روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    بحث في الشرط الجزائي - الجزء الثاني

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    بحث في الشرط الجزائي - الجزء الثاني Empty بحث في الشرط الجزائي - الجزء الثاني

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء مايو 31, 2011 8:17 am

    بحث في الشرط الجزائي - الجزء الثاني

    فرع ثان

    الشرط الجزائي في ميزان الشريعة الإسلامية

    أولاً- في فقه أهل السُنة والجماعة:

    ورد في الأثر، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... المسلمون على شروطهم، إلا شرط حرم حلالاً أو أحل حراماً". (رواه الترمذي).([1])

    فدل هذا الحديث على صحة جميع الشروط التي يبرمها المتعاقدون، ولا يُستثنى منها إلا ما حرم حلالاً، أو أحل حراماً.([2])

    وقد روى "البخاري" في صحيحه، في باب ما يجوز من الاشتراط وما لا يجوز، عن محمد بن سيرين أنه قال: "قال رجل لكريه (لناقله) رحل ركابك (أي شد على دوابك استعداداً للسفر)، فإن لم أرحل معك في يوم كذا وكذا، فلك مائتا درهم؛ فلم يخرج، فقال "شريح" القاضي: من شرط على نفسه طائعاً غير مُكره، فهو عليه".

    فهذا التابعي الجليل يحكم في هذه المسألة، وهي صريحة في أنها من أنواع الشروط الجزائية، بالصحة ووجوب النفاذ، فهي واضحة الدلالة على أنه إذا التزم أحد طرفي العقد عند التعاقد أن يدفع للطرف الآخر مقداراً مُعيناً من المال إن لم يقم بتنفيذ العقد، وكان صادراً عن رضاء واختيار، فإن التزامه يكون صحيحاً ويجب العمل بمُقتضاه.([3])

    فالأصل في الشروط الصحة وأنه لا يُحرم منها ويبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه وإبطاله نصاً أو قياساً.

    وفي هذا الصدد يقول ابن القيم: "هاهنا قضيتان كليتان من قضايا الشرع الذي بُعِثَ بها رسوله:

    أحدهما: أن كل شرك خالف حكم الله، وناقض كتابه فهو باطل كائناً ما كان.

    والثانية: أن كل شرط لا يُخالف حكم الله، ولا يُناقض كتابه، وهو ما يجوز تركه وفعله بدون الشرط، فهو لازم للشرط.

    ولا يُستثنى من هاتين القضيتين شيء، وقد دل عليهما كتاب الله وسنة رسوله واتفاق الصحابة" (انتهى).

    فإذا كان الشرط الجزائي يحفظ لصاحب الحق حقه، ولا يُحل حراماً، ولا يُحرم حلالاً، فهو بذلك من الصنف الثاني. ويبقى الحال معه كقول عائشة رضي الله عنها عندما سُئِلَت عن "الشعر"، فقالت: "هو كلام، حلاله حلال، وحرامه حرام".([4])

    وقد طلبت الحكومة السعودية من هيئة كبار العلماء الفتوى الشرعية بشأن جواز النص على الشرط الجزائي من عدمه، وقد أصدرت هيئة كبار العلماء فتواها في دورتها الخامسة المُنعقدة في الفترة من 5 : 22 من شهر شعبان عام 1394 هجرية بمدينة الطائف، وقد جاء فيها: "... في القول بتصحيح الشرط الجزائي سد لأبواب الفوضى والتلاعب بحقوق عباد الله. وسبب من أسباب الحفز على الوفاء بالعهود والعقود تحقيقاً لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، لذلك فإن المجلس يُقرر بالإجماع أن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح مُعتبر يجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له يُعتد به شرعاً، فيكون العذر مُسقطاً لوجوبه حتى يزول. وإذا كان الشرط الجزائي كثيراً عرفاً بحيث يُراد به التهديد المالي، ويكون بعيداً عن مُقتضى القواعد الشرعية، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف، على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة، ويُرجع في تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر عملاً بقوله تعالى: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"، وقوله سبحانه: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى"، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضِرار". (انتهى).([5])

    وتحريم الشرط (شرعاً) إذا كان مُفضياً إلى الربا:

    إلا أن الشرط الجزائي يُحرم شرعاً إذا كان مُفضياً إلى الربا، وذلك بأن يكون محل الالتزام الأصلي مبلغاً من المال، والتزم المدين بأن يدفع للدائن مقداراً مُعيناً من المال إذا تأخر عن الوفاء بالدين أو الالتزام الأصلي في الوقت المُحدد للوفاء، وهو ما يُسمى في القانون الوضعي بـ "فائدة التأخير"، فإن هذا الشرط الجزائي لا يكون صحيحاً ولا يجوز العمل بمُوجبه (شرعاً) لأن هذه الفائدة أو التعويض الاتفاقي تكون "ربا"، والشريعة الإسلامية لا تجيزه ولا تقره بحال.([6])

    فإذا كانت المماطلة في السداد من جانب المدين القادر محرمة شرعاً، لما ورد في الأثر من أن: "مطل الواجد ظلم"؛ إلا أن فرض غرامات على المدين المتأخر في السداد هي ربا محرم شرعاً، فيحرم فرض غرامات تأخير على من يتأخر في السداد، لأنها رباً مُحرم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء". (رواه مسلم).

    ثانياً- في فقه الشيعة:

    عرف فقه الشيعة الإمامية الشرط الجزائي في عقد الإجارة، فقد جاء في كتاب "من لا يحضره الفقيه" من كتب الشيعة الإمامية ما يلي:

    روى منصور بن يونس عن محمد الحلبي قال: "كنتُ قاعداً إلى قاض وعنده أبو جعفر (الإمام "الباقر" عليه السلام) جالس، فجاءه رجلان فقال أحدهما: إني تكاريت (استأجرت ناقل) إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعاً إلى بعض المعادن (المدن)، فاشترطتُ عليه أن يُدخلني المعدن (المدينة) يوم كذا وكذا لأنها سوق أخاف أن يفوتني، فان احتبستُ عن ذلك حططت من الكراء (أجرة النقل) لكل يوم احتبستُه كذا وكذا، وأنه حبسني عن ذلك اليوم كذا وكذا يوماً؟ فقال القاضي: هذا شرط فاسد، وفّهِ كراه (وفيه الأجرة كاملة)". فلما قام الرجل أقبل إلى أبو جعفر (عليه السلام) فقال: شرطه هذا جائز ما لم يُحِط بجميع كراه (أجرته)".([7])

    فلم تكن خصوصية لعقد الإجارة في صحة الشرط الجزائي، فيكون الشرط الجزائي صحيحاً في جميع العقود إن لم يكن هناك نهي عنه، هذا بالإضافة إلى الحديث الصحيح: "المسلمون عند شروطهم" فإذا اشترط المشتري لبضاعة أنّ أيّ تأخير يحصل في تسليم البضاعة يستوجب نقصان قيمة (ثمن) البضاعة بمقدار 10% من الثمن الأصلي، أو أن البضاعة إذا تأخّرت شهراً عن الأجل المُحدد نقصت قيمة (ثمن) البضاعة 10% من الثمن الأصلي، فان تأخرت شهرين نقصت 20%، فان هذا الشرط يكون صحيحاً ونافذاً حسب قاعدة "المؤمنون عند شروطهم" وما لم يُحط بجميع السعر (الثمن) حسب "ما لم يحط بجميع كراه" أي بحيث لا يكون مُؤداه اشتريت البضاعة بلا ثمن.

