روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء Empty حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء نوفمبر 03, 2009 3:03 pm

    لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
    حكاية اليوم يا اصدقائى عن حادثة حدثت منذ اكثر من 100 عام الحكايه ليست عن بطوله فردية بل عن بطوله جماعيه لدماء احرار ذهبت ظلما وعدوانا فى دانشواى.,...

    ولما كان يا اصدقائى ما جرى فى دنشواى ليس مجرد عدوان من قبل قوات إنجليزية محتلة على فلاحين عزل من السلاح .. ولا كونهم أى الجنود قد ذهبوا إلى القرية لممارسة هواية صيد الحمام .. وهم فى الطريق من القاهرة إلى الإسكندرية .
    ولكنها الحادثة التى هزت المجتمع المصرى والعربى والإسلامي .. بل والعالمي .. وكانت مقدمة لثلاث حوادث سياسية كبرى أسهمت فى رسم خريطة وطنية لمصر ..
    من دنشواى ومن رحم الحادثة خرجت إلى النور فكرة إنشاء الجامعة الأهلية المصرية .. التى أصبحت جامعة القاهرة فيما بعد ..
    ومنها نبتت فكرة إبعاد اللورد كرومر عن مصر .. وهو المندوب السامى البريطانى الذى كان يتصرف باعتباره باقيا إلى الأبد ..
    وكانت دنشواى هى الشرارة الأولى التى تحولت إلى لهيب فى ثورة 1919 .. التى قامت بعد الحادثة بحوالى ثلاثة عشر عاماً ..
    إن المأساة التى جرت فى دنشواي .. هزت هيبة الأسد البريطاني .. الذى اضطر لمحاكمة المتهمين خارج القوانين .. وفرض عليهم عقوبات كانت بريطانيا قد ادعت إلغاءها .. ونفذت على مشهد من الجميع .. وكأن هناك رسالة مطلوب إيصالها إلى كل الناس .. إنها العقوبة التى تنفذ على طريقة اضرب المربوط يخاف السايب.
    دنشواى هى الحادثة التى استهل بها القرن العشرون وجوده .. وما من وجه من وجوه الوطنية المصرية إلا ولعب دوراً فى هذه الحادثة.
    مصطفى كامل الذى كان فى أوروبا وقت وقوع الحادثة .. حولها إلى قضية رأى عام فى فرنسا وإنجلترا ..
    قاسم أمين وسعد زغلول كانا فى سلك النيابة فى ذلك الوقت .. ولكنهما عبرا عن موقفيهما من الحادث .. كما أن نار الحادث كشفت مواقف الكثيرين ..
    فتحى زغلول شقيق سعد زغلول كان من رجال القضاء .. والهلباوي .. الذى لقبه المصريون بجلاد دنشواى .. لعب دور ممثل الادعاء فى القضية .. حكومة مصر وسلطان مصر .. وشعب مصر .. لعبوا أدوارهم فى هذه القضية الخطيرة .. التى كان يمكن أن تمضى وتسكن كتب التاريخ .. لولا أن روح المصريين كانت مستعدة للوثوب ومناخ مصر كان مهيأ ..
    والوطن العربى كله .. كان يعيش ظروف احتلال مثل مصر .. ولهذا كان الدعم وكانت المساندة العربية لمصر فى أعلى صورها ..
    كانت هناك مواقف غير طبيعية فى القضية مثل موقف فتحى زغلول .. علاوة على موقف الهلباوي ..
    كانت هناك جريدة المقطم .. جريدة الاحتلال التى هاجمت الفلاحين بشدة .. وهددت المصريين بنتائج بالغة الخطورة .. وقبل أن تبدأ المحاكمة .. نشرت المقطم خبر تجهيز المشانق وإعدادها فى مخازن البوليس فى بولاق .. وحاولت تفريغ القضية من بعدها السياسي .. ووصفت الفلاحين بالرعاع .. وبعد صدور حكم القضاء تؤيده المقطم .. !! وما أن يبدأ مصطفى كامل دوره فى القضية حتى تهاجمه المقطم !! وتتهمه بفقدان الصواب .. وتلصق به كل التهم الممكنة....
    اسفة اصدقائى للاطاله عليكم فى الحديث عن ابعاد تلك الحادثة الشهير التى اظن ان البعض منها قد نسيها فى غمرة الاحداث التى المت بينا فلذا وجب منى الاشارة الى ابعادها قبل السرد فى احداث حكايتنا اليوم ......

    وتبتدى احداث حكاية دانشواى من .......
    يوم الاثنين 11 يونيو 1906 عندما تحركت القوات البريطانية من القاهرة إلى الإسكندرية عبر الطريق الزراعي. ثم وصلت إلى المنوفية يوم الأربعاء 13 يونيو 1906 وقت مرت على قرى منوف ودنشواى وكمشيش وهى من قرى مركز بوليس الشهداء.
    إن هذا اليوم يبدأ وأهالى دنشواى فى حالة خوف من تكرار تجربة الإنجليز فى صيد الحمام فى قريتهم. وكان عم رضوان قد ذهب إلى مصر المحروسة من أجل الشكوى إلى باشا الإنجليز لمنع العساكر من قتل الحمام وتخريب الأبراج. لقد كان صيد الحمام ممنوعاً بحكم القانون ولكن التهور والخيلاء والغرور جعل البريطانيين يتجاوزون كل شئ.
    أما الذين وصلوا إلى دنشواى من الإنجليز فقد كانوا من فرقة الدراجوان. كانت مجموعة من جنود الإنجليز بقياده الميجور ( كوفين ) يتجولون بالقرب من القرية المنكوبة وكان الميجور مغرما بصيد الحمام فأقنع الميجور كوفين رجاله وهم كابتن بول ، ملازمين بورثر _ سميث ، طبيب بيطرى ملازم بوستك بان يتراهنوا لاصطياد الحمام من على أشجار دنشواى
    وكان كوفين ، بول ، بوستك يطلقون الأعيره لاصطياد الحمام بجوار الاشجار على جانبى الطريق الزراعى ولكن تشاء الأقدار أن يتوغل بورثر ، سميث داخل القريه لوجود أبراج الحمام ويصوب ( بورثر ) بندقيته الى جرن الحمام الخاص بالشيخ ( محمد عبد النبى ) مؤذن القريه.. ولأن الوقت كان وقت الحصاد وكانت أبراج الحمام فى الجرن الذى يوجد فيه القمح. فإن شرارة إحدى الرصاصات أشعلت الحريق فى المحصول. اعترض فلاح. وصاح الفلاحون. كانت فى أيدى القوات الإنجليزية البنادق ومع الفلاحين الطوب والحصي
    كانت بالجرن وقت الضرب مبروكة .. أول شهيدة .. زوجة محمد عبد النبى مؤذن الجامع .. أصابتها رصاصة .. فهاجم زوجها الإنجليزى .. فضربه الإنجليزى بكعب بندقيته .. ربما ليتأكد من متانة صنعها .. صرخ الفلاح مستغيثا .ً. وحضر الفلاحون على الصراخ .. وأصيب الضابط ستوك وجرى بفزع

    وتنتقل الشائعات بسرعه غير عاديه بين اهل القريه .. ان الضباط الانجليز قد قتلوا زوجه الشيخ .. واحرقوا الجرن .. فيتدافعوا للفتك بهم حيث فيما يبدوا أن مؤذن القرية نادى بالجهاد ضد الكفار .. ومن ناحيه الإنجليز حاول (كوفين ) ان يظهر العدل لأهل القرية .. فقام بورثر بالقبض على الجندى صاحب العيار الطائش .. وجرده من سلاحه ويتخلى عن بعض مقتنياته حتى يتم التحقيق معه .. ولكن اهل القريه الغاضبين صمموا على الفتك بهم فاسرع ( بول و بوستك ) بالهرب لاحضار النجده من المعسكر.
    وفى الطريق سقط بول مغشيا عليه من اثر العطش واشعه الشمس الحارقه .. وواصل بوستك العدو لـثمانيه كيلوا مترات الى ان وصل معسكر الجيش الإنجليزى فى كمشيش ..

