روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    اختصاصات السلطة الرئاسية المتعلقة بالاعمال

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    اختصاصات السلطة الرئاسية المتعلقة بالاعمال Empty اختصاصات السلطة الرئاسية المتعلقة بالاعمال

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد يوليو 08, 2012 11:40 pm


    اختصاصات السلطة الرئاسية المتعلقة بالأعمال

    وهي الاختصاصات التي تمارسها السلطة الرئاسية في إطار الجانب التنفيذي للعملية الإدارية بما يستوجبه ذلك من إصدار القرارات والأوامر إلى المرؤوسين حول تنفيذ المهام الموكولة لهم ورسم الإجراءات المناسبة لتنظيم العمل ووضع الأسس التي تحدد سير العمل بين الموظفين على أن بعض القرارات والأوامر الرئاسية لا تشمل مجال الموظفين فحسب وإنما تشمل أيضاً الأفراد الذين هم محور النشاط الإداري للسلطة الرئاسية لا سيما بعد أن اتسعت مجالات هذا النشاط في العصر الراهن وانعكس ذلك على أساليب ممارسة السلطة الرئاسية وسنرى أن المهام المتزايدة للنشاط الإداري استدعى تطور ممارسة السلطة الرئاسية وتوسع صلاحياتها من خلال اتجاه المشرع إلى منحها صلاحيات عديدة لتمكنها من أداء المهام المنوطة لها وقد تنوعت وتعددت هذه الصلاحيات خصوصاً فيما يخص إصدار القرارات الإدارية والظروف والمستجدات التي أخذت تؤثر في عملية إصدار هذه القرارات
    وسنبحث ذلك في ثلاثة مطالب هي
    المطلب الأول : اختصاص السلطة الرئاسية في إصدار القرارات والأوامر
    المطلب الثاني : اختصاص السلطة الرئاسية في التنظيم الإداري
    المطلب الثالث : اختصاص السلطة الرئاسية في الرقابة الإدارية

    المطلب الأول : اختصاص السلطة الرئاسية في إصدار القرارات والأوامر
    يعتبر هذا الاختصاص من ابرز اختصاصات السلطة الرئاسية لما لذلك من أهمية كبيرة في سير العملية الإدارية ، وعلى ذلك توصف السلطة الرئاسية بأنها سلطة آمرة تقوم بإصدار القرارات والأوامر التي لها صفة الإلزام بالنسبة للمخاطبين بها موظفين كانوا أم أفراداً ..إلا أن السلطة الرئاسية وهي تصدر قراراتها الملزمة لابد أن تصدرها وفقاً للقوانين والأنظمة المطبقة والتي تنظم مختلف أوجه النشاط الإداري وبعكسه تكون هذه القرارات غير مشروعة.وهو ما يطلق عليه بمبدأ الشروعية (1) ويراد بالقانون هنا جميع أنواع القواعد القانونية في الدولة مع مراعاة التدرج في قوتها القانونية حيث يكون الصرح القانوني في الدولة على شكل هرمي متدرج يقع الدستور في أعلى قمة هذا الهرم يليه القانون العادي (التشريع ) ثم الأنظمة والتعليمات أو القرارات التنظيمية ثم القرارات الفردية (2) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) د. سليمان الطماوي : النظرية العامة للقرارات الإدارية ص 15 .
    (2) د. سليمان الطماوي: القضاء الإداري – قضاء الإلغاء ص 22 .
    وكل نوع من هذه القواعد القانونية إنما يكتسب الصفة الإلزامية بالقدر الذي تحدده القاعدة الأعلى بحيث تكون القاعدة الأدنى نوعاً من التخصص والتحديد للقاعدة الأعلى وتمثل في الوقت نفسه بالنسبة للقواعد التي تدنوها القيد الخارجي والضابط العام الذي تلتزمه هذه القواعد بدورها ، وفي ضوء هذا التدرج فالقاعدة القانونية لا تكون مشروعة إلا بالقدر الذي تلتزم فيه الضوابط التي تحددها القاعدة القانونية الأعلى وهي في الوقت ذاته ملزمة للقواعد القانونية الأدنى (1) وهكذا كلما انحدرنا في اتجاه قاعدة الهرم القانوني التي تتكون من مجموعة من القرارات الفردية (2) تعلوها القرارات التنظيمية ثم تليها القوانين ثم الدستور الذي هو قمة الهرم القانوني ، وبذلك يكون النظام القانوني بأكمله محكوماً بالنصوص الدستورية أي أن أياً من سلطات الدولة لا يمكنها ممارسة سلطاتها إلا وفقاً للحدود التي يرسمها الدستور (3) .
    هذا وتتخذ الاعمال القانونية التي تباشرها الادارة احد مظهرين هما :-
    1) الاعمال القانونية الصادرة من جانبين وتحصل نتيجة اتفاق بين الادارة من جهة والافراد او احدى الجهات الادارية من جهة اخرى ويتمثل ذلك بالعقد الاداري حيث تتجه ارادة الطرفين الى احداث اثر قانوني معين هو انشاء او تعديل التزام قائم او الغائه ( 1).
    والعلاقة التي تربط الادارة بالافراد هي من نوع العلاقة التعاقدية أي ان المتعاقد مع الادارة يخضع لشروط العقد والى القواعد التنظيمية الخاصة بالمرفق العام الا ان ذلك لايعني ان علاقة المتعاقد مع الادارة من ذات العلاقة التي تربط المرؤؤس بالرئيس الاداري اذ ان هذه الاخيرة تخضع لضوابط الوظيفة العامة ومنها نبدا التدرج الرئاسي والتبعية الوظيفية التي سبقت الاشارة اليها صحيح ان الادارة ترتبط مع الافراد بم يحقق الصالح العام وما يعنيه من تغليب المصلحة العامة على مصلحة الافراد وفي هذه الحالة تبرز اوجه الشبه بين وضع المتعاقد والموظف حيث يخضع كل منهما بمقتيضات الصالح العام كما ان شروط العقد غالبا ما يتم تحريرها مقدماً حيث تنفرد الادارة بوضع الشروط الخاصة بالعطاءات دون ان يكون للمتعاقد فرصة الاشتراك في صياغة هذه الشروط ولاتظهر ارادة المتعاقد في هذه الحالة بل ان الادارة تضع الشروط بارادتها المنفردة وفي هذه الحالة ايضاً يوجد شبه بين الوضع المتعاقد ووضع الموظف الذي يعيين في الوظيفة طبقاً لضوابط وشروط تضعها الادارة بارادتها المنفردة ورغم هذا فان علاقة الموظف بالادارة هي ليست كعلاقة المتعاقد مع الادارة ذلك ان الاول تحكمه مبادئ التنظيم الاداري حيث تمارس السلطة الرئاسية سلطتها على المرؤؤس وفقاً لمبدأ التدرج الرئاسي كما انه للادارة سلطات
    (1) د. محمود حلمي : تدرج القواعد القانونية : مجلة العلوم الإدارية العدد الأول لسنة 1963 القاهرة ص 173 .
    (2) د. طعيمة الجرف : مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الإدارة للقانون : دار النهضة العربية : القاهرة 1976 ص 47 .
    (3) د.إحسان القرحي :دوعم الجدة : النظرية العامة في القانون الدستوري وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بغداد –1990 ص 164
    ( 4 ) انظر د. محمود خلف الجبوري : العقود الادارية : وزارة التعليم العالي والبحث العلمي 1998 ص 5

