حواراً نسبته لثلاثة من أعضاء المجلس العسكرى ، وقالت فيه إن "المجلس" حرص
على إجراء الانتخابات البرلمانية مبكرا لطمأنة الشعب المصرى من أن الجيش لا
يريد اعتلاء السلطة، وقالت الصحيفة إن أعضاء "المجلس" أبدوا حرصهم على
احترام كافة المعاهدات الدولية التى وقعت عليها مصر بما فيها معاهدة كامب
ديفيد مع إسرائيل ، وأن جماعة الإخوان قد تفوز بالأغلبية فى الانتخابات
المقبلة لكنها لن تستطيع تكرار ذلك فى المستقبل، وإلى النص الكامل للحوار..
واشنطن بوست: هل كانت القوات المسلحة على دراية بأن البلاد تتجه نحو المنحنى الذى سارت عليه قبل أحداث يناير؟
قادة الجيش: العشرة أعوام الأخيرة حملت بين طياتها مؤشرات تفيد بحدوث شىء ما، واعتقدنا أننا سنشهد تغييرا خلال عام 2011.
لطالما كان هناك ارتفاع فى مستوى البطالة،
وأسعار الغذاء، ثم كان هناك الفيس بوك، ما هى المؤشرات التى لم نلحظها
كمراقبين خارجيين تدل على حدوث أمر مماثل؟
كان الأمر يتعلق بتوريث السلطة إلى جمال مبارك، وانعدام العدالة
الاجتماعية، وتآكل الجزء الأكبر من الطبقة الوسطى، وهؤلاء الذين كانوا
يدركون ماذا يحدث كانوا القادة رفيعى المستوى، وليس بالضرورة القادة
المتوسطين أو المبتدئين.
بدأت المظاهرات فى 25 يناير، ونزلت القوات المسلحة إلى الشوارع فى 28
يناير، والتزمنا بالهدوء وبالمراقبة حتى 11 فبراير، يوم تنحى الرئيس
السابق، حسنى مبارك. وأخذنا فى اعتبارنا أنه عندما يفقد النظام الشرعية،
ينبغى علينا مساندة الشعب.
كان بإمكان القوات المسلحة دعم جانب الرئيس، بالتأكيد كانت هناك نقطة قررتم معها على أى جانب تقفون؟
بم أن النظام والشعب وحدة واحدة، فالجيش يقتصر دوره على تقديم الدعم (ولكن هذا يتغير) بمجرد شعورنا بوجود شقاق بين هاتين القوتين.
هل كانت الرتب العليا والصغرى فى الجيش موحدة بشأن الخطوات التى سيتخذها؟
بكل تأكيد
ألم يكن هناك قادة قدامى يدينون بالولاء لمبارك؟
فى بداية الأمر، وفرنا للمؤسسة الرئاسية الفرصة الكاملة لإدارة الأحداث،
وإن كانت قادرة على النجاح، لم يكن شىء ليحدث، وكنا سحبنا جميع قواتنا
وأعدناهم إلى ثكناتهم العسكرية، غير أننا لم نكن قادرين على الاستجابة
للأحداث، وفى 10 فبراير، زاد عدد المتظاهرين ووصل إلى الملايين فى شتى
أنحاء البلاد.
قوات الشرطة والأمن انهارت كليا فى 28 يناير، وعلى مدار عشرة أيام، كانت
البلاد فى حالة غليان، وهو الأمر الذى جعلنا نشعر بالقلق البالغ حيال
وقوعها فى حالة فوضى عارمة، ومع تنحى الرئيس مبارك من سدة الحكم، كلفت
القوات المسلحة المصرية بإدارة البلاد..والمهمة الأكثر قداسة بالنسبة
للمجلس العسكرى هى أن يسلم البلاد إلى سلطة مدنية يتم انتخابها بصورة
ديمقراطية وحرة ونزيهة.
لماذا قررتم إجراء الانتخابات البرلمانية بهذه السرعة بدلا من منح الأحزاب الجديدة الوقت للتأسيس والتأهب؟
أردنا أن نطمئن المصريين أن الجيش لا يطمح فى اعتلاء كرسى الرئاسة.
البعض يقول إن إجراء الانتخابات البرلمانية فى سبتمبر المقبل، سيصب فى مصلحة الإخوان المسلمين لأنهم منظمون جيدا
ربما يحصل الإخوان المسلمون على أغلبية فى الانتخابات، وإذا ما استلموا
مقاليد الحكم، لن يتم إعادة انتخابهم مرة أخرى، ففى الماضى كان الناس
يصوتون لصالح الإخوان فقط لمعارضة النظام...ونحن نبذل قصارى جهدنا حتى
يتسنى لنا الشروع فى عملية ديمقراطية، ولكننا نريد أن نجعلها أكثر نضجا
وقوة فى السنوات المقبلة.