    أما إذا اشترط أنه إذا تأخر عن تسليم البضاعة في الوقت المحدد فينقص الثمن (ولم يُحدد النقصان) ففي هذه الصورة تبطل المُعاملة لجهالة الثمن على تقدير التأخير.

    وعلى التحقيق فإننا نستثني من صحة الشرط الجزائي في البيوع ما إذا كان الثمن نسيئة أو الثمن مُؤجلاً (كلياً في الذمة) لما ثبت من أن بيع النسيئة الذي يكون الثمن في ذمة المشتري لا يجوز فيه تأجيل الثمن وتأخيره في مقابل المال لأنه داخل في الربا.([8])

    الخلاصة الشرعية:

    يجوز شرعاً أن يكون الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً (مبلغاً من النقود)، فإن هذا من الربا الصريح، وبناء على هذا لا يجوز الشرط الجزائي مثلاً في البيع بالتقسيط بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المُتبقية سواء كان بسبب الإعسار، أو المُماطلة.

    مع التنبيه على عدة أمور:

    الشرط الجزائي، كسائر الشروط التي يجوز إسقاطها مجانا أو بعوض؛ لأنه حق للشارط، فله أن يرفع يده عنه.

    يثبت الشرط الجزائي في ذمة المشروط عليه بمُجرد تخلفه عن الوفاء بما تعهد به، ويجوز للشارط إجباره على أدائه عند الامتناع، ويثبت له الخيار في الفسخ إذا أمتنع عن الأداء. والظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر إجباره، بل له الخيار عند مُخالفته وامتناعه حتى مع التمكن من الإجبار.

    لا فرق في ثبوت الشرط الجزائي، عند عدم قيام المتعهد بإجراء ما تعهد به، بين إخلاله بأصل النفع المُستهدف للشارط وبين تأخيره في ذلك؛ فلو اشترطت امرأة على رجل في ضمن عقد لازم أن يتزوج بها في زمان معين وإلا كان عليه كذا من المبلغ، فسواء لم يتزوج المشروط عليه بها أصلا أو تأخر في الزواج بها عن الزمان المعين، فإنه على كلا التقديرين يثبت عليه الجزاء المُتفق عليه؛ لان المتعهد به لم يكن مجرد الزواج، بل كان هو الزواج في زمان مُعين وقد تخلف عنه، فيثبت عليه الجزاء المقرر.

    ومن أشترى شيئا ودفع بعض ثمنه وأستأجل (طلب أجلاً) لدفع الباقي، لأجل معين، فاشترط البائع عليه أنه إن لم يدفع الباقي عند حلول الأجل، يكون المعجل ملكاً للبائع، فقبل ذلك، صح الشرط وترتب عليه أثره عند الحنابلة. ويصير مُعجل الثمن ملكاً للبائع إن لم يقم المشترى بدفع الباقي في أجله المحدد.

    والظاهر أنه يجوز أخذ الضمان أو الرهن أو الكفالة لتوثيق موجب الشرط الجزائي؛ لأنه حق مالي يثبت في ذمة المشروط عليه عند عدم قيامه بما تعهد به، فيجوز أخذ الوثيقة عليه بأحد الأنحاء المذكورة.

    وبعض الفقهاء لا يشترطون وقوع الضرر لتحقق الشرط الجزائي؛ لأنه بمُجرد تخلف المشروط عليه عما تعهد به يثبت على عهدته الجزاء وإن لم يحصل ضرر للشارط أو كان ضرره أقل من مقدار الجزاء المُتفق عليه. ويقولون أنه إذا كان الشرط الجزائي مُطلقاً غير مُقيد بترتيب خاص، فالظاهر ثبوت الجزاء في ذمة المتعهد بمجرد عدم قيامه بما تعهد به، سواء كان عدم إجراء التعهد باختيار أو ناشئاً عن سبب اضطراري؛ مثل الحرب والثورة والإضراب والحريق والمرض ونحوها. لأن الشرط في الفقه الإسلامي يكون نافذاً على المشروط عليه ما لم يُخالف الكتاب والسنة، ومعنى ذلك: أن الشرط يجب على المُشترط عليه تنفيذه سواء كان تعويضاً عن ضرر مُقدر سابقاً سببه المُشترط عليه، أو كان تعويضاً عن ضرر بسبب غير المُشترط عليه - أجنبياً كان أو سماوياً - أو لم يكن هناك ضرر أصلا من عدم التزام المُشترط عليه، فالشرط إذا لم يُخالف كتاب الله وسنة رسوله وقد قبله المُشترط عليه باختياره ولم يكن سفيهاً، يجب عليه العمل به حسب الحديث النبوي الصحيح: "المسلمون عند شروطهم"، وحسب آية "أوفوا بالعقود" والشرط جزء من العقد.([9])

    إلا أن مجمع الفقه الإسلامي اشترط – في دورته الثانية عشر والمُتعلقة بالشرط الجزائي – اشترط لاستحقاق التعويض الاتفاقي (الشرط الجزائي) وقوع الضرر، والضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي، وما لَحِق المضرور من خسارة حقيقية، وما فاته من كسب مؤكد، ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي. ولا يُعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شُرِط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسببٍ خارج عن إرادته، أو أثبت أن من شرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد.([10])

    وكذلك اشترط عدد من الفقهاء ألا يتجاوز مقدار التعويض عن الضرر المالي قيمة الصفقة الإجمالية, لئلا يجتمع للمشتري الثمن والمثمن، فيفضي إلى الربح بدون مقابل. كما أنه من المقرر عند الفقهاء أن ضمان المتلفات يكون بالمثل أو بالقيمة، فإذا تأخر البائع في تسليم المبيع فإنه على أسوأ الأحوال يكون كما لو أتلف المبيع، فليس عليه حينئذ سوى المثل أو القيمة. فلا يجوز اشتراط تعويض مالي يزيد عن قيمة الصفقة.([11])

    وفي حالة البيع بالتقسيط..

    إذا تأخر المُشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه بأي زيادة على الدين الأصلي، سواء بشرط سابق، أو بدون شرط، لأن ذلك ربا مُحرم.

    كما يحرُم على المدين المليء أن يُماطل في أداء ما حل من الأقساط، ومع ذلك لا يجوز شرعًا اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء.

    ولكن يجوز شرعاً أن يشترط البائع لأجل (البائع بالتقسيط)، حلول جميع الأقساط قبل مواعيدها عند تأخر المدين عن أداء بعضها، مادام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد.