    معينة تجاه المتعاقد كسلطة الرقابة على تنفيذ العقد وسلطة توقيع الجزاء اذا اخل بالتزاماته ثم سلطة تعديل العقد من جانبها بل وحتى سلطة انهاء العقد اذا وجدت ان مقتضيات المصلحة العامة تقضي بان تنفيذ العقد لم يعد ضرورياً
    الا ان هذه السلطات تجاه المتعاقد تختلف في طبيعتها واثارها عن سلطتها تجاه الموظف في ضوء ما تقدم تكون علاقة الافراد بالادارة علاقة تعاقدية في حين ان علاقتها بالموظف علاقة تنظيمية تحكمها مبادئ التدرج الرئاسي والتبعية الوظيفية .
    وبما ان موضوع الاطروحة يتعلق بممارسة السلطة الرئاسية لذا تم استبعاد اختصاصات الادارة المتعلقة بالاعمال التعاقدية ... لذا اقتضى التنويه .
    2) الاعمال القانونية الصادرة من جانب واحد أي بالارادة المنفردة للادارة ويتمثل ذلك بالقرارات الادرية .
    هذا وتقسم القرارات الإدارية من حيث مضمونها والآثار التي تترتب عليها إلى قرارات تنظيمية وقرارات فردية ، فالقرارات التنظيمية هي القرارات التي تتضمن قواعد موضوعية عامة تنطبق على عدد من الأفراد غير محددين بذواتهم .
    ويطلق الفقهاء تسميات عديدة على هذا النوع من القرارات كالمنشورات ومذكرات الخدمة والأوامر المصلحية (4) وفي العراق دأبت الجهات الإدارية على إطلاق تسميات عديدة على هذه القرارات كالأنظمة – التعليمات – المنشورات – التعاميم – البيانات – ألاوامر داخلية ….الخ .
    أما القرارات الفردية فهي التي تصدرها الإدارة وتتعلق بفردٍ أو مجموعة أفراد معينين بالذات كأوامر التعيين والنقل و الترفيع .
    والقرارات الإدارية التنظيمية تقسم بدورها إلى أنواع عديدة طبقاً للظروف التي تصدرها السلطة الرئاسية فهناك القرارات التي تصدر في الظروف العادية والقرارات التي تصدر في الظروف الاستثنائية ، كما تقسم القرارات التنظيمية بالنظر إلى موضوعها وطبيعتها فهناك القرارات التنفيذية والقرارات المستقلة وقرارات الضبط الإداري .
    والقرارات التنظيمية التي تصدرها السلطة الرئاسية تتضمن قواعد عامة موضوعية وهي بذلك تماثل






    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) د. محمد أحمد الطيب هيكل : السلطة الرئاسية بين الفاعلية والضمان : رسالة دكتوراه كلية الحقوق / جامعة عين شمس (بدون سنة طبع) ص 233 .