    اقترب من بول فلاح إسمه سيد أحمد سعيد .. وأدرك حالته فيبدأ فى تلاوة الشهادتين .. ولكن بول يطلب منه الماء .. وعندما لا يفهم الكلام يلجأ معه إلى لغة الإشارة ..
    وأحضر له الفلاح الماء
    ويموت بعد شرب الماء.
    ويقوم جنود المعسكر لنجده المحتجزين فى القريه .. ولكنهم فى الطريق يجدون زميلهم ميت .. ويتصورون أن الفلاح قتله .. فطاردوه الى ان سقط .. فإنهالوا عليه بالسمكى ..( السكين الموجود بمقدمه البندقيه ) وقتلوه وهشموا رأسه .
    ويندفع الجنود الإنجليز باتجاه القريه ويتم مهاجمه البيوت والاجران والحقول و........ فقبضوا على ستون فردا نجح ثمانيه فى الهرب من رجال وشباب القريه وإحتجزوهم داخل الجامع تمهيدا لمحاكمتهم
    ما إن وصلت أخبار الحادث إلى ولاة الأمور فى منوف والقاهرة والإسكندرية وعرفوا أن ضابطاً قد قتل. فى الحقيقة مات متأثراً بضربة شمس. وأن هناك ضباطا قد جرحوا حتى قامت الدنيا وقرروا الانتقام قبل البدء فى إجراء التحقيق. جرى التحقيق سريعاً فى الحادثة لأن ضابطاً مات من أثر ضربة شمس بعد هروبة من دنشواي.
    وأصر اللورد كرومر الغاضب جدا مما حدث لضباطه وإهانتهم وموت أحدهم والقبض على بقيتهم من أهالى القرية وصمم على الإنتقام من أهل القرية وإلا سوف تمون العواقب وخيمة على مصر وفى يوم 20 يونيو 1906 أى قبل انقضاء سبعة أيام على وقوع الحادثة شكل محكمة مكونة من :
    بطرس غالى وكان وزير الحقانية بالنيابة : رئيس المحكمه
    المستر هبتر المستشار القضائى
    المستر بوند وكيل محكمة الاستئناف الأهلية
    القائمقام لارلو القائم بأعمال المحاماة والقضاء فى جيش الاحتلال
    احمد فتحى زغلول رئيس محكمة مصر الابتدائية : عضو المحكمه وكاتب حيثيات الحكم والمفاجئة أنه أخو الزعيم سعد زغلول !!!
    ابراهيم الهلباوى : المحامى الذى عين من قبل المحكمه للدفاع عن المتهمين ..!!
    ومن المؤسف أن ابراهيم الهلباوى المحامى الذى من المفروض أن يدافع عن المتهمين كان يقوم بشرح ابعاد ما قام بها الاهالى ضد الساده الافاضل ضباط الجيش الانجليزى
    وفى يوم 18 يونيو 1906 نصبت المشانق فى مدينة دنشواى قبل صدور أية أحكام ضد الأهالي.
    وفى يوم الأحد 24 يونيو انعقدت المحكمة فى شبين الكوم وعين عثمان مرتضى رئيس أقلام وزارة الحقانية سكرتيراً للمحكمة. والهلباوى مدعياً عاماً. كان عدد المتهمين 52 قدموا مقبوضاً عليهم. وكان منهم سبعة من الغائبين.
    استمرت المحاكمة ثلاثة أيام 24، 25، 26 يونيو. وفى صباح الأربعاء 27 يونيو. صدر الحكم الذى تلاه سكرتير الجلسة وكان يقضى بإدانة 21 متهماً. انتهت المحاكمه بالاتى :
    • اعدام اربعه هم..حسن علي محفوظ, يوسف حسني سليم, السيد عيسي سالم ومحمد درويش زهران..
    • وبالأشغال الشاقة المؤبدة علي محمد عبد النبي وأحمد عبد العال محفوظ
    • والأشغال الشاقة15 عاما علي أحمد السيسي
    • والأشغال الشاقة7 سنوات علي6 آخرين
    • والجلد50 جلدة بالقطة الإنجليزي ذات الأذرع الخمسة علي8 من أهل القرية.
    . وأن يتم الإعدام والجلد بقرية دنشواي. وأن يقوم مدير مديرية المنوفية بتنفيذ الحكم فوراً.منقول
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء Empty رد: حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء نوفمبر 03, 2009 3:08 pm

    طابور إبراهيم الهلباوى .. لـصلاح عيسى – المصرى اليوم

    02/10/2009 -
    فى عام 1913، وبعد سبع سنوات من محاكمة الفلاحين المتهمين بالاعتداء على جنود جيش الاحتلال فى قضية دنشواى الشهيرة، فكر جلاد دنشواى «إبراهيم الهلباوى» ـ الذى قام بدور المدعى العام أمام المحكمة المخصوصة التى شكلها جيش الاحتلال ـ فى أن يرشح نفسه لعضوية الجمعية التشريعية، ليكون ذلك فرصة، لكى يدافع عن موقفه فى القضية، ويبرر الحكم الذى استصدره من المحكمة بإعدام أربعة منهم وجلد 12 وسجن عشرات، انطلاقاً من أنه ـ كما قال لصديقه د.محمد حسين هيكل ـ كان مجرد محام طلب إليه أن يترافع فى قضية فترافع فيها، وكان مضطراً للقسوة على المتهمين، كما أنه فعل ذلك لينجى مصر من آثار لم يكن يعلمها إلا الله. ذلك منطق رفضه د.هيكل الذى قال له: إن قضية دنشواى لم تكن قضية عادية يدافع «هلباوى بك» عن موقفه منها بأنه أدى واجب المحامى، بل كانت قضية بين مصر وإنجلترا، وقد وقفت سعادتك فيها فى صف إنجلترا، فمن الخير أن تترك الزمن يسدل على موقفك هذا ستار النسيان.. وصمت الهلباوى ولم يرد.. ولم يرشح نفسه! والمنطق الذى قاله د.هيكل، هو المحك الذى ينبغى أن تقاس عليه المواقف فى حرب اليونسكو، سواء كانت مواقف دولة عربية سعت لدى مندوبى الدول العربية الأعضاء فى اليونسكو، لكيلا تصوت للمرشح المصرى، أو كانت حملة شنتها ـ كما قلت فى مقال الأسبوع الماضى ـ أقلام وتيارات سياسية ومواقع إلكترونية وصحف تدعو علناً لعدم انتخابه، وتفبرك بيانات بذلك، تدعى أن مثقفين مصريين وقعوا عليها وتتوجه برسائل إلى الدول العربية والإسلامية بحجب أصواتها عنه. ولم يكن سراً أن إسرائيل ـ وحلفاءها ـ قد قررت منذ اللحظة الأولى للإعلان عن اسم المرشح العربى أن تشن حرباً مضادة ضده عبر تصريحات نشرت فى الصحف المصرية على لسان مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين وتكتيكات انتخابية شملت الدفع بمرشحين لا أمل لهم فى الفوز لتفتيت الأصوات، وضغوط مكثفة على الدول المؤيدة للمرشح العربى لتتخلى عن انتخابه، وحملة صحفية شنتها صحف وأقلام موالية لإسرائيل فى الغرب وبالذات فى فرنسا وألمانيا، لم تتوقف عند موقف فاروق حسنى من تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بل تطرقت ـ كذلك ـ للثقافة العربية والإسلامية باعتبارها ثقافة تزدرى حريات الرأى والتعبير وتدعو إلى العنف والتدمير. المسألة كانت واضحة تماما، وليست فى حاجة إلى شطارة أو ذكاوة، لكى يحدد كل إنسان لقدمه قبل الخطوة موضعها، حتى لا يجد نفسه سواء قصد أو لم يقصد، يقف مع إسرائيل فى المعسكر نفسه، يلعب دور الطابور الخامس، وهو بالمناسبة، مصطلح برز عام 1936، أثناء الحرب الأهلية الإسبانية حين وضع الديكتاتور فرانكو خطة لإسقاط الحكم الجمهورى فى موريو، تقوم على اقتحامها من على الجهات بأربعة طوابير عسكرية، اعتماداً على أن المعارضين للحكم الجمهورى والكارهين له، سيدعمونه بطابور خامس افتراضى. ولم يكن ذلك يعنى أن ينتقل المعارضون لفاروق حسنى لأسباب معظمها شخصى والقليل منها موضوعى ـ إلى صف المؤيدين لها، أو للنظام الذى يعمل فى ظله، ولكن أن يتوقفوا عنها مؤقتاً حتى تتوقف الحرب، تطبيقا لقاعدة يعرفها كل الذين لديهم خبرة بالعمل السياسى، هى إعلاء «الموضوعى» على «الذاتى«، وإعلاء «التناقض الرئيسى» على «التناقض الثانوى«، والتفرقة الواضحة بين معارضتنا للنظام الحاكم والمعارك التى يخوضها ضد الأعداء باسم الوطن وتحت راياته، لنعود بعد المعركة فنستأنف تصفية حسابنا معه! وما حدث واضح: دخل هؤلاء بثقلهم الحرب مع إسرائيل ضد فاروق حسنى، وتطوعوا بمد الحملة الصهيونية بما تريد من أسلحة بما نشروه وتولت بعض الجهات ـ كما تقول شادية قناوى سفيرة مصر فى اليونسكو ـ تجميع كل ذلك ووزعته عبر البريد الإلكترونى على الدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى، ووصل الاعتزاز بالدور الذى أداه إلى الحد الذى دفع المثقفين الفرنسيين الصهاينة إلى محاولة الاتصال ببعضهم لكى يشتركوا معهم فى التوقيع على بيان ينشر صبيحة يوم الجولة الأخيرة من التصويت.. تعبيرا عن التحالف المصرى الصهيونى ضد مرشح مصر. لم تكن معركة اليونسكو معركة انتخابية بل كانت حربا بين ممثل الثقافة العربية والإسلامية والعنصريين من الصهاينة الأوروبيين والأمريكيين، دارت فصول منها قبل ذلك، حين انسحبت أمريكا من اليونسكو بسبب موقف أحمد امبو ـ مديرها التنفيذى السنغالى ـ من حفريات إسرائيل تحت المسجد الأقصى، وحين حالت أمريكا دون التجديد لبطرس غالى كأمين عام للأمم المتحدة، بسبب تقريره عن مذبحة قانا. ذلك هو الموضوع الذى كان يتوجب على طابور إبراهيم الهلباوى أن يتحاور حوله، أو يكتفى كما فعل ـ بأن يكفى على الخبر ماجور، بدلاً من اللجاج الذى لا يفيد، ولا يبرئ الذين اتخذوا هذا الموقف من المسؤولية عنه
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء Empty رد: حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء نوفمبر 03, 2009 3:10 pm