    ولا يحق للبائع الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة.[12]))،

    وقد قضت محكمة النقض المصرية في ظل القانون الوضعي بأن: "الاتفاق على سداد الثمن على قسطين، وعلى أنه إذا تأخر المشترون في الوفاء بأي قسط أو جزء منه التزموا بأداء نصف أجرة الأطيان المبيعة دون تنبيه أو إنذار، فإن هذا الشرط الجزائي يكون في حقيقته اتفاقاً على فوائد عن التأخر في الوفاء بالتزام محله مبلغ من النقود يخضع لحكم المادة 227 من القانون المدني، فلا يجوز أن يزيد سعر الفائدة المتفق عليها عن سبعة في المائة، وإلا وجب تخفيضها إلى هذا الحد".([13])

    مبحث ثان

    مصير الشرط الجزائي عند تنفيذ العقد

    (التنفيذ بمُقابل عن طريق التعويض "الاتفاقي")

    الفرع الأول

    شروط استحقاق الشرط الجزائي – "إحالة"

    سبب استحقاق التعويض:

    الشرط الجزائي ليس هو السبب في استحقاق التعويض، وإنما منشأ التعويض من مصدر آخر، يغلب أن يكون عقداً، وعدم قيام المدين بتنفيذ التزامه الناشئ من هذا العقد هو السبب في استحقاق التعويض عن عدم التنفيذ، وكذلك تأخر المدين في تنفيذ التزامه هو السبب في استحقاق التعويض عن التأخير، والشرط الجزائي إنما هو تقدير المتعاقدين مُقدماً لكل من التعويضين.

    هذا، وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني في هذا الصدد: "ليس الشرط الجزائي في جوهره إلا مُجرد تقدير اتفاقي للتعويض الواجب أداؤه فلا يُعتبر بذاته مصدراً لوجوب هذا التعويض، بل للوجوب مصدر آخر قد يكون التعاقد في بعض الصور، وقد يكون العمل غير المشروع في صور أخرى، فلا بد لاستحقاق الجزاء المشروط إذن من اجتماع الشروط الواجب توافرها للحكم بالتعويض، وهي الخطأ والضرر والإعذار".([14])

    شروط استحقاق الشرط الجزائي:

    (إحالة: إلى القواعد العامة في التعويض عن المسئولية العقدية)

    شروط استحقاق الشرط الجزائي هي نفس شروط استحقاق التعويض، وشروط استحقاق التعويض هي:

    وجود خطأ من المدين؛

    وحدوث ضرر يصيب الدائن؛

    وعلاقة سببية ما بين الخطأ والضرر؛

    وإعذار المدين.

    فهذه هي أيضاً شروط استحقاق الشرط الجزائي، وقد أشارت إلى ذلك المادة 223 مدني حيث أحالت على المواد من 215 إلى 220، وهذه المواد بعضها (المواد من 215 إلى 217) يتناول الشروط الثلاثة الأولى ويدخل في ذلك التعديل الاتفاقي لقواعد المسئولية، وبعضها الآخر (المواد من 218 إلى 220) يتناول شرط الإعذار.([15])

    الفرع الثاني

    آثار الشرط الجزائي

    تنص المادة 224 من القانون المدني على أنه: "

    لا يكون التعويض الاتفاقي مُستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر.

    ويجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مُبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، أو أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه.

    ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين".

    كما تنص المادة 225 من القانون المدني على أنه: "إذا جاوز الضرر قيمة التعويض الاتفاقي، فلا يجوز للدائن أن يطالب بأكثر من هذه القيمة، إلا إذا أثبت أن المدين قد ارتكب غشاً أو خطأ جسيماً".

    ومفاد هذين النصين أنه متى وجد الشرط الجزائي، وأصبح مُستحقاً، لم يبق إلا القضاء به على المدين، لكونه تعويض مقدر ارتضاه مُقدماً، فالحكم عليه به حكم بما ارتضاه على نفسه.

    ولكن الشرط الجزائي لا يُستحق كله إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر، كما أن الشرط الجزائي قابل للتخفيض وقابل للزيادة. ونبحث كل حالة منهم بإيجاز على الوجه التالي:

    عدم استحقاق الشرط الجزائي:

    لا يُستحق الشرط الجزائي إذا لم يكن هناك أي ضرر أصاب الدائن. ذلك أن الضرر من أهم أركان استحقاق التعويض، فإذا لم يوجد ضرر لم يكن التعويض مُستحقاً، ولا محل لإعمال الشرط الجزائي في هذه الحالة، لأن الشرط الجزائي ما هو إلا اتفاق الطرفين مقدماً على مقدار التعويض.

    فلا يكفي لاستحقاق التعويض الاتفاق مُجرد توافر ركن الخطأ في جانب المدين بالالتزام، وإنما يُشترط أيضاً توافر ركن الضرر في جانب الدائن، فإذا أثبت المدين انتفاء الضرر، سقط الجزاء المشروط.([16])

    ورغم بداهة هذا الحكم، إلا أن الأمر غير مسلم به في ظل القانون الفرنسي، كما كان محل تردد في ظل القانون المدني المصري القديم.

    ففي القانون الفرنسي، تنص المادة 1152 مدني فرنسي على أنه: "إذا ذكر في الاتفاق أن الطرف الذي يقصر في تنفيذه يدفع مبلغاً معيناً من النقود على سبيل التعويض، فلا يجوز أن يعطى لتعويض الطرف الآخر مبلغ أكثر أو أقل".

    ولهذا ذهب القضاء الفرنسي إلى أن الشرط الجزائي يُستحق حتى ولو لم يثبت الدائن أن هناك ضرراً أصابه، لكون اتفاق الطرفين على شرط جزائي، وتقديرهما مقدماً للتعويض المستحق، معناه أنهما مسلمان بأن إخلال المدين بالتزامه يحدث ضرراً اتفقا على المقدار اللازم لتعويضه، وفي هذه الحالة يكون الغرض من الشرط الجزائي هو منع أي جدل يدور أو منازعة تثور بشأن وقوع الضرر ومقدار تعويضه.([17])

    أما في مصر، في ظل القانون المدني القديم، فقد كانت تنص المادة 123/181 منه على أنه: "إذا كان مقدار التضمين في حالة عدم الوفاء مصرحاً به في العقد أو في القانون، فلا يجوز الحكم بأقل منه ولا بأكثر".

    ورغم وضوح نقل هذا النص عن النص الفرنسي، إلا أن القضاء في مصر ظل متردداً، تقضي بعض أحكامه بعدم اشتراط إثبات الدائن لوقوع الضرر أصابه على غرار القضاء الفرنسي، وتقضي أحكام أخرى بوجوب إثبات وقوع الضرر لاستحقاق الشرط الجزائي تطبيقاً للقواعد العامة في المسئولية. ثم أنحسم الخلاف، واستقر القضاء على الرأي الثاني، وهو المتفق مع القواعد العامة في المسئولية، وقضت الدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف في كل من القضاءين الوطني والمختلط بأنه يشترط لاستحقاق الشرط الجزائي أن يكون هناك ضرر أصاب المدين.([18])

    وجاء القانون المدني الحالي فنص صراحة على اشتراط حدوث ضرر لاستحقاق الشرط الجزائي، فتمشى بذلك مع القواعد العامة في المسئولية، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة 224 مدني على أنه "لا يكون التعويض الاتفاقي مُستحقاً، إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر".