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    اختصاصات السلطة الرئاسية المتعلقة بالاعمال Empty رد: اختصاصات السلطة الرئاسية المتعلقة بالاعمال

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد يوليو 08, 2012 11:41 pm

    القواعد القانونية وقد أطلق عليها تسمية التشريعات الفرعية إلا أنها لا ترقى إلى مستوى القواعد القانونية من حيث قوتها القانونية ذلك أن القاعدة القانونية تصدر عن السلطة التشريعية في حين ان القرارات التنظيمية تصدر عن السلطة الرئاسية ( السلطة التنفيذية ) ونظراً للتطور الذي حصل في زيادة نشاط الإدارة في العصر الحديث نتيجة لسياسة التدخل الذي تتبعه الدولة في مجالات الاقتصاد المختلفة أستتبع ذلك زيادة المجالات التي يتعيّن على السلطة الرئاسية أن تصدر فيها قراراتها التنظيمية الملزمة للأفراد وهذا تطور مهم للغاية في مجال ممارسة السلطة الرئاسية حيث حددت بعض التشريعات مجالات القانون في الوقت الذي وسعّت فيه مجالات إصدار القرارات التنظيمية ، ففي فرنسا حدد دستور 1958 المجالات التي يصدر بشأنها القانون من قبل الهيئة التشريعية (المادة 34) في حين ترك للسلطة الرئاسية مجالات واسعة تصدر فيها القرارات التنظيمية لتغطي جميع المسائل التي لا تدخل في التشريع (المادة 37) (1) وبذلك يكون المشرع قد وفر السبيل الذي تتمكن فيه السلطة الرئاسية من إصدار قراراتها التنظيمية التي تلبي متطلبات الظروف المستجدة والتي تتطلب سرعة المعالجة التي لا يستطيع القانون مواكبتها بالقدر الذي تتمكن فيه السلطة الرئاسية من معالجتها من خلال القرارات التنظيمية إضافة إلى أن التطور الحاصل في مختلف مجالات النشاط الإداري استلزم من السلطة الرئاسية أن تتبع أساليب متطورة في ممارسة هذه السلطة وهو ما سنشير إليه لاحقاً.
    ففي العراق يقوم المشرع بوضع المبادئ والأطر الأخرى العامة لتنظيم الحالة التي يصدر القانون بشأنها ويترك للإدارة (السلطة الرئاسية) إصدار الأنظمة والتعليمات التي تعالج التفاصيل والجزيئات الكثيرة إذ أن السلطة الرئاسية يحكم ارتباطها بالجمهور أدرى بتفاصيل العمل الإداري وأعرف بالظروف التي تستدعي المعالجات والقرارات السريعة التي يفضل أن لا ينشغل بها المشرع بل يتركها للسلطة الرئاسية وفي الحدود التي يرسمها القانون ، وقد نصت الدساتير العراقية على ذكر الأنظمة الى جانب القرارات الإدارية مما يوحي أن المشرع أراد التميز بين النظام والقرار الإداري وقد اختلفت التشريعات في العراق في تحديد الجهة التي تصدر عنها الأنظمة والقرارات الإدارية باختلاف الظروف السياسية التي مرّت على القطر. فالقانون الأساس العراقي (دستور سنة 1925) نص على أن الأنظمة توضع بأمر الملك لأجل تطبيق القوانين (المادة 26) كما نص على سلطة الملك بإصدار إرادات ملكية بناء على اقتراح الوزير المسؤول وبموافقة مجلس الوزراء (المادة 27) كما نص الدستور على ان مجلس الوزراء هو القائم بإدارة شؤون الدولة وله أن يصدر القرارات المتعلقة بشؤون الدولة على أن يرفعها للملك للمصادقة عليها (المادة 65) وعلى ذلك فأن السلطة الرئاسية ممثله بمجلس الوزراء والوزراء أتاح لهم الدستور ممارسة إصدار القرارات التنظيمية بما يمكنها من
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) د. ماهر صالح علاوي : القرار الإداري -إصدار كلية النهرين للحقوق سنة 1991 ص 153 .
    ممارسة سلطتها إضافة إلى أن الدستور أتاح للسلطة الرئاسية المساهمة بالعمليـة التشريعية من خـلال تولـي مجلس الوزراء سن اللوائح القانونية ثم يرفعها إلى مجلس الأمة التي يقرها ويرفعها للملك للمصادقة عليها (المادة 28) .
    ونص دستور 27 تموز 1958 المؤقت الصادر بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 على تولي مجلس الوزراء مهام السلطتين التشريعية والتنفيذية .
    أما (قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم 25 لسنة 1963) فقد حصر مهمة إصدار القوانين والأنظمة وتعديلها وإلغائها بالمجلس الوطني لقيادة الثورة (المادة الثانية) كما يتولى إصدار الأنظمة والتعليمات المتعلقة وتنفيذ أحكام قانون المجلس الوطني في حين منح قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم 61 سنة 1964 صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية .
    وكذلك فعل دستور 29 نيسان 1964 الذي بين اختصاصات المؤسسات في الدولة إلا أن واقع الحال يشير إلى أن رئيس الجمهورية هو الذي تولى الاختصاصات التشريعية والتنفيذية .
    وبعد عام 1968 صدر دستور 21 أيلول 1968 الذي أناط مهمة إصدار النظام للسلطة التشريعية (المادة 24) ومهمة إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية للسلطة التنفيذية المادة (64) وبالاتجاه نفسه ذهب دستور 1970 وعليه فأن السلطة الرئاسية تصدر القرارات التنظيمية لمعالجة المواضيع المتعلقة بنشاطاتها استناداً إلى الحدود التي ترسمها القوانين مع بعض الاستثناءات المتعلقة بقرارات الضرورة .
    والقرارات التنظيمية على أنواع عديدة منها:
    أ) القرارات التنفيذية وهي التي تصدرها السلطة الرئاسية تنفيذاً للقوانين حيث تستمد السلطة الرئاسية صلاحياتها في إصدار هذه القرارات من الدستور والقوانين فقد نصت المادة السابعة والخمسون الفقرة ب والفقرة جـ من دستور 1970 على أن لرئيس الجمهورية أن يصدر المراسيم اللازمة للممارسة اختصاصاته المنصوص عليها من الدستور وله عند الاقتضاء إصدار قرارات لها قوة القانون .
    كما نصت المادة الثانية والستون من الدستور على ان لمجلس الوزراء إصدار الأنظمة والقرارات الإدارية وفقاً للقانون الفقرة (ب) .
    وفي التشريع العادي دأب المشرّع العراقي على تخويل السلطة الرئاسية ممثلة بالوزير المختص لإصدار التعليمات اللازمة لتسهيل تنفيذ القانون المتعلق بنشاط السلطة الرئاسية المختصة.
    ويرى جانب من الفقه أن اختصاص السلطة الرئاسية في إصدار التعليمات أمرُ ثابت لا يتوقف على دعوة المشرّع لها للقيام بذلك وان هذا النص لا يعدو أن يكون تذكيراً وكشفاً لصلاحياتها في إصدار هذه التعليمات (1) .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) د. ماهر صالح علاوي : القرار الإداري -إصدار كلية النهرين للحقوق سنة 1991 ص 153 .


