روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    طرق الاثبات الحديثة

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق الاثبات الحديثة Empty طرق الاثبات الحديثة

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة أبريل 23, 2010 11:33 pm


    مقدمة :
    لم تعد أساليب ارتكاب الجريمة في وقتنا الحاضر بسيطة أو سهلة بل غدت معقدة يرتكبها المجرمون بأساليب وطرق مبتكرة ، كما غدا العالم اليوم قرية صغيرة تنتقل فيها المعلومات في زمن قصير لا يكاد يذكر في الوقت ذاته فقد أصبح أسلوب اكتشاف الجريمة متطورا يتعدى الأسلوب النمطي التقليدي من حيث جمع الأدلة المادية بأسلوب علمي حديث للاستفادة من مدلولاتها لفك ألغاز الجريمة ، إن إثبات أو نفي الجريمة يعتبر من الأعمال الفنية الواجب القيام بها بكفاءة عالية و التعرف على الأداة المستخدمة في التنفيذ وكيفية ارتكاب الجريمة ... والربط بالدليل بين الفعل الإجرامي و الأداة المستخدمة مع المكان والفاعل . وهذا يؤدي قطعا إلى إدخال القناعة الوجدانية في نفس القاضي لينطق بالحكم وهو مرتاح الضمير
    الإشكالية : ما هي الطرق الحديثة المستخدمة في الإثبات في المواد الجزائية ؟ وها هي قيمتها من الناحية القانونية ؟
    I. البقـع والتلوثـات اللعــابيـــة :

    اللعاب سائل يفرز من الغدد اللعابية الموجودة في الفم ويحتوي على إنزيمات تساعد على عملية الهضم ويتواجد اللعاب في مسرح الحادث في :
    1. أماكن العضة الآدمية إما على جسم الجاني أو المجني عليه .
    2 . بقايا المأكولات الصلبة .
    3 . أعقاب السجائر المتواجدة في مكان الحادث .
    4 . الأكواب الزجاجية المتواجدة في مكان الحادث .
    5. أغلفة الرسائل وطوابع البريد لأنها في العادة تتواجد عند عملية لصق الأغلفة والطوابع .
    واللعاب من النادر رؤيته بالعين المجردة بل لابد لاكتشافها من الاختبارات الكيميائية والمهجرية ، أما بالنسبة للأهمية الفنية الجنائية للعاب و التلوثات اللعابية فهي :
    - التعرف على المجرمين في الكثير من الجرائم عن طريق الربط بين الآثار الموجودة في مسرح الجريمة والمتهم.
    - الكشف عن تعاطي المخدرات عن طريق تحليل اللعاب .
    II. آثــــار الأسنـان :

    في يونيو 1981 عقدت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية في باريس الندوة الدراسية الثانية الخاصة بطرق تحقق الشخصية والكشف عن الآثار وقد أقر المجتمعون أهمية الأسنان ونادو بضرورة الاستفادة منها في التعرف على الأشخاص ونقصد بآثار الأسنان مايلي :
    1 . الأسنان الطبيعية والأطقم .
    2 . بصمة العضة السنية .
    و آثار الأسنان إما تكون وسيلة للتعرف على صاحبها و إما يكون الأثر الذي تتركه الأسنان في جسم أخر وسيلة غير مباشرة للتعرف على صاحبها ، إن الأسنان سلاح قوي ينشبه الجاني أو المجني عليه في لحم الطرف الآخر فتترك به نوعا من الآثار التالية :
    1. آثار سطحية تأخذ شكل الأسنان تماما وتظهر بهيئة رضوض خفيفة بلون أحمر .
    2. آثار غائرة تماثل حجمها حجم الأسنان التي تسبب الآثار.
    3. آثار قطوع في اللحم تطابق شكل الأسنان التي سببتها .
    وتوجد آثار الأسنان إما في :
    1. جسم الجاني أو المجني عليه أي أثر عضة أدمية على الجلد البشري أثناء المقاومة أو العنف والعضة الآدمية غالبا تكون عبارة عن قوسين متقابلين بينما عضة الحيوان تكون عادة عبارة عن خطين متوازيين .
    2. في بقايا المأكولات الصلبة التي قد توجد في مسرح الحادث .
    3 . في أماكن الحرائق والإنفجارات حيث تكون غالبا الأسنان هي الأجزاء المتبقية من جسم الإنسان .
    الأهمية الفنية لآثار الأسنان :
    - التعرف على المجرمين لا سيما في جرائم القتل والاغتصاب وغيرها ن حالات المقاومة .
    - التعرف على الجثث المجهولة في كثير من الحالات المجهولة كحوادث القتل الجنائي التي يقوم فيه الجاني بتشويه الجثة واحراقا لإخفاء معالم الجريمة أو ي حالة الجثث التي أصابعها التعفن والتحلل بدرجة متقدمة حيث تبقى الأسنان لأنها تقاوم التحلل والتعفن وتقاوم درجات الحرارة العالية .
    - التعرف على هوية جثث الأشخاص أثناء الحوادث الجماعية والكوارث الطبيعية ويمكن التعرف على صاحب الجثة من خلال معرفة المعلومات التالية :
    1) تقدير عمر الجثة من خلال مدى تآكل الأسنان وجذورها ...
    2) تحديد بعض التشوهات الخلقية الموجودة في الأسنان والمعلومات الوراثية لأسنان الجثة
    3) معرفة بعض العلامات المميزة الموجودة في أطق الأسنان الصناعية .
    4) تحديد فصيلة الدم وبصمة الحمض النووي للجثة .
    - معرفة بعض أسباب الوفيات لا سيما حالة الوفاة الناتجة عن التسمم بالسموم المعدنية مثل :الرصاص والزرنيخ حيث تتسرب هذه السموم إلى جذور الأسنان وتترك آثار تدل عليها إما عن طريق التحليل أو باللون ولاتتأثر هذه السموم بالتعفن بل يمكن اكتشافها بمئات السنين
    - تحديد حرفة صاحب الأسنان : مثل العاملين في مصانع الأحماض والغازات فاستنشاقهم لها يؤثر على الأسنان ويفقدها لمعانها .
    - تحديد عادات أصحاب الأسنان كتعاطي الكحول والمخدرات .
    - التعرف على أمراض أصحاب الأسنان مثلا الايدز له علامات على الأسنان .
    III. الشعــر وأهميته في الحقـــل الجنائـــي :

    الشعر الآدمي يتميز بوجود ثلاث طبقات : الطبقة الخارجية (البشرة) والطبقة المتوسطة (القشرة) والطبقة الداخلية (النخاع) ويتم العثور على الشعر في جسم الجاني أو المجني عليه ويوجد خاصة في الجرائم الجنسية وقد يوجد في يد المجني عليه أثناء المقاومة كما قد يوجد في الملابس أو الفراش ويتم فحص الشعر :
    1. بواسطة العين المجردة لتحديد نوعه أجعد ،مستقيم ،تحديد لونه...
    2. الفحص المجهري بواسطة الميكروسكوب :
    * فحص بروتين الشعر بطريقة الفصل الكهربائي وهذا الاختبار يستخدم لتحديد صاحب الشعر لأن كل شخص له بوتين خاص.
    * بصمة الحامض النووي DAN وصل البحث إلى انه يمكن تحديد الحامض النووي من خلال الشعر الذي يتم العثور عليه في مسرح الجريمة من تحديد بصمة الحامض النووي للأشخاص المشتبه فيهم ومقارنتها مع الشعر المضبوط في مسرح الحادث.
    3. فحص الكروموزومات الجنسية الموجودة في الشعر هل هو ذكر أم أنثى.
    4. فحص المعادن الموجودة في الشعر لأن شعر الأنثى يحتوي على03 أضعاف ما يحتويه شعر الرجل من الكبريت .
    الأهمية الفنية للشعر في المجالات الجنائية :
    1- الاستعراف :أي التعرف على المجرمين في الجرائم المختلفة من قتل واغتصاب وذلك عن طريق الربط بين الشعر المضبوط في مسرح الحادث وشعر المشتبه فيه عن طريقDAN
    2- التعرف على أنواع الجروح وتحديد الأداة المستخدمة في الحادث .
    3- تشخيص بعض حالات التسمم بالسموم المعدنية حيث أنه ثبت أن الشعر تتركز فيه مثل هذه السموم.
    4- يستخدم في إثبات حالات البنوة (الحامض النووي).
    5- يتم التعرف على وجود عنف ومقاومة
    الأظافر وآثـــــرهــــــــا
    تعتبر الأظافر من العناصر المهمة في مجال التحقيق الجنائي وتساعد على التعرف على المجرمين في بعض الحالات كجرائم القتل والاغتصاب والمخدرات والتسممات حيث يتم تقليم أظافر المشتبه فيه وفحصها ومعرفة نوع الجريمة المرتكبة فوجود آثار الأظافر حول الفم والأنف يعني أن الجريمة هي جريمة كتم الأنفاس ووجودها حول العنق يعني خنق يدوي أما وجودها حول الأعضاء التناسلية للأنثى و الفخذين يعني جريمة أو محاولة اغتصاب .
    IV. آثـــــار الــــبصــمـــــــــات
    تعريف : تتكون البصمات والجنين في بطن أمه و التحديد في الشهر الثالث والرابع والبصمات من الأدلة الحديثة التي يعتمد عليها في الإثبات والبراءة والبصمة هي خطوط البشرة الطبيعية على باطن اليدين والقدمين والبصمات تأخذ قيمتها الاثباتيةكدليل على أساس حقيقتين علميتين هما :
    •انه الإنسان يحمل في كف يده وأصابعه وقدميه وأصابعهما خطوط مميزة لا تتغير منذ مولده إلى غاية وفاته.
    •إن هذه الخطوط خاصة بكل فرد ولا تتطابق خطوط الأفراد على الإطلاق .
    كيفية رفع آثار البصـمات :
    إن رفع البصمات عمل فني يحتاج إلى خبير ونجد آثار البصمات في أماكن إما ظاهرة أو غير مرئية وترفع وفق طرق معينة حسب طبيعة البصمة وحالات البصمة في موقع الحادث هي
    1. البصمة الخفية وهي التي تطبع على أي سطح نتيجة ملامسة اليد له نتيجة العرق الذي تفرزه الغدد الدرقية الموجودة غي باطن اليد.
    2.البصمة الظاهرة وهي التي تشاهد بالعين المجردة وبوضوح وتطبع عن طريق لمس اليد لمادة ملونة كالدم مثلا.
    3. البصمة المطبوعة هي التي تطبع على مادة لينةكالحلويات ، وجميع البصمات ترفع بواسطة آلة التصوير الخاصة بالبصمات .
    وتعتبر البصمة من الناحية القانونية أولى القرائن المستحدثة وله قيمة برهانية في الإثبات إن البصمة كدليل علمي لها استخدامات ويمكن توضيحها على النحو الآتي :
    1- إذا وجدت بصمات المتهم داخل غرفة المجني عليه تعتبر دليل لإدانة المتهم .
    2 –البصمات الموجودة على المستندات المالية وكشوفات الحسابات تعتبر قرينة للإثبات إذا تطابقت مع بصمات المتهم .
    3- البصمات الموجودة على أداة الجريمة بعد أو قبل ارتكاب الجريمة تدل على أنه كان على علاقة بأداة الجريمة ..........
    V. بـــصـــمـــــــة الأذن :

    تأتي بصمة الأذن في المرتبة التالية بعد بصمة الأصابع كوسيلة مؤكدة للتعرف على الشخصية ومن الثابت علميا أن بصمة الأذن اليمنى تختلف عن بصمة الأذن اليسرى لدى نفس الشخص ، ومن بين الأماكن التي توجد فيها بصمة الأذن هي :
    - من العادات المعروفة لدى بعض المجرمين القيام بنوع من الاستكشافات للتأكد من وجود صاحب المنزل ، ومن طرق الاستكشاف التنصت على الأبواب الخارجية و النوافذ بوضع الأذن عليها وفي هذه الحالة تترك آثار بصمات واضحة وجيدة لا سيما إذا كانت الأبواب والنوافذ لامعة .
    - من الطرق المتبعة لفتح الخزائن ذات الأرقام السرية و الأبواب الحديثة حيث يضع الجاني أذنه على باب الخزنة أو الباب ليسمع حركة التروس التي يحركها بالأرقام في سلسلة التجارب حتى يفتح الخزنة.
    أحيانا ينتاب الجاني نوبات من التعب والنعاس و الإرهاق الشديد داخل مسرح الجريمة عبد ارتكاب الجريمة نتيجة للجهد المبذول والإرهاق فيميل أو يتكئ على الأثاث المنزلي و في ذلك إمكانية لطباعة بصمات الأذن ..............
    VI. بصمـــة الـــصــــوت :

    إن حاسة السمع من الحواس القوية لدى الإنسان رغم اختلاف القدرات السمعية لدى البشر إلا أن لبعض البشر قدرة فائقة في التقاط الأصوات بدقة متناهية ومن مسافات بعيدة وللبعض قدرات فائقة في تميز الأصوات وحفظها في ذاكراتهم ، وللأصوات علاقة وثيقة بالجريمة وذلك للأسباب التالية :
    1/ قد تكون الأصوات وسيلة من وسائل ارتكاب الجريمة كالتهديد عبر الهاتف أو الابتزاز بواسطة التسجيل في الأشرطة .
    2/ أحيانا تصدر الأصوات في موقع ارتكاب الجريمة من المتهم أو من المجني عليه ، أومن الوسيلة المستخدمة في الجريمة أومن الحيوانات ...
    3/ في جرائم العنف والاغتصاب والنهب تستعمل الأصوات كمدخل في جريمة العنف .
    وللصوت فائدة عظيمة في تحقيق الشخصية ، إن الأسس العلمية التي يستند عليها التحليل الجنائي قد تم توسيعها عبر التعمق في الأبحاث التي قام بها مختصون في علم اللغة وعلم الأصوات وسمحت هذه الدراسة باستكشاف المميزات النطقية والصوتية وأكدت أيضا أن صوت وكلام الشخص ما يمكن أن يكون متشابها مع صوت وكلام أشخاص آخرين ولكنهما لا يتطابقان إلا مع ذاتيتهما ، إن طريقة التحليل تحدد بدقة مراحل عملية التعرف وتسلسلها وكذلك الأساليب المستخدمة في فحص الصوت والكلام موضوع التجربة ونماذج الأصوات وهنالك تقنيات معينة لتحليل الصوت لتحليل الصوت لتحديد جنس الشخص والتعرف عليه واكتشاف التمويه والتقليد في الأصوات .
    لقد أعطى استخدام الكمبيوتر في تحليل الأصوات ومقارنتها دفعة قوية للأصوات في مجال تحقيق الشخصية ، وأصبح اليوم من الممكن مقارنة الأصوات والتعرف على أصحابها و اتضح وجود مميزات فردية وخصائص عامة للصوت منها الرسم الذي تخطه العناصر المركبة ، مدة الأحرف الساكنة ، التردد الأساسي ...
    VII. الـــــــــعـــــرق :

    تختلف آثار الأسنان على الأسطح المصقولة لملامسة أصابع الكف له والقدمين نتيجة لطبيعية إفرازات العرق من خلال المسام لأن باطن الكف والقدم تتكون من خطوط بارزة و أخرى غائرة وتحتوي الخطوط البارزة على فتحات مسامية تفصل بالغدد العرقية الموجودة تحت الجلد ويساعد العرق مع بعض المواد الموجودة في مسرح الجريمة في وجود البصمات خاصة وأن المجرم يكون في حالة توتر واضطراب نفسي وحينئذ يفرز العرق بغزارة وبالتالي تكون بصماته واضحة أكثر.
    * العرق والرائحة: لكل إنسان رائحة عرق خاصة به وذلك لوجود مواد بروتينية غير معروفة التركيب تقوم بتحليلها البكتيريا الموجودة في جسم الإنسان مما يؤدي إلى رائحة ميزة للانسان ، وقد أدرك الإنسان ذلك بحاسته وأمكنه التعرف على الرائحة و أن يفرق بين الأشخاص حتى وان تقادم الزمن وبعدت المسافات وهذا ما أكده القرآن الكريم على لسانيعقوب عليه السلام حيث وجد رائحة يوسف بعد طول عهد وعلى مسافة بعيدة { إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون... } ، ويختلف الناس في تميز الرائحة من شخص لآخر حيث يمكن تتبع المجرم بعد وقوع الجريمة عن طريق الرائحة ، وتتبع المجرم عن طريق الكلاب البوليسية ، والآن أصبحت هنالك أجهزةعلمية متطورة للكشف عن الرائحة وهو ما يسمى بجهاز الكروماتوجرافيا الغازية والذي بواسطته تحلل أي رائحة ...
    VIII. البصمة الجينية / بصمة الحامض النووي D.N.A

