المسلحة عن الوضع الاقتصادي الحالي بمصر.. تلك الحقائق والارقام لم تكن
نتيجة الثورة أو تداعياتها.. انما جاءت محصلة لممارسات اقتصادية معظمها
خاطئة خلال اكثر من ٠٣ عاما ورغم صعوبة الموقف الحالي اقتصاديا الا ان
المجلس العسكري يري ان هناك املا كبيرا في تفاديه.. يرجع هذا الامل
لنجاح ثورة ٥٢ يناير والتحولات الي احدثتها في المجتمع المصري بشرط
عودة عجلة الانتاج للدوران وتحقيق الاستقرار وعودة الاوضاع
الامنية.
كشف التقرير الذى نشرته صحيفة (الاخبار) عن زيادة الدين العام للدولة الي
حوالي ٠٨٠١ مليار جنيه منها ٧.٨٨٨ مليار جنيه دينا داخليا والباقي
حوالي ٢٩١ مليار ديونا خارجية.. وتوقع التقرير ان تصل التضخم نهاية
العام المالي الحالي ٠١٠٢/١١٠٢ الي ٠٢٪ وتراجع النمو الاقتصادي الي
٨.٣٪ بدلا مما كان متوقعا ٨.٥٪.
كما توقع التقرير بناء علي الاوضاع الاقتصادية بالبلاد ان يكفي الاحتياطي
البنك المركزي والعملات الاجنبية لشراء احتياجات الدولة لمدة ٩ شهور
فقط.. مما يشكل تهديدا في حالة عدم عودة الانتاج والسياحة وتحويلات
المصريين بالخارج.. اما المخزون الاستيراتيجي من السلع فان مخزون
القمح يكفي احتياجاتنا لمدة اربعة شهور والزيت التمويني شهرين ونصف والسكر
التمويني ٩ شهور وتحتاج الدولة لمواجهة الاحتياجات من تلك السلع
الي ما بين ٢.٣ مليار دولار شهريا.
اعلن ذلك اللواء محمود محمد نصر مساعد وزير الدفاع للشئون المالية في
الندوة التي شارك فيها رؤساء الاحزاب وكبار المفكرين والكتاب وممثلو
المجتمع المدني لاستطلاع ارائهم حول التحركات والخطط المطلوب اتباعها
لمواجهة التحديات الصعبة خلال المرحلة المقبلة.. كما شارك في الندوة كل
من د. عبدالعزيز حجازي ود. علي لطفي ود. كمال الجنزوري رؤساء مجلس
الوزراء السابقين.
تسليم الراية
في بداية الندوة اكد اللواء محمود نصر ان القوات المسلحة حرصت علي
استطلاع اراء كبار الخبراء في المجالات المختلفة لاجتياز المرحلة الحالية
بنجاح وحتي يتم تسليم الراية من المجلس العسكري خفاقة الي سلطة مدنية
منتخبة من الشعب واكد ان القوات المسلحة ساندت ثورة ٥٢ يناير بقدة
لايمانها ان الثورة كانت فرصة عظيمة لتحقيق مطالب الشعب في حياة حرة
كريمة..وبدء عهد جديد من المشاركة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحرص
المجلس العسكري علي ان تكون الفترة الصعبة التي تمر بها مصر قصيرة.
واشار الي ان هناك عدة اسباب قادت الي ثورة ٥٢ يناير العظيمة.. منها
اسباب سياسية شملت تزييف ارادة الشعب في الانتخابات المختلفة وتزايد حجم
الفساد والتزاوج بين السلطة والثروة واختفاء الرؤية السياسية
للدولة..وضعف الاحزاب وتدخل كبار رجال الاعمال في السياسة بالاضافة
الي اسباب اجتماعية اهمها تزايد البطالة والاحباط بين الشباب والخلل في
التركيبة الاجتماعية والثراء السريع علي حساب ثروات الوطن بجانب الاسباب
الامنية التي دارت معظمها في اخضاع التعيينات بمختلف اجهزة الدولة
للموافقات الامنية وتوتر العلاقة بين الجماهير واجهزة الامن وتغليب
الامن السياسي علي الامن الجنائي.
وضع خطير
واضاف مساعد وزير الدفاع للشئون المالية ان الممارسات الاقتصادية التي
قادت الي الثورة جاءت سلبية وخاطئة في معظمها.. منها وجود مشاكل
اقتصادية عديدة.. وتكوين طبقة طفيلية وفوارق اقتصادية اثارت احقاد
المواطنين وغضبهم.. وسعي اصحاب رؤوس المال للثراء علي حساب الشعب وعدم
تناسب الزيادات في الاجور مع ارتفاع الاسعار.
وقال اللواء محمود نصر ان جميع تلك العوامل قادت الي وضع اقتصادي خطير في
المرحلة الحالية، شرح ابعاده تفصيليا قائلا: بلغت استخدامات الدولة
والموازنة العامة بالمجالات المختلفة حوالي ٩٨٤ مليار دولار.. مقابل
٨٩٢ مليار ايرادات بفارق ١٩١ مليار جنيه تم تغطيته من قبل الحكومة
بالعروض التي بلغت ٠٨٠١ مليار داخليا وخارجيا.. وبلغت حصيلة الخصخصة
منذ عام ٢٩٩١ وحتي عام ٩٠٠٢ حوالي ٨٧ مليار جنيه منها ٢٥ مليار
اخذتها وزارة المالية لسداد عجز الموازنة، ٦٢ مليارا لسداد ديون المعاش
المبكر.. وبلغ معدل الفقر حوالي ٣.٩٦٪ من عدد السكان بينهم حوالي
٠٢٪ قريبون من خط الفقر.
