روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    أسقط شعب كوبا الطاغية وصنعوا بدلاً منه آلهة

    رمضان الغندور
    رمضان الغندور
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني


    عدد المساهمات : 7758
    نقاط : 21567
    السٌّمعَة : 16
    تاريخ التسجيل : 31/05/2009
    العمر : 67
    العمل/الترفيه : محامي حر

    أسقط شعب كوبا الطاغية وصنعوا بدلاً منه آلهة Empty أسقط شعب كوبا الطاغية وصنعوا بدلاً منه آلهة

    مُساهمة من طرف رمضان الغندور الأربعاء يونيو 29, 2011 12:07 am

    أسقط شعب كوبا الطاغية وصنعوا بدلاً منه آلهة Uu_oou10
    التاريخ يعيد نفسه.. سنظل نكرر هذه العبارة مع عرضنا لكل ثورة من ثورات
    التاريخ، لنتعلم ونستفيد ونتلقى دروسا في استيعاب الأخطاء التي وقعت فيها
    شعوب العالم، حتى نحافظ على ثورتنا، ونتجنب ما قد يسيء لها أو يؤخر مسيرتها
    بالوطن إلى بر الأمان.. واليوم درسنا من كوبا منذ أكثر من ستين عاما..

    كوبا - العاصمة هافانا - 2 يناير 1959

    قوات الثورة الكوبية تدخل هافانا وسط تهليل وهتاف الشعب الكوبي، بعد أن فرّ
    من أمامها الديكتاتور باتيستا ونظامه القمعي الفاسد، وقضت المحكمة العليا
    بأن الزعامة الثورية هي القيادة العليا ومصدر التشريع والسلطات..
    تسلم الثوار إذن الحُكم بواحد من أكثر الأشكال سلاسة وسهولة في التاريخ..
    وبدأ العهد الثوري الكوبي على يد فيديل وراؤول كاسترو، وتشي جيفارا،
    ورفاقهم..
    كان هذا نتاج نحو ثلاث سنوات من الثورة المسلحة ضد نظام باتيستا.. حيث بدأ
    الثوار نضالهم من جبال سييرا ماييسترا بقيادة الأخوين كاسترو والمناضل
    الأرجنتيني إرنستو تشي جيفارا.. كان عددهم لا يزيد على بضعة وثمانين شخصًا،
    لكنهم استطاعوا أن يزيدوا من قوتهم من خلال دعوة الشعب الكوبي لمناصرتهم
    بالتمرد على حكم باتيستا.. وهكذا تلقّوا الدعم الشعبي الذي مدّهم بالمؤن
    والمساعدات، وأهم من ذلك الشرعية الثورية..
    وتلك المقاومة المسلحة ذاتها كانت نتيجة تمهيد بالمقاومة المدنية، عندما
    سعى كاسترو سنة 1953 للقيام بتنظيم معارضة مدنية، إلا أنه قُبِضَ عليه،
    فاضطر عند إطلاق سراحه لانتهاج النهج العسكري في مقاومة النظام الفاسد..
    حسنًا.. دخل الثوار هافانا.. وتولى كاسترو رئاسة الوزارة، بينما تقرر أن
    يكون المحامي والسياسي الليبرالي "مانويل أوروتيا ليو" رئيسًا للبلاد، حيث
    اعتُبِرَ أن تعيين ليبرالي رئيسا لكوبا سيحظى برضا أمريكا، ويجعل التفاهم
    معها سهلاً..
    مع الأسف لم يحدث ذلك.. وسرعان ما تحوّلت أمريكا للعدو الأول للثورة
    الكوبية، فالثوار ضيّقوا على قطاع الأعمال الخاصة، وأمّموا العديد من
    المؤسسات والأموال منها حوالي مليار دولار كانت ملكًا لأمريكا، والأخطر من
    ذلك أن الثورة الكوبية أطاحت بنظام باتيستا لتقيم نظامًا شيوعيًا على مرمى
    حجر من سواحل الولايات المتحدة، قائدة الرأسمالية العالمية! فضلاً عن أن
    نظامًا وطنيًا شديد التشدد كنظام الثورة الكوبية يجعل من انقياده لأمريكا
