نواصل منح أنفسنا أفكاراً عملية للفوز بحياة أجمل، من خلال تطبيق مكاسب الثورة على نظراتنا للحياة اليومية..
النقاء وحده ليس كافياً
لا تكفي النوايا الطيبة، والرغبة في العيش بشرف، والتحلّي بالشجاعة في
وجه ما نكره؛ فلا بد من التنظيم الجيد، والمتابعة الواعية لخطط وأفكار
العدو؛ لإجهاضها أولاً بأول..
فلم يكتفِ الثوار بالنقاء ولا بمشروعية مطالبهم، واهتموا بالتنظيم
وبالتفتيش بدقة؛ خاصة بعد موقعة الجمل، وبالنوم بين عجلات الدبابات؛ حتى لا
يضيّق الجيش مساحة التظاهر، وقاموا بتوزيع الأدوار بينهم بعناية..
وحيداً شامخاً
لنمتلك سلاح الثبات عند أوقات الخطر وعدم الاستسلام للعدو أياً كانت
قوته.. فلو استسلم الثوار للخوف؛ سواء عند مهاجمتهم بعنف بشع يوم 28 يناير،
ولم يتحدوا ضد القوة الغاشمة؛ لضاعت ثورتهم.
فمن منا ينسى الشاب الذي وقف شامخاً أمام عربة الأمن المركزي وحيداً إلا
مَن الاستعانة بالرحمن؛ فمنح الجرأة للثوار، وهزّ ثقة المعتدين بأنفسهم،
وهذا لا ينفي تعرّضهم للأذى البالغ فيما بعد بالطبع؛ ولكنهم واصلوا حتى
انسحب الأمن المركزي..
وصمدوا بصدورهم العارية عند اقتحام الميدان بالجمال..
الجوع الطويل
صدق سيدنا علي كرم الله وجهه: النصر صبر ساعة، وهو القائل أيضاً: لا
تستوحشوا طريق الهداية لقلّة سالكيه؛ فإن الناس اجتمعت على مائدة جوعها
طويل وشبعها قصير..
لذا كان الثوار قلّة؛ ولكن غير مندسة في الشعب، وأيضاً نسبة الناجحين
والسعداء في أي مكان بالدنيا أقلية؛ ليس لصعوبة ذلك؛ ولكن لأن الناس يهزمون
أنفسهم بالتراجع، وهو ما فهمه الثوار ورفضوه، ويواصلون حماية الثورة من
أية انتكاسات.
فلننتبه جميعاً؛ فالهبوط سهل وأسرع من الصعود بينما الصعود = الكرامة والنجاح..
استفزازات
لنتعلم من الثوار الاحتفاظ بريموت كنترول حياتنا بأيدينا في أصعب
الظروف، ورفض السماح للآخرين بأن يدفعونا للخطأ؛ فبرغم كل الاستفزازات،
واستعراض القوة الغاشمة؛ فقد حرص الثوار على تجنب العنف، والالتزام
بالسلمية مع الدفاع المشروع عن النفس بالطبع..
ثالوث غير المقدس
من أهم دروس الثورة، طرد الاغترار بالقوة الغاشمة، وبالنفوذ المطلق،
وبالمال الحرام؛ فهذا الثالوث غير المقدس كانت نهاية أصحابه "بورتو طره"؛
فلنتجنب الاقتراب من الاغترار، ولا نسمح لأحد بممارسته علينا أيضاً.
ولا نترك لأحد ملء عقولنا بما يريده، ولا نتضايق ممن يخبرنا بالحقائق،
ولو كانت مؤلمة، ولا نرفض رؤية الواقع، ولا نسمح بالنفاق؛ فقد هلك مبارك
ونظامه لحصولهم على المعلومات من مصادر غير أمينة، تنقل إليهم ما يرضي
غرورهم فقط، وتُنَافقهم ليلاً ونهاراً..
احترام العقول
تُكسبنا الثورة مهارات واحترام عقولنا، وألا نسمح لأحد بتخويفنا، أو
بتحريضنا، أو بإلهائنا عن مصالحنا بمعارك لا تخصنا، ولنرفض الانصياع
للشائعات مثل: الكنتاكي، والأجندات، والإباحية، والشذوذ. وأن نتأكد من صحة
أي قول قبل تصديقه أو ترديده بالطبع.. ولنتدبر الآية الكريمة: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَـادِمِينَ}.
