روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    الاخوان و وحيد حامد ربه

    مفيده عبد الرحمن
    مفيده عبد الرحمن
    مدير عام المنتدي
    مدير عام المنتدي


    عدد المساهمات : 3455
    نقاط : 9937
    السٌّمعَة : 9
    تاريخ التسجيل : 17/06/2009

    5تلمةع الاخوان و وحيد حامد ربه

    مُساهمة من طرف مفيده عبد الرحمن الخميس أغسطس 26, 2010 4:31 am

    عندما تكتب رأيك عن مسلسل "الجماعة" لصاحبه وحيد حامد فإنك حتما ستُغضب بعضهم ، فإن كان رأيك مستقلا فإنك حتما ويقينا ستُغضب الجميع ، فلا أنت مع هؤلاء ولا أنت مع أولاء ، ولذلك فإننا لن نسمعك تنطق باسم الجماعة أو تسبح بحمدها وقداستها وتفردها ،كما أننا لن نقرأ لك وأنت تشيد بعبقرية وحيد حامد الدرامية ووجاهة ما كتبه في حق الجماعة وحرفيته ودقة عرضه للتاريخ ، فالحقيقة أن الجماعة ليست مقدسة وهي ليست جماعة ربانية كما يزعم البعض ولكنها جماعة بشرية يجري عليها ما يجري على باقي البشر والجماعات من الخطأ والصواب ، كما أن تاريخها وأفكارها ومنهجها الحركي ليسوا من الأقانيم التي لا يجوز الاقتراب منها أو التعرض لها بالنقد والتحليل والمراجعة ، وأفراد الجماعة وقياداتها ليسوا سواء ففيهم الصالح ومنهم الطالح ، بل إن الفرد الواحد من أفراد الجماعة يصيب تارة ويخطأ تارة أخرى ، يصدح بالحق مرة وينطق بالباطل مرة .. فابن الإخوان وإن لم يكن من الشياطين فإنه ليس من الملائكة أو الأنبياء ، إلا أن الإخوان لا يحبون أن يقول الناس عنهم ذلك ، يحبون أن يشير الناس لهم وهم يقولون : تلك جماعة ربانية وأفرادها ربانيون !! لا يحب الإخوان من يواجههم بخطاياهم أو من يواجههم ببعض خطايا وقعوا فيها عبر تاريخهم رغم أنهم يتعبدون لله سبحانه وتعالى بقوله في كتابه الكريم ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) فإن كتبتَ عن المسلسل ـ وإن اختلفتَ معه ـ تعطي الحق لكاتبه في إبداء رأيه حتى ولو كان رأيه متحيزا فإنك لن تسلم من ألسنة الجماعة رغم أن صاحب كل رأي له الحق في التعبير عن رأيه وله الحق أيضا في أن يتحيز لهذا الرأي ، وفوق هذا وذاك فإن له كل الحق في أن يضع في مسلسله الدرامي انطباعه الشخصي عن وقائع التاريخ التي يسردها ويحدد سياقها الذي يريده تماما كما أن الجماعة هي الأخرى لها الحق في التعبير عن رأيها والتحيز له .
    أما على الناحية الأخرى .. ناحية وحيد حامد صاحب المسلسل فإنه كاتب تخصص في الدراما ، وأي كاتب مهما كان قدره فإنه لا بد وأن يكون له وعليه ، ووحيد حامد دون مناقشة كاتب متمكن من أدواته ، والكاتب الذي يضع عصارة فكره وفنه وموهبته ويغلف العمل الدرامي برأيه السياسي فإنه بلا شك ينتظر مرحلته الثالثة وهي مرحلة "جني الثمار" ، ينتظر لحظات الإشادة والمديح ، ينتظر الجماهير وهي تشد على يديه ، فإن ظهر من بين الصفوف من يتحدث عن نقص في العمل وقصور في بعض التفصيلات وهنات هنا وثأثآت هناك وتهتهة في الرؤية الدرامية والفكرة بحيث لا تدري هل الدراما هي التي في خدمة الفكرة أم أن الفكرة هي التي كانت في خدمة الدراما ، وهل فشل الكاتب في توظيف الفكرة أم أنه فشل في صياغة الدراما ، وهل كان ما يضعه بين الثنايا هو مجرد انطباع عفوي وصادق عن وقائع التاريخ أم أنه توظيف لأحداث تاريخية بعينها لتخدم فكرته المسبقة التي كوّنها قبل أن يبدأ في الكتابة !! .