    يوم شنق زهران كان يوم صعب وقفاته

    أمه بتبكى عليه فوق السطح وأخواته

    لو كان له أب ساعة الشنق لم فاته

    صبرك علينا يا ظالم بكرة راح تندم

    أمانة يا دنشواي إن عاد الزمن تاني

    شاوري على الظلم وابكي دم من تاني

    شاهد وخصم وحكم إيه راح يكون تاني

    هذه مقاطع من موال شعبي عن حادثة دنشواي والتي صارت جزءً من تراثنا الشعبي يغنيها على الربابة .. وصار زهران بطلا ً شعبيا ً مثل عنترة وبيبرس والزير سالم وأدهم الشرقاوي .. وهو معنى كبير يبين كيف أيقظت تلك الحادثة الوعي القومي الذي كان قد أخمد نتيجة الإحباط الذي منى به الشعب بعد هزيمة العرابيين واحتلال البلاد.

    ونستطيع أن نسند الجزء الأساسي فى هذه اليقظة ودون تكلف للزعيم خالد الذكر مصطفى كامل باشا .

    لقد كان رحمه الله فى فرنسا يعانى من مرض السل الذي مات به.. وكانت حالته الصحية شديدة التدهور.. ولكن هذه الحادثة أيقظته من رقدته وبعثت فيه الحياة من جديد فاستيقظ ليشعل العالم الغربي ناراً حول الاحتلال وممارساته فى مصر وحول اللورد كرومر ممثله طوال حوالي 25 سنة فنشر أول ما نشر فى جريدة لوفيجار والفرنسية مقالا بعنوان "إلى الأمة الإنجليزية والعالم المتمدن".

    ثم سافر إلى إنجلترا نفسها وانطلق يكتب فى صحفها ويخطب فى محافلها خطبا ومقالات نارية جذبت لدعوته كثيرا ً من ساسة إنجلترا ومفكريها.. وعلى رأسهم الكاتب المسرحي الساخر الشهير جورج برناردشو الذي شاركه حملته ضد الاحتلال بمصر ونشر مقالا ً بعنوان "هذا يوم عار على بريطانيا العظمى" وكتبت لوفيجار وتطالب بريطانيا بالاعتذار للشعب المصري.

    التقى مصطفى كامل بالسير كامبل باترمان رئيس الوزراء الإنجليزي والذي عرض عليه تشكيل الوزارة بمصر مكان مصطفى باشا فهمي ولكنه رفض.. وعاد مصطفى كامل واستمر فى ضغطه حتى تم عزل اللورد كرومر أو استقال.. وأقيلت وزارة مصطفى باشا فهمي رجل الإنجليز بعد حكم استمر 13 سنة.. وأصدر الخديوي قراراً بالعفو عن باقي ضحايا دنشواي.. وأعلن مصطفى كامل عن اكتتاب لبناء مدرسة مكان مشنقة دنشواي ولكن البناء لم يكتمل لوفاة الراحل العظيم .

    أما التفاعل الشعبي مع الحدث فقد كان تفاعلا ً عظيما ً فوق التوقع .. فقد كتب الشيخ على يوسف فى جريدة المؤيد سلسلة مقالات يهاجم فيها اللورد كرومر تحت عنوان "فى قصر الدوبارة بعد يوم الأربعاء" وكذا كتب قاسم أمين وغيرهم من الكتاب.

    وانبرى الشعراء لتصوير هذا الحدث والهجوم على فاعلية وعلى رأسهم حافظ إبراهيم الذي كتب أكثر من قصيدة نسوق منها قوله :

    قتيل الشمس أورثنا حياة وأيقظ هاجع القوم الرقود

    فليت كرومر قد بات فينا يطوق بالسلاسل كل جيد

    لننزع هذه الأكفان عنا نبعث فى العوالم من جديد

    وقال:

    أحسنوا القيل أن ضنتم بعفو أنفوسا أصبتم أم جمادا

    ليت شعري أتلك محاكم التفتيــش عادت أم عهد نيرون عادا

    أما شوقي فقد كتب قصيدته التي مطلعها:

    يا دنشواي على رباك سلام ذهبت بأنس ربوعك الأيام

    يا ليت شعري فى البروج حمائم أم فى البروج منية وحمام

    نيرون لو أدركت عصر كرومر لعرفت كيف تنفذ الأحكام

    نوحي حمائم دنشواي وروعي شعبا بوادي النيل ليس ينام

    كيف الأرامل فيك بعد رجالها وبأي حال أصبح الأيتام

    عشرون بيتا أقفرت وانتابها بعد البشاشة وحشة وظلام

    السوط يعمل والمشانق أربع متوحدات والجنود قيام

    والمسشار إلى الفظائع ناظر تدمى جلود حوله وعظام

    أما جلادوا دنشواي فإن أول من ناله من آثارها هو اللورد كرومر إذ تم إقالته .. ثم لما اكتتب سعد وشلة نازلي فاضل لجمع تبرعات لاحتفال يودعونه فيه شيعة شعراء مصر وكتابها بأشد هجوم كان أبرزه قصيدة شوقي التى فيها :

    يا مالكا رق الرقاب ببأسه هلا اتخذت إلى القلوب سبيلا

    لما رحلت عن البلاد تشهدت فكأنك الداء العياء رحيلا

    أما بطرس غالى - باشا – فقد عينوه مكافأة له رئيسا ً للوزراء بعد إسقاط نظارة مصطفى فهمي .. ولكنه لم يمض به الزمان طويلا ً حتى اغتاله الوردانى وكان أهم سبب ساقه مبررا للاغتيال أنه كان رئيسا ً لمحكمة دنشواي .. فكانت هذه المحاكمة هي سبب نهايته الأليمة.

    أما أحمد فتحي زغلول فقد عينوه وكيلا ً لوزارة الحقانية.. ولما هم أصدقاؤه أن يحتفلوا معه بهذه الترقية فى فندق شبرد وطلبوا من أحمد شوقي أن يشاركهم فى هذا الاحتفال ببعض أشعاره أرسل إليهم شوقي مظروفا ً مغلقا ً وطلب فتحه وقراءة ما فيه ساعة الاحتفال – وكان شوقي لا يقرأ قصائده بنفسه وإنما تقرأ له – فلما فتحوا المظروف فوجئوا بأبيات شوقي الرائعة :



    إذا ما جمعتم أمركم وهممتموا بتقديم شئ للوكيل ثمين

    خذوا حبل مشنوق بغير جريرة وسروال مجلود وقيد سجين

    ولا تعرضوا شعري عليه فحسبه من الشعر حكم خطه بيمين

    ولا تقرأوه فى شبرد بل اقرأوا على ملأ من دنشواي حزين

    [/b]

    ولكن القدر لم يمهل الرجل طويلا ً إذ مات بعد صراع مع المرض .. بقى الهلباوي والذي خلع عليه الشيخ على يوسف لقب جلاد دنشواي وعاش طويلا ً بعد الحدث ليعانى من وصمة مشاركته فى هذه المحكمة سنوات زادت عن الثلاثين .. ورغم محاولاته الحثيثة لمحو وصمة هذا الحدث عن عرضه وتاريخه .. فشارك فى كل موقف وطني يحتاج لوقفاته وأبلى بلاءًً حسنا ً فى كثير من القضايا الوطنية وعلى رأسها قضية مقتل بطرس غالى .. ورغم أن كثيراً ممن هاجموه بالأمس عادوا يلجئون إليه ويدعونه لمشاركتهم كفاحهم الوطني .. وعلى رأسهم حافظ إبراهيم الذي كتب فيه قصيدته الشهيرة التي فيها :

    لا جرى النيل فى نواحيك يا مصر ولا جادك الحيا حيث جادا

    أنت أنبت ذلك النبت يا مصر فأضحى عليك شوكا ً قتادا

    أنت جلادنا فلا تنس أنا لبسنا على يديك الحدادا

    إلا أنهم لجئوا إليه فى كثير من قضايا الوطنيين إذ كان محاميا ً لا يشق له غبار .. حتى أنه بعد جهاده فى إنشاء نقابة المحاميين فاز برئاسة النقابة بأغلبية 307 صوت من 330 .. كل هذا إلا أنه فى احتفال لحزب الأحرار الدستوريين بعد أكثر من ثلاثين سنة ألقى خطابا ً فى الحفل أثار حماسة الناس .. وهتفوا جميعا ًُ له .. وأثناء الاحتفال فوجئ الناس برجل من آخر الصف يهتف "يسقط جلاد دنشواي" فهتف الناس جميعا ً خلفه.. لم ينس الناس جريمته رغم مرور ثلاثين سنة من محاولة إزالة أثارها .

