روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    حتي لا نؤخذ إلي التيه والضياع‏!!‏ بقلم: رجائى عطية

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

        حتي لا نؤخذ إلي التيه والضياع‏!!‏ بقلم: رجائى عطية Empty حتي لا نؤخذ إلي التيه والضياع‏!!‏ بقلم: رجائى عطية

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الأربعاء فبراير 09, 2011 8:06 pm


    ماكادت انتفاضة الشباب‏,‏ تفصح في مظاهرتها السلمية‏,‏ عن غايتها وأهدافها ومطالبها المشروعة التي تتوافق مع مراد الشعب المصري‏.‏ ومع كتابات سبقت لكثير من الكتاب وأهل الرأي‏

    ,‏ تناولت ماطرحه الشباب من مطالب وزيادة‏,‏ حتي ألح سؤال يفرض نفسه علي الجميع ـ وماذا بعد؟
    إن سقف الطلبات المبداة‏,‏ طال المطالبة برحيل السيد الرئيس‏,‏ وفورا‏,‏ عن منصبه‏,‏ وإغلاق ملف التوريث‏,‏ وحل مجلس الشعب الذي كانت انتخاباته الأخيرة ـ هي وانتخابات مجلس الشوري‏,‏ أحد أهم الأسباب لاشتعال الاعتراضات والخروج إلي الشارع يوم عيد الشرطة في25-1-2011وفي إشارة مقصود لاتفوت‏...‏ تحملها جانبا رئيسيا من مسئولية ماشاب الانتخابات الأخيرة ـ للمجلسين ـ من تزوير وتجاوزات‏!‏
    كما طالت المطالبات المشروعة ـ وهي محل إجماع من كل أطياف الشعب‏,‏ إجراء إصلاح دستوري فجر وجوبه سابقة تعديل المادة‏/77‏ من الدستور فى 22-5-1980في ولاية الرئيس السادات‏,‏ باطلاق إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخري بغير حد‏,‏ بعد أن كانت مقصورة علي مرتين فقط عند صدور الدستور في‏11‏ سبتمبر‏1971‏ ثم ما تلا ذلك من تعديلات طالت المادة‏76‏ من الدستور‏,‏ والتي عدلت في 26-5-2005ـ وحملت المادة ـ بتعلة جريان اختبار الرئيس بالانتخاب بدلا من الاستفتاء ـ كما هائلا عجيبا من المفارقات‏,‏ وفي صياغة مسبوقة في كتابة الدساتير‏...‏ ضربت رقما قياسيا في طولها‏,‏ ولكنها فضلا عن ذلك حملت عوائق تعجيزية للترشيح يطول فيها الحديث‏,‏ تناولتها والآثار المترتبة عليها هي والقانون‏2005/174‏ المبني عليها‏.‏ وما تعلق بالانتخابات الرئاسية التي أجريت في ظلهما‏,‏ في تسع مقالات نشرتها بجريدة الأهالي في 17و24و31-8-2005و7و14و21-9-2005,‏ وأعدت نشرها في كتاب شجون وطنية ـ ط‏...2006‏ وعدت إلي تناول ماشاب الحياة السياسية في عدة مقالات نشرتها تباعا في عدة صحف‏,‏ وجمعتها في المجلدات الأربعة لكتابي الذي صدر تحت عنوان من تراب الطريق‏.‏ فضلا عن مقال بعنوان‏:‏ هل من تطبيع مع المصريين؟‏!...‏ نشر بالمصري اليوم 7-1-2008,‏ وآخر عن أجندتي للحل بالمقال‏332‏ بالمجلد الثالث من كتاب من تراب الطريق‏.‏
    علي أن هذا التعديل‏,‏ قد لحقه تعديل آخر للدستور‏,‏ صدر في 29-3-2007ـ بعد استفتاء معيب‏!...‏ وطال مواد عديدة يطول فيها الحديث‏,‏ مما طرح ويطرح بشدة وجوب تعديلها في أقل القليل‏,‏ أو إصدار دستور جديد يعبر عن آمال الوطن والشعب ويقوم علي النظام البرلماني بدلا من النظام الرئاسي‏.‏
