روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    روح مصر بين يناير2011‏ وأكتوبر1973‏

    مفيده عبد الرحمن
    مفيده عبد الرحمن
    مدير عام المنتدي
    مدير عام المنتدي


    عدد المساهمات : 3455
    نقاط : 9937
    السٌّمعَة : 9
    تاريخ التسجيل : 17/06/2009

    روح مصر بين يناير2011‏ وأكتوبر1973‏ Empty روح مصر بين يناير2011‏ وأكتوبر1973‏

    مُساهمة من طرف مفيده عبد الرحمن الثلاثاء فبراير 08, 2011 1:38 pm

    روح مصر بين يناير2011‏ وأكتوبر1973‏ A1_4_2_2011_55_416-300x1872


    ينبغي
    أن يفخر شباب ثورة‏25‏ يناير بما حققوه، وأن يعرفوا حجم ما أنجزوه ويثقوا
    في أنهم فتحوا للإصلاح بابا لن يستطيع أحد غلقه، فقد نقلوا مصر إلي مرحلة
    جديدة علي نحو يفرض الانتقال الآن من الشارع إلي السياسة‏.‏

    وليس لهم أن يهونوا من شأن ما حققوه أو
    يتركوا انفسهم اسري شعار أو مطلب واحد‏,، فالآفاق التي فتحوها لاتقتصر علي
    الاصلاح الذي بدأت مقدماته‏,‏ بل تشمل بث روح جديدة في البلاد‏,‏ روح جديدة
    تشبه روح أكتوبر‏,‏ تنتقل من المجتمع الذي تفاعل مع ثورة الشباب إلي
    الدولة التي باتت تدرك ان اليوم لم يعد كالأمس‏,‏ فليست لغة جديدة فحسب تلك
    التي ينطق بها الخطاب الرسمي الراهن في بعض جوانبه دون الأخري‏,‏ بل عقلية
    مختلفة تعبر عن بدايات روح جديدة‏.‏

    لم يحدث في كل ما نعرفه عن تاريخنا الحديث
    ان وقف رئيس حكومة في مؤتمر صحفي امام العالم كله معتذرا لشعبه بوضوح
    وشجاعة‏,‏ اعتذر السيد أحمد شفيق بلا مواربة عن الهجوم المشين الذي حدث ضد
    المعتصمين في ميدان التحرير واستهدف إفساد أثر البيان الذي ألقاه رئيس
    الجمهورية مساء الثلاثاء الماضي وفق ما ذهب إليه السيد عمر سليمان في
    المقابلة التي اجراها معه التليفزيون المصري‏.


    اعتذر شفيق عما يعرف كثيرون أنه لايد
    لحكومته فيه‏,‏ وان حفنة من قوي الفساد والطغيان دبرته بليل ضمن معركتها
    الأخيرة التي استهدفت اعادة البلاد إلي ما قبل‏25‏ يناير‏,‏ وهذا هو سلوك
    رجل الدولة الذي يعرف معني المسئولية اعتذر الرجل الذي يقدر حجم
    المسئولية‏,‏ وتعهد بمحاسبة مرتكبي الهجوم ضد المعتصمين في ميدان
    التحرير‏.‏

    كما اعتذر ضمنا عن التأخر في الحوار عندما
    سئل عن ذلك في مقابلة اجرتها معه احدي المحطات الخاصة‏:‏ اقول لمن اتهمنا
    بالتأخر في الحوار اننا اخطأنا‏,‏ ونحن نتدارك الآن هذا الخطأ‏.‏

    ان رجل الدولة الذي يعتذر إلي شعبه يكبر
    ولايصغر‏,‏ وتزداد الثقة فيه ولاتقل‏,‏ غير ان الدلالة الأكثر عمقا لهذا
    الموقف هو انه ينطوي علي احترام لشعب تم تغييبه لفترة طويلة‏,‏ ومجتمع
    اختزل في ارقام‏,‏ وافراد ينظر إليهم كما لو انهم كائنات مهملة زائدة عن
    الحاجة وليسوا مواطنين في دولة‏.‏

    وعندما تحترم السلطة شعبها لاتجد غضاضة في
    الاستماع إلي صوته والتفاعل معه‏,‏ بل في شكره حتي اذا اعترض عليها واحتج
    جزء منه ضد سياستها‏,‏ ولذلك وجه السيد عمر سليمان الشكر إلي شباب‏25‏
    يناير لأنهم الشرارة التي أوقدت الاصلاح‏,‏ وعندما دعاهم إلي وقف المظاهرات
    والاعتصام في ميدان التحرير‏,‏ لم يقل لهم ما كان يقال من قبل وهو ان
    دورهم انتهي‏,‏ وان عليهم ان يعودوا كائنات مهملة‏,‏ بل قال إن الدولة
    تحتاج إلي فرصة للقيام بواجبها‏.‏

    ويوحي ذلك باستعداد للتخلص من النهج
    الاحتكاري الذي اعتبر الدولة بديلا عن المجتمع ووضعها فوقه علي نحو جعلها
    في تناقض معه‏,‏ فهذا النهج هو الذي ادي إلي رفض دعوات الاصلاح المتكررة
    منذ عقود‏,‏ والاستهانة بصيحات التنبيه إلي ان البديل عن هذا الاصلاح هو
    ثورة لاسقف لها أو فوضي تأكل الأخضر واليابس‏.‏