    وفى المحنة تظهر المنحة .. وفى حلكة الظلام يظهر بصيص النور وحادثة دنشواي رغم ما كان فيها من ذل وقهر .. كانت موقظة لوعى قد غاب خلف أستار الإحباط والهزيمة .. وكانت سطورا ً مضيئة سطرت فى تاريخ الكفاح الوطني فى مصر .

    ولا زال متحف دنشواي المقام فى هذه القرية النائية مكان المشانق والعروسة والسياط يرسم على حوائط الزمن مشهد زهران ومصطفى كامل وقادة مجاهدي مصر بأحرف من نور .. تماما ً كما يرسم بطرس غالى وأحمد فتحي زغلول والهلباوي بحروف وخطوط المذلة والعار .


    عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في الثلاثاء نوفمبر 03, 2009 3:37 pm عدل 1 مرات
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء Empty رد: حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء نوفمبر 03, 2009 3:19 pm

    فى ذكرى حادث دنشواي ( 13 يونيو 1906)

    عادل مليكة

    هل كان ضروريا إغتيال بطرس باشا غالى ناروز فى قضية دنشواى؟

    أم كنا نتركه لحكم التاريخ كما فعلنا بإبراهيم بك الهلباوى ممثل الإتهام وممثل الدفاع أحمد فتحى زغلول شقيق سعد باشا زغلول؟

    إليكم بعض الحقائق التى تناساها التاريخ كما عودنا ، ومهما كان الدور الذى لعبه المصريون المشتركون فى هذه الفجيعة الممثلة فى محكمة دنشواى، فلن يسامحهم التاريخ لإشتراكهم بصورة أو بأخرى فيها. هؤلاء المصريون هم بطرس باشا غالى ناروز رئيسا للمحكمة، إبراهيم بك الهلباوى ممثلا للإتهام وأحمد فتحى زغلول ممثلا للدفاع. كان أقل ما يجب أن يفعلوه أن يعتذروا عن الإشتراك فى هذه المهزلة. بعض المصريين من أمثال إبراهيم الورداتى، الذى إغتال بطرس باشا، كثيرا ما يأخذون القانون بأيديهم ينفذونه كيفما يفسرونه.

    المجرم الحقيقى فى مأساة دنشواى هو اللورد كرومر ممثل الإستعمار الإنجليزى، وسوف نتناول ذلك بالتفصيل فيما يلى.

    بدأت بحثى عن تفاصيل "دنشواى" بعد ما شد إنتباهى ما قرأت فى وطنى عدد أول إبريل 2007 فى مقال عنوانه النادى الأهلى ...مصنع الأبطال ... ورد فيه أن مصطفى كامل قد شكل (8 ديسمبر 1905) نادى يجمع فية طلبة المدارس العليا ليكون بمثابة شوكة فى جسد الإحتلال البريطانى الذى بدأ فى 1882. ويستطرد الخبر ليقول ‏وبعد‏ ‏شهور‏ ‏خرجت‏ ‏من‏ ‏النادي‏ 6 ‏رصاصات‏ ‏هزت‏ ‏مصر‏ ‏كلها‏ ‏وهزت‏ ‏أيضا‏ ‏الاحتلال‏ ‏الإنجليزي‏ ‏أطلقها‏ ‏الطالب‏ ‏إبراهيم‏ ‏الورداني‏ ‏الذي‏ ‏درس‏ ‏صيدلة‏ ‏في‏ ‏لوزان‏ ‏بسويسرا‏ ‏أطلقها علي‏ ‏بطرس‏ ‏باشا‏ ‏غالي‏ ‏وزير‏ ‏الحقانية‏ ‏ لأنه‏ ‏كان‏ ‏القاضي‏ ‏الذي‏ ‏أصدر‏ ‏أحكام‏ ‏الإعدام‏ ‏في‏ ‏حادث‏ ‏دنشواي‏ ‏المشهور". بعد ذلك أغلق النادى وبدأت فكرة إنشاء النادى الأهلى لينافس نادى الجزيرة، نادى الإنجليز. وأردت الإستزادة عن دنشواى فلجأت الى الإنترنت. وقفة سريعة هنا. أولا مصطفى باشا كامل كان يدعو لإنهاء الإحتلال الإنجليزى، خاصة بعد دنشواى، ولكنه كان يدعو الى عودة الحكم العثمانى بدلا منه. والحزب الوطنى كانت له هوية دينية. والآن نعرف من أين تخرج إبراهيم الوردانى.

    دنشواى القرية تقع فى مركز الشهداء، شبين الكوم، المنوفية. دنشواى الحادث، مأساة بشعة بكل المقاييس الإنسانية. مأساة إهتز لها ضمير العالم أجمع وخاصة فى مصر وأيضا فى إنجلترا. وقعت منذ أكثر من مائة سنة فى يوم الأربعاء 13 يونية سنة 1906 فى أيام الإحتلال البريطانى لمصرالذى بدأ عام 1882 وأيام الحاكم العسكرى لمصر "أيفيلين بيرنج" المعروف باللورد كرومر 1883-1907 وكان العامل الأساسى الذى دفع "إنجلترا" الى البقاء في مصر بعد أن كانت عازمة على الخروج منها.

    ما علق بذهنى عن هذه المهزلة بصفة عامة هو: عساكر إنجليز يصطادون حمام بالقرب من أبراج حمام الفلاحين فى دنشواى، إصابة إمراة المأذون، موت أحد الإنجليز بضربة شمس، قتل أحد شباب القرية بسونكى الإنجليز، محاكمة الفلاحين، محكمة برئاسة بطرس باشا غالى حكمت بالإعدام على أربعة فلاحين وجلد وسجن آخرين ثم إغتيال رئيس المحكمة بطرس باشا غالى على يد الصيدلى إبراهيم الوردانى، وأخيرا صوت عبد الحليم وهو يشدو من كلمات الفنان صلاح جاهين "ودم أحرارنا اللى راحوا فى دنشواى".

    وبعد مراجعتى لأحداث هذه الفجيعة على الإنترنت وجدت الكثير مما كتب لم نسمع عنه فى مصر، فلم توضع أمامنا الحقائق بأكملها. وصدمت بالحقائق التالية:

    1- المحكمة مشكلة عام 1895.
    2- معظم القضاة إنجليز.
    3- كان للإنجليز السيطرة الكاملة على كل مراحل القضية.
    4- المشانق معدة قبل النطق بالحكم.
    5- لم يقل غضب الشعب الإنجليزى عن غضب الشعب المصرى.
    6- تم إغتيال بطرس باشا غالى 1910 ودنشواى وقعت فى 1906.
    7- إختلفت الأحكام التى أصدرها الشعب المصرى على أعضاء هيئة المحكمة من المصريين.

    1- المحكمة مشكلة عام 1895.
    من أرشيف الأهرام (11 يونية 2002)، ذكرت الدكتورة لطيفة سالم بعد أن عددت المشاحنات التى دارت بين الإنجليز والشعب المصرى قام اللورد كرومر "وشكل محكمه مخصوصه في‏25‏ فبراير1895‏.‏.." وعضويه كل من المستشار القضائي الانجليزي‏,‏ وقاض انجليزي"‏.

    كذلك ذكرت جريدة المقطم (http://www.coptichistory.org/new_page_425.htm) أن الإنجليز كانوا قد أنشأوا عام 1895 محكمة مخصوصة‏ لمحاكمة المصريين الذين يعتدون علي الإنجليز‏! إذن ما حاجتهم لتشكيل محكمة جديدة لدنشواى طالما أن المحكمة موجودة ومشكلة وما تشكيل المحكمة برئاسة بطرس باشا غالى ما هو إلا مناورة دنيئة للإيحاء بأن قراراتها نابعة من مصريين على مصريين وأن الإستعمار ممثلا فى اللورد "كر ومر" منها براء.