    مقدمة: بصمة الحامض النووي أو البصمة الوراثية لأي إنسان هي أصل كل العلامات الوراثية الموجودة بالجنين منذ بداية نشأته وتكوينه وهي التي تحدد نوع فصيلة دم الجنين ونوع بروتينه واينزيماته وشكل بصمة الأصابع ولون البشرة ... ومتى حدث أي خلل في بصمة الحامض النووي ينعكس على الإنسان في شكل مرض أو عاهة .
    تعريف الحامض النووي :
    الحامض النووي هو الحامض الرايبوزي للأكسجين النووي ويجد داخل نواة الخلية في صورة كروموزومات مشكلا وحدة البناء الأساسية لهذه الكروموزمات ، وفي الإنسان تتكون نواة الخلية البشرية من 23 زوج من الكرومزومات منها 22 زوج من الكروموزومات متماثلة في الذكر والأنثى والزوج رقم 23 يختلف في كل من الذكر والأنثى وتسمى باكروموزومات الجنسية وفي الذكر يرمز لها XY وفي الأنثى XX ، وكل كروموزوم يتكون من شريط طويل من الحامض النووي ملتفة حول نفسها على هيئة سلالم حلزونية وتوجد على هذا الشريط أجزاء تحمل الصفات الوراثية تسمى بالعقد الجينية ...
    تتميز بصمة الحامض النووي بـ:
    1 / يوجد في أي مخلف بشري سائل : كالدم ،اللعاب ، المني أو أنسجة : كالجلد ،والعظم ، والشعر.
    2 / أن الحامض النووي يقاوم عوامل التحلل والتعفن .
    3 / أصبحت البصمة الوراثية دليل من أدلة النفي أو الإثبات .
    4 / تظهر بصمة الحامض النووي على هيئة خطوط عريضة يسهل قراءتها وحفظها وتخزينها في الكمبيوتر لحين المقارنة عكس بصمة الأصابع التي لا يمكن حفظها في الكمبيوتر.
    5 / عدم التوافق والتشابه بين كل فرد وآخر عند تحليل البصمة الوراثية إلا في حالة التوائم المتماثلة .
    6 / تعتبر أدق وسيلة عرفت حتى الآن في تحديد هوية الإنسان.
    أهمية بصمة الحامض النووي في التحقيق الجنائي :
    1 / إثبات البنوة والأبوة بعكس فصائل الدم و الطرق الأخرى التي كانت تستخدم لإثبات العلاقة بين الابن وأبيه كقرينة نفي ، أصبحت بصمة الحامض النووي تستعمل لإثبات أو نفي بمعدل 100% في الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا .
    2 / إثبات درجة القرابة في الأسرة :حيث تستخدم بصمة الحامض النووي للإثبات أو النفي في حالة ادعاء القرابة بغرض الإرث بعد وفاة شخص معين ، وكذلك لمعرفة درجة القرابة بين المهاجرين حيث يدعي بعض الاشخاص ممن يحملون الجنسية الأوروبية و الأمريكية عند دخول تلك البلاد أو الحصول على اقامة لذلك فقد لجأت سلطات هذه البلاد إلى اجراءفحص بصمة الحامض النووي على هؤولاء الأشخاص لمعرفة الحقيقة ...
    3/ التعرف على المجرمين في الكثير من جرائم القتل والاغتصاب حيث أن الآثار المادية الموجودة على جسم المجني عليه أو الجاني ... كآثار الدم والمني ...
    نبذة تاريخية عن البصمة الوراثية ومختلف الندوات والمؤتمرات المنعقدة لدراستها :
    تم اكتشاف بصمة الحامض النووي عام 1868 من قبل العالم الألماني فريدريش ميشير في توبنكن بألمانيا وذلك من خلال الخلايا الموجودة في المضادات الجراحية ،وفي عام 1920 أعتقد جوسن أن الأحماض النووية نوعان فقط الأول موجود في الخلية الحيوانية اطلق عليه اسم حامض دي اوكسي رايبو بنو كليئك ّ دنا ّ ونوع موجود في الخلية النباتية سماها رابو نيو كلئيك ّ الرنا ّ ، والحمض النووي هوعبارة عنة مركب كيميائي معقد ذو وزن جزئي عالي لا يمكن للكائن الحي الاستغناء عنه والدنا هو اختصار لكلمة DEOXY.NUCLEIC.ACID أي الحامض النووي الديوكيسي منزوع الأكسجين ، والحمض النووي هو الذي يحمل المعلومات الوراثية...
    1/ الندوة الفقهية الحادية عشر للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بدولة الكويت ما بين 13-25 جمادى الآخر 1914 ه الموافق ل13 -15-أكتوبر 1998 بعنوان الوراثة والهندسة الوراثية .
    2/ الدورة السادسة عشر للمجمع الفقهي بمكة المكرمة برابطة العلم الإسلامي ما بين 21-26 شوال 1422 الموافق لـ 05-10 يناير 2002.
    3/ مؤتمر الهندسة الوراثية بلين الشريعةوالقانون في الإمارات العربية ما بين 22-24 صفر 1423 الموافق لـ 05-07 ماي 2002 خرج بحوالي 16 بحث فقهي وعلمي .
    أسفرت جميع هذه المؤتمرات على جواز استعمال البصمة الوراثية في المجال الجنائي وقضايا النسب.
    تعريف البصمة الوراثية : هي الجينة نسبة إلى الجينات أي المورثات التي تدل على هوية كل إنسان بعينه وانها وسيلة تمتاز بالدقة { تعريف مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة الدورة 16 /2002 } ، وعرفها د / سعد الدين هلالي " العلامة أو الأثر الذي ينتقل من الآباء إلى الأبناء أو من الأصول إلى الفروع" ، وعرفت " تعين هوية الإنسان عن طريق تحليل جزء من حامض الدنا المتمركز في نواة أي خلية من خلايا جسمه "
    مدى مصداقية البصمة الوراثية : تعددت أقوال الأطباء فقد قال د/نجم عبد الله الواحد أن نتيجة البصمة الوراثية في الإثبات هي 99.99% ، وفي حالة النفي هي 100% ،وقال د/بدر خالد الخليفة أن احتمال تطابق القواعد النترونجية في الحمض النووي لشخصين غير وارد مما جعلها قرينة نفي و إثبات لا تقبل الشك ، وقال العالم البيولوجي د / عمر الشيخ الأصم :أنه منذ تم إدخال تقنية البصمة الوراثية كأحد الأدلة المستخدمة في التحقيقات الجنائية شهدت التقنية تطورا ملحوظا هادفا إلى الزيادة في مصداقيتها وأصبح بفعل هذا التطور ... إلى أن قال : مثل أي بيولوجية لا يمكن اعتبار البصمة الوراثية 100% صحيحة وخالية من العيوب ، وهذه كلمة حق قل من تكلم بهذه الحقيقة والصراحة العلمية لأنه لا يمكن أن تخلو البصمة من العيوب لأنه تحتاج إلى طرق وإجراءات للتأكد من صحتها ...
    شروط العمل بالبصمة الوراثية :
    الضوابط الشرعية :
    1. أن لا تخالف البصمة الوراثية صدق النصوص الشرعية الثابتة بالكتاب والسنة .
    2. أن لا تخالف تحاليل البصمة الوراثية العقل و المنطق الحس و الواقع .
    3 . أن تكون أوامر التحليل البيولوجي للبصمة الوراثية بناءا على أوامر من القضاء أو الولي لقفل باب التحايل .
    4. أن تستعمل في الحالات التي يجوز فيها التأكد من إثبات النسب .
    5. منع القطاع الخاص والشركات من المتاجرة فيها.
    شروط البصمة من الناحية العملية:
    1. أن تكون المختبرات و المعامل الفنية تابعة للدولة وتحت رقابتها.
    2 . أن تكون مزودة بأحسن الأجهزة ذات التقنيات العالمية و المواصفات الفنية القابلة للاستمرارية .
    3. أن يكون تحت إشراف خبراء يتسمون بالأمانة والخلق الحسن والعدل في العمل .
    4. أن يكونوا من أصحاب الخبرة العالية و المستوى الرفيع .
    5. أن يكون مسلما وأن يكون عدلا .
    تكيف البصمة الوراثية عند علماء العصر : لما كانت البصمة الوراثية من المستجدات العصرية فقد وقف لها علماؤنا الأفاضل وقفة شرعية ثاقبة في سبيل معرفة هذا الحدث العجيب حيث تعددت آراء العلماء المعاصرين حول مسألة البصمة الوراثية هل هي دليل أم قرينة؟
    الفريق الأول : يراها قرينة قاطعة بنسبة 100% وهو قول : عبد القادر خياط من دولة الإمارات ، ود / سعد الدين هلالي ، د/ نصر فريد واصل { مفتي الديار المصرية سابقا } ، و د/محي الدين القرهداغي ، والمستشار فِاد عبد المنغم ،والمنظمة الإسلامية بدولة الكويت في دورتها المنعقدة في /15/10/1998 و أدلتهم في ذلك مايلي :
    1. قوله تعالى "أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ..." وجه الدلالة هو في قوله أدعوهم فهو أمر من الله بأن ينسب الولد لأبيه الحقيقي{ الأب البيولوجي } فهو الصواب والحقيقة ، فإن لم تعلموا آبائهم : معناه بحث وتحري عن الأب الحقيقي بمختلف الوسائل و القرائن وقد كشف الله سر الوسيلة وهو البصمة الوراثية .
    الاعتراض : لو تم فتح باب إثبات النسب عن طريق الجينات لفتح باب شر عريض حيث سيقدم كل إنسان على اتهام زوجته ويطلب الإثبات عن طريق البصمة الوراثية و هذا ينفر الزوجة ويهدد كيان الأسرة .
    2. قال تعالى : " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ..." وجه الدلالة : أن ما تقدمه تقنية البصمة الوراثية من دقة كشف الحقيقة و معرفة الأب الحقيقي في نزاع النسب يفوق الوسائل التقليدية وقد قال الشاطبي : القطع يقدم على الظن فكيف لا نأخذ بهذه الحقيقة ونكتم ما أظهره الله منم الحق .
    الاعتراض : مسألة النسب مسألة اعتنى بها الشارع الحكيم ولم يجعل لها سوى طريق الفراش أو الاستلحاق .
    3. الدليل من الواقع العملي : إن قوة هذه التحاليل تصل إلى نسبة قطعية في النفي أو الإثبات للبنوة والنسب وهذه الفحوص تقطع الشك باليقين فيالكثير من الحالات و الخطأ مستحيل فيها وتفوق نسبة النجاح 100%
    الاعتراض: إن النظريات العلمية الطبية أو غيرها مهما بلغت من الدقة والقطع في نظر المختصين إلا أنها تظل محل شك فما علم من استقراء الواقع أن بعض النظريات العلمية من طب وغيرها يظهر مع التقدم العلمي أنها أصبحت ضربا من الخيال بعدما كان الأطباء يجزمون بقطعتيها ...
    الفريق الثاني : يرى أن البصمة قرينة ظنية لا ترقى للقرائن القطعية لأنه عرضة للخطأ فهي خاضعة لتقدير المحكمة ، وذهب لهذا القول كل من العلماء الأجلاء / د / وهبة الزحيلي ، و د/ عمر السبيل ، والعالم د/ أحمد الكبيسي من الإمارات ، ومن المفتين : أحمد الحداد ، ووليد عاكوم من لبنان ، وقال أنها قرينة بسيطة و القاضي عبد الله عبد الواحد ، والقاضي عمر محمد أبو سردانة ... وأدلتهم مايلي :
    1. البصمة ليست دليل شرعي و الفقهاء أقروا أن تحليل الدم في قضايا إثبات النسب ليس من الأدلة الشرعية ، فالأدلة الشرعية هي / الإقرار ، الشهادة، الزوجية القائمة بيت الزوجين ولأنها يمكن الاستفادة من تحليل الدم في نفي البنوة لا إثباتها ، لكن اعترض على هذا الدليل أن القواعد القديمة التي كان يعتمد عليها من طرف المحكمة الشرعية في السابق تعتبر في أغلبها قواعد ظنية مقارنة بالأدلة القاطعة .
    لكن تم الرد على هذا الاعتراض : أن الأصل في الأدلة الشرعية الصحة واليقين لأنها من شرع الله وشرع الله واف غير مشوب بنقص فكم في الأدلة الشرعية شيء من التزوير فإن البصمة الوراثية لا تخلو من التزوير و المطامع الشخصية .
    2. إن رفض تحاليل الحامض النووي في قضايا النسب يأتي بأنه غير معترف به شرعا و أن القائمين على هذه التحاليل لم يصلوا إلى درجة اليقين . لكن اعترض على هذا الدليل بأنه :لا يوجد نص قرآني يمنع أو يحرم استخدام هذه الطرق .
    3. إن فحوصات الحامض النووي أو تحاليل الدم قضايا مختلف فيها ونحن عندنا ثوابت لا يمكن أن نهملها في قضايا العرض لأنها لا تتعلق بالرجل أو المرأة بل بالعائلات و العشائر وتبقى هذه التحاليل عوامل مساعدة تفيد في حالة وجود خصومة ن لكن اعترض عليه : إن الأخذ بأقوال الشهود فقط في حالات البنوة يكون غير منطقي في قضايا إثبات النسب وان هناك مصطلحات شرعية تستخدم في الوقت الحاضر يفترض أن لا تقال و يأخذ بها المشرع ومنه إذا قبل بالتهنئة يعتبر ذلك إقرار منه .
    الفريق الثالث: تعددت أقوالهم بين الفريق الأول والثاني ونعرضهم على النحو التالي :
    1. د / ناصر الميمان : هي قرينة قطعية الإثبات حيث أنها تدل على المطلوب مع احتمال اخطأ نادر جدا فيلزم الأخذ بها في قضايا النسب لأنها شبه قطعية .
    2. د/ محمد رأفت عثمان : يرى أنها قرينة قوية جدا ويرى تقديمها على الشهادة.
    3. د/ عباس أحمد الباز: يرى أنها دليل إثبات للبراءة أو الإدانة أمام القضاء في المحاكم بحكم القطعية .
    4. د/ سعد العنزي : يرى أنها دليل تكميلي ..
    5/ د/ محمد أبو الوفاء محمد أبو الوفاء: يرى أنها قرينة أو دلائل أو أمارات وسماها الدليل الناقص فهي تنشأ احتمال .
    الـــرأي الـــراجــــح : يرى أنها قرينة قوية لا تقدم على أي دليل شرعي آخر ولا يقام بها حكم على استقلال إذا لم تدعهما بيانات أخرى .وترجع أسباب افتقار البصمة الوراثية إلى التأثير في نفسية القاضي إلى أمور منها :
    1.إجراء التحاليل البيولوجية يكون دائما في غياب القاضي وعدم مشاهدته وذلك عكس الشهادة والإقرار و اليمين في أدلة محسوسة ملموسة للعيان مسموعة بالأذنين.
    2. عدم وقوف القاضي على نوعية القائمين في المختبر الجنائي فما الذي يدري القاضي ما ذا يحصل في المعمل الجنائي من نقل وتحليل وفرز العينات مما يدخل الشك في نفسية القاضي على اعتبار أنه هو من أوكلت له مهمة و مسؤولية رد الحقوق إلى أصحابها .
    3. تفوق الأدلة الشرعية التي لا خلاف عليها كالإقرار و الشهادة على قوة البصمة الوراثية فكيف نكذب الشاهد ، والقاعدة تقول متى خلا الدليل من تهمة وريبة في نفس القاضي وجب العمل به ، فقد ورد عن النبي عيسى عليه السلام أنه رأى شخصا يسرق فقال له : لما تسرق ، قال : لم أسرق ، قال له : لقد رأيتك تسرق بعيني ، قال : والله ما سرقت ، قال عيسى : آمنت بالله وكذبت عيني { رواه البخاري برقم 3444 من كتاب أحاديث الأنبياء } والشاهد هنا هو أنه بمجرد ما يحلف الإنسان أمام القاضي فقد إطمن القاضي إلى هذا الحلف لأنه أقسم برب عظيم وانه لقسم لو تعلمون عظيم ، فلماذ لا يصدقه القاضي ؟ .
    أما لو وجدت تهمة أو ريبة أو صلة بين الشاهد وغيره أو المدعي يهدر الدليل الشرعي ولكن الإهدار ليس للدليل وإنما لشخص الشاهد كالمصلحة أو الفسق فالحكم يدور مع العلة وجودا وعدما فقال عمر : "المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظني في ولاء أو قرابة" .
    ملاحظة : إن الأصل في البصمة الوراثية أن نتائجها قطعية يقينية لكن الظروف المحيطة بها من عاملين وأجهزة ومن حيث الناقلين للعينة والقائمين عليها كل ذلك أهدر من قيمتها فمثلا استخلاص الحمض النووي يحتاج إلى سوائل طيارة مثل الكلوروفورم والإيثانول ويستخدم له جهاز يسمى نظام فصل الجهد الكهربائي الكيترفورسيد و تقسيم الاجزاء المتباينة بواسطة تقنية RFLP و الطريق الثانية هي التفاعل النووي المتسلسل PCR تكبير الحمض النووي ....فهي تحتاج إلى جهد مكثف من الخبراء حتى تخرج النتيجة سليمة من الشوائب . مع الإشارة إلى انه قد تم الإجماع على عدم إقامة الحدود بالبصمة الوراثية و هو ماجاء في توصيات الندوة الفقهية الطبية 11 للمنظمة الإسلامية بالكويت ووافق هذه التوصية مجمع الفقه الإسلامي بمكة : ذ لا ما نع شرعا من الاعتماد على البصمة في التحقيق الجنائي و اعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي و لا قصاص " {1}

















    تمهيد: كان من بين الاكتشافات العصرية الحديثة ما يعرف بالحامض النووي أو البصمة الوراثية حيث غير هذا الكشف الجديد بضا من مجريات القضاء في الدول العربية الأمر الذي تسارعت من أجله الندوات والمؤتمرات لدراسة هذه النازلة العصرية الحديثة ، فبعد أن كان العالم بأسره يخضع إلى طريقة واحدة للدلات الوراثية في مجال البحث الجنائي حتى أواخر الستينات التي تعرف بخلايا الدم الحمراء A.B.O تلا هذا الاكتشاف تحليل الحامض النووي على يد العالمين : جيمس واطسون ،وفرانس فريك عام 1953 حيث أصبح بالإمكان التعرف على التركيب الفيزيقي الجزئي للحمض النووي على أنه يتكون من شطرين متوازيين يشكلان معا حلزونا مزدوجا ، ثم تلا هذا الاكتشاف الذي كان مقدمة للكشف عن ما يسمى بالبصمة الوراثية التي اكتشفها الدكتور الانجليزي أليك جيفر عام 1965 الذي توصل في بحثه إلى أن لكل شخص بصمة وراثية خاصة به تميزه عن غيره لا تتطابق إلا في حالة التوائم المتماثلة ، و سجل اختراعه عام 1965 وسماه بالبصمة الوراثية للإنسان تشبيها لها ببصمة الأصابع التي تميز كل إنسان عن غيره .
    مسؤولية الخطأ في البصمة الوراثية :
    إن البصمة الوراثية شأنها كشأن أي تقنية تخضع لسيطرة الإنسان و بالتالي يقع فيها ما كان يفترض أن لا بقع ون ذلك الأخطاء البشرية ،والجدير بالذكر أن الخطأ في البصمة الوراثية كان أول ما تتناوله المجمع الفقهي بمكة المكرمة حيث نسب الخطأ الى القائمين عليها وليس إلى البصمة الوراثية في حد ذاتها حيث جاء فيه ّ وان الخطأ في البصمة الوراثية ليس واردا من حيث هي وإنما الخطأ في الجهد البشري أو عوامل التلوث ونحو ذلك "
    لقد تنبه القليل من العلماء ومجتهدي العصر بخصوص الأخطاء التي قد ترتكب في البصمة الوراثية فهي رغم حداثتها ودقتها إلا أنها تظل عرضة للنتائج المضللة إذا لم تستخدم بدقة ، ومواقع الخطأ تكمن فيمايلي :
    1. مسرح الجريمة : يتعلق مسرح الجريمة بجميع القضايا الجنائية غير الأخلاقية كالقتل و الاغتصاب والزنا واللواط ، فمسرح الجريمة يعتبر الشريان الأول الذي يتغذى منه معمل البصمة الوراثية فإذا تم رفع هذه العينات البيولوجية من موقع الحادث بطريقة خاطئة أو في حال تعرض العينات لتلوثات بيئية كالرطوبة فانه يؤدي إلى فسادها ومنه إلى فقدان الدليل المادي وضياعه بسب عدم الاحتياط .
    2. حقل البصمة الوراثية :" المعمل الجنائي " هذا المخبر يختص بجميع القضايا الجنسية و النسب وكل ما من شأنه أن يزيل الغموض ويمثل الخطأ هنا في فساد العينات وعدم صلاحيتها للتحليل الأخطاء في بطاقات تعاريف الأدلة أو طمس البيانات المدونة...
    آثار الأقدام : إن آثار الأقدام لها أهمية بالغة في التحقيق حيث استخدم القصاص في تتبع الأثر ، وتختلف قيمة اثر القدم الذي يعثر عليه في محل الحادث باختلاف الحالة التي ترك عليها فقد يكون دليلا قاطعا وقد يكون مجرد قرينة ، ويمكن العثور على آثار الأقدام سواء كانت محتذية او غير محتذية في الأماكن التالية :
    1/ الأجسام او السطوح الصلبة الجافة والنظيفة كأرضية خشب او بلاط وتكون القدم ملوثة بمادة ما كالتراب ...
    2/ الأجسام اللينة أو الأسطح اللينة أو الرطبة .
    3/ الأجسام الصلبة الملوثة بالتراب فترسم القدم طابعا عليها على قدر حجمها وشكلها .
    و تبدو لنا أهمية آثار الأقدام في الحقل الجنائي في معرفة الأشخاص الذين كانوا في مسرح الجريمة وقت ارتكابها من حيث أحجام وأثار الأقدام ومعرفة حالة القدم إذا كانت محتذية أو غير محتذية أو ترتدي جواربا أو عادية ، ومعرفة الجاني في العديد من الجرائم حيث يترك الجاني في بعض الأحيان آثار الأقدام، ومعرفة صاحب الأثر بالتقريب حسب حجم القدم كان تكون لطفل ...: ومعرفة اتجاه صاحب الأثر....
    الآثار المادية غير الحيوية/ ذات المصادر الأخرى

    1/ آثار استخدام الأسلحة النارية : إن جرائم استخدام الأسلحة النارية تمثل مجالا هاما في التحقيقات الجنائية ويمكن بواسطة الدراسة الفنية لشواهد حالات استخدام الأسلحة النارية وآثاره ، ويوجد في الوقت الحالي ألاف الأنواع من الأسلحة النارية ، ويرافق كل حادث إطلاق نار خروج عدة نواتج عن فوهة السلاح المستخدم وآثار تصنف الى :
    * الآثار التي تظهر على السلاح المستخدم حيث يجب على خبير السلاح رفع هذه الآثار المتشكلة على السلاح وكذلك شكل البصمات .
    * الآثار التي تظهر على الظرف الفارغ حيث يجب إجراء عملية المسح الشامل لمسرح الجريمة للعثور على الاظرفة الفارغة لتحديد نوع السلاح المستخدم .
    * الآثار التي تظهر على المقذوف حيث أن رؤوس الطلقات غالبا ما يعثر عليها في مسرح الجريمة …
    وهنالك وسائل عديدة للكشف عن الأسلحة النارية إما عن طريق العين المجردة والعدسة المكبرة ، او عن طريق استخدام الأشعة تحت الحمراء او البنفسجية للكشف عن المسحة الرصاصية او ذرات البارود او عن طريق الاختبارات الكيميائية .
    وتظهر الأهمية الفنية الجنائية للكشف عن أثار الأسلحة النارية في : تحديد اتجاه وزاوية الإطلاق ، وتحديد مسافة الإطلاق بطريقة تقريبية ، و تحديد زمن الإطلاق والتعرف على الشخص المستخدم للسلاح هل هو الجاني أو المجني عليه ، ومعرفة نوع السلاح المستخدم .
    و الأسلحة أنواع منها : الاسلحة ذات سبطانة ملساء كبنادق الصيد و تسمى ذخيرتها الخرطوشة ، و أسلحة ذات سبطانة محلزنة كالمسدسات اليدوية والبنادق العسكرية .
    2 / آثــار الآلات : إن الكثير من الجرائم ترتكب بواسطة استخدام الآلات المختلفة كالمفك والمنشار وتستخدم غالبا في تسهيل ارتكاب الجريمة وتوجد هذه الآلات على جسم المجني عليه إذا استخدمت كأداة في الجريمة والآلة هي كل أداة قاطعة أو راضة أو مهشمة أو كاسرة أو ثاقبة و آثار الآلات هي عبارة عن خطوط دقيقة وثنايا عديدة تحدثها الآلة على سطح الجسم وهي :
    1- أثر ضغط الآلة في حالة الضغط على سطح كالمطرقة عند الضرب بها .
    2- أثر نتيجة انزلاقها أو احتكاكها على سطح المواد .
    3 - أثر احتكاكي ترددي في حالة تدوير متكررة كالمبرد ...
    3 / آثار المواد المتفجرة : المتفجرات هي عبارة عن مركبات كيميائية أو مخلوط من عدة مركبات من خصائصها الاحتراق السريع تحت تأثيرات معينة لتعطي كميات هائلة من النواتج في لحظة قياسية تصل الى أجزاء المليون من الثانية وقوة ضغط عالية مصحوبة بدرجة حرارة عالية و أهداف معرفة الانفجارات النارية في المجال الجنائي هي :
    * الانفجارات التي توجه ضد الافرلد : تاخذ في الغالب شكل الطرود او خطاب ملغوم او عبوة ناسفة بأماكن خفية في سيارة المجني عليه مثلا .
    * الإنفجارات ضد الممتلكات : كالمباني والمنشئات الحيوية وتؤدي في الغالب الى وفيات غير مححدة .
    * الإنفجارات ضد وسائل النقل : كالطائرات وحوادث انفجار وسقوط الطائرات يكتنفها في الغالب الغموض ...، وهنالك طرق فنية معينة لمعرفة نوع المواد المتفجرة وحجمها ...
    4/ أثار الزجاج : كثيرا ما يصاحب بعض الجرائم وجود قطع زجاج في مسرح الحادث ناتجة عن كسر الزجاج وقد توجد على ملابس الجاني او المجني عليه ، والزجاج أنواع أهمها :
    1. الزجاج العادي : على هيئة ألواح زجاجية يستخدم في النوافذ والأبواب
    2. زجاج السيارات وهو على نوعين : الأول زجاج تربلكس وهو من الانواع الآمنة ، وزجاج من النوع الذي يتفتت الى أجزاء صغيرة في حالة المصادمة والنوع الثالث هو الذي يستخدم لأغراض خاصة .وهناك طرق لإجراء مضاهاة على الزجاج منها :
    طريقة الملائمة وطريقة التحليل الطيفي باستخدام الاسبطتروجراف ، وطريقة تعين معامل الانكسار وهو بمثابة البصمة لكل لوح زجاج و طريقة تعين الوزن النوعي واستخدام الأشعة...
    * الأهمية الفنية لآثار الزجاج في المجال الجنائي :
    1. التعرف على المجرمين عن طريق الربط بين المشتبه فيه بفحص أثار تهشم الزجاج الموجود على جسمه او ملابسه او سيارته ومقارنة هذه الاثار نع الاثار الموجودة في مسرح الحادث بالطرق العلمية المتعارف عليها .
    2. التعرف على الإصابات النارية على الألواح الزجاجية.
    3. تحديد زاوية الإطلاق واتجاه سير المقذوف الناري عموديا او مائلا.
    4. ترتيب التسلسل الزمني للاطلاق في حالة وجود اكثر من طلقة .
    5 / آثار السيارات : قد تكون السيارة أداة للجريمة او لنقل المجرمين ... وتتكون اثار السيارات في مسرح الحادث عادة من اثار الإطارات المطبوعة على الأرض او على الأشياء الاخرى واثار الاصطدام وبقايا الزجاج و اثار الزيت المتساقطة منها ...وكل هذا يسعد على :
    تحديد حجم السيارة ونوعها ، ومعرفة الظروف المناخية التي ارتكبت فيها الجريمة ، ومعرفة اتجاه المركبة على وجه التقريب إن كانت قادمة من الأمام او من الخلف ،وتحديد السرعة...
    6 / آثار الملابس : إن الملابس جزء هام من عمل الطب الشرعي لذلك لا بد من التحفظ على الملابس التي لها علاقة بالجريمة وإرسالها الى المختبر الجنائي ، حيث يجب خلعها من على الجسم بكل أمانة ودقة دون إحداث أي تمزقات بها ، وإذا كانت مبللة بالدماء يجب تركها لتجف تم تطوى بكل عناية ، والملابس تساعد على معرفة هوية الشخص المجهول فقد يعثر بها على ما يدل على هويته... كمعرفة جنسيته والعلامات المميزة الموجودة على الملابس ومعرفة نوع الحادث ...