    ورغم أن هذا النص جاء تطبيقاً للقواعد العامة في المسئولية، إلا أنه لا يخلو من فائدة، فوجود هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين، ولذلك فإنه يُفترض وقوع الضرر، ولا يُكلف الدائن بإثباته، بل على المدين إذا أدعى أن الدائن لم يلحقه أي ضرر، أن يقوم بإثبات ذلك، فعبء إثبات الضرر هنا – على عكس القواعد العامة في الإثبات – ينتقل من الدائن إلى المدين بفضل وجود الشرط الجزائي.

    فقد استقر قضاء محكمة النقض في مصر على أن: "تنص الفقرة الأولى في المادة 224 من القانون المدني على أن "لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر" ووجود الشرط الجزائي في العقد يفترض معه وقوع الضرر إلا إذا أثبت المدين عدم وقوعه لأن هذا الشرط ينقل عبء الإثبات من عاتق الدائن إلى عاتق المدين".([19])

    وكذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه: "ولئن كانت المادة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 قد وضعت القاعدة العامة من قواعد الإثبات – وهي غير مُتعلقة بالنظام العام – بما نصت عليه من أن على الدائن إثبات الالتزام، وأن على المدين إثبات التخلص منه، إلا أن هذه القاعدة قد وردت عليها بعض الاستثناءات، ومن بينها الحالات التي أورد فيها المشرع قرائن قانونية، كالحالة المنصوص عليها بالمادة 224 من القانون المدني، والتي أعتبر فيها المشرع اتفاق الطرفين على الشرط الجزائي، قرينة قانونية – غير قاطعة – على وقوع الضرر. فمن المُقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه متى وجد شرط جزائي في العقد، فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين، فلا يكلف الدائن بإثباته لأن وجوده يقوم قرينة قانونية – غير قاطعة – على وقوع الضرر، ويكون على المدين في هذه الحالة إثبات عدم تحقق الشرط أو إثبات عدم وقوع الضرر".([20])

    تخفيض الشرط الجزائي:

    يتبين من نص الفقرة الثانية للمادة 224 مدني أنه يجوز للقاضي أن يخفض من قيمة الشرط الجزائي في حالتين: أولاهما- إذا نفذ المدين الالتزام الأصلي في جزء منه. وثانيهما- إذا أثبت المدين أن تقدير التعويض في الشرط الجزائي كان مُبالغاً فيه إلى درجة كبيرة.

    الحالة الأولى- حالة تنفيذ الالتزام الأصلي في جزء منه: يوضع الشرط الجزائي عادة لحالة عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه أصلاً، فإذا كان المدين قد قام بتنفيذ جزء من التزامه، فإن القاضي يكون قد احترم إرادة المتعاقدين إذا خفض الشرط الجزائي بنسبة ما نفذ المدين من التزامه. ويعتبر الأساس هو المبلغ المقدر في الشرط الجزائي، فيخفض هذا المبلغ إلى النسبة التي تتفق مع الجزء الباقي دون تنفيذ من الالتزام الأصلي. ويقع عبء إثبات التنفيذ الجزئي على المدين.

    وقد يتفق المتعاقدان على استحقاق الشرط الجزائي إذا لم ينفذ المدين الالتزام الأصلي تنفيذاً سليماً، سواء كان ذلك بأن لم ينفذه أصلاً أو نفذه تنفيذاً معيباً، ففي هذه الحالة يُستحق الشرط الجزائي كله إذا كان هناك عيب في التنفيذ، نزولاً على اتفاق المتعاقدين. ولكن إذا كان هذا العيب غير جسيم، بحيث يكون الشرط الجزائي، كتعويض عنه، مُبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، جاز للقاضي تخفيض الشرط الجزائي إلى الحد المناسب، كما سنرى فيما يلي..

    الحالة الثانية– حالة المُبالغة في تقدير التعويض في الشرط، إلى درجة كبيرة: تنص الفقرة الثانية من المادة 224 مدني على أنه "يجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مُبالغاً فيه إلى درجة كبيرة". ويبرر هذا الحكم، بأن مبالغة الدائن في تقدير الشرط الجزائي يجعل الشرط الجزائي "شرطاً تهديدياً" لحمل المدين على الوفاء بالتزاماته، ومؤدى ذلك أن الشرط الجزائي المبالغ فيه ينطوي – في حقيقة الأمر – على عقوبة فرضها الدائن على المدين، فيكون الشرط باطلاً، ويظل العقد صحيحاً، ويعمد القاضي عندئذ إلى تقدير التعويض وفقاً للقواعد العامة.

    فضلاً عن أن الشرط الجزائي لا يعرض إلا لتقدير التعويض المستحق، فهو ليس سبباً في استحقاق التعويض، بل يقتصر على مجرد تقديره مقدماً وفقاً لما قام لدى الطرفين – عند الاتفاق – من اعتبارات وظروف. فإذا اتضح بعد ذلك أن الضرر الذي وقع لم يكن بالمقدار الذي ظنه الطرفان قبل وقوعه، وأن تقديرهما للتعويض عن هذا الضرر كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، فإن الأمر لا يخول عندئذ من غلط في التقدير وقع فيه الطرفان أو ضغط وقع على المدين قبل شرطاً يعلم مقدماً أنه مجحف به، وفي الحالتين يكون من الواجب تخفيض الشرط الجزائي إلى الحد الذي يتناسب مع الضرر.([21])

    وعلى هذا جرى قضاء محكمة النقض في مصر حيث قضت بأنه: "إذا كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم استحقاق التعويض الاتفاقي "الشرط الجزائي" لتخلف شرط الإعذار فلا يجوز له التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بهذا السبب الذي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع. ووجود الشرط الجزائي يفترض معه أن تقدير التعويض فيه متناسب مع الضرر الذي لحق الدائن وعلى القاضي أن يعمل هذا الشرط إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر فعندئذ لا يكون الاتفاق مستحقا أصلاً، أو إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة وفي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المتفق عليه".([22])

    كما قضت محكمة النقض المصرية بأنه: "إذ كانت المادة 224 من القانون المدني قد أجازت للقاضي أن يخفض مقدار التعويض الاتفاقي إذا أثبت المدين أنه مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، وكانت الطاعنة قد تمسكت في مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بأن مقدار التعويض الاتفاقي مبالغ فيه إلى درجة كبيرة، وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتعويض الاتفاقي دون أن يعرض لهذا الدفاع رغم أنه جوهري – إن صح – قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون مشوباً بالقصور".([23])

    مزايا الشرط الجزائي عند عدم حدوث ضرر أو المبالغة في تقديره:

    بالرغم من عدم الحكم باستحقاق الشرط الجزائي كلياً عند انعدام وقوع الضرر، أو تخفيضه إذا كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة بحيث لا يكون متناسباً مع الضرر الذي وقع، فإن للشرط الجزائي – حتى في تلك الحالات – فائدة محققة للدائن من عدة وجوه، نذكر منها:

    إن وجود الشرط الجزائي، يجعل وقوع الضرر مفترضاً، لا يكلف الدائن بإثباته، فإن ادعى المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر، فعليه هو لا على الدائن يقع عبء الإثبات، بخلاف القواعد العامة في الإثبات، على نحو ما سلف ذكره.