    2- معظم القضاة إنجليز.
    من أرشيف الأهرام (11 يونية 2002) المشار إليه أعلاه أن المحكمة المشكلة فى 1895 كان بها أعضاء إنجليز " وعضويه كل من المستشار القضائي الانجليزي‏,‏ وقاض انجليزي"‏.
    وذكر موقع دانى موريسون: http://www.dannymorrison.com/articles/pigeons.php:
    ِِ A summary trial was held (The judges were mostly British)
    أى عقدت محاكمة سريعة وكان معظم القضاة إنجليز. من منّا يعرف هذه الحقيقة بأن هناك عديد من القضاة؟! أليس كل ما نعرفه أنه لم يكن سوى قاض واحد هو بطرس بشا غالى؟! ليس لهذا الموقع مصلحة لطمس الحقيقة وإن كان لة أن يطمسها فكان أجدر به أن يكيل اللوم على المصريين.

    3- كان للإنجليز السيطرة الكاملة على كل مراحل القضية.
    بعد الحادث، سيطر الإنجليز على كل الخطوات، من تشكيل المحكمة، الى قراراتها وحتى أسلوب تنفيذ العقوبات.
    استشاط غضب اللورد كرومر إذ كيف يتجرأ رعاع أسافل يتطاولوا ويعتدون على أسيادهم جنود الإحتلال ويقتلوت جنديا إنجليزيا، بالرغم أنة ثابت حتى للإعلام الغربى أنة مات بتأثير ضربة شمس. أليس هذا منطق الإستعمار الإنجليزى؟ وتأييدا لذلك ذكر هذا الموقع:
    http://library.thinkquest.org/04oct/01218/nationalism/preww1.html
    "كان رد الفعل من الإنجليز مدويا (explosive)". أى أن النية مبيتة للإنتقام وبعنف. فجاء الجيش البريطانى (وليس قوات الشرطة المصرية) وقبض على 52 من الفلاحين وقدمهم‏ للمحاكمة. كما ! ذكر موقع www.siyassa.org.eg/egypttales/Months/june.html تأكيدا لهذا الخبر: "أراد اللورد كرومر، كرد فعل لهذا الحادث، أن يعطى درسا لكل المصريين. فعقدت محاكمة سريعة وجلد بالسياط وأعدم المتهمون أمام عائلاتهم بعد 15 يوما من الحادث". قضية بهذا الحجم فيها 52 متهما تستغرق 15 يوما. ونلخص موقف الحكومة ورعبها من الإستعمار يترجمه نص الرسالة الأولى التى إنطلقت من مركز الأحداث فى دنشواى المرسلة الى المسؤولين فى القاهرة، تقول: "أن معركة وقعت بين الأهالى والضباط تبادل فيها الطرفان اطلاق النار ... وكان البحث جاريا عن هؤلاء الذين "تجرئوا" على رفع عصيهم وقذف احجارهم على جنود جيش الإحتلال البريطاتى". دفاع الفلاحين عن أرضهم وعرضهم يراه حتى المسؤولون المصريون أنه "تجرؤ. وكذلك ذكر الموقع:
    http://randompottins.blogspot.com/2006/10/hanging-matters-from-denshawai-to-suez.html
    "وأصر الإنجليز على الإنتقام وحوكم 52 من القرية أمام محكمة يرأسها أضحوكة أو أداة (stooge)أسمه بطرس غالى وهذا إشارة بأنه وضع للمخادعة فقط وليس له الا صفة صورية. وتوج صلف المحتل وعدم إحترام رموز السلطة المصرية فاعتمد اللورد كرومر قرار المحكمة متخطيا الخديوى. أين خديوى مصر من محولة ظلم الفلاحين؟ بطرس باشا " كان أول من يحصل على رتبة الباشاوية من قبط مصر بعد توسط أحمد عرابي شخصيا لحصوله عليهإ. فهل خُدع فيه أحمد عرابى؟

    ومن أرشيف "الأهرام" وعلى لسان كتاب أفاضل يلفتون النظر الى الجناة الحقيقيين:
    أنيس منصر: ولو طالبنا باعتذار الانجليز عن جرائم دنشواي... 17عدد ديسمبر 2006
    عزت السعدني: ومنذ مائه عام حدثت في مصر واقعه دنشواي التي ارتكبتها سلطات الاحتلال البريطاني في يونيو عام‏1906... 24عدد يونيو 2006
    اقبال بركه: ومنذ مائه عام حدثت في مصر واقعه دنشواي التي ارتكبتها سلطات الاحتلال البريطاني في يونيو عام‏1906. .. عدد 12 مايو 2004

    4- المشانق معدة قبل النطق بالحكم.
    وكانت الأحكام قد صدرت قبل المحاكمة فذكر موقع http://www.coptichistory.org/new_page_425.htm
    أن جريدة المقطم يوم ‏18 ونيو‏ 1906‏ ذكرت إن المشانق أعدت داخل القرية قبل التحقيق‏!‏


    5- لم يقل غضب الشعب الإنجليزى عن غضب الشعب المصرى.
    وهذا الموقع يبين غضب إنجلترا على ممثليهم فى مصر لما جروه عليهم من إستياء العالم بهم من جراء هذا التصرف:
    http://askamel.spaces.live.com/blog/cns!CFB7C546EF56D995!2439.entry
    "لقد حدثت حادثة مؤلمة فى قرية من قرى الدلتا بمصر هى دنشواى تحركت بسببها العواطف الإنسانية فى العالم كله، ورفع رجال أحرار الفكر مستقلوا الأخلاق والأطوار فى إنجلترا رافعين أصواتهم سائلين عما إذا كان يوافق لكرامة الدولة البريطانية وشرفها ومصلحتها أن تسمح أن ترتكب بإسمها أمر ظالم وقاس وأنه لمن الواجب على الذين يشغفون حقيقة بالإنسانية والعدل، أن يدرسوا هذه المسألة ويصدروا فيها حكمهم العادل، وهى المسألة الشاغلة لأمة بأسرها!! ... جئت أسأل الأمة الإنجليزية إذا كان يليق بها أن تترك الممثلين لها فى مصر يلجأون بعد احتلال دام أربعة وعشرين عاما الى قوانين استثنائية ووسائل همجية بل وأكثر من همجية، ليحكموا مصر ويعلموا المصريين ماهية كرامة الإنسان؟

    وتهكم الفبلسوف "برنارد شو" ويسرد موقع دانى موريسون فى مكان آخر عن "برنارد شو" قوله أنه فى مقدمة لمسرحية له بإسم ‘John Bull’s Other Island’ ذكر فيها عن فظاعة تدخل الإنجليز فى الشرق الأوسط وما أسماه شو "ذعر دنشواى"... وكيف كان مثال لوحشية الإستعمار. النقد موجه للإنجليز ولم ينوه أحد لظلم القضاء المصرى. وأستطرد برنارد شو متهكما " وحيث لم يكن هناك غير مشنقة واحدة فيترك المشنوق نصف ساعة معلقا (يا للفظاعة) للنأكد من موته وليتحقق من مشاهدة أهلة له وهو يتأرجح. ولما كان يستلزم الأمر ساعتان لشنق أربعة رجال، حرص الإنجليز، إستمرارا للتسلية، جلد ثمانية رجال آخرون فيما بين مشاهد الشنق. ومن كثرة إحساس الإحتلال بالذنب والجرم، كذب اللورد كرومر على مجلس العموم بإنجلترا فى ذلك الوقت "وكانوا قد صوروا لمجلس العموم البريطانى بأن المحاكمة والعقوبات قد نفذت بكل إنسانية وكرامة." وحذر "شو"، إشارة الى دنشواى، ما معناه، إننى أخشى على الإمبراطورية أنها بتصرفاتها هذه لن يكتب لها غير الزوال. اللوم فى إنجلترا ذاتها ينتقد تصرفات الإحتلال الإنجليزى على غطرستة فى دنشواى.
    وكتب عزت السعدنى أهرام 24 يونية 2006 إذ قال:
    "وكتب عنها الكاتب الانجليزي الساخر برنارد شو قائلا‏:‏هذا يوم عار علي بريطانيا العظمي‏!‏

    6- تم إغتيال بطرس باشا غالى 1910 ودنشواى وقعت فى 1906.
    يقول الموقع:
    http://randompottins.blogspot.com/2006/10/hanging-matters-from-denshawai-to-suez.html عن توقيت إغتيال بطرس باشا "وكان هناك إحتجاجات كثيرة فى بريطانيا وفى مصر... وإغتيل بطرس غالى بعد إعنمادة مد صلاحية قناة السويس لمدة 40 سنة." وفعلا أغتيل بطرس غالى 1910 بينما دنشواى وقعت 1906. ألم يعلق بذهننا جميعا أن الوردانى قد قام بعملية الإغتيال للإنتقام من أحكام دنشواى؟ أنا لا أبرر ساحة بطرس غالى فكما ذكرت، كان علية، علىأقل تقدير، أن يعتذر ويرفض الِإشتراك فى هذة المهزلة. هل كان محقا أو غير محق فى مد صلاحية قناة السويس؟ هذا موضوع آخر.