    ب) القرارات المتعلقة بنشاط الإدارة العامة ( السلطة الرئاسية) كقرارات تنظيم المرافق العامة وهـي
    القرارات التي تصدرها السلطة الرئاسية بقصد تنظيم وترتيب المرافق العامة وتنسيق سير العمل في
    المصالح والإدارات الحكومية (1) ويمكن أن تصدر هذه القرارات بصورة مستقلة عن أي قانون ولذلك يطلق عليها القرارات المستقلة على أن لا تخالف القواعد القانونية الأعلى .
    وفي العراق منح المشرع الدستوري السلطة الرئاسية ( مجلس الوزراء) صلاحية الإشراف على المرافق العامة والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية (2) والإشراف هنا لا يعني الإنشاء وعليه يرى جانب من الفقه إن إنشاء المرافق العامة في العراق لا يتم إلا بقانون أو بناءً على نص القانون اذ قد يخوّل المشرع السلطة الرئاسية بنص صريح إنشاء نوع معين من المرافق العامة بقرار تنظيمي مثال ذلك ما نصت عليه المادة (86) من قانون المحافظات رقم 159 لسنة 1969 حيث مُنح مجلس المحافظة صلاحية إنشاء وإدارة المدارس الابتدائية ورياض الأطفال والمرافق العامة للشباب وكذلك ما نص عليه قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رقم (40) لسنة 1988 حول اختصاص الوزارة بفتح الكليات والمعاهد (3) .
    ومن القرارات المتعلقة بنشاط السلطة الرئاسية ما يعرف بقرارات الضبط الإداري وهي القرارات المتعلقة بتنظيم ممارسة الأفراد لنشاطاتهم وحرياتهم على الوجه الذي يحافظ على النظام العام بعناصره الأساسية ( الأمن العام – السكينة العامة – الصحة العامة ) كالأنظمة التي تصدر حول سير المركبات والمرور في الطرق العامة ، التعليمات الخاصة بحماية الصحة العامة والتعليمات المتعلقة بالمحافظة على مياه الشرب والأغذية وغيرها .
    وفي التشريع العراقي هناك نصوص دستورية نشير الى اختصاص السلطة الرئاسية ( رئيس الجمهورية .. رئيس مجلس الوزراء ) بإصدار قرارات الضبط الإداري وهو ما سنشير إليه في اختصاصات السلطة الرئاسية في العراق في الفصل الثاني من الباب الثاني .
    ومن القرارات التنظيمية التي تصدرها السلطة الرئاسية قرارات الضرورة التي تصدرها لمواجهة حالات تهدد البلاد وتشكل خطراً على الأمن والنظام وتضطر السلطة الرئاسية إلى إصدارها في حاله انتهاء انعقاد دورات الهيئات التشريعية ولا تتحمل الحال الانتظار لحين انعقاد هذه الهيئات لكي تصدر قرارات تشريعية لمواجهة الحال .. وقد نصت مختلف الدساتير الحديثة على معالجة هذه الحال عن طريق منح السلطة الرئاسية حق إصدار قرارات لها قوة القانون لمواجهة الحالة الطارئة .




