أكدت صحيفة "هاأرتس" الإسرائيلية أن تنحي الرئيس حسني مبارك خلق صعوبات
عديدة أمام إسرائيل في تنفيذ مخططاتها لتوجيه ضربة عسكرية استباقية
للمفاعلات النووية الإيرانية.
وقال "هاأرتس" اليوم الأحد إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يخشى من تحول
مصر إلى جمهورية إسلامية معادية لإسرائيل على غرار إيران, بعدما كانت مصر
بقيادة مبارك تتقاسم العداء من إيران, وكانت تعمل إلى جانب الولايات
المتحدة وإسرائيل ضد أحمدي نجاد وحلفائه في لبنان وسوريا وغزة.
وأعرب المحلل السياسي الاسرائيلي ألوف بن في مقاله بالصحيفة عن اعتقاده بأن
مصر لن تشهد تغيرات استراتيجية في مواقفها وستستمر في تقوية موقفها
القومي, إلا أن هذا لا يعني أن وريث مبارك سيشجع ضرب المفاعلات النووية
الإيرانية, إنما بالعكس سيستمع إلى رأي الجمهور في الوطن العربي الذي يعارض
مثل هذه الحرب, وحينها ستجد إسرائيل نفسها في وضع صعب لا تستطيع معه توجيه
ضربات في الشرق وهي لا تستطيع الاعتماد على الموافقة الهادئة من الدول
الغربية وحدها.
وأضاف إن ورثة مبارك يخشون من غضب عارم, إذا وصفوا بالمتعاونين مع إسرائيل, لذا فإنه ليس هناك ضربة لإيران بعد مبارك.
ولفت الكاتب الإسرائيلي إلى أن معظم سكان إسرائيل ولدوا أو هاجروا إلى
إسرائيل خلال فترة حكم مبارك, ولم يعرفوا خلال حياتهم وقائع أخرى, حيث بدا
نظام مبارك كالصخرة الراسخة في حين شهدت المنطقة العديد من الثورات, وقد
استطاع قادة إسرائيل العمل بأريحية وظهرهم محمي في الجبهة اليسرى عندما
خرجوا للحرب, وبنوا المستوطنات وأجروا محادثات السلام مع جهات أخرى.
وأضاف "إن تنحي مبارك أدخل المنطقة عامة وإسرائيل خاصة إلى عهد جديد من
التشكك, في حين أن فترة حكم مبارك لم تحيذ عن القواعد المقبولة بالنسبة
لإسرائيل في الشرق الأوسط".
وأوضح "ألوف بن" أن إسرائيل لم تشعر بالقلق حينما نقل الحكم في سوريا حين
ورث حافظ الأسد نجله بشار والأردن حين ورث الملك حسين نجله عبد الله
والسلطة الفلسطينية حين ورث أبو مازن السلطة عن أبو عمار.
وأشار إلي أنه لم يؤثر التصدع في العلاقات بين اسرائيل ومصر، ايا كانت درجة
صعوبته في بعض الاحيان، على قواعد الائتلاف الاستراتيجي التي اقامتها
معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية.
وأوضح ألوف أن طول مدة حكم الرئيس المصري السابق لم يكن من الامور غير
العادية في الشرق الاوسط، ذلك ان حافظ الاسد حكم سوريا لثلاثين عاما،
والملك حسين والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات حكما لاربعين عاما، وعندما خرجوا
من الساحة، فان تراثهم ظل قائما، فكل من حسين والاسد نقلا السلطة الى
ولديهما، وخلف عرفات نائبه الدائم محمود عباس. وهذا هو السبب في ان اسرائيل
كانت تنظر الى تغيير الحرس في الاردن وسوريا والسلطة الفلسطينية على انه
أمر طبيعي، لا يثير قلقا بصفة خاصة.
وأضاف "الوضع مختلف في مصر اليوم، فقد اطيح بمبارك قبل ان يُعد من يتولى
الرئاسة بعده سواء كان ابنه او احد مساعديه المقربين، وقادة الجيش الذين
تولوا زمام الامور يحاولون تهدئة الجماهير المصرية والمجتمع الدولي بوعود
تؤكد انه لا نية لهم في اقامة حكومة عسكرية جديدة في القاهرة، وانما يخططون
لنقل السلطة الى حكومة مدنية عن طريق الانتخابات الحرة".
وأكدت الصحيفة الاسرائيلية ان هذا الوضع يثير قلق رئيس وزراء اسرائيل
بنيامين نتنياهو. ويخشى نتنياهو ان تحذو مصر حذو ايران في اقامة حكم اسلامي
معاد لاسرائيل. ويأمل الا يحصل ذلك وان تسير مصر على هدي خطوات تركيا
بالحفاظ على العلاقات الرسمية مع اسرائيل والسفارات والاتصالات التجارية،
حتى على الرغم من اعرابها عن الانتقادات الشديدة في تعاملها مع
الفلسطينيين.