روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    القــانــون والقضــاء والحريـــات العامـــــة

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    القــانــون والقضــاء والحريـــات العامـــــة Empty القــانــون والقضــاء والحريـــات العامـــــة

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة يوليو 24, 2009 4:47 pm

    فارس حامد عبد الكريم


    ان فلسفة مبدأ قانونية الجريمة والعقاب تتمحور حول فكرة اساسية مفادها الموازنة بين المصلحة العامة والحريات العامة وتهدف في آن واحد الى حماية المصلحة العامة وحماية الحريات الفردية
    ان حماية المصلحة العامة تتجسد في اسناد وظيفة التشريع الى المشرع وحده تطبيقاً لمبدأ انفراد المشرع بالاختصاص التشريعي في تنظيم الحقوق والحريات العامة لتكون بيد ممثلي الشعب لا بيد رجال السلطة التنفيذية.
    ظاهر من هذه الآيات الكريمة أن الله جل وعلا لا يعذب أحداً من خلقه لا في الدنيا ولا في الآخرة حتى يبعث رسولاً ينذره ويحذره فيعصي ذلك الرسول، ويستمر على الكفر والمعصية بعد الإنذار والإعذار. ومن عظيم رحمته وعدله عز وجل أنه اشترط لوقوع العذاب بالناس أن يأتيهم الرسل وتأتيهم الحجة من عند الله تعالى. توصل فقهاء الشريعة الاسلامية قبل قرون عديدة الى ذات النتائج، التي توصل اليها الفقه القانوني المعاصر، وذلك بأعمال القواعد الفقهية الكلية والفرعية. وبحسب القواعد الفقهية فان (الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم ) واصل القاعدة قوله تعالى: ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) وقوله عز وجل ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) وقوله تعالى ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) ، وقوله تعالى (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون)
    كما قال رسول الله ( ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا). ويترتب على هذه القاعدة ان الاصل هو حرية الانسان .فالجريمة امر عارض في حياة الانسان لذلك كان الاصل فيها العدم ، والعدم يقين ،. وهذا امر مبني على اليقين لانه اصل .و( اليقين لا يزول بالشك ) واليقين لا يزول الا بيقين مثله اي أن الأمر المتيقن ثبوته لا يرتفع إلا بدليل قاطع ، ولا يحكم بزواله لمجرد الشك . كذلك الأمر المتيقن عدم ثبوته لا يحكم بثبوته بمجرد الشك ؛ لأن الشك أضعف من اليقين فلا يعارضه ثبوتاً وعدماً . واليقين هو الإدراك الجازم الذي لا تردد فيه ، اما الشك فهو مطلق التردد . بمعنى اخر أن الإنسان إذا تحقق من وجود الشىء ثم طرأ عليه بعد ذلك شك ، هل هو موجود أم لا . فالأصل أنه موجود .وتدخل هذه القاعدة في جميع أبواب الفقه ومن ادلة القاعدة قوله تعالى ( وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئا ) . كما ان اليقين أقوى من الشك، لأن في اليقين حكماً قاطعاً فلا ينهدم بالشك . وهذا دليل عقلي . ويتفرع من هذه القاعدة الكلية عدة قواعد منها:
    1.الاصل بقاء ما كان على ما كان ، اي لزوم حكم دل الشرع على ثبوته ودوامه
    2.الاصل براءة الذمة اي أن الإنسان بريء الذمة من وجوب شيء أو لزومه ، وان مشغولية ذمته تأتي خلاف الأصل . قال الرسول الكريم ( البينة على المدعي واليمين على من أنكر ) . فالمدعي متمسك بخلاف الأصل ولذا تلزمه البينة . ومن تطبيقاتها العملية ، من أدعى على شخص مالاً لم يلزم المدعى عليه أن يحضر بينة لأن الأصل براءة ذمته مما ادعي عليه . وعلى المدعي أن يحضر البينة حتى يُحصِّل ما ادعاه