    وطال سقف الطلبات المشروعة المبداة‏,‏ معالجة البطالة‏,‏ ومحاربة الفساد والمساءلة عما وقع منه‏,‏ وتحقيق العدالة الاجتماعية‏,‏ وجبر كل ما وقع من مساس بحرية وكرامة الإنسان المصري نتيجة ممارسات خرجت عن إطار الشرعية وحقوق الإنسان المتفق عليها في كل النظم والقوانين‏.‏
    كيف السبيل؟ وما هي الوسائل؟
    لم يقع خلاف حول هذه الآمال والمطالب المشروعة‏,‏ وإنما كثرت الاجتهادات عن السبيل والوسائل والأدوات‏,‏ ونستطيع بإجمال أن نقول إن هذه الاجتهادات قد تفرعت إلي خيارين‏:‏
    الخيار الأول‏:‏ مايمكن تسميته بالشرعية الثورية‏,‏ وهو نظر استدل فيه البعض بما جري في حركة يوليو‏.1952‏
    والخيار الثاني‏:‏ الالتزام بالشرعية الدستورية‏,‏ والتوسل للإصلاح الدستوري وغيره‏,‏ بالتزام الدستور ذاته‏,‏ باعتباره الخيار الذي يتقي مايمكن أن يثار مستقبلا من مطاعن إذا ما أعرضت الإصلاحات المطلوبة عن الدستور الحالي‏.‏
    هل القياس جائز؟‏!‏
    ظني ان القياسي علي حركة يوليو1952,‏ قياس مع الفارق‏,‏ يتجلي في المحاور الرئيسية الآتية‏:‏ـ
    أولا‏:‏ كانت حركة يوليو‏1952‏ انقلابا علي نظام الحكم الملكي‏,‏ مدعوما بالقوة العسكرية‏,‏ ويتغياـ وقد نجح ـ إزالة الملكية‏,‏ وإلغاء الأحزاب‏,‏ وإقامة الجمهورية‏,‏ واستلزم من ثم إلغاء دستور‏1923‏ برمته‏,‏ ولو أخفق القائمون بهذه الحركة‏,‏ لحوكموا علي جريمة قلب نظام الحكم‏,‏ وتعرضوا لعقوبات تصل إلي الإعدام‏!!‏
    بينما حركة 25-1-2011ـ لم تكن انقلابا علي النظام الجمهوري‏,‏ وإن ارتفع سقف الإصلاحات التي تطالب بها‏,‏ ولكن في إطار النظام الجمهوري ثم إنها ليست مدعومة بالعنف أو بقوة عسكرية‏,‏ ومارست حقها في تظاهر سلمي يحميه الدستور والقانون‏,‏ ولايترتب عليه أي مساءلة قانونية يمكن أن يتعرض لها المتظاهرون الذين التزموا بالحدود المباحة‏,‏ ولم يتجاوزوا إلي قتل أو تخريب أو إتلاف أو تحريق‏!‏
    ثانيا‏:‏ كان لحركة يوليو1952‏ قيادة‏,‏ تمثلت في مجلس قيادة الثورة‏,‏ وهو وإن كان مشكلا من قاعدة أعرض هي الضباط الأحرار الذين قامت علي أكتافهم الحركة ـ إلا أن هذه المجموعة قد أناطت القيادة بمجلس قيادة الثورة‏,‏ ليتولي المقاليد‏,‏ ويعبر عن إرادتها‏,‏ ويتخذ الخطوات والقرارات اللازمة للتعبير عن إرادتها وتحقيق أجندتها التي جعلت تربو مع الأيام من خلال تجارب ونجاحات وإخفاقات يطول فيها الحديث‏,‏ إلا أن هذه القيادة وبغض النظر عما حدث في فيها من خلافات أو إقصاءات أو تصفيات ـ ظلت لديها بشكل ثم بآخر ـ ظلت لديها بشكل ثم بآخر ـ البنية أو القوام الذي تستطيع به التعبير عن أهدافها وخططها وخطواتها‏.‏
