بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله :
..إنّ القارئ لكتابِ الله و المتأمّل فيه يلحظ تحذيرَ الباري جل شأنه من الظُّلم و من عواقِبه الوخيمة على الفرد و المجتمع، حيث يرى كثرةَ النصوص الناهية عنه عموما، و أنّ الربّ العظيم المقتدر لا يظلم شيئا:"إنّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثقالَ ذَرّة"، و أنّ الإنسان بطبعه ظلوم:"إنّه كانَ ظَلُومًا جَهُولا"، و أنّ:"اللهَ لا يَظْلِمُ الناسَ شيئًا ولكِنَّ الناسَ أنفُسَهُم يَظْلِمون"، و أنّ ميزانَه سبحانه العدل و القسط:"ونضَعُ الموازِيَن القِسْطَ ليومِ القيامَة فلا تُظلَمُ نفسٌ شَيئا".
و هاك بعض الآيات و الأحاديث النبوية المحذّرة من الظلم:
- "وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون" (يونس13، 14)
- "وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا." (الكهف59)
- "فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"(الحج: 45، 46)
- "فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ومنهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كانُوا أَنفسَهُم يظلِمُون",(العنكبوت40)
- "إِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم" (لقمان13)
- "وقد خَابَ مَنْ حمَلََ ظُلْمَا" !!,(طه,11)
- "وكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ."(هود 102)
وفي الصّحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه،قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَ اللهَ ليُملي للظالم حتى إذا أخذَه لم يفلته"،ثم قرأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وكذلك أَخْذُ ربِّكَ إذا أخذَ القُرَى وهي ظالمة إنَ أَخْذَهُ أليمٌ شَدِيد", (صحيح البخاري.4686)
- "اتقُوا الظلمَ، فإن الظّلمَ ظُلُمَاتٌ يوم القيامة.." صحيح مسلم.رقم : 2578
و في الحديث القدسي:"يا عبادِي إني حرَمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرّمًا فلا تظالموا..." صحيح مسلم.رقم 2577
- "من كانت عنده مظلمة لأخِيه فليتحلّلهُ منها، فإنّه ليس ثَمَّ دينار ولا درهم، من قبل أن يُؤخَذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه" صحيح البخاري.رقم 6534
- "...اتَّقِ دعوةَ المظلومِ فإنّه ليسَ بينها و بين الله حِجاب."(صحّحه الألباني)
- وعن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، وكانت بينه وبين أناس خصومة في أرض، فدخل على عائشة فذكر لها ذلك، فقالت: يا أبا سلمة، اجتَنِبِ اْلأرضَ، فإنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالمَنْ ظلمَ قيدَ شبر طوّقَه من سبع أرضين )صحيح البخاري – رقم 3195
... تلكم هي بعض النصوص في التحذّير من عواقب الظلم الوخيمة، وإنها لكافية و رادعة لمن أرادَ الانزجار، و طلبَ سبيلَ النجاة بالابتعاد عن الظلم ما أمكن، أجارنا الله منه.آمين.
ثم إنه يأتي أحدُنا بعد إذْ قرأََ النصوصَ المبثوثة و المحذّرة من الظلم متسائلا: "أليس من الواجب إذًا إنكار هذا المنكر المتمثّل في الظلم و محاربته و الوقوف بوجهه؟ أليست الشريعة قد حثّتْ على النهي عن المنكر في آيات و أحاديث عديدة؟ و أنه كما قال أحدُ الدعاة:"..قد عُلم من نصوص الشرع ما تكاثرت به آيُ القرآن الحكيم حتى بلغتْ منه عُشْرهُ أو أكثر، تحذّر من الظلم ، ومن الركون إلى الظالمين ، وتبيّن عواقبَه الوخيمة، ومصائبه العميمة، وأنّه مبيد النعم، ومعيد البلايا.."؟؟ و يأتي كلام المعترض في سياق الإنكار على الحكام و الولاة الظلمَة الجائرين، و في وجوبِ الثورة على الأنظمة الحاكمة و الانتصار للثائرين..