    خاتمة :[FONT=Andalus] رغم ما وصل إليه الإنسان من ثورات علمية و صلت إلى فضاء السماء فإن العزيز الحكيم يقول :{وما أو تيتم من العلم إلا قليلا } وذلك حتى يعلم الإنسان أن ما وصل إليه من اختراعات و اكتشافات علمية هي بفضل القوي العزيز {وما بكم من نعمة فمن الله } وأن ما وصل إليه الإنسان من علوم حديثة و إبتكارات عصرية بفضل الله لا تساوي في الحقيقة شيئا مما استأثر به الله عزوجل في علم الغيب عنده { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو } ، { وفوق كل ذي علم عليم } فوق كل عالم عالم إلى أن ينتهي العلم إلى الله تعالى الذي هو فوق كل عالم فسبحان الذي خلق فأحسن وسبحان الذي صنع فأتقن وعلم الإنسان ما لم يعلـم

    المصدر: شبكة عالم الجزائر -

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق الاثبات الحديثة Empty رد: طرق الاثبات الحديثة

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة أبريل 23, 2010 11:37 pm

    تحليل البصمة الوراثية Dna بين حكم الشرع والقانون فى اثبات وانكار النسب
    ) إثبات النسب :-
    القاعدة في إثبات النسب أنه إذا
    استند إلى زواج صحيح أو فاسد فيجب لثبوته أن يكون الزواج ثابت لا نزاع فيه
    سواء كان الإثبات بالفراش أو الإقرار أو البينة الشرعية ...))
    حكم صادر في الطعن رقم 25 لسنة 46 ق أحوال شخصية لجلسة 31/5/1978 من محكمة النقض
    كما قضت محكمة النقض في حكم آخر لها (( من الأصول المقررة في فقة الشريعة
    الإسلامية و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن النسب يثبت بالفراش الصحيح
    و هو الزواج الصحيح وما يلحق به و هو المخالطة بناء على عقد فاسد أو شبهه
    كما أن المقرر في الفقه الحنفي أن الزواج الذي لا يحضره شهود هو زواج فاسد
    يترتب عليه أثار الزواج الصحيح ومنها ثبوت النسب بالدخول الحقيقي ))
    الحكم الصادر في الطعن رقم 100 لسنة 55 ق جلسة 27/5/1986
    فالقانون المصري و القضاء المصري مستقران على أن النسب لا يثبت إلا
    بالفراش الصحيح و هو الزواج الصحيح و الزواج الفاسد و الوطء بشبهه . كما
    هو في الشريعة الإسلامية ، فقضت محكمة النقض (( الزواج الذي لا يحضر شهود
    هو زواج فاسد تترتب عليه أثار الزواج الصحيح ومنها النسب بالدخول الحقيقي
    ))
    طعن 14/33 ق جلسة 7/12/1966
    تحليل البصمة الوراثيةdna
    و دوره في إثبات النسب و إنكاره
    أولاً : وجه الاعتراضات على استخدام تحليل Dna في إثبات النسب :-
    (1) مع وصول العلم يوماً بعد يوم إلى التقدم و إمكانية معرفة تحليل البصمة
    الوراثية Dna من خلال خريطة الجينات العالمية إلى معرفة نسب الشخص لأبيه و
    لأمه .
    الأمر الذي جعل البعض عن جهل بأحكام الشريعة الإسلامية
    بالمناداة بإثبات نسب الابن لأبيه عن طريق تحليل Dna بغض النظر عما قررته
    الشريعة الإسلامية و القوانين الوضعية المأخوذة عن الشريعة الإسلامية . من
    أحكام بشأن إثبات النسب و نتسائل هل إذا بلغ العلم ووصل على نتيجة معينة
    أو حتميه في أمرها هل هذا يغني عن النص الشرعي .
    فيجب أن نفرق بين علة
    النص و الحكمة فيه فيلزم لترتيب الحكم وجود العلة و لو لم يتوافر الحكمة
    فمثال ذلك رخص القرآن الكريم للمسافر و المريض الإفطار و العلة الموجبة
    لترتيب الحكم هو المرض أو السفر لكن ما هي الحكمة من هذا هل هو المشقة في
    الامتناع عن الطعام و الشراب فالآن وصل العلم إلى العديد من الوسائل التي
    تربط بين البلاد و بعضها و يكون للفرد أن يكون في دولة و بعد ساعة في دولة
    أخرى و براحة كاملة دون مشقة و عناء فهل يعفي من تطبيق الرخصه بالطبع لا.
    كذلك عدة المرأة فهي تختلف في مدتها عما إذا كانت من طلاق أو وفاة عما إذا كانت المرأة حامل .
    و لم يصل العلم حتى الآن إلى الحكمة من اختلاف مدة عدة المرأة باختلاف الحالة التي عليها طلاق أو حمل أو وفاة .
    فهل إذا وصل العلم لحكمتها يغني هذا عن النص .
    و على ضوء هذا و حول ما يطالب به البعض من إعمال تحليل Dna لمعرفة النسب و مطالبة تشريع قانوني بهذا هو أمر يخالف الشريعة .
    و يكفي أن ننوه أنه في مسألة النسب وفق للعلم المحدود فإن النسب يترتب
    عليه تحريم الزواج من الأقارب بالنسب و المصاهرة على النحو المبين
    بالشريعة الإسلامية .
    و قد وصل العلم مؤخراً إلى أن زواج الأقارب يؤدي إلى بعض الأمراض الوراثية و غير الوراثية تلحق بالصغار و لاسيما الأمراض العقلية .
    فماذا الحال لو خرج القانون عن أحكام النسب التي قررتها الشريعة الإسلامية
    سيؤدي هذا في النهاية إلى اختلاط الأنساب و بالتبعية تكون هناك زيجات
    محرمة نتيجة خلط الأنساب و بالعكس زيجات شرعها الله ستحرم نتيجة اختلاط
    الأنساب لو استخدمنا تحليلdna تحديد الأنساب دون الأخذ بأحكام الشريعة
    الإسلامية .
    (2) فالشريعة الإسلامية حددت على سبيل الحصر الحالات التي
    يتم بها ثبوت النسب و لا يجوز الخروج عليها بأي حال من الأحوال على النحو
    آنف الذكر .
    (3) كذلك كثيراً من النظريات العلمية التي كان يسير عليها
    الناس لعدة مئات السنين ثم ثبت بعد ذلك عدم صحتها . فالعلم يتقدم و يتغير
    بتغير الزمن فماذا يكون الحال لو ثبت بعد زمن قريب أو بعيد فشل تحليل Dna
    كوسيلة لاثبات النسب فماذا سيكون الحال بعد أن تكون الأنساب قد اختلطت
    بعضها البعض .
    فلا يجب أن نخرج عما قرره الشرع لمجرد وصول العلم إلى
    مسألة ما . فقال تعالى { َمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }
    الإسراء الآيه 85 ومن جهة أخرى أن تحليل Dna هو تحليل كيميائي و القائم به
    البشر والبشر عرضه للخطأ و النسيان فماذا لو تم الاعتماد عليه منفرداً في
    تقرير النسب من عدمه ، و أخطأ من قام بإجرائه .
    و من جهة ثالثة سينفتح
    هذا الباب من الفتنة و الفساد سيسمح للزناه المطالبة بتقرير حق النسب
    لمجرد أن التحليل الكيميائي يمكن الوصول لوالد الطفل و يقضي بالتبعية على
    العلاقات الشرعية التي رسمها الشرع ففي أوروبا و أمريكا الآن طالب الشواذ
    بقوانين تحميهم وتقنن وضعهم و سايرتهم حكوماتهم مما تفشى في تلك البلاد
    سوء الأخلاق و الرذيلة و تفشت الأوبئة و الأمراض لديهم لخروجهم على
    القواعد و الأصوليات التي رسمها الله للإنسان .
    ثانياً : متى يجوز استخدام تحليل Dna - كوسيلة
    إثبات - في إنكار النسب بشكل يتفق مع الشريعة
    كما ذكرنا آنفاً في المبحث الثاني أن حالات إنكار النسب في الشريعة الإسلامية محددة على سبيل الحصر .
    فالزوج الذي ينكر نسب ابنه إنما هو يقذف المحصنات و هناك حد وجزاء للقاذف
    فقررت الشريعة الإسلامية اللعان بين الزوجين في حالة إذا رأي الزوج على
    زوجته فعل الزنا و لم يكن لديه الدليل أربعة شهود عدل فقررت الشريعة له أن
    يلاعنها و بعد اللعان لا يثبت النسب للولد للزوج الملاعن لزوجته و يثبت
    النسب للزوجة فقط .
    و نرى أنه لماذا لا يستخدم هذا التحليل (( Dna))
    بعد أن يلاعن الزوج زوجته و يخضع لإجراء التحليل لمعرفة من أب الولد وذلك
    فقط فى حالة الإنكار كما هو الحال فى استخدام القيافه لدى السلف فى تحديد
    النسب كإستثناء فى بعض الحالات النادرة.
    فإذا ما وصل التحليل إلى أن
    الابن لأبيه بالفعل يبقى نسبه لأبيه باعتبار أن في هذه المسألة خير و نفع
    و لا ضرر فيه بل سيساعد هذا الأمر على الزوج أن يفكر و يعاود نفسه قبل أن
    يلاعن زوجته و لا يلجأ إلى الملاعنة إلا إذا رأى فعلاً بكلتا عينيه على
    زوجته فعل الزنا فلا يلجأ إلى الملاعنة و نفى نسب الولد إليه من زوجته
    لمجرد الشك فقط دون القطع و اليقين .
    كما أن في تطبيق الملاعنة و
    اللعان قد يكون في وقت كانت فيه الزوجة حاملاً من زوجها بالفعل إلا أنها
    ارتكبت الفاحشة من بعد ذلك أي بعد حملها وأثنائه .
    فإن كان من حق
    الزوج أن يلاعنها لارتكابها فعل الزنا فإن من حق ابنه أن ينسب إليه إذا تم
    التأكد بالفعل من نسب الابن إليه و هذا متحقق الآن من خلال اا؟لإستئناس
    والإستدلال بتحليل البصمة الوراثية . منقول
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق الاثبات الحديثة Empty رد: طرق الاثبات الحديثة

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة أبريل 23, 2010 11:39 pm

    البصمة الوراثية
    د. عبدالرحمن عبدالله

    إن من نوازل العصر ما يُسمى بالبصمة الوراثية, والبصمة هي: "أثر الختم بالإصبع", وبصمَ بَصماً إذا ختَم بطرف إصبعه كما في المعجم(1), فالبصمة عند الإطلاق ينصرف مدلولها إلى بصمات الأصابع, وهي الإنطباعات أو الآثار التي تتركها الأصابع عند ملامستها سطحاً مصقولاً, وهي لا تتشابه إطلاقاً حتى في أصابع الشخص الواحد, وتتكون كل بصمة من وحدات كيميائية ذات شقين محمولة في المورثات, وموزعة بطريقة مميزة, تفرق بدقة بارعة كلَّ فرد من الناس عن الآخر, وتتكون البصمة منذ فترة الانقسام في البويضة الملقحة, وتبقى كما هي حتى بعد الموت, ويرث كل فرد أحد شقي البصمة من الأب والآخر من الأم, بحيث يكون الشقان بصمة جديدة, ينقل الفرد أحد شقيها إلى أبنائه وهكذا.
    كما أن الحامض النووي(dna) يعتبر بصمة جينية لا تتكرر من إنسان إلى آخر بنفس التطابق. وهي تحمل كل ما سوف يكون عليه هذا الإنسان من صفات وخصائص, منذ التقاء الحيوان المنوي للأب ببيضة الأم وحدوث الحمل.
    وعلماء الطب الحديث يرون أنهم يستطيعون إثبات الأبوة أو البنوة لشخصٍ ما أو نفيهما عنه من خلال إجراءات الفحص على جيناته الوراثية, فقد دلت الأبحاث الطبية التجريبية على أن نسبة النجاح في إثبات النسب أو نفيه عن طريق البصمات الوراثية يصل في حالة النفي إلى حد القطع, أي: بنسبة 100% أما في حالة الإثبات فإنه يصل إلى قريب من القطع وذلك بنسبة 99% تقريباً.
    مجالات استخدام البصمات الوراثية:

    ويمكن استخدام البصمات الوراثية في مجالات كثيرة ترجع في مجملها إلى مجالين رئيسين هما:
    الأول: المجال الجنائي: وهو مجال واسع يدخل ضمنه الكشف عن هوية المجرمين في حالة ارتكاب جناية ما, أو في حالة انتحال شخصيات الآخرين, ونحو ذلك من المجالات الجنائية.
    الثاني: مجال النسب: وذلك في حالة الحاجة إلى إثبات البنوة أو الأبوة لشخص أو نفيهما عنه, وفي حالة اتهام المرأة من وطء شبهة أو زنا.
    حكم استخدام البصمة الوراثية في نفي النسب:

    أما حكم استخدام البصمة الوراثية في نفي النسب, فإن الشريعة الإسلامية جاءت بطرق معتبرة لإثبات النسب, وهي: الفراش, أو الإقرار, أو البينة, أو القيافة, ولا يجوز نفيه أو إبطاله مهما ظهرَ من أَمارات قد تحمل عليه أو قرائن قد تدل عليه, لأن الشارع الحكيم يحتاط للأنساب, ويتشوّف إلى ثبوتها, ويكتفي في إثباتها بأدنى سبب, فإذا ما ثبت النسب فإنه يتشدد في نفيه, ولا يحكم به إلا بأقوى الأدلة, قال ابن قدامة رحمه الله: "فإن النسب يحتاط لإثباته ويثبت بأدنى دليل, ويلزم من ذلك التشديد في نفيه وأنه لا ينتفي إلا بأقوى الأدلة"(1).
    ومن تشديد الشارع الحكيم في نفي النسب بعد ثبوته أنه حصر نفيه بطريق واحد هو اللِّعان, واشترط لإقامته شروطاً كثيرة تحد من حصوله وتقلل من وقوعه, وبناء على ذلك فإنه لا يجوز استخدام البصمة الوراثية في نفي نسب ثابت, كما لا يجوز الاكتفاء بالبصمة الوراثية عن اللِّعان في نفي النسب بمقتضى نتائجها الدالة على انتفاء النسب بين الزوج والمولود على فراشه, وذلك لأن اللعان حكم شرعي ثابت بالكتاب والسنة والإجماع, وله صفة تعبدية في إقامته, فلا يجوز إلغاؤه وإحلال غيره محله أو قياس أي وسيلة عليه مهما بلغت من الدقة والصحة في نظر المختصين بها, وإن كان بعض الفقهاء المعاصرين قد ذهبوا إلى جواز الأخذ بالبصمة الوراثية والاكتفاء بها عن اللِّعان إذا دلت نتائجها على انتفاء النسب بين الزوج والمولود على فراشه.
    ومع التقدير للقائلين بهذا القول فإن فيه من المصادمة للنصوص الشرعية, والجَرَأءَةُ على إبطالها وإلغاء العمل بها, ما يحمل على رد هذا القول وعدم وذلك؛ لأن الأحكام الشرعية الثابتة لا يجوز إلغاؤها أو إبطال العمل بها إلا بنص شرعي يدل على ذلك. بل لو أقرت الزوجة بصدق زوجها فيما رماها به من الفاحشة فإن النسب يلحق الزوج, لقوله (: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"(2), ولا ينتفي عنه إلا باللِّعان(3).
    هذا ومع أنه لا يجوز الاكتفاء بالبصمة الوراثية عن اللعان, فإنه يحسن الاستعانة بها على اعتبار أنها قد تحمل الزوج على العدول عن اللعان, فيما إذا ثبت من خلال نتائج البصمة الوراثية أن المولود على فراشه هو ابنه قد تخلق من مائه, وهذه مصلحة شرعية يدعو إليها الشرع المطهر ويتشوف إليها, لما فيها من تأكد للأصل الشرعي, وهو: أن الولد للفراش, ولما فيها من درء مفسدة اللّعان وضرره, فإن أصرَّ الزوج على طلب اللعان للانتفاء من نسب المولود على فراشه فذلك حق له لا يجوز منعه, بناءً على ما ظهر من نتائج البصمة الوراثية من كون المولود المراد نفيه هو ابنه.
    وقد ذكر أحد القُضاة في محكمة الرياض الكبرى أن شخصاً تقدم بطلب الّلعان من زوجته للإنتفاء من بنتٍ ولدت على فراشه, فأحال القاضي الزوجين مع البنت إلى الجهة المختصة بإجراء اختبارات الفحص الوراثي، فجاءت نتائج الفحص بإثبات أبوة هذا الزوج للبنت إثباتاً قاطعاً، فكان ذلك مدعاة لعدول الزوج عن الّلعان, وزوال ما كان في نفسه من شكوك في زوجته, كما زال أيضاً بهذا الفحص الحرج الذي أصاب الزوجة وأهلها جراء سوء ظن الزوج، فتحقق بهذا الفحص مصلحة عُظمى يتشوف إليها الشارع الحكيم ويدعو إليها.
    حكم استخدام البصمة الوراثية في إثبات النسب:

    أما عن حكم استخدام البصمة الوراثية في إثبات النسب، فنظراً لتشوُّف الشارع الحكيم إلى ثبوت النسب وإلحاقه بأدنى سبب، فإن الأخذ بالبصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات التي يجوز فيها الحكم بثبوت النسب بناءً على قول القافة أمر ظاهر الصحة والجواز، وذلك لأنه إذا جاز الحكم بثبوت النسب بناءً على القافة، والقائف في اصطلاح الشرع: "الذي يعرف النسب بفراسته ونظره إلى أعضاء المولود" والقيافة عند القائلين بها في إثبات النسب إنما تستعمل عند عدم الفراش والبينة وحال الاشتباه في نسب المولود والتنازع عليه, فيعرض على القافة فمن ألحقته به القافة ألحق به.
    فإذا جاز الحكم بثبوت النسب بناءً على قول القافه فإن الأخذ بنتائج الفحص بالبصمة الوراثية والحكم بثبوت النسب بناءً على قول خبراء البصمة الوراثية أقل أحواله أن يكون مساوياً للحكم بقول القافة, إن لم تكن البصمة أولى بالأخذ بها؛ لأن البصمة الوراثية يُعتمد فيها على أدلة خفية محسوسة, عُلم بالتجارب العلمية صحة نتائجها الدالة على وجود الشَّبه والعلاقة النسبية بين اثنين أو نفيه عنهما, مما يُحمل على الحكم بمشروعية الأخذ بها في مجال إثبات النسب في الحالات التي يجوز الحكم فيها بقول القافة قياساً عليها. ولما في الأخذ بالبصمة الوراثية في مجال إثبات النسب من تحقيق مصلحة ظاهرة كَتشوُّف الشارع الحكيم إلى اتصال الأنساب, وعدم انقطاعها, ولهذا اكتفى في ثبوتها بأدنى الأسباب.
    ولذلك جاء في توصية ندوة الوراثة والهندسة الوراثية ما نصه: "البصمة الوراثية من الناحية العلمية وسيلة لا تكاد تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية والتحقق من الشخصية ولاسيما في مجال الطب الشرعي, وهي ترقى إلى مستوى القرائن القوية التي يأخذ بها أكثر الفقهاء في غير قضايا الحدود الشرعية, وتمثل تطوراً عصرياً عظيماً في مجال القيافة الذي يذهب إليه جمهور الفقهاء في إثبات النسب المتنازع فيه، ولذلك ترى الندوة أن يؤخذ بها في كل ما يؤخذ فيه بالقيافة من باب أولى"(4).
    وبناءً على ذلك فإنه يمكن الأخذ بالبصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات التالية:
    أولاً: حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء.
    ثانياً: حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية المواليد والأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.
    ثالثاً: حالات ضياع الأطفال واختلاطهم بسبب الحوادث والكوراث وتعذر معرفة أهليهم، وكذا عند وجود جثث لم يتمكن من معرفة هويتها بسبب الحروب أو غيرها.
    ومما يجدر أن ننبه إليه أن النسب إذا ثبت بإحدى الطرق الشرعية فإنه لا يجوز نفيه ألبتة إلا عن طريق الِّلعان للأدلة الدالة على ذلك، وأيضاً دلت قواعد الشرع على أنه لا يجوز محاولة التأكد من صحة النسب بعد ثبوته شرعاً، وذلك لاتفاق الشرائع على حفظ الضروريات للحياة الإنسانية, ومنها: حفظ النسب والعرض، ولما جاءت به الشريعة المباركة من جلب للمصالح ودرء للمفاسد؛ ولأن في محاولة التأكد من صحة الأنساب الثابتة قدح في أعراض الناس وأنسابهم؛ ولما يؤدي إليه من مفاسد فإنه يمنع شرعاً.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل من بني فزارة إلى رسول الله ( فقال: ولدت امرأتي غلاماً أسود, وهو حينئذ يُعرِّضُ بنفيه. فقال له النبي (: "هل لك من إبل؟" قال: نعم، قال: "فما ألوانها؟"، قال: حمر. قال: "هل بها من أَورق؟"، قال: نعم، قال: "فأنى أتاها ذلك؟"، قال: عسى أن يكون نزعه عرق, قال "فهذا عسى أن يكون نزعه عرق"(5).
    فقد دل الحديث على أنه لا يجوز نفي النسب بعد ثبوته مهما ظهر من أمارات وعلامات تدل عليه، يقول ابن القيم رحمه الله: "إنما لم يعتبر الشبه ههنا لوجود الفراش الذي هو أقوى منه"(6).
    فإذا كان لا يجوز نفي النسب بعد ثبوته بغير الِّلعان, فإنه لا يجوز أيضاً استخدام أي وسيلة قد تدل على انتفاء النسب ونفيه عن صاحبه, لأن الوسائل لها حُكم الغايات، فما كان وسيلة لغايةٍ محرمة, فإن الوسيلة تكون محرمة، وعلى الجهات المسؤولة منع ذلك والحيلولة دون حصوله, صيانة لأنساب الناس وأعراضهم, ودرءاً للمفاسد والأضرار عنهم.
    مدى مشروعية استخدام البصمة في المجال الجنائي:
    أما عن مدى مشروعية استخدام البصمة الوراثية في المجال الجنائي، فالبصمة الوراثية تدل على هوية كل إنسان بعينه, وهي أفضل وسيلة للتحقق من الشخصية، ومعرفة الصفات الوراثية المميزة للشخص عن غيره, عن طريق الأخذ من أي خلية من خلايا جسم الإنسان من الدم أو اللعاب أو المني أو البول أو نحو ذلك.
    والاستدلال من خلال نتيجة البصمة الوراثية على مرتكبي الجرائم, ومعرفة الجناة عند الاشتباه، سواء كانت جريمة زنا, أو قتل, أو سرقة, أو حرابة, أو انتحال لشخصيات الآخرين, أو غير ذلك من أنواع الجرائم، فإنه كما يرى المختصون يمكن الاستدلال عن طريق البصمة الوراثية على مرتكب الجريمة والتعرف على الجاني الحقيقي من بين المتهمين من خلال أخذ ما يسقط من جسم الجاني في محل الجريمة وما حوله، وإجراء تحاليل البصمة الوراثية على تلك العينات المأخوذة، ومن ثم مطابقتها على البصمات الوراثية للمتهمين بعد إجراء الفحوصات المخبرية على بصماتهم الوراثية. فعند تطابق نتيجة البصمة الوراثية, للعينة المأخوذة من محل الجريمة مع نتيجة البصمة الوراثية لأحد المتهمين فإنه يكاد يُجزم بإنه مرتكب الجريمة دون غيره من المتهمين.
    وبناءً على ما ذكر عن حقيقة البصمة الوراثية, فإن استخدامها في الوصول إلى معرفة الجاني والاستدلال بها كقرينة من القرائن المعينة على اكتشاف المجرمين, وإيقاع العقوبات المشروعة عليهم في غير قضايا الحدود والقصاص, أمر ظاهر الصحة والجواز للأدلة الشرعية الكثيرة من الكتاب والسنة على جواز الأخذ بالقرائن, والحكم بالبصمة الوراثية في المجال الجنائي في غير قضايا الحدود والقصاص, هو ما ذهب إليه الفقهاء في المجامع والندوات العلمية الشرعية التي تم بحث هذه المسألة فيها.
    البصمة الوراثية لا يثبت بها حد ولا قصاص:
    أما أنه لا يثبت بموجبها حد ولا قصاص فلأمرين:
    الأول: لأن الحد والقصاص لا يثبت إلا بشهادة أو إقرار دون غيرهما من وسائل الإثبات عند كثير من الفقهاء.
    الثاني: لأن الشارع الحكيم يتشوف إلى درء الحد والقصاص, فهما يُدرءان بأدنى شبهة أو احتمال, والشبهة في البصمة الوراثية ظاهرة لا في إثبات هوية صاحب البصمة, فإن البصمة الوراثية تثبت بيقين هوية صاحب الأثر، لكنها ظنية عند تعدد أصحاب البصمات على الشيء الواحد، أو وجود صاحب البصمة قَدراً في مكان الجريمة قبل أو بعد وقوعها, أو غير ذلك من أوجه الظن المحتملة.
    المستند الشرعي لجواز الأخذ بالبصمة في المجال الجنائي:

    أما المستند الشرعي لجواز الأخذ بالبصمة الوراثية في المجال الجنائي, فلأنها وسيلة لغاية مشروعية, والقاعدة الشرعية تقول: "إن الوسائل لها حكم الغايات"، ولما في الأخذ بها من تحقيق لمصالح كثيرة, ودرء لمفاسد ظاهرة, ومبنى الشريعة على قاعدة الشرع الكُبرى: (جلب المصالح ودرء المفاسد)، وأخذاً بما ذهب إليه جمهور الفقهاء من مشروعية العمل بالقرائن والحكم بمقتضاها، وعملاً بما دَرج عليه الولاة والقضاة, من عهد الصحابة ومن بعدهم في عصور الإسلام إلى يومنا هذا, من استظهار للحق بالقرائن والحكم بموجبها, كما قال ابن القيم رحمه الله: "ولم يزل حذاق الحكام والولاة يستخرجون الحقوق بالفراسة والأمارات، فإذا ظهرت لم يقدموا عليها شهادة تخالفها ولا إقراراً"(7)
    السبب في عدم الأخذ بالبصمة الوراثية في الحدود والقصاص:

    والقول بعدم الأخذ بالبصمة الوراثية في الحدود والقصاص هو قول جمهور الفقهاء, وبينا السبب في عدم مشروعية الأخذ بالبصمة الوراثية في الحدود والقصاص, وذلك لأن الحدود والقصاص لا تثبت إلا بشهادة أو إقرار دون غيرهما من وسائل الإثبات, عند كثير من الفقهاء.
    الأخذ بالبصمة الوراثية في قضايا الحدود والقصاص في رأي بعض الفقهاء:

    إلا أنه يمكن القول بمشروعية الأخذ بالبصمة الوراثية في قضايا الحدود والقصاص بناءً على ما ذهب إليه بعض الفقهاء من جواز إثبات بعض الحدود والقصاص بالقرائن والأمارات الدالة على موجبها, وإن لم يثبت ذلك بالشهادة أو الإقرار ومن ذلك:
    أولاً: إثبات حد الزنا على المرأة الحامل, إذا لم تكن ذات زوج ولا سيد, وهو مذهب المالكية والحنابلة في رواية عن الإمام أحمد فهنا إثبات لحد الزنا بغير إقرار أو شهادة.
    ثانياً: إثبات حد الزنا على المرأة الملاعنة, عند نكولها عن اللعان, عند المالكية والشافعية والظاهرية وقول للحنابلة اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
    ثالثاً: إثبات حد الخمر على من وجد منه رائحته أو تقيأه, وهو مذهب المالكية والحنابلة في رواية عن الإمام أحمد.
    رابعاً: إثبات حد السرقة على من وجد عنده المال المسروق.
    خامساً: ثبوت القصاص على من وجد وحده قائماً وفي يده سكين عند قتيل يتشحط في دمه.
    فلو قيست البصمة الوراثية على هذه المسائل التي أثبت بعض العلماء فيها الحد والقصاص من غير شهود ولا إقرار وإنما أخذاً بالقرينة وحكماً بها, لم يكن الأخذ عندئذ بالبصمة الوراثية والحكم بمقتضاها في قضايا الحدود والقصاص بعيداً عن الحق ولا مجانباً للصواب فيما يظهر قياساً على تلك المسائل؛ لا سيما إذا حَفَّ بالقضية أو الحال من قرائن الأحوال ما يؤكد صحة النتائج قطعاً لدى الحاكم، يقول ابن القيم رحمه الله: "فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان فثم شرع الله ودينه، والله سبحانه أعلم وأحكم وأعدل أن يمضي طرق العدل وأماراته وأعلامه بشيء ثم ينفي ما هو أظهر منها وأقوى دلالة وأبين أمارة, فلا يجعله منها ولا يحكم عند وجودها وقيامها بموجبها بل قد بين سبحانه بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة العدل بين عباده, وقيام الناس بالقسط. فأي طريق استخراج بها العدل والقسط فهي من الدين ليست مخالفة له"(Cool.
    وقال رحمه الله: "وقد حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه والصحابة معه برجم المرأة التي ظهر بها حمل ولا زوج لها ولا سيد, وذهب إليه مالك وأحمد في أصح روايتيه اعتماداً على القرينة الظاهرة".
    وحكم عمرو ابن مسعود رضي الله عنهما ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة بوجوب الحد برائحة الخمر من فيِّ الرجل أوقيئة خمر؛ اعتماداً على القرينة الظاهرة. ولم يزل الأئمة والخلفاء يحكمون بالقطع إذا وجد المال المسروق مع المتهم, وهذه القرينة أقوى من البينة والإقرار, فإنهما خبران يتطرق إليهما الصدق والكذب، ووجود المال مع نص صريح لا يتطرق إليه شبهه، وهل يشك أحد رأى قتيلاً يشحط في دمه وآخر قائم على رأسه بالسكين أنه قتله لاسيما إذا عرف بعدواته انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.
    وإذا صحَّ قياس البصمة الوراثية على تلك المسائل وانسحب عليها الخلاف الحاصل في تلك المسائل، سوغ للحاكم عندئذ أن يحكم بأي القولين ترجح عنده بحسب ما يحف بالقضية من قرائن قد تدعوه إلى اثبات الحد أو القصاص بها، فحكم الحاكم بأي قول من القولين يرفع الخلاف الحاصل كما هو إجماع العلماء، ولا لوم على القاضي في الحكم بأحد القولين إذا تحرى واجتهد في معرفة الحق، ونظر في جميع القرائن والأصول ثم حكم بعد التأمل والنظر، بل هذا هو الواجب والمتعين على الحاكم.
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق الاثبات الحديثة Empty رد: طرق الاثبات الحديثة

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة أبريل 23, 2010 11:44 pm

    جامعة بيروت الإسلامية
    كلية الشريعة




    محاضرة بعنوان


    البصمة الوراثية








    يلقيها فضيلة


    الشيخ الدكتور محمد أنيس الأروادي















    بسم الله الرحمن الرحيم


    البصمة الوراثية


    ما هي البصمة الوراثية ...........
    بداية ما هو الـ "DNA"؟
    "(DNA)"هي المادةالوراثية الموجودة في خلايا جميع الكائنات الحية"، وهي التي تجعلك مختلفًا، إنهاالشيفرة التي تقول لكل جسم من أجسامنا: ماذا ستكون؟! وماذا ستفعل عشرة ترليونات(مليون مليون) من الخلايا؟!.
    وطبقًا لما ذكره العالمان: "واطسون" و "جريج" في عام 1953 فإن جزيء الحمض النووي "(DNA)" يتكون من شريطين يلتفان حول بعضهما علىهيئة سلم حلزوني، ويحتوي الجزيء على متتابعات من الفوسفات والسكر، ودرجات هذا السلمتتكون من ارتباط أربع قواعد كيميائية تحت اسم أدينينA ، ثايمين T، ستيوزين C،وجوانين G، ويتكون هذا الجزيء في الإنسان من نحو ثلاثة بلايين ونصف بليونقاعدة.
    كل مجموعة ما من هذه القواعد تمثل جينًا من المائة ألف جين الموجودةفي الإنسان، إذًا فبعملية حسابية بسيطة نجد أن كل مجموعة مكونة من 2.200 قاعدة تحملجينًا معينًا يمثل سمة مميزة لهذا الشخص، هذه السمة قد تكون لون العين، أو لونالشعر، أو الذكاء، أو الطول، وغيرها (قد تحتاج سمة واحدة إلى مجموعة من الجيناتلتمثيلها).

    اكتشاف البصمة الوراثية:

    لم تُعرَف البصمة الوراثية حتى كانعام 1984 حينما نشر د. "آليك جيفريز" عالم الوراثة بجامعة "ليستر" بلندن بحثًا أوضحفيه أن المادة الوراثية قد تتكرر عدة مرات، وتعيد نفسها في تتابعات عشوائية غيرمفهومة.. وواصل أبحاثه حتى توصل بعد عام واحد إلى أن هذه التتابعات مميِّزة لكلفرد، ولا يمكن أن تتشابه بين اثنين إلا في حالات التوائم المتماثلة فقط؛ بل إناحتمال تشابه بصمتين وراثيتين بين شخص وآخر هو واحد في الترليون، مما يجعل التشابهمستحيلاً؛ لأن سكان الأرض لا يتعدون المليارات الستة، وسجل الدكتور "آليك" براءةاكتشافه عام 1985، وأطلق على هذه التتابعات اسم "البصمة الوراثية للإنسان" The DNA Fingerprint" ، وعرفت على أنها "وسيلة من وسائل التعرف على الشخص عن طريق مقارنةمقاطع "(DNA)"، وتُسمَّى في بعض الأحيان الطبعة الوراثية "DNA typing"

    كيف تحصل على بصمة وراثية؟

    كان د."آليك" أول مَن وضع بذلك تقنية جديدة للحصولعلى البصمة الوراثية وهي تتلخص في عدة نقاط هي:
    1. تُستخرَج عينة الـ"(DNA)" من نسيج الجسم أو سوائله "مثل الشعر، أو الدم، أو الريق".
    2. تُقطَع العينةبواسطة إنزيم معين يمكنه قطع شريطي الـ "(DNA)" طوليًّا؛ فيفصل قواعد "الأدينين A"و "الجوانين G" في ناحية، و"الثايمين T" و"السيتوزين C" في ناحية أخرى، ويُسمَّى هذاالإنزيم بالآلة الجينية، أو المقص الجيني
    3. تُرتَّب هذه المقاطع باستخدامطريقة تُسمَّى بالتفريغ الكهربائي، وتتكون بذلك حارات طولية من الجزء المنفصل عنالشريط تتوقف طولها على عدد المكررات.
    4. تُعرَّض المقاطع إلى فيلم الأشعةالسينية "X-ray-film"، وتُطبَع عليه فتظهر على شكل خطوط داكنة اللونومتوازية.
    ورغم أن جزيء الـ"(DNA)" صغير إلى درجة فائقة (حتى إنه لو جمع كلالـ "(DNA)" الذي تحتوي عليه أجساد سكان الأرض لما زاد وزنه عن 36 ملجم) فإن البصمةالوراثية تعتبر كبيرة نسبيًّا وواضحة.
    ولم تتوقف أبحاث د."آليك" على هذهالتقنية؛ بل قام بدراسة على إحدى العائلات يختبر فيها توريث هذه البصمة، وتبين لهأن الأبناء يحملون خطوطًا يجيء نصفها من الأم، والنصف الآخر من الأب، وهي معبساطتها تختلف من شخص لآخر.
    يكفي لاختبار البصمة الوراثية نقطة دم صغيرة؛ بل إنشعرة واحدة إذا سقطت من جسم الشخص المُرَاد، أو لعاب سال من فمه، أو أي شيء منلوازمه؛ فإن هذا كفيل بأن يوضح اختبار البصمة بوضوح كما تقول أبحاث د. "آليك".
    قد تمسح إذًا بصمة الأصابع بسهولة، ولكن بصمة الـ "(DNA)" يستحيلمسحها من ورائك، وبمجرد المصافحة قد تنقل الـ "(DNA)" الخاصة بك إلى يد مَنتصافحه.
    ولو كانت العينة أصغر من المطلوب، فإنها تدخل اختبارًا آخر، وهوتفاعل إنزيم البوليميريز (PCR)، والذي نستطيع من خلال تطبيقه مضاعفة كميةالـ "(DNA)" في أي عينة، ومما وصلت إليه هذه الأبحاث المتميزة أن البصمة الوراثية لاتتغير من مكان لآخر في جسم الإنسان؛ فهي ثابتة بغض النظر عن نوع النسيج؛ فالبصمةالوراثية التي في العين تجد مثيلاتها في الكبد.. والقلب.. والشعر.
    وبذلكدخل د."آليك جيوفريز" التاريخ، وكانت أبحاثه من أسرع الاكتشافات تطبيقًا في كثير منالمجالات.