    7- إختلفت الأحكام التى أصدرها الشعب المصرى على أعضاء هيئة المحكمة من المصريين.
    لم يكن بطرس باشا المصرى الوحيد فى تشكيل هذه المحكمة. وكتب هذا الموقع:
    http://www.imbh.net/cms/news.php?newsid=fmbh21148654909
    "وإشترك فى المحاكمة نخبة من المصريين الحكوميين على رأسهم بطرس بلشا غالى ناروز رئيسا للمحكمة ... وثانيهم هو كبير محامى مصر المحروسة الملقب بشيخ المحامين "إبراهيم بك الهلباوى" ممثلا للإدعاء، وثالثهم هو الكاتب أحمد أفندى زغلول "شقيق سعد باشا زغلول" عضو المحكمة الذى كتب حيثياتها بيده ويمينة (شلت يمينه). وترافع الهلباوى كما لم يترافع من قبل وأجاد فى تصوير الواقعة على كونها صراعا حضاريا بين ضباط إنجليز أخيار وبين "سفلة" من فلاحين متوحشين ناكرين للجميل!" . وقام بإختيار الهلباوى المستشار ميتشل سكرتير الداخلية اختارته ليمثلها فى "إثبات" التهمة ضد المتهمين.

    وللنظر الآن عما فعل الشعب المصرى بهؤلاء الثلاث:
    1- أصدر إبراهيم الوردانى الحكم بإغتيال بطرس باشا غالى. أين بطرس باشا غالى أو حتى ممثل الإتهام إبراهيم بك الهلباوي من مشاهد تنفيذ الأحكام؟! المشاهد وقعت حيث إنتهت المحاكمة ولم يعد لأى منهم دور فى القضية.
    2- ورد بهذا الموقع:
    http://www.egyptiantalks.org/invb/index.php?showtopic=18933
    أما ابراهيم الهلباوي فلقد عمر طويلا بعد الحادث لأكثر من ثلاثين عاما ذاق خلالها الذل والهوان من المصريين الذين قابلوه بالكراهية فى كل مكان. يقول الأديب يحى حقي: "حضرته –أي الهلباوي- يخطب في سرادق ضخم أزدحم فيه أنصار حزب الأحرار الدستوريين من أجل تخليص البلاد من يد المحتلين وقوبل خطابه بالهتاف والتصفيق وامتلأ الرجل ثقة وزهوا وظن ان الدنيا قد صالحته ولكنه لم يكد يفرغ من خطابه حتى أرتفع صوت في آخر السرادق يهتف: - يسقط جلاد دنشواي... كنا واثقين انها دسيسة بعث بها حزب الوفد لافساد الحفل بدليل ان المبعوث اتخذ مكانه بجانب الباب ليسهل عليه الهرب ومع ذلك فكأني بالحاضرين وقد مستهم الكهرباء فجأة واذا بهم كلهم – وهم أنصار الهلباوي – يقفون وقفة رجل واحد ويهتفون بصوت واحد يجلجل كالرعد: - ليسقط جلاد دنشواي. انه كان صوت مصر ينطلق من حلوقهم على الرغم إرادتهم". وفي عام 1940 مات الهلباوي وهو فى الثالثة والثمانين.

    3- فأما أحمد فتحي زغلول، فإن شيئا لم يغفر له ما فعله يوم دنشواي حتى كونه شقيق سعد زغلول، وحدث انه رُقي لمنصب وكيل وزارة الحقانية (العدل) عام 1907 واقيم له حفل تكريم بهذة المناسبة بفندق "شبرد" وطلب منظمو الحفل من أمير الشعراء أحمد شوقي بالاشتراك فى الحفل بقصيدة فوعدهم بلإرسالها لتلاوتها – وكان لا يتلو شعره بنفسه – وفي الميعاد المحدد وصل رسول شوقي بمظروف الى فندق شبرد وفتحته لجنة الاحتفال فوجدت به ابياتا تقول :
    اذا ما جمعتم أمركم وهممتموا بتقديم شئ للوكيل ثمين
    خذوا حبل مشنوق بغير جريرة وسروال مجلود وقيد سجين
    ولا تعرضوا شعري عليه فحسبه من الشعر حكم قد خطه بيمين
    ولا تقرأوه في شبرد بل أقرءوه على ملأ من دنشواي حزين.
    وكانت لطمة...
    وأنقذ أحمد فتحى زغلول نفسه فغادر الدنيا كلها بعد ذلك بسنوات قليلة عام 1914 غير مأسوف عليه من أحد.
    نرى أن الأحكام التى أصدرها الشعب المصرى تختلف ما بين الوحشية والكراهية وضيق الأفق والغروروطبقت فلسفة الإغتيال الخاطئة دائما على بطرس باشا غالى وبينما تركت الأمور فى يد الله والزمن بالنسبة للهلباوى وفتحى زغلول، إذ عمر ابراهيم الهلباوي طويلا بعد الحادث لأكثر من ثلاثين عاما ذاق خلالها الذل والهوان من المصريين ورُقي أحمد فتحي زغلول لمنصب وكيل وزارة الحقانية. ولم يذكر أحد دور الخديوى من هذه القضية. إن لم يحكم القانون بسلطة القانون، فحكم الزمن هو العادل كما طبق على أمثال الخديوى والهلباوى وفتحى زغلول. ولكن يختلف الأمر فيصدر الحكم على بطرس باشا غالى بالإغتيال لأن دمه حلال وحاول البعض أن ينوه بأن الإغتيال كان سياسيا وليس دينيا (كأن الإغتيال السياسى محلل!). لم نفق بعد من غيبوبة التطرف الدينى وفلسفة الإغتيال ولم نتبين أن الوقت قد حان لنسمو بفكرنا ونحكّم سيادة القانون، وكفانا إنفعالات متخلفة يملأها التعصب فالرجولة هى المواجهة وأى جبان يستطيع ان يغتال ولكنها لا يجب أن تحتسب لة بطولة.


    عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في الثلاثاء نوفمبر 03, 2009 3:34 pm عدل 1 مرات
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء Empty رد: حكاية دنشواى والهلباوى ممثل الادعاء

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء نوفمبر 03, 2009 3:22 pm

    الهلباوي الآخر الذي يضمه الكثيرون إلى الخونة اسمه الكامل: إبراهيم الهلباوي

    وبالرغم من أن الناس عرفوه كأحد أعظم المحامين الذين أنجبتهم مصر، فإن حياته تعد نموذجاً تقليدياً لقصة حياة البطل الذي يخطيء مرةً واحدةً فيهيل على تاريخه التراب، ويظل مثل سيزيف يكافح طوال ما تبقى من عمره –دون جدوى- للصعود بالصخرة إلى قمة الجبل، دون أن يغفر له أحدٌ خطيئته في حق الشعب

    أحب شعب مصر آنذاك إبراهيم الهلباوي (1858-1940) الذي وصفه عباس محمود العقاد ذات مرةٍ بأنه "كان ذا ذلاقة لسانٍ لا تطيق نفسها ولا تريح صاحبها". وكان الهلباوي خطيباً مفوهاً وممثلاً رائعاً يمزج بين العربية الفصحى والعامية البسيطة ويتحرك بخفةٍ ورشاقة، يجبر المحكمة على سماعه ويجعل من يسمعه ويراه مشدوهاً بعبقرية هذا الرجل. قال عنه عبد العزيز البشري في "المرآة" إنه "شيخ يتزاحف على السبعين إن لم يكن قد اقتحمها فعلاً، عاش مدى عمره يحبه ناس أشد الحب ويبغضه ناس أشد البغض.. إلا أن هؤلاء وهؤلاء لا يسعهم جميعاً إلا التسليم بأنه رجل عبقري"


    كان الهلباوي يقف في المحكمة فيهز مصر كلها بفضل حججه القانونية البارعة التي جعلته يدعى أعظم طلاب المرحمة، على حد وصف معاصريه..لكنه فشل في طلب الرحمة لنفسه من الشعب في حادثة دنشواي. وعلى امتداد 30 عاماً طويلة حاول أن يكفِرَ عن ذنب ارتكبه، لكن الشعب أصم أذنيه لأن الذنب كان من النوع الذي يصعب نسيانه وغفرانه