و ليس خطأ ما جاء في جواب المعترض، فنصوص الوحيين تحثُّ على النهي عن المنكر و على التصدي للظلم و التحذير من عواقبه..لكن النهي جاء عن الظلم عموما والمقترَف من الطرفين:الحاكم و المحكوم!! و هذا بيّن جلي من الآيات و الأحاديث، و من منّا لم يظلم نفسَه أو غيره!؟, و لا شكّ أن الإنكار يشتد على الظلم إذا أدى لانتشاره في المجتمع، و لكن كلّ بحسَب استطاعته مَنْ رأَى منكم منكَرًا فليُغَيِّرْهُ بيَدِه فإنْ لم يستَطِعْ فبلِسَانِه فإِنْ لم يستَطِعْ فبقَلبه وذلك أضعَفُ الإيمان)، ثم ليس كل أحد يسعه الإنكار كما يحلو له بالطريقة التي يرتضيها، و إلا لكانت الفوضى، فالجهة المخوّل لها الإنكار بوسائل رادعة زاجرة هي الجهة الحاكمة قطعا، فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن!..فيعترض آخر: "و لكن هاهنا المشكل، و هاهنا الداء!! فهذه السلطة الحاكمة هي أشدّ الناس إتيانا للظلم و أكثرهاجراءة عليه!! و من ثَمّ وجب الإنكار على هذه الجهة المتسلطة على رقاب الناس و الخروج عليها بالوسائل المتاحة للتخلص من ظلمها و جورها..!!"
و ينتج عن السؤال المطروح عندئذ ما يلي: هل للمسلم العامي الإنكار على الجهة الحاكمة؟ وهل يجب على أيّ فرد من العوام التصدي لولاة الأمور و الإنكار عليهم؟وهل يجب تغيير ظلم السلطة الحاكمة و إزالته بأيّ وسيلة كانت؟ أم أنّ ثمّة توجيهات شرعية حيال ظلم الولاة و الحكام!؟
و كنتيجة لتلك التساؤلات المطروحة،فقد اختلفَ الناسُ و انقسموا إلى فريقين: فريق يبدو أنه يمثل الجماهيرَ الغفيرة، يرى وجوبَ التصدي للحاكم الظالم بالوسائل المتاحة سلميّة كانت أو عنيفة، وآخر يمثل الفئة القليلة في المجتمع يقف بضِدّ الفريق الأول في تصوراته و اعتقاداته و سلوكياته التعاملية مع الحاكم..هذا الفريق الثاني لا يرى مواجهة الحاكم أو منازعته و الخروج عليه تبعا لذلك، بل يرى الصبرَ على ظلم و جور الولاة، بل و الدعاءَ لهم!..
و عندئذ يحق لنا أن نتساءل:أيّ الفريقَين أقربُ إلى الشرع....(*)؟
و لأننا مؤمنون، فقد أُمِرنا بالرجوع إلى كتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم عند التنازع والاختلاف، فالمسألة ليست فوضى أو تحكيما للرأي و الهوى كما هو الشأن مع غير المؤمن، فقد خاطبنا ربُّنا بقوله:"فإنْ تنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فردُّوهُ إلى اللهِ والرسولِ إنْ كنتُمْ تؤمِنُونَ بالله واليومِ الآخِر ذلك خيرٌ و أحسنُ تَأوِيلا"(1)(59 النساء)،واللافت للانتباه أنّ قبلها قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنُوا أطِيعُوا اللهَ وأطيعُوا الرسولَ وأُوِلي الأمرِ منكُم". لنرى من خلالها جوابَ الإشكال المطروح إن شاء الله مع عرض أقوال أهل العلم.
• النصوص الشرعية الآمرة بطاعةِ الولاة في غير معصية و بالصّبرِ على جورهم و ظلمهم:
- قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ..( 59).