    العلم في دهاليز المحاكم:
    في البداية.. استخدم اختبارالبصمة الوراثية في مجال الطب، وفصل في دراسة الأمراض الجينية وعمليات زرع الأنسجة،وغيرها، ولكنه سرعان ما دخل في عالم "الطب الشرعي" وقفز به قفزة هائلة؛ حيث تعرفعلى الجثث المشوهة، وتتبع الأطفال المفقودين، وأخرجت المحاكم البريطانية ملفاتالجرائم التي قُيِّدَت ضد مجهول، وفُتِحَت التحقيقات فيها من جديد، وبرَّأت البصمةالوراثية مئات الأشخاص من جرائم القتل والاغتصاب، وأدانت آخرين، وكانت لها الكلمةالفاصلة في قضايا الأنساب، وواحدة من أشهر الجرائم التي ارتبط اسمها بالبصمةالوراثية هي قضية د." سام شبرد" الذي أُدِين بقتل زوجته ضربًا حتى الموت في عام 1955 أمام محكمي أوهايو بالولايات المتحدة، وكانت هذه القضية هي فكرة المسلسلالمشهور "الهارب" The Fugitive في عام 1984.
    في فترة وجيزة تحولت القضية إلىقضية رأي عام، وأُذِيعَت المحاكمة عبر الراديو وسُمِحَ لجميع وكالات الأنباءبالحضور، ولم يكن هناك بيت في هذه الولاية إلا ويطالب بالقصاص، ووسط هذا الضغطالإعلامي أُغلِقَ ملف كان يذكر احتمالية وجود شخص ثالث وُجِدَت آثار دمائه على سريرالمجني عليها في أثناء مقاومته، قضي د."سام" في السجن عشر سنوات، ثم أُعِيدَتمحاكمته عام 1965، وحصل على براءته التي لم يقتنع بها الكثيرون حتى كان أغسطس عام 1993، حينما طلب الابن الأوحد لـ"د. سام شبرد" فتح القضية من جديد وتطبيق اختبارالبصمة الوراثية.
    أمرت المحكمة في مارس 1998 بأخذ عينة من جثة "شبرد"، وأثبتالطب الشرعي أن الدماء التي وُجِدَت على سرير المجني عليها ليست دماء "سام شبرد"،بل دماء صديق العائلة، وأدانته البصمة الوراثية، وأُسدِلَ الستار على واحدة من أطولمحاكمات التاريخ في يناير 2000 بعدما حددت البصمة الوراثيةكلمتها



    البصمة الوراثية وقضايا النسب الشرعي

    النسب: التعريف والثبوت
    أولاً - تعريفات هامة:
    أ - تعريف البصمة الوراثية:
    في المؤتمر الذي عقدته المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بعنوان: "مدى حُجِّية البصمة الوراثية في إثبات البنوة"؛ أكدت أوراق المؤتمر الذي شارك فيه عدد من أبرز العلماء والأطباء المتخصصين في هذا المجال أن كل إنسان يتفرد بنمط خاص في ترتيب جيناته ضمن كل خلية من خلايا جسده، ولا يشاركه فيها أي إنسان آخر في العالم، وهو ما يعرف بـ "البصمة الوراثية". وأكد أحد الباحثين أن هذه البصمة تتضمن البنية التفصيلية التي تدل على كل شخص بعينه، ولا تكاد تخطئ في التحقق من الوالدية البيولوجية، فضلاً عن تعرّف الشخصية وإثباتها.
    ب - تعريف النسب:
    النسب في اللغة يطلق على معان عدة؛ أهمها: القرابة والالتحاق. تقول: فلان يناسب فلانًا فهو نسيبه، أي قريبة. ويقال: نسبه في بني فلان، أي قرابته، فهو منهم. وتقول: انتسب إلى أبيه أي التحق. ويقال: نسب الشيء إلى فلان، أي عزاه إليه. وقيل: إن القرابة في النسب لا تكون إلا للآباء خاصة.
    وتنحصر أسباب النسب في الإسلام في أصلين؛ هما: النكاح، والاستيلاد، لقوله
    تعالى:﴿وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ﴾[سورة النساء، الآية: 23]، فدل على أن الابن لا يكون ابنًا إلا أن يكون من الصلب، مع قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ @ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ @ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [سورة المؤمنون، الآيات: 5- 7]، مما دل على تحريم العلاقة الخاصة مع النساء إلا في إطار هذين المذكورين، وأي نتاج بغيرهما لا يعتد به من جهة الرجل. أما من جهة المرأة فينسب إليها كل ما تلده، لأنه يجري على قاعدة الآية: ﴿أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ﴾ [سورة النساء، الآية: 23]، وأيضًا قوله تعالى: ﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ﴾ [سورة المجادلة، الآية: 2].
    ثانياً - أدلة ثبوت النسب في الفقه الإسلامي:
    النسب المستقر هو النسب الثابت بأحد أدلة ثبوته في الفقه الإسلامي، وأهمها: الفراش والبينة والإقرار والقيافة، ولكل من هذه الأدلة شروط مبسوطة في كتب الفروع، وأهم تلك الشروط ألا تخالف دليل العقل أو الشرع. فلو كان الزوج صغيرًا ابن سبع سنين، وأتت زوجته بولد فلا عبرة للفراش، وإذا أقرّ شخص بأن فلانًا ابنه وهو يقاربه في السن لا يقبل الإقرار.. وهكذا.
    وإذا استقر النسب التحق المنسب بقرابته وتعلقت به سائر الأحكام الشرعية المرتبطة بهذا النسب، من تحديد المحارم، والأرحام، والولاية، والعقل، والإرث، والنفقة وغير ذلك. فكان استقرار النسب استقرارًا للمعاملات في المجتمع، ولذلك حصّنه الإسلام بما يمنع العبث به، فقال النبي r : { الْوَلاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ، النَّسَبِ لا يُبَاعُ، وَلا يُوهَبُ}.
    ثالثاً - فض النزاع وحسم النسب آراء مذهبية:
    الأصل في الطبيعة السوية عدم التنازع في النسب لخصوصية العلاقات الأسرية، ولكن قد تضطرّنا الظروف إلى مثل هذا النوع من النزاع.
    ومن أسباب هذا النزاع: وجود التهمة القائمة على أساس ظاهري، ومن أمثلة ذلك: التهمة في نسب أسامة من أبيه زيد بن حارثة، لسواد بشرة الابن وبياض بشرة الأب. وكذلك اللقيط، إذا ادّعى نسبه رجلان فأكثر. ومنه: اختلاط المولودين في المستشفيات، ومنه: الوطء بشبهة من رجلين لامرأة واحدة فحملت من أحدهما لا بعينه. ومنه: تعارض بينتين متساويتين على ثبوت النسب أو نفيه. في مثل هذه الحال: كيف يمكن لنا فض النزاع وحسم النسب.. ولا دليل مرجح؟
    ومن محاور الدراسة:
    § البصمة الوراثية وإثبـات النسب.
    § البصمة الوراثية وتوثيق النسب.

    رأي المجمع الفقهي الاسلامي في استخدام البصمة الوراثية المنعقد بمكة المكرمة في الفترة من 21-26/10/1422هــ

    اصدر المجلس عددا من التوصيات والقرارات التي تنظمشرعيا عملية الاخذ بالحمض النووي الوراثي كدليل مادي في القضايا الجنائية، وقضاياالبنوة، والتي يجد الكثير من القضاة نوعا من الحرج في استخدام هذا الحمض النوويالوراثي كدليل يترتب عليه حكم شرعي في القضايا الجنائية، وبعض قضايا البنوة لعدموجود إجماع فقهي على مشروعية استخدام الحمض النووي الوراثي في القضايا الجنائية، وقضايا النسب المتنازع فيها.
    وفيما يلي نستعرض نص هذه القرارات والتي صدرت فياختتام أعمال الدورة على النحو التالي:

    القرار السابع: بشأن البصمة الوراثية ومجالات الاستفاة منها .
    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على منلا نبي بعده، أما بعد:
    فان مجلس الفقه الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدةبمكة المكرمة في المدة من21-26/10/1422هــ الذي يوافقه 5-10/1/2002م ، وبعدالنظر إلى التعريف الذي سبق للمجمع اعتماده في دورته الخامسة عشرة .. ونصه:
    ((البصمة الوراثية هي البنية الجينية - نسبة إلى الجينات ،أي المورثات - التي تدل على هوية كل إنسان بعينه ، وأفادت البحوث والدراسات العلمية إنها منالناحية العلمية وسيلة تمتاز بالدقة، لتسهيل مهمة الطب الشرعي .
    ويمكن أخذها منأي خلية (بشرية) من الدم أو اللعاب أو المني أو البول أو غيره .)).
    وبعدالاطلاع على ما اشتمل عليه تقرير اللجنة التي كلفها المجمع في الدورة الخامسة عشرةبإعداده من خلال إجراء دراسة ميدانية مستـفيضة للبصمة الوراثية، والاطلاع علىالبحوث التي قدمت الموضوع من الفقهاء والأطباء والخبراء، والاستماع إلى المناقشاتالتي دارت حوله ، تبين من ذلك كله أن نتائج البصمة الوراثية تكاد تكون قطعية فيإثبات نسبة الأولاد إلى الوالدين أو نفيهم عنهما، وفي إسناد العينة (من الدم أوالمني أو اللعاب) التي توجد في مسرح الحادث إلى صاحبها، فهي أقوى بكثير من القيافةالعادية (التي هي إثبات النسب بوجود الشبه الجسماني بين الأصل والفرع)، وإنالخطأ في البصمة الوراثية ليس واردا من حيث هي ، وإنما الخطأ في الجهد البشري أوعوامل التلوث ونحو ذلك.

    وبناءا على ما سبق قرر ما يلي:
    أولا: لا مانع شرعا منالاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائمالتي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص لخبر (إدرؤا الحدود بالشبهات)، وذلك يحققالعدالة والأمن للمجتمع، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم، وهذا مقصدمهم من مقاصد الشريعة .
    ثانيا : إن استعمال البصمة الوراثية في مجال النسبلابد أن يحاط بمنتهى الحذر والحيطة والسرية ولذلك لابد أن تقدم النصوص والقواعدالشرعية على البصمة الوراثية.
    ثالثا : لا يجوز شرعا الاعتماد على البصمةالوراثية في نفي النسب ولا يجوز تقديمها على اللعانبسورة النور.
    رابعا : لا يجوز استخدامالبصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعا ويجب على الجهات المختصةمنعه وفرض العقوبات الزاجرة، لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصونا لأنسابهم.
    خامسا : يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالاتالآتية:
    أ – حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرهاالفقهاء سواءا كان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها ، أم كانبسب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.
    ب – حالات الاشتباه في المواليد فيالمستشفيات، ومراكز رعاية الأطفال ونحوها وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.
    جـ - حالات ضياع الأطفال واختلاطهم ، بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب وتعذر معرفةأهلهم، أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها ، أو بقصد التحقق من هويات أسرىالحروب والمفقودين.
    سادسا : لا يجوز بيع الجينوم البشري لجنس أو لشعب أو لفرد، لأي غرض، كما لا تجوز هبتها لأي جهة لما يترتب على بيعها أو هبتها منمفاسد.
    سابعا : يوصي المجمع الفقهي بما يأتي:
    أ - إن تمنع الدولةإجراء الفحص الخاص بالبصمة الوراثية إلا بطلب من القضاء وان يكون في مختبرات للجهاتالمختصة، وان تمنع القطاع الخاص الهادف للربح من مزاولة هذا الفحص، لما يترتب علىذلك من المخاطر الكبرى.
    ب – تكوين لجنة خاصة بالبصمة الوراثية في كل دولة، يشترك فيها المتخصصون الشرعيون والأطباء والإداريون وتكون مهمتها الأشراف علىنتائج البصمة الوراثية واعتماد نتائجها.
    جـ - إن توضع آلية دقيقة لمنع الانتحالوالغش، ومنع التلوث وكل ما يتعلق بالجهد البشري في حقل مختبرات البصمة الوراثية،حتى تكون النتائج مطابقة للواقع، وأن يتم التأكد من دقة المختبرات، وان يكون عددالمورثات (الجينات المستعملة للفحص) بالقدر الذي يراه المختصون ضروريا دفعا للشك.
    والله ولي التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد.


    الفقه.. ولم يكن هناك أعلى صوتاً من إشكالية إثبات النسب خلال الحقبة الحالية.
    كيف يثبت نسب الإنسان؟ ما هي جذور الرؤية الفقهية في عملية الإثبات؟ وكيف تتنوع؟ ماذا يعني الفراش وما المقصود بالإقرار؟ وعبر طرق عدة سارت أحداث التاريخ من تقلبات الدليل وحداثته إلى أن وصلت تلك الطرق إلى ما نطلق عليه الـ DNA أو ما يمكن أن نقربه إلى القارئ بالقول إنه (مقارنة المقاطع

    كيفية إثبات النسب

    تحدث الدكتور كمال الحوت الحسيني في كتابه المعنون «جامع الدرر البهية لأنساب القرشيين في البلاد الشامية» عن كيفية ثبوت النسب، يثبت النسب عند الفقهاء والنسابة بأحد الأدلة التالية:
    v الطريقة الأولى:
    الفِرَاش لحديث النبي r:{الولدُ للفِرَاشِ وللعَاهِرِ الحَجَرُ}.
    v الطريقة الثانية:
    البينة بأن تقوم عندهم البينة الشرعية وهي شهادة رجلين مسلمين عاقلين عدلين تُعرف عدالتهما بخبرة أو تزكية، فحينئذ يُعمل بقولهما. ولشهادة العدلين هنا حالات ثلاث وهي:
    · الحالة الأولى: أن يشهدا أن هذا الولد هو ابن فلان،
    · أو الحالة الثانية: يشهدان بأن الولد ولد على فراش فلان،
    · أو الحالة الثالثة: أن يشهدا بأن الولد يُعرف بين الناس بأنه ولد فلان.
    v الطريقة الثالثة:
    الإقرار وهو أن يعترف الزوج في مجلس الحكم أو خارجه بأن الولد الفلانيَّ ابنه.
    v الطريقة الرابعة:
    الشهرة والاستفاضة. ومعنى الشهرة أن تتداول الأخبار من جماعة يمتنع اتفاقهم على الكذب عادة بأن فلانًا هو ابن فلان. قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: {يثبت بالشهرة النسب والموت والنكاح}.
    v الطريقة الخامسة:
    زاد النسابة أمرًا على ما قَدَّمنا وهو أن يرى خط أحد النسابين المعتبرين ويكون موثوقًا به ويعرف خطه ويتحققه، فإذا شهد خط النسابة مشى وعمل به.
    v الطريقة السادسة:
    أن يأتي المنتسب بأسماء آبائه وأجداده مع البينة التاريخية وهي شهادة المشهورين من العلماء أو الحكام الثقات بصحة نسبته موقعين أو خاتمين فإن وجدوه صحيحًا وقعوا عليه وشهدوا بصحته.
    v الطريقة السابعة:
    القيافة وهي تعتبر شرعا في بعض المواضع، وإن كانت لا توجب سوى الظن وقد فصل الفقهاء في ذلك أشد التفصيل، ومن أراد التثبت فليرجع لأمهات الكتب الفقهية. وقد ذكرها النبي r في قصة لعان هلال ابن أمية مع امرأته، وقضى النبي r بالفرقة بينهما وكان ذلك بعد أن قال : (( إن جاء الولد على صفة كذا فهو لهلال ، وإن جاءت به على صفة كذا ، فهو لشريك ابن سمحاء)) ، فجاءت به على الصفة المكروهة فقال النبي r {لَوْلا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ}
    التشريع الإسلامي يتشوف إلى إثبات نسب الولد من أبيه، ويتوسع في هذا الإثبات ويتسامح فيه، بحيث انه يقبل الشهادة فيه على التسامع، ولا يطلب دليلا عليه عند الإقرار ما دام واقع الحال لا ينافيه، وذلك لما فيه من أحياء للنفس، لأن مغمور النسب في حكم الميت في عرف المجتمع الإسلامي إلا أن الشارع الإسلامي حرص حرصا شديدا على نظافة النسب ونقائه وصدقه، وحذر من التلاعب والتزوير فيه، وتوعد المتلاعبين بالنسب بأشد العذاب.
    قال رسول الله r: { مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ }.
    عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه انه سمع رسول الله r يقول حين نزلت آية الملاعنة: {أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ رَجُلا لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلا يُدْخِلُهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
    وقد تباينت آراء العلماء بشأن جواز استخدام تحليل البصمة الوراثية "(DNA)" في إثبات ولد الزنا، فبينما لا يجيزه العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ومفتي مصر الدكتور علي جمعة، ويقصرانه على الحالات الأسرية الشرعية، يرى فريق من علماء الأزهر جواز الاستعانة به، معتبرين أنه سيقلل من جرائم الزنا. وفيما يلي آراء العلماء في هذه القضية:
    الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين:
    إن البصمة الوراثية لا يثبت بها النسب في حالة الزنا؛ وذلك لأن الشرع وإن كان يتشوف لإثبات النسب، فإنه في ذات الوقت يرى أن الستر مقصد هام تقوم عليه الحياة الاجتماعية؛ لئلا تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ودليله ما قاله النبي r لمن دفع ماعز بن مالك من الإقرار بالزنا «هلا سترته بطرف ثوبك».
    وهذا مبني على أن الشرع يقر بأن «الولد للفراش»، فالأصل في إثبات النسب هو فراش الزوجية، كما أن الشرع تشدد في جريمة الزنا، واشترط لها أربعة شهود، فكل وسيلة غير شهود الأربعة بقيام رجل وامرأة بعملية الزنا الحقيقي، فلا قيمة له، ولا يتم به إثبات نسب.
    كما أن الشرع لا يعاقب على جريمة الزنا وإنما يعاقب على الاستهتار والمجاهرة بها، حتى يرى الشخص 4 من الناس جهارًا نهارًا عيانًا بيانًا يقوم بإتيان تلك الكبيرة، أما فعلها في الخفاء، فيكفي فيه الستر.
    ومن القواعد الفقهية في تلك المسألة أن الحدود تدرأ بالشبهات، وما لم نكن على يقين من القيام بالزنا، فلا يحكم به، وبالتالي لا يعتد بالبصمة الوراثية في إثبات النسب، إلا إذا نفى الرجل والمرأة تريد إثباته، وهي متأكدة من براءتها، هنا يمكن الأخذ بالرأي؛ لإزالة الشك من قلب الرجل، ولتبرئة المرأة مما اتهمت به.
    فإذا رأى رجل امرأته مع آخر، فليس من المعقول مطالبته بأربعة شهود كي يتهم زوجته بالزنا، ونفي ولدها منه، أو أن يتهمها زورًا وبهتانًا، وهنا يجب على القضاء أن يأخذ بالبصمة الوراثية لأمرين:
    · الأول: إثبات براءة المرأة مما وُجّه إليها من تهمة.
    · الثاني: إثبات نسبة الولد لأبيه، حتى لا يقع الولد في مشكلات مستقبلية.
    فإذا رفض الزوج القيام بالبصمة الوراثية، فيُعَدّ هذا دليلاً ضده وليس له، ويكون من حق القاضي أن يفعله رغمًا عن الزوج.
    كما أنه لا يجوز اعتبار البصمة الوراثية في إقامة الحدود؛ وذلك لأن إقامة الحد مشروطة برؤية 4 شهود بقيام الزنا حقيقة، بل إن الشرع يحتاط في إقامة الحدود ما لا يحتاط في غيره، وأن قيام 3 بالشهود ونفي الرابع يوجب إقامة حد القذف عليهم.
    أما عن أخذ بصمة الزوجين قبل الزواج وتسجيلها في الدوائر الحكومية، حتى يتم معرفة نسب المولود فيما بعد من خلال البصمة، فإن هذا يتم اختيارًا، ولا يجوز إجبار الناس عليه. وأن الدعوة لتسجيل بصمة الوالدين ينافي ما قرره الشرع من مبدأ الستر.
    رأي الدكتور علي جمعة مفتي مصر:
    الذي عليه الفقه الإسلامي هو أن النسب من قبل الأم يثبت بالطبع، فالولد يصبح ابنًا لهذه السيدة بالميلاد، ولكنه يثبت بين الابن وبين أبيه بالشرع وليس بالطبع، وهذا شبه متفق عليه في الفقه الإسلامي عبر العصور؛ ولذلك فإن التسرع في إثبات النسب لابن الزنا نراه غير سليم، وهذا لا علاقة له باستعمال تحليل الـ "(DNA)" ، حيث إن استعمال هذا التحليل يؤدي إلى أمور يمكن أن تعتمد شرعًا وليس مع الإقرار بالزنا، وإنما لفصل خصومات أخرى غير قضية أن تندرج هذه التحاليل تحت الإقرار بالزنا، ومعنى الكلام أن معنا صورًا كثيرة ومتعددة في هذا المقام:
    F الصورة الأولى: هي صورة رجل وامرأة اعترف كل منهما بالزنا وفي هذه الحالة فإن القاضي لا يستطيع شرعًا أن يثبت نسب الولد لذلك الرجل سواء اعترف ذلك الرجل بأن هذا الطفل منه أو لم يعترف.
    والصورة الثانية هو أن رجلاً وامرأة ليس بينهما مانع شرعي جاءا إلى القاضي وطلبا منه أن ينسب طفلاً ما إليهما، فإن القاضي له أن ينسب الطفل إليهما دون أن يفتش عن وجود عقد زواج صحيح أو فاسد أو وطء شبهة وهي الأمور التي يثبت بها النسب في الشريعة الإسلامية بين الطفل والرجل.. بل إنه يصدق إقرارهما، والفرق بين هذه الصورة والصورة التي قبلها، أنه في الصورة الأولى قد أقرا معًا بالزنا،
    F الصورة الثانية قد سكتا، وأراد أن يلحقا بهما طفلاً، وهنا فلا بد للقاضي أن يلحق هذا الطفل وكأنه قد افترض أنه قد جاء بعد عقد صحيح أو عقد فاسد أو وطء شبهة.
    F الصورة الثالثة: أن يأتي شخص ويعترف بأن هذا الطفل منه من هذه المرأة الماثلة أمام القاضي، ثم يتبين للقاضي أن بينهما محرمية تحرم الزواج أيضًا، وهو الحاصل فيما يسمى بزنا المحارم، فقد يكون ذلك الشخص أباها أو أخاها أو عمها أو نحو ذلك، فيرفض القاضي؛ لأنه أصبح متيقنًا من الذي حدث إنما هو من قبيل الزنا، إلا في حالة واحدة فقط، وهو الدعوة منهما أن ذلك كان عن وطء شبهة بأن لم يكن يعرف، ولا تعرف هي علاقة المحرمية المانعة من الزواج، وكل هذه الصور لا تحتاج أصلاً إلى الـ "(DNA)"
    F الصورة الرابعة: هي أن تأتي امرأة فتدعي أمام القاضي أن رجلاً ما قد تزوجها زواجًا صحيحًا ولا تستطيع أن تثبت ذلك الزواج الصحيح الذي تم بأركانه، وشروطه الشرعية -كما تدعي- حيث إن الشهود قد غابوا بسفر أو موت أو نحو ذلك، ولكن الرجل ينكر ويدعي أنه لا يعرف هذه المرأة ولم يقربها، وفي هذه الحالة والتي هي أساسًا حالة دعوى زوجية تثبتها المرأة وينكرها الرجل يجوز استعمال الـ "(DNA)" -في رأينا- حيث إن هذا سيثبت أمورًا:
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق الاثبات الحديثة Empty رد: طرق الاثبات الحديثة