    -كما تسعى دائمًا- أمرًا مستحيلاً، وهذا يعني العداء المباشر!
    بالفعل كانت حرب أمريكا ضد الثورة الكوبية شرسة، بدأتها بالتعاون مع منظمة
    المافيا لاغتيال فيديل كاسترو، الذي كان قد أغلق صالات القمار التي كانت
    استثمارًا قويًا للمافيا..
    فشلت محاولة الاغتيال والتي كانت من بدايات سلسلة محاولات لاغتيال كاسترو،
    المسجّل رسميًا كأكثر من تعرّض لمحاولات القتل من أعدائه في الزعماء
    المعاصرين!
    في ذلك الوقت كانت كوبا قد ارتبطت بعلاقات قوية بالاتحاد السوفييتي الذي
    رحّب بالثورة الكوبية ونظامها الذي أصبح في عام 1963 شيوعيًا خالصًا..
    وتلقت كوبا دعمًا عسكريًا من السوفييت، جعلها ثاني أكبر قوة عسكرية في
    أمريكا اللاتينية، بعد البرازيل.. وكان السوفييت قد أقاموا قبلها بعامين في
    كوبا قاعدة لصواريخهم أثارت فزع الأمريكيين، فحاولوا سنة 1961 غزو كوبا في
    عملية شهيرة حملت اسم "خليج الخنازير".. لإسقاط ذلك النظام الثوري الذي
    أصبح صداعًا في رأس واشنطن..
    كانت عملية "خليج الخنازير" عبارة عن عملية إنزال لحوالي 1400 جندي من أصل
    كوبي، تم تدريبهم على يد المخابرات الأمريكية في جواتيمالا، وتوقّع
    الأمريكيون أن تتلقى تلك القوات دعمًا داخليًا ممن يمكن أن يكونوا ساخطين
    على القيود التي فرضها نظام الثورة، واستعد الأمريكيون لدعم العملية بتنفيذ
    ضربات جوية لأهداف استراتيجية جوية كوبية، ولكن حرصوا أن تحمل كل تلك
    القوات والطائرات شارات كوبية؛ لكي لا تظهر أمريكا في الصورة، وليبدو الأمر
    في شكل صراع كوبي - كوبي لا علاقة لأمريكا به!
    وبالفعل تمّت الغارة الأولى، ولكنها فشلت؛ لأن الكوبيين كانوا قد استعدوا
    للأمر ونقلوا طائراتهم لمطارات سرية، فقام الأمريكيون بإلغاء الضربة
    التالية، وقرروا الاكتفاء بالإنزال البحري، ومرة أخرى تلقّت الخطة
    الأمريكية صفعة قاسية عندما تم أسر أكثر من 1100 جندي من أصل 1400 فضلاً عن
    إسقاط الكوبيين عددًا من القاذفات الجوية، وإغراقهم عدة سفن أمريكية،
    واستولوا على عدد كبير من الأسلحة والذخيرة من القوة المهاجِمة!
    لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل فُضِحَ الأمريكيون عندما أعلن وزير
    الخارجية الكوبي أمام الأمم المتحدة أن بلاده تتهم أمريكا رسميًا بمحاولة
    غزوها.. خاصة أن الأسرى كانوا قد اعترفوا أنهم كوبيون من ذيول النظام
    المخلوع، وأنهم تلقوا تدريبًا وتمويلاً ودعمًا من الأمريكيين!
    خرجت كوبا من تلك الجولة منتصرة، فقد تعهّد كينيدي أمام السوفييت بعدم
    محاولة غزو كوبا مستقبلاً، وقامت بلاده بعمل صفقة مع الكوبيين أطلق فيها
    الكوبيون سراح أسرى خليج الخنازير مقابل تلقيهم إمدادات من أمريكا..
    الحرب الأمريكية على ثورة كوبا لم تقف عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك من خلال
    فرض الولايات المتحدة حظرًا تجاريًا على كوبا.. وكذلك من خلال تجميد عضوية
    كوبا في منظمة الدولة الأمريكية..

