عادت الخلافات الداخلية تغزو الأحزاب السياسية التي كانت تتهم أجهزة الأمن
في النظام السابق بإثارة الخلافات بين أعضاء الحزب وقياداته لإضعاف الحياة
السياسية، وفيما يعتبر انشقاقا يهدد الحزب الناصري، اختار المؤتمر العام
للحزب سامح عاشور، النائب الأول لرئيس الحزب، لمنصب رئيس الحزب بالتزكية،
وقرر فصل الأمين العام أحمد حسن وأمين التنظيم السابق محسن عطية من الحزب
نهائيا لاتهامهما بأنهما ضد الثورة وخالفا قواعد الحزب.
وبينما أرسل حسن إخطارا للجنة شؤون الأحزاب يطالب فيه بمنع عاشور من التصرف
في أموال الحزب ويتهم اجتماع مؤتمره العام وقراراته بالبطلان، اعتبر
الدكتور محمد أبو العلا، نائب رئيس الحزب، أنه الأحق برئاسة الحزب، طبقا
للائحة الداخلية، باعتباره أقدم نواب رئيس الحزب، معتبرا أن قرار المكتب
السياسي هو تأجيل المؤتمر العام إلى ديسمبر (كانون الأول) المقبل لانتخاب
لجان الحزب في المحافظات التي يتكون منها المؤتمر العام، وقال: «ما قام به
عاشور من عقده لما يسمى مؤتمرا عاما غير حقيقي ويتنافى مع قرارات الحزب».
وعقد عاشور، وهو نقيب المحامين الأسبق، ويقود ما يسمى تيار الإصلاح في
الحزب منذ 2006، مؤتمرا عاما للحزب حضره 321 ممن لهم حق عضوية المؤتمر
العام، أعلى سلطة في الحزب، من أصل 519 عضوا ممثلين للجان المحافظات
وأمانات الحزب ومكتبه السياسي واللجان النوعية والوحدات القاعدية، وغاب عن
المؤتمر العام فريق أحمد حسن، الأمين العام الذي اتخذ المؤتمر قرارا بفصله
من الحزب ومن مسؤوليته عن جريدة «العربي الناصري»، الناطقة بلسان الحزب.
كما قرر الحزب تعديل اللائحة الداخلية بما يعطي الفرصة للشباب الذين تقل
أعمارهم عن 35 عاما بنسبة لا تقل عن 20% في كل المستويات التنظيمية للحزب،
وهو ما يضمن التمثيل الحقيقي للشباب، حسب وصف المؤتمر، تمهيدا لقيادتهم
للحزب، تماشيا مع روح ثورة «25 يناير»، وكذلك عدم جواز إعادة انتخاب رئيس
الحزب أو نائب الرئيس أو الأمين العام أو الأمين العام المركزي إلا لمرة
واحدة تالية، إعمالا لمبدأ تداول السلطة، وترسيخا للديمقراطية داخل الحزب.
واعتبر عاشور أن محاولات التشكيك في المؤتمر العام من جانب حسن وفريقه ما
هي إلا محاولة لإفساد وتخريب الحزب قبل خروج حسن إلى حزب جديد، وقال عاشور
إنه تابع لرجال أعمال، ولديه معلومات عن ذلك، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه
ليست المرة الأولى.. لماذا يخافون من المؤتمر العام ومن الاستماع للأعضاء
أصحاب الحزب؟ أحمد حسن حاول أن يساومني على بقائه مسؤولا عن جريدة الحزب
بعد موافقة أعضاء المكتب السياسي على موعد المؤتمر العام ودفع محمد أبو
العلا ليتصدر الواجهة وكأن هناك نزاعا على السلطة، وهذا غير حقيقي».
من جانبه، قال أحمد حسن لـ«الشرق الأوسط»: «إن اجتماع عاشور باطل، وكل ما
تم فيه من قرارات غير قانوني، وأخطرنا لجنة شؤون الأحزاب والقضاء، وسنطهر
الحزب من عاشور وأمثاله، ولن نترك الحزب لأهواء شخصية، وتاريخنا يثبت من له
مطامع شخصية ويبحث عن مصالحه».
كان الصحافي عبد الله السناوي، رئيس تحرير جريدة «العربي الناصري»، قد أرسل
استقالته، قبل أيام، إلى الحزب الناصري ومجلس إدارة الجريدة، أنهى فيها
علاقته بالجريدة، مرجعا الأمر إلى الأزمات الحزبية المتجددة التي يمر بها
الحزب وتتسبب في تعطيل الجريدة وقدرتها على الحياة، بحسب نص الخطاب،
مستشهدا بتأخير طباعة الجريدة الأسبوع قبل الماضي وعدم خروجها نهائيا
الأسبوع الماضي، واعتبر ذلك يحوي دلالات وإشارات خطيرة، لافتا إلى أنه تقدم
باستقالته في ديسمبر الماضي، قائلا في خطابه: «لم يكن من المقبول أن تغيب
(العربي) عن إعصار التغيير، وهى أول صوت ارتفع في مصر ضد توريث الحكم منذ
يونيو (حزيران) 2000، وأول من كسر حاجز الخوف وانتقد الرئيس السابق والحكم
العائلي في حملة طويلة وممتدة».
والحزب الناصري تأسس كتعبير عن تيار كبير في الشارع المصري يؤمن بالرئيس
الراحل جمال عبد الناصر عام 1992 على يد ضياء الدين داود، وزير الشؤون
الاجتماعية في عهد عبد الناصر، الذي توفي في 6 أبريل (نيسان) الحالي بسبب
المرض. وكان، قبل وفاته بشهور، قد فوض نائبه الأول سامح عاشور بتوكيل رسمي
بتولي شؤون رئاسة الحزب لمرضه الشديد وتغيبه عن إدارة الحزب ومقره منذ
بداية 2006. وقرر المؤتمر العام للحزب تفويض عاشور في اختيار وتعيين رئيس
تحرير للجريدة بعد أن استقال الصحافي عبد الله السناوي من رئاسة التحرير.
ولم تظهر جريدة «العربي» الأسبوعية، الناطقة بلسان الحزب، هذا الأسبوع بسبب
تضارب القرارات والمسؤولية بعد استقالة السناوي واختيار الأمين العام،
بوصفه مشرفا على مجلس إدارة الجريدة، لماجدي البسيوني، أحد الصحافيين
بالجريدة، إلا أن عاشور والمؤتمر العام رفضا هذا واعتبراه غير قانوني.
كما قرر المشاركون في المؤتمر العام توحيد التيارات الناصرية المشكلة من 6
كيانات، منها: الحزب العربي الديمقراطي الناصري، حزب الوفاق القومي،
المؤتمر العام الناصري، حزب الكرامة تحت التأسيس، اللجنة العربية لتخليد
القائد جمال عبد الناصر في كيان واحد يجمع الناصريين كلهم، ومن المقرر
تشكيل لجنة لاختيار اسم الكيان أو الحزب الذي يجمع الناصريين كلهم، وكذلك
البرنامج، لتشكل منه لجنة للإشراف على انتخابات هذا الكيان.