يرد إلا المبلغ الذى تم سداده دون فوائد .
    ( الموجز فى النظرية العامة للالتزام - المرجع السابق - ص 137 ).

    أما من قام بسداد ضرائب إعمالا لنص قضى بعدم دستوريته وانقضت مدة تزيد على ثلاث سنوات على تاريخ السداد فلا يكون أمامه سوى رفع دعوى بطلب التعويض .

    فإذا كان النص المقضى بعدم دستوريته قد ورد فى قانون صادر من السلطة التشريعية فترفع الدعوى ضد رئيس مجلس الشعب بصفته .

    أما إذا كان النص قد ورد فى قرار بقانون أو لائحة تنفيذية فترفع الدعوى ضد رئيس الجمهورية .
    تأسيسا على المسئولية التقصيرية ويكون عليه عبء إثبات أركان الدعوى من خطأ وضرر وعلاقة سببية على عاتق المدعى .

    ويكون التعويض فى هذه الدعوى على أقل تقدير هو ذات المبلغ الذى قام المدعى بسداده إعمالا للنص الذى قضى بعدم دستوريته .

    وتنقضى هذه الدعوى بمضى ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم بعدم دستورية النص الضريبى الذى تم السداد إعمالا له أو بمضى خمسة عشر سنة من تاريخ السداد .

    [ راجع الرجع السابق ص 101 : 114 ]





























    صيغة دعوى استرداد غير المستحق

    أنه فى يوم الموافق / / الساعة
    بناء على طلب السيد /…… ومهنته …… المقيم برقم …… شارع …… قسم …… محافظة …… ومحله المختار مكتب الأستاذ/ ………… المحامى الكائن ………
    أنا …… المحضر بمحكمة …… الجزئية انتقلت فى تاريخ أعلاه إلى الموطن القانونى وأعلنت :-
    السيد / وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب ويعلن سيادته بهيئة قضايا الدولة ……
    مخاطبا مع :-

    وأعلنته بالآتـى

    قام الطالب بسداد مبلغ وقدره …… جنيه " فقط ……… جنيه " لمصلحة الضرائب – مأمورية …… بالإيصال رقم …… بتاريخ ../ ../ …. إعمالا لنص المادة …… من القانون ( أو اللائحة ) رقم …… لسنة …… .

    وحيث أنه قد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم …… لسنة …… قضائية دستورية ، ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ ../ ../ … ، وقضى ببطلان نص المادة السالفة الذكر وعدم دستوريتها .

    وعلى ذلك فإن ما قام الطالب بسداده يكون بغير استحقاق إعمالا لنص المواد 181/1 ، 182 من القانون المدنى المصرى ، ويتعين على المعلن إليه بصفته رده .

    بناء عليه

    أنا المحضر سالف الذكر قد انتقلت وأعلنت المعلن إليه بصفته بهذا وسلمته صورة منه وكلفته بالحضور أمام محكمة ……………… الدائرة … مدنى بمقرها الكائن ………… وذلك بجلستها المنعقدة علنا فى يوم …… الموافق … / … / …… من الساعة ……… صباحا ليسمع المعلن إليه بصفته الحكم بإلزامه برد مبلغ وقدره …… جنيه " فقط …… " للطالب مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
    ولأجـل العلم ……

    ملحوظة :- المبلغ المراد استرداده هو الذى يحدد المحكمة المختصة بنظر الدعوى طبقا للاختصاص القيمى .








    القانون رقم 48 لسنة 1979
    بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا
    " نشر بالجريدة الرسمية فى 6/9/1979 "

    باسم الشعب

    رئيس الجمهورية

    قرر مجلس الشعب القانون الآتى نصه ، وقد أصدرناه :-

    المادة الأولى :- يعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن المحكمة الدستورية العليا .

    المادة الثانية :- جميع الدعاوى والطلبات القائمة أمام المحكمة العليا والتى تدخل فى اختصاص المحكمة الدستورية العليا بمقتضى القانون المرافق تحال إليها بحالتها فور تشكيلها وبغير رسوم .
    وتحال إليها كذلك طلبات وقف تنفيذ الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم القائمة أمام المحكمة العليا بحالتها دون رسوم للفصل فيها طبقا للأحكام الواردة فى القانون رقم 81 لسنة 1969 بإصدار قانون المحكمة العليا والقانون رقم 66 لسنة 1970 بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمامها .

    المادة الثالثة :- تسرى أحكام المادتين 15 ، 16 من القانون المرافق على الدعاوى والطلبات المتعلقة برد ومخاصمة أعضاء المحكمة العليا أو بمرتباتهم ومعاشاتهم وما فى حكمها ، وتفصل المحكمة الدستورية العليا دون غيرها فى جميع هذه الدعاوى والطلبات .

    المادة الرابعة :- يمثل المحكمة الدستورية العليا فى المجلس الأعلى للهيئات القضائية رئيسها ويحل محله فى حالة غيابه أقدم أعضائها .

    المادة الخامسة :- مع مراعاة حكم الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 5 من القانون المرافق يصدر أول تشكيل للمحكمة الدستورية العليا بقرار من رئيس الجمهورية ويتضمن تعيين رئيس المحكمة وأعضائها ممن تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها فى القانون المرافق بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للهيئات القضائية بالنسبة للأعضاء .
    ويؤدى أعضاء المحكمة اليمين المنصوص عليه فى المادة 6 من القانون المرافق أمام رئيس الجمهورية .

    المادة السادسة :- أعضاء المحكمة العليا وأعضاء هيئة مفوضى الدولة اللذين لا يشملهم تشكيل المحكمة الدستورية العليا يعودون بحكم القانون إلى الجهات التى كانوا يعملون بها قبل تعيينهم بالمحكمة العليا بأقدميتهم السابقة فى تلك الجهات مع احتفاظهم بدرجاتهم ومرتباتهم وبدلاتهم بصفة شخصية .

    المادة السابعة :- ينقل إلى المحكمة الدستورية العليا فور تشكيلها جميع العاملين بالأقسام الإدارية والكتابية وغيرها الملحقة بالمحكمة العليا . كما تنقل إليها جميع الاعتمادات المالية الخاصة بالمحكمة العليا والمدرجة فى موازنة السنة الحالية .

    المادة الثامنة :- ينتفع رئيس وأعضاء المحكمة العليا السابقون أسرهم الذين انتهت خدمتهم من خدمات الصندوق المنصوص عليها فى المادة ( 18 ) من القانون المرافق وبالشروط الواردة فيه .

    المادة التاسعة :- مع عدم الإخلال بأحكام المادة الثانية من قانون الإصدار يلغى قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 ، وقانون الإجراءات والرسوم أمامها الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1970 ، والقانون رقم 79 لسنة 1976 ببعض الأحكام الخاصة بالمحكمة العليا كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق وذلك فور تشكيل المحكمة الدستورية العليا .

    المادة العاشرة :- ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ، ويعمل به بعد أسبوعين من تاريخ نشره .

    يبصم هذا القانون بخاتم الدولة ، وينفذ كقانون من قوانينها ،
    صدر برياسة الجمهورية فى 7 شوال سنة 1399 هـ ( 29 أغسطس سنة 1979 م )
    حسنى مبارك

    قانون المحكمة الدستورية العليا
    الباب الأول – نظام المحكمة
    الفصل الأول – تشكيل المحكمة

    مادة 1 :- المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها فى جمهورية مصر العربية ، مقرها مدينة القاهرة .

    مادة 2 :- فى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بكلمة " المحكمة " المحكمة الدستورية العليا وبعبارة " عضو المحكمة " رئيس المحكمة وأعضاؤها وذلك ما لم يوجد نص مخالف .

    مادة 3 :- تؤلف المحكمة من رئيس وعدد كاف من الأعضاء .
    وتصدر أحكامها وقراراتها من سبعة أعضاء ويرأس جلساتها رئيسها أو أقدم أعضائها وعند خلو منصب الرئيس أو غيابه أو وجود مانع لديه يقوم مقامه الأقدم فالأقدم من أعضائها فى جميع اختصاصاته .

    مادة 4 :- يشترط فى من يعين عضو بالمحكمة أن تتوافر فيه الشروط العامة اللازمة لتولى القضاء طبقا لأحكام قانون السلطة القضائية وآلا تقل سنه عن خمسة وأربعون سنة ميلادية .
    ويكون اختياره من بين الفئات الآتية :-
    أ – أعضاء المحكمة العليا الحاليين .
    ب – أعضاء الهيئة القضائية الحاليين والسابقين ممن أمضوا فى وظيفة مستشار أو ما يعادلها خمس سنوات متصلة على الأقل .
    ج – أساتذة القانون الحاليين والسابقين بالجامعات المصرية ممن أمضوا فى وظيفة أستاذ ثمانى سنوات متصلة على الأقل .
    د – المحامين الذين اشتغلوا أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا عشر سنوات على الأقل .

    مادة 5 :- يعين رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية ويعين عضو المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للهيئات القضائية وذلك من بين أثنين ترشح أحدهما الجمعية العامة للمحكمة ويرشح الأخر رئيس المحكمة .
    ويجب أن يكون ثلثا عدد أعضاء المحكمة على الأقل من بين أعضاء الهيئات القضائية ويحدد قرار التعيين وظيفة العضو وأقدميته بها .

    مادة 6 :- يؤدى رئيس وأعضاء المحكمة قبل مباشرة أعمالهم اليمين التالية :-
    " أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور والقانون وأن أحكم بالعدل " .
    ويكون أداء اليمين بالنسبة لرئيس المحكمة أمام رئيس الجمهورية .

    الفصل الثانى – الجمعية العامة للمحكمة

    مادة 7 :- تؤلف الجمعية العامة للمحكمة من جميع أعضائها .
    ويحضر اجتماعاتها رئيس هيئة المفوضين أو أقدم أعضائها ويكون له صوت معدود فى المسائل المتعلقة بالهيئة .

    مادة 8 :- تختص الجمعية العامة بالإضافة إلى ما نص عليه فى هذا القانون بالنظر فى المسائل المتعلقة بنظام المحكمة وأمورها الداخلية وتوزيع العمال بين أعضائها وجميع الشئون الخاصة بهم .
    ويجوز لها أن تفوض رئيس المحكمة أو لجنة من أعضائها فى بعض ما يدخل فى اختصاصاتها ويجب أخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بالمحكمة .
    مادة 9 :- تجتمع الجمعية العامة بدعوة من رئيس المحكمة أو بناء على طلب ثلث عدد أعضائها ولا يكون انعقادها صحيحا إلا بحضور أغلبية الأعضاء .
    ويرئس الجمعية رئيس المحكمة أو من يقوم مقامها .
    ويكون التصويت علانية ما لم تقرر الجمعية أن يكون سرا .
    وتصدر الجمعية قراراتها بالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين وإذا تساوت الأصوات يرجح رأى الجانب الذى منه الرئيس ما لم يكون التصويت سرا فيعتبر الاقتراح مرفوضا .
    وتثبت محاضر أعمال الجمعية العامة فى سجل يوقعه رئيس الجمعية وأمين عام المحكمة.

    مادة 10 :- تؤلف بقرار من الجمعية العامة لجنة الشئون الوقتية برئاسة رئيس المحكمة وعضوية أثنين أو أكثر من الأعضاء تتولى اختصاصات الجمعية العامة فى المسائل العاجلة أثناء العطلة القضائية للمحكمة .


    الفصل الثالث – حقوق الأعضاء وواجباتهم

    مادة 11 :- أعضاء المحكمة غير قابلين للعزل ولا ينقلون إلى وظائف أخرى إلا بموافقتهم .

    مادة 12 :- تحدد مرتبات وبدالات رئيس المحكمة وأعضائها طبقا للجدول الملحق بهذا القانون .
    على أنه إذا كان العضو يغل قبل تعيينه بالمحكمة وظيفة يزيد مرتبها أو البدل المقرر لها عما ورد فى هذا الجدول فأنه يحتفظ بصفة شخصية بما كان يتقاضاه .
    وفيما عدا ذلك لا يجوز أن يقرر لأحد الأعضاء مرتب أو بدل بصفة شخصية ولا أن يعامل معاملة استثنائية بأية صورة .

    مادة 13 :- لا يجوز ندب أو إعارة أعضاء المحكمة إلا للأعمال القانونية بالهيئات الدولية أو الدول الأجنبية أو القيام بمهام علمية .

    مادة 14 :- تسرى الأحكام الخاصة بتقاعد مستشارى المحكمة النقض على أعضاء المحكمة .

    مادة 15 :- تسرى فى شأن عدم صلاحية عضو المحكمة وتنحيته ورده ومخاصمته الأحكام المقررة بالنسبة إلى مستشارى محكمة النقض .
    وتفصل المحكمة الدستورية العليا فى طلب الرد ودعوى المخاصمة بكامل أعضائها عدا العضو المشار إليه ومن يقوم لديه عذر ويراعى أن يكون عدد الأعضاء الحاضرين وترا بحيث يستبعد أحدث الأعضاء .
    ولا يقبل رد أو مخاصمة جميع أعضاء المحكمة أو بعضهم بحيث يقل عدد الباقين منهم عن سبعة .

    مادة 16 :- تختص المحكمة دون غيرها بالفصل فى الطلبات الخاصة بالمرتبات والمكافآت والمعاشات بالنسبة لأعضاء المحكمة أو المستحقين عنهم .
    كما تختص بالفصل فى الطلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم وكذلك طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات .
    واستثناء من أحكام المادة " 34 " يوقع على الطلبات المشار إليها فى الفقرتين السابقتين من صاحب الشأن .
    ومع مراعاة أحكام المواد " من 35 إلى 45 " يتبع فى شأن هذه الطلبات الأحكام المطابقة بالنسبة لمستشارى محكمة النقض فيما لم يرد بشأنه نص فى هذا القانون .

    مادة 17 :- تسرى الأحكام المقررة فى قانون السلطة القضائية بالنسبة للإجازات على أعضاء المحكمة .
    وتتولى الجمعية العامة للمحكمة اختصاصات المجلس الأعلى للهيئات القضائية فى هذا الشأن ويتولى رئيس المحكمة اختصاصات وزير العدل .

    مادة 18 :- ينشأ بالمحكمة صندوق تكون له الشخصية الاعتبارية تخصص له الدولة الموارد اللازمة لتمويل وكالة الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء المحكمة وهيئة المفوضين بها وأسرهم .
    وتؤول إلى هذا الصندوق حقوق والتزامات الصندوق المنشأ بمقتضى المادة السابعة من القانون رقم 79 لسنة 1976 ببعض الأحكام الخاصة بالمحكمة العليا .
    ولا يجوز لمن ينتفع من هذا الصندوق الانتفاع من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية .
    ويصدر بتنظيم الصندوق وإدارته وقواعد الإنفاق منه من رئيس المحكمة بعد موافقة الجمعية العامة .

    مادة 19 :- إذا نسب إلى أحد أعضاء المحكمة أمر من شأنه المساس بالثقة أو الاعتبار أو الإخلال الجسيم بواجبات أو مقتضيات وظيفته يتولى رئيس المحكمة عرض الأمر على لجنة الشئون الوقتية بالمحكمة فإذا قررت اللجنة بعد دعوة العضو لسماع أقواله أن هناك محل للسير فى الإجراءات ندبت أحد أعضائها أو لجنة من ثلاثة منهم للتحقيق ويعتبر العضو المحال إلى التحقيق فى أجازه حتمية بمرتب كامل من تاريخ هذا القرار .
    ويعرض التحقيق بعد انتهائه على الجمعية العامة منعقدة فى هيئة محكمة تأديبية فيما عدا من شارك من أعضائها فى التحقيق أو الاتهام لتصدر بعد سماع دفاع العضو وتحقيق دفاعه حكمها بالبراءة أو بإحالة العضو إلى التقاعد من تاريخ صدور الحكم المذكور ويكون الحكم نهائيا غير قابل للطعن بأى طريق .
    مادة 20 :- تتولى الجمعية العامة للمحكمة اختصاصات اللجنة المنصوص عليها فى المادتين 95 ، 96 من قانون السلطة القضائية واختصاصات مجلس التأديب المنصوص عليها فى المادة 97 من القانون المذكور .
    وفيما عدا ما نص عليه فى الفصل تسرى فى شأن أعضاء المحكمة الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى مستشارى محكمة النقض وفقا لقانون السلطة القضائية .

    الفصل الرابع – هيئة المفوضين

    مادة 21 :- تؤلف هيئة المفوضين لدى المحكمة من رئيس وعدد كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين للعمل بها والأشراف عليها .
    وتحدد مرتبات وبدالات رئيس وأعضاء الهيئة وفقا للجدول الملحق بهذا القانون .

    مادة 22 :- يشترط فيمن يعين رئيسا لهيئة المفوضين ذات الشروط المقررة لتعيين أعضاء المحكمة فى المادة رقم 4 من هذا القانون .
    ويشترط فيمن يعين مستشارا أو مستشارا مساعدا بالهيئة ذات الشروط المقررة فى قانون السلطة القضائية لتعيين أقرانهم من المستشارين بمحاكم الاستئناف أو الرؤساء بالمحاكم الابتدائية على حسب الأحوال .
    ويعين رئيس وأعضاء الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح رئيس المحكمة وبعد أخذ الجمعية العامة .
    ويكون التعيين فى وظيفة رئيس الهيئة والمستشارين بها بطريق الترقية من الوظيفة التى تسبقها مباشرة .
    ومع ذلك يجوز أن يعين رئيسا فى هذه الوظائف من تتوافر فيه الشروط المشار إليها فى الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة .
    ولرئيس المحكمة ندب أعضاء من الهيئات القضائية للعمل بهيئة المفوضين ممن تنطبق عليهم أحكام الفقرة الثانية وذلك بعد أخذ الجمعية العامة وطبقا للإجراءات المنصوص عليها فى قانون الهيئة التى ينتمون إليها .

    مادة 23 :- يؤدى رئيس وأعضاء هيئة المفوضين قبل مباشرتهم أعمالهم اليمين التالية :- " أقسم بالله العظيم أن أحترم الدستور والقانون وأن أؤدى عملى بالأمانة والصدق ".
    ويكون أداء اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة .

    مادة 24 :- رئيس وأعضاء هيئة المفوضين غير قابلين للعزل ولا يجوز نقلهم إلى وظائف أخرى إلا بموافقتهم .
    وتسرى فى شأن ضمانتهم وحقوقهم وواجباتهم وإحالتهم إلى التقاعد وإجازتهم والمنازعات المتعلقة بترقيتهم ومرتباتهم ومكافآتهم ومعاشاتهم هم وسائر المستحقين عنهم الأحكام المقررة بالنسبة لأعضاء المحكمة .
    ولا يسرى حكم المادة 13 من هذا القانون على أعضاء الهيئة .

