الوزارة في رأيي تستحق الشفقة والدعم لأسباب يعرفها الجميع، ولا داعي
للإسهاب فيها، ولكن ما حدث الاسبوع الماضي في زيارة الدكتور عصام شرف
الخليجية يستحق وقفة، ولا أبالغ إذا قلت إنني اشعر بالإهانة من هذه
الزيارة، ولدي اسباب عديدة لهذا الشعور. الزيارة من بدايتها زيارة مريبة في
توقيتها والاصرار عليها.. فرئيس الوزراء ترك الدنيا في مصر خربانة، وأحداث
قنا مشتعلة وذهب إلي السعودية متهللاً.. والحقيقة أن شرف بهذا الوضع ذكرنا
بنظام مبارك البائد الذي قضي ثلاثين عاماً لا يقيم وزناً لمعاناة
المصريين، وجعل قبلته دائما دول الخليج. لا أريد أن أقسو علي الدكتور شرف
وأقول إن زيارته للخليج زيارة شحاتة خصمت كثيراً من رصيده، ومن شعورنا
كمصريين بالعزة بعد الثورة، وإذا كنت مخطئاً في ظني فبماذا يفسر رئيس وزراء
مصر تجاهل أمير قطر له، وقيامه بزيارة أوروبية قبل وصول شرف إلي الدوحة
تاركاً مهمة استقباله لولده الأمير تميم.. هل هذه هي مصر الكبيرة يا دكتور
شرف.. مصر الثورة يا رئيس وزراء الثورة أكبر من تميم ووالده الأمير. >
لا يمكن فصل زيارة الدكتور شرف عن سياق كامل يؤكد أن هناك شيئاً يدار بليل
لإفشال محاكمة مبارك خاصة من السعودية تؤكده المعلومات التي تتحدث عن اتفاق
يقوده الأمير الوليد بن طلال، وتسعي فيه سوزان مبارك يتمثل في رد بعض
الأموال التي نهبها مبارك «يعني كام مليار» في مقابل عدم محاكمته. ونقطة
الخلاف كما تشير المعلومات المتوفرة في مسألة هل العفو سيشمله بشخصه ومعه
سوزان أم باقي أسرته «علاء وجمال وزوجتيهما». العرض سخي وبجانب شوية
المليارات تعهد الوليد بن طلال من جديد للدكتور عصام شرف ببناء «500» ألف
وحدة سكنية في مصر وتوفير 100 الف فرصة عمل بدون أن تتكلف الحكومة المصرية
شيئاً. وكما اتفقنا فإن الزيارة والعرض في سياق واحد فإن ضلعاً ثالثاً
يكمل تلك الصورة مر مرور الكرام ولم يلتفت اليه أحد. فقبل زيارة الدكتور
عصام شرف تسربت أنباء عن إنهاء دولة الامارات لعقود وإقامات المصريين
بالإمارات ولم يلتفت أحد لسر هذا التحول في سياسة الامارات تجاه مصر.
والحقيقة أن السبب في ذلك هو شراكة نائب إمارة رأس الخيمة في شركة بالم
هيلز التي يمتلكها "حما" جمال مبارك محمود الجمال بـ 3 مليارات درهم،
والقرار الإماراتي ليس الا وسيلة ضغط علي مصر لوقف المحاكمات التي تتم
حالياً، وإبعاد بالم هيلز عن الصورة. كل هذه الأمور تتم حالياً، والحقيقة
أن الحكومة المصرية لم تعط كلمة في العرض، ولم تخضع للضغوط حتي اللحظة، وإن
كانت زيارة شرف قد ألقت جحراً ثقيلاً، وكشفت عن تودد ليس هذا وقته لدول
مجلس التعاون الخليجي التي ارتبطت مع نظام مبارك بمصالح دفعتها إلي ممارسة
تلك الضغوط.. والسؤال المهم وسط كل ذلك هو لماذا جاء الموقف القطري
مغايراً، وعدم استقبال الأمير للدكتور عصام شرف؟.. الإجابة ببساطة لأن قطر
تسعي إلي بناء سياستها بعيداً عن هيمنة السعودية، وبالتأكيد فإنها غير
راضية عن تقارب مصر مع السعودية مرة اخري، وظهر هذا من تصريحات رئيس وزراء
قطر عندما وجد إصراراً من عصام شرف علي التأكيد علي أن أمن الخليج أمن قومي
لمصر وخط أحمر، وانتقاده الدائم لإيران.. فرد رئيس الوزراء القطري برد
فاجأ الجميع عندما قال إن إقامة علاقات مصرية مع إيران لا يمثل أي تهديد
لأمن الخليج.
ياسر شوري