روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    هل حقا سحر النبى صلى الله عليه وسلم ؟( الجزء الثالث)

    avatar
    حاتم عبدالله
    ...
    ...


    عدد المساهمات : 112
    نقاط : 228
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 04/07/2009

    هل حقا سحر النبى صلى الله عليه وسلم ؟( الجزء الثالث) Empty هل حقا سحر النبى صلى الله عليه وسلم ؟( الجزء الثالث)

    مُساهمة من طرف حاتم عبدالله السبت يوليو 25, 2009 8:16 pm

    * سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن سحر الرسول ومن الذي سحره ؟

    فأجاب -–حفظه الله - : ( ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنه يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله ، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي ، لكنه دعا ودعا ، ثم قال : " يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ، فقال : مطبوب 0 قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم 0 قال : في أي شيء ؟ قال : في مشط ومشاطة وجف طلعة نخلة ذكر 0 قال : وأين هو ؟ قال : في بئر ذروان " فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه فجاء فقال : " يا عائشة : كأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين " قلت : يا رسول الله أفلا استخرجته 0 قال : قد عافاني الله فكرهت أن أثير على الناس فيه شراً " فأمر بها فدفنت 0 وفي رواية في الصحيح عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، قال سفيان : وهو ابن عيينة الراوي : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا ، فذكر الحديث ، وفيه : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه 0 وفيه فقلت : أفلا تنشرت ؟ فقال : أما الله فقد شفاني 00 الخ 0 ورواه البخاري في الأدب ، وفيه قالت : مكث النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي النساء ولا يأتي 00 الخ ، ومنه يعلم أن السحر أثر فيه نوع مرض فيما يتعلق بالنساء ، وأن الذي سحره رجل من بني زريق ، يقال له : لبيد بن الأعصم ، وهو من الخزرج ، ولكنه حليف لليهود ، وقد روي أنه أسلم نفاقاً ، وذكر أنه عمل السحر بأمر من اليهود ، وكان ذلك لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية ، وبعد أن دخلت سنة سبع ، وأن اليهود جعلوا له ثلاثة دنانير ، وفي رواية فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف فعفا عنه ، وفي رواية فقال له : ما حملك على هذا ، قال : حب الدنانير ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) 0

    وسئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن كيفية سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والكيفية التي عالج بها السحر الذي أصابه ؟

    فأجاب - حفظه الله - : ( وقع في الأحاديث أنه في جف طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذروان ، أي ذلك الساحر أخذ من شعر النبي صلى الله عليه وسلم وجعله في مشط ، وهو الآله التي يسرح بها الشعر وله أسنان متساوية يدخل الشعر بينها عند كد الرأس أو اللحية ؛ وذلك الساحر جعل الشعر والمشط في جوف الطلع ، وهو الغطاء المسمى بالكافور الذي يكون فوق الطلع عند خروجه من النخل ، أي أنه أخذ الشعر والمشط وعمل فيه السحر ثم جعله في جف هذا الغشاء الذي هو جف طلعة النخل الذكر ، ووضعه تحت راعوفة ، وهو الحجر الذي يوضع على رأس البئر لا يستطاع قلعه يقوم عليه المستقي ، وقد يكون في أسفل البئر ، وقال أبو عبيد : هي صخرة تنزل في أسفل البئر إذا احضرت ، يجلس عليها الذي ينظف البئر ، أو هو حجر يوجد صلباً لا يستطاع نزعه فيترك ، ووقع في رواية عن عائشة : فنزل رجل فاستخرجه 0 وفيه أنه وجد في الطلعة تمثالاً من شمع ، تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا فيه إبر مغروزة ، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، فنزل جبريل بالمعوذتين فكلما قرأ آية انحلت عقدة ، وكلما نزع إبرة وجد لها ألماً ثم يجد بعدها راحة ، ووقع في حديث عن زيد بن أرقم عن عبد بن حميد وغيره : فأتاه جبريل فنزل بالمعوذتين ؛ وفيه فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية ، فجعل يقرأ ويحل حتى قام كأنما نشط من عقال ، ووقع في حديث عن ابن سعد : فاستخرج السحر من الجف من تحت البئر ثم نزعه فحله ، فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويظهر من هذه الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه ، وكرر الدعاء مراراً ، فأطلعه الله تعالى على هذا العمل الشيطاني ، حيث نزل عليه ملكان ، وأخبراه بموضعه وصفته ، فكان لا بد من إخراجه حيث ذهب وبعض أصحابه إلى تلك البئر فأخرجه وفرقه ، وحل العقد التي فيه ، حتى بطل أثره ، وأمر بالبئر فدفنت ، حيث أن ذلك السحر أثر فيها ، حتى كأن ماءها نقاعة الحناء أي أحمر متغيراً ، وكأن نخلها رؤس الشياطين ، لأنه شرب من ذلك الماء والله أعلم ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) 0

    وسئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن أثر السحر في رسول الله صلى الله عليه وسلم مع حصانته بالأذكار والأدعية والأوراد التي كان يحافظ عليها ؟

    فأجاب - حفظه الله - : ( الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم معصوم فيما يبلغه من الرسالة وفي عقله لا يصل إليه ما يغيره ، فأما بدنه فقد تصيبه الأمراض ، وقد يسلط عليه بعض الأعداء كما حصل له أحد حيث شج رأسه وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، وهذا السحر من جنس ما كان يعتريه صلى الله عليه وسلم من الأسقام والأوجاع ، فإصابته بالسحر كإصابته بالسم ، لا فرق بينهما ، مع أن هذا السحر لم يؤثر إلا في شهوة النساء ، وما يتعلق بالجماع ، فقد وقع في بعض الروايات حتى إنه يخيل إليه أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وفي لفظ : أنه يأتي أهله ولا يأتيهم 0 وهذا كثيراً ما يقع تخييله للإنسان في المنام ، فلا يبعد أن يخيل إليه في اليقظة ، فظهر بهذا أن السحر إنما تسلط على جسده وظواهر جوارحه لا على تمييزه ومعتقده ، ويحتمل أن يراد بالتخييل أنه يظهر له من نشاطه ما ألفه في سابق عادته من الاقتدار على الوطء ، فإذا دنا من المرأة فتر عن ذلك ، كما هو شأن المعقود ، ويؤخذ من مجموع الروايات أن هذا الساحر لم يؤثر في عقله صلى الله عليه وسلم ولا في بدنه ظاهراً ، وأن التخييل الذي كان يخيل إليه لا يجزم به ، وإنما هو من جنس الخواطر التي تخطر في البال ، ولا تثبت ، والظاهر أن التأثير إنما هو في شهوة النساء وشأن الوطء ، ولهذا لم يتفطن له إلا زوجته ، ولم ينقل أحد أنه أثر في ما يبلغه ، ولا في عبادته ومعاملاته ، فلا يستبعد أن يصيبه بقضاء الله وقدره تأثير هذا العمل ابتلاء كما تصيبه الأمراض الكثيرة في بدنه ، فقد قال صلى الله عليه وسلم " أشد الناس بلاء الأنبياء الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل " ( صحيح الجامع 994 ) ، وإذا قدر الله شيئاً لم ترده الأوراد والأذكار والأدعية ، وليعلم الخلق أنه بشر يصيبه ما يصيبهم ، وكما حصل للأنبياء قبله من الأذى والقتل والطرد وإن كانت العاقبة للمتقين ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) 0

    وسئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن كيفية سحر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا يضاهيه أحد في العبادة ؟

    فأجاب - حفظه الله - : ( الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضره ذلك السحر في بدنه الظاهر ولا في عقله وإدراكه ولا في دينه وعبادته ولا في رسالته التي كلف بإبلاغها ، ولذلك لا يستنكر أحد من الناس شيئاً من سيرته ولا من معاملته معهم في صلاته وأذكاره وتعليمه ، فعلى هذا إنما كان أثر السحر فيما يتعلق بالجماع مع النساء أو مع بعض نسائه ، ولهذا لم ينقله سوى عائشة ، وقد ذكر أنه كان يخيل إليه أنه يأتي النساء وما يأتيهن ، وهذا القدر لا يؤثر في الرسالة وهو من قضاء الله وقدره لحكمة أن الله قد يبتلي بعض الصالحين كالأنبياء فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل والله أعلم ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) 0
    avatar
    حاتم عبدالله
    ...
    ...