    بينما حركة الشباب التي خرجت في 25-1-2011,‏ لاقيادة لها‏,‏ ولم تفرز قيادة منها‏,‏ يمكن أن تعبر تعبيرا محددا عن إرادتها ومطالبها‏..‏ وساهم في سيولة الموقف‏,‏ أن هناك أطيافا متعددة دخلت الساحة‏,‏ منها مايتوافق مع كل أو معظم ماخرج به الشباب‏,‏ ومنها أجندته الخاصة‏,‏ ولكن هناك أطيافا دخلت الساحة ودون ما انزلاق إلي تعبير العناصر المندسة ـ تطرقت أجدنتها إلي ممارسات لاجدال في أنها ليست ولم تكن مراد الشباب‏,‏ ولم يساهموا من ثم فيها‏,‏ فلايستطيع أحد منصفا كان أو غير منصف ـ أن ينسب إلي هؤلاء الشباب الذين التزموا بسلمية التظاهر ـ تخريب المنشآت العامة‏,‏ أو نهب وإحراق الممتلكات الخاصة وترويع المواطنين الآمنين‏,‏ أو تحريق مجمع محاكم الجلاء أو مجمع النيابة الإدارية أو الشهر العقاري‏,‏ ولا أن ينسب إليهم حرق أقسام ومراكز الشرطة التي هوجمت ودمرت وأحرقت‏,‏ أو مداهمة السجون وإطلاق المسجونين وعتاة المجرمين‏,‏ من عدة سجون مابين وادي النطرون وأبوزعبل والفيوم وغيرها في طول البلاد وعرضها‏,‏ الأمر الذي يعكس في جملته حالة سيولة شديدة يتزايد خطر الفوضي الكامن فيها مع عدم وجود قيادة يمكن أن تلم شمل الجميع وتعبر تعبيرا معدودا محددا عن كل هذه الأطياف التي دخلت الساحة‏!‏
    ثالثا‏:‏ إنه برغم توافر القوة العسكرية لحركة يوليو‏52,‏ وتوفر القيادة التي لازمت الحركة منذ بدايتها‏,‏ ممثلة في مجلس قيادة الثورة ـ وعدم تعرض الحركة بعامة إلي حالة سيولة‏,‏ سواء بين الضباط الأحرار قاعدة مجلس قيادة الثورة‏,‏ أو أي أطياف أخري‏,‏ حيث لم يسمح الظرف لأي فصيل أو طيف سياسي أو وطني لأخذ جانب من المشهد أو الظهور فيه‏,‏ إلا أن الحركة برغم توافر كل هذه العناصر قد تعرضت لخلافات ومنعطفات وانقسامات وإقصاءات وانتكاسات ومخاطر لازمتها لسنوات طويلة‏,‏ وجيلنا ـ نحن الشيوخ لايزال يذكر أحداثا تناولتها باستفاضة مذكرات خالد محيي الدين‏,‏ وعبداللطيف البغدادي‏,‏ ويوسف صديق‏,‏ وغيرهم من الضباط الأحرار أو مجلس قيادة الثورة‏,‏ فيروي خالد محيي الدين الخلافات التي تفجرت منذ بداية الحركة في أكتوبر‏/‏ نوفمبر‏/‏ ديسمبر‏1952:‏ إما أن أقطع علاقتي بأحمد فؤاد أو يعتقلوه؟‏!..‏ استقالتي فى 31-3-1953أساطين القانون الدستوري ضد الدستور‏.‏ عبدالناصر يسأل ثروت‏(‏ عكاشة‏):‏ ماذا لو اعتقلنا خالد؟ اعتراض ضباط الفرسان علي تحييدهم بعد نجاح الثورة وانفجار الموقف في المدفعية وتحرشها ضد مجلس قيادة الثورة‏.‏ ثورة رشاد مهنا ضد ضباط الفرسان‏.‏ ثورة جمال سالم وتفجيره الموقف وتصعيده واقتراحه القبض علي ضباط المدفعية وتقديمهم إلي محاكمة صورية وإعدامهم‏.‏ تأييد السادات والبغدادي وعامر وآخرين لثورة جمال سالم‏.‏ إجبار اللواء محمد نجيب علي التخلي عن منصبه كقائد عام للقوات المسلحة‏.‏ تعيين عامر قائدا عاما للجيش والمعركة الصامتة التي دارت بين أعضاء مجلس قيادة الثورة علي هذا التعيين‏.‏ أزمة فبراير1954‏ والتنافس علي السلطة‏.‏الخلاف مع محمد نجيب‏.