    الباب الثانى – الاختصاصات والإجراءات
    الفصل الأول – الاختصاصات

    مادة 25 :- تختص المحكمة الدستورية دون غيرها بما يأتى :-
    أولا :- الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح .
    ثانيا :- الفصل فى تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها .
    ثالثا :- الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرا إحداهما من أى جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها .

    مادة 26 :- تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلافا فى التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضى توحيد تفسيرها .

    مادة 27 :- يجوز للمحكمة فى جميع الحالات أن تقضى بعدم دستورية أى نص فى قانون أو لائحة يعرض عليها بمناسبة ممارسة اختصاصاتها ويتصل بالنزاع المطروح عليها وذلك بعد اتباع الإجراءات المقررة بتحضير الدعاوى الدستورية .

    الفصل الثانى – الإجراءات

    مادة 28 :- فيما عدا ما نص عليه فى هذا الفصل تسرى على قرارات الإحالة والدعوى والطلبات التى تقدم إلى المحكمة الأحكام المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها .
    مادة 29 :- تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالى :-
    أ – إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية .
    ب – إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعادا لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام الحكمة الدستورية العليا فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد أعتبر الدفع كأن لم يكن .

    مادة 30 :- يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقا لحكم المادة السابقة بيان النص المطعون بعدم دستوريته والنص الدستورى المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة .

    مادة 31 :- لكل ذى شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعاوى فى الحالة المشار إليها فى البند ثانيا من المادة 25 .
    ويجب أن يبين فى الطلب موضوع النزاع وجهات القضاء التى نظرته وما اتخذته كل منها فى شأنه .
    ويترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه .

    مادة 32 :- لكل ذى شأن أن يطلب إلى المحكمة الدستورية العليا الفصل فى النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين فى الحالة المشار إليها فى البند ثالثا من المادة 25 .
    ويجب أن يبين فى الطلب النزاع القائم حول التنفيذ ووجهة التناقض بين الحكمين ولرئيس المحكمة أن يأمر بناء على طلب ذوى الشأن بوقف تنفيذ الحكمين أو إحداهما حتى الفصل فى النزاع .

    مادة 33 :- يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية .
    ويجب أن يبين فى طلب التفسير النص التشريعى المطلوب تفسيره وما أثاره من خلاف فى التطبيق ومدى أهميته التى تستدعى تفسيره تحقيقا لوحدة تطبيقه .

    مادة 34 :- يجب أن تكون الطلبات وصحف الدعاوى التى تقدم إلى المحكمة الدستورية العليا موقعا عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو بإدارة قضايا الحكومة بدرجة مستشار على الأقل حسب الأحوال وأن يرفق بالطلب المنصوص عليه فى المادتين 31 ، 32 صورة رسمية من الحكمين اللذين وقع فى شأنهما التنازع أو التناقض إلا كان الطلب غير مقبول .

    مادة 35 :- يقيد قلم الكتاب قرارات الإحالة الواردة إلى المحكمة والدعاوى والطلبات المقدمة إليها فى يوم ورودها أو تقديمها بسجل يخصص لذلك .
    وعلى قلم الكتاب إعلان ذوى الشأن عن طريق قلم المحضرين بالقرارات أو الدعاوى وتعتبر الحكومة من ذوى الشأن فى الدعاوى الدستورية .
    مادة 36 :- يعتبر مكتب المحامى الذى وقع على صحيفة الدعوى أو طلب محلا مختارا للطالب ومكتب المحامى الذى ينوب عن المطلوب ضده فى الرد على الطلب محلا مختارا له وذلك ما لم يعين أى من الطرفين نفسه محلا مختارا لإعلانه فيه .

    مادة 37 :- لكل من تلقى إعلانا بقرار إحالة أو دعوى أن يودع قلم كتاب المحكمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إعلانه مذكرة بملاحظاته مشفوعة بالمستندات.
    ولخصمه الرد على ذلك بمذكرة ومستندات خلال الخمسة عشر يوما التالية لانتهاء الميعاد المبين بالفقرة السابقة .
    فإذا استعمل الخصم حقه فى الرد كان للأول التعقيب بمذكرة خلال الخمسة عشر يوما التالية .

    مادة 38 :- لا يجوز لقلم الكتاب أن يقبل بعد انقضاء المواعيد المبينة فى المادة السابقة أوراقا من الخصوم وعليه أن يحرر محضرا يثبت فيه تاريخ تقديم هذه الأوراق وأسم مقدمها وصفته .

    مادة 39 :- يعرض قلم الكتاب ملف الدعوى أو الطلب على هيئة المفوضين فى اليوم التالى لانقضاء المواعيد المبينة فى المادة 37 .
    وتتولى الهيئة تحضير الموضوع ولها فى سبيل ذلك الاتصال بالجهات ذات الشأن للحصول على ما يلزم من بيانات أو أوراق كما أن لها دعوة ذوى الشأن لاستيضاحهم ما ترى من وقائع وتكليفهم بتقديم مستندات ومذكرة تكميلية وغير ذلك من إجراءات التحقيق فى الأجل الذى تحدده .
    ويجوز للمفوض أن يصدر قرارا بتغريم من يتسبب فى تكرار تأجيل الدعوى مبلغا لا يجاوز عشرين جنيها ويكون قراره فى هذا الشأن نهائيا كما يجوز له إقالته من هذه الغرامة كلها أو بعضها إذ أبدى عذرا مقبولا .

    مادة 40 :- تودع هيئة المفوضين بعد تحضير الموضوع تقريرا تحدد فيه المسائل الدستورية والقانونية المثارة ورأى الهيئة فيها مسببا .
    ويجوز لذوى الشأن أن يطلعوا على هذا التقرير بقلم كتاب المحكمة ولهم أن يطلبوا صورة منه على نفقتهم .

    مادة 41 :- يحدد رئيس المحكمة خلال أسبوع من إيداع التقرير تاريخ الجلسة التى تنظر فيها الدعوى أو الطلب وعلى قلم الكتاب إخطار ذوى الشأن بتاريخ الجلسة بكتاب مسجل بعلم الوصول .
    ويكون ميعاد الحضور خمسة عشر يوما على الأقل ما لم يأمر رئيس المحكمة فى حالة الضرورة وبناء على طلب ذوى الشأن بتقصير هذا الميعاد إلى ما لا يقل عن ثلاثة أيام ويعلن هذا الأمر إليهم مع الإخطار بتاريخ الجلسة .

    مادة 42 :- يجب حضور أحد أعضاء هيئة المفوضين جلسات المحكمة ويكون من درجة مستشار على الأقل .
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:28 am



    مادة 43 :- يقبل الحضور أمام المحكمة المحامون المقبولون فى المرافعة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا .
    ويكون الحاضر عن الحكومة بدرجة مستشار على الأقل بإدارة قضايا الحكومة .
    مادة 44 :- تحكم المحكمة فى الدعاوى والطلبات المعروضة عليها بغير مرافعة .
    فإذا رأت ضرورة المرافعة الشفوية فلها سماع محامى الخصوم وممثل هيئة المفوضين وفى هذه الحالة لا يؤذن للخصوم أن يحضروا أمام المحكمة من غير محام معهم .
    وليس للخصوم الذين لم تودع بأسمائهم مذكرات وفقا لحكم المادة 37 الحق فى أن ينيبوا عنهم محاميا فى الجلسة .
    وللمحكمة أن ترخص لمحامى الخصوم وهيئة المفوضين فى إيداع مذكرات تكميلية فى المواعيد التى تحددها .

    مادة 45 :- لا تسرى على الدعاوى والطلبات المعروضة على المحكمة قواعد الحضور أو الغياب المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية .

    الباب الثالث – الأحكام والقرارات

    مادة 46 :- تصدر أحكام المحكمة وقراراتها باسم الشعب .

    مادة 47 :- تفصل المحكمة من تلقاء نفسها فى جميع المسائل الفرعية .

    مادة 48 :- أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن .

    مادة 49 :- أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة .
    وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها فى الفقرة السابقة فى الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ صدورها .
    ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم .
    فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائى تعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص كأن لم تكن ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ لنائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه .

    مادة 50 :- تفصل المحكمة دون غيرها فى كافة النازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها .
    وتسرى على هذه المنازعات الأحكام المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها .
    ولا يترتب على رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى الفصل فى المنازعة .

    مادة 51 :- تسرى على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة فيما لم يرد به نص فى هذا القانون القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات .



    الباب الرابع – الرسوم والمصروفات

    مادة 52 :- لا تحصل رسوم على الطلبات المنصوص عليها فى المواد 16 ، 31 ، 32 ، 33 من هذا القانون .

    مادة 53 :- يفرض رسم ثابت مقداره خمسة وعشرون جنيها على الدعاوى الدستورية .
    ويشمل الرسم الفروض جميع الإجراءات القضائية الخاصة بالدعوى شاملة إعلان الأوراق والأحكام .
    ويجب على المدعى أن يودع خزينة المحكمة عند تقديم صحيفة هذه الدعوى كفالة مقدارها خمسة وعشرون جنيها .
    وتودع كفالة واحدة فى حالة تعدد المدعيين إذا رفعوا دعواهم بصحيفة واحدة وتقضى المحكمة بمصادرة الكفالة فى حالة الحكم بعدم قبول الدعوى أو رفضها .
    ومع مراعاة حكم المادة التالية لا يقبل قلم الكتاب صحيفة الدعوى إذ لم تكن مصحوبة بما يثبت هذا الإيداع .

    مادة 54 :- يعفى من الرسم كله أو بعضه ومن الكفالة كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن الدفع بشرط أن تكون الدعوى محتملة المكسب .
    ويفصل رئيس هيئة المفوضين فى طلبات الإعفاء وذلك بعد الإطلاع على الأوراق وسماع أقوال الطالب وملاحظات قلم الكتاب ويكون قراره فى ذلك نهائيا .
    ويترتب على تقديم الإعفاء قطع الميعاد المحدد لرفع الدعوى بعدم الدستورية .
    مادة 55 :- تسرى على الرسوم والمصروفات فيما لم يرد به فى نص هذا القانون الأحكام المقررة بالقانون 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية فى المواد المدنية وفى قانون المرافعات المدنية والتجارية .

    الباب الخامس – الشئون المالية والإدارية
    الفصل الأول – الشئون المالية

    مادة 56 :- تكون للمحكمة موازنة سنوية مستقلة تعد على نمط الموازنة العامة للدولة وتبدأ ببداية السنة المالية لها وتنتهى بنهايتها .
    ويتولى رئيس المحكمة إعداد مشروع الموازنة لتقديمه إلى الجهة المختصة بعد بحثه وإقراره من الجمعية العامة للمحكمة .
    وتباشر الجمعية العامة للمحكمة السلطات المخولة لوزير المالية واللوائح بشأن تنفيذ موازنة المحكمة كما يباشر رئيس المحكمة السلطات المخولة لوزير التنمية الإدارية ولرئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة .
    وتسرى على موازنة المحكمة والحساب الختامى فيما لم يرد به نص فى هذا القانون أحكام الموازنة العامة للدولة .

    الفصل الثانى – الشئون الإدارية

    مادة 57 :- يكون للمحكمة أمين عام وعدد كاف من العاملين ويكون لرئيس المحكمة عليهم سلطات الوزير ووكيل الوزارة المقررة فى القوانين واللوائح .
    مادة 58 :- تشكل بقرار من رئيس المحكمة لجنة لشئون العاملين من أثنين من أعضاء المحكمة ومن الأمين العام تختص باقتراح كل ما يتعلق بشئون العاملين من تعيين ومنح وعلاوات وترقية ونقل ويضع رئيس المحكمة بقرار منه بعد أخذ رأى شئون العاملين ضوابط ترقية العاملين .

    مادة 59 :- مع عدم الإخلال بحكم المادة 57 تأديب العاملين بالمحكمة لجنة من ثلاثة من أعضاء المحكمة تختارهم الجمعية العامة للمحكمة سنويا .
    ويصدر قرار الإحالة إلى هذه اللجنة من رئيس المحكمة وتباشر هيئة المفوضين وظيفة الإدعاء أمام هذه اللجنة وتكون أحكامها نهائية غير قابلة للطعن .

    مادة 60 :- تسرى على العاملين بالمحكمة فيما لم يرد فيه نص فى هذا القانون أو فى قانون السلطة القضائية بالنسبة إلى العاملين بمحكمة النقض أحكام العاملين بالدولة .































    مذكرة إيضاحية
    لمشروع القانون رقم 48 لسنة 1979

    من أبرز معالم دستور جمهورية مصر العربية الذى منحته جماهير شعب مصر لأنفسها فى 11 من سبتمبر 1971 . ما أورده فى بابه الرابع من أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة مؤكدا ذلك خضوعها للقانون كالأفراد سواء بسواء .
    ولما كانت سيادة القانون تستوجب بداهة عدم خروج القوانين واللوائح على أحكام الدستور باعتباره القانون الأساسى ضمانا لالتزام سلطات الدولة بأحكامه فيما يصدر عنها من قواعد تشريعية فقد خصص الدستور فصلا مستقلا للمحكمة الدستورية العليا فى الباب الذى يعالج نظام الحكم نص على أنها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها تتولى دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ، كم ا تتولى تفسير النصوص التشريعية ، مؤكدا بذلك هيمنة هذه الهيئة القضائية العليا على تثبيت دعائم المشروعية وصيانة حقوق الأفراد وحرياتهم .
    وقد أعد القانون المرفق فى شأن المحكمة الدستورية العليا استكمالا للمؤسسات الدستورية التى يقوم عليها نظام الحكم فى البلاد ، وذلك فى ضوء دراسات مقارنة للمحاكم المشابهة فى بعض الدول وبما يتلاءم والأوضاع القائمة فى مصر واستهداء بما يحققه القضاء المصرى ولا يزال يحققه حماية للحريات وتأكيد لسيادة القانون .
    وفيما يلى بيان بأهم ما قام عليه القانون من أحكام :-
    1. تقديرا لمكانة هذه المحكمة وحرصا على أن يتم تشكيلها من خلاصة الشخصيات المرموقة التى مارست خبرة واكتسبت دراية فى المجال القضائى والقانون رئى ألا يقل سن من يختار لعضويتها عن خمس وأربعين سنة وأن يكون قد أمضى فى وظيفة مستشار أو ما يعادلها خمس سنوات على الأقل أو ثمانى سنوات فى وظيفة أستاذ للقانون أو عشر سنوات فى العمل بالمحاماة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا .
    ولم يحدد القانون أعضاء المحكمة بعدد معين إفساحا لمجال زيادتهم وفق ما تسفر عنه احتياجات العمل بعد مباشرة اختصاصها .
    2. ومراعاة للصفة القضائية لهذه المحكمة نصت المادة الخامسة على أن يكون ثلثا عدد أعضائها على الأقل من بين أعضاء الهيئات القضائية ليزودوا المحكمة بتجاربهم وخبراتهم ، على أن يترك مجال الاختيار بالنسبة لباقى أعضائها من بين الهيئات القضائية وأساتذة القانون والمحامين .
    3. ونظرا لأهمية هذه الهيئة القضائية التى تشرف على دستورية القوانين الصادرة من السلطة التشريعية واللوائح التى تصدرها السلطة التنفيذية ، وعلاوة على باقى اختصاصاتها بالتفسير وفى أحوال تنازع الاختصاص ، فقد نص القانون فى المادة (5) منه على أخذ رأى المجلس الأعلى للهيئات القضائية بالنسبة لتعيين أعضائها.
    أما بالنسبة لرئيس المحكمة فقد نص على أن يكون تعيينه رأسا بقرار من رئيس الجمهورية وذلك للمواءمة بين صفته القضائية وما أسنده إلية الدستور فى المادة (84) منه .
    4. والتزاما بحكم الدستور وأسوة بسائر أعضاء الهيئات القضائية فقد نص القانون على عدم قابلية أعضاء المحكمة للعزل وعدم نقلهم إلى وظائف أخرى إلا بموافقتهم .
    5. ومراعاة لمكانة أعضاء هذه المحكمة نظم القانون حقوقهم وواجباتهم على نسق ما يجرى بالنسبة إلى مستشارى محكمة النقض مع تخويل الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا بكامل أعضائها الاختصاص بالفصل فى طلبات رد أعضائها ودعاوى مخاصمتهم والتحقيق والتصرف نهائيا فيما قد ينسب إليهم .
    6. وتأكيدا لأهمية الدور الذى أسبغه الدستور على المحكمة الدستورية العليا لتحقيق الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح مع توحيد مفهوم نصوص الدستور بما يحقق استقرار الحقوق حرص القانون على أن يكون لهذه المحكمة دون غيرها القول الفصل فيما يثور من منازعات حول دستورية القوانين واللوائح سواء أكانت قوانين عادية صادرة من السلطة التشريعية أم تشريعات لائحية فرعية صادرة من السلطة التنفيذية فى حدود اختصاصها الدستورى وسواء أكانت هذه اللوائح عادية أم لوائح لها قوة القانون .
    7. وتوسعة لنطاق هذه الرقابة على دستورية القوانين واللوائح نص القانون على ثلاثة طرق لتحقيق هذه الغاية أولها التجاء جهة القضاء من تلقاء نفسها إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل فى دستورية نص لازم للفصل فى دعوى منظورة أمام هذه الجهة وذلك تثبيتا لالتزام الأحكام القضائية الدستورية بالقواعد الدستورية الصحيحة والثانى الدفع الجدى من أحد الخصوم أما إحدى جهات القضاء بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة وعندئذ تؤجل المحكمة نظر الدعوى وتحدد لمن أثار الدفع أجلا لرفع الدعوى بذلك ، الطريق الثالث تخويل المحكمة الدستورية العليا أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها .
    8. والتزاما بما ورد فى الدستور عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية ونشر قراراتها بالتفسير فى الجريدة الرسمية تأكيدا لصفتها الملزمة فقد نص القانون على هذا الاختصاص محددا النصوص التشريعية التى تتولى المحكمة تفسيرها بالقوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية طبقا لأحكام الدستور .
    وغنى عن الذكر أن اختصاص المحكمة الدستورية بالتفسير لا يحول دون مباشرة السلطة التشريعية حقها فى إصدار التشريعات التفسيرية بداءة أو بالمخالفة لما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا من تفسير .
    كما أن هذا الاختصاص لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى جميعا فى تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها ما دام لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم سواء من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية العليا .
    9. وتثبيتا لمكانة المحكمة الدستورية العليا حرص القانون على النص على أن أحكامها وقراراتها غير قابلة للطعن وملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة .
    10. وتناول القانون أثر الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة فنص على عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم وهو نص ورد فى بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء على أن مؤداه هو عدم تطبيق النص ليس فى المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم .
    أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائى فإن جميع الأحكام التى صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص تعتبر كأن لم تكن حتى ولو كانت أحكاما باتة .
    11. وتأكيدا لاستقلال المحكمة الدستورية العليا نص القانون على أن تكون لها موازنة سنوية مستقلة وأسبغ على الجمعية العامة بالمحكمة السلطات المقررة لوزير المالية فى القوانين واللوائح كما خول لرئيس المحكمة السلطات المخولة لوزير التنمية الإدارية ولرئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة .
    ويشرف وزير العدل بعرض مشروع القانون المرافق مفرغا فى الصيغة القانونية التى أقرها قسم التشريع بمجلس الدولة بكتابه رقم 15 المؤرخ 6 / 2 / 1979 برجاء الموافقة عليه والسير فى إجراءات إصداره .
    وزير العدل
    أنو عبد الفتاح أبو سحلى




































    قرار رئيس جمهورية مصر العربية
    بالقانون رقم 168 لسنة 1998
    بتعديل قانون المحكمة الدستورية العليا
    رئيس الجمهورية
    بعد الإطلاع على الدستور :-
    وعلى قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979،
    وبعد أخذ رأى المجلس الأعلى للهيئات القضائية والجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا ،
    قرر
    القانون الآتى نصه
    ( المادة الأولى )
    يستبدل بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 النص الآتى :-
    " يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم بذلك تاريخا آخر أسبق ، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبى لا يكون له فى جميع الأحوال إلا آثرا مباشرا ، وذلك دون إخلال باستفادة المدعى من الحكم الصادر بعدم دستورية هذا النص " .