    لماذا لم تفشل الثورة الكوبيّة؟

    لكن النظام الثوري الكوبي.. رغم كل تلك التحديات.. استمر! واستمرارية النظام الثوري الكوبي قامت على عدة أسس:

    أولاً: كان الثوار يقظين لحقيقة أن ثمة قوى دولية -على رأسها أمريكا- من
    مصلحتها فشل الثورة، فاستعدوا لها من خلال الحشد الشعبي، وكذلك من خلال
    التحرّك بالتوازي على محوري السياسة الدبلوماسية، والاستعداد العسكري.. لم
    يغرقوا إذن في خمر النصر أو ينسوا تأمين ثورتهم..
    ثانيًا: حافظت جبهة الثوار على اتحادها، لم تقع في الصراعات الداخلية، كما
    حدث في كثير من الثورات السابقة، بمعنى أدق.. لم تأكل الثورة نفسها..
    ثالثًا: استفاد الثوار بشدة من اكتسابهم الشرعية مدعومة بحكم من أعلى محكمة
    في البلاد، وهذا أعظم دليل على أن أنجح الثورات هي التي تنتهي بأن يحكم
    الثوار بلادهم.. لا أن يحكم عنهم أحد بالوكالة!
    لكن المشكلة هنا أن ثمة حكمة تقول: "امشي عِدِل يحتار عدوك فيك".. والنظام
    الكوبي لم "يمشي عِدِل"! بل إنه مارس أعتى أنواع القمع والقهر للشعب الكوبي
    من خلال سيطرة النظام على كل نفس يتنفسه الكوبيون.. فالمعارضة ممنوعة بأمر
    القانون! نحن نتحدث عن دولة بلا صحف معارضة.. تغيير المواطن وظيفته يحتاج
    لإذن من الحكومة، الملكيات الخاصة تُنتزع دون تعويض أو بتعويض لا يُذكر..
    لا يوجد في البلاد سوى حزب واحد هو الحزب الشيوعي.. بل إن امتلاك الكمبيوتر
    كان محظورًا وكذلك الهاتف المحمول، والاتصال بالإنترنت كان لفئة معينة
    وبتصريحات أمنية خاصة!! فضلاً عن أن كوبا مصنفة كأكبر سجن في العالم
    للصحفيين والمعارضين والمتدينين! الأمر الذي يعطي دائمًا لأمريكا غطاءً
    سياسيًا في نقدها للنظام الكوبي، وإظهار أنها كانت محقة في محاربتها للثورة
    الكوبية من البداية، خاصة مع تزايد أعداد المهاجرين شرعيًا وبشكل غير شرعي
    كذلك من كوبا عبر البحر، والأعداد المهولة لطالبي اللجوء السياسي لأمريكا
    ولمختلف الدول اللاتينية؛ هربًا من قيود النظام الكوبي..
    كان يمكن للتجربة الثورية الكوبية أن تكون أكثر قدرة على الاستمرارية بشكل
    وطني لو لم تتحول لقيود وقيود ثم قيود فقيود.. فذلك التسلط الحكومي على
    الشعب أدى لتشويه صورة الثورة الكوبية أمام كل من التاريخ والرأي العام
    العالمي.. وهو أمر لا يبشر بخير مستقبلا إذا ما قرر المنشقّون عن نظام
    الثورة تكرار تجربة خليج الخنازير.. خاصة مع غياب الدعم السوفييتي بانهيار
    الاتحاد السوفيتي منذ أكثر من 20 عامًا..
    تلك تجربة تستحقّ النظر والتعلم؛ لأن الثورة إن لم تضع حرية شعبها كخط
    أحمر.. أصبحت ثورة ضد الشعب.. لا لصالحه.. وفتحت أبواب التمرد والانشقاق
    والتدخل الأجنبي.
    نظرنا في ثلاث ثورات.. لكل منها خصوصيتها.. ولكن لكل منها تشابهاتها مع
    ثورتنا.. ولنتائج كل منها إشارات علينا فهمها وإدراكها، لنتعلم من
    نجاحاتها، ولنتجنب إخفاقاتها؛ لأننا لو لم نسارع للتعلم من تجارب مَن
    سبقونا الآن.. فلن يفيد التعلم فيما بعد..
    مع الأسف لم يحدث ذلك.. وسرعان ما تحوّلت أمريكا للعدو الأول للثورة
    الكوبية، فالثوار ضيّقوا على قطاع الأعمال الخاصة، وأمّموا العديد من
    المؤسسات والأموال منها حوالي مليار دولار كانت ملكًا لأمريكا، والأخطر من