    (1) د. سليمان الطماوي :النظرية العامة للقرارات الإدارية مصدر سابق ص 487 .
    (2) المادة (62) فقرة ج من دستور 1970 .
    (3) د. ماهر صالح علاوي : القرار الإداري ص 162 .
    ففي التشريعي العراقي نص الدستور 1970 في المادة السابعة والخمسين على ان لرئيس الجمهورية عند الاقتضاء إصـدار قـرارات لها قـوة القانون وهذا النص الذي يتضمن عبـارة عند
    الاقتضاء يفسّر على انه يعالج حالة الضرورة .
    هذا فيما يتعلق باختصاص السلطة الرئاسية بإصدار القرارات التنظيمية أما اختصاصها بإصدار القرارات الفردية فقد تطرقنا إليها في المبحث السابق عند بحث قرارات التعين والترقية والتأديب وإنهاء الخدمة ولا ضرورة لإعادة الحديث عنها .
    وفي ضوء ما تقدم لاحظنا ان اختصاص السلطة الرئاسية في مجال إصدار القرارات الإدارية قد طرأ عليها الكثير من التطور طبقاً لتطور نشاط السلطة الرئاسية إذ كان هذا النشاط في العصور القديمة محدوداً تبعاً لوظيفة الإدارة المحدودة في جوانب معينة من العمل الإداري إلا إن هذا النشاط قد اتسع وشمل مختلف نواحي الحياة وتبعاً لذلك أخذت السلطة الرئاسية تمارس اختصاصات متنوعة من إخلال إصدار القرارات الإدارية التنظيمية المتنوعة على الوجه المشار إليه خصوصاً بعد ان اتسع نشاط الادارة في انشاء وادارة المرافق العامة بمختلف انواعها حيث تختار الطريقة المناسبة لادارتها حسب طبيعة نشاطها فهناك مرافق تتولاها الدولة بنفسها وتديرها بصورة مباشرة نظراُ لاهميتها ذلك ان نشاطها يتصل بممارسة الدولة لسيادتها مثل مرافق الجيش والشرطة والقضاء وبمقتضى ذلك تدير الدولة هذه المرافق مباشرة بواسطة موظفيها واموالها وتستخدم في سبيل ذلك اساليب القانون العام واضافة الى هذا النوع من المرافق الادارية اخذت الادارة مباشرة ادارة المرافق الاقتصادية وهو من ابرز التطورات الحاصلة في نشاط الادارة في العصر الحديث واضافة الى ما تقدم هناك اسلوب الادارة المشتركة حيث تقوم الادارة بالاشتراك مع القطاع الخاص في انشاء وادارة المرافق العامة مثال ذلك القطاع المختلط في العراق .
    كما ان هناك نوع اخر من انواع ادارة المرافق العامة هو عقد التزام المرافق العامة الذي يخضع بضوابط العقد الاداري ووفقاً لهذه التطورات في نشاط الادارة اصبح من الضروري ان تلجأ لى اساليب جديدة في ممارسة السلطة استجابة لدواعي هذه التطورات ومن هذه الاساليب الادارة
    اللا مركزية وتفويض الاختصاص وهذا ما سنبحثه لاحقاً .
    وننتقل في المطلب التالي إلى بحث اختصاص السلطة الرئاسية في مجال التنظيم الإداري .







    المطلب الثاني : التنظيم الإداري
    يرٌاد بالتنظيم الإداري كما يحدده فقهاء القانون الإداري تصنيف الأجهزة الإدارية بالدولة وبيان تشكيلها وكيفية ممارسة اختصاصاتها والبحث في طبيعة الأسلوب الذي تتبعه السلطة الرئاسية في تسيير نشاطها الإداري كأن تتبع الأسلوب المركزي حيث تتركز الوظيفة بيد السلطة الرئاسية المركزية أو الأسلوب اللامركزية حيث تتوزع الوظيفة بين السلطة المركزية وهيئات محلية أو مرفقيه (مصلحية) تباشر مهامها تحت إشراف السلطة المركزية (1) وتقع مهمة التنظيم على عاتق السلطة الرئاسية فإذا بدأنا من قمة السلم الإداري حيث يوجد الرئيس الإداري الأعلى في الدولة الذي هو رئيس الدولة في النظام الرئاسي ورئيس الوزراء في النظام البرلماني (2) وعليه فأن التنظيم من أهم عمليات السلطة الرئاسية الذي يتخذ مظهرين أو أسلوبين هما الأسلوب المركزي و الأسلوب اللامركزي وهذا ما سنبينه في فرعين هما
    - المركزية الإدارية
    - اللامركزية الإدارية
    الفرع الأول : المركزية الإدارية
    تعود بدايات ظهور فكرة المركزية الإدارية إلى ظهور الدولة الحديثة في أوربا التي تكونت على أنقاض النظام الإقطاعي حيث تركزت السلطات بيد السلطة المركزية وما نتج عن ذلك من تشكيل هياكل إدارية مركزية (3) وبموجب ذلك أصبح للسلطة المركزية وحدها حق اتخاذ القرارات في مختلف مجالات النشاط الإداري وتنفيذها بنفسها وهي مجالات محدودة جداً في تلك المرحلة من نشوء الدولة فقد تعهد السلطة الرئاسية المركزية إلى ممثليها في الأقاليم بتنفيذ المهام المتعلقة بالشؤون المحلية على أساس التدرج الرئاسي الهرمي وتظهر المركزية الإدارية على صورتين هما :
    I) المركزية المركزة ( la concentration) ويطلق عليها بعض الكتاب وصف المركزية المطلقة أو المشددة حيث تنحصر الصلاحيات بيد السلطة الرئاسية المركزية في العاصمة بحيث لا يكون لممثليها في الأقاليم أية صلاحيات للبت في مختلف شؤون الإدارة .
    II) المركزية غير المركزة ( la De concentration) أو المخففة أو المعتدلة وهي صورة متقدمة للمركزية وتظهر عند قيام السلطة الرئاسية المركزية بتفويض بعض موظفيها في الأقاليم لبعض صلاحيات البت النهائي في جانب من النشاط الإداري المتعلق بمناطق عملهم دون الرجوع إلى الرؤساء الإداريين ( الوزراء) بالعاصمة وهناك من يطلق عليها تسمية اللاوزارية الإدارية .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) د. هاني علي الطهراوي : القانون الإداري دار الثقافة عمان 1998 ص 120 .
    (2) د. محمد أحمد الطيب هيكل : السلطة الرئاسية بين الفعالية والضمان مصدر سابق وما بعدها ص 110 .
    (3) د. إسماعيل صبري مقلد : دراسات في الإدارة العامة : مصدر سابق ص 16 .
    وقد برزت فكرة هذا النوع من المركزية بعدما بدأت تتسع مجالات النشاط الإداري الأمر الذي أستوجب تطور ممارسة السلطة الرئاسية من خلال تفويض ممثليها في الأقاليم بعض الصلاحيات اللازمة لتسيير الشؤون المحلية إذ لم يعد بإمكان السلطة الرئاسية المركزية تلبية متطلبات العمل الإداري على المستوى الإقليمي بالشكل الذي يضمن سرعة البت بالقرارات المتعلقة بإدارة المرافق العامة في الأقاليم الأمر الذي أستوجب الأخذ بفكرة عدم التركيز الإداري إذ أخذت قوانين الدولة المعاصرة تقيم بجانب رئيس السلطة الرئاسية المركزية جهازاً إدارياً ضخماً يتكون على شكل هرمي يتدرج في وحدات إدارية منتظمة تنازلياً حتى تلتقي في قاعدة الهرم مع صغار موظفي الدولة وأقلهم درجة في السلم الإداري على أن يكون لهذه الوحدات الإدارية صلاحية تصريف بعض أعمال الوظيفة الإدارية بحيث تتناسب هذه الصلاحية مع الدرجة الوظيفية في السلم الإداري طبقاً لقاعدة تلازم السلطة والمسؤولية فيكون لهذه الوحدات حق إصدار القرارات التي تقتضيها ضرورات حسن أدائهم لوظائفهم والعلاقة التي تربط بين الوحدات المحلية والسلطة الرئاسية المركزية علاقة التبعية والتدرج الرئاسي حيث تكون الوحدة الإدارية الأدنى تابعة للوحدة الإدارية التي تعلوها صعوداً إلى قمة الهرم وعلى أساس السلطة الرئاسية تكون الوحدة الإدارية الأعلى بمثابة الرئيس الإداري للوحدة الأدنى وبذلك تكون أمام صورة من التنظيم الإداري الرئاسي القائم على وحدة السلطة ووحدة الوظيفة طالما أن توزيع مظاهر السلطة بين هذه التقسيمات الإدارية لا يهدد فكرة وحدة الدولة وطالما كانت شؤون الأقاليم تدار بواسطة موظفين معينين من قبل السلطة الرئاسية المركزية وخاضعين لها خضوعاً رئاسياً (1) .
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    اختصاصات السلطة الرئاسية المتعلقة بالاعمال Empty رد: اختصاصات السلطة الرئاسية المتعلقة بالاعمال