    ( المادة الثانية )
    ينشر هذا القرار بقانون فى الجريدة الرسمية ، وتكون له قوة القانون ، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره .
    صدر برئاسة الجمهورية فى 16 ربيع الأول سنة 1419 هـ (الموافق 10 يوليه سنة 1998 م ) حسنى مبارك
    ولقد أقره مجلس الشعب بجلسته المؤرخة 5/12/1998 ووافق عليه …… .

















    حكم المحكمة الدستورية العليا
    فى القضية رقم 22 لسنة 18 قضائية " دستورية "

    جلسة 30 نوفمبر سنة 1996
    برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
    وعضوية السادة المستشارين :- فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور .

    الإجراءات
    بتاريخ 12 مارس سنة 1996 أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبة الحكم أصليا بعدم دستورية جميع مطالبات أقلام الكتاب المستندة إلى المادة 14 من القانون رقم 90 لسنة 1944 فى شأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية ، وذلك إعمالا لحكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 27 لسنة 16 قضائية " دستورية " واحتياطيا ، الحكم بعدم دستورية المادة 14 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه .
    وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها .
    ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .


    المحكمة
    بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
    حيث أن الوقائع – على ما يبين فى صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة الهندسية لخدمات التشييد ، كانت قد أقامت عددا من الدعاوى قضى فيها جميعها لصالحها مع إلزام خصومها بمصروفاتها إلا أن أقلام الكتاب المختصة حملتها هى برسومها إعمالا من جانبها للفقرة الثانية من المادة 14 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية – قبل تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1995 التى تخولها – إذ صار الحكم انتهائيا – تحصيل الرسوم المستحقة من المحكوم عليه .
    ولضمان اقتضاء هذه الأقلام للرسوم القضائية التى طلبتها منها ، أوقعت حجزا على منقولات الغير كانت فى حيازتها مما حمل أصحابها على طلب استردادها فأقاموا لذلك الدعوى رقم 220 لسنة 1995 أمام محكمة عابدين الجزئية .
    وأثناء نظر هذه الدعوى – دفعت الشركة الهندسية لخدمات التشييد – وباعتبارها أحد الخصوم المدعى عليهم فيها – بعدم دستورية المادة 14 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه . وإذا قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم الدستورية ، فقد صرحت برفع الدعوى الدستورية فأقامت المدعية دعواها الماثلة .
    وحيث أن المدعية بعد أن تقدمت فى الدعوى الراهنة بطلبين إحداهما أصلى وثانيهما احتياطى ، نزلت – وقبل قفل باب المرافعة – عن طلبها الأصلى ممثلا فى الحكم بعدم دستورية مطالبات أقلام الكتاب لها بالرسوم القضائية المحكوم بها على خصومها فى الدعاوى التى أقامتها ضدها ، والتى تستند هذه الأقلام فى تحصيلها منها إلى الفقرة الثانية من المادة 14 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية – قبل تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1995 .
    وحيث أن من المقرر أن نزول أحد الخصوم عن بعض طلباته ، يعتبر تعديلا لها ، وليس تاركا للخصومة ، إذ يفترض تركها التخلى عنها برمتها دون حكم فى موضوعها بما مؤداه إلغاء إجراءاتها بتمامها وزوال كل الآثار المترتبة على قيامها ليعود الخصوم إلى الحالة التى كانوا عليها قبل بدئها فلا يكون لطلباتهم ودفوعهم من أثر . وكان من المقرر كذلك أن للخصوم – وإلى ما قبل قفل باب المرافعة فى الدعوى – أن يعدلوا طلباتهم ، فلا يبقى ماثلا منها إلا ما يكون محددا لصورتها النهائية . متى كان ذلك ، فإن الطلب الاحتياطى للمدعية ، يكون وحده كاشفا عن نطاق الخصومة الماثلة ، وبها يتحدد موضوعها .
    وحيث أن المدعية قررت فى مذكرتها بتاريخ 16/11/1996 أن الأصل فى الأحكام الصادرة بعدم الدستورية أن يكون لها أثر رجعى ، ترتيبا على طبيعتها الكاشفة ومن ثم لا تثريب على المحكمة الدستورية العليا إن هى أعملت الأثر الرجعى لحكمها الصادر فى الدعوى رقم 27 لسنة 16 قضائية ، وذلك أن هذا الأثر لا تقيده إلا الأحكام القضائية التى لا تندرج تحتها أوامر تقدير الرسوم القضائية الصادرة ضدها .
    وحيث أن الفقرة الأولى من المادة 14 من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه ، تقضى بأن يلزم المدعى بأداء الرسوم القضائية ، كما يلزم بدفع الباقى منها عقب صدور الحكم ولو استؤنف . وتنص فقرتها الثانية على أنه :- [ ومع ذلك إذا صار الحكم نهائيا ، جاز لقلم الكتاب تحصيل الرسوم المستحقة من المحكوم عليه ] .
    وحيث أن الرسوم القضائية التى تقتضيها الدولة ممن حملهم المشرع بها ، تفترض لجواز تحصيلها أن يكون المشرع قد فرضها وفقا لأحكام الدستور ، ليكون اقتضاؤها دائرا معها وجودا وعدما فإذا ثار نزاع حول دستوريتها – وسواء تعلق بأصل الحق فيها أو بمبلغها – فإن النصوص القانونية التى أنشأتها ، وحددتها ، هى وحدها التى يتصور النعى عليها بمخالفتها للدستور ، فلا تدور الخصومة الدستورية إلا حولها وبها يتحدد موضوعها . بما مؤداه انفصالها عن التدابير التى قد تتخذها جهة إدارية فى مجال تطبيقها لهذه النصوص ، وكذلك عن الأحكام التى تصدر عن هيئة قضائية إعمالا لها ، وذلك أن المسائل الدستورية التى يطرحها خصم على المحكمة الدستورية العليا ينبغى أن تتعلق بنصوص قانونية تتولى هذه المحكمة دون غيرها الفصل فى صحتها أو بطلانها وفق أحكام الدستور ، استصحابا للطبيعة العينية للخصومة الدستورية وتوكيدا لها . ولا يتصور بالتالى أن تكون واقعة تحصيل الرسوم القضائية – فى ذاتها – محل طعن بعدم دستوريتها ، إذ هى واقعة مادية يستحيل إدراجها فى إطار الأعمال القانونية التى تصدر عن السلطتين التشريعية أو التنفيذية فى مجال إقرار النصوص التشريعية أو إصدارها .
    وحيث أن الطلب الاحتياطى للمدعية – فقد صار بعد نزولها عن طلبه الأصلى طلبا وحيدا ، يتغى الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 14 من قانون الرسوم القضائية – قبل تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1995 – تأسيسا على ارتكان أقلام الكتاب إليها فى مطالبتها بالرسوم القضائية المحكوم بها على خصومها .
    وحيث أن قضاء هذه المحكمة الصادر بتاريخ 15 أبريل 1995 فى القضية رقم 27 لسنة 16 قضائية " دستورية " كان قد خلص إلى عدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 14 من قانون الرسوم القضائية تأسيسا على أن لمصاريف الدعوى أصلا يحكمها ويهيمن عليها ويتحصل فى ألا يحكم بها – سواء بأكملها أو فى جزء منها _ إلا على الخصم الذى خسر الدعوى سواء بتمامها أو فى بعض جوانبها – وأن اقتضاء أقلام الكتاب لها من غير المحكوم عليهم بها ، لا يعدو أن يكون تعديلا من جانبها للآثار التى يرتبها الحكم القضائى _ ولو لم يكن نهائيا ، وعدوانا على ولاية السلطة القضائية واستقلالها ، وتعطيلا لدورها فى مجال صون الحقوق والحريات على اختلافها ، وعقابا من خلال جزاء مالى لغير خطأ ، والتزاما ذا قيمة سلبية ، واقعا عبؤه على غير المدين ، ومجردا ذمته المالية من بعض عناصرها الإيجابية باقتطاعها بالمخالفة لنصوص الدستور التى تمد حمايتها إلى الأموال جميعها ، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية – سواء أكانت حقا شخصيا أم عينيا أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية – بما مؤداه امتناع التمييز بين الحقوق الشخصية والحقوق العينية فى مجال صونها من العدوان ، بما يردع مغتصبيها ، ويحول دون اغتيالها أو تقويضها .
    وحيث أن الحكم الصادر عن هذه المحكمة فى القضية رقم 27 لسنة 16 قضائية المشار إليها ، قد نشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 27 من إبريل 1995 ، وكان هذا الحكم يعتبر قولا فاصلا لا يقبل تعقيبا ولا تأويلا من أى جهة – أى أن كان موقعها – فإن طلب الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 14 من قانون الرسوم القضائية – قبل تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1995 – يكون لغوا . إذ لا يتصور أن يرد حكمان بعدم الدستورية على محل واحد .
    وحيث أن الأحكام التى تصدرها هذه المحكمة فى المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها فى خصوم الدعوى الدستورية ، بل تمتد إلى الدولة بكل أفرعها وتنظيماتها وتقيد – إلى جانبها – الناس أجمعين باعتبارها تطبيقا أمينا للدستور ، ونزولا على قواعده الآمرة التى تعلوا غيرها من القواعد القانونية حتى ما كان منها واقعا فى دائرة النظام العام ، بما مؤداه سريان الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية قبلهم جميعا ، فلا يملكون لها تبديلا ، ولا يستطيعون عنها حولا ليكون الاحتجاج بها – تنفيذا لمضمونها – حق لكل من يلوذ بها ، ولو لم يكن طرفا فى الخصومة الدستورية .
    وليس ذلك إلا تقيدا بقضاء المحكمة الدستورية العليا ، والتزام بأبعادها من خلال أعمال أثره على الناس كافة دون تمييز ، وبإخضاع الدولة لمضمونه دون قيد .
    وحيث أن ما نصت عليه المادة 49 من قانون هذه المحكمة من أن النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها ، لا يجوز تطبيقها اعتبارا من نشر الأحكام الصادرة بشأنها فى الجريدة الرسمية ، لا يعنى أن لهذه الأحكام أثرا مباشرا لا تتعداه ، وأنها بذلك لا ترتد إلى الأوضاع والعلائق السابقة عليها ، ذلك أن كل ما قصد إليه هذا القانون بنص المادة 49 المشار إليها لا يعدو تجريد النصوص القانونية التى قضى بعدم دستوريتها من قوة نفاذها التى صاحبتها عند إقرارها أو إصدارها ، لتفقد بالتالى خاصية الإلزام التى تتسم بها القواعد القانونية جميعها فلا يكون من بعد ثمة مجال لتطبيقها .
    يؤيد ذلك أن الآثار التى ترتبها الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية ، لا يمكن فصلها عن الأوضاع والعلائق السابقة عليها بعد أن مسها النص المطعون فيه مؤثرا فى بنيانها . ومن ثم كان تصويبها من خلال الدعوى الدستورية لازما لرد الأضرار التى لحقتها أو التى تتهددها . ويقتضى ذلك بالضرورة أن يكون قضاء المحكمة الدستورية العليا بإبطال النص المطعون فيه ، منسحبا إليه ، ليعيدها إلى الحالة التى كانت عليها قبل سريان النص الباطل فى شأنها .
    ولا مجافاة فى ذلك لقواعد الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية ، ولا لمقاصد الدستور ، ذلك أن مباشرة هذه المحكمة لتلك الرقابة ، غايتها تقرير اتفاق النصوص القانونية المطعون عليها مع الدستور أو مجاوزتها للضوابط التى فرضها . وتقيمها لهذه النصوص لا ينفصل عما يكون قد اعتراها من عوار عند إقرارها أو إصدارها ، فلا تكون عيوبها أمرا طارئا عارضا عليها ، بل كامنا فيها ، ولصيقا بها منذ ميلادها ، ومتصلا بها ، لزوما – اتصال قرار بما يشوها . وكشفها عن عيوبها هذه ، ليس إلا إعلانا عن حقيقتها ، وإثباتا لها . ولا يتصور بالتالى أن تضيفها إليها ، ولا أن تكون من خلقها أو تصويرها ، ولا أن تقحمها على نصوص قانونية خلت منها ، بل هى تجليها ، محددة من خلال حكمها – وعلى ضوء أحكام الدستور – القاعدة القانونية التى يجب تطبيقها فى النزاع الموضوعى ، وهى بعد قاعدة ينبغى إعمالها بافتراض أن النص الباطل منعدم ابتداء لا انتهاء ، فلا يكون قابلا للتطبيق إلا منذ أن نشأ معيبا .
    ذلك أن إبطال هذه المحكمة للنصوص القانونية المخالفة للدستور ، يعتبر تقريرا لزوالها نافيا وجودها منذ ميلادها .وقضائها بصحتها ، يؤكد استمرار نفاذها تبعا لخلوها من كل عوار يدينها .
    وليس مفهوما أن تكون واقعة نشر الأحكام الصادرة بعدم دستورية بعض النصوص القانونية – فى ذاتها – حدا زمنيا فاصلا بين صحتها وبطلانها ، فلا يكون النص الباطل منعدما إلا اعتبارا من اليوم التالى لهذا النشر .
    والقول بذلك مؤداه أن يكون التقاضى جهدا ضائعا وعملا عبثيا ، وأن للنص القانونى الواحد مجالين زمنيين ، يكون صحيحا فى أحدهما ، وباطلا فى ثانيهما ، حال أن بطلان النصوص القانونية لا يتجزأ ، ويستحيل أن ينقلب العدم وجودا ، ولا أن يكون مداه متفاوتا أو متدرجا ، فالساقط لا يعود أبدا.
    وحيث أن قانون المحكمة الدستورية العليا – ضمانا لصون الحرية الشخصية التى كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التى لا يجوز الإخلال بها عدوانا – قد نص فى المادة 49 منه ، على أنه إذ كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائى ، فأن أحكام الإدانة الصادرة استنادا إليه تعتبر كأن لم تكن . وهو ما يعنى سقوطها بكل آثارها ، ولو صار الطعن فيها ممتنعا ، لتفارقها قوة الأمر المقضى التى قارنتها .
    وتلك هى الرجعية الكاملة التى أثبتها قانون المحكمة الدستورية العليا لأحكامها الصادرة بإبطال النصوص العقابية . وهى بعد رجعية لا قيد عليها ولا عاصم منها ، بل يكون أثرها جارفا لكل عائق على خلافه ولو كان حكما نهائيا .
    فإذا كان قضاؤها مبطلا لنص غير جنائى ، فإن أثره الرجعى يظل جاريا ومنسحبا إلى الأوضاع والعلائق التى أتصل بها مؤثرا فيها ، حتى ما كان منها سابقا على نشره فى الجريدة الرسمية ، ما لم تكن الحقوق والمراكز التى ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائى توافر فيه شرطان أولهما : أن يكون باتا وذلك باستنفاذه لطرق الطعن جميعها وثانيهما : أن يكون صادرا قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا ومحمولا على النصوص القانونية عينها التى قضى ببطلانها .
    وحيث أن من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا – أن محكمة الموضوع دون غيرها هى التى تتولى بنفسها إعمال آثار الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية ، ويندرج تحتها رجعيتها محددة نطاقا على النحو المتقدم ، فإن دعوة المحكمة الدستورية العليا إلى إعمال الأثر الرجعى للحكم الصادر عنها فى القضية رقم 27 لسنة 16 قضائية " دستورية " تجاوز حدود ولايتها . وإذ نشر حكمها فى هذه القضية ، قبل رفع الدعوى الماثلة ، فإن الحكم بعدم قبولها يكون لازما .

    فلهذه الأسباب

    حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ، ومصادرة الكفالة مع إلزام المدعية المصروفات مائة جنيها مقابل أتعاب المحاماة .





    تم بحمد الله ،،،.















    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:43 am

    مُنازعات التنفيذ أمام المحكمة الدُستورية العُليا

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أثناء الدراسة فى دبلوم الدراسات القضائية بكلية الحقوق – جامعة المنصورة ؛ كُلِفت بعمل بحث فى منازعات التنفيذ أمام المحكمة الدستورية العُليا ؛ وقمت بعمل البحث المطلوب فى أبسط صورة ؛ وقمت بعد ذلك بعمل دراسة موسعة ؛ إن شاء الله سوف يتم إيداعها بدار الكُتب للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية ؛ وبعد توثيقها إن شاء الله سوف أقوم برفعها على النت لمن يشاء .

    عند تجوالى فى النت ؛ صادفت بحثا مُصغراً حول الموضوع ؛ وهو بحث جيد ؛ ويعطى تعريف للمنازعات المتعلقة بالأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا .

    ومنازعات التنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا لا تتناول أحكام المحكمة ذاتها فهى عصية على المنازعة فيها ؛ فالأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية وكذلك أحكام التفسير ملزمة للكافة للسلطات والأفراد ولا تقبل الطعن بأى طريق .