‏ جمال سالم يهدد بقتل نجيب‏.‏ البلد علي شفا بركان‏.‏ اقتراح العودة للثكنات وترك الأمور لمحمد نجيب‏..‏ وفي رواية خالد محيي الدين والبغدادي‏:‏ أزمة مارس‏1954,‏ وتأزم الموقف بين محمد نجيب ومجلس قيادة الثورة بعد قرارات مارس‏.‏ إلغاء قرارات مارس‏.‏ اعتقال الطلبة وأساتذة الجامعة‏.‏ محاكمة أصحاب جريدة المصري وبعض السياسيين والصحفيين‏.‏ استقالة خالد محيي الدين من مجلس قيادة الثورة‏.‏ الصدام بين عبدالناصر والبغدادي‏.‏ تفكك في مجلس قيادة الثورة‏.‏ الصدام بين جمال سالم‏,‏ وكمال الدين حسين‏.‏ الاختلاف بين عبدالناصر وصلاح سالم وانقسام المجلس بينهما‏.‏ صدام بين عبدالناصر وجمال سالم حول تفويض عبدالناصر بسلطة المجلس‏.‏ انتقال السلطة إلي جمال عبدالناصر‏.‏ استقالة صلاح سالم‏.‏ مالابس حرب السويس من أزمات‏.‏ الأزمة بين عبدالناصر وعامر إثر الانفصال تزايد الشكوك بين عبدالناصر وعامر‏.‏ تهديد عامر بالاستقالة في يناير1962,‏ ثم استقالته في سبتمبر‏1962‏ مما اعتبر أنه بمثابة إجبار لعبدالناصر ومجلس الرئاسة الذي وقف بجواره علي التراجع‏.‏ بقاء عامر قائدا عاما‏..‏ الخلاف بين البغدادي وعبدالناصر واتساع الخرق‏..‏ إلخ‏.‏
    ليست هذه دراسة لثورة يوليو1952,‏ فقد أعود إليها يوما‏.‏ وإنما أردت فقط أن أشير إلي المشاكل الهائلة التي نجمت والخلافات والتصادمات والإقصاءات التي كانت لها آثارها البالغة علي مسار الثورة ذاتها وعلي نظام الحكم‏,‏ والتي انتهت بنكسة‏..1967‏ وإن استرعي الالتفات إلي أن ذلك قد حدث رغم وجود قيادة من البداية ممثلة في مجلس قيادة الثورة‏.‏ وهي واقع أو صورة ينبغي أن تكون حاضرة في أذهاننا ونحن ننظر بأي الخيارين نأخذ في منهج وأسلوب وأدوات الإصلاحات المتفق علي وجوب إجرائها‏.‏
    الخيار الدستوري
    ظني أن الخيار الدستوري هو الواجب لإخراج مصر من هذا الظرف الدقيق الراهن‏,‏ وتحقيق المطالب المشروعة التي تتفق عليها غالبية الشعب‏,‏ وأن هذا الخيار يكفل ليس فقط سلامة الخروج من المأزق الراهن‏,‏ وإنما يكفل أيضا الأمان من عدم الارتداد مستقبلا علي مايتم إنجازه من إصلاحات بحجة أو بذريعة أنها افتقدت الشرعية والالتزام بأحكام الدستور‏.‏
    يعزز هذا النظر‏,‏ أن الرأي المنحاز لإهدار الدستور‏,‏ وتجاهل تجربة قطعناها في نصف قرن وزيادة‏,‏ والبدء ثانية من أول السطر‏,‏ تحت شعار الشرعية الثورية ـ هذا الرأي لايركن إلا إلي طلب من يطلبون وجوب رحيل السيد رئيس الجمهورية وفورا‏,‏ أو تفويضه في رأي البعض نائب الرئيس في سلطاته‏.‏ وبغض النظر وهو لايغض عما لابس هذا الطلب التحكمي المتصلب من أسلوب أو عبارات لاتليق ولاتتفق مع ما اعتدناه في قيمنا الأخلاقية‏.‏ ولا بما ينبغي أن نحفظه لرئيس مصر من احترام مهما اختلفنا معه‏,‏ فإن هذا الطلب هو الذي يضع البلاد ـ بأي من صورتيه ـ في أزمة مستحكمة لاحل لها‏,‏ ويصادر علي كل الطلبات الإصلاحية التي توافق عليها المجموع العام‏.