    وبهذا قضت محكمة النقض المصرية بأن: "مؤدى حكم المادة 224 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه متى وجد شرط جزائي في العقد، فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته، وإنما يقع على المدين عبء إثبات أن الضرر لم يقع".([24])

    فإن وجود الشرط الجزائي يجعل من المفترض أن تقدير التعويض الوارد في هذا الشرط هو تقدير صحيح للضرر الذي وقع بالفعل، فإن ادعى المدين أنه تقدير مبالغ فيه إلى درجة كبيرة، فعليه هو – كذلك - لا على الدائن يقع عبء الإثبات.

    ولا يكفي المدين أن يثبت أن التقدير الوارد في الشرط الجزائي يزيد على مقدار الضرر الذي وقع فعلاً، فما لم يثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، فإن القاضي لا يخفض الشرط الجزائي حتى ولو زاد التقدير الوارد في الشرط الجزائي على الضرر زيادة غير كبيرة. وحتى إذا أثبت المدين أن التقدير مبالغ فيه إلى درجة كبيرة وخفض القاضي الشرط الجزائي، فإن التخفيض هنا يكون إلى الحد الذي يتناسب مع الضرر ولا يتحتم أن يكون مساوياً للضرر، ومن ثم فإذا وجد شرط جزائي سخياً في تقدير التعويض، كان هذا من شأنه أن يجعل سلطة القاضي التقديرية في حساب التعويض تسخو لمصلحة الدائن، فيبقى غالباً في التعويض حتى بعد تخفيضه سعة ينتفع بها الدائن.([25])

    أحكام المادة 224 مدني مُتعلقة بالنظام العام:

    الأحكام المتقدم ذكرها، من اشتراط وقوع ضرر لاستحقاق الشرط الجزائي، وجواز تخفيض هذا الشرط عند التنفيذ الجزئي للالتزام، أو للمبالغة في تقديره إلى درجة كبيرة، هي أحكام متعلقة بالنظام العام، ومن ثم فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها، وقد نصت على ذلك صراحة الفقرة الثالثة من المادة 224 مدني بقولها: "ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين".

    وعليه، فلا يجوز للمتعاقدين أن يضيفا إلى الشرط الجزائي عبارات تفيد أنه "واجب الدفع على كل حال، حتى ولو لم يقع ضرر، أو وإن قام المدين بتنفيذ الالتزام جزئياً، أو حتى إذا تبين أن التقدير مبالغ فيه إلى درجة كبيرة". ولو تم الاتفاق على ذلك، كان هذا الاتفاق باطلاً لمخالفته للنظام العام، وجاز للقاضي رغم وجوده ألا يحكم بأي تعويض إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر، أو أن يخفض الشرط الجزائي إذا أثبت المدين أنه قام بتنفيذ الالتزام تنفيذاً جزئياً أو أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة. فالقانون هنا يحمي المدين، ويعتبر أن رضاءه بمثل هذا الاتفاق أقرب إلى الإذعان منه إلى القبول. مع ملاحظة أن بطلان الشرط لا يؤثر في صحة العقد، فيظل العقد صحيحاً ونافذاً حتى مع بطلان الشرط الجزائي.([26])

    زيادة قيمة الشرط الجزائي:

    زيادة الضرر على التعويض المقدر وقد ارتكب المدين غشاً أو خطأ جسيماً: تنص المادة 225 مدني مصري على جواز زيادة قيمة التعويض الوارد في الشرط الجزائي إذا جاوز الضرر قيمة ذلك التعويض المقدر، واستطاع الدائن إثبات أن المدين ارتكب غشاً أو خطأ جسيماً. فإذا تبين أن التعويض المقدر ليس مبالغاً فيه بل بالعكس كان أقل من الضرر الواقع، فإن القاضي رغم ذلك لا يزيد ذلك التعويض ليكون مساوياً للضرر، بل يحكم به كما هو. ويكون الشرط الجزائي في هذه الحالة بمثابة تخفيف لمسئولية المدين، والاتفاق على التخفيف من المسئولية أو الإعفاء منها جائز قانوناً. فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 217 مدني مصري على جواز الاتفاق على إعفاء المدين من أية مسئولية تترتب على عدم تنفيذه التزامه التعاقدي إلا ما ينشأ عن غشه أو خطئه الجسيم.

    ومعنى ذلك، أنه إذا زاد الضرر على التعويض المقدر، ولكن الدائن أثبت أن المدين قد ارتكب غشاً أو خطأ جسيماً، فإن الشرط الجزائي الذي جاز أن يخفف من مسئولية المدين في حالة الخطأ العادي لا يستطيع أن يخفف من مسئوليته في حالتي الغش والخطأ الجسيم. وينبني على ذلك أن القاضي يزيد في مقدار التعويض حتى يصبح معادلاً لضرر الذي وقع، ولا يمنعه من ذلك أن التعويض مقدر في الشرط الجزائي، فإن الدائن في اتفاقه مع المدين على تقدير التعويض لم يدخل في حسابه غش المدين أو خطأه الجسيم، ولا ينبغي له أن يحسب حساب ذلك.

    على أن الفقرة الثانية من المادة 217 تجيز للمدين أن يشترط عدم مسئوليته عن غش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه، وينبني على ذلك أنه يجوز الاتفاق على شرط جزائي يقدر التعويض الذي يستحق من جراء تحقق مسئولية الأشخاص الذين يستخدمهم المدين في تنفيذ التزامه، ولا يجوز للقاضي زيادة هذا التعويض حتى ولو جاوز الضرر المبلغ المقدر ووقع غش أو خطأ جسيم من الأشخاص الذين استخدمهم المدين في تنفيذ التزامه، ذلك أن الشرط الجزائي في هذه الحالة يعتبر اتفاقاً على تخفيف المسئولية عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من تابعي المدين ومثل هذا الاتفاق جائز قانوناً.([27])

    التوسل بالشرط الجزائي للاحتيال على القانون:

    تنص الفقرة الثالثة من المادة 217 من القانون المدني المصري على أنه: "يقع باطلاً كل شرط يقضي بالإعفاء من المسئولية المترتبة على العمل غير المشروع". ويتبين من ذلك أنه لا يجوز أن يتفق الطرفان على إعفاء المدين من مسئوليته التقصيرية ويكون هذا الاتفاق باطلاً لو تم لتعارضه مع النظام العام.