    فإلى بحث الأستاذ / محمد السعودي أحمد تقي الدين

    وأنا على إستعداد للتعليق بالشرح لأى مسألة تكون غامضة لإحاطتى بموضوع البحث بشكل كبير
    والله الموفق

    المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا

    بقلم: محمد السعودي أحمد تقي الدين

    1 – مقدمة:

    المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا تعتبر من أدق المسائل القانونية التي لم توف حقها من الدراسة و البحث ، و ذلك على الرغم من أهمية هذه الوسيلة التي سنها المشرع لتكون احدى الوسائل التي يمكن استخدامها لإستيفاء الحقوق على النحو الذي سيرد شرحه في هذا البحث.

    و سنعتمد في هذه الدراسة على أحكام المحكمة الدستورية العليا التي صدرت في قضايا منازعات التنفيذ التي تم الفصل فيها حتى جلسة 2/12/2007 ، و التي حُكِم فيها كلها إما بعدم القبول أو بالرفض أو بعدم الإختصاص ، فيما عدا عدد قليل فقط نجح فيها المدعي في التوصل إلى استصدار حكم من المحكمة الدستورية العليا بمطلوبه في دعواه (1). مما يدل على الحاجة الماسة إلى دراسة المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا ، كي يتحقق هدفين : أولهما و أهمهما أن يكون المتقاضين و السادة الزملاء من المحامين على بينة من هذه الوسيلة الإجرائية الهامة من وسائل التقاضي التي قد تكون ، في أحيان غير قليلة ، هي السبيل الوحيد إلى استيفاء حقوقهم أو حقوق موكليهم. و الهدف الثاني أن يكون هؤلاء على بينة و دراية بالأنموذج القانوني لمنازعة التنفيذ التي مآلها إلى القبول حتى لا تُتْخَم ساحة المحكمة الدستورية العليا بمنازعات لا حاصل من ورائها سوى تضييع وقت المحكمة الدستورية العليا .

    أكبر الأبحاث والدراسات القانونية موسعة منازعات التنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا

    2 – نص قانوني :

    اختصاص المحكمة الدستورية بنظر المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها مقرر بموجب نص المادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، و قد جرى نص هذه المادة على النحو التالي :
    “تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها.
    وتسري على هذه المنازعات الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.
    ولا يترتب على رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى الفصل في المنازعة. “

    3 – الخلط فيما بين المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا و منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية و التجارية:

    أول ما تنصرف إليه الأذهان عند بداية القراءة في هذا الموضوع هو إستجلاب مفهوم منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية و التجارية ، و إنزاله على المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا التي هي نطاق دراستنا في هذا البحث . و بالتالي يجب أن نبدأ هذا البحث ببيان المقصود بكل منهما حتى يتضح جوانب الإتفاق و الإختلاف فيما بين هذين النوعين من منازعات التنفيذ .

    4 – تعريف منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية و التجارية:

    اختلف الفقه في تحديد معنى منازعة التنفيذ ، و لكننا نرجح الرأي القائل بأنها: “المنازعة التي يصدر فيها الحكم بصدد أي عارض يتصل بالتنفيذ الجبري” ، فيصدر فيها حكم بجواز التنفيذ أو بعدم جوازه ، بصحته أو ببطلانه ، بوقفه أو باستمراره ، بالإعتداد به أو بعدم الإعتداد به ، بالحد من نطاقه أو بالإبقاء على هذا النطاق. و للمنازعة التنفيذية – أيا ً كان موضوعها أو أطرافها – مميزات تتمثل فيما يلي (2):
    أ. هي خلافات في وجهات النظر حول شرط من الشروط الواجب توافرها لإتخاذ إجراءات التنفيذ ، أو حول أي عارض من عوارضه.
    ب. هي عقبات قانونية ، إذ هي منازعة تطرح خصومة أمام قضاء التنفيذ. فتختلف بذلك عن العقبات المادية المتمثلة في اعتراض التنفيذ بالقوة على سبيل المثال ، أو عدم ملائمة التنفيذ من الناحية الأمنية.
    ج. هي منازعة تتضمن اعتراضا ً على التنفيذ و منازعة فيه ، و ذلك دون المساس بحجية السند التنفيذي.
    د. المنازعة التنفيذية تطرح على القضاء و يصدر فيها حكم موضوعي أو حكم وقتي بحسب طبيعتها ، و بحسب ما إذا كانت منازعة موضوعية في التنفيذ أو منازعة وقتية. و قد يصدر فيها أمر ولائي.
    هـ. منازعة التنفيذ لا تعتبر من قبيل التظلم في الحكم المراد التنفيذ بمقتضاه ، إذا كان التنفيذ يتم بمقتضى حكم قضائي. و بالتالي لا يكون لمنازعة التنفيذ في ذاتها أثر موقف للسند التنفيذي ما لم ينص القانون على غير ذلك ، مثال الأثر الموقف للتنفيذ المترتب على رفع الإشكال الوقتي الأول.
    و. منازعة التنفيذ لا تثير الموضوع الذي حسمه الحكم المعتبر سندا ً تنفيذيا ً.

    5 – تعريف المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا:

    قضت المحكمة الدستورية العليا في حكم لها بأن: ” قوام منازعة التنفيذ التي تختص هذه المحكمة وحدها بالفصل فيها وفقاً للمادة 50 من قانونها – وعلى ما جرى عليه قضاؤها- أن تعترض تنفيذ أحد أحكامها عوائق تحول قانوناً – بمضمونها أو أبعادها –دون اكتمال مداه وتعطل بالتالي ، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره بتمامها ، أو يحد من مداها، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل دعوى منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها ، وهو ما لا يتسنى إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها حتى يتم تنفيذ الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة تنفيذاً مستكملاً لمضمونه ومداه ، ضامناً لفاعليته وإنفاذ فحواه.” (3)

    كما قضت في حكم آخر بأنه: “من المقرر ـ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أن قوام منازعة التنفيذ ألا يكون تنفيذ الحكم القضائى الصادر عنها قد تم وفقاً لطبيعته ، وعلى ضوء الأصل فيه ، بل يكون قد اعترضته عوائق حالت قانوناً دون اكتمال مداه ، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان ، وبشرط أن تكون هذه العوائق ـ سواء بطبيعتها أم بالنظر إلى نتائجها ـ حائلة دون تنفيذ أحكامها تنفيذاً صحيحاً مكتملاً أو مقيداً لنطاقها .” (4)

    و في حكم ثالث كان أكثر تفصيلا ً في ذات النقطة ، قضت المحكمة بأنه : “إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام “منازعة التنفيذ” أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقاً لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونا – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل بالتالى، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها، وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها، وكلما كان التنفيذ متعلقا بحكم صادر فى دعوى دستورية، فإن حقيقته مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازماً لضمان فاعليته، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها يفترض أمرين – أولهما: أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها او بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيهما: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقياً بها، ممكناً. فإذا لم تكن لها بها صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها.” (5)

    كما قضت المحكمة الدستورية العليا بأنه : ” منازعة التنفيذ التى يدخل الفصل فيها فى اختصاص المحكمة الدستورية العليا وفقاً للمادة 50 من قانونها، قوامها أن يكون التنفيذ قد اعترضته عوائق قانونية تحول دون إتمامه، أو تحد من جريانه وفقاً لطبيعته. وعلى ضوء الأصل فيه، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ أو عقاباته القانونية هى المسألة الكلية التى يدور حولها طلب إزالتها بقصد إنهاء الآثار القانونية الملازمة لها أو المترتبة عليها. ولايكون ذلك إلا بإسقاطها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. ” (6)

    من جماع هذه الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا ، يمكن تعريف منازعة التنفيذ المتعلقة بالأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا بأنها : “المنازعة التي تختص بها المحكمة الدستورية العليا طبقا ً للمادة 50 من قانونها ، و تطرح على المحكمة العوائق التي تحول قانونا ً دون اكتمال تنفيذ أحكامها ، و تستهدف المنازعة انهاء الآثار القانونية الناشئة عن هذه العوائق أو المترتبة عليها ، و ذلك باسقاط مسببات هذه العوائق و إعدام وجودها.”

    6- مميزات منازعة التنفيذ المتعلقة بأحكام المحكمة الدستورية العليا :

    كما أوردنا مميزات منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات ، نورد مميزات منازعة التنفيذ المتعلقة بأحكام المحكمة الدستورية العليا :
    أ. هي خلاف في وجهات النظر حول وجود عائق يؤدي إلى الحيلولة دون اكتمال تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية . و هي في ذلك تختلف بالكلية عن منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات ، و التي يتغيا صاحبها في الغالب الأعم من الأحوال أن يطرح على المحكمة المختصة عوائق يتمسك بها من أجل عرقلة تنفيذ الحكم المتنازع في تنفيذه. أما منازعة التنفيذ المتعلقة بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا فيقصد بها أن يُطرح على المحكمة الدستورية العليا العوائق التي تعرقل تنفيذ أحكامها بغية ازالة هذه العوائق.

    ب. موضوعها عقبات قانونية تماما ً كمنازعات التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية و التجارية. إلا أن طبيعة هذه العقبات القانونية تختلف في طبيعتها عن تلك التي تطرحها منازعة التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات . إذ من المتصور أن تكون هذه العقبة متمثلة في عمل تشريعي صادر من السلطة التشريعية أو من السلطة التنفيذية في شكل قانون أو لائحة حلت محل نص تشريعي تم القضاء بعدم دستوريته أو بسقوطه بالتبعية لنص حُكِم بعدم دستوريته ، و انطوى هذا العمل التشريعي على ذات مضمون الحكم الذي تضمنه النص السابق الذي قُضي بعدم دستوريته أو بسقوطه ، إذ يعتبر هذا العمل التشريعي اللاحق بمثابة تحايل من المشرع على حكم المحكمة الدستورية الذي أعدم النص السابق ، و يعتبر هذا التشريع اللاحق بمثابة عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية ذي الصلة تستوجب اختصاص المحكمة الدستورية بالتدخل لإعدام هذا العمل التشريعي اللاحق ، و الإجراء الذي يطرح المسألة على المحكمة الدستورية العليا هو إقامة دعوى مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا كمنازعة متعلقة بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية المعني. و قد تتمثل هذه العقبة في قرار إداري لائحي يتم القضاء بعدم الإعتداد به . و أما الأعمال غير التشريعية كالقرارات الإدارية الفردية أو الأعمال التي تتم في نطاق القانون الخاص فهي لا يمكن أن تكون عقبة أمام تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية ، إذ تعتبر مخالفة للنظام العام و يمكن التوصل للقضاء ببطلانها عن طريق حكم صادر من المحكمة المختصة بحسب الأحوال ، حيث تكون هذه المحاكم ملزمة بإعمال الأثر القانوني لأحكام المحكمة الدستورية العليا. فإذا ما صدر حكم قضائي نهائي يثبت أركان هذا العمل القانوني (العائق) الذي تم في إطار القانون الخاص ، ففي هذه الحالة يعتبر هذا الحكم القضائي نفسه عائقا ً أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا ذي الصلة ، و يجوز ان يكون ذلك سببا ً لرفع دعوى منازعة تنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا بطلب عدم الإعتداد بهذا الحكم القضائي.

    ج. يهدف المدعي بدعوى منازعة التنفيذ المتعلقة بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا إلى التوصل إلى إستكمال تنفيذ حكم المحكمة الدستورية. و لا تعتبر منازعة في التنفيذ و اعتراض عليه كما هو الحال بالنسبة للمنازعة في التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات، بل ادعاء بوجود عائق قانوني يحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية ابتداء أو يحول دون استكمال تنفيذه بعد الشروع فيه ، أو يهدد بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل تمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية ذي الصلة.

    د. لا يتصور و نحن بصدد منازعة تنفيذ تعلقت بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا أن يصدر أمر ولائي مثلا كما هو الحال بالنسبة لمنازعات التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات. إلا أنه لايوجد ما يمنع المحكمة الدستورية العليا من إصدار قرارات وقتية لحين الفصل في موضوع المنازعة ، و ذلك تطبيقا ً لنص المادة من قانونها. فمثلا لو كان العائق القانوني موضوع المنازعة المرفوعة إلى المحكمة الدستورية العليا عبارة عن قرار إداري – فردي أو لائحي – فإنه يجوز للمحكمة الدستورية العليا – متمثلة في رئيسها – أن تصدر قراراً وقتياً بوقف تنفيذ هذا القرار الإداري لحين الفصل في موضوع المنازعة.

    هـ. منازعة التنفيذ المتعلقة بأحكام المحكمة الدستورية العليا لا تعيد بحث المسألة التي حسمها حكم المحكمة الدستورية ذي الصلة ، فلا يجوز إعادة بحث مسألة سبق و أن حسمها حكم من أحكام المحكمة الدستورية العليا ، ذلك أن قانون المحكمة نفسه نص على أن أحكامها وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن (7). فموضوعها هو بحث مسألة وجود العائق المدعى بوجوده و ما إذا كان هذا العائق في ذاته هو سبب عدم اكتمال تنفيذ حكم المحكمة الدستورية . و لكن من المتصور أن يتم التعرض لحكم قضائي نهائي أثناء نظر المنازعة المتعلقة بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية ، فإذا ما تيقنت المحكمة من أن هذا الحكم القضائي يعتبر في ذاته عائقا ً يحول دون استكمال حكم المحكمة الدستورية على النحو الوارد في التعريف الذي انتهينا إليه و على النحو المستقر عليه في قضاء المحكمة الدستورية العليا ؛ كان نتيجة ذلك هو إهدار هذا الحكم القضائي و اعدامه من أجل افساح المجال لإستكمال تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية.

    7- ندرة القضايا التي صدر فيها الحكم بطلبات المدعي – القضية النموذج:

    بالبحث في جميع أحكام المحكمة الدستورية العليا منذ تاريخ نشأتها و حتى جلستها المنعقدة في 2/12/2007 (Cool ، تم العثور على عدد قليل من القضايا التي طرحت على المحكمة الدستورية العليا منازعة تنفيذ متعلقة بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا ، و صدر فيها حكم بالإختصاص بنظرها و بقبولها و القضاء بالطلبات التي التمس المدعي من المحكمة أن تقضي له بها . أما باقي القضايا فقد حكم بعدم قبولها أو برفضها أو بعدم الإختصاص بنظرها.

    و لذلك ، فسنتخير هذه الدعوى لتكون النموذج المثالي الذي نستظهر منه مناط اختصاص المحكمة الدستورية بنظر منازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامها ، و كذلك شرائط قبول هذه المنازعات ، و موجبات عدم القضاء برفض الدعوى و موجبات استجابة المحكمة لطلبات المدعي ، مع امكانية مقارنة هذه القضية بغيرها من القضايا التي قُضِي فيها بعدم الإختصاص أو بعدم القبول أو بالرفض ، حيث أن المقارنة بين الأضداد تبين صحة النتائج التي ننتهي إليها.

    8- القضية النموذج الأولى :

    القضية النموذج الأولى هي القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 5 لسنة 22 قضائية “منازعة تنفيذ” ، و المحكوم فيها بجلسة 4/8/2001 (9) . و في هذه هي القضية ادُعي بأن العائق أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية هو عبارة عن عمل تشريعي . و سنعرض إليها ببيان موضوعها ، ثم سنعرض لما يحويه الحكم الصادر فيها من مسائل .

    أ- موضوعها:
    و يتلخص موضوعها على ما يبين من حيثيات الحكم الصادر فيها – يتلخص فيما يلي:
    (1) أصدرت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 6/5/2000 حكمها في القضية المقيدة رقم 193 لسنة 19 قضائية “دستورية” (10) و الذي قضى بعدم دستورية نص المادة (25) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 فيما تضمنه من إسناد الفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء هيئة قضايا الدولة وطلبات التعويض المترتبة عليها للجنة التأديب والتظلمات.
    (2) على أثر صدور ذلك الحكم وفي 8/5/2000أصدر رئيس تلك الهيئة القرار رقم 1 لسنة 2000 الذي نص في مادته الأولى على وقف انعقاد جلسات لجنة التأديب والتظلمات المحددة لنظر الطلبات المقدمة من أعضاء الهيئة الحاليين والسابقين لحين صدور التشريع المنفذ لحكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، وفي مادته الثانية على استمرار اللجنة في نظر الدعاوى التأديبية.
    (3) أعقب ذلك صدور قرار رئيس هيئة قضايا الدولة رقم 2 لسنة 2000 ناصاً على إلغاء قراره السابق رقم 1 لسنة 2000.
    (4) من جهة أخرى كان المدعى قد أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 11135 لسنة 54 قضائية طعناً على قرار تخطيه في الترقية. كما أخطرته أمانة اللجنة المشار إليها للحضور أمامها في 18/9/2000 لنظر تظلمه رقم 295 لسنة 1999.
    (5) رأى المدعى أن قرار رئيس هيئة قضايا الدولة رقم 2 لسنة 2000 يشكل عقبة تعوق تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 193 لسنة19 قضائية “دستورية” المشار إليه.
    (6) أقام المدعي دعواه أمام المحكمة الدستورية العليا كمنازعة تنفيذ طالباً الحكم بوقف تنفيذ قرار رئيس هيئة قضايا الدولة رقم 2 لسنة 2000 فيما تضمنه من إلغاء قراره رقم 1 لسنة 2000 بوقف انعقاد جلسات لجنة التأديب والتظلمات بالهيئة للنظر في الطلبات المقدمة من أعضاء الهيئة الحاليين والسابقين وذلك لحين صدور التشريع المنفذ لحكم المحكمة الدستورية العليا، وفي الموضوع بعدم الاعتداد بالقرار رقم 2 لسنة 2000 المشار إليه، والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 193 لسنة 19 قضائية “دستورية”، وما يترتب على ذلك من آثار.
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:45 am



    ب- دعوى المنازعة في التنفيذ ترفع مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا بـخلاف دعوى الدستورية:
    دعاوى منازعة التنفيذ التي تختص بها المحكمة الدستورية العليا طبقا ً للمادة 50 من قانونها مثلها مثل دعاوى فض التنازع بين الأحكام القضائية النهائية التي تصدر من جهتين قضائيتين مختلفتين. فهذان النوعان من الدعاوى يختلفان عن دعاوى الدستورية في أن الأخيرة يلزم لقبولها أن ترفع إلى المحكمة الدستورية بعد الدفع بعدم الدستورية في النزاع الموضوعي ثم تقدر محكمة الموضوع جدية هذا الدفع و تصرح لمبديه بأن يقيم الدعوى الدستورية. و أما منازعة التنفيذ – و كذلك دعاوى التنازع – فيتم رفعها مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا ، و مثلهما أيضا ً دعاوى تفسير الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا.

