بعد مرور أكثر من 17 عاما علي قصة الاختفاء الغامض للمعارض الليبي البارز
منصور الكخيا وزير الخارجية الأسبق خلال تواجده بالقاهرة وتحديدا في ديسمبر
1993، كشف عبدالمنعم الهوني مندوب ليبيا المستقيل في الجامعة العربية،
وعضو مجلس قيادة الثورة الليبية عن تفاصيل تخلص نظام العقيد معمر القذافي
من أبرز معارضيه بقتله عبر حادث سيارة مفتعل في مصر.
وقال الهوني، "اجرى منصور الكيخيا، رحمه الله، حسابات خاطئة، كنا (محمد
المقريف والكيخيا وأنا)، معاً في الجزائر كوفد من المعارضة، والتقينا
المسؤولين الجزائريين وطلبنا دعماً سياسياً وأدبياً، وذلك في 1992، ولكن
بعض الإخوة في المعارضة لم يقدِّروا خطورة الظروف ونشروا لنا صوراً ونحن في
الجزائر، واعتبر المسؤولون في طرابلس الأمر خيانة كبرى، وبدأوا التركيز
على منصور، وأرسلوا اصدقاء له طلبوا عبرهم اللقاء به في أي مكان".
والهوني شارك القذافي في انقلاب الفاتح من سبتمبر 1969 وكان عضواً في مجلس
قيادة الثورة وشغل في النصف الأول من السبعينات مناصب حساسة، إذ عمل مديراً
للاستخبارات ووزيراً للداخلية والخارجية، ومنذ منتصف السبعينات حتى بداية
القرن الحالي كان معارضاً ومطارداً، وفي العقد الماضي عاود الحوار مع
النظام الذي عينه مندوباً لبلاده لدى جامعة الدول العربية.
وأضاف الهوني في حوار مع جريدة الحياة اللندنية: "اتصل بنا الرئيس الجزائري
السابق احمد بن بله وألحّ في الالتقاء بنا فالتقيناه، منصور وأنا، في فندق
«إمباسادور» في جنيف. جاءنا برسالة مصدرها القذافي يطلب منا العودة الى
ليبيا مع استعداد لإعطائنا وظائف سياسية اذا كنا نطلب ذلك، او حتى اذا
رغبنا في الإقامة كمواطنين عاديين. كما التقى بن بله أيضاً عزالدين
الغدامسي ومحمود المغربي".
واستطرد: "أنا ومنصور قلنا إننا لا نريد وظائف، بل نريد تغييراً في البلد،
نقل بن بلة نتيجة اللقاء الى القذاقي، وبعدها أرسل القذافي الى جنيف أحمد
قذاف الدم، في بداية لخطة تصفية منصور، وعرف البعوث ان منصور سيغادر في
اليوم التالي الى مصر. فأبلغ قذاف الدم الكيخيا انه سيرسل اليه في القاهرة
مسؤولاً رفيعاً للقائه والاستجابة لطلباته".
تابع الهوني: "كان منصور رجلاً سياسياً لكنه كان بعيداً عن الحس الأمني،
وكان يردد: أنا لماذا يقتلني العقيد، لم أحمل سلاحاً ضده ولن أحمل، وصرت في
السبعين". وأضاف "الهوني ذهب الكيخيا إلى القاهرة فتلقى اتصالاً قال فيه
المتصل: نريد التحاور معك في بيت السفير الليبي في مصر ومندوب ليبيا لدى
الجامعة العربية ابراهيم البشاري، طبعاً البشاري تولى لاحقاً إدارة
الاستخبارات وقتلوه في حادث سيارة مفتعل".
وأوضح الهوني أن الكيخيا قتل بتهمة أنه سرَّب معلومات عن تفجير طائرة
الـ"يوتا" الى الفرنسيين، كما اتهمه البعض بتسريب معلومات عن حادث لوكربي،
مشيرا إلي أن تفجير الـ"يوتا" حصل لأن الأجهزة الليبية تلقت معلومات عن
وجود شخصية ليبية معارضة على الطائرة وهي الدكتور محمد المقريف، وهذا كان
الهدف، ولكن شاءت الصدفة ان المقريف سافر في وقت أخر.