تفسير الطبري رحمه الله لقوله تعالى:"إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ"..وأَوْلَى هذه الأقوال بالصّوابِ في ذلك عندي، قولُ من قال: هو خطابٌ من الله ولاةَ أمور المسلمين بأداءِ الأمانة إلى من وَلُوا أمره في فيئهم وحقوقهم، وما ائتُمِنُوا عليه من أمورِهم، بالعدل بينهم في القضية، والقَسْم بينهم بالسوية. يدُلُّ على ذلك ما وَعظ به الرعية في:"أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ "، فأمرهم بطاعتهم، وأوصى الرّاعي بالرعية، وأوصى الرعية بالطاعة..) إلى أنْ قال رحمه اللهفتأويل الآية إذًا -إذ كان الأمر على ما وصفنا-: إنّ الله يأمركم، يا معشرَ ولاة أمور المسلمين، أنْ تؤدُّوا ما ائتمنتكم عليه رعيّتُكم من فَيْئهم وحقوقِهم وأموالهِم وصدقاتهم إليهم، على ما أمرَكم اللهُ بأداء كل شيء من ذلك إلى من هو له، بعد أن تصير في أيديكم، لا تظلموها أهلها، ولا تستأثروا بشيء منها، ولا تضعوا شيئًا منها في غير موضعه، ولا تأخذوها إلا ممن أذن الله لكم بأخذها منه قبل أن تصيرَ في أيديكم- ويأمركم إذا حكمتم بين رعيتكم أن تحكموا بينهم بالعدل والإنصاف، وذلك حكمُ الله الذي أنـزله في كتابه، وبيّنه على لسان رسوله، لا تعدُوا ذلك فتجورُوا عليهم..).
قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُم": قال الطبري..وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب، قول من قال: هم الأمراء والولاة لصحّةِ الأخبار عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالأمرِ بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعةً، وللمسلمين مصلحةً..)
و قال السعدي رحمه الله:"..ثم أمرَ بطاعتِه وطاعة رسولِه وذلك بامتثالِ أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما. وأمرَ بطاعةِ أولي الأمر وهم:الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما عنده، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.."
- و لعلّ سائلا يسأل بعد عرض قول إمام المفسرين و يطرح إشكالا:" و لكن الله قد أمر الولاة و الحكام بالعدل بين الرعية، فلا طاعة لهم إذا لم يعدلوا و لا صبر لنا على جورهم، فالطبري نفسه قال هذا:"إنّ الله يأمركم، يا معشرَ ولاة أمور المسلمين، أنْ تؤدُّوا ما ائتمنتكم عليه رعيّتُكم من فَيْئهم وحقوقِهم وأموالهِم وصدقاتهم إليهم، على ما أمرَكم اللهُ بأداء كل شيء من ذلك إلى من هو له، بعد أن تصير في أيديكم، لا تظلموها أهلها، ولا تستأثروا بشيء منها، ولا تضعوا شيئًا منها في غير موضعه.."
و ايضاح الإشكال يأتي في تتمة قول الطبري:"..لصحّةِ الأخبار عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالأمرِ بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعة..)، فلا تعارض و لا تناقض في المسألة، فاللهُ أمرَ الحاكمَ بالعدل في رعيته، وأمرَ المحكوم بطاعة الحاكم ما لم يكن معصية..فهل عدم طاعة الحاكم-إذا أمر بمعصية- تعني الخروجَ عليه و الدعوة إلى مواجهته و خلعه..؟؟
لنرى بعض الأحاديث التي أشار إليها الإمام الطبري :
* في صحيح البخاري: عن عبد الله بن مسعود: "ستكون أثرة وأمور تنكرونها. قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: تؤدون الحقَّ الذي عليكم، وتسألون اللهَ الذي لكم."