    ج – في مسألة الإختصاص :
    كعادتها في مثل هذا النوع من القضايا ، دفعت هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية بالفصل في الدعوى الراهنة، تأسيساً على أمرين، أولهما: أن القرار المطعون فيه لا يعتبر عملاً تشريعياً مما تمتد إليه الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية، وثانيهما: أن إعمال أثر الحكم بعدم الدستورية هو مما تختص به محكمة الموضوع ولا تمتد إليه ولاية المحكمة الدستورية العليا.

    و قد ردت المحكمة الدستورية على هذا الدفع في بضع سطور جاء فيها : ” أن الدعوى الماثلة ليست – في أصلها – طعناً بعدم الدستورية، وبالتالي فلا محل فيها للتفرقة بين العمل التشريعي وغيره، وإنما أقيمت باعتبارها منازعة تنفيذ في حكم أصدرته المحكمة في دعوى دستورية، ومن ثم فإن ما تثيره هذه الدعوى هو مدى توافر الشروط المتطلبة في منازعات التنفيذ التي تختص بها المحكمة الدستورية العليا طبقاً للمادة 50 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.”

    و المادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا تنص على ما يلي:
    ” تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها.
    وتسري على هذه المنازعات الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.
    ولا يترتب على رفع المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى الفصل في المنازعة.”

    د – لا يشترط في المدعي في منازعة التنفيذ المتعلقة بحكم أصدرته المحكمة الدستورية أن يكون طرفا ً في الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم :

    و هذه النتيجة مستفادة من الدفع بعدم القبول الذي أبدته هيئة قضايا الدولة و من رد المحكمة الدستورية على هذا الدفع :

    حيث أن هيئة قضايا الدولة خلطت بين منازعات التنفيذ و الدعوى الدستورية و دفعت بعدم قبول الدعوى تأسيساً على انتفاء مصلحة رافعها بمقولة أنه يشترط لقبول دعوى منازعة التنفيذ أن تعود على رافعها منفعة يقرها القانون ويرتبط ذلك بمصلحته في الدعوى الموضوعية التي أثيرت منازعة التنفيذ بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيها على الحكم في الدعوى الموضوعية، وأن المدعى لم يكن طرفاً في الدعوى الدستورية المطلوب الاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر فيها بل رفض تدخله فيها، كما لم يرفع أي دعوى يتطلب الفصل فيها البت في منازعة التنفيذ الماثلة.

    إلا أن المحكمة الدستورية قضت بأن هذا الدفع مردود عليه بأن المدعى يستهدف من دعواه ألا تفصل لجنة التأديب والتظلمات في طعنه على قرار تخطيه في الترقية لينعقد الفصل في ذلك الطعن للمحكمة المختصة – على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن – مما يوفر له مصلحة في إقامة الدعوى الماثلة؛ ومن جهة أخرى فليس ثمة تلازم بين منازعة التنفيذ وبين دعوى موضوعية حتى يقال أن تلك المنازعة قد ثارت بمناسبتها، فهذا الربط بين الأمرين ليس إلا خلطاً بين منازعات التنفيذ والدعاوى الدستورية.

    هـ – العائق أمام التنفيذ قد يكون عملا ً تشريعيا ً ، و هذا يستنهض اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالرقابة على دستورية هذا العمل التشريعي:

    بعد أن ردت المحكمة الدستورية على الدفوع التي أبدتها هيئة قضايا الدولة ، أوردت في حيثيات الحكم أن : “منازعات التنفيذ تتعدد صورها وتتنوع تطبيقاتها وإن كان جميعها أنها تطرح عوائق التنفيذ سواء كانت معطلة له أو مقيدة مداه، ويندرج ضمن هذه المنازعات أن يتبنى المشرع بتشريع جديد ذات أحكام نص تشريعي سبق لهذه المحكمة القضاء بعدم دستوريته أو أن تستمر السلطة التنفيذية في إعمال حكم نص تشريعي سبق للمحكمة – استناداً للأحكام الموضوعية في الدستور – إبطال نص مطابق له في النطاق عينه وموجه للمخاطبين به أنفسهم بحجة أنه نص جديد مستترة في ذلك وراء فكرة استقلال النصوص القانونية؛ إذ لا يعدو أن يكون ذلك تحايلاً على أحكام الشرعية الدستورية، ومن ثم يعتبر هذا التشريع الجديد أو ما يصدر من قرارات تنفيذاً له عقبة من عقبات التنفيذ.”
    و لأن المادة 27 من قانون المحكمة الدستورية العليا تجيز للمحكمة في جميع الحالات أن تقضي بعدم دستورية أي نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة اختصاصاتها ويتصل بالنزاع المطروح عليها وذلك بعد اتباع الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية. فقد أعملت المحكمة الدستورية مقتضى هذه المادة و قررت أنه إذا كان العائق أمام التنفيذ عبارة عن عمل تشريعي و كان مخالفا ً للدستور ، تصدت لبحث مدى دستوريته ، و القضاء بعدم دستوريته إذا تحققت من مخالفته للدستور . حيث جاء في حيثيات الحكم الصادر في القضية النموذج التي نحن بصددها بعد أن اوضحت مقومات الحالة التي يكون فيها العائق أمام تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية تشريعا ً أصدره المشرع بما يطابق حكم نص سبق القضاء بعدم دستوريته – أوردت أنه في هذه الحالة ” يجوز لهذه المحكمة عندئذ أن تعمل ما خولته إياها المادة 27 من قانونها من التصدي لدستورية النص الجديد الذي عرض لها بمناسبة نظرها منازعة التنفيذ المطروحة عليها لاتصاله بها، وذلك بعد إتباع الإجراءات المقررة لتحضير الدعوى الدستورية.”
    و – مقتضى ممارسة المحكمة الدستورية اختصاصها في إزالة العوائق التي تحول دون تنفيذ أحكامها – عدم دستورية العمل التشريعي إذا كان عائقا ً – عدم الإعتداد بالقرار الإداري إذا كان عائقا ً:

    جاء في حيثيات الحكم الصادر في القضية التي نحن بصددها ، و بناء على ما سبق و أن أوردناه من هذه الحيثيات ، جاء فيها أن : ” وحيث إن هذه المحكمة سبق أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/5/2000 حكمها في الدعوى رقم 193 لسنة 19 قضائية “دستورية” الذي قضى في منطوقه بعدم دستورية نص المادة (25) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 فيما تضمنه من إسناد الفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء هيئة قضايا الدولة وطلبات التعويض المترتبة عليها للجنة التأديب والتظلمات، فبادر رئيس الهيئة المدعى عليها بإصدار القرار رقم 1 لسنة 2000 بتاريخ 8/5/2000- مشيراً في ديباجته إلى الحكم آنف الذكر- متضمناً وقف انعقاد جلسات لجنة التأديب والتظلمات فيما يتعلق بنظر الطلبات المقدمة من أعضاء الهيئة وذلك لحين صدور التشريع المنفذ لذلك الحكم،بيد أنه جرى النكوص عن ذلك بالقرار رقم 2 لسنة 2000 الصادر بتاريخ 18/6/2000 الذي ألغى القرار رقم 1 سالف الذكر، ومن ثم استمرت اللجنة المذكورة في نظر طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء تلك الهيئة وطلبات التعويض المترتبة عليها.
    وحيث إن الإشارة في ديباجة القرار رقم 2 لسنة 2000 سالف البيان إلى القانون رقم 88 لسنة 1998 الذي تضمن تعديل نص المادة25 من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 75 لسنة 1963، بمقولة أنه استبقى ذات الحكم المتضمن اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون أعضائها وطلبات التعويض عنها، لا تنهض مبرراً يسوغ إصداره وذلك بعد أن اتضح لتلك الهيئة بجلاء أن هذا الحكم الذي قرره مجدداً القانون رقم 88 لسنة 1998 قد انتظمه نص سابق ظاهر البطلان قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته وهو نص المادة 25 المشار إليها قبل تعديلها بالقانون رقم 88 لسنة 1998، وما كان للهيئة أن تعود لتتبنى ذلك النص وتستند إليه بعد أن كانت قد هجرته في قرار سابق، خاصة وأن حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر قد أورد في أسبابه المكملة لمنطوقه صراحة أن لجنة التأديب والتظلمات ظلت تجمع بين اختصاصاتها سالفة الذكر – ومن بينها إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون أعضاء الهيئة وطلبات التعويض عنها – بل أضاف إليها القانون 10 لسنة 1986 ومن بعده القانون 88 لسنة 1998 المعدلان لقانون هذه الهيئة طائفة أخرى من المنازعات هي تلك المتعلقة بالمرتبات والمكافآت والمعاشات الخاصة بأعضاء الهيئة أو بورثتهم، ومن ثم يكون القرار الجديد رقم 2 لسنة 2000 الصادر من رئيس الهيئة، عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا السالف الإشارة إليه بحيث يجوز لكل من أضير من إعماله في حقه أن يتقدم إلى هذه المحكمة طالباً إزالة هذه العقبة. “

    و نستخلص من ذلك نتيجة مهمة أخرى ، مفادها أن الطعن على القرار الإداري رقم 2 لسنة 2000 المذكور كانت تختص به إيضا ً المحكمة الإدارية العليا ، إلا أن المحكمة الدستورية قررت أنه يجوز لكل من أضير من إعماله أن يتقدم إلى المحكمة الدستورية العليا طالبا ً عدم الإعتداد به . و لو كانت قد صدرت قرارات فردية إعمالا ً له و تحصنت هذه القرارات ضد الطعن بالإلغاء ، ذلك أن هذه القرارات الإدارية الفردية صدرت تطبيقا ً لهذا القرار اللائحي ، و هذا الأخير معدوم لكونه عقبة في سبيل تنفيذ حكم أصدرته المحكمة الدستورية ، و لما كان الثابت أن ما بني على باطل فهو باطل ، فإن ما بني علة المعدوم فهو معدوم مثله لا يتحصن بفوات مواعيد .

    و انطلاقا ً من هذه الحيثيات صدر الحكم بعدم دستورية النص التشريعي و كذلك بعدم الإعتداد بالقرار الإداري اللذين كانا عقبة في سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية سالف البيان . و تأكيدا ً لما انتهينا إليه من نتائج ، نورد منطوق هذا الحكم: ” حكمت المحكمة : أولاً- بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 25 من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقرار بالقانون رقم 75 لسنة 1963 معدلاً بالقانون رقم 88 لسنة 1998 فيما تضمنه من اختصاص لجنة التأديب والتظلمات بالهيئة بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بشئون أعضاء الهيئة وطلبات التعويض عنها. ثانياً- بعدم الاعتداد بقرار رئيس هيئة قضايا الدولة رقم 2 لسنة 2000.”

    9- القضية النموذج الثانية:

    القضية النموذج الثانية هي القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 21 قضائية “منازعة تنفيذ” ، و المحكوم فيها بجلسة 4/8/2001 . (11) و سنعرض إليها ببيان موضوعها ، ثم سنعرض لما يحويه الحكم الصادر فيها من مسائل .

    أ- موضوعها :
    تتلخص وقائع هذه القضية فيما يلي:
    (1) المدعية كانت تشغل وظيفة وكيل نيابة بهيئة النيابة الإدارية.
    (2) بتاريخ 8/3/1993 صدر قرار مجلس الصلاحية بالهيئة بنقلها إلى وظيفة غير قضائية.
    (3) طعنت هي فى هذا القرار بالطعن رقم 4468 لسنة 39 قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا، التى قضت برفضه، فأقامت المدعية الطعن رقم 94 لسنة 41 قضائية ابتغاء القضاء ببطلان ذلك الحكم أمام ذات المحكمة، التى تراءى لها من وجهة مبدئية مخالفة بعض نصوص قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية – التى حددتها – لأحكام الدستور ؛ ومن ثم فقد قررت بجلسة 28/3/1998، وقف الدعوى وإحالة المسألة الدستورية المثارة إلى المحكمة الدستورية العليا.
    (4) قيدت الدعوى الدستورية برقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية، وبجلسة 5/12/1998 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نصوص المواد 38 مكرراً (3) و 39 و 40 من قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989، وذلك فيما تضمنته من أن يرأس مجلس التأديب رئيس الهيئة الذى طلب إقامة دعوى الصلاحية أو الدعوى التأديبية •
    (5) عُجَّل السير فى الدعوى الموضوعية، و قضت المحكمة الإدارية العليا فى 27/9/1999 برفضها ؛ تأسيساً على أن الحكم بعدم الدستورية لاينسحب أثره على المدعية، بعد أن استقر مركزها القانونى بالحكم المطلوب إبطاله .
    (6) المدعية إلى إقامة دعوى منازعة التنفيذ المشار إليها طالبة الحكم بتفسير حكمها الصادر بجلسة 5/12/1998 فى القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية المشار إليها (12)، وذلك لبيان نطاق أثره من حيث الزمان ، ومدى سريان هذا الأثر فى دعاوى بطلان الأحكام النهائية الصادرة قبل صدوره •(13)

    ب- طلبات المدعية تعلقت بالتفسير ، إلا أن المحكمة أعطت الدعوى وصفها الحق باعتبار أن الدعوى منازعة تنفيذ مما تختص به المحكمة الدستورية العليا:

    رأينا أن المدعية في دعواها التي نحن بصدد دراسة الحكم الصادر فيها ، كانت قد طلبت الحكم بتفسير حكما المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية المشار إليها ، وذلك لبيان نطاق أثره من حيث الزمان ، ومدى سريان هذا الأثر فى دعاوى بطلان الأحكام النهائية الصادرة قبل صدوره.

    إلا أن المحكمة لم تلتزم بتكييف المدعية لدعواها ، إذ رأت المحكمة – بما لها من هيمنة على الدعوى – أنها هي التى تعطي الدعوى وصفها الحق، وتكييفها الصحيح، متقصية فى سبيل ذلك الطلبات المطروحة فيها ؛ مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها . و أنه لما كانت المدعية إنما تهدف من دعواها إلى المضِّى فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا – رقم 83 لسنة 20 ق دستورية- وعدم الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بتاريخ 27/9/1999، “باعتبار أنه يشكل عقبة تحول دون تنفيذ مقتضى الحكم الصادر فى الدعوى الدستورية رقم 83 لسنة 20 قضائية بالنسبة للمدعية ” ؛ ومن ثم، فقد كيفت المحكمة الدستورية العليا دعواها و أدخلتها فى عداد المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى مفهوم المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.

    ج- المدعية هنا كانت طرفا ً في خصومة الحكم الذي تعلقت به دعوى منازعة التنفيذ –مقارنة مع القضية النموذج الأولى – نتيجة المقارنة:

    إذا كان المدعي في القضية النموذج الأولى لم يكن طرفا ً في الخصومة التي صدر فيها حكم المحكمة الدستورية الذي تعلقت بتنفيذه دعوى منازعة التنفيذ التي أقامها أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن المدعية في هذه القضية النموذج الثانية كانت طرفا ً في خصومة حكم المحكمة الدستورية الذي تعلقت بتنفيذه دعوى منازعة التنفيذ الماثلة. و رأينا أن المحكمة قد قضيت بقبول الدعويين رغم هذا التباين ، و بالتالي ننتهي إلى نتيجة في غاية الأهمية ، مفادها أن كون المدعي في المنازعة المتعلقة بتنفيذ حكم سبق و أن أصدرته المحكمة الدستورية العليا طرفا ً في الخصومة الدستورية التي صدر فيها هذا الحكم أو لم يكن طرفا ً فيها ، فإنه لا أثر لذلك على توافر شرائط قبول دعوى المنازعة محل البحث.

    و تأكيدا ً على ذلك فإن المدعي في القضية النموذج الأولى كان قد طلب التدخل في الخصومة التي صدر فيها الحكم بعدم الدستورية المتصل بموضوع دعوى منازعة التنفيذ التي أقامها ، و تم رفض طلب تدخله ، و بالرغم من ذلك لم ينقض حقه في أن يرفع إلى المحكمة الدستورية العليا دعوى موضوعها منازعة تتعلق بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية الذي صدر في خصومة دستورية رُفض تدخله فيها.

    د – عندما يكون العائق أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية حكما ً قضائيا ً – اعتباره عقبة مادية و عدم لا يعتد به:

    الثابت من الحكم الذي نحن بصدد دراسته أن إقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا موضوعها منازعة تتعلق بتنفيذ حكم صدار منها ، و اختصاصها بها طبقا ً للمادة 50 من قانونها ، يترتب على ذلك استنهاض ولاية هذه المحكمة للتخل لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها فى الدعاوى الدستورية ؛ وتنال من جريان آثارها ؛ و ذلك طالما كانت هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – قد حالت فعلا، أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذاً صحيحا مكتملا، أو مقيدة لنطاقها. على أن يكون مفهوماً أن التنفيذ لايبلغ غايته إلا إذا كان كافلاً انسحاب أثر الحكم إلى يوم صدور النص المقضى بإبطاله ؛ فإذا أعاق انسياب تنفيذ حكم المحكمة ذي الصلة أى عارض، ولوكان تشريعاً أو حكماً قضائياً ؛ جاز لهذه المحكمة التدخل لا لإعمال هذا الأثر بنفسها، وإنما لترفع من طريقه ذلك العارض، وسبيلها إلى ذلك الأمر بالمضى فى تنفيذ الحكم بعدم الدستورية، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذى عطَّل مجراه، لأنه لايعدو – وإن كان حكماً قضائياً باتاً – أن يكون عقبة مادية هى والعدم سواء . و يترتب على هذا البطلان المطلق الذي انعدم بسببه هذا الحكم القضائي الذي اعتبرته المحكمة الدستورية عائقا ً أمام تنفيذ حكم لها ، أن تسترد محكمة الموضوع ولايتها فى إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم الدستورية على كل ذى شأن ؛ ولايَصُدَّنها عن ذلك عمل سابق لها، كان مُحدِّداً لأثره على غير جادة القانون، أو حائداً به عن استقامته، بعد أن أسقطه الحكم الآمر بالمضى فى التنفيذ، إذ الساقط لايعود .

    و قد جاء في حيثيات الحكم الصادر في القضية الماثلة أنه : “متى كان ذلك، وكانت النصوص المقضى بعدم دستوريتها من قانون النيابة الإدارية سالف الذكر، والتى انبنى عليها قرار مجلس الصلاحية بنقل المدعية إلى وظيفة غير قضائية – وهو ماينحل فصلاً لها من وظيفتها السابقة ذات الطبيعة القضائية – لاتزال تنتج أثرها فى حقها، بما يقيم مصلحتها الشخصية والمباشرة فى منازعة التنفيذ الراهنة، فقد بات متعيناً القضاء بالمضى فى تنفيذ الحكم الصادر من هذه المحكمة فى القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية، وترتيب آثاره كاملة بلا أمْت ولاعوج، بما فى ذلك عدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 27/9/1999 فى الطعن رقم 94 لسنة 41 قضائية، بحسبانه عقبة مادية أعاقت تنفيذ الحكم الصادر فى المسألة الدستورية وانحرفت بجوهره، وحَدَّت من مداه .”

