روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    القانون ورجاله في مصر!! بقلم: محمد علي إبراهيم جريدة الجمهوريه

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    القانون ورجاله في مصر!! بقلم: محمد علي إبراهيم جريدة الجمهوريه Empty القانون ورجاله في مصر!! بقلم: محمد علي إبراهيم جريدة الجمهوريه

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الخميس يوليو 30, 2009 10:04 pm

    مسكين القانون في بلادنا.. المفروض أن يكون صاحب المقام الرفيع ويكون رجاله هم أصحاب الهامات العالية الذين ترنو إليهم الأبصار وتشرئب الأعناق.. لكن واقع الحال في مصر ليس كذلك.. كنا زمان وفي النصف الأول من القرن العشرين. ننظر إلي كلية الحقوق باعتبارها كلية الصفوة. ففيها تخرج مصطفي كامل ومحمد فريد وسعد زغلول ومصطفي النحاس وغيرهم.
    كانت شهادة الحقوق هي المسوغ الأول والرئيسي في تعيين رؤساء الوزارات في مصر.. 90% منهم كانوا خريجي حقوق. دلائل الوجاهة والنبل والعائلات الارستقراطية كانت تتمثل في شيئين.. الأول أن تحمل شهادة بكالوريا "ثانوية عامة" فرنسية.. والثاني أن تدخل الحقوق.
    كانت الصحافة تطلق عليهم اسم "ملوك البيان" فقد كانت مرافعاتهم في القضايا قطعاً أدبية رفيعة. وقرأنا كيف كان مكرم عبيد القطب الوفدي الكبير يسوق استشهادات كثيرة من القرآن ليطعم دفاعه ويقويه بالأسانيد الشرعية.
    لكن القانون شأنه شأن أشياء كثيرة في مصر تعرض لآثار الزمن وأيضاً عوامل التعرية فلم يعد حامل شهادة الحقوق هو صاحب الهيبة والسطوة والترفع. بل أصبح المحامون في أحيان كثيرة يبذلون الجهد لإنقاذ موكليهم تجار المخدرات من حبل المشنقة . معتمدين في ذلك علي إلمامهم الكبير بثغرات القانون وتحويل دفته لصالح موكليهم.. وصار المحامي رغما عنه الآن هو "رجل شاطر" يحصل علي حق موكله أو "عدم حقه" من خلال اللعب بثغرات القانون.. وصرنا في مصر نبحث عن رجال قانون تفصيل.. أو "ترزية قوانين" كما يحلو لصحف المعارضة أن تسميهم.. وصار المواطنون عندما يبحثون عن محام يقولون "ندور علي محامي مخربش وشارب القانون".. وأعتقد أن هذه الاصطلاحات لم تدخل القاموس المصري اليومي. إلا بعد دخول الحياة المصرية معترك التنازع القضائي . بلا مراعاة لأخلاق أو حقوق جوار أو صلة نسب أو قرابة.. وإذا كنا نشاهد آمهات يقتلن أبناءهن. وشبانا يقتلون آباءهم. وزوجات وأزواجا يتبادلون ذبح بعضهم بعضاً. كل هذا العنف والتربص ولهف الحقوق. والاتجار في المخدرات وجرائم القتل التي أصبحت سيناريو يوميا.. كل ذلك يستلزم محاميا معينا له مواصفات خاصة أهمها معرفة ثغرات القانون والنفاذ منها.
    لهذا لم يعد للقانون هذه السطوة التي كانت له فيما مضي.. والأدهي أن رجاله أصبحوا هم الآن أول من يخذلونه. وأول من يسوقون له آلاف التفسيرات.. وأصبح جهابذة القانون يتقاذفونه كما لو كان لعبة. يشوطها فريق في اتجاه "ويشوطها" آخر في اتجاه معاكس. وتستمر المباراة بين الفريقين ويكون القانون هو الخاسر الوحيد.
    وسأضرب هنا بعض النماذج التي جعلت الناس تخاف من القانون وتطبيقه.
    النموذج الأول من حزب الوفد..و المتنازعان علي رئاسته من رجال القانون :نعمان دكتور قانون وعميد حقوق القاهرة.. وأباظة ماجستير قانون من فرنسا وكاد يحصل علي الدكتوراة.. ومع ذلك كان الاثنان في تنازعهما علي "الوفد" لا يحاربان في المعركة بسلاح القانون وإنما بسلاح آخر كالذي استخدمه نواب الشعب في المعركة الانتخابية السابقة علي دخول المجلس.
    د.نعمان استغل صدور حكم لصالحه برئاسة الحزب فاقتحم المقر.. ومحمود أباظة دافع عن المقر لأنه يعلم أن الفائز بالمقر في هذه الظروف - يفوز بكل شيء.
    النموذج الثاني من رجال القانون أيضا هو المحامي أحمد ناصر الذي تصرف في معركة حزب الوفد كما تصرف في مجلس الشعب قبل سنوات عندما اعتمد في فض مشاجرة بينه وبين زملائه بالمجلس علي نفس الأسلوب الذي اتبعه لإنهاء معركة رئاسة الوفد.. وأحمد ناصر من المحامين المعروفين والمشهود لهم بالكفاءة. لكنه مشهور أيضاً بأنه لا يلجأ للقانون في تسوية نزاعاته مع الآخرين.. وإنما يلجأ لوسائل أخري.
    مثال آخر هو المستشار مرتضي منصور.. وهو يستخدم القانون للحصول علي حقه في معظم الأحيان. لكنه أيضاً له وسائل أخري يلجأ إليها كثيرا.. وقد ذاعت عنه سمعة مفاداها أنه المستشار الذي يأخذ حقه بيده.
    ربما يكون منصور طيب القلب. وربما يكون مستنداً إلي تفسير آخر للقانون لا نفهمه نحن. لكن المؤكد أنه أيضاً ومعه النماذج السابقة نقلوا للناس انطباعاً بأن القانون لا ينتصر دائماً في المحاكم! فالمحاكم تأخذ الكثير من الوقت. لكنه ينتصر بوسائل أخري تساعده في نادي الزمالك وفي غيره.
    وقبل أن أختم يهمني الإشارة إلي أن هناك مثالاً كان ينبغي أن يقتدي به رجال القانون وهو المرحوم المستشار ممتاز نصار الذي كان من أشد المعارضين للحكومة داخل مجلس الشعب. لكنه لم يتفوه قط بلفظ ناب ضد أي زميل أو وزير. ولم يخرج عن حدود اللياقة أبداً.. وكان في معارضته قوياً ومهذباً ويتحلي بأخلاق رفيعة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 5:02 am