* في صحيح البخاري: حديث عبادة بن الصامت، قال:" بايعنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على السّمعِ والطاعة في العُسر واليُسر، والمنشط والمَكْره، وعلى أثَرةٍ علينا، وعلى ألا ننازعَ الأمرَ أهلَه، إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم من الله فيه برهان".
* في صحيح مسلم:"إنه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: يا رسولَ الله ألا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا ".
* في صحيح مسلم: عن عوف بن مالك:"خيار أئمتِكم الذين تحبُّونهم ويحبُّونكم، و تُصلّون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم و يبغضونكم و تلعنونهم و يلعنونكم", فقلنا: يا رسول الله،أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك ؟ قال:"لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألاَ من ولى عليه والٍ، فرآه يأتي شيئًا من معصيةِ الله ، فليكرهْ ما يأتي من معصيةِ الله، و لا ينزعنَّ يدًا من طاعة".
* في الحديث الصحيح، عن علقمة بن وائل عن أبيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:"إنْ كان علينا أمراء يعملون بغير طاعة الله فقال: عليهم ما حُمّلوا وعليكم ما حُمِّلتم."(الصحيحة 1987)
* في صحيح مسلم:حديث حذيفة بن اليمان:"قلتُ : يا رسولَ الله، إنا كنا بشَرٍّ، فجاء الله بخير. فنحن فيه. فهل من وراءِ هذا الخير شرّ ؟ قال:"نعم" قلتُ:هل من وراء ذلك الشر خير؟ قال:"نعم" قلتُ: فهل من وراءِ ذلك الخير شر؟ قال:" نعم" قلتُ: كيف؟ قال:"يكون بعدي أئمّة لا يهتدون بهداي، ولا يستنُون بسنّتي.وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس" قال قلت: كيف أصنع يا رسول الله إنْ أدركتُ ذلك؟ّ قال:"تسمع وتطيع للأمير، و إنْ ضربَ ظهرَكَ و أخذَ مالك، فاسمَعْ وأطِعْ."
* في صحيح مسلم: عن عبد الله ين مسعود:"إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها. قالوا: يا رسولَ الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال:: تؤدّون الحق الذي عليكم و تسألون اللهَ الذي لكم".
قال ابن تيمية تعليقا على الحديث:"فهذا أمْرٌ بالطاعة، مع استئثار وليّ الأمر، وذلك ظلمٌ منه، ونهيٌ عن منازعةِ الأمر أهله، وذلك نهيٌ عن الخروج عليه.."(منهاج السنة (2/88)
و قال النووي رحمه الله:"فيه الحثُّ على السمع والطاعة، وإن كان المتولي ظالماً عسوفاً؛ فيُعطَى حقَّه من الطاعة، ولا يُخرج عليه، ولا يُخلع، بل يُتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه، ودفع شرّه، وإصلاحه.."(شرح النووي على مسلم (12/232)
و قال أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية:"...فقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنّ الأمراء يظلمون ويفعلون أموراً منكرة، ومع هذا فأمرنا أن نؤتيهم الحقَّ الذي لهم، ونسأل اللهَ الحقََّ الذي لنا، ولم يأذن في أخذِ الحق بالقتال، ولم يرخِّص في تركِ الحق الذي لهم.." .(منهاج السنة النبوية.ص 3/392)
...و مما سبق من النصوص، تبيّن لنا الجواب إن شاء الله، والذي قرّره علماء أهل السنة و الجماعة و يمثّل عقيدةَ السلف رحمهم الله التي أبانَ عنها الإمامُ أبو جعفر الطحاوي في عقيدته السلفية:"و لا نرى الخروجَ على أئمتِنا و ولاةِ أمورنا و إنْ جاروا، و لا ندعو عليهم، و لا ننزَع يدًا من طاعتهم، و نرى طاعتَهم من طاعةِ الله عز و جل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعُو لهم بالصلاح و المعافاة". (2)