قوائم العار
لنتذكر دوماً أهمية التأكد من نظافة مواقفنا قبل اتخاذها والتراجع عنها،
إذا اكتشفنا خطأها قبل فوات الأوان.. وأن نتعلم الاعتماد على مصادر نظيفة
ودقيقة لمعلوماتنا؛ حتى لا نكتب بأيدينا أسماءنا في قوائم العار في الدنيا
وفي يوم القيامة..
حذر ولكن
تُعلّمنا الثورة أهمية صيانة أحلامنا وتصرفاتنا، وحمايتها من أي تلوث أو
تراجع أولاً بأول، وطرد غبار الآخرين، وما يحاولون إلقاءه علينا لتعطيل
انطلاقاتنا..
فأعداؤنا بالداخل وبالخارج، لن يستسلموا بسهولة، وهم يرون انتصاراتنا الرائعة، وسيبذلون أقصى الجهد لإلحاق الهزائم بنا..
فلنتثبت بالرحمن أولاً، ثم نوقظ الحذر الذكي وليس القلق بداخلنا ونجهض
مخططاتهم بهدوء ونفرح بذلك، ولا نتوقع انتهاء محاولاتهم؛ فالحروب بين الخير
والشر ستستمرّ طوال الحياة، ونعرف معظم أعداء الثورة.
اعرف عدوك
أعداؤنا هم كل من يحاول خصم أرصدتنا من النجاح، والاستيلاء على حقوقنا
في النجاح والسعادة، ومنهم أعداء الداخل بالإحباط والاستعجال، ورفاق السوء
والفاشلين، الذين يكرهون رؤية غيرهم ينجح..
والنفس الأمّارة بالسوء والنفس المهلكة وبالطبع شياطين الإنس والجن..
أخطر الأعداء
حَرَص الثوار على تقسيم الأدوار بينهم بدقة، والحصول على استراحة
المحارب، وقد شاهدت بالتحرير الثوار من كل الأعمار وهم يفترشون الأرض
ليناموا؛ ليستطيعوا المواصلة، وهو ما يجب فعله في مسيرة النجاح؛ فالإجهاد
الذهني والبدني والنفسي من أكثر الأعداء خطورة؛ لأنهم يسرقون منا القدرة
على التفكير السليم والتصرف المفيد..
سلاح الفوز
من أهم أسلحة الثورة، الاستعانة بالرحمن دائماً، ورفض الشعور بالعجز،
والاستقواء بالعزيز الجبار، وحُسن الظن بالرحمن، والثقة بالنصر، والدعاء
الذكي؛ فلم يكن الدعاء "اللهم اصرف عنا السوء" فقط؛ بل كان الدعاء: "اللهم
أهلك الظالمين بالظالمين، واجعل تدبيرهم تدميرهم، وعجّل بالنصر، وأهلك
المنافقين"؛ فنجتهد في الدعاء بالأفضل دائماً، ونتفاءل بالخير لِنَجِدَه،
وعندما ننتصر نتأدب مع الرحمن، ونتذكر أنه عز وجل أعزّنا بالنصر، كما قال
الثوار: الله وحده أسقط النظام.. وكتبوا الآية الكريمة: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّه رَمَى}.
معنا وليس ضدنا
تُفيدنا الثورة بإتقان توجيه الغضب الداخلي؛ ليعمل معنا وليس ضدنا؛ فقد
كان الغضب المشروع من الفساد الوقود المتنامي للثوار، ولم يسمحوا بأن
يجرفهم الغضب ويحيلهم إلى أشلاء متناثرة يلتهمها اليأس والانهزامية،
ودائماً أؤكد أن من لا تنهزم روحه لا ينهزم..
وأكدت الثورة صدق المثل الرائع "وجع ساعة ولا كل ساعة"؛ فلا شك أن نتحمل
أيام الثورة، بكل ما فيها من ترويع وقتل وإصابة الآلاف وتحريض على الثوار،
لتثمر عن الحرية الواسعة.
ولنزرع قول الشاعر بعقولنا وقلوبنا:
ومن يتهيّب صعود الجبال ... يعِش أبد الدهر بين الحفر