    وكما لا يستطيع الطرفان أن يبرما هذا الاتفاق بطريق مباشر، كذلك لا يستطيعان إبرامه بطريق غير مباشر، بأن يتفقا على شرط جزائي يكون من التفاهة بحيث يكون المقصود به أن يصل المدين إلى اشتراط إعفائه من مسئوليته التقصيرية. ففي هذه الحالة يكون الشرط الجزائي باطلاً، وللقاضي أن يحكم بتعويض أزيد بكثير من التقدير التافه الذي ورد في الشرط الجزائي، متوخياً في ذلك تطبيق القواعد العامة في التقدير القضائي للتعويض.([28])

    سلطة القضاء في مراقبة الشرط الجزائي:

    كما سلف القول فإن الشرط الجزائي على فرض تنفيذه، لا يعني سلب قاضي الموضوع السلطة التقديرية في تقدير التعويض، حيث تنص المادة 224 من القانون المدني على أنه:

    لا يكون التعويض الاتفاقي مُستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر.

    ويجوز للقاضي أن يُخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مُبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، أو أن الالتزام الأصلي قد نًفِذَ في جزء منه.

    ويقع باطلاً كل اتفاق يُخالف أحكام الفقرتين السابقتين.

    ومفاد تلك المادة – في إيجاز شديد – تشترط وقوع ضرر لاستحقاق الشرط الجزائي، وتجيز للقاضي تخفيض هذا الشرط في حالة التنفيذ الجزئي للالتزام أو إذا كان تقدير التعويض مُبالغاً فيه، وهذه الأحكام تعتبر من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على مُخالفتها. وقد نصت صراحة الفقرة الثالثة من تلك المادة على ذلك إذ تنص على أنه: "ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين".

    ومن ثم، لا يجوز للطرفين أن يُضيفا إلى الشرط الجزائي ما يفيد أنه: "واجب الدفع على كل حال، حتى ولو لم يقع ضرر(أو حتى إذا قام المدين بتنفيذ الالتزام تنفيذاً جزئياً، أو حتى إذا تبين أن التقدير مبالغ فيه إلى درجة كبيرة)"؛ وفي حالة الاتفاق على ذلك، يكون هذا الاتفاق باطلاً لمُخالفته للنظام العام، وجاز للقاضي بالرغم من وجوده إلا يحكم بأي تعويض إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر، وأن يخفض الشرط الجزائي إذا أثبت المدين أنه قام بتنفيذ الالتزام تنفيذاً جزئياً أو أن التقدير كان مُبالغاً فيه إلى درجة كبيرة. فالقانون هنا يحمي المدين، ويعتبر أن رضاءه بمثل هذا الاتفاق أقرب إلى الإذعان منه إلى القبول.([29])

    ومن ناحية أخرى، فالقضاء كذلك لا يُعمل الشرط الجزائي الذي يُخفي تحايلاً على قواعد الإعفاء من المسئولية إعفاءً يتعارض مع النظام العام:

    حيث تنص الفقرة الثالثة من المادة 217 من القانون المدني المصري على أنه: "يقع باطلاً كل شرط يقضي بالإعفاء من المسئولية المُترتبة على العمل غير المشروع". ويتبين من ذلك أنه لا يجوز أن يتفق الطرفان على إعفاء المدين من مسئوليته التقصيرية ويكون هذا الاتفاق باطلاً لو تم لتعارضه مع النظام العام.

    وكما لا يستطيع الطرفان أن يبرما هذا الاتفاق بطريق مُباشر، كذلك لا يستطيعان إبرامه بطريق غير مباشر، بأن يتفقا على شرط جزائي يكون من التفاهة بحيث يكون المقصود به أن يصل المدين إلى اشتراط إعفائه من مسئوليته التقصيرية. ففي هذه الحالة يكون الشرط الجزائي باطلاً، وللقاضي أن يحكم بتعويض أزيد بكثير من التقدير التافه الذي ورد في الشرط الجزائي، متوخياً في ذلك تطبيق القواعد العامة في التقدير القضائي للتعويض.([30])

    حالة إخلال الطرفين:

    مع ملاحظة أنه لا محل لإعمال أحكام الشرط الجزائي في حالة ما إذا كان كلا المُتعاقدين قد أخلا بالتزاماتهما، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: "لا محل للحكم بما تضمنه الشرط الجزائي ما دام الحكم قد أثبت أن كلا من المتعاقدين قد قصر في التزامه".([31])

    الفرع الثالث

    قابلية أو عدم قابلية الشرط الجزائي للتجزئة

    نظراً للارتباط الوثيق بين استحقاق الشرط الجزائي، وبين تنفيذ الالتزام الأصلي، ونظراً لأن المحل في الشرط الجزائي يمكن أن يكون شيئاً آخر غير النقود فإن مسألة القابلية أو عدم القابلية للتجزئة تأخذ أبعادها.

    ولا تثير هذه المسألة أية إشكالات، عندما يكون الشرط الجزائي بين دائن واحد، ومدين واحد، حيث يقترف الخطأ الموجب لاستحقاق الجزاء المشروط شخص واحد هو المدين ويستفيد من إيقاعه شخص واحد هو الدائن.

    ولكن المسألة تخلف عدداً من المشاكل، عندما يكون أمام الدائن عدد من المدينين، أو أمام المدين عدد من الدائنين، وينشأ هذا الوضع عند نشوء الالتزام، أو بعد نشوئه وقبل تنفيذه، بأن يموت الدائن أو المدين، ويترك ورثة متعددة، أو بأن يحول الدائن أو المدين جزءاً من الدين، إلى محال له أو محال عليه. (السنهوري – صـ 1048)

    لذا يتعين التصدي لما عسى أن تخلفه هذه الحالة من مواقف حتى يؤدي الشرط الجزائي مهمته كضمان لتنفيذ الاتفاق. وذلك على النحو التالي

    حالة الالتزام الأصلي القابل للتجزئة:

    لا تثير هذه الحالة أية مشاكل، فإذا كان الالتزام الأصلي القابل للتجزئة قد أبرم تحت شرط جزائي، فإن الأخير لا يستحق إلا على من خالف هذا الالتزام وفيما يتعلق فقط بنصيبه في الالتزام الأصلي، ولا مسئولية على من قاموا بالتنفيذ.

    وهذا يعتبر تطبيقاً للمبدأ المعتمد والذي يقضي بأن الدائن ليس له حق بكامل المبلغ، عندما يكون تنفيذ الالتزام الأصلي جزئياً يشكل نفعاً له.