    وقتئذ إن سولت لك نفسك أن تواجه المؤلف بتلك الهنات والثغرات والمثالب فإنك لن تسلم من الكاتب الموهوب الذاتي وحيد حامد ـ ومعظم الموهوبين ذاتيين ـ ولن يرحمك مريدوه .. ولذلك ومن أجل ذلك فحتما لن يرضى عنك الإخوان ولا رجال الدراما حتى تتبع منهجهم وتشيد بهم .
    وأول ما يقابلك في المسلسل كما قلت في مقالة سابقة هي تلك السطحية التي تناول بها المؤلف الشخصيات الإخوانية الحديثة وطريقة حياتهم وأسلوب معيشتهم ولغتهم وألفاظهم ، ليس عندي شك في أن الأستاذ وحيد يجهل مجتمع الملتزمين ولا يعرف الفروق الواضحة بين الإخوان والسلفيين وجماعات الجهاد ،، إلا أن تتابع الحلقات أوضح أن القصة التي ابتكرها المؤلف والتي تبدأ من العرض العسكري الذي أداه طلبة الإخوان في جامعة الأزهر لم تكن إلا حيلة درامية ليسرد من خلالها المؤلف على لسان مستشار سابق هو المستشار عبد الله كسّاب تاريخ جماعة الإخوان ... لم يكن المؤلف ـ وفقا لاعترافه في مقابلة معه ـ يعلم شيئا عن الإخوان من قبل !! ولذلك فإنه اهتز يوم أن تحدث الإعلام عن عرض عسكري أداه طلبة الإخوان في الجامعة ، وسأل نفسه وقد اعترته الدهشة والرهبة : لماذا يقوم طلبة الإخوان بعرض رياضي قتالي ؟ لماذا يدرب الإخوان أفرادهم على القتال ؟ ومن هنا بدأ وحيد حامد في القراءة عن الإخوان والتنقيب خلف تاريخهم ، كان وحيد حامد هو وكيل النيابة الذي يبحث ويناقش ليعرف ويفهم .
    أربع سنوات إذن قضاها وحيد حامد الكاتب الموهوب ليعرف ويتعلم وأظن أنها مدة كافية ، ثم انتظرنا وانتظرت الجماهير المسلسل الذي صيغ دراميا ليشوّق الناس ويجذب أفئدتهم ... أو هكذا ينبغي ، وبدأت الدراما من منطقة ساخنة بل ملتهبة مازالت تدور أحداثها في أخيلة الناس .. عرض عسكري أتقن المخرج في إخراجه وأجاد المصور في تصويره .. وحدوتة ناعمة ستكون هي الدراما المشوقة ، وشيئا فشيئا بدأت الحدوتة في الاختفاء وبدأت الدراما المشوقة في الخفوت ثم إذا بنا ندخل إلى مسلسل وثائقي غادره التشويق وتنقصه الحيوية والحبكة ويخلو من تصاعد الحدث الدرامي .. مسلسل يتحدث عن تاريخ الجماعة وتاريخ مرشدها الأول حسن البنا وكأنه تمت صناعته ليظهر على الناس في جريدة "مصر السينمائية المصورة" التي كانت تنتج لنا أفلاما وثائقية كي تُعرض علينا في دور السينما في الفترة التي تسبق عرض الفيلم .
    ورغم أن حياة حسن البنا نفسها حياة حافلة بالأحداث والمواقف المثيرة .. ... حياة اختلف الناس فيها وفي أحداثها ... إلا أن المؤلف لم ينجح في تحويلها إلى عمل يحرص الناس على متابعته ، نعم قد يستمر على المشاهدة أفراد جماعة الإخوان وبعض النخب السياسية والثقافية ولكن المشاهد العادي فقد اهتمامه بالمسلسل بعد سبع حلقات وانقطع معظم الناس عن الاستمرار في المشاهدة ، فالخط أو الخيط الدرامي الذي بدأه الكاتب كان من الممكن أن يكون مفتتحا جيدا إلا أنه لم يستطع الاستمرار في الإمساك به ببراعة ، وأفلتت منه بعض التيمات الدرامية العالية والمتقنة .