    عدد المساهمات : 112
    نقاط : 228
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 04/07/2009

    هل حقا سحر النبى صلى الله عليه وسلم ؟( الجزء الثالث) Empty رد: هل حقا سحر النبى صلى الله عليه وسلم ؟( الجزء الثالث)

    مُساهمة من طرف حاتم عبدالله السبت يوليو 25, 2009 8:18 pm

    * قال الدكتور عمر الأشقر : ( وقد ذهب كثير من المقلدين الذين لا يعقلون ما النبوة ، ولا ما ينبغي لها إلى أن الخبر بتأثير السحر قد صح ، فيلزم الاعتقاد به ، وعدم التصديق به من المبتدعين ، لأنه ضرب من إنكار السحر ، وقد جاء القرآن بصحة السحر 0
    ويمكننا أن نلخص مآخذ أصحاب هذا الاتجاه في النقاط التالية :-
    1- ادعاؤهم أن هذا الحديث باطل ، وأنه من وضع الملحدين 0
    2- زعمهم أن هذا الحديث مقدوح في سنده 0
    3- ادعاؤهم بأن هذا الحديث حديث آحاد ، وأحاديث الآحاد تفيد الظن ، ولا تفيد اليقين ، ولا يجوز الاحتجاج بأحاديث الآحاد من أجل ذلك 0
    4- ادعاؤهم بأن التصديق بهذا الحديث يقدح في مقام النبوة ، وينافي العصمة ، فإذا كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله يمكن أن يخيل إليه أنه أوحي إليه ولم يوح إليه ، أو أنه بلغ ما أوحي إليه ولم يبلغ 0
    5- وقالوا السحر عمل الشياطين ، وهؤلاء لا يسلطون على رسل الله وأنبيائه : ( إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) ( سورة الحجر – الآية 42 ) 0
    6- وقالوا : هذا الحديث يصدق المشركين الذين اتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه مسحور : ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا ) ( سورة الفرقان – الآية 8 ) 0

    ويقول الدكتور عمر الأشقر – حفظه الله - في الرد على أصحاب هذا الاتجاه :

    الأول : أما دعواهم بأن الحديث مكذوب من وضع الملحدين يرد عليه أن الحديث اتفق على إخراجه البخاري ومسلم 0
    الثاني : دعواهم أن الحديث مقدوح في إسناده دعوى ليس عليها دليل ، وقد نظرت في شروح الحديث أمثال فتح الباري ) و ( شرح النووي على مسلم ) فلم ينقلوا عن عالم واحد من علماء الحديث طعن في الحديث أو في رواته 0
    الثالث : أما دعواهم بأن الحديث حديث آحاد ، وأحاديث الآحاد لا تقبل في المسائل الاعتقادية 0 فالجواب : أن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الأحاديث الآحاد تقبل في مسائل الاعتقاد كما تقبل في المسائل العملية ، والذين فرقوا بينهما لم يأتوا بدليل يدل على صحة هذا التفريق 0
    الرابع : أما ادعاؤهم أن هذا الحديث يقدح في مقام النبوة ، وينافي العصمة فهو غير صحيح ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم بالإجماع من كل ما يؤثر خللا في التبليغ والتشريع ، وأما بالنسبة إلى الأعراض البشرية كأنواع الأمراض والآلام ونحو ذلك ، فالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يعتريهم من ذلك ما يعتري البشر 0
    الخامس : دعواهم أن السحر من عمل الشيطان ، والشيطان لا سلطان له على عباد الله ، نقول : إن المراد بقوله : ( إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلطَانٌ ) ( سورة الحجر – الآية 42 ) أي في الإغواء والإضلال ، أما إصابة الشيطان العبد الصالح في بدنه فالآيات لا تنفيها وقد جاء في القرآن ما يدل على إمكان وقوعها ، كما حصل لأيوب وموسى - عليهما السلام - 0
    السادس : أما دعواهم أن هذا الحديث مناقض للقرآن مصدق لمزاعم المشركين الذين زعموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم رجل مسحور فأكذبهم القرآن في ذلك 0
    فالجواب عن هذا الزعم أن هذا الحديث موافق للقرآن لو تدبروا ، موسى - عليه السلام - من أولي العزم من الرسل ، وقد خيل إليه عندما ألقى السحرة عصيهم : ( أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ) ( سورة طه – الآية 66 ، 67 ) 0
    فهذا القرآن الكريم يدل صراحة على أن السحر قد يؤثر في الأنبياء ) ( عالم السحر والشعوذة – بتصرف واختصار - 181 ، 187 ) 0