    ثم جاء في حيثيات هذا الحكم في مواجهة صريحة – و لاذعة – لحكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه : ” ولاينال مما تقدم، سبق صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا فى الدعوى رقم 4468 لسنة 39 قضائية ؛ برفض الطعن على قرار مجلس الصلاحية بنقل المدعية إلى وظيفة غير قضائية، بعد أن غضّت المحكمة التى أصدرت ذلك الحكم طرفها عنه بقرارها الآمر بتاريخ 28/3/1998 بوقف دعوى البطلان الأصلية الرقيمة 94 لسنة 41 قضائية، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا، تربصاً لقضائها الفاصل فى دستورية المواد سالفة الذكر، ليستبين على هديه مدى سلامة تشكيل مجلس الصلاحية الذى أبرم الحكم السابق قراره، حتى تحدد المحكمة المحيلة نصيب حكمها ذاك من الصحة أوالبطلان، ولتنجلى بالبناء عليه حقيقة المركز القانونى للمدعية، وماإذا كان القرار الصادر بفصلها صادراً من سلطة تملك من زاوية دستورية إصداره أم أنها سلطة غاصبة ومنتحلة ؛ سيما وأن المشرع حين أوجب هذا الوقف إنما تغيا – وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة – توكيد حقيقة أن الترضية القضائية المتمثلة فى الحكم بعدم الدستورية، باعتبارها الفائدة العملية الناجمة عن الدعوى الدستورية، يتعين أن يجنيها كل ذى شأن من أطرافها، ضماناً لفعالية حق التقاضى ؛ بمالايستقيم معه أن تنقض المحكمة المحيلة غزلها بيدها، أو أن تحرم المدعية – من دون الناس كافة – من قطف ثمرة استعمالها حقها الدستورى فى اللجوء إلى القضاء، وإلا استحال هذا الحق لغواً ؛ ولغدت الإحالة – من محكمة الموضوع – إلى هذه المحكمة بدورها عبثاً ، وهو مايناقض أحكام المادتين 68 و72 من الدستور .”
    ثم حكمت المحكمة الدستورية ” بالمضِّى فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1998 فى القضية رقم 83 لسنة 20 قضائية دستورية، ومايترتب على ذلك من آثار.” و حتما ً فإن المقصود بهذه الآثار هو انعدام حكم المحكمة الإدارية العليا الذي كان قد صدر في الطعن الذي أقامته المدعية قاضيا ً ضدها برفض طعنها ؛ تأسيساً على أن الحكم بعدم الدستورية لاينسحب أثره على المدعية، بعد أن استقر مركزها القانونى بالحكم المطلوب إبطاله ، لكون هذا الحكم عدم لا يعتد به ، و كذلك من هذه الآثار أن تلتزم المحكمة الإدارية العليا بإعادة نظر موضوع طعن المدعية على ضوء حكم المحكمة الدستورية الذي تمسكت به المدعية على النحو سالف البيان.

    10 – القضية النموذج الثالثة :

    القضية النموذج الثالثة هي القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 25 قضائية “منازعة تنفيذ” ، و المحكوم فيها بجلسة 13/2/2005 . (14) و ما يميز هذه القضية أنها تتعلق بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا في نص جنائي ، و أن الحكم الذي تتعلق به كان قد قضى في منطوقه بعدم القبول بخلاف الحكمين الذين تعلقت بهما القضيتين النموذج السابقتين. و يميزها أيضا ً أن المدعي فيها متهم تمت إدانته بارتكاب جريمة و عوقب بالحبس ، و استنفذ جميع طرق الطعن ، حتى أن محكمة النقض لم تنصفه ، فكانت دعوى المنازعة التي نحن بصدد دراستها هي سبيله إلى الزود عن حقه. و سنعرض إلى هذه القضية كما سبق و صنعنا و نحن بصدد عرض القضيتين السابقتين ، ببيان موضوعها ، ثم سنعرض لما يحويه الحكم الصادر فيها من مسائل .

    أ- موضوعها :

    تتلخص وقائع هذه القضية فيما يلي:
    (1) النيابة العامة قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية فى الجنحة رقم 6561 لسنة 1993 قسم بنها متهمة إياه بأنه إبان عامى 1991 ، 1992 وهو مالك للعقار تقاضى من المستأجرين مبالغ كمقدم إيجار يزيد عن الحد المقرر قانوناً .
    (2) بجلسة 2/11/1994 قضت محكمة الجنح بحبسه سنة مع الشغل وكفالة 50 جنيه ، وألزمته برد ما تقاضاه وهو مبلغ 45340 جنيهاً وتغريمه مثلى هذا المبلغ ، ومثليه لصندوق الإسكان الاقتصادى بالمحافظة – وذلك عملاً بالمواد (1 ، 26/1) من القانون رقم 49 لسنة 1977 ، 6 ، 25/3 من القانون رقم 136 لسنة 1981 .
    (3) بجلسة 4/5/1995 قضت محكمة الجنح المستأنفة فى الجنحة رقم 9605 لسنة 1994 جنح مستأنف بنها بتأييد الحكم مع إيقاف عقوبة الحبس .
    (4) بجلسة 15/1/2003 قضت محكمة النقض فى الطعن رقم 12956 لسنة 65 ق بعدم قبوله وصار الحكم باتاً .
    (5) بعد الفصل في الإستئناف و قبل حكم محكمة النقض المذكورين ، قضت المحكمة الدستورية العليا فى 22/2/1997 بعدم قبول الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية ” دستورية ” (15) وأسست قضاءها على أن الواقعة محـل الاتهام الجنائى إذ لـم تعد معاقباً عليها بصدور القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها ، فقد تعين الحكم بانتفاء مصلحة المدعى – فى الدعوى الدستورية المشار إليها – بعد أن غض المشرع بصره عن بعض التدابير الاستثنائية للعلائق الإيجارية التى انبنى التجريم عليها وخرج من صلبها ، وأن قضاءها باعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 أصلح للمتهم وقد انبنى على التطبيق المباشر للقواعد الدستورية التى تناولها ذلك الحكم ، يسبغ عليه الحجية المطلقة المقررة قانوناً للأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية بما تعنيه من إلزام للناس كافة ولكل سلطة فى الدولة بما فى ذلك جهات القضـاء على اختلافها .
    (6) رأى في الحكم الصادر ضده فى الجنحة المشار إليها عقبة فى سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان ، فأقام الدعوى الراهنة طالباً بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر ضده فى الدعوى الجنائية رقم 6561 لسنة 1993 جنح قسم بنها والذى تأيد بالحكم الصادر فى القضية رقم 9605 لسنة 1994 جنح مستأنف بنها ، والقرار الصادر من محكمة النقض بعدم قبول الطعن رقم 12956 لسنة 65 قضائية . وفى الموضوع الحكم بالاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 22/2/1997 فى القضية رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية فيما قضى به من اعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 قانوناً أصلح للمتهم ، مع ما يترتب على ذلك من آثار .

    ب – عن الحكم الدستوري الذي تعلقت به منازعة التنفيذ محل الدراسة:

    هذه هي المرة الأولى التي نجد فيها منازعة التنفيذ قد تعلقت بحكم صادر بعدم القبول ، و لكي نفهم الكيفية التي يمكن أن تتعلق بها الحقوق بالتمسك بأحكام المحكمة الدستورية في حيثياتها التي انبنى عليها قضاؤها ، و لو كان هذا القضاء صادر بالرفض أو لنتهاء الخصومة أو بالرفض ، فإننا سنعرض بإيجاز إلى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية و الذي تمسك المدعي في قضيتنا النموذج الماثلة بتنفيذه . آملين من القارئ أن يقرأ هذا الحكم بالتفصيل ليكتمل إلمامه بالفكرة التي نود أن نشرحها و نؤكد عليها.

    و تتلخص وقائع القضية التي صدر فيها الحكم الذي تعلقت به المنازعة محل الدراسة في أن النيابة العامة، قدمت المدعى – و هو غير المدعي في قضيتنا النموذج طبعا ً – للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 255 لسنة 1992 جنح أمن دولة، متهمة إياه بأنه -وبصفته مؤجراً- تقاضى من المستأجر مقدم إيجار يجاوز أجرة سنتين، وطلبت النيابة عقابه بمواد الاتهام المنصوص عليها بالقانونين رقمى 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر و136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. و لكن تم القضاء حضوريا بحبس المتهم سنة مع الشغل، فاستأنف هذا الحكم و دفع بعدم دستورية المادتين 26 و77 من القانون رقم 49 لسنة 1977، والمادتين 6 و 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد صرحت له برفع دعواه الدستورية، فأقام الدعوى رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية التي صدر فيها الحكم الذي يستمسك صاحبنا في القضية النموذج بإزالة العقبات أمام تنفيذه.

    و لكن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم قبول الدعوى الدستورية رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية ، و لكن هذا القضاء لم يكن ليعني أن رافعها قد خسرها ، فهو إذ لم يقض له بمطلوبه ، إلا أن حيثيات الحكم كانت كفيلة بتحقيق مصالحه المشروعة في القضية الجنائية التي حكم فيها بحبسه أمام محكمة أول درجة.

    إذ جاء في حيثيات هذا الحكم أنه :” وحيث إن البين من القوانين التى نظم بها المشرع العلائق الإيجارية – وبقدر اتصال أحكامها بالنزاع الراهن – أن المشرع انتقل بحق المؤجر فى تقاضى مقدم الأجرة، من الحظر الكامل، إلى الحظر المقيد، إلى إطلاق هذا الحق من كل قيد ضمانا لأن يكون حقا مكتملا لامبتسرا 0 فقد حال المشرع بالفقرة الثانية من المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، دون أن يتقاضى المؤجر – تحت أية صورة من الصور – مقدم إيجار على أى نحو . واقترن هذا الحظر الكامل بنص المادة 77 من هذا القانون التى تقضى بمعاقبة كل من أخل بحكم المادة 26 منه – سواء أكان مؤجرا أو مستأجرا أو وسيطا – بالحبس مدة لاتقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة تعادل مثلى المبلغ الذى تقاضاه بالمخالفة لأحكام هذه المادة، متوخيا بذلك ألا يفاضل المؤجر بين المتزاحمين على وحدة يملكها، على ضوء أكثرهم قدرة لدفع مقدم أجرتها . ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 136 لسنة 1981 منظما بعض الأحكام الخاصة للعلائق الإيجارية، وكافلا بالفقرة الأولى من مادته السادسة، حق المؤجر فى أن يتقاضى – بالشروط التى حددتها هذه الفقرة – مقدم إيجار لايزيد على أجرة سنتين. وصار هذا الحظر المحدود مُقَيدا بالتالى من حكم الفقرة الثانية من المادة 26 من القانون السابق، ومانعا من تطبيقها فى شأن مقدم الإيجار الذى يتقاضاه المؤجر وفقا لأحكام القانون اللاحق. وتلا هذين القانونين، صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 فى 30 من يناير 1996، الذى أعاد المشرع بمقتضاه إلى حرية التعاقد صورا بذاتها من العلائق الإيجارية، هى تلك التى نظمتها مادته الأولى بنصها على ألا تسرى أحكام القانونين رقمى 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، و 136 لسنة 1981 ببعض الأحكام الخاصة ببيع وتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلهما، على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها، ولاعلى الأماكن التى انتهت عقود تأجيرها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهى بعده لأى سبب، دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها.”

    ثم انطلق الحكم من بعد ذلك إلى نتيجة مفادها أنه : ” وحيث إن القانون رقم 136 لسنة 1981، وإن شرط لتطبيق العقوبة التى كان القانون رقم 49 لسنة 1977 قد فرضها فى شأن تقاضى المؤجر لمقدم إيجار، أن يكون الحصول عليه بما يجاوز أجرة سنتين ، إلا أن القانون اللاحق – وهو القانون رقم 4 لسنة 1996 – أعاد من جديد تنظيم هذا الموضوع فى شأن الأماكن التى حددتها مادته الأولى، مقررا سريان قواعد القانون المدنى -دون غيرها- فى شأن تأجيرها واستغلالها، وملغيا كل قاعدة على خلافها، مؤكدا بذلك استئثار أصحابها بها، …….، فلايكون الجزاء الجنائى …. إلا منهدما بعد العمل بالقانون الجديد. ” . و أوردت الحيثيات أيضا ً أن ” الأفعال التى أثمها القانون السابق بالشروط التى فرضها، هى ذاتها التي أطلق القانون الجديد الحق فيها، فلايكون امتداده إليها إلا ضمانا لصون الحرية الشخصية التى منحها الدستور الرعاية الأوفى والأشمل توكيدا لقيمتها . بل إن هذا القانون – وباعتباره أصلح للمتهم – يعتبر متمتعا بالقوة ذاتها التى كفلها الدستور لهذه الحرية، فلايكون القانون السابق حائلا دون جريانها، بل منجرفا بها “. و أنه ” من غير المتصور أن يظل قائما، التجريم المقرر بالقانون السابق فى شأن تقاضى مقدم الأجرة لأكثر من سنتين، إذا كانت الأماكن التى يشملها هذا القانون مؤجرة قبل نفاذ القانون الجديد، فإذا خلا مكان منها وقت سريان هذا القانون، تحرر المؤجرجنائيا من كل قيد يتعلق بالمدة التى يقتضى عنها مقدم الأجرة .وليس مفهوما أن يكون للفعل الواحد معنيان مختلفان، ولا أن تحتفظ الجريمة التى أنشاها القانون القديم بذاتيتها، وبوطأة عقوبتها، بعد أن جرد القانون الجديد الفعل الذى يكونها من الآثام التى احتضنها ” . و أوردت الحيثيات أيضا ً في هذا السياق أن ” القانون الجديد صرح بإلغاء كل قانون يتضمن أحكاما تناقض تلك التى أتى بها، بما مؤداه اطراح النصوص المخالفة للقانون الجديد – فى شأن يتعلق بالتجريم – سواء تضمنها تنظيم عام أو خاص. ذلك أن القوانين لاتتنازع إلا بقدر تعارضها، ولكنها تتوافق من خلال وسائل متعددة يتصدرها -فى المجال الجنائى- القانون الأصلح، فلايكون نسيجها إلا واحدا. والجريمة التى أنشأها القانون السابق هى ذاتها التى هدمها القانون الجديد. ووجودها وانعدامها متصادمان، فلايستقيم اجتماعهما ” .

    و بناء على ما جاء في هذه الحيثيات التي أكدت على أن النص الذي عوقب على أساسه الطاعن قد ألغي بموجب قانون آخر جديد على النحو الوارد تفصيلا ً في تلك الحيثيات ، فقد اعتبرت المحكمة القانون الجديد في هذه الحالة هو القانون الأصلح للمتهم ، و أن ” إعمال الأثر الرجعى للقانون الأصلح – يعتبر انحيازا من القاضى لضمانة جوهرية للحرية الشخصية، تبلورها السياسة العقابية الجديدة للسلطة التشريعية التى تتحدد على ضوء فهمها للحقائق المتغيرة للضرورة الاجتماعية . وهى بعد ضرورة ينبغى أن يحمل عليها كل جزاء جنائى، وإلا فقد علة وجوده . وحيث إنه متى كان ماتقدم، وكانت الواقعة محل الاتهام الجنائى لم تعد معاقبا عليها، فقد تعين الحكم بانتفاء مصلحة المدعى فى الدعوى الماثلة، بعد أن غض المشرع بصره عن بعض التدابير الاستثنائية للعلائق الإيجارية التى انبنى التجريم عليها، وخرج من صلبها . وحيث إن قضاء هذه المحكمة باعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 أصلح للمتهم، قد انبنى على التطبيق المباشر للقواعد الدستورية التى تناولتها على النحو المتقدم، فإن حكمها باعتبار هذا القانون كذلك، يكون متمتعا بالحجية المطلقة التى أسبغها المشرع على أحكامها الصادرة فى المسائل الدستورية، وملزما بالتالى الناس كافة وكل سلطة فى الدولة، بما فى ذلك جهات القضاء على اختلافها . “.
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:46 am



    و على ذلك نكون قد أدركنا أن حكم المحكمة الدستورية قد قضى بعدم القبول لإنتفاء المصلحة في طلب الحكم بعدم دستورية النص الطعين ، حيث أن هذا النص قد ألغي بموجب نص قانوني آخر رفع صفة التجريم عن الفعل الذي كان يضفيها النص الطعين على الفعل الذي عوقب الطاعن بسبب ارتكابه ، و أن مصلحة الطاعن لا تتحقق بالإستجابة إلى طلباته في هذه الدعوى ، بل تتحقق بقيام محكمة الموضوع بتطبيق القانون الجديد باعتباره القانون الأصلح للمتهم ، مع ملاحظة أن هذه المحكمة ملتزمة بالنزول على مقتضيات ما انتهت إليه المحكمة الدستورية على النحو الوارد في الحكم.

    ج – عودة إلى منازعة التنفيذ محل الدراسة:

    و نعود إلى صاحبنا المدعي في المنازعة المتعلقة بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية الذي فرغنا توا ً من عرض مضمون ما حواه من قضاء . و نقول إن المدعي في القضية النموذج الماثلة قد عوقب تأسيسا ً على نفس النص الذي عوقب به صاحبه المدعي في حكم المحكمة الدستورية سالف البيان ، إلا أن الأخير قد لجأ إلى طريق المحكمة الدستورية العليا و هو في مرحلة الطعن بالإستئناف على الحكم الجنائي الصادر بحبسه ، في حين أن صاحبنا قد استنفذ كل طرق الطعن حتى طريق الطعن بالنقض ، فلما قررت محكمة النقض عدم قبول طعنه ، رغم علمها يقينا ً بحكم المحكمة الدستورية سالف البيان . قرر المدعي – و أعتقد أن الفكرة لمحاميه غالبا ً – أن يستخدم الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامه ، و ماذا عساها تكون هذه الوسيلة التي تبز حكما ً صادرا ً من محكمة النقض سوى دعوى منازعة يتم طرحها أمام المحكمة الدستورية ؟!!