‏الصورة الأولي المطروحة لطلب الرحيل الفوري‏,‏ تحكمها المادة‏84‏ من الدستور‏,‏ وتنص علي أنه في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية ــ أيا كانت أسباب خلوه ــ يتولي الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب‏,‏ وإذا كان المجلس منحلا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا‏,‏ وبشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة‏,‏ مع التقيد بالحظر المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة‏82,‏ وهي تحظر علي من ينوب عن رئيس الجمهورية‏:1‏ ــ طلب تعديل الدستور‏2‏ ــ أو حل مجلس الشعب‏3‏ ــ أو حل مجلس الشوري‏4‏ ــ أو إقالة الوزارة‏.‏
    كما يوجب النص اختيار رئيس الجمهورية خلال مدة لا تتجاوز60‏ يوما من تاريخ خلو منصب الرئاسة‏.‏
    ومؤدي ذلك أن قبول السيد رئيس الجمهورية بترك منصبه وإخلاله‏,‏ سوف يخلق أزمة مستحكمة تصادر علي كل مطالب الاصلاح ــ أولها‏:‏ أن الرئيس المؤقت ممنوع بنص المادتين‏84 و82 من إجراء التعديلات الدستورية المطلوبة‏,‏ وممنوع كذلك من حل أي من مجلسي الشعب والشوري‏,‏ وهو مطلب لا يزال البعض يراه لازما ولا يكتفي إزاءه بإسقاط عضوية من يثبت بطلان عضويته وإتاحة الفرصة لانتخابات جديدة في دائرته تتلافي ما عاب الانتخابات السابقة فيها‏.‏ والمصادرة الثانية‏:‏ تتجلي في أن الإنتخابات الرئاسية لاختيار الرئيس الجديد‏,‏ والواجب إجراؤها بغير إبطاء في مدة لا تجاوز60‏ يوما‏,‏ سوف تجري طبقا لنص المادة‏76‏ الحالية من الدستور ــ بسلبياتها المعترض عليها ــ دون أي تعديل‏!‏
    أما التفويض الذي يتنادي به البعض ــ فمحكوم بنص المادة‏82‏ من الدستور‏,‏ وفقرتها الثانية التي لا تجيز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية‏,‏ سواء كان نائبا له أو رئيسا للوزراء في حالة خلو منصب النائب أو تعذر نيابته ــ لا تجيز له المحظورات الأربعة سالفة الذكر‏,‏ فليس له أن يطلب تعديل الدستور أو حل أي من مجلسي الشعب والشوري أو إقالة الوزارة‏.‏
    ومؤدي ذلك‏,‏ المصادرة التامة علي كل مطالب الاصلاح‏,‏ وفي مقدمتها الإصلاح الدستوري‏,‏ فضلا عن حل مجلسي الشعب أو الشوري إذا لزم ذلك‏,‏ حالة كون الحل منوطا فقط برئيس الجمهورية طبقا للمادة‏/136 من الدستور‏.‏
    وهذه السلطة غير ممنوحة لا للرئيس المؤقت طبقا للمادة‏84,‏ ولا للنائب المفوض بسلطات الرئيس طبقا للفقرة‏2‏ من المادة‏.82‏
    وجدير بالذكر‏,‏ وهو ما ينبغي أن يكون معلوما للشعب‏,‏ أن قرار الحل طبقا للمادة‏136‏ من الدستور‏,‏ يستوجب لزوما ــ وبصريح النص ــ أن يشتمل قرار رئيس الجمهورية بالحل ــ علي دعوة الناخبين لإجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب ــ أو الشوري‏(‏ المادة‏204)‏ في ميعاد لا يتجاوز‏60‏ يوما من تاريخ صدور قرار الحل‏.‏
