روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    محور مهنة المحاماة الأعراف و التقاليد

    رمضان الغندور
    رمضان الغندور
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني


    عدد المساهمات : 7758
    نقاط : 21567
    السٌّمعَة : 16
    تاريخ التسجيل : 31/05/2009
    العمر : 67
    العمل/الترفيه : محامي حر

    محور مهنة المحاماة الأعراف و التقاليد Empty محور مهنة المحاماة الأعراف و التقاليد

    مُساهمة من طرف رمضان الغندور الثلاثاء سبتمبر 08, 2009 2:08 pm

    أهمية أعراف و تقاليد المهنة هي أنها تذكر المهني بصورة دائمة بالسلوك القويم الذي ينبغي عليه التزامه في القيام بأعمال مهنته. ذلك أنه إزاء المشكلات التي يصطدم بها المهني في قيامه بالتزاماته المهنية، قد يبدو من غير الملائم تركه يحتكم إلى رؤيته الشخصية. فهذه الرؤية قد تختلف من شخص لآخر. و قد تملي على المهني حكما غير صائب.
    و لذلك يكون من الأفضل أن يحدد المهني موقفه وفقا لتقاليد المهنة و أعرافها، فهذه و تلك تعد مرآة لما ارتضاه أهل المهنة و استقر في ضميرهم من حلول.
    قد يقال أن النصوص القانونية المكتوبة تغني عن الأعراف و التقاليد المهنية في القيام بهذا الدور الأخير.
    و لكن من جهة، ليس هناك ما يمنع من أن تتضافر قواعد أخلاقيات المهنة مع قواعد القانون العام في القيام بالمهمة نفسها. و من جهة أخرى ، فإنه يظل مع ذلك ، للأعراف و التقاليد أهميتها و دورها المتميز، من زاوية أن إحساس المهني بها و إدراكه لها كثيرا ما يفوق إدراكه لقواعد القانون العام.
    ففي ميدان المحاماة، التقدم الحقيقي نحو الأفضل لا يكون إلا في جانبها الروحي، و الروح أزلية و خالدة، و أحسن ما يغديها هو الأعراف و التقاليد، هذه الأخيرة لا يمكن لأي تعديل أو تغيير في النصوص القانونية أن يحصرها أو يحددها لأنها غير قابلة للحصر و التحديد. و هل من مقياس يمكن أن يقاس به ضمير المحامي، و هل من إطار يمكن أن تحصر فيه أبعاد خدماته من الوجهة الإنسانية، لا وجود لهذا و لا لذلك لأن المحامي كما عبر عنه أحد النقباء الفرنسيين :
    " أنا محامي مهنتي رائعة، أريد أن أقول بأنها مدهشة بالمشاكل و العذاب، و الموت و الندم، هل تعلمون بأنني أشد على يد القائل ؟ آه لو كنتم تعرفون كم يبدو صغيرا و ضعيفا أمام آلة القضاء المهولة حينما تنصب أمامه لسحقه، و هناك أيضا الواجب و القيام بأعباء الناس، أحببت كل هذا أدافع عنهم كلهم و كما هم، بصغارتهم و بحنينهم، و بشعلتهم الربانية، و بأهوائهم و هكذا كان و سيبقى واجبي."
    و كما قال القاضي الفرنسي إجسو:
    "المحاماة في تجردها عن القيود، تسمو إلى ارفع منزلة بدون أن تفقد شيئا من حريتها و هي كالفضيلة في ترفعها عن التبرج، تستطيع أن تجعل المرء نبيلا بغير ولادة ، غنيا بلا مال ، رفيعا من غير حاجة إلى لقب ، سعيدا بغير ثروة."
    إن ما يجعل من مهنة المحاماة ضرورة حضارية، هو تحلي رجالها بالعلم و تمسكهم بأعراف و تقاليد مهنتهم التي ترتكز على الاستقلالية و الحرية الملتزمة، و الصدق و حسن السيرة و السلوك، و حب المهنة بالوفاء لماضيها و الإخلاص لحاضرها و التطلع بها إلى الغد الأفضل و كل ذلك من أجل مساعدة القضاء لإحقاق الحق و إبراز العدل، كما أن الذي يؤكد على كونها معلما حضاريا و ظلا لله على الأرض يستضل به المستضعفون هو مسايرة المحاماة للقضاء منذ أن وجدت.
    فالأعراف و التقاليد المستمدة من المثل و القيم العليا و المجبولة بجبلة الخير، يضمن لمهنة المحاماة الدوام و الاستمرار في خدمة العدالة و بالتالي في المساهمة في بناء صرح الحضارة و تجسيد معالمها.