    ففي يوم 20 يونيو حزيران عام 1906، أصدر بطرس باشا غالي ناروز وزير الحقانية بالنيابة قراراً بتشكيل المحكمة المخصوصة لمحاكمة المتهمين في حادثة دنشواي برئاسة بطرس باشا غالي نفسه، وعضوية كلٍ من "المستر" هبتر نائب المستشار القضائي، و"المستر" بوند وكيل محكمة الاستئناف الأهلية والقائمقام لهادلو القائم بأعمال المحاماة والقضاء بجيش الاحتلال، وأحمد فتحي زغلول بك (حمل لاحقاً لقب: باشا) رئيس محكمة مصر الابتدائية وأن يكون انعقادها في شبين الكوم يوم الأحد 24 يونيو حزيران

    كان من المقرر أن يحضر إبراهيم الهلباوي التحقيق مع المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي يوم السبت الموافق 16 يونيو عام 1906 لكنه لم يحضر لعدم عثوره على وسيلة انتقال مباشرة إلى دنشواي ولارتفاع درجة الحرارة في ذلك اليوم

    وعلى رصيف القطار في القاهرة، وجد الياور الخاص برئيس الوزراء مصطفى فهمي باشا يخبره بأن "الباشا" ينتظره في مكتبه لأمرٍ مهم. ثم التقى الهلباوي محمد محمود بك رئيس حزب الأحرار الدستوريين فيما بعد، وكان يعمل آنذاك سكرتيراً خاصاً لمستشار وزير الداخلية الإنجليزي "المستر" ميتشل، الذي سأله عما إذا كان أحد من المتهمين في حادثة دنشواي قد وكله للدفاع عنه..فلما نفى ذلك أخطره بأن الحكومة قد اختارته ليمثلها في إثبات التهمة ضد المتهمين أمام المحكمة المخصوصة، باعتباره من أكبر المحامين سناً وأقدمية

    المفاجأة كانت في حسم الهلباوي تردده وقبوله المهمة، بل وتواضعه في تحديد أتعابه، فمع أنه –كما قال فيما بعد- "كان يتقاضى 500 جنيه في القضايا الكبرى، فإنه خفض أتعابه في هذه القضية، فقبِلَ أن يترافع فيها ب 300 جنيه فقط"

    هذا هو الهلباوي..لا فارق لديه بين أن يدافع عن المتهم ليطالب بتبرئته، أو أن يكون المدعي العام الذي يثبت عليه الاتهام ليطالب بإعدامه

    وهكذا استقبل الهلباوي في مكتبه "المستر" موبيرلي المفتش الإنجليزي لوزارة الداخلية لوزارة الداخلية و"المستر" مانسفيلد الحكمدار الإنجليزي لبوليس القاهرة اللذين أبلغاه أنهما مكلفان بأن يكونا في خدمته في كل ما يتعلق بقضية دنشواي، واقترحا عليه أن يحضر التحقيق وأن يشارك في استجواب المتهمين، لكنه اعتذر عن ذلك وفضلَ أن يزور مسرح الأحداث ليعاينه. وفيما بعد، قال الهلباوي – في معرض تبرير سقطته- إن قبوله القيام بدور المدعي العام قد مكَنه من صد المحاولات الإنجليزية التي استهدفت تضخيم الحادثة (مذكرات إبراهيم الهلباوي: تاريخ حياته، إبراهيم الهلباوي بك (1858-1940)، تحقيق عصام ضياء الدين؛ تقديم د. عبد العظيم رمضان)

    ودنشواي هي قرية تقع في مركز الشهداء، شبين الكوم بمحافظة المنوفية، ويُعتقد أن الاسم مشتقٌ قديماً من دير جواي ثم تحول إلي دنجواي

    وتعود بدايات الحكاية إلى عام 1906 حين صدرت أوامر الحكومة في مصر إلى عُمد بعض البلاد بمساعدة فرقة تابعةٍ للاحتلال البريطاني آنذاك مكونة من خمسة جنود ممن كانوا يرغبون في صيد الحمام ببلدة دنشواي المشهورة بكثرة حمامها كما اعتادوا

    وفي نهار صيفي عادي في يوم الأربعاء الموافق 13 يونيو حزيران كان هؤلاء الجنود الإنجليز بقيادة الميجور كوفين يتجولون بالقرب من القرية المنكوبة ومعهم الأومباشي زقزوق والترجمان عبد العال. وكان الميجور مغرماً بصيد الحمام فأقنع رجاله - وهم: الكابتن بول، الملازمان بورثر وسميث، الطبيب البيطري الملازم بوستك - بأن يتراهنوا لاصطياد الحمام من على أشجار دنشواي





    وكان كوفين وبول وبوستك يطلقون الأعيرة لاصطياد الحمام بجوار الأشجار على جانبي الطريق الزراعي، ولكن تشاء الأقدار أن يتوغل بورثر وسميث داخل القرية حيث كان الحمام عند أجران الغلال يلتقط الحب. ويصوب بورثر بندقيته إلى جُرن الحمام الخاص بالشيخ محمد عبد النبي مؤذن البلدة، فتفقد زوجة الشيخ وعيها بعد أن أصابها عيار طائش

    وتفيد المصادر المختلفة بأن مؤذن البلدة جاء يصيح بهم كي لا يحترق التبن في جُرنه، لكن أحد الضباط لم يفهم منه ما يقول وأطلق عياره فأخطأ الهدف وأصاب المرأة، وتدعى أم محمد. واشتعلت النار في التبن، فهجم الرجل على الضابط وأخذ يجذب البندقية وهو يستغيث بأهل البلد صارخاً "الخواجة قتل المرأة وحرق الجُرن، الخواجة قتل المرأة وحرق الجُرن"، فأقبل الأطفال والنسوة والرجال صائحين "قتلت المرأة وحرقت الجُرن"، وهرع بقية الضباط الإنجليز لإنقاذ صاحبهم

    وفي هذا الوقت وصل الخفراء للنجدة كما قضت أوامرهم، فتوهم الضباط على النقيض بأنهم سيفتكون بهم فأطلقوا عليهم الأعيرة النارية وأصابوا بعضهم فصاح الجمع "قتل شيخ الخفر" وحملوا على الضباط بالطوب والعصي، فألقى الخفراء القبض عليهم وأخذوا منهم الأسلحة إلا اثنين منهم وهما "كابتن" الفرقة وطبيبها اللذين أخذا يعدوان تاركين ميدان الواقعة وقطعا نحو ثمانية كيلومترات في الحر الشديد حتى وصلوا إلى بلدة سرسنا، فوقع "الكابتن" بول مطروحاً على الأرض ومات بعد ذلك متأثراً بضربة شمس إثر عدوه لمسافة طويلة تحت أشعة الشمس

    عندها تركه زميله الطبيب وأخذ يعدو حتى وصل إلى المعسكر، وصاح بالعساكر فركضوا إلى حيث يوجد الكابتن، فوجدوه وحوله بعض الأهالي، فلما رآهم الأهالي لاذوا بالفرار، فاقتفى العساكر أثرهم وألقوا القبض عليهم إلا أحدهم –ويدعى سيد أحمد سعيد - هرب قبل أن يشد وثاقه واختبأ في فجوة طاحونةٍ تحت الأرض فقتله الإنجليز شر قتلة

    وقد نظم حافظ إبراهيم إثر حادثة دنشواي قصيدة يقول فيها:




    أيها القائمون بالأمر فينا..هل نسيتم ولاءنا والودادا؟


    خفّضوا جيشكم وناموا هنيئاً..وابتغوا صيدكم وجوبوا البلادا


    وإذا أعوزتكم ذاتُ طوق ..بين تلك الربا فصيدوا العبادا


    إنما نحن والحمام سواء..لم تغادر أطواقنا الأجيادا


    وكان رد الفعل البريطاني قاسياً وسريعاً، فقد قدم 52 فلاحاً مصرياً للمحاكمة بتهمة القتل المتعمد

    وهنا جاء دور الهلباوي في تلك المسرحية الهزلية



    فقد استخدم الهلباوي دهاءه لتكييف واقعة اعتداء الفلاحين بالضرب على الضباط الإنجليز بحيث يثبت أن الحريق الذي




    وقع في الجُرن نتيجة رصاص الضباط الإنجليز أثناء رحلة الصيد في دنشواي، هو حادثٌ تالٍ للاشتباك بين الفلاحين والضباط –وهذا لم يكن صحيحاً- بل زعم الهلباوي أن الضباط الإنجليز لم يكونوا أصلاً السبب في حدوث حريق الجُرن..وأشار إلى أنه حريقٌ متعمد اصطنعه الفلاحون ليخفوا أدلة سبق إصرارهم وتعمدهم التحرش بالضباط الإنجليز والاعتداء عليهم بالضرب

    وهكذا تمكن الهلباوي من تبرئة الضباط الإنجليز من الأخطاء والجرائم التي ارتكبوها، في حين زاد من مسؤولية الفلاحين عن الحادثة. واتخذ الهلباوي من نجاح الفلاحين في إخماد النيران في الجُرن في غضون ربع ساعةٍ فقط دليلاً على أن الفلاحين هم الذين أطفأوا النيران بعد أن أشعلوها