    ذلك أن الثورة الكوبية أطاحت بنظام باتيستا لتقيم نظامًا شيوعيًا على مرمى
    حجر من سواحل الولايات المتحدة، قائدة الرأسمالية العالمية! فضلاً عن أن
    نظامًا وطنيًا شديد التشدد كنظام الثورة الكوبية يجعل من انقياده لأمريكا
    -كما تسعى دائمًا- أمرًا مستحيلاً، وهذا يعني العداء المباشر!
    بالفعل كانت حرب أمريكا ضد الثورة الكوبية شرسة، بدأتها بالتعاون مع منظمة
    المافيا لاغتيال فيديل كاسترو، الذي كان قد أغلق صالات القمار التي كانت
    استثمارًا قويًا للمافيا..
    فشلت محاولة الاغتيال والتي كانت من بدايات سلسلة محاولات لاغتيال كاسترو،
    المسجّل رسميًا كأكثر من تعرّض لمحاولات القتل من أعدائه في الزعماء
    المعاصرين!
    في ذلك الوقت كانت كوبا قد ارتبطت بعلاقات قوية بالاتحاد السوفييتي الذي
    رحّب بالثورة الكوبية ونظامها الذي أصبح في عام 1963 شيوعيًا خالصًا..
    وتلقت كوبا دعمًا عسكريًا من السوفييت، جعلها ثاني أكبر قوة عسكرية في
    أمريكا اللاتينية، بعد البرازيل.. وكان السوفييت قد أقاموا قبلها بعامين في
    كوبا قاعدة لصواريخهم أثارت فزع الأمريكيين، فحاولوا سنة 1961 غزو كوبا في
    عملية شهيرة حملت اسم "خليج الخنازير".. لإسقاط ذلك النظام الثوري الذي
    أصبح صداعًا في رأس واشنطن..
    كانت عملية "خليج الخنازير" عبارة عن عملية إنزال لحوالي 1400 جندي من أصل
    كوبي، تم تدريبهم على يد المخابرات الأمريكية في جواتيمالا، وتوقّع
    الأمريكيون أن تتلقى تلك القوات دعمًا داخليًا ممن يمكن أن يكونوا ساخطين
    على القيود التي فرضها نظام الثورة، واستعد الأمريكيون لدعم العملية بتنفيذ
    ضربات جوية لأهداف استراتيجية جوية كوبية، ولكن حرصوا أن تحمل كل تلك
    القوات والطائرات شارات كوبية؛ لكي لا تظهر أمريكا في الصورة، وليبدو الأمر
    في شكل صراع كوبي - كوبي لا علاقة لأمريكا به!
    وبالفعل تمّت الغارة الأولى، ولكنها فشلت؛ لأن الكوبيين كانوا قد استعدوا
    للأمر ونقلوا طائراتهم لمطارات سرية، فقام الأمريكيون بإلغاء الضربة
    التالية، وقرروا الاكتفاء بالإنزال البحري، ومرة أخرى تلقّت الخطة
    الأمريكية صفعة قاسية عندما تم أسر أكثر من 1100 جندي من أصل 1400 فضلاً عن
    إسقاط الكوبيين عددًا من القاذفات الجوية، وإغراقهم عدة سفن أمريكية،
    واستولوا على عدد كبير من الأسلحة والذخيرة من القوة المهاجِمة!
    لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل فُضِحَ الأمريكيون عندما أعلن وزير
    الخارجية الكوبي أمام الأمم المتحدة أن بلاده تتهم أمريكا رسميًا بمحاولة
    غزوها.. خاصة أن الأسرى كانوا قد اعترفوا أنهم كوبيون من ذيول النظام
    المخلوع، وأنهم تلقوا تدريبًا وتمويلاً ودعمًا من الأمريكيين!
    خرجت كوبا من تلك الجولة منتصرة، فقد تعهّد كينيدي أمام السوفييت بعدم
    محاولة غزو كوبا مستقبلاً، وقامت بلاده بعمل صفقة مع الكوبيين أطلق فيها
    الكوبيون سراح أسرى خليج الخنازير مقابل تلقيهم إمدادات من أمريكا..
    الحرب الأمريكية على ثورة كوبا لم تقف عند هذا الحد، بل تجاوزت ذلك من خلال
    فرض الولايات المتحدة حظرًا تجاريًا على كوبا.. وكذلك من خلال تجميد عضوية
    كوبا في منظمة الدولة الأمريكية..