و قال الإمام النووي:"وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرامٌ بإجماع المسلمين وإن كانُوا فَسَقة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث على ما ذكرتُه وأجمع أهلُ السنة أنه لا ينعزِل السلطان بالفسق..) شرح النووى 12/229
و قال الشوكانى رحمه الله: "ولكنه ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أنْ يناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد ، بل كما ورد في الحديث : أن يأخذ بيده ويَخْلُ به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله وقد قدمنا في أول كتاب السير أنه لا يجوز الخروج على الأئمة ,وان بلغوا فى الظلم أى مبلغ ما أقاموا الصلاة ولم يظهر منهم الكفر البواح ,والأحاديت الواردة فى هذا المعنى متواترة,." (السيل الجرار.4/556)
و قال ابن حجر رحمه الله: (..قال ابن بطال : "وفى الحديث حجّة على تركِ الخروجِ على السلطان ولو جارَ و قد أجمع الفقهاءُ على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خيرٌ من الخروج عليه لما فى ذلك من حقنِ الدماء وتسكينِ الدهماء، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث.."(فتح البارى.13/7)
و قال الشوكاني في نيل الأوطار:" وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظّلمة ومنابذتهِم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسُّنة في وجوبِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ولا شك ولا ريب أنّ الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب وذكرناها أخصُّ من تلك العمومات مطلقا, وهي متوافرة المعنى كما يعرف ذلك من له أنسة بعِلْمِ السُّنة..ّ(كتاب الحدود » باب الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والكف عن إقامة السيف: ج 7 - ص 361 – 362)
.........
تلك هي النصوص الشرعية الصريحة الصحيحة في هذه المسألة مع بيان أقوال الأئمة الأعلام، و الأكيد أنها تعضّد للموقف السلفي الذي تصفه جهات هنا و هناك بالانهزامية و السلبية في التعامل مع الولاة و الحكام الظلمة، و هيهات ثم هيهات أن يكون السّلف رحمهم الله جبناء أو مِمّن انحاز إلى الظالمين، بل هم أشجع الناس و أقدرهم على قتال و على تأليب الناس عليهم، كيف لا؟ و هذا الفعل من أيسرِها على النفس البشرية إذ هو من لوازم طبعها، فمعلوم أنّ النفس البشرية لا تصبر على الظلم و تثور على من سلبها حقّها..
• لهذا أمرت النُّصوص بالصَّبر على أذى الولاة و جُورِهم...!! :
ثمة تساؤل قد يجول في الخاطر: لماذا كثرة النصوص الآمرة بالصبر على ظلم الولاة..؟؟ و الجواب :إذا أدرك العبدُ بعض الغايات و المنافع من وراء الأوامر و النواهي و التشريع الإسلامي عموما، و مراعاتها للضوابط و الملابسات، و تقديرها للمصالح و المفاسد علمَ قطعا أنْ لا مصلحة محقَّقَة إلا في ظلّ شريعتنا الغراء، فمن القواعد و الأصول الفقهية العامة:"درء المفسدة مقدَّم على جلبِ المصلحة"، وأيضا "وجوب سدّ الذرائع المفضية للفساد"، كلّ هذا معتبَر في الشرع الذي جاء بتحقيق الكليات الخمس: (الدين، النفس، المال، العرض، العقل)، فلا يأمر شرعُ ربّنا بما فيه أو مآله الفساد(3)، فإنّ أوامر الرب تدور بين الحكمة و المصلحة و الرحمة، و إذا نظرنا إلى النتائج و عواقب وراء الخروج على الحاكم، علمنا يقينا أنّ الشريعة منزَّهة عن التوجيهات و الدعوات الحاثة على تأليب العامة على السّلطان، فضلا عن كثرة النصوص الصحيحة في هذا الباب.