    قلت : ما ذكره الدكتور عمر الأشقر - حفظه الله - فيه كفاية عن كل رواية ، فقد أوجز وأبدع ، ورد وأقنع ، ونقل منهج السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين في الاتفاق على انتفاء هذه الشبهة ، وحقيقة السحر الذي تعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم 0

    * قال الدكتور أحمد بن ناصر الحمد : ( إن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء ؛ على شفاء من يشاء ، من غير سبب ، والسحر من الأسباب التي يحصل بها الضرر ، وقد نال الرسول المعصوم – صلوات الله وسلامه عليه – ذلك الضرر 0 وهو القدوة والأسوة ، قوله ، وفعله – صلوات الله وسلامه عليه – شرع ومنهج لأمته ، وقد بين الله تعالى له بوساطة الملكين سبب وجعه ، ومادته ومكانه ، وقد قال صلوات الله وسلامه عليه عن ذلك " أشعرت أن الله أفتاني فيما فيه شفائي " أو " أعلمت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه " ، أو نحو ذلك 0 وهذه الألفاظ توحي بإزالة السبب ليزول المسبب ، وهي الفتوى التي فيها الشفاء ، وقد بادر العبد الرسول – صلوات الله وسلامه عليه – بإتيانها وإخراجها ، وحلها ليبطل تأثيرها ، وهذا مما لا يخفى حيث إن الأثر يزول بزوال مؤثره ، إذا كان مرتبطا به ؛ كأثر المغناطيس في الجذب ، والبرودة في الثلج ، ونحو ذلك مما لا يزول أثره إلا بإزالته ، أو بأن يمنع من أثره مؤثر أقوى منه 0
    وأيضا ما قيمة إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بمادة السحر ومكانه ، إذا لم يكن لإخراجه وإتلافه معنى ، وغاية 0
    ثم إن حصول الشفاء للرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك الضرر من غير سلوك أسبابه قهرا لأعدائه صلى الله عليه وسلم وإظهاراً لحماية الله تعالى له وعصمته من كيد أعدائه ، كما يكون ذلك في حالة عدم تأثير السحر عليه 0 لكن الله سبحانه وتعالى كما ابتلى رسوله صلى الله عليه وسلم بتأثير السحر عليه ؛ لم يميزه بإزالة الأثر من غير تعاطي الأسباب ، وهو العليم الحكيم ، والمشرع العليم لتكون القدوة للأمة بنبيها صلى الله عليه وسلم وقد أنزل الله سبحانه وتعالى المعوذتين بهذا السبب ، لطلب الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء ليحميه من أسباب الشر والضرر ، لأنه القادر على منع ذلك ، فالتعوذ بهاتين السورتين عبادة لله تعالى ، وسبب للوقاية من الأضرار ، والحمد لله رب العالمين ) ( كتاب السحر بين الحقيقة والخيال - 120 ، 121 ) 0

    * قال الشيخ عطيه صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر : ( وقد تحدث العلماء عن الحديث الذي ورد في البخاري ومسلم أن رجلاً من بني زريق حليف اليهود اسمه لبيد بن الأعصم سحر النبي صلى الله عليه وسلم فأثبته جماعة وقالوا : ذلك جائز ، فهو مرض من الأمراض التي تصيب الإنسان ، وهو لم يؤثر عليه من ناحية تبليغ الدعوة والرسالة والتزام أحكامها ، وأولوا قوله تعالى : ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ ) ( سورة المائدة – الآية 67 ) بعصمة القلب والإيمان دون الجسد ، فقد شج وجهه وكسرت رباعيته ، وآذاه جماعة من قريش ، والجصاص من أئمة الحنفية قد نفى أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد سحر ، على الرغم من صحة الحديث ، وذلك استناداً إلى الآية ولعدم فتح الباب للطعن فيما بلغه من الرسالة ) ( أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام – ص 315 ) 0