    ليس من الصعوبة بمكان عند رجل كوحيد حامد أن تتحول على يديه حياة صاخبة مفعمة بالحركة إلى عمل فني مشوق وممتع يشد القاصي والداني العالم والجاهل ، خاصة وأن معه مخرج متميز وعدد من الممثلين الأفذاذ على رأسهم الممثل الأردني الذي قام بدور حسن البنا ، ذلك الممثل الذي كان عبقريا وعفويا في بعض المشاهد حتى أنك قد تظن من فرط إتقانه أنه هو هو حسن البنا نفسه .... ويأتي من بعده الممثل القدير صلاح عبد الله الذي كان يُحيل الملل الذي عشش في جنبات المسلسل إلى حيوية ومشاعر دافقة ومؤثرة ، إلا أننا سرعان ما كنا نعود إلى الأحداث المملة الرتيبة حين يغيب صلاح عبد الله عن الشاشة ونعود إلى الوثائقية مع اللحى الصناعية المفتعلة التي يضعها سامي مغاوري ومحمود الجندي وباقي الممثلين .
    ليس عند ك عذر يا أستاذ وحيد ولن يشفع لك عندنا أي عمل ممتع قدمته من قبل ، فكلنا تابعنا من قبل لمؤلفين آخرين ــ والإعجاب يطوّقنا ــ قصة حياة الشيخ الشعراوي ، والشيخ عبد الحليم محمود وأم كلثوم وأسمهان ، وأدهم الشرقاوي وغيرهم ، ونتابع حاليا باهتمام وشغف قصة حياة شيخ العرب همام والقعقاع بن عمرو .. في كل هذه الأعمال الفنية استطاع مؤلفوها الإمساك باقتدار بخيط درامي أخذ في التصاعد إلى أن وصلوا لقمة الحبكة الدرامية .. دراما جذبت الأفئدة وسيطرت على المشاعر.. ولكننا هنا في مسلسل الجماعة وحين دخل المؤلف إلى حياة حسن البنا أفلتت القصة منه وتحكمت الأحداث فيه ولم يتحكم هو في طريقة عرضها ،وحين تطغى الأحداث التاريخية على دراما المؤلف يكون العمل وثائقيا من الطراز الأول.
    وطالما أن المسلسل أصبح وثائقيا لا دراميا فيكون من حقنا إذن مناقشة التاريخ ... وبين التاريخ الذي أورده المؤلف ناقصا إلى التاريخ الذي اختلقه المؤلف تقع الأحداث ... رأينا حوارا ثائرا صاخبا ثار فيه البنا وانفعل على الشيخ يوسف الدجوي وقد أورد البنا هذا الحوار في مذكراته إلا أن الكاتب لم يعرض كل الحوار إذ أهمل النصف الأخير منه رغم أهميته في الحدث الدرامي .
    وأثناء الحوار الذي دار بين البنا والشيخ الدجوي إذا بنا نرى أحد الأشخاص وهو يقول للشيخ الدجوي : وما الحل يا شيخ "جدوي" فيتحول الدجوي على يد وحيد حامد إلى "جدوي" !! .
    ويختلق المؤلف حوارا وهميا دار بين موظف في السفارة البريطانية والسفير البريطاني حيث كانا يتحدثان عن جماعة الإخوان التي لم يكن قد مر عام على نشأتها فإذا بالموظف يقول للسفير : إن هذه الجماعة شعارها هو "الإسلام هو الحل" !! رغم أن هذا الشعار لم يكن شعارا للإخوان وقتها ولكنه كان شعارا للجماعة في الثمانينات من القرن العشرين !! .