    د – الفصل في موضوع المنازعة يغني عن الفصل في الشق المستعجل – التقتير في تقرير الحماية الوقتية نراه معيبا ً:

    رأينا أن صاحبنا قد أقام المنازعة التي نحن بصددها طالبا ً بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر ضده من محكمة جنح بنها والذى تأيد استئنافيا ً بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف بنها ، و كذلك وقف القرار الصادر من محكمة النقض بعدم قبول الطعن بالنقض الذي كان قد أقامه. و حتما ً استند في طلبه هذا إلى عنصري الضرورة و الإستعجال اللذان هما عماد هذا النوع من الطلبات. و نلاحظ أن المدعي قد أقام المنازعة في 20/4/2003 ، و أن الحكم الفاصل فيها لم يصدر إلا في 13/2/2005 ، أي بعد عامين تقريبا ً .

    إلا أن المحكمة الدستورية العليا لم تستجب للطلب الخاص بالشق المستعجل . إذ استهل الحكم الصادر في القضية النموذج الراهنة حيثياته بالتأكيد على أن ” الفصل فى موضوع الدعوى يغنى عن الخوض فى الشق العاجل منها ” . فلماذا لم تستجب المحكمة الدستورية للطلب الخاص بالشق المستعجل؟

    قد يقال أن ذلك مرجعه إلى أن حكم محكمة النقض المطلوب وقف تنفيذه و الصادر بعدم قبول الطعن المقدم من المدعي (المتهم) قد صدر قبل ثلاثة أشهر من رفع المنازعة الماثلة ، و بعد ثمان سنوات من الحكم الإستئنافي . إلا أن ذلك في رأيي أيضا ً لا يمنع من مد ظل الحماية الوقتية لتشمل المدعي الذي استجار بالمحكمة الدستورية العليا من حكم جنائي استنفد جميع سبل الطعن عليه. و أعتقد أن لتقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا ، الذي تم إعداده بشأن الشق المستعجل ، له دور في حرمان المدعي من هذه الحماية التي طلبها. و أرى أنه كان يجب على المحكمة أن تبين في حكمها سبب عدم قبول الشق المستعجل حيث أن المدعي قد طلبه قبل عامين بدلا ً من أن تكتفي بالقول بأن الفصل في موضوع الدعوى يغني عن نظر الشق المستعجل.

    هـ – الحكم يبين بعض جوانب المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية :

    أكد الحكم على أن قوام ” منازعة التنفيذ ” أن يكون تنفيذ الحكم القضائى لم يتم وفقاً لطبيعته ، وعلى ضوء الأصل فيه ، بل اعترضته عوائق تحول قانوناً – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه ، وتعطل بالتالى ، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان ، ومن ثم تكون عـوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق ، أو الناشئة عنها ، أو المترتبة عليها ، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها ، وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها . وكلما كان التنفيذ متعلقاً بحكم صادر فى دعوى دستورية ، فإن حقيقة مضمونه ، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها ، والآثار المتولدة عنها ، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ ، وتبلور صورته الإجمالية ، وتعين كذلك ما يكون لازماً لضمان فعاليته ، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها ، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة دون تمييز ، بلوغاً للغاية المبتغاة منها فى تأمين الحقوق للأفراد ، وصون حرياتهم ، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – حائلة فعلاً دون تنفيذ أحكامها تنفيذاًَ صحيحاً مكتملاً أو مقيدة لنطاقها .

    و – كيف أزال الحكم الصادر العقبة التي تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية – عدم الإعتداد بقرار محكمة النقض:

    انتهى الحكم الصادر في القضية النموذج الماثلة إلى أنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد شيدت حكمها بانتفاء مصلحة المدعى – فى الدعوى الدستورية سالفة البيان – فى الطعن بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (6) من القانون رقم 136 لسنة 1981 وما يرتبط به من نص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 على انهدام الجزاء الجنائى الذى فرضه النص الأخير – من منظور دستورى – منذ العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 المشار إليه ، فإن حكمها هذا يكون مرتبطاً بهذين النصين فى الإطار الذى حددته لهما بما مؤداه وجوب القضاء – فى أية منازعة متعلقة بذلك الحكم – بإهدار جميع أشكال العوائق التى يكون من شأنها إعادة إحياء العقوبة المقررة بنص المادة (77) من القانون رقم 49 لسنة 1977 ، وهى تلك العقوبة التى انتهى الحكم سالف الذكر إلى سقوطها فى مجال تطبيق الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981 ، وإذ عاد سيف الاتهام يتهدد المدعى – فى الدعوى الماثلة – بالحكم الصادر ضده من محكمة الجنح والمؤيد من محكمة الجنح المستأنفة وقرار محكمة النقض بعدم قبول الطعن عليه ، فإنه تبعاً لذلك تتوافر لـه مصلحة شخصية ومباشرة فى إقامة منازعة التنفيذ الدستورية المعروضة باعتبار أن هذا الحكم الجنائى يمثل عقبة تعوق تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه آنفاً يلزم إزاحتها وإسقاط مسبباتها التزاماً بأحكام الدستور والقانون ، وإعمالاً للحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية ، بما يلزم كل سلطة فى الدولة – بما فيها مختلف الجهات القضائية – باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على وجهه الصحيح امتثالاً للمادتين ( 72 ، 178 ) مـن الدستور ، والفقرة الأولى من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، وبما مؤداه عدم الاعتداد بأى عقبة تكون قد عطلت من هذا التنفيذ أو انحرفت بجوهره أو حدت من مداه .

    و بناء على ذلك حكمت المحكمة بالمضىّ فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى الدعوى الدستورية رقم 48 لسنة 17 قضائية فيما فصل فيه من اعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدنى على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها والأماكن التى انتهت عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها قانوناً أصلح للمتهم ، مع ما يترتب على ذلك آثار . و لا ريب أن مؤدى هذا الحكم إعدام القرار الصادر من محكمة النقض بعدم قبول الطعن الذي كان قد أقامه المتهم ، و إلزام المحكمة بإعادة نظر الطعن على أساس أن القانون سالف البيان هو قانون أصلح للمتهم.

    11- القضية النموذج الرابعة :

    القضية النموذج الرابعة هي القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 25 قضائية “منازعة تنفيذ” ، و المحكوم فيها بجلسة 15/1/2006 . (16) و هذه القضية تتعلق أيضا ً بأحكام جنائية مثلت عائقا ً أمام تنفيذ بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا ، و لكن ما يميز هذه القضية النموذج أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية المتصل بالمنازعة لم يتعلق بالنص العقابي. و يميزها أيضا ً – كسابقتها – أن المدعي فيها متهم تمت إدانته بارتكاب جريمة و عوقب بالحبس ، و قد تأيد الحكم الصادر بحبسه استئنافيا ً. و سنعرض إلى هذه القضية كما سبق و صنعنا و نحن بصدد عرض القضايا النموذج السابقات .

    أ – موضوعها :

    تتلخص وقائع القضية الماثلة فيما يلي:
    (1) المدعى كان قد أحيل إلى المحاكمة الجنائية لاتهامه بتبديد المحجوزات المبينة وصفاً وقيمة بمحضر الحجز الإدارى والمحجوز عليها إدارياً لصالح البنك الأهلى فرع الفيوم ، وقد طلبت النيابة العامة عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات .

    (2) قضت محكمة جنح طامية غيابياً بحبسه ثلاث سنوات وعارض فى الحكم وتأيد فاستأنفه بالاستئناف رقم 15760 لسنة 2000 أمام محكمة استئناف الفيوم التى قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف ، عارض المتهم فى الحكم إلا أنه قضى بتأييده رغم دفاعه وطلبه البراءة المستند إلى صدور الحكم فى الدعوى 41 لسنة 19 قضائية دستورية بتاريخ 9/5/1998 بعدم “دستورية” البند (ط) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى!!

    (3) أقام المدعى دعوى التنازع التي نحن بصددها طالبا ً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى الجنحة رقم 5173 لسنة 1996 جنح طامية والذى تأيد بالاستئناف رقم 15670 لسنة 2000 الفيوم ، تنفيذاً للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 41 لسنة 19 قضائية دستورية (17) الصادر بتاريخ 9/5/1998 بعدم دستورية البند (ط) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى .

    ب – المحكمة كيفت دعوى المدعي تكييفا ً صحيحا ً – منازعة تنفيذ و ليست دعوى دستورية :

    يبدو أن المدعي في القضية النموذج الماثلة لم يكن يدري أنه بصدد إقامة منازعة تتعلق بتنفيذ حكم صادر من المحكمة الدستورية العليا . فالحاصل من طلب المدعي في موضوع الدعوى أنه يطلب القضاء له بعدم دستورية النص المشار إليه ، و لكن لأن المحكمة الدستورية العليا هي المهيمنة على الدعوى ، و هى التى تعطيها وصفها الحق ، وتكييفها الصحيح وفقا ً للطلبات المطروحة فيها ، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها ، و لما كان المدعى يهدف من دعواه إلى المضى فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا – رقم 41 لسنة 19 قضائية دستورية – وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنح طامية والمؤيد من محكمة استئناف الفيوم ، من جماع ذلك كله ؛ فإن تلك الدعوى كيفتها المحكمة تكييفها الصحيح و جعلتها تندرج فى عداد المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى مفهوم المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 .

    ج – الأحكام الجنائية التى صدرت بالإدانة استناداً إلى نص أعدمته المحكمة الدستورية تعتبر كأن لم تكن :

    بداية نؤكد أنه كان على محكمة الموضوع – محكمة جنح مستأنف الفيوم – أن تستجيب لدفاع المتهم الذي تمسك أمامها بحكم صادر من المحكمة الدستورية العليا ، أو على الأقل كان عليها وقف نظر الإستئناف لحين فصل المحكمة الدستورية العليا في المنازعة الماثلة بعد أن تكلفه بإقامتها . إلا أن المحكمة المذكورة أدارت ظهرها لهذا الدفاع الجوهري ، و أيدت حكم الإدانة الصادر من محكمة الجنح في أول درجة. و مبرر لذلك في القول بأن هذا غالبا ً بسبب كم القضايا الهائل التي تنظره هذه المحاكم ، حيث أن إصدار أحكام هي في حكم القانون باطلة بطلانا ً مطلق ، و تعتبر من قبيل الأعمال المادية التي لا يجوز الإعتداد بها كأحكام قضائية ، هذا كله يترتب عليه أضرار بالمحكمة نفسها قبل ان يضار به المتهم أو أصحاب الشأن .

    و لننظر إلى حيثيات الحكم الصادر في القضية النموذج الرابعة الماثلة حتى نتبين كيف أزالت المحكمة الدستورية العليا العقبة التي رأت أنها تحول دون تمام تنفيذ حكم سبق و أن أصدرته ، و كيف ان هذه العقبة عندما تكون حكما ً قضائيا ً ؛ فإن هذا الحكم لا يعتد به ، حيث جاء في حيثيات الحكم أنه ” لما كان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 41 لسنة 19 قضائية “دستورية” قد قضى بعدم دستورية البند (ط) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 فى شأن الحجز الإدارى . وهو نص أول كان يجيز للبنوك التى تساهم الحكومة فى رؤوس أموالها بمايزيد على نصفها إتباع إجراءات الحجز الإدارى لاستيفاء المبالغ التى تستحقهـا . وكان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر بإبطال نص قانونى لمخالفته للدستور ينسحب إلى الأوضاع والعلائق السابقة على صدوره طالما قد مسها وأثر فى بنيانها ، فهو تقرير لزوال ذلك النص نافياً لوجوده منذ ميلاده ، سيما إذا كان ذلك النص جنائياً حيث يكون الأثر الرجعى كاملاً وفقاً للمادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا ، وتعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن . وإذ كان ذلك وكان الاتهام الذى أسند إلى المدعى يقوم على افتراض صحة الحجز الإدارى الموقع من البنك الأهلى استناداً إلى البند (ط) من المادة الأولى من القانون رقم 308 لسنة 1955 ، إلا أنه وقد أبطل ذلك النص فقد انهار الأساس الذى قامت عليه المسئولية الجنائية للمدعى. “

    و أكدت المحكمة الدستورية العليا على أنه كان على محكمة الاستئناف أن تعمل أثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بإبطال النص المشار إليه وتقضى على أساسه . أما ولم تلتزم بذلك ، فقد أضحى حكمها عقبة عطلت تنفيذ ذلك الحكم متعيناً القضاء بإزالتها .

    و من ثم حكمت المحكمة بالمضى فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 9/5/1998 فى القضية رقم 41 لسنة 19 قضائية “دستورية” ، وعدم الاعتداد بالحكم الجنائى الصادر فى الجنحة و المؤيد استئنافيا ً بالحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف الفيوم .

    12 – منازعات تنفيذ حكم فيها بعدم الإختصاص :

    في جميع القضايا التي عرضنا أحكامها كان المدعين موفقين في استصدار أحكام في موضوع المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحد أحكام المحكمة الدستورية العليا ، و قد تضمنت هذه الأحكام معنى القضاء باختصاص المحكمة بنظر هذه الدعاوى وفقا ً للمادة 50 من قانونها. إلا أنه يلزم ، حتى تضح ضوابط اختصاص المحكمة في مجال منازعات التنفيذ محل الدراسة ، أن نعرض لعدد من أهم الضوابط المستخلصة من القضايا التي قُضي فيها بعدم الإختصاص.

    أ- لا تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام صادرة من جهات قضائية أخرى :

    انتهينا إلى أن منازعات التنفيذ التي تختص بها المحكمة الدستورية العليا وفقا ً للمادة 50 من قانونها ، هي تلك المنازعات بالمتعلقة بتنفيذ أحكامها هي نفسها ، أي أن تتعلق المنازعة بتنفيذ حكم من أحكام المحكمة الدستورية العليا نفسها ، و بالتالي لا تختص المحكمة الدستورية العليا بالنظر في المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام صادرة من جهات قضائية أخرى غير المحكمة الدستورية العليا نفسها.
    إذ قضت المحكمة الدستورية العليا بأن منازعات التنفيذ التي ينعقد الاختصاص بالفصل فيها للمحكمة الدستورية العليا قد حددتها المادة (50) من قانونها التي تنص على أن “تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها….”، ومن ثم فإن اختصاص هذه المحكمة لا يمتد إلى الفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من جهات قضائية أخرى، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. (18)

    ب – عدم الإختصاص عندما تكون العقبة أمام التنفيذ عملا ً من أعمال السيادة:

    عندما تصدر المحكمة الدستورية العليا حكما ً ، و يعرض عليها منازعة تتعلق بتنفيذ هذا الحكم ، و عندما تكون العقبة التي تحول دون تمام تنفيذ هذا الحكم ؛ فإن المحكمة الدستورية العليا تكون غير مختصة بإزالة هذه العقبة ، أي غير مختصة بنظر تلك المنازعة اختصاصا ً ولائيا ً .

    و هذه النتيجة مستفادة من اثنين من أكثر الأحكام إثارة للمناخ السياسي المصري ، أحدهما صدر في قضية دستورية ، و الثاني صدر في منازعة تعلقت بتنفيذ الحكم الأول.

    إذ كانت المحكمة الدستورية قد أصدرت حكما ً في القضية رقم 37 لسنة 9 ق “دستورية” قضت فيه بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 فيما تضمنته من النص على أن يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن طريق الانتخاب الفردى ويكون انتخاب باقى الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية. و بطلان تكوين مجلس الشعب الذي تم تأسيسا ً على هذا النص. (19)

    و على أثر هذا الحكم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 404 لسنة 1990 بشأن دعوة الناخبين فى يوم 11 أكتوبر 1990 إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب . فأقيمت أمام المحكمة الدستورية العليا الدعوى رقم 4 لسنة 12 ق ” منازعة تنفيذ ” بطلب الحكم بصفة مستعجلة بقبول هذا الإشكال شكلاً وبوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية الصادر بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب فى يوم 11 أكتوبر 1990 شاملاً كافة آثاره مع الحكم تبعاً لذلك باستمرار تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 37 لسنة 9 ق “دستورية” سالف البيان ، و القاضي بعدم دستورية المادة الخامسة مكرراً من قانون مجلس الشعب متضمناً قضاءه ببطلان عضوية أعضائه وتشكيله.

    إلا أن المحكمة الدستورية العليا حكمت في منازعة التنفيذ هذه بعدم الإختصاص بنظر الدعوى (20) ، و ذلك تأسيسا ً على أنه إذا كانت الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساساً لها فى مبدأ الشرعية وسيادة القانون الذى أرساه الدستور، غير أنه يرد على هذا الأصل ما استقر عليه الفقه والقضاء من استبعاد “أعمال السيادة” من مجال الرقابة القضائية على أساس أن طبيعتها تأبى أن تكون محلاً لدعوى قضائية، وإذا كانت نظرية “أعمال السيادة” فى أصلها الفرنسى قضائية المنشأ إلا أنها فى مصر ذات أساس تشريعى يرجع على بداية التنظيم القضائى الحديث الذى أقرها بنصوص صريحة فى صلب التشريعات المتعاقبة المنظمة للسلطة القضائية ومجلس الدولة على السواء.

    و استطردت في هذا السياق مقررة أن استبعاد “أعمال السيادة” من ولاية القضاء إنما يأتى تحقيقاً للإعتبارات السياسية التى تقتضى – بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسى اتصالاً وثيقاً أو بسيادتها فى الداخل والخارج – النأى بها عن نطاق الرقابة القضائية وذلك لدواعى الحفاظ على كيان لدولة فى الداخل والذود عن سيادتها فى الخارج ورعاية مصالحها العليا ، ومن ثم تبدو الحكمة من استبعاد هذه الأعمال من ولاية القضاء متمثلة فى اتصالها بسيادة الدولة فى الداخل والخارج وفى أنها لا تقبل بطبيعتها- على ما سلف بيانه – أن تكون محلاً للتقاضى لما يحيط بها من اعتبارات سياسية تبرر تخويل السلطة التنفيذية سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقاً تحقيقاً لصالح الوطن وسلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه من إجراءات فى هذا الصدد، ولأن النظر فيها أو التعقيب عليها يقتضى توافر معلومات وعناصر وموازين تقدير مختلفة لا تتاح للقضاء وذلك فضلاً عن عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علناً فى ساحات القضاء.