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة أبريل 23, 2010 11:46 pm

    1ـ خطأ إنكار الرجل إذا أثبت التحليل أن هذا الطفل منه.
    2 - هي قرينة لصدق المرأة في دعوى الزوجية، ودعوى المعاشرة، ودعوى أن الذي كان بينها وبين هذا الرجل لم يكن زنا.. بل كان زواجاً؛ لأننا لو سلكنا مسلك تصديق الرجل لوصفنا ما كان بينهما بأنه زنا، ولأضعنا الولد، ولو أننا سلكنا مسلك تصديق المرأة لافترضنا تصحيح العلاقة بينهما طبقاً لقولها وحمينا ضياع الولد، وهذه الحالة تخوف الناس، خاصة الرجال من الزنا؛ لأنه لا يضمن أن تحمل المزني بها منه، ثم تدعي الزوجية والتي سيتحقق منها القاضي بهذه الطريقة، وعليه فالقول باستعمال تحليل الـ "(DNA)" في هذه الحالة يدرأ الزنا ويمنع الأشرار منه.
    F الصورة الخامسة: أن يقر الرجل والمرأة معًا ببنوة الطفل، فيأتي آخر كالولي، أو الوارث يعني من يأمل أن يكون وارثًا، ويطعن في نسب ذلك الطفل إليهما، وقطعًا للظنون والشبهات نلجأ إلى تحليل الـ "(DNA)" حتى نقطع على المدعي الخارجي دعواه.
    وفوق ذلك فإن الـ "(DNA)" باتفاق الفقهاء يستعمل إذا ما اختلط الأطفال في مستشفى مثلاً، أو بعد الكوارث الطبيعية أو بعد الحروب، وحدث تنازع بين الأسر، أو احتياج إلى معرفة آباء هؤلاء الأطفال وأسرهم، ونحو ذلك.
    وهذا كله على شرط أن يصل تحليل الـ"(DNA)" من ناحية الطبع، ومن ناحية الفاحصين، ومن ناحية الآلات المستعملة، ومن ناحية كتابة التقارير، ومن ناحية حصل الطفرة، وبنك البصمة في بلد ما إلى حد يقين إثباتًا ونسبًا، فإذا لم تصل لحد اليقين إثباتًا ونفيًا فإذا لم تصل لحد اليقين فلا يجوز الاعتماد عليها إلا بقدر ما يراه القاضي قرينة ظنية.
    ورأينا الذي قدمناه من عدم اعتماد الزنا، ومن اعتماد الـ"(DNA)" ليكون أحد القرائن التي تثبت الزوجية المدعاة هو رأي جديد، واجتهاد نرجو من الله أن يكون صحيحًا، فإن كان كذلك فنسأله الأجر والثواب، وإذا كان غير ذلك فهذا مبلغ علمنا ووسع طاقتنا.
    أما القول بعدم الأخذ بتحليل الـ "(DNA)" في إثبات نسب ولد الزنا هو من الفقه القديم ولا يتفق مع العصر ولا يحقق مبدأ الستر، فإن الرد عليه من جهتين: الجهة الأولى أن الزنا غير معتبر، وأيضًا زنا المحارم لا نستطيع أن نحل فيه المشكلة، فماذا لو زنا الأب أو الأخ بالبنت؟، فنحن الآن إذا اعترفنا بنسب ولد الزنا سنكون أمام حالة سنفرق فيها بين الناس، فالزنا بين الرجل والأجنبية غير معتمد وحرام، والزنا بين الأب والبنت، والأخ وأخته غير معتمد وحرام، فهل يعقل أن نقول في الأولى نثبت النسب، وفي الثانية لا نثبت النسب؟! وإذا أردنا أن نثبت النسب لكل زان فإننا سنرفع نظام القرابة وهو أول معول في القضاء على الاجتماع البشري.. إذن عندما لا أعتمد الزنا أنا لا أرتكب جريمة.. بل على العكس فأنا أحافظ على الاجتماع البشري.
    والجهة الأخرى هي صورة اللقيط مجهول الأب والأم أصلاً، فماذا نفعل فيه، وإلى أي شيء ننسبه، فإذن مشكلات الطفل الذي جاء خارج الاعتماد الشرعي لها صور كثيرة لن تحل كلها، ونحن نحاول أن نحلها بقدر المستطاع -كما قدمنا-، إذن فكلامنا واجتهادنا الجديد يراعي طائفة كبيرة جدًّا، ويحاول أن يقي المجتمع من الزنا، وفي نفس الوقت لا يخرج عن الفقه الموروث، ولا يخرج أيضًا عن العدالة والمساواة، وهي أمور لازمة لتحقيق الإنصاف بين الناس.
    رأي الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية:
    ولد الزنا إما أن يكون نتيجة زنا من امرأة متزوجة، وإما أن يكون من امرأة غير متزوجة، فإذا كان ولد الزنا من امرأة متزوجة فلا يجوز بإجماع العلماء أن يدعيه الزاني ويطالب بإلحاق نسبه به للقاعدة التي بينها رسول الله r ، وهي قوله الشريف : {الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ}.
    أما إذا كان ولد الزنا نتيجة زنا من امرأة ليست متزوجة فهنا لم يجمع العلماء على رأي معين، وإنما كانوا مختلفين على رأيين: الأول أن الحكم هنا أيضًا كالحكم في ولد الزنا من امرأة متزوجة أي لا يجوز أن ينسب للزاني، ولأنه لا يوجد زوج فإنه ينسب إلى أمه وهذا ما يراه جمهور الفقهاء، والرأي الثاني فيقول بجواز أن ينسب ولد الزنا من المرأة غير المتزوجة إلى الزاني، وقد قال بذلك مجموعة من كبار الفقهاء منهم ابن تيمية وابن القيم.
    والرأي الذي أميل إليه هو الرأي الأخير وقد دافع ابن القيم عن هذا الرأي، وقال إنه ليس مع الجمهور إلا حديث الولد للفراش، ولا يوجد فراش في حالة المرأة غير المتزوجة، وعلى هذا فإذا جاءت امرأة ورجل وقالا عن ولد إنه ولدهما فإنه يجوز هنا أن ينسب للرجل، وفي العصر الذي نعيش فيه يمكن اللجوء للبصمة الوراثية في هذه الحالة.
    أما بالنسبة للحدود، فالحد هنا لا بد أن يقام لإقرارهما فالإقرار هو إحدى وسائل الإثبات، دلّ على ذلك القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا ادعت امرأة أن ولدها من الزنا من رجل معين وأثبت الاختبار الوراثي أنه ولده فيجب عليهما الحد، والبصمة الوراثية هنا تثبت بها حد الزنا.

    مع قاعدة الستر
    وكون الأخذ بالبصمة الوراثية ينافي قاعدة الستر، فهذا أمر غير صحيح، حيث إن إثبات نسب ولد الزنا بتحليل الـ"(DNA)" يطبق قاعدة الستر، حيث إن الستر في نسبة الولد لأبيه وليس في عدم نسبته، فعدم النسبة لأبيه سيؤدي إلى أن الولد سيظل معروفًا بأنه ليس من أب شرعي وتعير بهما أسرتهما.. بل إن نسبة ولد الزنا لأمه هو فضح دائم وضرورة أكبر تتطلب إثبات الولد لأبيه.الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية يؤكد قائلاً:إنه في جانب الزاني إذا كان قول الجمهور إن ماء الزنا هدر، فإنني أرى الأخذ ببعض المحققين منهم الحسن وابن سيرين وعروة والإمام أبي حنيفة، حيث كانوا يرون إذا أقيم الحد ثبت النسب، والحد لا يقام إلا ببينة، فإذا كانت البينة تثبت بالـ "(DNA)" وهي مضمونة كما قال العلماء بأكثر من 99.5% فلا نتجاهل كلام هؤلاء المحققين، ونقول إن ماء الزنا هدر فهذا تجاهل لمصالح المسلمين وما قام الشرع إلا لتحقيق هذه المصالح، وحيث تكون المصلحة فثمّ شرع الله، خاصة أن لدينا في مصر 14 ألف قضية نسب ضاعت وثائق الزواج، ويمكن بتحليل الـ "(DNA)" أن تحل. ولا بد من التأكيد على أن القول بإثبات النسب بالبصمة الوراثية خاصة لولد الزنا سيؤدي إلى التقليل من الزنا، فإذا عرف الزاني أنه سيتحمل نتيجة جريمته فسيفكر ألف مرة في أن يرتكب الفاحشة إذا عرف أنه إذا أنكر نسب ولده سيعمل فيه تحليل الـ "(DNA)"، أو أن المرأة إذا حملت حملاً من غير زوجها فينكره ويلجأ للتحليل فلن تقدم على الجريمة وستنضبط الأمور.
    وليس معنى أن الجمهور قالوا إن ماء الزنا هدر أن رأي الجمهور هو الصحيح فقد يكون الرأي صحيحًا في عصر وغير صحيح في عصر آخر؛ نظرًا لاختلاف الدواعي، وفي عصرنا هذا حيث فقدت كثير من الضمائر رقابتها ورعايتها لله فإن كثيرًا من الذين يتزوجون عرفيًّا يستولون على ورقة الزواج ويعدمونها، ثم لا يعترفون بأبنائهم، فيحكم القضاء بأنه زنا، ولا ينسب الطفل؛ لأن القاضي ليست أمامه أوراق، فليس الأمر الآن كما كان في الماضي من يتزوج ثم ينكر الزواج، وأزواج يهربون ويتركون زوجاتهم.
    والقول بهذا التحليل إنما لإثبات النسب في حالة الزنا، وليس لإثبات الحد؛ لأن نظرة الشرع للنسب تختلف عن نظرته لإقامة الحد فالشرع يثبت النسب لأدنى ملابسة، وهو يتشوف لذلك، أما الحد فإن الشرع يسقطه لوجود أي شبهة، فإذا كنا نقول 99.5% هي نسبة صحة تحليل الـ "(DNA)" فإننا نثبت بهذه النسبة النسب؛ لأنه يثبت بأدنى قرينة وكانوا في الماضي يثبتونه بالقيافة، أما النصف في المائة من عدم التأكد فيعتبر الشبهة التي تسقط بها الحد، ومع ذلك لا بد أن تكون هناك عقوبة تعذير يقررها القاضي.
    وهذا الكلام يعتمد على أنه في الحقوق يجب البحث عن الإثبات، وفي الحدود يجب البحث عن الإسقاط، كما أن أبا حنيفة قال يحسن أن يتزوج الزاني بالزانية وهي حامل ويثبت النسب ويستر على نفسه وعليها، والواقع أن المرأة تلجأ للقضاء لإثبات النسب لشخص تحت ادعاء أنه تزوجها عرفيًّا وأخذ ما يثبت ذلك وهرب، أما إذا قالت إن شخصًا زنا بها فحملت وأنجبت هذا الطفل أقيم عليها الحد باعترافها، ولا يقام على الرجل لشبهة عدم صحة النصف في المائة في تحليل الـ"(DNA)" ما لم يعترف بذلك بعد التحليل.
    ومؤخراً أيّد الدكتور علي جمعة مفتي مصر فتوى العلامة الدكتور يوسف القرضاوي في رفض إثبات نسب ولد الزنا عن طريق تحليل البصمة الوراثية، لكن علماء بالأزهر أجازوه، معتبرين أنه سيقلل من جرائم الزنا.
    وأوضح الدكتور علي جمعة أن «علماء الفقه الإسلامي اتفقوا على إثبات النسب للأم بالميلاد، أما بالنسبة للأب فلا بد أن يتم ذلك عن طريق الوسائل الشرعية وليس بغيرها».
    وقال: «لذا نعتبر إثبات النسب لابن الزنا غير سليم، وهذا لا علاقة له باستعمال تحليل البصمة الوراثية "(DNA)" ».

    تقليل جرائم الزنا
    لكن بعض علماء الأزهر أجازوا استخدام تحليل البصمة الوراثية في إثبات ولد الزنا. وقال الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: «إن القول بأن ماء الزنا هدر - أي ما ينتج عنه غير معترف به- فيه تجاهل لمصالح المسلمين، وما قام الشرع إلا لتحقيق هذه المصالح». ولفت إلى وجود 14 ألف قضية نسب في مصر ضاعت فيها وثائق الزواج، ويمكن إثباتها بتحليل البصمة الوراثية.
    وأكد الدكتور بيومي أن إثبات النسب بالبصمة الوراثية، خاصة لولد الزنا سيؤدي إلى التقليل من جرائم الزنا؛ لأن الزاني إذا أدرك أنه سيتحمل عاقبة جريمته فسيفكر ألف مرة قبل ارتكاب الفاحشة، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة. وأوضح أن طريقة إثبات الشرع للنسب تختلف عن نظرته لإقامة حد الزنا، ففي الأولى يتم إثباتها بأدنى دليل، أما في الحالة الثانية فيسقط الحد بوجود أي شبهة.
    واتفق الدكتور محمد رأفت عثمان عضو المجمع البحوث الإسلامية أيضا على ضرورة الأخذ بتحليل البصمة الوراثية لإثبات ولد الزنا لأبيه، إلا أنه يفرق بين حالة المرأة المتزوجة التي زنت، والمرأة غير المتزوجة. وقال: إنه يجوز أن ينسب ولد الزنا من المرأة غير المتزوجة إلى الزاني، حيث قال بذلك مجموعة من كبار الفقهاء منهم ابن تيمية وابن القيم، أما إذا كان ولد الزنا من امرأة متزوجة فلا يجوز بإجماع العلماء أن يدعيه الزاني، ويطالب بإلحاق نسبه به للقاعدة التي بينها رسول الله r ، وهي قوله الشريف: {الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ}
    من جهة ثانية رحب فقهاء وعلماء شرعيون بفتوى الدكتور علي جمعة مفتي مصر بأنه لا مانع من الاستعانة بتحليل البصمة الوراثية الـDNA لإثبات نسب الابن داخل إطار الزوجية، غير أنهم اختلفوا بخصوص اللجوء إلى تحليل البصمة الوراثية في إثبات نسب ابن الزنا بين مؤيد للفتوى الرافضة لذلك وغير مؤيد لها.
    وجاءت فتوى الدكتور علي جمعة بناءً على عدد من الطلبات الواردة من البرلمان المصري، والخاصة بتعديل وإضافة عدد من المواد إلى قانون الأسرة، والتي تفيد في مجملها بضرورة إلزام الزوج بإجراء تحليل البصمة الوراثية "(DNA)" في حالة إنكاره نسب الابن، وذلك بناءً على طلب من الأم المدعية، وفي حالة رفضه الخضوع للتحليل يعتبر ذلك قرينة على ثبوت نسب الابن له.
    ونصت الفتوى على أنه «لا مانع شرعاً من إلزام المنكر سواء أكان الرجل أم المرأة أم طرفا آخر كالولي مثلا بإجراء تحليل"(DNA)" عندما يدعي أحدهما أو كلاهما قيام علاقة زوجية بينهما في ذاتها بشهود أو توثيق أو نحوهما، وكذلك الحال في حدوث وطء بشبهة أو عقد فاسد بينهما؛ وهذا لإثبات نسب طفل يدعي أحدهما أو كلاهما أنه ولد منهما، وفي حالة رفض المدعي عليه إجراء التحليل المذكور يعد الرفض قرينة قوية على ثبوت نسب هذا الطفل له، وإن لم نلتفت إلى بقاء الزوجية ذاتها والآثار المترتبة عليها فإن إثبات النسب لا يعني استمرار قيام الزوجية».
    وما هي الحالات التي تستخدم فيها البصمة لنفس النسب؟ وهل يمكن الاستغناء بالبصمة عن اللعان؟ وهل يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب؟ أو في التأكيد من صحة النسب؟
    14 ألف طفل بلا نسب!
    على صعيد آخر، تستعد العديد من منظمات الأسرة والمرأة في مصر للاستفادة من هذا الحكم القضائي الأول من نوعه في إثبات نسب أكثر من 14 ألف طفل مصري على أقل تقدير كشفت إحصائية حكومية مصرية صادرة أواخر 2005 عن أنهم بلا اسم ولا هوية أو نسب ولا ثبوت قانوني أو رسمي، بعدما رفض آباؤهم الاعتراف بهم، وأن أغلبهم جاءوا نتاج زواج عرفي أو غير رسمي ينكره الأب دائما. وكشفت هذه الإحصائية عن أن أغلبية هذه الزيجات التي تثمر أطفالا غير معترف بهم وبلا هوية هي نتاج زواج المصريات الفقيرات صغيرات السن من أثرياء عرب أغلبهم من دول الخليج. وأوضحت المنظمات النسائية أن هؤلاء الأطفال ليس لهم وجود رسمي فلا يمكن استخراج شهادات ميلاد لهم؛ وهو ما يعني عدم قدرة أمهاتهم على إعطائهم التطعيمات ضد الأمراض، أو الحصول على الرعاية الصحية المناسبة خاصة مع ظروف الأمهات اللاتي في الغالب لن يستطعن الإنفاق على الطفل في المستشفيات الخاصة، أو أي شكل من أشكال الرعاية التي تحتاج إلى أوراق رسمية. وشهدت الجلسة واقعة لافتة، قبل أن يصدر قاضي المحكمة المستشار أحمد رجائي دسوقي حكمه بإثبات النسب الطفلة «لينا»، حيث ألقى قصيدة لنزار قباني ترفض فيها فتاة أن تقوم بعملية إجهاض.
    وألقى قاضي المحكمة قصيدة من ديوان «طفولة نهد» للشاعر السوري الراحل نزار قباني تقول: «ليراتك الخمسون تضحكني.. لمن النقود.. لمن يجهضني.. لتخيط لي كفني.. هذا إذاً ثمني.. ثمن الوفا يا بؤرة العفن.. أنا سأسقط ذلك الحمل.. فأنا لا أريد أبا نذلا».











    الجينوم البشري


    A graphicalrepresentation of the normal human karyotype.
    الجينوم البشري هو جينومالإنسان, هو الطقم الكامل المكوّن من أكثر من 100.000 جين موجودة في نواة الخلية لأغلب الخلايا البشرية. ويتوزع الجينوم النووي للأنثى على ثلاثة وعشرين زوجاً من الكروموسومات المتشابهة بنيويا، لكن الكروموسوم X في الذكور يقترن مع الكروموسوم Y غير الشبيه به، وبذلك يصبح هناك 24 نوعا مختلفاً من الكروموسومات البشرية. وبكلمات أخرى، يمكننا القول بأن الجينوم هو كامل الحمض الريبي النووي منزوع الأكسجين (أو الدنا DNA اختصاراً) في كائن حي معين، بما فيه جيناته genes. وتحمل تلك الجينات (المورثات) جميع البروتينات اللازمة لجميع الكائنات الحية. وتحدد هذه البروتينات، ضمن أشياء أخرى، كيف يبدو شكل الكائن الحي، وكيف يستقلب metabolize جسمه الطعام أو يقاوم العدوى، وأحياناً يحدد حتى الطريقة التي يتصرف بها.
    تركيب الدنا

    يتكون جزيء الدناDNA في البشر والرئيسيات، من خيطين يلتف كل منهما حول الآخر بحيث يشبهان السلم الملتوي والذي يتصل جانباه، والمكونان من جزيئات السكر والفوسفات، بواسطة روافد rungs من المواد الكيميائية المحتوية على النتروجين، والتي تسمى القواعد bases ويرمز إليها اختصاراً A و T و C و G. وتتكرر هذه القواعد ملايين أو مليارات المرات في جميع أجزاء الجينوم، ويحتوي الجينوم البشري، على سبيل المثال، على ثلاثة مليارات زوج من هذه القواعد، في حين يحتوي الجسم البشري على نحو 100 تريليون (100،000،000،000،000،000،000) خلية!

    * يعد الترتيب المحدد للحروف A و T و C و G في غاية الأهمية، فهذا الترتيب يحدد جميع أوجه التنوع الحيوي، ففي هذا الترتيب تكمن الشفرة الوراثية Genetic code ، فكما أن ترتيب الحروف التي تتكون منها الكلمات هو الذي يجعلها ذات معنى، فإن ترتيب هذه الحروف يحدد كون هذا الكائن الحي إنساناً أو ينتمي إلى نوع حي آخر كالخميرة أو ذبابة الفاكهة مثلاً، والتي يمتلك كل منها الجينوم الخاص بها والتي ركزت عليها أبحاث وراثية خاصة عدة.

    ونظراً لأن جميع الكائنات الحية ترتبط بعلاقات مشتركة من خلال التشابه في بعض متواليات الدنا DNA ، تمكننا التبصّرات التي نحصل عليها من الكائنات الحية غير البشرية من تحقيق المزيد من الفهم والمعرفة لبيولوجية الإنسان.

    * تمثل كل مجموعة مكونة من ثلاثة من الحروف الأربعة حمضاً أمينياً معيناً، وهناك 20 وحدة بناء مختلفة - أحماض أمينية - تستخدم في مجموعة هائلة من التوليفات لإنتاج بروتيناتنا. وتكون التوليفات المختلفة بروتينات مختلفة بدورها في أجسامنا.

    * تكفي المعلومات التي يحتوي عليها الجينوم البشري لملء كتب ورقية يبلغ ارتفاعها 61 متراً، أي ما يوازي المعلومات التي يحتوي عليها 200 دليل للهواتف يحتوي كل منها على 500 صفحة!

    * فيما بيننا نحن البشر، يختلف الدنا DNA من فرد لآخر بنسبة 5.2% فقط، أو 1 من كل 50 حرفاً، ويضع ذلك في الاعتبار أن الخلايا البشرية تحتوي كل منها على نسختين من الجينوم.

    * إذا أردنا أن نقرأ الجينوم البشري بسرعة حرف واحد في الثانية لمدة 24 ساعة يومياً، فسيستغرق الأمر قرناً كاملاً للانتهاء من قراءة كتاب الحياة!

    * إذا بدأ شخصان مختلفان في قراءة كتاب الحياة الخاص بكل منهما بسرعة حرف واحد في الثانية، فسيستغرق الأمر نحو ثماني دقائق ونصف الدقيقة (500 ثانية) قبل أن يصلا إلى أول اختلاف في ترتيب حروف كتابيهما!

    * يحتاج الطبّاع typist الذي يكتب بسرعة 60 كلمة في الدقيقة (نحو 360 حرفاً) ولمدة ثماني ساعات يومياً، إلى نصف قرن للانتهاء من طباعة كتاب الحياة!