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأحد يوليو 08, 2012 11:42 pm

    الفرع الثاني : اللامركزية الإدارية
    أما اللامركزية الإدارية فيقصد بها توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية في العاصمة وبين هيئات إقليمية ( محلية ) أو مرفقيه ( مصلحيه ) مستقلة تباشر اختصاصها تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية (2) من دون ان تكون خاضعة لها خضوعاً رئاسياً كما هو الحال في ( اللاوزارية / عدم التركيز الإداري ) وعلى ذلك فأن بناء الجهاز الإداري في الدولة يقوم على أساس توزيع مظاهر السلطة الإدارية بين الدولة من ناحية وأشخاص معنوية عامة أخرى مستقلة ومتخصصة على أساس إقليمي : ( جغرافي ) أو مرفقي ( مصلحي ) بحيث تبقى هذه الأشخاص المعنوية المتفرعة عن الشخص المعنوي العام ( الدولة ) خاضعة لرقابة السلطة المركزية وإشرافها تأكيداً لمعنى وحدة القانون ووحدة السلطة السياسية في الدولة لكن من غير ان تصل هذه الرقابة والإشراف إلى الحد الذي يهـدد
    استقلال هذه الأشخاص المعنوية العامة (3) .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) د. طعمة الجرف : القانون الإداري مكتبة القاهرة الحديثة 1988 ص 135- 136.
    (2) د. عبد الله ادريسي : محاضرات في القانون الإداري 1 دار الجسور للثقافة وجدة / المغرب 1995 ص 99 ج
    (3 ) د. طعيمة الجرف مصدر سابق ص 136
    ولكي تتحقق اللامركزية الإدارية لا بد من توفر شرطين يكمّل أحدهما الأخر : هما التشخيص القانوني والاستقلال بمعنى إن اللامركزية تعني خلق أشخاص قانونية مستقلة عن الدولة . جانب من الفقه يرى إن التشخيص القانوني وحده لا يكفي لتحقيق اللامركزية فقد تنشأ مؤسسات عامة تتمتع بالشخصية المعنوية لكنها لا تملك أدنى قدر من الاستقلال إزاء السلطة المركزية حيث يكون مديروها معينين من قبل هذه السلطة كما ان الاستقلال وحده أيضا لا يكفي لتحقيق اللامركزية إلا انه في غياب التشخيص القانوني لا يفيد اكثر من مجرد تحقيق لقدر من عدم التركيز الإداري ، فالقضاء مستقل بالدستور والقانون لكنه لا يعتبر تطبيقاً للامركزية (2) .
    وعلى ذلك يرى بعض الفقهاء انه يلزم لتحقيق اللامركزية ان يتم تشكيل الأجهزة التي تدير شؤون الشخص المعنوي المستقل ( الهيئة اللامركزية) عن طريق الانتخاب تحقيقاً لمعنى الاستقلال العضوي والوظيفي ، أما إذا تم تعيين هذه الهيئات من قبل السلطة المركزي فأن جوهر اللامركزية لا يتحقق في هذه الحالة (3) .
    هذا ويرى بعض الفقهاء انه لا يجوز الربط بين نظام اللامركزية الإدارية كنظام قانوني وبين شرط الانتخاب كنظام سياسي لان مثل هذا الربط لا يتق مع أحكام القانون الوضعي الذي يخلع صفته اللامركزية الإدارية على المرافق العامة الإدارية والاقتصادية بالرغم من اختيار أعضاء مجالس بطريقة التعيين من قبل السلطة الرئاسية المركزية (4) .
    والهيئات اللامركزية على نوعين :
    - هيئات لامركزية إقليمية تقوم السلطة الرئاسية بتشكيلها استناداً إلى أساس جغرافي حيث يتم توزيع ممارسة السلطة بين السلطة المركزية وهذه الهيئات المحلية التي ينحصر نشاطها بإطار جغرافي محدد وبجماعة من السكان ( سكان الإقليم ) الذين تربطهم مصالح متميزة مشتركة .
    - وهيئات لا مركزية مرفقية ( مصلحية ) وتقوم على أساس فني حيث توزع الاختصاصات طبقاً لطبيعة النشاط ونوع المرفق الذي يدار لا مركزياً كالمؤسسات العامة والهيئات العامة والشركات.
    هذا ويرى بعض الفقهاء ان فكرة اللامركزية المرفقية (المصلحية) لا علاقة لها بمفهوم اللامركزية الإدارية إذ إن الصورة الوحيدة لللامركزية الإدارية تتمثل في نظام اللامركزية الإقليمية حصراً ذلك ان
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) د. طعيمة الجرف : القانون الاداري ص 136 .
    (2) المصدر السابق ص 266-267 .
    (3) L.Constants: Le dualism de La notion de personae Morale administrative op-cit-P,, et.s
    مشار اليه من قبل د. طعيمة الجرف : القانون الاداري ص267.
    (4) د. بكر القباني القانون الاداري دار النهضة العربية القاهرة من دون سنة طبع ص 143