    ولم يبق في إثبات ركن سبق الإصرار على القتل والشروع فيه سوى إثبات أن فكرة القتل لم تكن عرضيةً وغنما كانت نيةً مبيتة

    وصوّر الهلباوي الأمر أمام المحكمة وكأن الفلاحين رتبوا الأحداث بحيث صمموا على قتل الإنجليز إذا جاءوا للصيد في قريتهم. وكان الملازم بورثر قد ذكر أثناء إدلائه بأقواله أمام المحكمة أن المتهم التاسع عبد المطلب محفوظ قد حماه هو وزملاءه من العدوان عليهم، وقدم إليهم المياه ليشربوا، وهي شهادةٌ كانت كافية لتبرئته

    وعندما جاء الدور على الشاهد فتح الله الشاذلي نجل عمدة دنشواي، ورد في أقواله هو الآخر أنه قد قدم الماء للضباط..فتنبه الهلباوي إلى نقطةٍ جزم بأنها فاتت على الملازم بورثر، ووقف ليقول إنه يلاحظ شبهاً كبيراً في الملامح بين المتهم عبد المطلب والشاهد فتح الله، وإنه يعتقد أن الأمر قد اختلط على الملازم بورثر..فاستدعت المحكمة الضابط الإنجليزي الذي حسم الامر، وقال إن الذي سقاه هو ابن العمدة وليس المتهم. وبذلك حرم الهلباوي المتهم التاسع من فرصته للنجاة من الحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة

    وعلى هذا النهج يروي لنا صلاح عيسى في كتابه "حكايات من دفتر الوطن" كيف بذل إبراهيم الهلباوي جهداً ضخماً في تفنيد كل ما جاء في أقوال المتهمين والشهود ليهدم كل واقعةٍ يمكن أن تتخذ ذريعةً للتخفيف عن المتهمين الأبرياء في حادثة دنشواي، وليثبت للمحكمة أن الحادثة ارتكبت عمداً ومع سبق الإصرار، حتى يفوز بما كان قد اتفق عليه مع سلطات الاحتلال ويعطي المحكمة مبرراً للحكم بالإعدام على المتهمين

    بل إنه فند التقارير الطبية التي قالت إن الضحية الوحيدة في الحادثة وهو الكابتن البريطاني بول، قد مات متأثراً بضربة شمس، وأكد أن موت بول بضربة شمس لا ينفي أن المتهمين هم الذين قتلوه لأنهم هم الذين ضربوه، وألجأوه إلى الجري تحت أشعة الشمس اللاهبة. أضف إلى ذلك أن الهلباوي اتهم المتهم البريء حسن محفوظ بأنه "لم يكدر قريةً بل كدر أمةً بأسرها بعد أن مضى علينا 25 عاماً ونحن مع المحتلين في إخلاصٍ واستقامة وأمانة.. أساء إلينا وإلى كل مصري..فاعتبروا صوتي صوت كل مصري حكيمٍ عاقل يعرف مستقبل أمته وبلاده"

    وبذلك قتل الهلباوي شعبه كله بعد أن صدر الحكم بإعدام أربعة متهمين -هم: حسن علي محفوظ‏,‏ يوسف حسني سليم‏,‏ السيد عيسى سالم ومحمد درويش زهران-‏ والجلد‏50‏ جلدة على 12 متهماً، والأشغال الشاقة لباقي المتهمين





    وفي الثانية من ظهر يوم ‏28‏ يونيو حزيران جرى تنفيذ تلك الأحكام الجائرة، بعد محاكمةٍ استمرت بضعة أيام فقط وأمام أعين الأهالي. وتقول جريدة "المقطم" يوم ‏18‏ يونيو حزيران عام ‏1906‏ إن المشانق أعدت داخل القرية قبل التحقيق‏
    وقال أمير الشعراء أحمد شوقي بعد مرور عام على حادثة دنشواي:

    يا دنشواي على رباك سلام..ذهبت بأنس ربوعك الأيام

    كيف الأرامل فيك بعد رجالها..وبأي حال أصبح الأيتام

    عشرون بيتاً أقفرت وانتابها..بعد البشاشة وحشةٌ وظلام

    نوحي حمائم دنشواي وروّعي..شعباً بوادي النيل ليس ينام

    السوط يعمل والمشانق أربع..متوحدات والجنود قيام

    والمستشار إلى الفظائع ناظر..تدمى جلود حوله وعظام

    وعلى وجوه الثاكلين كآبة..وعلى وجوه الثاكلات رغام

    وعن جدارةٍ استحق الهلباوي لقب "جلاد دنشواي" الذي أطلقه عليه الشيخ عبد العزيز جاويش





    وهجاه الشاعر حافظ ابراهيم في قصيدة قال فيها:

    أيها المدعي العمومي مهلا 00 بعض هذا فقد بلغت المرادا

    قد ضمنا لك القضاء بمصر 00 وضمنا لنجلك الإسعادا

    فإذا ما جلست للحكم فاذكر 00 عهد مصر فقد شفيت الفؤادا

    لا جرى النيل في نواحيك يا مصر.. ولا جادك الحيا حيث جادا

    أنت أنبت ذلك النبت يا مصر.. فأضحى عليك شوكا فتادا

    أنت أنبت ناعقاً قام بالأمس.. فأدمى القلوب والأكبادا

    أيا مدرة القضاء ويا من 00 ساد في غفلة الزمان وشادا

    أنت جلادنا فلا تنس أنا 00 لبسنا على يديك الحدادا



    عاش الهلباوي 34 عاماً بعد تلك المأساة، ذاق أثناءها الذل والهوان من المصريين الذين لم ينسوا له دوره في تلك المحاكمة، بالرغم من محاولته التكفير عن ذلك، وحورب حرباً شديدة من الناس وخصومه وأصدقائه، وطارده لقب "جلاد دنشواي" في كل مكان. وكانت له كلمته الشهيرة: "ما أتعس حظ المحامي وما أشقاه.. يعرض نفسه لعداء كل شخص يدافع ضده لمصلحة موكله فإذا كسب قضية موكله، أمسى عدواً لخصمه دون أن ينال صداقة موكله"







    لكن إبراهيم الهلباوي لم يكن الخائن الوحيد لمصر في حادثة دنشواي، فقد كان هناك اثنان آخران أولهما بطرس باشا غالي (1846-20 فبراير شباط 1910) وزير الحقانية بالنيابة آنذاك الذي ترأس المحكمة. أما نهاية هذا الرجل فكانت على يد صيدلاني يدعى إبراهيم الورداني، اغتال بطرس غالي أمام وزارة الحقانية في الساعة الواحدة ظهراً يوم (11 من صفر 1328 هـ=20 فبراير 1910)، حيث أطلق عليه الورداني ست رصاصات أصابت اثنتان منها رقبته. وكان اغتيال بطرس غالي هو أول جريمة اغتيال في مصر الحديثة

    أما الثاني فهو أحمد فتحي زغلول ( فبراير شباط 1863- 27 مارس آذار 1914) عضو المحكمة ورئيس محكمة مصر الابتدائية الذي كتب حيثيات الحكم بخط يده. ولم يغفر له أحد ما فعله في دنشواي..لم يغفر له أن الشقيق الأصغر لزعيم الأمة سعد زغلول، حتى أن ذكراه كانت تمر بعد ذلك وسعد زعيم الامة المحبوب، فلا يجسر أحدٌ على الإشارة إليها


    بل إن خصوم سعد زغلول كانوا يشيرون إلى شقيقه أحمد فتحي كدليلٍ على عدم وطنية الأول




    وحدث في العام التالي مباشرةً لمأساة دنشواي، أي في عام 1907، أن تمت ترقية أحمد فتحي زغلول إلى منصب وكيل وزارة الحقانية، وأقام له بعض الموظفين حفل تكريمٍ في فندق "شبرد"، وطالبوا أحمد شوقي بالاشتراك في الحفل بقصيدة، فأرسل إليهم ما أرادوا في مظروفٍ..وفتحته لجنة الاحتفال في الموعد المحدد، فوجدت به أبياتاً تقول:


    إذا ما جمعتم أمركم وهممتموا..بتقديم شيءٍ للوكيل ثمين
    خذوا حبال مشنوقٍ بغير جريرةٍ..وسروال مجلودٍ، وقيد سجين
    ولا تعرضوا شعري عليه، فحسبه..من الشعر حكمٌ خطه بيمين
    ولا تقرأوه في "شبرد" بل اقرأوا..على ملأٍ في دنشواي حزين

    وكانت لطمةً قويةً..وأنقذ أحمد فتحي زغلول نفسه، فغادر الدنيا بعدها بسنواتٍ قلائل، إذ مات في عام 1914 وهو وكيلٌ لوزارة العدل

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 10:08 am