    * يتشابه الدنا DNA الخاص بالبشر مع مثيله في الشمبانزي بنسبة 98%.

    * يبلغ العدد التقديري للجينات في كل من البشر والفئران 60.000 - 100.000 أما في الديدان المستديرة فيبلغ العدد 19.000 وفي الخميرة yeast يبلغ عدد الجينات 6.000 تقريباً، بينما يبلغ عدد جينات الجرثومة المسببة للتدرن 4.000.

    * تظل وظيفة الغالبية العظمى (97%) من الدنا DNA الموجودة في الجينوم البشري، غير معروفة لدينا حتى الآن.

    * كان أول كروموسومchromosome بشري تم فك شفرته بالكامل هو الكروموسوم رقم 22، وقد تم ذلك في المملكة المتحدة في ديسمبر 1999، وتحديداً في مركز (سانجر) بمقاطعة كمبردج.

    * يبلغ طول الدنا DNA الموجود في كل من خلايانا 1.8 متر، مكدسة في كتلة يبلغ قطرها 0.0001 سنتيمتر (والتي يمكن أن توضع بسهولة في مساحة بحجم رأس الدبوس).

    * إذا تم فرد جميع الدنا DNA الموجود في الجسم البشري طرفا لطرف، يمكن للخيط الناتج أن يصل من الأرض إلى الشمس وبالعكس 600 مرة [100 تريليون ×1.8 متر مقسومة على 148.800.000 كيلومتر = 1200].

    * يقوم الباحثون في مشروع الجينوم البشري بفك شفرة 12.000 حرف من الدنا DNA البشري في الثانية الواحدة.

    * إذا تم فرد جميع الحروف (3 بلايين) المكونة للجينوم البشري بحيث يكون كل منها على بعد 1 ملم من الآخر، فستمتد لمسافة 3000 كيلومتر - أو نحو 700 ضعف لارتفاع مبنى الإمباير ستيت، وهي ناطحة السحاب الشهيرة في مدينة نيويورك.

    منظمة للجينوم البشري

    ظلت وزارة الطاقة الأمريكية ( DOE) والهيئات الحكومية التابعة لها مسئولة، ولمدة تقارب الخمسين سنة، عن البحث بعمق في الأخطار المحتملة على صحة الإنسان نتيجة لاستخدام الطاقة ونتيجة للتقنيات المولدة للطاقة - مع التركيز بصورة خاصة على تأثير الإشعاع الذري على البشر، لذلك فمن الإنصاف أن نعلم بأن أغلب ما نعرفه حالياً عن التأثيرات الصحية الضارة للإشعاع على أجسام البشر، نتج عن الأبحاث التي دعمتها هذه الوكالات الحكومية - ومن بينها الدراسات طويلة المدى التي أجريت على الناجين من القنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا على مدينتي هيروشيما ونجاساكي، بالإضافة إلى العديد من الدراسات التجريبية التي أجريت على الحيوانات.
    حتى وقت قريب، لم يقدم العلم سوى أمل ضئيل في اكتشاف تلك التغيرات الطفيفة التي تحدث في الحمض النووي (الدنا DNA) الذي يشفر برنامجنا الوراثي، كنا بحاجة إلى أداة تكتشف التغيرات الحادثة في (كلمة) واحدة من البرنامج، والذي ربما يحتوي على مائة مليون (كلمة).
    في عام 1984، وفي اجتماع مشترك بين وزارة الطاقة الأمريكية واللجنة الدولية للوقاية من المطفرات ( Mutagens) والمسرطنات ( Carcinogens) البيئية، طرح لأول مرة بصورة جدية ذلك السؤال: (هل يمكننا، أو هل يجب علينا، أن نقوم بسلسلة ( Sequence) الجينوم البشري ?: وبكلمات أخرى: هل علينا تطوير تقنية تمكننا من الحصول على نسخة دقيقة (كلمة بكلمة) للمخطوطة الوراثية الكاملة لإنسان (عادي). وبهذا نتوصل إلى مفتاح اكتشاف التأثيرات المطفرة Mutagenic الخادعة للإشعاع وللسموم المسببة للسرطان.


    The human genome is composed of 23 pairs of chromosomes (46 in total), each of which contain hundreds of genes separated byintergenic regions. Intergenic regions may contain regulatorysequences and non-coding DNA.





    الجينوم .. مستودع أسرار البشرية



    يتناول المؤلف في هذا الكتاب وهو أستاذ علم الحيوان في جامعة أكسفورد الخلية الوراثية أو الجينوم، ويستعرض في كل فصل جينا واحدا أو أكثر من الجينات الموزعة على أحد أزواج الكروموسومات الإثنين والعشرين الموجودة في نواة كل خلية.
    وتؤكد الدراسات العلمية أن الجسم البشري يحوي قرابة مائة تريليون خلية, وفي نواة كل خلية توجد مجموعتان كاملتان من الجينوم البشري، ولا تشمل هذه القاعدة خلايا التكاثر (أي الحيوانات المنوية في الذكور والبويضات في النساء) ولا كريات الدم الحمراء، ففي خلايا التكاثر توجد مجموعة واحدة من الجينوم، وذلك لاستقبال المكمل لها من خلية التكاثر الأخرى، أما الكريات الحمراء فلا تحوي أي مجموعة جينية.
    وتكون مجموعات الجينوم الكروموسوم، ويقول العلماء أن كل كروموسوم يتشكل من ستين إلى ثمانين ألف جين.

    ولا ينظر المؤلف في كتابه للجين باعتباره مادة صماء ولكنه يتعامل معه باعتباره كتابا يحكي آلاف القصص الحية، ويشبه الإكسونات التي يتألف منها الجين الواحد بالفقرات المكونة للقصة، وتتكون الفقرة من كلمات تسمى في علم الجينات كودونات، أما الكودونات فتتألف من مجموعة حروف تسمى القواعد.
    ويذهب المؤلف إلى أبعد من ذلك في التشبيه فيشير إلى أن كلمات القصص الجينية تتكون من أربعة حروف هي الأدنين والسيتوزين والجوانين والثيمين، وهي عبارة عن سلاسل طويلة من السكر والفوسفات تسمى جزيئات DNA.
    ويوجد في كل كتاب مليار كلمة تجعله بحجم الإنجيل 800 مرة، وفكرة أن الجينوم كتاب ليست استعارة مجازية بل هي حقيقية بالمعنى الحرفي للكلمة، فالجينوم والكتاب معلومات رقمية تتحدد حسب شفرة تحول رموز الأبجديات الصغيرة إلى قاموس كبير من المعاني.
    ويمضي الكاتب في وصف الوسائل التي ينسخ بها الجين نفسه، وكيف يؤلف كتبا جديدة مع الزمن، يكون بعضها مغايرا لقواعد النسخ المتبعة في ذلك الكتاب، وهو ما يعرف بالطفرة، ومعظم تلك الطفرات تكون تغيرا عميقا لكنه لا يضر ولا ينفع وإنما يغير في الموروث الجيني فقط.
    والجينات تروي قصة الحياة على الأرض، وحسب الكتاب فإن الكلمة الجينية هي أول ما وجد على الأرض وأخذت تنسخ نفسها للأبد بلا انقطاع وحولت سطح الأرض إلى جنة خضراء، والحياة عملية خلق واحدة فقط.
    والجينات هي السلالة المباشرة لأول جزيئات ناسخة، وهي من خلال سلسلة لا تنقطع من عشرات البلايين من النسخ قد وصلت لنا وهي ما زالت تحمل رسالة رقمية فيها آثار من أقدم تلك الصراعات في الحياة، والجينوم البشري يستطيع أن يخبرنا بأشياء كثيرة فهو سجل لتاريخنا مكتوب على مدى الحقب والقرون.
    لكن العلم لا يملك حتى الآن إلا تلميحات مبهمة عن الطريقة التي يتولد بها النمو والشكل بواسطة الجينات، ويبدو أن نسبة قليلة من الجينات (حوالي 2% منها) هي التي تحدد النوع والصفات الوراثية والسلوكية أيضا, ولكن العلم لا يعرف حتى الآن كيف يتم ذلك.
    تكرار النسخ يحدد المصير
    يكرر الجين نفسه مرات عدة، ويحدد عدد هذه التكرارات السن التي يبدأ فيها الإنسان بفقدان توازنه وعجزه عن رعاية نفسه، فإذا تكررت الكودونات خمسا وثلاثين مرة سيصاب الإنسان بخرف الشيخوخة في منتصف العمر أو بعد السبعين أو بعد ذلك, حسب عدد المرات التي نسخ فيها الجين نفسه أثناء عملية التكون.
    وحتى بعض الأمراض ترد كامنة إلى البشر مع الجينات، فعلى سبيل المثال تأوي في الكروموسوم الخامس جينات عدة مرشحة لتكون المسؤولة عن مرض الربو، وهو مرض ليس وراثيا، وعلى كروموسومات أخرى تأوي جينات يعتقد أنها مسؤولة عن الربو أيضا حين تشهد عملية نسخها طفرة، وقد تكون جينات أخرى مسؤولة عن تشكيل الاستعداد للمرض. ولكن العلم ينمو إلى اللا قطعية، فكلما ازددنا معرفة بالجينوم ازداد الغموض.
    الذكاء
    فالجينات بحد ذاتها سوية وليست مسؤولة عن المرض ولكنها في تشكلها وتفاعلها قد تؤدي إلى المرض، ولكن الوراثة في الأمراض والصفات تبدو حقيقية وهذا ينطبق على الذكاء، وثمة مؤشرات كثيرة تؤيد فرضية أن بعض الجينات مسؤولة عن الذكاء، ولعل أدمغة البشر وهي يمر فيها التراث الثقافي عبر الحقب اختزنت المهارات التي تعلمتها وباتت تتوارثها، فالبيئة التي يمارسها الأطفال تكونها الجينات والعوامل الخارجية معا، إذ يتعرف الطفل على بيئته كما أنه يساهم في تشكيلها، وعلى أية حال فالجدال في هذا الموضوع ماض ولم يتوقف.
    صراع الجينات
    الجسم ضحية أو مجال لمعركة وهو أيضا وسيلة نقل طموحات الجينات، وهذه آخر مقولة لعلماء البيولوجيا, وهي تنسف مقولة أن الجينات عبارة عن وصفات تنتظر في سلبية استنساخها حسب هوى الاحتياجات الجماعية للكائن.
    فالجينات يتصارع أحدها مع الآخر، وفكرة أن يكون الجينوم ميدانا لمعركة من نوع بين الجينات الوالدية والجينات الطفولية أو بين جينات الذكور وجينات الإناث, كل هذا قصة قلما يوجد من يعرفها خارج مجموعة صغيرة من البيولوجيين التطوريين, إلا أنها هزت بعمق الأسس الفلسفية للبيولوجيا.
    فعلى سبيل المثال كل جينوم هو أكثر تعقيدا بكثير مما يلزم، وبعضها يحوي جينات حقيقية من نوع مختلف تماما ويتضمن امتدادات كثيرة تبدو بلا معنى، وكأنه كتاب يكتب نفسه ثم يضيف ويحذف ويعدل باستمرار على مدى الحقب، وتسلك الجينات وكأن لها هدفا أنانيا ليس على نحو واع وإنما ارتجاعي: الجينات التي تتبنى هذا السلوك تزدهر والجينات التي لا تفعل ذلك لا تزدهر. وهذا يفيد كثيرا فيما أصبح يعرف اليوم على نحو واسع بمصطلح "البصمة الوراثية" .
    لقد حدث للبيولوجيا في سبعينيات القرن العشرين ما حدث للفيزياء من قبل بـ50 سنة وهو انهيار اليقين والاستقرار والحتمية ليقوم مكانه عالم من التقلب والتغير وعدم القابلية للتنبؤ. إن الجينوم الذي نفك شيفرته في هذا الجيل ليس سوى لقطة واحدة لوثيقة تتغير أبدا، فليس هناك وجود لطبعة نهائية من كتاب الجينوم.
    الجين يحدد معالم الشخصية
    كل إنسان يتفرد بشخصية وصفات محددة، فهناك شخص لا مبال، وآخر عصبي المزاج أو قلق، وهناك من يلتمس المخاطر، وهناك الصامت والثرثار، ويعتقد العلماء أن على الكروموسوم الحادي عشر جين يعمل في الدماغ ويؤثر على الإشارات الكيميائية والكهربائية المختلفة مما يدفع الدماغ للبحث في الخيارات والحوارات واختيار أحدها، ولكن هذا لا يفسر سوى 4% من السلوك, فهناك عناصر أخرى كثيرة في تحديد الشخصية لا تقل عن اثني عشر, وهذا يعني أنه يوجد أكثر من خمسمائة جين تتنوع في تناغم مع الشخصيات البشرية، وهذا ينفي الحتمية الوراثية والجينية في السلوك والشخصية التي تتكون من مزيج غامض ومعقد من تلك الجينات.
    ربما كنا نحن البشر محددين تحديدا مدهشا حسب أوامر جيناتنا, ولكننا نتحدد أكثر بما نتعلمه في حياتنا، فالجينوم يعالج المعلومات ويستخلص معلومات مفيدة بالانتخاب الطبيعي ويجسد هذه المعلومات في تصميمه. والتعلم يختلف عن الذاكرة، فالغريزة سلوك يتحدث وراثيا، أما التعلم فسلوك تعدله الخبرة.
    تحسين النسل
    تقدم الكثير من السجلات التاريخية لتحسين النسل هذا العلم كمثل لمخاطر ترك العلم وبخاصة الوراثيات من غير سيطرة, إلا أن فيه مثلا أكبر كثيرا لخطر أن تترك الحكومات من غير سيطرة.
    والحل في مقولة توماس جيفرسون: لا أعرف مستودعا آمنا للسلطات المطلقة للمجتمع غير الناس أنفسهم, وإذا كنا نظن أن الناس ليسوا متنورين بما يكفي لممارسة هذه السيطرة بتعقل كامل فإن العلاج لا يكون بأن نسلب منهم هذه السيطرة وإنما يكون العلاج بأن يتعلموا التعقل.
    ربما يكون أوضح ما يوصلنا الكتاب إليه هو معرفة مدى جهلنا بأنفسنا وتفسير ما يحدث لنا من مرض وموت ونمو وسلوك ومواقف وتفكير وخيارات، وكأننا نتعلم ونقرأ ونبحث لنعرف جهلنا وليس لنعلم، أو كأن العلم هو معرفة الجهل.
    راهب مغمور فتح الطريق
    يعد الراهب مندل (الذي ولد عام 1822) واختار الرهبنة كارها مؤسسا رائدا لعلم الوراثة، فقد اكتشف بعد سلسلة طويلة ومعقدة على نباتات البازلاء أن الخصائص لا تمتزج، بل هناك شيء صلب لا يقبل الانقسام، شيء كمي دقيق في قلب التوارث، فليس هناك مزج للدماء والسوائل ولكنها كريات صغيرة كثيرة ترتبط مع بعضها ارتباطا مؤقتا، وهذا يفسر الصفات السائدة والمتنحية، وكيف يكون لإحدى الأسر طفل بعينين زرقاوين وآخر بعينين بنيتين.
    لكن مندل الذي زج به في سلك الرهبنة مرغما مات مغمورا دون أن ينتبه أحد لاكتشافه إلا بعد وفاته، وهو ما حدث للدكتور جارود أيضا الذي اقترب من فهم الجينات ولكن هذا لم يتأكد إلا بعد وفاته بعشر سنوات عندما عرفت الشفرة الوراثية.
    __________________
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    طرق الاثبات الحديثة Empty رد: طرق الاثبات الحديثة

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة أبريل 23, 2010 11:53 pm

    منهجية و مشروعية تطبيق البصمة الوراثية "
    1 ) منهج تحديد البصمة الوراثية :-
    يقول إريك لاندر : أن المنهج الأساسي لتحديد بصمة الحمض النووي بسيط للغاية ، حيث يستخلص الحمض النووي أولاً من إحدى عينات الدليل و من دم المتهم ، ثم يقطع الحمض النووي فل كل من العينتين إلى ملايين الشظايا بإستخدام أنزيم تحديد يبتر عند تتابعات بذاتها ، تفرد الشظايا بعد ذلك عن طريق التفريد الكهربي بالجين ، إذا تحمل كل عينة على رأس حارة خاصة على الجين ، و تعرض لمجال كهربي يجري على طول هذا الجين فتتحرك شظايا الحمض النووي بسرعات تختلف بحسب حجمها ( الشظايا الأصغر تتحرك بشكل أسرع من الشظايا الأكبر ) في نهاية العملية تفصل شظايا الحمض النووي في كل حارة بحسب الحجم ، ينتقل الحمض النووي بعد ذلك فوق قطعة من الورق تسمى الغشاء ، و تثبت لتصبح جاهزة للتحليل لكي نظهر شظايا الحمض النووي المناظرة لأي موقع على الكروموسوم لا بد أن نستخدم مسبراً مشعاً يحمل من الحمض النووي تتابعاً قصيراً من هذه المنطقة ، يغمر الغشاء بالمسبر المشع فيقترن بالتتابعات المكملة ، ثم يعرض الغشاء لفلم أشعة سينية طوال الليل لنرى أين أقترن المسبر المشع ، تميز هذه المواقع بظهور شرائط أنيقة قاتمة اللون تسمى ( الصورة الإشعاعية الذاتية ) تشكل الشرائط نموذج الحمض النووي لعينة الموقع الذي نحن بصدده ، تجري المقارنة بالنسبة لكل موقع لنرى ما إذا كانت نماذج الحمض النووي للعينة ( عدد الشرائط و مواقعها بالضبط ) تتوافق مع نظيراتها في كرات الدم البيضاء المأخوذة من دم المتهم ، إذا لم تتوافق النماذج عند كل موقع فإنها تكون مأخوذة من مصادر مختلفة ( إلا إذا كان ذمة خطأ تقني ) ، فإذا ما كانت النماذج تتوافق فعلاً عند كل موقع قلنا : أنها قد تكون من نفس المصدر ، نعني أنها تستقيم مع الفرض بأنها من نفس المصدر ، على الرغم من إحتمال أن تكون من أفراد مختلفين لهم بالمصادفة نفس أنماط هذه المواقع بالذات ، فإذا عثرنا على توافقات لعدد كافٍ من المواقع قلنا أن العينات لنفس الشحص ، و تستغرق هذه الطريقة حوالي خمسة أيام ، و قد تمتد إلى ثلاثة أسابيع وفقاً للطرق المختارة في تصنيف الحمض النووي.

    2 ) ضوابط العمل بالبصمة الوراثية بها شقان هما الجانب الشرعي و العملي أوردهما كالتالي :-

    (أ) الضوابط الشرعية :

    تتحقق الدقة في العمل الجنائي بإتخاذ السبيل إلى تطبيق شرع الله إعتماداً على الكتاب و السنة بصفة خاصة في الأعمال التي ترتب إدانة أي من الأشخاص ، و حلف الخبير أمام المحقق بمثابة عهد منه على الوفاء بعمله ، و هو مما يتطلب الوفاء به في فحص البصمة الوراثية ، و هو مسؤول عن ما يدونه في تقريره لما تسفر عنه نتائج الفحص و هذه المسؤولية ما يقع على عاتق البشر بأمر من الخالق سبحانه و تعالى في قوله تعالى : ( و لا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا ) ، لذا فإن حلف اليمين من الأمور المتطلبة حتى يتذكر أنه صاحب أمانة لا بد من أدائها إلى أصحابها أولهم الله سبحانه و تعالى ، حتى يتحرى الحق بكل دقة و يبعد عن الزور الذي أمرنا بالإبتعاد عنه لقوله تعالى : ( ذلك و من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه و أحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان و اجتنبوا قول الزور ) ، و بعد أن يلتزم الخبير الأمانة في أداء العمل الفني فإنه يتطلب تقديم تقرير الخبير للبصمة الوراثية كتابة حتى تكون معلوماته مؤكدة لا خلاف فيها و لا تتغير بمرور الوقت ، كما أنها أمراً من الله سبحانه و تعالى لإثبات الحق في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه .. ) ، كما جرى العمل بها لأمر الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم و إتخاذه كاتب له ، حيث كان يتخذ علي و زيد ابن ثابت رضي الله عنهما كتاباً له ، و يكتب التقرير بأمانة كما هو بكامل المعلومات دون حذف أو إضافة ، و قد شمل نص المادة السابعة و السبعين من نظام الإجراءات الجزائية السعودي ببعض تلك الضوابط المنحصرة في شرط الكتابة لقولها ( على الخبير أن يقدم تقريره كتابةً في الموعد الذي حدد من قبل المحقق .. ) ، و لا يوجد نص مما يحث على حلف اليمين و إن كان موجوداً بنصوص الشريعة الغراء ، و التي هي دستور المملكة العربية السعودية ، كما ورد بذات المعنى في نص المادة السادسة و الثمانين من قانون الإجراءات الجنائية المصري الشروط الواجب توافرها في عمل الخبير حيث ورد بالنص أنه ( يجب على الخبراء أن يحلفوا أمام قاضي التحقيق يميناً على أن يبدوا رأيهم بالذمة و عليهم أن يقدموا تقريرهم كتابة ) ، و مما يعطي تقرير الخبير القوة في الإثبات ، أن يتم تحليل البصمة الوراثية بناءً على أمر من الجهات القضائية المختصة ، و مما لا شك فيه أن النتائج المترتبة على عمل البصمة الوراثية لا بد لها أن تكون مما يوافق إعمال العقل و المنطق ، حيث لا يصح نسب جريمة القتل مثلاً لشخص لديه شلل و لو كان عارضاً ، طالما تمت الجريمة حال مرضه ، كما أن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي ، لرابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشر المنعقدة في مكة المكرمة عام 1419 هــ في القرار الأول له بشأن إستفادة المسلمين من علم الهندسة الوراثية ، قام المجلس بوضع ضوابط أخرى لصحة العمل بالبصمة الوراثية ، حيث قرر ثالثاً أنه ( لا يجوز إستخدام أي من أدوات علم الهندسة الوراثية و وسائله في الأغراض الشريرة و العدوانية لكل ما يحرم شرعاً ) ، و قد قرر المجلس في الفقرة خامساً أنه ( لا يجوز إجراء أي بحث ، أو القيام بأي معالجة ، أو أي تشخيص يتعلق بمورثات إنسان ما ، إلا للضرورة ، و بعد إجراء تقويم دقيق و سابق للأخطار و الفوائد المحتملة و المرتبطة بهذه الأنشطة ، و بعد الحصول على الموافقة المقبولة شرعاً ، مع الحفاظ على السرية الكاملة للنتائج ، و رعاية أحكام الشريعة الإسلامية الغراء ، القاضية بإحترام الإنسان و كرامته ) ، و تقرر ثامناً أنه ( يوصي المجلس الأطباء و أصحاب المعامل ، و المختبرات ، بتقوى الله تعالى ، لإستشعار رقابته ، و البعد عن الأضرار بالفرد و المجتمع و البيئة ).