    اللامركزية المرفقية لا علاقة لها بمركزية أو عدم مركزية الهيئة العامة الاقتصادية أو الإدارية لأنها تتصل بموضوع أخر هو تركيز أو عدم تركيز الاختصاصات الإدارية في يد الجهاز الإداري التقليدي مركزيا كان أم لا مركزياً .
    وقد تزعم هذا الاتجاه في فرنسا الفقيه فالين (Waline ) الذي يرى أنه من غير الصواب مقارنة المؤسسة العامة بغيرها من أشخاص القانون الإداري وذلك على أساس أن اختصاصها ليس له حدود إقليمية فاللامركزية المرفقيه تطبق في القطاع الوطني (عموم الدولة) كما في القطاع المحلي سواء بسواء فنشاط هذا النوع من الهيئات لا يختص بأفراد معينين إقليمياً كما هو حال الهيئات اللامركزية الإقليمية التي تختص نشاطها بسكان الإقليم الذي تمثله هذه الهيئات وإنما يمتدُ للجميع شأنه شأن بقية المرافق العامة التي تديرها السلطة المركزية كالوزارات والمصالح العامة المختلفة (1) ولنظام اللامركزية الإدارية أركان يقوم عليها تميزّه عن سواء وهذه الأركان هي :
    - وجود مصالح محلية أو خاصة متميزّة تهم سكان منطقة جغرافية معينة أو جماعة من الأفراد ينتفعون بخدمات بعض المرافق(2) ويستحسن ترك إدارة تلك المصالح المحلية أو الخاصة لمن يستفيدون منها لأنهم أقدر على تفهم متطلباتها والتعاطي مع خصائصها المحلية أو الخاصة وحتى يمكن للسلطة المركزية تركيز اهتمامها للحاجات القومية العامة المتعلقة بعموم مصالح الدولة في أرجاء إقليمها كافة ، وعادة ما يقوم المشرع بتقدير المصالح المحلية التي تضطلع بها الهيئات اللامركزية فيحدد بنص القانون اختصاص تلك الهيئات على نحو دقيق فيقوم بتحديد اختصاص الهيئات اللامركزية على سبيل الحصر وفي هذه الحالة لا يمكن لهذه الهيئات ممارسة أي اختصاص لم يذكره المشرع وإذا ما استدعى الأمر توسيع اختصاصها إلى مجالات أخرى لا بد من إصدار تشريع يحدد الاختصاص الجديد . وهذا هو الأسلوب المتبع في بريطانيا.
    وقد يكتفي المشرع بإيراد قاعدة عامة يحدد فيها اختصاص الهيئات اللامركزية وعلى ذلك يمكن لها القيام بالحاجات المحلية كافة التي تعتبر من نوع ما ذكره المشرع وتتولى القيام بالأعمال التي تتسم بطابع المصالح المحلية كلها أو بعضها طبقاً لما حدده المشرع وهذا هو الأسلوب المتبع في فرنسا(3).
    - استغلال الهيئات اللامركزية عن السلطة الرئاسية المركزية حيث يتحقق ذلك عن طريق انتخاب أعضاء الهيئات اللامركزية ، ومن الأركان التي يقوم عليها نظام اللامركزية الإدارية هو الوصاية الإدارية (الرقابة الإدارية) الذي سنشير إليه لاحقاً.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) M. Wahine : Droit administratif op - cit P250
    مشار إليه من قبل د. طعمه الجرف : القانون الإداري ص 278 .
    (2) د. عبد الله أدريس : محاظرات في القانون الإداري ص 101 وما بعدها.
    (3) د. هاني الطهراوي : القانون الإداري ص 143-144 .