    فإذا التزم المدين بدين قابل للتجزئة، وتوفى تاركاً عدداً من الورثة، فإن الالتزام الذي كان سينفذ بين مورثهم والدائن سيتم بينهم وبين الدائن باعتبارهم خلفاً عاماً، ولا يلتزم كل منهم إلا بمقدار نصيبه وحصته في الميراث، فإذا قام أحدهم بمخالفة الالتزام فإن المسئولية تقع على عاتقه وحده، ولكن نظراً إلى أن الالتزام الأصلي هنا قابل للتجزئة، فإن هذا الوارث المخالف لن يلتزم إلا بجزء من الجزاء المقابل لحصته التي كان ملتزماً بها بصفته ممثلاً للمدين المتوفى، ولا دعوى للدائن، تنشأ قبل الورثة الذين نفذوا التزاماتهم أو برأت ذمتهم لوجود سبب أجنبي لا يد لهم فيه.

    وكذلك في حالة ما إذا خالف هذا الالتزام وارثان أو أكثر، فلا يلتزمون بدفع الجزاء أيضاً إلا بالنسبة لنصيبهم ولا تضامن بينهم، فالدائن يلتزم بأن يطالب كل بحصته.([32])

    حالة الالتزام الأصلي الغير قابل للتجزئة:

    يكون الالتزام غير قابل للتجزئة إذا فرضت ذلك طبيعة الالتزام سواء كانت مطلقة أو نسبية، وإذا اقتضت ذلك نية الطرفين سواء كانت صريحة أو ضمنية، ويختلف الأمر بحسب التعدد في طرف الالتزام غير القابل للتجزئة المدينين أو الدائنين:

    عدم القابلية للتجزئة عند تعدد المدينين:

    عدم القابلية للتجزئة هنا ترتب أن يكون كل مدين ملزماً بوفاء الدين كاملاً، ومن حق المدين الذي وفى الدين الرجوع على الباقين كل بقدر حصته، وهذا ما ذهبت إليه المادة 301 من القانون المدني المصري في حكم عام بقولها: "إذا تعدد المدينون في التزام غير قابل للانقسام كان كل منهم ملزماً بوفاء الدين كاملاً ... وللمدين الذي وفى بالدين حق الرجوع على الباقين كل بقدر حصته إلا إذا تبين من الظروف غير ذلك".

    ولا يختلف الوضع عند تعدد المخالفين من بين المدينين في الالتزام غير قابل للتجزئة.

    وكذلك الحال إذا كان الالتزام تضامنياً فيستحق الشرط الجزائي بالتضامن من كافة المدينين.

    وإذا حصل الدائن على الجزاء من أحدهم، فليس له أن يطالب به من مخالف آخر. وفي هذه الحالة إذا دفع المخالف، فله أن يرجع على باقي المخالفين.([33])

    عدم القابلية للتجزئة عند تعدد الدائنين:

    في حالة تعدد المدينين في التزام غير قابل للتجزئة، يستحق الشرط الجزائي لصالح الدائن ضحية المخالفة، أما الباقون فلم يلحقهم أي ضرر، وبالتالي فلا وجه لمطالبتهم بالمبلغ المتفق عليه بصفة جزاء.

    والجزاء يوقع بقدر حصة الدائن قبل من لم ينفذ الالتزام الأصلي ولمصلحته هو لأن القول بغير هذا يستتبع أن يحصل هذا الدائن على الجزاء كله في وقت لا يتعلق حقه إلا بجزء من هذا الجزاء فقط، وفي هذا إثراء لهذا الدائن بدون وجه حق.([34])

    قابلية أو عدم قابلية الشرط الجزائي للتجزئة:

    قابلية الشرط الجزائي للتجزئة لا تثير أية مشكلة وهي الحالة العامة والغالبة عليه إذ يتمثل في الأغلب مبلغاً نقدياً.

    أما المشكلة فتثور عندما يكون غير قابل للتجزئة، فإذا كنا بصدد التزام أصلي قابل للتجزئة، يتبعه شرط جزائي غير قابل للتجزئة، فطبقاً للقواعد العامة، فيلتزم المدين المخالف للالتزام الأصلي القابل للتجزئة بدفع كامل الجزاء للدائن، وبما أن الالتزام الأصلي قابل للتجزئة فلا يجوز مقاضاة المدينين الذين وفوا بالتزاماتهم، لسداد الشرط الجزائي.([35])

    وقد يكون للمدين المخالف في هذا الحالة الرجوع على الدائن الذي يكون قد نال أكثر مما له سواء على أساس الإثراء بلا سبب أو حتى طلب تخفيض التعويض في هذه الحالة باعتبار أن الدائن لم يصبه ضرر أو أن مبلغ التعويض هنا يكون مبالغاً فيه إلى حد كبير.

    ([1]) رواه الترمذي في كتاب الأحكام – باب الصلح بين الناس – جـ 2 – صـ 403 – طبعة الاتحاد العربي. وأنظر للشيخ/ منصور ناصف – التاج الجامع للأصول، في أحاديث الرسول – طبعة 1382 هجرية – جـ 4 – صـ 202.

    ([2]) وتطبق تلك القاعدة الأصولية العامة، "المسلمون على شروطهم"، في جميع مُعاملات المسلمين، حتى ولو كانت مع كفره يحاربون الإسلام.

    فقد خرج الصحابيان (سيل وأبنه حُذيفة) رضي الله تعالى عنهما من مكة قاصدين المدينة لِحاقاً برسول الله صلى الله عليه وسلم في مهجره، فأدركهما الكُفار وهموا بقتلهما لما عرفوا نيتهما، فعرضا على الكُفار أن يدفعا لهم أموالهما ويخلوا سبيلهُما إلى المدينة، فقبِلَ الكُفار بشرط أنه إذا كانت حرب بين مكة والمدينة لا يُحارب حُذيفة وأبوه في صفوف المُسلمين، فلما كانت غزوة بدر قصا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قصتهما قائلين: "إنما قبلنا الشرط تخلصاً من الكُفار وتحت الإكراه"، فلم يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه التعلة، وقال لهما: "وفوا لهم، ونستعين بالله عليهم".

    فأنظر في هذا الحديث، كيف فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسك بالوعد وإعمال الشرط حتى ولو كان المُستفيد منه كافر يعد العدة لحرب المُسلمين، وفي وقت تشتد فيه حاجة المُسلمين إلى الرجال والسلاح في معركة بدر التي كان فيها عدد المُسلمين قليلاً بالنسبة للمُشركين.

    أنظر: "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه مُقدمة من الباحث/ عبد المُحسن سعد الرويشد لكلية الحقوق جامعة القاهرة في عام 1983 – صـ 593.

    ([3]) أنظر: العيني في شرح صحيح البخاري – طبعة المنيرية – جـ 14 – صـ 21. مشار إليه في: "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه – المرجع السابق – صـ 598.

    ([4]) "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه – المرجع السابق – صـ 619 و 620.

    ([5]) "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه – المرجع السابق – صـ 609 : 611.

    ([6]) "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه – المرجع السابق – صـ 599.

    ([7]) أبن بابوية القممي – من لا يحضره الفقيه – جـ 3 – صـ 13. المصدر: "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه – المرجع السابق – صـ 600.