وحول الوضع الحالي للاقتصاد المصري اكد اللواء محمود نصر ان هناك تراجعا
كبيرا في جميع الانشطة الاقتصادية بالاضافة الي تعرض امن المواطنين
للخطر ونهب واغتصاب الاراضي وتوقف قطاعات عديدة عن العمل.
وضرب امثلة علي تراجع الانشطة الاقتصادية قائلا في بداية شهر يناير الماضي
كان هناك فائض في ميزان المدفوعات بلغ ٠٠٦ مليون دولار.. والآن تحول
الفائض الي عجز بلغ ٦ مليارات دولار..
وادي الي عدم قدرة الاقتصاد المصري علي مواجهة متطلبات الدولة لفترة لا
تزيد عن شهور قليلة مما يهدد بارتفاع الاسعار وحدوث تضخم بنسبة ٠٢٪
وقد تراجعت السياحة التي تمثل ٨٪ من الناتج المحلي بنسبة٠٨٪وبدأ
انسحاب بعض المستثمرين الاجانب من المشروعات السياحية..
وتراجعت تحويلات المصريين بالخارج بصورة كبيرة بجانب خسائر البورصة والتي
بلغت ٣١١ مليار جنيه بنسبة ٢٣٪ من قيمة الاسهم بجانب تعثر
الاعتمادات الاستيرادية والتصديرية بسبب الموقف بالبنوك.. وسعي
المستثمرين الاجانب لبيع اذونات الخزانة بالجنيه وتحويلها لدولار لخارج
مصر.. وهناك تراجع حوالي ٦١ مليار جنيه حتي الآن بالسياحة و١.٤ مليار
بالاتصالات و٤ مليارات بالبناء والتشييد وتم استنفاد معظم مخزون البناء
بسبب الاستيلاء علي الاراضي والمخالفات وفقدنا ٢ مليار دولار من
تحويلات المصريين الخارج.
ثمن بخس
وتحدث الدكتور عبدالعزيز حجازي رئيس وزراء مصر الاسبق حيث وجه الشكر
للقوات المسلحة علي الجهد الكبير الذي تبذله لادارة شئون البلاد.. مؤكدا
ان الثورة لها ايجابيات وهذا الحديث لا يخيف لاننا نتحدث عن اقتصاديات ازمة
لكن المهم كيفية عبورها ومردود اقتصادي سلبي لكنه ثمن بخس للحرية والعدالة
التي لا تقدر بثمن وعرض بعض النقاط الاساسية عند التخطيط للمستقبل. منها
تحديد واضح للمنهج الاقتصادي الجديد للدولة بعد الثورة والتي لابد من
توافق وطني عليها.. مع ضرورة استكمال بعض المشروعات الكبري الناجحة
والمهمة والاهتمام بتحسين وجودة الانتاج لزيادة قدرته علي المنافسة مع
ضرورة مكافحة الفقر وتحديد احتياجات الدولة وايجاد مناخ جديد جاذب
للاستثمار.
ومن جانبه استعرض الدكتور علي لطفي رؤيته للمرحلة القادمة مؤكدا عدم هدم
الكيانات الاقتصادية ورجال الاعمال الشرفاء.. ووضع نظام ضريبي جديد
تصاعدي واعادة النظر في اولويات الانفاق الحكومي بحيث يخصص الجزء الاكبر
لمواجهة الفقر والقضاء علي العشوائيات ووضع حد اقصي للاجور بالحكومة
والقضاء علي التفاوت الكبير في الرواتب والعمل علي رفع اسم مصر من
القائمة السوداء لمنظمة العمل الدولية وهي نقطة مهمة للغاية واعادة النظر
في اتفاقيات تصدير الغاز للخارج والرفع التدريجي للاجور واعادة النظر في
خريطة الدعم حتي يصل فعلا لمستحقيه.
اما الدكتور كمال الجنزروي فقد اكد ان كل السياسات النقدية والمالية بمصر
طوال العشر سنوات الماضية لم تكن في صالح المواطنين وتم التلاعب في معدل
النمو باضافة الدعم المفترض للمنتجات البترولية واموال الاتصالات التي
يدفعها الشعب حتي تزيد من معدل النمو علي غير الحقيقة.. مؤكدا
التراجع الكبير في الاهتمام بالزراعة والصناعة وانخفاض ايرادات الجمارك
رغم زيادة الواردات مما يشكل علامة استفهام وطالب بتقنين السياسات المالية
والنقدية بما يحقق صالح المواطنين. وابدي تعجبه من الزيادة الكبيرة في
القروض والتي كانت في عهده حوالي ٧٤١ مليارا فقط بمعدل سنوي ٦ مليارات
جنيه دينا سنويا زادت الي ٠٧ مليار جنيه سنويا دون فائدة حقيقية.
وشهدت الندوة حوارات من المشاركين لعرض رؤاهم حول المرحلة القادمة وتم
الاتفاق علي عقد عدة جلسات للحوار والمناقشة لتفادي الصعوبات خلال
المرحلة المقبلة.