    فهل الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد الآن‏,‏ ورغبتنا في إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق نص معدل للمادة‏76‏ لا يقيم شروطا تعجيزية أمام الترشح ــ هل هذه الظروف الدقيقة‏,‏ والغاية المأمولة‏,‏ تنفسح لإجراء انتخابات كاملة لمجلسي الشعب والشوري قبل أول يوليو‏2011..‏ باعتبار أن انتخابات الرئاسة المحدد لها سبتمبر‏,‏ يجب ان تبدأ إجراءاتها قبل ميعاد انتهاء مدة الرئيس بـ‏60‏ يوما علي الأقل وفقا للمادة‏78‏ من الدستور‏.‏
    المادة‏139‏ من الدستور
    ليست مخرجا للطلب المتصلب وجوب تفويض النائب
    لا يفوت رجال القانون‏,‏ أن المادة‏139‏ من الدستور تنظم اختصاصا بالتعيين لا علاقة له بالتفويض المنصوص عليه في المادة‏82 من الدستور‏.‏
    فقد جري نص المادة‏139علي أنه‏:‏ لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له أو أكثر‏,‏ ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم‏.‏ وتسري القواعد المنظمة لمساءلة رئيس الجمهورية علي نواب رئيس الجمهورية‏.‏
    وهذا النص هو الذي ارتكن إليه السيد الرئيس في تعيين السيد اللواء عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية‏,‏ أما الإختصاصات فهي غير التفويض‏,‏ وهي تجري في أصول التفسير علي بيان ما يوكل إلي المعين من مهام أو اختصاصات او ملفات ومنها ــ علي سبيل المثال ــ ما تضمنه تكليف الرئيس للنائب بإجراء الحوار مع كافة القوي السياسة والأحزاب‏,‏ وهو تحديد لا حدود له كما ونوعا‏,‏ إلا أن يتضمن التفويض بالسلطات المحظورة بالمادة‏82,‏ فلا يجوز تحت أي تعلة الخلط بينهما‏!‏
    وليس يفوت أن ذات نص المادة‏82‏ يفترض سابقة تعيين النائب وفقا للمادة‏.139‏ ذلك أن التفويض لا يصدر ــ إن صدر ــ إلا لنائب معين‏,‏ وتعيينه محكوم بالمادة‏.139‏
    فما ورد بالمادة‏82‏ ــ عبارة عن تعيين وزيادة‏,‏ بأن يرد بعد التعيين قرار آخر تال بالتفويض‏,‏ والتفويض يختلف اختلافا جذريا عن التعيين وتحديد الاختصاصات‏,‏ وليس يقبل في منطق العقل والبداهة‏,‏ وأصول التفسير‏,‏ الإلتفاف حول نص المادة‏139‏ بالقول بأن يعطي الرئيس في الاختصاصات المعطاة للنائب ــ مهمة الاشراف علي التعديلات الدستورية‏.‏ فذلك فضلا عن كونه تفسيرا متعسفا للنص‏,‏ ولا يستقيم‏,‏ فإنه لا يضيف جديدا‏..‏ طالما أن ذات هذا الاقتراح يسلم بأن طلب التعديل الدستور لا يصدر إلا من رئيس الجمهورية ولا يجوز التفويض فيه‏.‏
    وهل هذا التحكم المتصلب الذي يبدو بلا مبرر معقول‏,‏ بل ويضحي بكافة المطالب الاصلاحية المرجوة‏.‏ هل هذا التحكم المتصلب يبرر أن نعرض إصلاحاتنا المأمولة للطعن عليها مستقبلا بعدم دستوريتها؟‏!‏
