روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    الدين والحياة

    مفيده عبد الرحمن
    مفيده عبد الرحمن
    مدير عام المنتدي
    مدير عام المنتدي


    عدد المساهمات : 3455
    نقاط : 9937
    السٌّمعَة : 9
    تاريخ التسجيل : 17/06/2009

    ديسصض الدين والحياة

    مُساهمة من طرف مفيده عبد الرحمن الإثنين أكتوبر 11, 2010 12:42 am

    الدين والحياة

    للتاريخ وجه واحد ، نراه عليه ، ونفسره لأجيالنا القادمة ، حتى لا تضيع منه أجزاء ؛ تزيف وجه الحقيقة ، فتظهر حقائق متعددة ووجهات نظر متباينة ، ويظل المرء عقوداً من الزمن ؛ لا يدري أيما الغث وأيما الثمين .. في عام 1248 من الميلاد الموافق 646هـ أغار لويس التاسع بحملته الصليبية التي كان ترتيبها السابع بين الحملات التي استهدفت الشرق متخذة الصليب شعاراً لها لاستمالة المسيحيين الشرقيين تمهيداً لأغراضهم الاستعمارية والتي تقف وراء ستار الدين منتقبة أطماع تبرأ منها أي عقيدة .. وهذه الحملات التي خرجت من فرنسا متجهة إلي قبرص ومنها إلي مصر من ناحية دمياط عند مصب نهر النيل .. لقد كانت هذه الحملة الغائرة أكبر من قدرات " عجز " الدولة الأيوبية التي كانت في بداية النهاية .. حيث مرض الملك الصالح نجم الدين أيوب وهيمنة المماليك علي مقاليد الحكم فدخل التتار دمياط بدون مقاومة مما أدي إلي هروب الأمير فخر الدين من البر الغربي لفرع النيل إلي بره الشرقي وهو أبن شيخ الشيوخ تمهيداً لرحيله إلي أشموح طناح حيث يرقد السلطان نجم الدين أيوب وظلت هذه الحملة الفرنسية الغائرة طوال خمسة شهور ينهبون في البلاد ويسرقون خيراتها سرقة إكراه حتى تحصنوا بها حصناً منيعاً للزحف إلي القاهرة وأرادوا دخول الضفة الشرقية لنهر النيل فتصدي لهم الأمير فخر الدين الذي ظل طوال هذه الشهور يجمع المسلمين والمسيحيين إلي كلمة سواء في مواجهة هذه الحملة الخطرة التي تنتقب الدين مستترة علي أطماعها .. وحتى لا تكون الطعنة من الخارج والداخل .. فنجح في مسعاه الذي يقظت إليه البلاد كلها فوفقوا جميعاً أمام المغيرون علي حساب وطنهم ونيلهم فنجح الجند في دحر هذه الحملة بالمنصورة التي أضحت مقبرة الجيش الذي تستر وراء شعار الصليب وتم أسر مليكهم لويس التاسع مما شجع علي نصرة أهالي فارسكور عليه في اليوم التالي 8 مايو الموافق 1249م لقد نجح المماليك في استقراء روح القتال بين المصريين عامة وعدم انخداعهم بالشعارات التي لا تؤدي إلي خير .. وامتد التاريخ علي طوله حتى جاءت الحملة الفرنسية علي مصر عام 1798 م ودخلت إلي مصر بقيادة نابليون بونابرت ولم تلقي مقاومة تذكر حتى وصلت إلي صعيد مصر في إبريل 1799 وبالتحديد عند أرض جبلية كان يسكنها الأقباط الذين خشوا هذه الحملة الغاشمة والتي حاولت أن تندس وراء ستائر الدين المسيحي ولكن أقباط الصعيد كانوا أذكي من ذلك فلجأوا إلي الجهني القائد الرحالة والبدوي المغوار الذي وضع يده في يدهم وهو الذي أتي من بلاد الحجاز علي دين الإسلام وناهض الحملة في موقعة تاريخية راح ضحيتها 44 قتيل فرنسي تم دفنهم في مقبرة جماعية عند بئر الحاج يوسف في بلد عرفت فيما بعد بجهينة .. مازالت تتعانق فيه روح الدين بين الكنيسة والمسجد بالهلال والصليب حتى تراك أن المسلمين قطعوا جريد النخيل وسقفوا به الكنائس في جنح الظلام حتى يكون الأمر واقع مع طليعة النهار أمام الحكومة قبل الثورة .. لقد كانت (ثورة 19) التي تعتبر مرحلة فاصلة في تاريخ المصريين ؛ مضرب المثل في تعانق الصليب مع الهلال وخروج الشعب كله علي قلب رجل واحد في مواجهة استبداد العسكر الإنجليزية وفساد الملكية نحو استقرار مؤسسات الدولة وإعلان الدستور الدائم للبلاد 1922م والاهتمام بالجيش والمجلس النيابي وهو ما فتح الطريق أمام ثورة 23 يوليو لاستكمال مبادىء ثورة (19) بإقصاء الملك وأعوانه وجلاء آخر جندي إنجليزي عن مصر وحكم الشعب نفسه بنفسه .. أن مصر لا تمارس الاضطهاد الديني للأقليات حتى لليهود الذين مازالوا يمتلكون معابد ومنشآت حتى يومنا هذا وتفتح السوق علي مصراعيه أمام جميع المستثمرين .. مصر تحارب فقط المجوس وعبدة الأصنام وبمعني أدق الديانات الأرضية ولكن لا تتدخل في عقائد الآخرين ولا تجعلها قاسماً في العلاقة الدولية .. أن المؤتمر الذي تقيمه نقابة المحامين من داخل أحد منابر الأزهر الشريف فيه لتضميد الجراح أن وجده وخروج البسمة علي وجه الجميع بلا زيف أو مجاملة ؛ مؤكدين علي توجيه حملات إلي جميع دول العالم للالتقاء مع الجاليات المصرية والعربية كدعاة سلام من أجل مصر كلها ولا اعتبار لفارقة العقيدة حتى تصل الحقيقة إلي الجميع ؛ رغبة منا في زيادة تدفقات الاستثمار والتوعية علي الاستقرار الأمني والأمان بين المصريين جميعاً .. مؤكدين علي أن الأحداث الطائفية التي تجري هي أحداث فردية لم ولن تصل إلي الظاهرة التي فيها يخاف المرء علي عقيدته الدينية ومعتقداته .. لقد لمسنا في دوله بحجم أيرلندا وفي عاصمتها " دبلن " مدي تمتع الجالية المصرية هناك بطقوسها الدينية بكاملها حيث منحهم الأهالي حجرة خاصة مساحتها خمسين متراً مربعاً لصلاة الجمعة والعبادة لبعد المسجد عنهم بنحو مائتي كيلو متراً .. وأعطوهم المفتاح حتى يظل المكان طهوراً .. إن ما يحدث في "دبلن" يحدث في كثير من بلدان العالم الغربي التي تحترم حقوق الإنسان في العقيدة وطقوسها .. وإنما الأفعال الحمقاء التي من شأنها أن تعكر صفو هذه العلاقة المقدسة فعدالة القانون هي السيد والحكم مهما كانت قوة الأشخاص .. فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار ولا أحد فوق القانون ..إن الذين يتصيدون الأخطاء ويشعلون النيران ويسكبون عليها مشاعل الشر لا مكان لهم بيننا .. فإذا كان هناك خطأ غير مقصود أو لبس في الفهم لا يوجب إشعال الفتنة الطائفية ؛ الكفيلة بأن تقضي علي الأخضر واليابس .. إن هذا الوطن أمانة في أعناقنا لأجيالنا القادمة كما تسلمناه من آبائنا وأجدادنا ، نتعايش فيه بحلوه ومره ويبقي الوطن هو الذات المقدسة التي لا يسمها الباطل من خلفها أو أمامها .. نريد أجيالنا القادمة أحسن حالاً منا ليتسلموا الأمانة في أبهي ثيابها ولا يلاقوها فحمة سوداء تحتاج عقوداً من زمن الإصلاح .. إن العلاقة بين المصريين جميعاً كلٌ لا يتجزأ ولا فرق بين مسلم أو مسيحي إلا بقدر العطاء للوطن والحب والتفاني والإخلاص .. إن دماءنا جميعاً اختلطت دفاعاً عن الوطن في حرب العزة والكرامة 6 أكتوبر 73 ضد اليهود الصهاينة .. ولم يحدث أن اجتس علي الوطن قبطي أو مسلم لمصلحة الأعداء إلا ما ندر .. عاشت مصر والمصريين في كل مكان من أجل غد مشرق وسماء ذات نجوم ويوم ليله كنهاره ..
    بقلم
    حمدي خليفة
    نقيب المحامين
    رئيس اتحاد المحامين العرب

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 1:08 pm