هل أستطيع أن استنتج أن الجيش سيلعب دورا محوريا وراء الكواليس؟
غالبا عندما تندلع الثورات، يملك القائمون عليها القدرة والرؤية اللازمة،
ولكن فى حالتنا، يملك الجيش القدرة، ولكن الرؤية والأفكار تتسق من الشعب.
هذا من الممكن أن يكون ميزة وعيبا فى آن واحد..أليس كذلك؟
إحدى المشكلات التى نواجهها الآن تتمثل فى أن الأمر ليس متروكا كليا لنا
لإدارة البلاد، فنحن نضطر للاستجابة وإرضاء طموحات وآمال الشعب، أما
المشكلة الثانية فهى أننا لا نجد قيادة حقيقية من الشعب قادرة على الجلوس
إلى طاولة المفاوضات وعرض أفكارها ومناقشتها والتوصل إلى تسوية.
ألا يوجد أحد على الإطلاق؟
ما نتعامل معه الآن هو أفكار تقود، وليس شخصيات تقود، وهذه الأفكار تعرض
على شبكة الإنترنت والفيس بوك ...وإذا ما قوبلت بترحيب أعداد غفيرة من
المصريين، تجدهم جميعا فى الشارع صباح اليوم التالى..يطالبون بالاستجابة
للفكرة كمطلب لهم.
كيف تتعاملون مع شىء كهذا؟
هذه هى المشكلة، سقف المطالب لا ينتهى، ويمكننا أيضا أن نقول إن هذه
الأفكار...ليست عميقة بما يكفى لأن الشباب الذين يولدون هذه الأفكار ليس
لديهم الخبرة السياسية، وسأعطيك مثالا على ذلك، عندما نتحدث عن حدود رفح،
نتحدث عنها من وجهة نظر سياسية وأمنية والالتزامات الدولية التى نحترمها،
ورفح ستكون مفتوحة فى ظل ظروف معينة ووجود ضوابط.
الفلسطينيون يقولون على شبكة الانترنت إن غزة مغلقة كليا وعلى المصريين فتح
المعبر، فتجد هذا مطلبا شعبيا من المصريين فى اليوم التالى ، وهذا يمثل
ضغطا علينا، وبالطبع ينبغى علينا الاستجابة.
قال وزير خارجيتكم، نبيل العربى لى إن مصر ستقدم المساعدات لغزة..هل يتخذ الجيش مثل هذه القرارات؟
السلطة الآن فى أيدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية. المجلس مسئول
عن إدارة الدولة بأكملها خلال هذه المرحلة الانتقالية...وكانت هناك مطالب
بالإفراج عن جميع الأشخاص الذين اعتقلوا لأسباب سياسية أو غيرها، باستثناء
المجرمين.
هل اعتقلوا خلال المظاهرات أم قبلها؟
خلال الأعوام التى سبقت الثورة، (احتجزوا) لأسباب سياسية ودينية- باستثناء الأسباب الجنائية.
وماذا فعلتم بشأن هذا؟
أفرج عنهم، والآن هم يشكلون جزءا من المشكلة فى الشارع الآن.
هل تعتقدون أن توجه مصر الاستراتيجى نحو
إسرائيل سيتغير؟ فاستطلاعات الرأى تظهر أن أغلبية المصريين يفضلون التخلى
عن معاهدة السلام مع إسرائيل، كيف يرى الجيش هذا؟
مصر تحترم كليا التزاماتها، وهذا ينبغى أن يكون واضحا للغاية، فمعاهدة
السلام جزء من التزاماتنا وتعهداتنا، وليس من المعقول أن يتم محو 30 عاما
من العلاقات الطيبة مع الولايات المتحدة أو إلغاؤها.
هذا يأخذنا للحديث عن العلاقات المصرية الأمريكية...
هناك تعاون عسكرى قويا بين مصر والولايات المتحدة، فكان هناك تدريب مشترك
بين الجانين سنويا، حقيقة الأمر، أكبر برامج تدريبية فى العالم، ولقد حظينا
بعلاقات ثنائية رائعة مع الجانب الأمريكى ،والثورة أثبتت أن القوات
المسلحة المصرية تمثل محور الأمن داخل مصر.