    ثم قررت أن خروج أعمال السيادة عن ولاية القضاء يعد أحد صور التطبيق الأمثل لأعمال المفهوم الصحيح لمبدأ الفصل بين السلطات الذى يوجب إقامة توازن دقيق بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بحيث تتولى كل من هذه السلطات صلاحياتها التى خلعها عليها الدستور وفى الحدود التى رسمها دون افتئات من إحداها على الأخرى.
    و أخيرا ً قررت أن العبرة فى تحديد التكييف القانونى لأى عمل تجرية السلطة التنفيذية لمعرفة ما إذا كان من ” أعمال السيادة” أم لا ، هى بطبيعة العمل ذاته ، لا بالأوصاف التى قد تخُلع عليه متى كانت طبيعته تتنافى مع هذا الوصف.
    و انطلاقا ً من هذه المقدمات اعتبرت المحكمة الدستورية العليا أن قرار رئيس الجمهورية رقم 404 لسنة 1990 بشأن دعوة الناخبين إلى الاستفتاء على حل مجلس الشعب إنما يتعلق باستطلاع رأى هيئة الناخبين التى تمثل القاعدة الشعبية فى أمر يتصل بأخص المسائل المتعلقة بعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية ويتصل بتكوين هذه السلطة ، و بالتالي فإن هذا القرار يعد من أبرز الأمور التى تتعلق بممارسة سلطة الحكم ومن ثم يعتبر من “الأعمال السياسية” التى تتحمل السلطة التنفيذية كامل المسئولية السياسية بصدد إجرائها بغير معقب من القضاء.
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها Empty رد: المحكمة الدستورية العليا (مصر) قانونها اجراءتها اختصاصها

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد نوفمبر 13, 2016 6:48 am



    13 – منازعات تنفيذ حكم فيها بعدم الإختصاص :

    بعد أن عرضنا للقضايا التي كان المدعين فيها موفقين في استصدار أحكام في موضوع المنازعة المتعلقة بتنفيذ أحد أحكام المحكمة الدستورية العليا ، و قد تضمنت هذه الأحكام معنى القضاء باختصاص المحكمة بنظر هذه الدعاوى وفقا ً للمادة 50 من قانونها. و كذلك بعد أن عرضنا لعدد من القضايا التي قُضي فيها بعدم الإختصاص. نعرض الآن لعدد من القضايا التي صدر فيها حكم بعدم القبول ، و ذلك من أجل التأكيد على ما سبق و استخلصناه من نتائج ، و أيضا ً استنباطا ً لنتائج أخرى جديدة.

    أ – عدم القبول لعدم ثبوت الوكالة للمحامي الذي وقع على الصحيفة :

    قضت المحكمة الدستورية بعدم قبول الدعوى لأن الأستاذ المحامى المنسوب له التوقيع على صحيفة الدعوى لم يثبت وكالته عن المدعية عند الإيداع وحتى قفل باب المرافعة فى الدعوى ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى، ودون أن يغير من ذلك ما أثبت على حافظة إيداع صحيفة الدعوى – من أن سند الوكالة مودع فى دعوى أخرى ما دام أن هذه الدعوى غير مضمومة. (21)

    ب – عدم القبول لكون المنازعة مُحالة من محكمة الموضوع :

    و من أسباب عدم قبول المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا أيضا ً ، ألا يتبع الطريق القانوني السليم في اتصال المحكمة الدستورية العليا بهذه المنازعة ، كأن تحال إليها الأوراق من محكمة الموضوع مثلا ً ، بدلا ً من أن تكلف محكمة الموضوع الخصم صاحب المصلحة بإقامة المنازعة أمام المحكمة الدستورية العليا بصحيفة تودع في قلم كتابها على النحو المنصوص عليه في المادتين 34 و 35 من قانون المحكمة الدستورية العليا. حيث أنه لا يستثنى من ذلك إلا ما نصت عليه المادة 29 (أ) من جواز أن تحيل إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى – أثناء نظر إحدى الدعاوى – الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا إذ تراءى لها عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة يكون لازماً للفصل فى النزاع وذلك للنظر فى هذه المسألة الدستورية. و على ذلك إذا قامت محكمة الموضوع بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا ، و كان الموضوع متصل بمنازعة تتعلق بتنفيذ حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا ، كانت دعوى المنازعة غير مقبولة.

    و من الأمثلة على هذه الحالة ، الدعوى رقم رقم 1 لسنة 12 ق “منازعة تنفيذ” التي حكمت فيها المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 5/10/1991(22). إذ تتلخص وقائعها في أن إشكالا ً في التنفيذ قد أقيم أمام محكمة تنفيذ مستعجل القاهرة بطلب الحكم بصفة مستعجلة بقبول الإشكال شكلاً وفى الموضوع بإيقاف تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه وهو الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 53 لسنة 3 قضائية. فأصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة حكمها بعدم اختصاص القضاء المستعجل ولائياً بنظره وبإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا ، على سند من القول بأن ذلك الإشكال يمثل منازعة فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى الدستورية رقم 53 لسنة 3 قضائية ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر هذه المنازعة للمحكمة الدستورية العليا وفقاً لنص المادة 50 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظرها وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا عملاً بنص المادتين 109 ، 110 مرافعات .

    إلا أن المحكمة الدستورية العليا قررت بأنها لم تتصل بالمنازعة تلك اتصالا صحيحا ً طبقا ً لقانونها حيث أن المادتين 34 ، 35 من قانون المحكمة الدستورية العليا قد أوجبتا أن تقدم الطلبات وصحف الدعاوى إلى المحكمة الدستورية العليا بإيداعها قلم كتابها الذى يقوم بقيدها فى يوم تقديمها فى السجل المعد لذلك كما تطلبت المادة 34سالفة الذكر أن تكون تلك الطلبات والصحف موقعاً عليها من محام مقبول للحضور أمامها أو عضو من هيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار على الأقل ، مما مفاده أن المشرع قد رأى نظراً لطبيعة المحكمة الدستورية العليا والدعاوى والطلبات التى تختص بنظرها – أن يكون رفعها إليها عن طريق تقديمها إلى قلم كتابها – مع مراعاة ما نص عليه القانون من أوضاع معينة تطلبها فى كل من الدعاوى والطلبات التى تختص بها المحكمة – ولم يستثن المشرع من ذلك إلا ما نصت عليه المادة 29 (أ) من جواز أن تحيل إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى – أثناء نظر إحدى الدعاوى – الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا إذ تراءى لها عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة يكون لازماً للفصل فى النزاع وذلك للنظر فى هذه المسألة الدستورية . و أنه لما كانت الدعوى الماثلة لا يشملها الاستثناء الذى نصت عليه المادة 29 (أ) سالفة الذكر لعدم تعلقها بنص فى قانون أو لائحة تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته وكان لازماً للفصل فى النزاع المطروح عليها ، وكان الأصل الذى يتعين مراعاته فى الدعاوى التى ترفع إلى هذه المحكمة هو إيداع صحائفها قلم كتابها ، فإن الدعوى الماثلة – وقد أحيلت مباشرة إلى هذه المحكمة عملاً بنص المادة 110 مرافعات – لا تكون قد اتصلت بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.

    ج – عدم القبول عندما تتمثل العقبة أمام التنفيذ المدعى بها في حكم صادر من المحكمة الدستورية نفسها :

    من المتصور أن تقام دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا ، تطرح عليها منازعة تتعلق بتنفيذ حكم صادر عن هذه المحكمة ، و أن يدعى فيها بأن العقبة التي تحول دون تمام تنفيذ هذا الحكم تتمثل في حكم آخر أصدرته المحكمة الدستورية العليا نفسها. و في هذه الحالة تكون الدعوى غير مقبولة ، ذلك أنه لا يجوز لهذه المحكمة أن تنقض قضاء صادر عنها. بل إنه ليس من المتصور أن يكون هناك تعارض فيما بين أحكامها على نحو يجعل بعضها يقف عقبة في سبيل تنفيذ البعض الآخر.(23)

    و قولنا بعدم قبول مثل هذه الدعوى يستند إلى القياس على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 2 لسنة 12 قضائية ” منازعة تنفيذ ” (24)، و التي طلب فيها رافعها الفصل فى التناقض القائم بين الحكم الصادر فى الدعوى رقم 60 لسنة 4 قضائية ” دستورية ” والحكم الصادر من المحكمة العليا للقيم فى الدعوى رقم 43 لسنة 6 قضائية عليا.
    إذ قضت المحكمة الدستورية العليا في تلك القضية بأن ” المحكمة الدستورية العليا هى التى تفصل بأحكامها النهائية التى لا يجوز الطعن فيها فى قالة التناقض بين حكمين نهائيين ، وهى التى تعين أحقهما بالتنفيذ . واعتبارها طرفاً فى هذا التناقض أو إقحامها على النزاع المتعلق به مردود أولاً : بأن ولايتها فى المسائل التى تدخل فى اختصاصها هـى ولاية منفردة لا مزاحمة فيها ، وقولها فى شأنها هو القول الفصل ، وليس لها بالتالى أن تنقض قضاء صادر عنها ، ولا أن تراجعها فيه أى جهة ولو كانت قضائية ، ومن ثم تصبح أحكامها عصية على الرجوع عنها بما لا يجوز معه اعتبارها حداً للتناقض المنصوص عليه فى البند ثالثاً من المادة 25 من قانونها ، وإلا ساغ تغليب قضاء لجهة أخرى عليها . ومردود ثانياً : بأن هذه المحكمة حين تباشر اختصاصها بالفصل فى التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين صادرين عن جهتين قضائيتين ،فإنها تقوم بدور الحكم بينهما ، وهو ما يفترض لزوماً حيدتها ونظرتها الموضوعية حين تقول كلمتها فى هذا النزاع ، وشرط ذلك ألا تكون أحكامها طرفاً فيه . ومردود ثالثاً : بأن المشرع خص هذه المحكمة بالفصل فى دعوى التناقض المنصوص عليها فى البند ثالثاً من المادة 25 من قانونها ، ولو صح القول بأن أحكامها يمكن أن يقوم بها التناقض ، لاستحال أن يكون تشكيلها – عند الفصل فيه – مقصوراً على قضاتها صوناً لأحكام الدستور التى ينافيها أن تكون الجهة التى اسند إليها المشرع ولاية الفصل فى نزاع معين فصلاً قضائياً هى ذاتها المعتبرة خصماً فيه ، ولأضحى متعيناً بالتالى أن يكون الفصل فى التناقض المدعى به موكولاً إلى محكمة قائمة بذاتها تستقل بتشكيلها عن المحكمة الدستورية العليا ، أو على الأقل ألا تكون الغلبة فيه لقضاتها . ومردود رابعاً : بأن هذه المحكمة حين تفصل فى النزاع القائم فى شأن تنفيذ حكمين نهائيين ، فإنها تفاضل بينهما طبقاً لقواعد الاختصاص التى قام المشرع بتوزيعها بين الجهات القضائية المختلفة تحديداً لولاية كل منها ، وليس من بين هذه الجهات ، المحكمة الدستورية العليا التى تخرج عن محيطها بعد أن افرد لها الدستور فصلاً مستقلاً عن السلطة القضائية بهيئاتها المختلفة ومحاكمها المتعـددة ، بما مؤداه عدم جواز اعتبار هذه المحكمة جهة قضاء فى تطبيق أحكام البند ثالثاً من المادة 25 من قانونها .”

    د – عدم قبول المنازعة إذا كانت في حقيقتها طعنا ً على حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا :

    عندما يبين من الطلبات المبداة في صحيفة الدعوى أنها تتضمن منازعة فى الدعامة القانونية التى قام عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا فى حكم من أحكامها سبق لها ان أصدرته ، فإن المنازعة المطروحة تنحل بالتالى إلى طعن في هذا الحكم بالمخالفة للمادة 48 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 التى تنص على أن “أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن” و يضحى متعينا الحكم بعدم قبولها.(25)

    خاتمة

    عرضنا في هذا البحث إلى ذلك النوع من الدعاوى التي تطرح على المحكمة الدستورية العليا و تختص بها طبقا ً للمادة 50 من قانونها ، و هي دعاوى المنازعة التي تتعلق بتنفيذ حكم صادر من هذه المحكمة . حيث عرفنا المنازعة التي تتعلق بهذه الأحكام و ميزناها عن المنازعة في التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات . ثم انتقينا القضايا التي طرحت على المحكمة الدستورية العليا منازعات تعلقت بتنفيذ أحكامها و حكم فيها لصالح المدعين ، معتبرين هذه القضايا هي النموذج الذي استظهرنا منه ضوابط إختصاص المحكمة الدستورية بنظرها ، و شرائط قبولها ، و موجبات القضاء بإزالة العقبات التي تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الذي يطلب المدعي المضي في تنفيذه ، سواء كان هذا العائق متمثل في عمل تشريعي أو في قرار إداري ، أو في حكم قضائي.

    ثم انتقينا عدد من القضايا التي خسرها أصحابها و حكم فيها بعدم الإختصاص أو بعدم القبول ، بهدف التأكيد على ما سبق و أن استخلصناه من نتائج ، و استخلاص نتائج جديدة تساعد في فهم اتجاه المحكمة الدستورية العليا و هي بصدد الفصل في هذه المنازعات.

    و أؤكد على أن موضوع ” المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا ” يحتاج إلى المزيد من البحث و الدراسة ، فهذه مسألة واضحة و لا تحتاج إلى تأكيد ، حيث أن تناولها من أكثر من باحث يساعد على المزيد من سبر ما خفي علينا من مسائل ، كما أنه يلزم المقارنة بين اتجاه المحكمة الدستورية العليا في هذا النوع من الدعاوى و اتجاه نظيراتها في الدول الأخرى من النظم القانونية المختلفة.

    كما أؤكد في الختام على أن هذه الوسيلة الإجرائية تعد من أهم الوسائل الإجرائية التي أتاحها القانون للتوصل إلى الحقوق ، و إلى إنفاذ صحيح حكم القانون ، و إلى دفع تعنت سلطات الدولة المختلفة و معاقبتها على أي عمل ذو طبيعة قانونية من شأنه عرقلة تنفيذ حكم من أحكام المحكمة الدستورية العليا .

    الهوامش

    (1) مثل حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 5 لسنة 22 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 4/8/2001. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…0&searchWords=

    (2) راجع في ذلك بالتفصيل : نبيل اسماعيل عمر. الوسيط في التنفيذ الجبري للأحكام. دار الجامعة الجديدة للنشر. الإسكندرية. 2000. صص248-257.

    (3) حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه في الهامش رقم (1) .

    (4) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 1 لسنة 26 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 2/12/2007. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…0&searchWords=

    (5) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 5 لسنة 26 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 14/1/2007. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…6&searchWords=

    (6) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 7 لسنة 14 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 19/6/1993. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…6&searchWords=

    (7) راجع نص المادة 48 من القانون رقم 48 لسنة 1979 باصدار قانون المحكمة الدستورية العليا.

    (Cool و لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتوجه بالشكر الجزيل للمحكمة الدستورية العليا ، و ذلك على الجهد و المال المبذولين في سبيل انشاء الموقع الإليكتروني الخاص بها ، و الذي أتاحت من خلاله جميع الأحكام التي أصدرتها ، كما تقوم بنشر الأحكام الجديدة التي تصدر تباعا ً ، كما انها زودت الموقع بآلية للبحث في الأحكام و في المبادئ التي استقر عليها قضاؤها ، و ذلك بشكل يسير و دقيق ، و بدون أي مقابل ، تتيح بذلك فرصة الإطلاع على هذه الأحكام للمواطنين ، و للمتقاضين ، و للعاملين في المجال القانوني . و أتمنى من باقي المحاكم العليا المصرية أن تحذو حذو المحكمة الدستورية العليا في هذا الصدد ، و أقصد بذلك المحكمة الإدارية العليا و محكمة النقض المصرية. خاصة و أن التقنيات صارت رخيصة نسبيا ً ، و الكفاءات البشرية متواجدة بشكل وافر.

    (9) راجع الهامش رقم 1.

    (10) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 193 لسنة 19 ق “دستورية”، جلسة 6/5/2000. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي :
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…3&searchWords=

    (11) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 21 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 4/8/2001. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…7&searchWords=
    (12) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 83 لسنة 20 ق “دستورية”، جلسة 5/12/1998. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…6&searchWords=

    (13) أرجو أن نقف هنا لحظة نتصور فيها حال المدعية و مركزها القانوني في مواجهة خصومها – جهة عملها – و قد صدر ضد المدعية حكمين قضائيين من المحكمة الإدارية العليا قضيا بعدم أحقيتها في مطلوبها في الدعويين الموضوعيتين التي أقامتهما أمام هذه المحكمة . أعتقد أن عدم العلم بوجود هذه الوسيلة الإجرائية المهمة ( دعاوى منازعة التنفيذ المتعلقة بأحكام المحكمة الدستورية العليا ) كان سيترتب عليه تفويت الفرصة عليها في استيفاء حقها ، و ذلك من باب الظن بأن أحكام المحكمة الإدارية العليا – و مثلها أحكام محكمة النقض – قضت بالقول الفصل في المسألة ، و أن الأقلام قد جفت و أن الصحف قد رفعت!!

    (14) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 4 لسنة 25 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 13/2/2005. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…5&searchWords=

    (15) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 48 لسنة 17 ق “دستورية”، جلسة 22/2/1997. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…4&searchWords=

    (16) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 6 لسنة 25 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 15/1/2006. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…9&searchWords=

    (17) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 41 لسنة 19 ق “دستورية”، جلسة 9/5/1998. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…2&searchWords=

    (18) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 22 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 7/4/2001. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…9&searchWords=
    ، و كذلك راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 2 لسنة 21 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 2/12/2001. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…4&searchWords=
    ، و راجع أيضا ً حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 1 لسنة 10 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 6/4/1991. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…3&searchWords=
    (19) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 37 لسنة 9 ق “دستورية”، جلسة 19/5/1990. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…1&searchWords=

    (20) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 4 لسنة 12 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 9/10/1990. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…0&searchWords=
    (21) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 9 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 3/3/1990. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…5&searchWords=

    (22) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 1 لسنة 12 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 5/10/1991. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…9&searchWords=
    و كذلك راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 1 لسنة 13 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 5/10/1991. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…6&searchWords=

    (23) و قولنا هذا مقصود به أن المحكمة الدستورية العليا تقرر و تقضي بأن التعارض بين أحكام المحكمة الدستورية العليا أمر غير متصور تنزيها لهذه المحكمة عن أن تتضارب في أحكامها باعتبارها الهيئة القضائية الأعلى في البلاد. إلا أن أحكام هذه المحكمة في حقيقتها هي عمل بشري ، و يوجد أحد يجادل في أن عمل البشر قدره عدم الكمال ، و أي عمل – غير عمل الله عز و جل – سنجد فيه اختلافا ً كثيرا ً.

    (24) راجع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 2 لسنة 12 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 4/1/1992. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…3&searchWords=

    (25) قارن مع حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 3 لسنة 14 ق “منازعة تنفيذ”، جلسة 6/2/1993. منشور على الموقع الإليكتروني للمحكمة الدستورية العليا ، على العنوان التالي:
    http://www.hccourt.gov.eg/Rules/getR…2&searchWords=

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 2:20 am