    هذا ويتداخل مفهوم اللامركزية الإدارية بمفهوم اللامركزية السياسية
    اللامركزية الإدارية كما ذكرنا تعني توسيع ممارسة السلطة بين السلطة المركزية وبين الهيئات اللامركزية في الأقاليم وذلك لا يتعارض مع مبدأ وحدة السلطة التنفيذية ولا على التكوين السياسي الموحد للدولة إذ يسود مبدأ وحدة السيادة الداخلية فالهيئات اللامركزية لا تتمتع بمظاهر السيادة وليس لها سلطات قضائية أو تشريعية.
    أما اللامركزية السياسية فتكون في الدولة الاتحادية المتكونة من عدد من الدويلات التي تنفرد كل منها بجانب من السيادة الداخلية ففي ميدان السلطة التشريعية يكون هناك البرلمان الاتحادي الذي يمثل الدولة الاتحادية بأكملها الذي يختص بالتشريع في المسائل العامة ذات العلاقة بالدولة اجمعها .
    وفي الوقت ذاته يكون لكل دويلة من الدويلات برلمانها الخاص الذي يتولى سلطة التشريع في الدويلة ويقتصر اختصاصه على التشريعات الخاصة بشؤون الإقليم حصراً مع مراعاة أن لا تتعارض هذه التشريعات مع ما يختص به البرلمان الاتحادي.
    وكذلك الحال بالنسبة للسلطة القضائية حيث يكون هناك القضاء الاتحادي الذي يختص بالفصل بالمنازعات التي تهم الدولة بأجمعها في حين هناك القضاء الخاص بكل دويلة على حدة يختص بالفصل بالمنازعات المحلية التي تسود داخل إقليم الدويلة .
    وهكذا يظهر أنه إلى جانب السلطات العامة الاتحادية تقوم سلطات عامة في دويلة من دويلات الاتحاد .. وهذه الظاهرة أي ازدواج السلطات العامة في الدولة الاتحادية هي التي يطلق عليها اللامركزية السياسية (1) ونظام اللامركزية السياسية هو نوع من أساليب التنظيم الدستوري يقوم على حساب وحدة الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية (2) .
    وعلى ذلك يتم التمييز بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية ويقوم التميز بين الأسلوبين على أساس أنه في حالة اللامركزية الإدارية فأن النظام الإداري يتصل بطريقة تسير الوظيفة الإدارية ولا يمس الوحدة القانونية السياسية للدولة في حين أنه في اللامركزية السياسية يقوم النظام على تعدد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الدولة .
    هذا وقد ذهب جانب من الفقه إلى التقريب بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية على أساس انهما مظهران لمشكلة واحدة تتعلق أساساً بالتنظيم الحكومي في الدولة ففي الوقت الذي تقف فيه اللامركزية الإدارية عند حد توزيع الوظيفة الإدارية وحدها دون المساس بالوحدة التشريعية القضائية تذهب اللامركزية السياسية إلى توزيع الوظيفة التشريعية القضائية إضافة إلى الوظيفة الإدارية والخلاف بين الأسلوبين ليس أكثر من خلاف في المظهر وفي المدى أما من حيث الطبيعة والجوهر
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) د. هاني الطهراوي :القانون الإداري ص 156 .
    (2) د. طعيمة الجرف :القانون الإداري ص 271 .

    فلا فرق بينهما (1) .
    هذا وقد ذهب الدكتور منذر الشاوي إلى تبني فكرة يكاد ينفرد بها بين الكتاب إذ أنه يعتبر اللامركزية دائماً لا مركزية سياسية ولا وجود لشيء اسمه اللامركزية الإدارية فهو يرى أن في الدولة التي تأخذ بنظام اللامركزية توجد سلطات عدة في آن واحد هي سلطات المناطق المحلية (الهيئات المحلية) وسلطة الدولة أي أن هناك سلطات ثانوية وسلطة واحدة مركزية هي سلطة الدولة ويطلق على من يتولى شؤون المناطق المحلية وصف الحكام الثانونيين تمييزاً لهم عن الحكام المركزيين (السلطة الرئاسية المركزية) ويمارس الحكام الثانويون سلطة خاصة بهم وبالمناطق التي يديرونها وهذه السلطة ليست مفوضة لهم من الحكام المركزيين.
    اللامركزية تعني سلطة المنطقة المحلية نفسها وهي دائماً سياسية لأنها تتعلق بممارسة السلطة ولكي تتحقق اللامركزية يجب أن يكون الحكام الثانويون ممثلين لسكان المنطقة ويبقى للحكام المركزين حق الرقابة على ممارسة السلطة في المناطق المحلية وهذه الرقابة – كما يرى د. منذر الشاوي – هي رقابة سياسية وليست إدارية وعلى ذلك يكون في الدولة اللامركزية سلطات عديدة هي سلطات المناطق المحلية وسلطة الدولة المركزية (2) .
    ومع تقديرنا لأستاذنا الدكتور منذر الشاوي فأنا لا أذهب في هذا الاتجاه ذلك أن سلطات الهيئات المحلية هي سلطات إدارية وليست سياسية إذ أن هذه السلطات لا تتمتع بحق التشريع الذي هو من اختصاص السلطة التشريعية على مستوى المركز إذ لو وجدت سلطات تشريعية محلية نكون أمام دولة اتحادية وطالما أن السلطات المحلية يقتصر ممارسة اختصاصاتها على الجانب الإداري حصراً فالنظام هو نظام اللامركزية الإدارية وليس اللامركزية السياسية .
    وبهذا ننتهي من بحث اختصاص السلطة الرئاسية في مجال التنظيم الإداري وعرضنا لبعض أوجه ممارسة هذا التنظيم وتطوره حسب تطور النشاط الإداري والصور التي تمارس فيها السلطة الرئاسية اختصاصاتها.






    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) المصدر السابق – ص 273 .
    (2) د. منذر الشاوي : القانون الدستوري : نظرية الدولة وما بعدها بغداد 1981 ص 210 .

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 13, 2024 5:06 pm