    ([8]) المصدر: مواقع كتب فقه الشيعة على شبكة المعلومات العالمية "الإنترنت"، ومن أهمها الموقع التالي:

    www.al-shia.com/html/ara/books/bohoos-feqh-01/26.html

    ([9]) أنظر: مقال للشيخ/ محمد علي التسخيري، بعنوان "حكم الشرط الجزائي المالي في البنوك اللاربوية" – منشور في مجلة فقه أهل البيت، على شبكة الإنترنت.

    ([10]) من الفتاوى والاستشارات المنشورة على موقع إسلام اون لاين IslamOnline.net على شبكة الإنترنت.

    ([11]) من فتوى للدكتور سامي إبراهيم السويلم، منشور على صفحة فتاوى ودراسات في موقع "الإسلام اليوم" IslamToDay.net على شبكة الإنترنت.

    ([12]) من قرارات مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المُنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الرابعة عشرة بالدوحة بقطر في الفترة من 8 إلى 13 من ذي القعدة 1423هـ، الموافق 11/16 يناير 2003 بخصوص موضوع مُشكلة المتأخرات في المؤسسات المالية الإسلامية. منشور على صفحة وثائق وبيانات في موقع "إسلام اون لاين – IslamOnline.net" على شبكة الإنترنت.

    ([13]) نقض مدني في الطعن رقم 161 لسنة 41 قضائية – جلسة 21/3/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ ... – فقرة 2.

    ([14]) مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري – جـ 2 – صـ 573.

    ([15]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – جـ 1 – مجلد 2 – بند 480 وما يليه – صـ 770 وما بعدها والهوامش.

    ([16]) نقض مدني في الطعن رقم 102 لسنة 34 قضائية – جلسة 14/11/1967 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 1668.

    ([17]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 482 – صـ 771 وما بعدها.

    ([18]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – نفس الموضع وصـ 772.

    ([19]) نقض مدني في الطعن رقم 1293 لسنة 54 قضائية – جلسة 16/3/1986 مجموعة المكتب الفني – السنة 37 – صـ ... – فقرة 3 .

    ([20]) نقض مدني في الطعن رقم 743 لسنة 49 قضائية – جلسة 11/1/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – الجزء الأول – القاعدة رقم 45 – صـ 166 : 174 – الفقرتين 3 و 4.

    وذلك على الرغم من أن قانون الإثبات الصادر عام 68 أحدث من القانون المدني الصادر عام 48 إلا أن هذا الحكم نفسه قد ورد فيه (في فقرة 2 منه) ما يلي: =

    = من المقرر وفقاً لقواعد التفسير أن النص الخاص يقيد النص العام و يعتبر استثناء منه و أن النص اللاحق يلغى النعي السابق إذا ما تعارض معه ، إلا أن النص العام اللاحق لا يلغى نصاً خاصاً سابقاً عليه و إن تعارض معه.

    كما أن محكمة النقض قد قررت في حكم آخر لها أن: "... القانون الخاص لا يلغيه إلا قانون خاص مثله، ولا يُنسخ بقانون عام، ما لم يكن التشريع الجديد الذي أورد الحكم العام قد أشار بعبارة صريحة إلى الحالة التي يحكمها القانون الخاص، وجاءت عباراته قاطعة في سريان حكمه في جميع الأحوال". نقض مدني في الطعن رقم 839 لسنة 43 قضائية – جلسة 7/6/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 1428 – القاعدة رقم 275.

    ([21]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – البنود 493 : 495 – صـ 782 وما بعدها.

    ([22]) نقض مدني في الطعن رقم 563 لسنة 34 قضائية – جلسة 5/12/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ ... – فقرة 3 و 4.

    ([23]) نقض مدني في الطعن رقم 928 لسنة 52 قضائية – جلسة 10/3/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 669.

    ([24]) نقض مدني في الطعن رقم 1581 لسنة 48 قضائية – جلسة 15/6/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – صـ ... .

    ([25]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – نفس الموضع.

    ([26]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 496 – صـ 788.

    ([27]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 498 – صـ 789 وما بعدها.

    وقد قضي بأنه: "متى ثبت أن الإخلال بالتعهد كان عن سوء قصد، وجب تعويض الضرر دون التقيد بالشرط الجزائي، لأن الملحوظ بين المتعاقدين عند تقديرهما التعويض بنفسيهما تبادل حسن القصد بينهما، فإذا انتفى ذلك وتبدلت النية، وجب الرجوع إلى القاعدة العامة، وهي التعويض عن الضرر مهما بلغت قيمته". محكمة استئناف مصر جلسة 30/1/1929 - المحاماة 10 - صـ 65.

    والرأي الذي أستقر عليه الفقه والقضاء يقرب معنى الخطأ في المسئولية التقصيرية من معناه في المسئولية العقدية، فالخطأ في المسئولية التقصيرية هو إخلال بالتزام "
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    بحث في الشرط الجزائي - الجزء الثاني Empty رد: بحث في الشرط الجزائي - الجزء الثاني

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء مايو 31, 2011 8:22 am

    "قانوني"، كما أن الخطأ في المسئولية العقدية هو إخلال بالتزام "عقدي"، والالتزام العقدي الذي يعد الإخلال به خطأ في المسئولية العقدية إما أن يكون التزاماً بتحقيق غاية وإما أن يكون التزاماً ببذل عناية، أما الالتزام القانوني الذي يعتبر الإخلال به خطأ في المسئولية التقصيرية فهو دائماً التزام ببذل عناية، وهو أن يصطنع الشخص في سلوكه اليقظة والتبصر حتى لا يضر بالغير، فإذا انحرف عن هذا السلوك الواجب (المألوف للشخص العادي)، وكان من القدرة على التمييز بحيث يدرك أنه قد انحرف، كان هذا الانحراف منه خطأ يستوجب مسئوليته التقصيرية. ومن ثم يقوم الخطأ في المسئولية التقصيرية على ركنين: الركن الأول مادي وهو "التعدي" (Culpabilité) ، والركن الآخر معنوي وهو "الإدراك" (Imputabilité Discernement) . أنظر: وسيط السنهوري – المرجع السابق – جـ 1 – بند 527 – صـ 656.

    ([28]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 499 – صـ 790 وما بعدها.

    ([29]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – جـ 1 – مجلد 2 – بند 496 – صـ 788.

    ([30]) وسيط السنهوري – المرجع السابق – جـ 1 – مُجلد 2 – بند 499 – صـ 790 وما بعدها.

    ([31]) نقض مدني في الطعن رقم 92 لسنة 23 قضائية – جلسة 19/12/1957 مجموعة المكتب الفني – السنة 8 – صـ 921 – فقرة 2.

    ([32]) "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه – المرجع السابق – صـ 300 وما بعدها.

    ([33]) "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه – المرجع السابق – صـ 302.

    ([34]) "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه – المرجع السابق – صـ 307.

    ([35]) "الشرط الجزائي في الفقه الإسلامي" – رسالة دكتوراه – المرجع السابق – صـ 309.
    منقووول

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 8:32 pm