    ويتعرض المؤلف للشيخ رشيد رضا والشيخ محب الدين الخطيب وكلاهما من رواد الوسطية والاعتدال فيهيل التراب عليهما ويحقر من شأنهما ، وليس من مصلحة أحد أبدا أن يتم إظهار عالمين كبيرين من رموز الوسطية والاستنارة في صورة رؤساء العصابات لمجرد أن علاقة ربطتهما بحسن البنا الذي يختلف وحيد حامد معه.
    ويتناقض المؤلف مع نفسه حين يظهر الأستاذ حافظ وهبة مستشار الملك عبد العزيز آل سعود في صورة الرافض لعمل حسن البنا في المملكة الوليدة وأنه يجب أن يعمل في مصر لكي يكون يدا للملكة في حين أنه بعد دقيقة من هذا المشهد يقرأ حسن البنا بأسى خطابا جاء له من الوزارة يخطره بأن الوزارة في مصر هي التي رفضت إعارته للسعودية !! .
    ولكن وللحق أقول إن المؤلف كان دقيقا في عرض حياة البنا في الإسماعيلية فقد استقاها كلها من مذكرات حسن البنا وقد استفاض وحيد حامد في هذه الفترة لأهميتها في تاريخ الجماعة وحرص على إظهار صلة البنا بالشخصيات التي ساعدته في إقامة الجماعة فضلا عن علاقته بالشيوخ حامد عسكرية والسكري والشيخ السوري محمد سعيد العرفي صاحب اقتراح إطلاق أسماء من تاريخ الإسلام على واقعنا والذي وقع اقتراحه في قلب البنا موقعا حسنا .. كما كان المؤلف دقيقا ومحايدا في عرض وقائع هامة مثل بناء مسجد الإخوان بالإسماعيلية والتبرع الذي أخذه من هيئة القناة والمشاكل التي حدثت له من الإخوان عقب قبول التبرع ، وأستطيع القول أن كل الأحداث التي أوردها المؤلف عن بداية إنشاء الجماعة بالإسماعيلية حدثت كما أوردها بغض النظر عن رأي المؤلف الذي كان يظهر بقوة في بعض الأحداث ، فللمؤلف كما قلنا سابقا الحق أن يُقيّم ويُقوّم الأحداث وفقا لما يراه فهذه رؤيته وحده وهو المسئول عنها .. إلا أنه أورد واقعة غير دقيقة أتوقف عندها وهي عندما أظهر أن البنا أنشأ نظام الجوالة في الإخوان حين كان في الإسماعيلية في نهاية عام 1928 في حين أنه أنشأها في القاهرة في النصف الأول من الثلاثينات عندما كان مقر الإخوان في العتبة .
    وبالإضافة إلى وثائقية العمل التي تحدثنا عنها والتي قد تكون في صالح العمل ــ ولكنها لن تكون حتما في صالح جماهيريته ــ إلا أن المؤلف كان مذبذبا في عرض شخصية الشيخ حسن البنا ، ويبدو أن المؤلف أعجب إعجابا كبيرا بشخصية المرشد الأول للجماعة ــ كما قال لي في مقابلة معه ـ فأظهره في بعض الأحيان في صورة الرجل العالم الحاذق الحكيم الوسطي المعتدل الغيور على دينه سريع البديهة الهادئ الواثق من نفسه ... وعندما يتذكر أنه ينبغي أن يكون البنا في دراما وحيد حامد غير ذلك فسرعان ما كنت تجد ذلك الشيخ الذي كان حكيما ومعتدلا منذ لحظات مندفعا وأهوجا ومتهورا وسليط اللسان ومحبا للرئاسة والسلطة !! وللمشاهد عيون ترى وعقل يفكر ، وحين يكون البنا عند وحيد حامد على طرفي نقيض بلا مبرر درامي فإن أحدا لن يصدق ما كتبه الكاتب ووقتئذ سترتفع نظرية المؤامرة ... ولن يحمد وحيد حامد لنا آنذاك أي نقد للعمل إلا أنه سيكون يقينا حامدا ربه .

    ثروت الخرباوي

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 3:51 am