    (ب) الضوابط العملية :

    أ - وجود مختبرات تابعة للدولة و مراقبتها لها.

    ب - تجهيز المختبرات بأحدث الأجهزة و ذات أعلى دقة في النتائج ، حتى لا تقابل بالهجوم من أي جهة أخرى.

    ج - وجود خبراء ذوي أمانة ، و صدق ، و عدل إلى جانب الخبرة ، و ممن يطلعون على أحدث تطورات البحث العلمي في مجال البصمة الوراثية.

    د - عدم وجود صلة شخصية بين الخبير و الموضوع الذي يتولى القيام بفحص البصمة الوراثية فيه ، لعلاقة بأي من أشخاص الجريمة.

    و قد أثير نقاش حول عدد من يقوم بالخبرة هنا ، حيث ذهب بعض الفقه إلى إشتراط أكثر من خبير واحد للعمل بالبصمة الوراثية ، و حجتهم في ذلك الشهادة كمثال ، تدليلاً لقوله تعالى : ( و أشهدوا إذا تبايعتم و لا يضار كاتب و لا شهيد و إن تفعلوا فإنه فسوق بكم و اتقوا الله و يعلمكم الله و الله بكل شيء عليم ) ، و لكنه رأي محل نظر في أن هذا الرأي السابق وضع البصمة الوراثية وضع الشهادة ، و لكنه عمل كأي عمل خبرة لا يتطلب له أكثر من خبير وفق ما ورد في نصوص النظامين السعودي و المصري ، كما أنه ليس بشهادة و إنما خبرة فالخبير لم يرى شيء كما في حال الشاهد ، و إنما خبرته العلمية هي التي أوصلته لما يعلم ، و إذا كان الأمر للإحتياط حتى لا يتلاعب فيها فإن الخبيرين أيضاً لهما أن يتفقا على التلاعب و لو كانوا أكثر أو أن يخفي أحدهما على الآخر ، و هو ما قام به سليمان في قصة المرأة التي صب في دبرها بيض و هي نائمة ، و قضى سليمان بأن يشوى فإذا أجتمع كان بيضاً و إلا كان منياً ، كما أوصى مجلس المجمع الفقهي في قراره الأول في دورته الخامسة عشرة ( بالإستفادة من علم الهندسة الوراثية في الوقاية من المرض أو علاجه ، أو تخفيف ضرره ، بشرط أن لا يترتب عن ذلك ضرر أكبر ) ، و أوصى المجلس رابعاً بأنه ( لا يجوز إستخدام أي من أدوات علم الهندسة الوراثية و وسائله ، للعبث بشخصية الإنسان و مسؤوليته الفردية ، أو للتدخل في بنية المورثات " الجينات " بدعوى تحسين السلالة البشرية ) ، و في التوصية السادسة أنه ( يجووز إستخدام أدوات علم الهندسة الوراثية و وسائله ، في حقل الزراعة و تربية الحيوانات ، شريطة الأخذ بكل الإحتياطات لمنع حدوث أي ضرر - و لو على المدى البعيد - بالإنسان أو الحيوان أو البيئة ).

    3 ) القيمة القانونية للبصمة الوراثية لها شقان أوردهما كالتالي :-

    (أ) تقرير الخبير :

    بعد أن تتم عملية فحص البصمة الوراثية من الناحية الطبية يقوم الخبير الفني المنتدب بعمل تقرير يفيد بما توصل إليه من جراء الفحص ، لذلك فإن الفائدة و القيمة القانونية لتقرير خبير البصمة الوراثية تكون بتوضيح عناصر محددة سلفاً من قبل السلطة المختصة الآمرة بندب الخبير ، لذا ينقسم تقرير الخبير إلى ثلاثة أقسام ، حيث يذكر في القسم الأول منها محل العمل المنتدب لأجله ، و يتناول القسم الثاني منها الخطوات الإجرائية التي أتخذها لأجل إنجاز هذا العمل ، حتى تكون واضحة من الناحية القانونية من حيث صحتها ، و يخصص القسم الثالث لتوضيح النتيجة الفعلية و العلمية التي توصل إليها بأدق التفاصيل التي واجهها في سبيل أداء ذلك العمل ، مع إلتزامه بعدم الخروج على الحدود التي ندب لأجلها.

    (ب) نتائج العمل بالبصمة الوراثية :

    أن البصمة الوراثية نعدها من باب الوسائل التي تحقق القواعد الشرعية للدين الحنيف الدين الإسلامي ، حيث القاعدة الشرعية التي تقضي بأن ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) ، فمنع المجرم من تكرار جرمه درءاً لمفسدته و كذلك عقابه على فعله الآثم فيه درء لمفسدة محققة ، كما فيه ردع عام للجميع و ردع خاص للمجرم محل المحاكمة ، و من أمثلة العمل بها ما تم التوصل إليه في العديد من القضايا كما حدث في جمهورية مصر العربية من إستخدام البصمة الوراثية في حادث قطار أسوان الذي أسفر عن العديد من الضحايا ما يقرب إلى ما يفوق ( 400 جثة مفتتة ) لا يوجد ما يدل على أن هذا الجزء يكمله آخر حتى تتمكن السلطات من رد الأشخاص إلى ذويهم و لو جثث هامدة ، فالبصمة الوراثية يمكن لها الإستعراف على الأشخاص و الإثبات أو النفي و لو كانت في محل ملوث و به من الأقذار ما به و لو كان مجرد رفات أو بقايا عظام ، و في عام 1417 هــ شب حريق أثناء موسم الحج مما أسفر عن 338 متوفي ، تعرف الأفراد على أقاربهم و لكن 152 فرد من الضحايا فقط و بقي 186 جثة متفحمة و مجهولة الهوية ، و لكن بإستخدام هذه التقنية الحديثة تم التعرف على معظم الجثث بطريق مقارنة البصمة الوراثية لهم مع البصمة الوراثية الماخوذة من ذويهم ، و كما قبلت من العديد من الدول و أصبحت وسيلة عالمية في الإثبات ، كما في القانون الجنائي الفرنسي بمادته (28/226) المعدلة عام 1994 م ، حيث جاء النص كما يلي ( إن كشف شخصية الإنسان عن طريق بصمته الوراثية لا يجب أن يكون إلا في إحدى حالات ثلاث ) هي كالتالي :

    1 - الغرض الطبي.
    2 - الغرض العلمي.
    3- في نطاق إجراءات صحيحة.

    و في الإمارات العربية المتحدة تم إنشاء مختبر جنائي لإجراء فحص البصمة الوراثية كما تم إستخدامه في العديد من القضايا ، و في جمهورية مصر العربية تم إنشاء معمل للطب الشرعي و البيولوجيا الجزيئية عام 1995 م لإجراء فحص البصمة الوراثية ، و في الكويت عام 1998 م أعد مشروع لتعديل الفقرة الأولى من نص المادة الثالثة و السبعين بعد المائة من القانون رقم واحد و خمسين لعام 1984 للأحوال الشخصية بما يجعل البصمة الوراثية دليل مفيد و قوي في إثبات و نفي النسب.

    4 ) آراء عملية مقارنة لمدى مشروعية تطبيق البصمة الوراثية :-

    البصمة الوراثية تدل على هوية كل إنسان بعينه ، كما أنها أفضل وسيلة علمية للتحقق من الشخصية ، و معرفة الصفات الوراثية المميزة للشخص عن غيره ، عن طريق الأخذ من أي خلية من خلايا جسم الإنسان : من الدم ، أو اللعاب ، أو المني ، أو البول ، أو غير ذلك كما أشرت لها سابقاً في ثنايا سلسلة مقالاتي ، و الإستدلال من خلال نتيجة البصمة الوراثية على مرتكبي الجرائم ، و معرفة الجناة عند الإشتباه ، سواءً كانت جريمة زنا أم قتل أم إعتداء على ما دون النفس عمداً أو خطأً إلى غيرها من أنواع الجرائم و الجناية على النفس أو العرض أو المال ، فإنه كما يرى المختصون يمكن الإستدلال عن طريق البصمة الوراثية على مرتكب الجريمة ، و التعرف على الجاني الحقيقي من بين المتهمين من خلال أخذ ما يسقط من جسم الجاني في محل الجريمة و ما حوله ، و إجراء تحاليل البصمة الوراثية على تلك العينات المأخوذة ، و من ثم مطابقتها على البصمات الوراثية للمتهمين بعد إجراء الفحوصات المخبرية على بصماتهم الوراثية ، فعند تطابق نتيجة البصمة الوراثية للعينة المأخوذة من محل الجريمة ، مع نتيجة البصمة الوراثية لأحد المتهمين ، فإنه يكاد يجزم بأنه مرتكب الجريمة دون غيره من المتهمين ، في حالة كون الجاني واحداً ، و قد يتعدد الجناة و يعرف ذلك من خلال تعدد العينات الموجودة في مسرح الجريمة ، و يتم التعرف عليهم من بين المتهمين من خلال مطابقة البصمات الوراثية لهم مع بصمات العينات الموجودة في محل الجريمة ، و يرى المختصون أن النتيجة في هذه الحالات قطعية أو شبه قطعية ، و لا سيما عند تكرار التجارب ، و دقة المعامل المخبرية و مهارة خبراء البصمة الوراثية ، فالنتائج مع توفر هذه الضمانات قد تكون قطعية ، أو شبه قطعية الدلالة على أن المتهم كان موجوداً في محل الجريمة ، لكنها ظنية في كونه هو الفاعل حقيقةً ، يقول أحد الأطباء : ( لقد ثبت أن إستعمال الأسلوب العلمي الحديث بأعداد كثيرة من الصفات الوراثية كدلالات للبصمة الوراثية يسهل إتخاذ القرار بالإثبات أو النفي للأبوة و النسب و القرابة بالإضافة لإلى مختلف القضايا الجنائية ، مثل : التعرف على وجود القاتل ، أو السارق ، أو الزاني من عقب السيجارة ، حيث إن وجود أثر اللعاب ، أو وجود بقايا من بشرة الجاني ، أو شعرة من جسمه ، أو مسحات من المني المأخوذة من جسد المرأة تشكل مادة خصبة لإكتشاف صاحب البصمة الوراثية من هذه الأجزاء ، و نسب النجاح في الوصول إلى القرار الصحيح مطمئنة ، لأنه في حالة الشك يتم زيادة عدد الأحماض الأمينية ، و من ثم زيادة عدد الصفات الوراثية ، و بناءً على ما ذكر عن حقيقة البصمة الوراثية ، فإن استخدامها في الوصول إلى معرفة الجاني ، و الإستدلال بها كقرينة من القرائن المعينة على إكتشاف المجرمين ، و إيقاع العقوبات المشروعة عليهم في غير قضايا الحدود و القصاص ، أمر ظاهر الصحة و الجواز ، لدلالة الأدلة الشرعية الكثيرة من الكتاب و السنة على الأخذ بالقرائن ، و الحكم بموجبها و مشروعية إستعمال الوسائل المتنوعة لإستخراج الحق و معرفته ، الأخذ بمشروعية البصمة الوراثية كقرينة من القرائن التي يستدل بها على المتهم في قضايا الجرائم المختلفة ، لا يعني أنه يمكن الإعتماد عليها في قضايا الحد و القصاص.

    # إذا أنه لا يثبت عن طريق البصمة الوراثية لا حد و لا قصاص لأمرين هما كالآتي :

    أ - لأن الحد و القصاص لا يثبتان إلا بشهادة أو إقرار ، دون غيرهما من وسائل الإثبات عند كثير من الفقهاء.

    ب - لأن الشارع يتشوف إلى درء الحد و القصاص ، لأنهما يدرءان بأدنى شبهة أو إحتمال.

    و الشبهة في البصمة الوراثية ظاهرة ، لأنها إنما تثبت بيقين هوية صاحب الأثر في محل الجريمة ، أو ما حوله ، لكنها مع ذلك تظل ظنية عند تعدد أصحاب البصمات على الشيء الواحد ، أو وجود صاحب البصمة قدراً في مكان الجريمة قبل أو بعد وقوعها ، أو غير ذلك من أوجه الظن المحتملة ، و مستند الحكم الشرعي للأخذ بالبصمة الوراثية في المجال الجنائي و كذلك في مجال إثبات النسب أو نفيه في حال إذا لم يتم إثباته بأحد الطرق الشرعية المعتبرة و هي إما الفراش ، أو الإقرار ، أو البينة ، أو القيافة ، أو الإستلحاق ،أنها وسيلة لغاية مشروعة ، و للوسائل حكم الغايات ، و لما في الأخذ بها تحقيق لمصالح كثيرة ، و درء لمفاسد ظاهرة ، و مبنى الشريعة كلها على قاعدة الشرع الفقهية الشهيرة الكبرى ( جلب المصالح و درء المفاسد ) ، و أخذاً بما ذهب إليه جمهور الفقهاء من مشروعية العمل بالقرائن ، و الحكم بمقتضاها ، و الحاجة إلى الإستعانة بها على إظهار الحق و بيانه بأي وسيلة قد تدل عليه ، أو قرينة قد تبينه ، إستناداً للأدلة الشرعية و إجماع فقهاء العصر الحديث التي أفضل ذكرها كالتالي :

    1 - من كتاب الله قوله تعالى : ( و شهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت و هو من الكاذبين ، و إن كان قميصه قد من دبر فكذبت و هو من الصادقين ).

    2 - من السنة عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : ( أردت الخروج إلى خيبر ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فسلمت عليه ، و قلت له : إني أردت الخروج إلى خيبر ، فقال : إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقاً ، فإذا أبتغى منك آية فضع يدك على ترقوته ) ، فقد بين عليه الصلاة و السلام جواز الإعتماد على القرينة في الدفع للطالب ، و إعتبارها دليلاً على صدقه ، كشهادة الشهود.

    3 - كذلك ما جاء في توصية الندوة الفقهية حول الوراثة و الهندسة الوراثية ما نصه : ( البصمة الوراثية من الناحية العلمية وسيلة لا تكاد تخطيء في التحقق من الوالدية البيولوجية ، و التحقق من الشخصية ، و لا سيما في مجال الطب الشرعي ، و هي ترقى إلى " مستوى القرائن القوية التي يأخذ بها أكثر الفقهاء في غير قضايا الحدود الشرعية.. ).

    و الواقع أن العمل بالقرائن أمر لا محيد عنه ، و قل أن تجد عالماً من العلماء أستطاع أن يتجنب الأخذ بالقرائن كلية و تجاهلها ، و حتى الذين صرحوا بعدم قبولها كدليل صالح لبناء الأحكام عليها عملوا بها في كثير من المواضع الغير محصورة و التي نستقرئها من واقع كتب الفقه الإسلامي حيث أعتمد الفقهاء فيها على القرائن و الأحوال و أوردها على سبيل المثال لا الحصر كالآتي:

    1 - الإجماع على جواز وطء الزوج لزوجته إذا زفت إليه ليلة الزواج و إن لم يعرف عينها و لم يشهد عنده شاهدان أنها زوجته إعتماداً على القرينة الظاهرة.

    2 - الحكم على الخنثى بكونه رجلاً أو أمرأة إعتماداً على الأمارات التي تدل على ذلك.

    3 - إعتبار سكوت البكر موافقة منها على الزواج ، و السكوت ليس إلا قرينة على رضاها.

    4 - عدم إقرار قبول المريض مرض الموت لوارثه لإحتمال تهمة محاباة المقر له ، و هي قرينة ظاهرة.

    و مما لا شك فيه أن الدراسات العلمية الحديثة في مجال مكافحة الجريمة قد أضافت الكثير من النظريات و التقنيات المتطورة ذات الصلة الوثيقة بكشف الجرائم و العملية الإثباتية ، و كأحد هذه الأدلة أو القرينة تن التطرق للبصمة الوراثية بإعتباره دليلاً مادي ، و يعتبر الدليل المادي الركيزة الأساسية في عملية الإثبات و وسيلة الوصول إلى الحقيقة و إثبات الحقوق أمام القضاء ، و بالتالي تحقيق العدالة التي هي مطلب الجميع ، و يمكن إستنباطها من خلال إجراء التحليل الفني و الشرعي للآثار المادية محل البحث في المنازعة ، فالأثر المادي بطبيعته متعلق بظروف المنازعة و مستمد منها ، لذلك فهو قد يمدنا بمفاتيح تكشف غموض مجرى الأحداث الخاصة بالموضوع محل النزاع ، و المسؤول عن تحليل الأثر المادي و تقديمه للمحكمة كدليل فني أو علمي هم خبراء التخصصات الفنية المختلفة ، إلا أن رأي المحكمة في هذا الدليل هو الرأي السائد فلها أخذه من عدمه ، معنى ذلك أن الأثر المادي يقدم لنا الدليل المادي بطريقة غير مباشرة ، إذ يحتاج إلى أساليب علمية و خبرة فنية لإستنباط أوجه دلالته ، لذلك فهو يسمى بالدليل الفني أو الدليل العلمي ، يطلق لفظ الأثر المادي و الدليل المادي على ما يعثر عليه من مواد أو أشياء في مسرح الجريمة أو على الأشخاص أطراف الجريمة ، و التي تفيد في تحديد شخصية الجاني و كشف الحقيقة ، و حقيقة أن الأثر المادي هو مصدر الدليل المادي ، فقد يكون الأثر دليلاً بعد الفحص العلمي أو الفني ، و قد لا يكون شيئاً له قيمة ، كما أن الأثر المادي قد تكون له دلالة و لكن المتهم يستطيع إثبات مشروعية صلة هذا الأثر و عدم تعلقه بالجريمة لا سيما في البصمة الوراثية ، حيث أن بصمة الأصابع أثر مادي و مقارنة البصمات تقدم لنا دليلاً مادياً على ملامسة صاحب البصمة للجسم الذي يحملها ، إلا أنها لا تثبت بالضرورة إرتكاب هذا الشخص للجريمة ، لأن المتهم يمكن تبرير وجوده في مكان الحادث بسبب مشروع ، لذلك فإن وجود صلة إيجابية بين الأثر المادي و الشخص المشتبه فيه قد يكون دليلاً مادياً على علاقته بالجريمة ، و عدم وجود تلك الصلة دليل مادي على عدم علاقته بالجريمة ، هذا ما يتعلق بالأثر المادي بإعتباره مصدر للدليل المادي الذي يعرف من الناحية العملية بأنه : ( حالة قانونية تنشأ من إستنباط أمر مجهول من نتيجة فحص علمي أو فني لأثر مادي تخلف عن جريمة ، و له من الخواص ما يسمح بتحقيق هويته أو ذاتيته ) ، بمعنى أن الدليل المادي هو ما يستفاد من الأثر المادي و يتحقق به الإثبات و هذا ينطبق على البصمة الوراثية بإعتبارها دليلاً مادي كما أشرت لذلك مسبقاً في ثنايا سلسلة مقالاتي.

    # بعد هذه الرؤية المقارنة لمدى مشروعية البصمة الوراثية من حيث التطبيق أتضح لنا الآتي :

    ( أنها تعد قرينة من منظور شرعي و تعد دليلاً مادي نتج عن أثر مادي من ساحة الجريمة من منظور قانوني و أوجزت أعلاه أدلة شرعية تجيزها و كذلك آراء قانونية تأخذ بها ، لذا فهي تعد من أقوى القرائن و الأدلة التي يستدل بها على مرتكبي الجرائم و معرفة الجناة و كذلك فيما يتعلق بالنسب إذا لم يثبت بأحد الطرق الثابتة شرعاً ، لما ثبت بالتجارب العلمية المتكررة من ذوي الخبرة و الإختصاص في أنحاء العالم من صحة نتائجها ، و مدى قوة ثبوتها ، مما يجعلنا نقول بمشروعية الأخذ بها و الحكم بمقتضى نتائجها في غير ما أستثني من الشرع فيما يخص النسب الثابت بأحد الطرق المعتبرة شرعاً ، و كذلك في غير قضايا الحدود و القصاص ) منقول،

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 28, 2024 10:04 am