فالعاقل يعتبر بالواقع، و السعيد من اتّعظ بغيره، و قد رأينا و علمنا واقعًا ومعاينة فظاعةَ عواقب الخروج، و التي لخّصها شارح الطحاوية ابن ابي العز بقوله:"..وأمّا لزوم طاعتهم وإن جاروا؛ فلأنه يترتب على الخروج عن طاعتهم من المفاسد أضعافُ ما يحصل من جورهم"، و قال :"بل في الصبر على جورهم تكفيرُ السيئات ومضاعفة الجور؛ فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار، والتوبة، وإصلاح العمل.." و أيمُ الله قد صدق الإمام: "فما سلّطهم الله علينا إلا لفسادِ أعمالنا ! و كما قال مرشدُ الإخوان قولته الرائعة:"أقيموا دولةَ الإسلام في قلوبكم تَقُمْ لكم على أرضِكم"، فإذا كان ابن ابي العز رحمه الله قال:"ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا"، فما عسانا نقول نحن؟ فإلى الله المشتكى من حالنا الذي انحرفت فيه القيم، و ابتعد الناس عن تحكيم شرعِ ربّهم في أنفسهم، ومن انتشارٍ رهيب لمظاهر الشرك االذي هو أعظمُ الظلم لأنه حق الله!، حتى كاد يغيب معنى العبودية لدى الجماهير الغفيرة، و استفحل الظلم و الخداع و الغش و السرقة في المجتمع بشكل رهيب... ألسنا نشكو من كل هذا,,؟ والله المستعان.
• من وحي الواقع ....!! :
لم ينقضِ عجبي وأنا أقرأ ردّ أحدِهم على مفتي السعودية آل الشيخ-الذي حذّر من الفتنة والفساد على خلفية الأحداث التي شهدتها تونس و مصر و ما تزال تندلع هنا و هناك-، و من بين ما جاء في ردّه على مفتي الديار السعودية:"...و إنّ هذه النهضة المباركة قد عصفت رياحها، ولن يقـف في وجهها شيء بإذن الله تعالى .وإنـَّه لمن الأذى العظيم لهذه الشعب المصري الكريم _بل هو أذى للأمة بأسرها_ أنْ يقِفَ علماءُ الشريعة ضدَّهم، فيوصف سعيُهم للخلاصِ من الظّلم بأنه فتنة و فساد!! وأن يُستهان بدماِء شهدائهم ، وبتضحياتهم العظيمة التي يقدّمونها لنهضة الأمة، وليس لمصر وحدها.." فليت شعري أيّ نهضة هذه مباركة مقدّمة للأمة؟؟ و أيّ نفع كبير يُرجى من تلك الأحداث!؟ فليس معنى إنكار علماء االشريعة لتلك الأحداث يعني أنهم ضد الشعوب و أنهم راكنون إلى جور الحكام، أبدا ليس الأمر كذلك، فصِدْقًا ما قالوه عن الفتنة و الفساد!، و ليسوا بدعا في هذا، بل و سبقهم إليه علماءُ السنة،و علّمهم إياه حوادث التاريخ، فليس ينتج من تأليب العوام على الحكام الظلمة إلا القلاقِل والفتن والتطاحنُ والشرور..و قد جاء في ردّك "وإنّ هذه النهضة المباركة قد عصفت رياحها، ولن يقف في وجهها شيء"، و لهذا السبب جاءت النصوص ناهية عن مثل هذه الثورات و الانتفاضات، لأنها إذا اندلعت فليس يقف في وجهها شيء!!، و الأمر يؤول حينها إلى ما قال ربُّنا:"واتقُوا فتنةً لا تصيبَنَّ الذين ظَلمُوا منكم خاصة"..و ما زلنا إلى حدّ كتابة هذه الأسطر نسمع عن اندلاع مقدّماتها في اليمن و قبلها الدعوة إلى مثلها في الجزائر..فأقول هاهنا كلمة أختم بها الموضوع، و الله على ما أقول شهيد:
قد عشنا تجربة مريرة في بلدنا الحبيب، كانت مقدّماتها و شرارة اندلاعها: هذا الذي رأيناه في مصر و غيرها:مظاهرات و اعتصامات في الساحات العمومية الكبرى مطالبة بتغيير قانون الانتخاب،تحولت إلى انزلاقات خطيرة، دخلت البلاد إثرها في مواجهات دامية، أدّت إلى فوضى عارمة من تقتيل واغتيالات و تصفيات جسدية، ثم الانفجارات و الاشتباكات التي عايناها في ليال حالكات,,فوضى و انفلات أمني عجيب و هتك للأعراض و تدمير للبنى التحتية,,,عشنا ليالي لا تُنسى ما حيينا، كانت شديدة على أعصابنا و أرواحنا: خوف و رعب كبيرَين بالليل خاصة,,كنا نرى استحالة انقشاع الفتنة التي عشناها: انعدام الثقة بين الناس، و توجسهم خشية من أي شيء، و المراقبات الليلية في سطوح المنازل، و الاعتقالات و المطاردات و المداهمات..كان دموعنا و دعاءنا سلاحنا الوحيد في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الجزائر...كانت النتيجة: أرامل و يتامى و ثكالى، و مئات أو آلاف الشباب الأبرياء قُتلوا غدرا و بغير وجه حق,,,,شباب من الحي ما أزال أذكرهم، طيّب لم يجرم شيئا، اغتيلوا بسبب فكر بعض الشباب المغرّر بهم الناقم على جنود النظام! فماذا جنينا من كل تلك الأحداث الأليمة يا ترى؟؟ أتغيّرَ الحاكم!؟ و ليكن ذلك، ماذا تحقّق للبلد من النهضة و التقدم!!؟؟ سوى بعض الحرية الاعلامية غير النافعة في كثير من الأحيان..و بضدّ من ذلك عرفت الدعوة تقهقرا و تراجعا و ضُيِّق الخناق على الشباب الملتزم ومُنع الكثير من الأئمة من دروسهم و حوصرت المساجد ..
لسنا بحاجة إلى من يدعونا إلى مثل هذه "النهضة"، فقد عايناها و خبرنا عواقبها، و أسأل اللهَ العظيم رب العرش العظيم ألا يرينا ما رأيناه قبل سنوات خلت، و أن يحفظَ سائر بلاد المسلمين من مخططات الغرب و اليهود، فإنّ لها يدا طويلة في كل ما يحدث في أمّتنا رأينا هذا أو لم نره,,
ختاما: أخرج الخلال بسنَد صحيح، عن أبي الحارث الصائغ قال:سألتُ أبا عبد الله في أمرٍ كان حدثَ ببغداد، وهَمَّ قومٌ بالخروج، فقلتُ:يا أبا عبد الله، ما تقولُ في الخروج مع هؤلاء القوم؟.
فأنْكَرَ ذلك عليهم، وجعلَ يقولُسبحان الله! الدّماء الدّماء!، لا أرى ذلك، ولا آمُرُ به.الصّبرُ على ما نحنُ فيه خيرٌ من الفِتنة يُسفَكُ فيها الدّماء، ويُستباح فيها الأموال، ويُنتهك فيها المحارم. أمَا علِمْتَ ما كان الناسُ فيه- يعني:أيام الفتنة-؟ قلتُ: والناسُ اليوم، أليس هم في فتنةٍ يا أبا عبد الله؟, قال:"وإنْ كان!، فإنّما هي فِتنَةٌ خاصَّةٌ، فإذا وَقَعَ السَّيفُ، عَمَّتِ الفِتنَةُ، وانقَطَعَتِ السُّبُلُ، الصَّبرُ على هذا ويَسلَمُ لك دِينُكَ خيرٌ لك". ورأيتُه ينكر الخروجَ على الأئمة، وقالالدماء! لا أرى ذلك، ولا آمر به".(كتاب السُّنَّةِ،ح98)
-------------------------
(*) سؤال طرحه أحدُ الإخوان..