    * قال الدكتور عمر يوسف حمزة : ( وقد يستشكل بعضهم أن يكون للسحر تأثير حقيقي وذلك لسببين :
    الأول : كون السحر بحد ذاته حقيقة ثابتة ، إذ هو فيما يتوهمه البعض أمر مناف بقضية التوحيد 0
    الثاني : أن يقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سحر ، فذلك مما يحط ( في وهمهم ) من منصب النبوة ويشكك الناس فيها 0
    والحقيقة أنه لا إشكال في الأمر البتة ، أما الجواب عن الوهم الأول ، فهو أن اعتبار السحر حقيقة ثابتة لا يعني كونه مؤثراً بذاته بل هو كقولنا السم له مفعول حقيقي ثابت ، والدواء له مفعول حقيقي ثابت ، فهذا كلام صحيح لا ينكر 0 غير أن التأثير في هذه الأمور الثابتة إنما هو لله تعالى 0 وقد قال الله تعالى عن السحر : ( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) ( سورة البقرة – الآية 102 ) ، وقد نفى الله عز وجل عن السحر التأثير الذاتي ، ولكنه أثبت له في نفس الوقت مفعولاً ونتيجة منوطة بإذن الله تعالى 0
    وأما الجواب عن الوهم الثاني ، فهو أن السحر الذي أصيب به صلى الله عليه وسلم إنما كان متسلطاً عن جسده وظواهر جوارحه كما هو معروف 0 لا على عقله وقلبه واعتقاده ، فمعاناته من آثاره كمعاناته من آثار أي مرض من الأمراض التي يتعرض لها الجسم البشري لأي كان ، ومعلوم أن عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم لا تستلزم سلامته من الأمراض والأعراض البشرية المختلفة 0
    وهو كما حصل للمريض عند شدة الحمى ، فمن الأعراض الطبيعية لذلك أن تطوف بالذهن أخيلة وأوهام غير حقيقية لشدة وطأة الحرارة ، والأمر في ذلك وأشباهه من الأعراض البشرية التي يستوي فيها الأنبياء والرسل مع غيرهم من الناس ) ( التداوي بالقرآن والسنة والحبة السوداء – ص 24 ، 25 ) 0

    * قال الأستاذ زهير حموي : ( ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه التبس عليه أمر من أمور العبادة ، أو التبليغ ، التي فضل من أجلها وبعث بها ، فلم يثبت - مثلا - أن النبي صلى الله عليه وسلم خيل إليه في يوم من الأيام أنه صلى فرضا ، وهو لم يصله ، ولم يلتبس عليه الأمر في حكم مسألة أو قضية مما كان يسأل عنه أو يقضي به ، وبهذا يثبت أنه صلى الله عليه وسلم معصوم ومحفوظ ، ولم يؤثر السحر على عقله وقلبه ، وإنما هو عارض من العوارض الجسدية بدليل قول السيدة عائشة – رضي الله عنها – وجعل يذوب ، وإنه بعد ما استخرج السحر كأنه نشط من عقال ، مما يجزم بأن تأثير السحر إنما كان ثقلا في بدنه وفتورا ، وإن ما كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله إنما هو من أمور الدنيا ليس غير ) ( الإنسان بين السحر والعين والجان – 116 ، 117 ) 0

    قال الأستاذ أحمد محمد جمال أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز : ( ونبدأ في حوارنا للعلماء الأجلاء بإثبات حقيقة السحر من آيات القرآن الكريم ، ثم الحديث النبوي ، ونتبعها بآراء الفقهاء والعلماء قدامى ، ومحدثين 0 وبعد ذلك نتحدث عن حقيقة الحسد بالأسلوب نفسه والمنهج ذاته 000 والله وحده الموفق والمستعان ) ( الإصابة بالعين وعلاجها – ص 35 ) 0