    لماذا لم تفشل الثورة الكوبيّة؟

    لكن النظام الثوري الكوبي.. رغم كل تلك التحديات.. استمر! واستمرارية النظام الثوري الكوبي قامت على عدة أسس:
    أولاً: كان الثوار يقظين لحقيقة أن ثمة قوى دولية -على رأسها أمريكا- من
    مصلحتها فشل الثورة، فاستعدوا لها من خلال الحشد الشعبي، وكذلك من خلال
    التحرّك بالتوازي على محوري السياسة الدبلوماسية، والاستعداد العسكري.. لم
    يغرقوا إذن في خمر النصر أو ينسوا تأمين ثورتهم..
    ثانيًا: حافظت جبهة الثوار على اتحادها، لم تقع في الصراعات الداخلية، كما
    حدث في كثير من الثورات السابقة، بمعنى أدق.. لم تأكل الثورة نفسها..
    ثالثًا: استفاد الثوار بشدة من اكتسابهم الشرعية مدعومة بحكم من أعلى محكمة
    في البلاد، وهذا أعظم دليل على أن أنجح الثورات هي التي تنتهي بأن يحكم
    الثوار بلادهم.. لا أن يحكم عنهم أحد بالوكالة!
    لكن المشكلة هنا أن ثمة حكمة تقول: "امشي عِدِل يحتار عدوك فيك".. والنظام
    الكوبي لم "يمشي عِدِل"! بل إنه مارس أعتى أنواع القمع والقهر للشعب الكوبي
    من خلال سيطرة النظام على كل نفس يتنفسه الكوبيون.. فالمعارضة ممنوعة بأمر
    القانون! نحن نتحدث عن دولة بلا صحف معارضة.. تغيير المواطن وظيفته يحتاج
    لإذن من الحكومة، الملكيات الخاصة تُنتزع دون تعويض أو بتعويض لا يُذكر..
    لا يوجد في البلاد سوى حزب واحد هو الحزب الشيوعي.. بل إن امتلاك الكمبيوتر
    كان محظورًا وكذلك الهاتف المحمول، والاتصال بالإنترنت كان لفئة معينة
    وبتصريحات أمنية خاصة!! فضلاً عن أن كوبا مصنفة كأكبر سجن في العالم
    للصحفيين والمعارضين والمتدينين! الأمر الذي يعطي دائمًا لأمريكا غطاءً
    سياسيًا في نقدها للنظام الكوبي، وإظهار أنها كانت محقة في محاربتها للثورة
    الكوبية من البداية، خاصة مع تزايد أعداد المهاجرين شرعيًا وبشكل غير شرعي
    كذلك من كوبا عبر البحر، والأعداد المهولة لطالبي اللجوء السياسي لأمريكا
    ولمختلف الدول اللاتينية؛ هربًا من قيود النظام الكوبي..
    كان يمكن للتجربة الثورية الكوبية أن تكون أكثر قدرة على الاستمرارية بشكل
    وطني لو لم تتحول لقيود وقيود ثم قيود فقيود.. فذلك التسلط الحكومي على
    الشعب أدى لتشويه صورة الثورة الكوبية أمام كل من التاريخ والرأي العام
    العالمي.. وهو أمر لا يبشر بخير مستقبلا إذا ما قرر المنشقّون عن نظام
    الثورة تكرار تجربة خليج الخنازير.. خاصة مع غياب الدعم السوفييتي بانهيار
    الاتحاد السوفيتي منذ أكثر من 20 عامًا..
    تلك تجربة تستحقّ النظر والتعلم؛ لأن الثورة إن لم تضع حرية شعبها كخط
    أحمر.. أصبحت ثورة ضد الشعب.. لا لصالحه.. وفتحت أبواب التمرد والانشقاق
    والتدخل الأجنبي.
    نظرنا في ثلاث ثورات.. لكل منها خصوصيتها.. ولكن لكل منها تشابهاتها مع
    ثورتنا.. ولنتائج كل منها إشارات علينا فهمها وإدراكها، لنتعلم من
    نجاحاتها، ولنتجنب إخفاقاتها؛ لأننا لو لم نسارع للتعلم من تجارب مَن
    سبقونا الآن.. فلن يفيد التعلم فيما بعد..

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 5:12 am