    3.ما ثبت بيقين لا يرتفع الا بيقين فمن عليه دين وشك في قدره لزمه إخراج المتيقن به براءة للذمة . ومن شك هل طلق أو لا ؟ لم يقع الطلاق ، لأن النكاح ثابت بيقين ولا يرتفع إلا بيقين .هذا في اطار الأحكام الشرعية واحكام المعاملات ومن هذه الأصول المتقدمة استنبط الفقهاء المسلمون افتراض براءة الجسد من الحدود والقصاص والتعازير ، واستخلص من هذه القاعدة أيضا ، القاعدة الدستورية الجنائية ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص)
    اما في نطاق القانون الجنائي الاجرائي وقياساً على ما تقدم فان الاصل في المتهم البراءة ولا يزول هذا الاصل الا بيقين اي بدليل قاطع
    التفويض التشريعي في اطار مبدأ قانونية الجريمة والعقاب
    إذا ورد مبدأ قانونية الجريمة والعقاب بصيغة (لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون او بناءاً على قانون) فهذا يعني ان المشرع الدستوري قد اجاز للسلطة التشريعية ان تفوض السلطة التنفيذية صلاحية خلق جرائم وعقوبات بصيغة انظمة او تعليمات (لوائح) تنفيذا لقانون صادر من السلطة التشريعية وفي حدود هذا القانون. واذا كانت الدساتير تجيز التفويض في اطار التجريم والعقاب، فانها لا تجيز التفويض في اطار الاجراءات الجزائية ، والعلة في ذلك ان التفويض في اطار التجريم يمكن ضبطه في حدود معينة لا تؤثر على جوهر الحرية الشخصية للفرد ، اما اذا فوضت السلطة التنفيذية صلاحية وضع انظمة وتعليمات ولوائح اجرائية فان ذلك سيمس جوهر الحرية الشخصية للفرد خاصة وانها غالباً ما تدخل في خصومات مع الافراد وتفويضها سلطة وضع قواعد اجراءات التقاضي سيكون ولا شك سبباً لتحيزها لنفسها تحت غطاء حجج وذرائع شتى وفي مقدمتها الادعاء التقليدي المرن ( مقتضيات المصلحة العامة ) مما يؤدي الى هدر المباديء العامة التي يقوم عليها قانون الاصول ومنها مبدأ اصل البراءة
    كما إن التفويض في مجال القانون الإجرائي يمس استقلال القضاء كونه هو المعني بتطبيق تلك الاجراءات. وفي ضوء ماتقدم لا يجوز للمشرع ان يفوض اختصاصه في مجال تحديد قواعد الإجراءات الجنائية إلى أية سلطة أخرى ، وأي تفويض من هذا القبيل يكون مخالفاً للدستور.
    المراجع العلمية:
    ـ الاستاذ الدكتور علي حسين الخلف والاستاذ الدكتور سلطان عبد القادر الشاوي ـ المباديء العامة في قانون العقوبات، المكتبة القانونية ـ بغداد2006
    ـ د. جمال احمد مصطفى ، شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية ،بغداد، 2005
    ـ د. أحمد الريسوني ، الحرية في الإسلام أصالتها وأصولها ، جامعة محمد الخامس
    ـ دينيس لويد ، فكرة القانون ، سلسلة عالم المعرفة ،العدد 47 ، الكويت ، 1981
    ـ د.احمد فتحي سرور ، القانون الجنائي الدستوري ، ط2، دار الشروق ، 2002
    ـ د.رمسيس بهنام ، الإجراءات الجنائية تأصيلاً وتحليلاً ـ 1984
    ـ د.محمود حسني نجيب ، شرح قانون الاجراءات الجنائية ، ط2 ، 1988
    ـ مركز البحوث والدراسات ، جامعة نايف للعلوم الامنية ، دراسات في الادعاء العام ، ط1،الرياض ،2004
    ـ قوانين حمورابي ، ترجمة محمود الامين ، 1961
    ـ د. ادم وهيب النداوي ، ود. هاشم الحافظ ، تاريخ القانون 1989
    ـ د. مجيد العنبكي ، المدخل الى دراسة النظام القانوني الانكليزي ، 1990
    ـ على بدوي ، مبادئ القانون الروماني ، القاهرة 1936
    ـ ميشيل فيليه ، القانون الروماني ، ترجمة وتعليق د. هاشم الحافظ، بغداد ، 1974
    ـ جستنيان ، مدونة جستنيان في الفقه الروماني ، ترجمة عبد العزيز فهمي ، 1946.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 6:45 pm