    وأما رد البعض لحديث الآحاد ، وقولهم بأن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في باب العقائد ومن هؤلاء ( محمد عبده ) حيث يقول عن سحر الرسول صلى الله عليه وسلم :

    ( إن هذا الحديث أحاد ، وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في باب العقائد ، وعصمة النبي صلى الله عليه وسلم من التأثير في عقله ، لا يؤخذ في نفيها إلا باليقين ، ولا يجوز أن يؤخذ فيه بالظنون ، وعلى كل قلنا بل علينا أن نفوض الأمر في الحديث ، ولا نحكمه في عقيدتنا ، ونأخذ بنص الكتاب ودليل العقل ) ( تفسير جزء عم – ص 181 ) 0
    avatar
    حاتم عبدالله
    ...
    ...


    عدد المساهمات : 112
    نقاط : 228
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 04/07/2009

    هل حقا سحر النبى صلى الله عليه وسلم ؟( الجزء الثالث) Empty رد: هل حقا سحر النبى صلى الله عليه وسلم ؟( الجزء الثالث)

    مُساهمة من طرف حاتم عبدالله السبت يوليو 25, 2009 8:20 pm

    وهذا القول مرفوض جملة وتفصيلا ، لأن أحاديث الآحاد مما يحتج بها ، إضافة إلى أن هذا الحديث ورد في صحيح البخاري ، وقد تكلم في ذلك علماء المسلمين في كتبهم وبينوا كل ما يتعلق بهذه المسألة بما يرد زعم هؤلاء ، ومن ذلك :

    يقول شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - : ( وخبر الواحد المتلقي بالقبول يوجب العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ، وهو قول أكثر أصحاب الأشعري كالاسفرائيني وابن فورك وإن كان في نفسه لا يفيد إلا الظن ، لكن لما اقترن به إجماع على حكم مستندين في ذلك إلى ظاهر أو قياس أو خبر واحد ، فإن ذلك الحكم يصير قطعيا عند الجمهور ، وإن كان بدون الإجماع ليس بقطعي ، لأن الإجماع معصوم ، فأهل العلم بالأحكام الشرعية لا يجمعون على التصديق بكذب ، ولا التكذيب بصدق ) ( مجموع الفتاوى - 18 / 41 ) 0

    وقال أيضا عن أحاديث الصحيحين : ( وعلى هذا فكثير من متون الصحيحين متواتر اللفظ عند أهل العلم بالحديث ، وإن لم يعرف غيرهم أنه متواتر ، ولهذا كان أكثر متون الصحيحين مما يعلم علماء الحديث علما قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، تارة لتواتره عندهم ، وتارة لتلقي الأمة له بالقبول ) ( مجموع الفتاوى – 18 / 41 ) 0

    يقول السيوطي في خبر الآحاد : ( الخبر المحتف بالقرائن يفيد العلم خلافا لمن أبى ذلك ، وهو أنواع منها ما أخرجه الشيخان في صحيحهما مما لم يبلغ التواتر ، فإنه احتف به قرائن منها : جلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما ، وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول ، وهذا التلقي وحده أقوى من إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة على التواتر ) ( تدريب الراوي – 1 / 133 ) 0

    يقول الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – حفظه الله - : ( ولسنا نقبل أن يتحمس الشخص للدين من جوانب ويهدمه من جانب ، فأصحاب المدرسة العقلية الحديثة لا يرون حجية حديث الآحاد والدين أغلبه من طريق الآحاد ويقدمون العقل على النقل ، فهل هذه طريقة السلف ) ( ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر – ص 29 ) 0

    خلاصة البحث : أن سحر النبي صلى الله عليه وسلم ثابت عند أثبات علماء أهل السنة والجماعة ، وهذا السحر لم يضره في بدنه الظاهر ولا في عقله وإدراكه ولا في دينه وعبادته ولا في رسالته التي كلف بإبلاغها ، والله تعالى أعلم 0

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

    أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 1:30 am