    كتب صلاح عبدالصبور أحد أكبر أمراء الشعر
    العربي في النصف الثاني من القرن العشرين محذرا منذ نحو اربعة عقود‏:‏ يا
    أهل مدينتنا‏..‏ رعب أكثر من هذا سوف يجيء‏..‏ وتوالت التحذيرات وتوسع
    نطاقها‏,‏ ولكن الآذان الصماء والردود المستهينة كانت تعبيرا عن عقلية
    انتجت سياسات تراكم في ظلها الغضب إلي ان انفجر‏.‏

    وليتنا نحمد الله ونشكره لان الانفجار اخذ
    صورة ثورة شبابية مخلصة خلفت بدايات روح جديدة تسري في انحاء البلاد
    وتعصمها من الفوضي التي ترتبت علي أخطاء في التعامل معها في البداية وصولا
    إلي الفراغ الأمني المخيف‏,‏ ولعلنا نستطيع تخيل ما كان يمكن ان يحدثه هذا
    الفراغ في غياب الروح الجديدة في المجتمع‏..‏ الروح التي جعلت شبابنا في كل
    مكان حراسا لبلدهم وأهلهم ومناطقهم‏,‏ ولذاك اصبح كشف ابعاد هذا الفراغ
    بشفافية كاملة اختبارا للنهج الرسمي الجديد الذي بدأ في الظهور‏.‏

    فاحترام المجتمع والشعب لايكتمل بالشفافية التي تمثل الوجه الآخر للحوار الجاد الصريح‏.‏

    ومن معالم التغيير الذي احدثته ثورة
    الشباب إعلان السيد شفيق استعداده للحوار شخصيا معهم‏,‏ وليته يفعل ذلك
    فعلا ليكون رئيس الوزراء الثاني في تاريخ مصر الذي يذهب إلي شباب محتجين
    بعد احمد ماهر الذي توجه إلي الجامعة في سبتمبر‏1944‏ بلا حراسة لمناقشة
    المتظاهرين ضده‏.‏

    ومما يبعث علي الأمل ايضا رغم بطء خطوات
    الاصلاح ان رئيس الحكومة تحدث عن حوار مع الشباب ليس لنصحهم أو نقل الحكمة
    إليهم‏,‏ بل لتضييق مساحة الخلاف وتحقيق التقارب‏.‏

    وهذا هو معني الحوار الحقيقي‏,‏ بخلاف
    ماحدث في لقاءات سابقة اطلق عليها حوار وما كان لها منه نصيب‏,‏ وخصوصا تلك
    التي كان يجتمع فيها شباب أو طلاب في احدي القاعات ليسمعوا مايقال لهم
    لساعة أو أكثر‏,‏ ثم يقدم بعضهم أسئلة مكتوبة أو يختار عدد منهم للحديث في
    اتجاه واحد إلا اذا اتاح ضعف تنظيم هذه العملية فرصة لأن يفلت واحد منهم
    فيتحدث في اتجاه مختلف‏.‏

    انها بداية روح جديدة اذن تزيل حواجز لم
    يكن اي خيال يتصور قبل اسبوعين فقط امكان عبورها‏,‏ فعندما يوجه نائب رئيس
    الجمهورية الدعوة إلي جماعة‏,‏ لم يكن مسئول في الحكومة يطيق سماع اسمها‏,‏
    للمشاركة في حوار من اجل المستقبل فهذا يعني روحا جديدة وليست مرحلة اخري
    فقط‏.‏

    ولايعني ذلك انه ليست هناك مشكلة في وضع
    الاخوان فلم يعد ممكنا الاستمرار في خلط الدين بالسياسة وينبغي ان تسري
    الروح الجديدة في أوساطهم ايضا حتي لايكونوا استثناء من التطور الذي يحدث
    ولذلك فقد حان اوان الفصل بين العمل السياسي والدعوي الدينية‏.‏

    وعندما يواكب ذلك إطلاق حرية تأسيس
    الاحزاب السياسية وفق ضوابط تنظم هذه الحرية ولاتصادرها‏,‏ ضمن الاصلاح
    المرتقب سيستعيد المجتمع عافيته السياسية ويتحقق التوازن بين الاتجاهات
    والتيارات المختلفة‏,‏ وقد يعاد ايضا صوغ الأوضاع في الأحزاب القائمة التي
    سيحررها شبابها من اخطاء اقعدتها عن الحركة ووضعتها في الصف الخلفي‏.‏

    انها روح جديدة بدأت تسري في مصر‏,‏
    والمهم هو ان نحافظ عليها عبر مبادرات رسمية لبناء الثقة المفقودة وتسريع
    خطوات الاصلاح وايجاد اطار مؤسسي للحوار الوطني بمشاركة شعبية لبناء مصر
    الديمقراطية الحرة‏.

    بقلم:د.وحيد عبدالمجيد

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 3:11 am