    إن الأعراف و التقاليد تفرض على المحامين بمناسبة قيامهم بأعمال مهنتهم واجبات عديدة و متشعبة، و لكن يمكن ردها إلى ثلاث صور أساسية و هي :
    واجبات تجاه الزملاء الآخرين في المهنة :
    - مبدأ اللياقة في التعامل و المحافظة على وشائج المودة.
    - مبدأ الاستقلال المهني في مباشرته لأعمال مهنته.
    - مبدأ المسؤولية الشخصية لكل مهني عما يقوم به من أعمال.
    الواجبات تجاه الموكلين :
    مبدأ النزاهة و اللياقة : في جميع أعماله المهنية و على وجه الخصوص في كل مرحلة من مراحل علاقته مع الموكل عند الاستشارة، عند طلبه للمعلومات و البيانات و مصير الملف.
    يجب على المحامي أن يرفض الدفاع عن مصالحه متعارضة.
    أداء مهنته بدافع مناصرة الحق و نظرة المظلوم و التجرد عن أي هدف آخر.
    - مبدأ الإخلاص و التفاني في أداء الخدمة و ذلك ببذل قصار جهده في الوصول إلى النتيجة التي يسعى الموكل إلى تحصيلها.
    من مقتضى واجب الإخلاص أن يمتنع المحامي عن قبول الدفاع في قضيته عندما يشعر أنه قادر على النهوض بها إما لأنه لا يملك التخصص المطلوب أو لأنه لا يملك الوقت .
    - الحفاظ على السرية.
    واجبات المهني تجاه المهنة و تجاه النقابة :
    المحافظة على كرامة المهنة : فالمحامي مرآة للمهنة التي يمارسها. و لذلك يجب أن يعكس سواء في كيفية أدائه لعمله أو في حياته الخاصة مستوى معينا من السلوك يتناسب مع مكانته الاجتماعية و يرفع من قدر المهنة التي ينتمي إليها.
    فليست المهنة التي تشرف الرجل ، بل الرجل هو الذي يشرف المهنة، فيمارسها متحليا بمزايا الأمانة و التجرد و التضحية و الاستقامة. (العلامة أبلتون )
    تجنب الأساليب التجارية في ممارسة المهنة . فللمهنة كرامتها التي يمنع من تحويلها إلى مجرد سلعة تستخدم الوسائل التجارية لترويجها و اجتذاب الزبناء نحوها و زيادة الطلب عليها.
    فقد قيل لمحام مغمور و مشهور و لكنه مقهور ماديا ، يا فلان لما هذا التقشف و الثروة تحت قدميك ما عليك إلا أن تنحني و تغترف منها ما تشاء؟ !.
    فأجاب : تلك هي المعضلة فالمحامي لا ينحني أبدا !.
    - احترام القرارات الصادرة عن مؤسسة النقيب و مجلس النقابه و أن يقوم المحامي بجميع الواجبات التي يفرضها عليه النظام الداخلي للمجلس. و أداء الاشتراكات في مواعيدها بانتظام.
    واجبات المحامي تجاه المجتمع :
    المحاماة ساعد من سواعد العدالة تسعى إلى إحقاق الحق و نصرة المظلوم. فكل محامي في موقع عمله الخاص أو الرسمي، مجند لخدمة المجتمع بكل إمكانياته و طاقاته.
    فالمحاماة : " رسالة إنسانية نبيلة و ضرورية في أي مجتمع مستمدة سموها و نبللها من إحقاق الحق و رفع المظالم و مساعدة العدالة على بلوغ هذه المقاصد العليا."
    - الرسالة الملكية لجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في أشغال الدورة الثانية للمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب بالجار البيضاء يوم 20/11/2000-
    إن هذه الأعراف و التقاليد تعترضها معوقات خارجية، تؤدي بمهنتنا إلى الخروج بها إلى مجال الخدمات التجارية و إخضاعها لمنطق السوق و جرها إلى حلبة المنافسة الدولية، مما يمس بهويتها الأصلية.
    و حتى لا تفقد قواعدها و تقاليدها و أعرافها و ثقة من يلجأ إليها ، أصبح من اللازم الحفاظ عليها و التذكير بها ليكون الجميع واعيا بها.
    فدار المحامي كمركز ثقافي، و مجلة المحاماه و دورية النقيب كلها تشكل عوامل لم الشمل و مظهر استقلالية المهنة، و ينبوع التواصل بين رجالاتها و معقل أعرافها و تقاليدها التي هي جدورنا الممدودة في الأرض متمسكين بها لتستشرف آفاق المستقبل.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 12:40 am