[size=18][size=18][size=18](1)القول في تأويل قوله:" فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" :
قال أبو جعفر: يعني بذلك- جل ثناؤه- : فإن اختلفتم - أيها المؤمنون - في شيء من أمر دينكم أنتم فيما بينكم ، أو أنتم وولاة أمركم ، فاشتجرتم فيه " فردوه إلى الله " يعني بذلك : فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي اشتجرتم أنتم بينكم ، أو أنتم وأولو أمركم فيه من عند الله ، يعني بذلك : من كتاب الله ، فاتبعوا ما وجدتم . وأما قوله : " والرسول " فإنه يقول : فإن لم تجدوا إلى علم ذلك في كتاب الله سبيلا فارتادوا معرفة ذلك - أيضا - من عند الرسول إن كان حيا ، وإن كان ميتا فمن سنته ، " إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " يقول : افعلوا ذلك إن كنتم تصدقون بالله واليوم الآخر ، يعني : بالمعاد الذي فيه الثواب والعقاب ، فإنكم إن فعلتم ما أمرتم به من ذلك فلكم من الله الجزيل من الثواب ، وإن لم تفعلوا ذلك فلكم الأليم من العقاب .
(2)شرح العقيدة الطحاوية لأبي العز الدمشقي.(ص295)– ضبطه و علق عليه د.محمد محمد تامر. نسخة محققة عليها تعليقات الشيخ الألباني و ابن عثيمين
(3) قال ابن تيمية رحمه الله:" ففي الجملة أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان كما قال تعالىفاتقوا الله ما استطعتم)، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إذا أمرتكم بأمرٍ فأتُوا منه ما استطعتُم" ويعلمون أنَّ الله تعالى بعثَ محمدًا صلى الله عليه وسلم بصلاحِ العباد في المعاش والمعاد وأنه أمرَ بالصّلاح و نهى عن الفساد، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجّحُوا الراجحَ منهما، فإذا كان صلاحُه أكثرَ من فسادِه رجّحُوا فعلَه، و إنْ كان فساده أكثرَ من صلاحه رجَّحُوا تركَه.
فإنَّ الله تعالى بعثَ رسولَه صلى الله عليه وسلم بتحصيلِ المصالح وتكميلِها وتعطيلِ المفاسد وتقليلها، فإذا تولّى خليفةٌ من الخلفاء "كيزيد" و"عبد الملك" و"المنصور"وغيرهم ؛ فإمّا أن يُقال يجب منعه من الولاية وقتالِه حتى يُولَّى غيرُه كما يفعله من يرى السيفَ، فهذا رأيٌ فاسد؛ فإنّ مفسدةَ هذا أعظمُ من مصلحته، وقَلَّ من خرجَ على إمامٍ ذي سلطان إلا كان ما تولّدَ على فعله من الشر أعظمَ مما تولَّدَ من الخير، كالذين خرجُوا على "يزيد" بالمدينة و"كابن الأشعث" الذي خرجَ على "عبد الملك" بالعراق و"كابن المهلب" الذي خرجَ على ابنِه بخراسان، و"كأبي مسلم" صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان أيضا، وكالذين خَرَجُوا على "المنصور" بالمدينة والبصرة وأمثال هؤلاء. وغاية هؤلاء إمّا أن يُغلَبوا و إما أنْ يَغلِبوا ثم يزول ملكُهم، فلا يكون لهم عاقبة، فإنّ "عبد الله بن علي" و"أبا مسلم" هما اللذان قتلا خلقًا كثيرا وكلاهما قتله "أبو جعفر المنصور"، و أما أهل الحرة و"ابن الأشعث" و"ابن المهلب" و غيرهم فهُزموا وُهزم أصحابهم فلا أقاموا دينًا ولا أبقَوْا دينًا، و اللهُ تعالى لا يأمرُ بأمرٍ لا يحصُل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا..
منقول