    إن الطلب التحكمي المتصلب‏,‏ لا يلتفت إلي أن الباقي عملا من مدة الرئاسة‏,‏ لا يتجاوز أربعة أشهر إلا بقليل‏..‏ فطبقا للمادة‏87‏ من الدستور يتعين البدء في إجراءات انتخاب الرئيس الجديد ــ قبل انتهاء مدة الرئيس بستين يوما‏,‏ وعلي أن يتم اختياره قبل انقضاء المدة بأسبوع علي الأقل‏.‏ ومؤدي ذلك أنه ما يكاد يتم إنجاز التعديلات الدستورية‏,‏ وتحتاج كحد أدني إلي‏70‏ يوما‏,‏ فإننا سنكون علي أعتاب شهر يوليو الذي ستبدأ فيه انطلاقة الإعداد للانتخابات الرئاسية الجديدة‏.‏
    فهل ضاقت صدور التحكم والتصلب علي احتمال أربعة أشهر هي الباقية عملا في مدة الرئاسة الحالية؟‏!‏
    وهل ذلك يبرر انطلاق العبارات بما يجاوز ما اعتدناه من أسلوب لائق للخطاب‏..‏ مهما اختلفت المواقف والآراء؟‏!‏
    فما هي القضية إذن؟‏!‏
    وما حجة أو ذريعة هذا التصلب الذي يلجأ إلي هذا الاعتساف الغريب في التفسير‏,‏ والركوب مركبا صعبا قد يعرض كل ما نرتجي تحقيقه لهذا الوطن ــ إلي مخاطر الارتداد عنه مستقبلا بحجة أن ما أجريناه قد خرج عن مباديء وقواعد الدستور ومشوب من ثم بعدم الدستورية‏!!!‏
    إنا نحتاج في هذا الظرف الدقيق إلي استخراج كل ما لدينا من حكمة
    وفي اعتقادي أن ما أبداه السيد الرئيس في خطابه الثاني‏,‏ وبعد أن عين نائبا له‏,‏ يحقق كل مطالب الاصلاح المرجوة‏,‏ ولا يصادر علي شيء منها‏,‏ فهو قد أعلن أنه لن يترشح مرة أخري لرئاسة الجمهورية‏,‏ وأوضح نائب الرئيس أن نجله بدوره لن يترشح‏,‏ وهو إفصاح أكده القرار اللاحق بتعديل الأمانة العامة للحزب الوطني ولجنة السياسات‏,‏ مما صار من المقطوع به معه أن المعلن جاد لا هزل ولا مناورة ولا مراوغة فيه‏,‏ واقترن ذلك بدعوة صريحة واضحة لمجلسي الشعب والشوري ــ أمام مصر والعالم ــ بإجراء تعديل المادتين‏77,76‏ من الدستور بخصوص شروط الترشح لرئاسة الجمهورية من الدستور لا يصادر علي القانون في أن يحقق المزيد ويقرر إجراء الانتخابات بمعرفة القضاء‏,‏ فإن السيد نائب الرئيس‏,‏ وهو شخصية موثوق بها وبمصداقيتها‏,‏ قد أبدي ــ وعلي ذلك صدرت التوصيات بعد الحوار ــ أنه لا مانع من النظر كذلك في المادة‏88‏ من الدستور‏.‏
    في اعتقادي ولا أصادر علي أحد‏,‏ أن الخطوات الجارية تؤكد الصدق والجدية والالتزام بتحقيق ما تم إعلانه أمام مصر والعالم‏,‏ وتؤكد أنه لا محل للتخوف من أي نكوص‏,‏ فذلك في جميع الاحوال محال‏..‏ حتي إن جدلا أراده أحد‏,‏ والظرف الذي يمر به الوطن‏,‏ يدعونا ويوجب علينا ترك التصلب والتوجس‏,‏ وإتاحة الظروف لإتمام ما أعلنه الرئيس أمامنا وأمام العالم‏,‏ ويلتزم به نائبه ورئيس الوزراء الجديد‏,‏ وعلي أن نستكمل باقي ما نتمناه من إصلاحات دستورية بما في ذلك إصدار دستور جديد‏,‏ إلي ما بعد انتخابات الرئاسة القادمة‏,‏ في ظل مناخ وظروف واسعة تسمح لنا بأن نستكمل مسيرة الاصلاح التي فجر الشباب شرارتها الأولي‏.‏
    حفظ الله مصر من كل سوء

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 1:50 am