روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    المحاماة في كلمات للاستاذ /خالد خالص ـ المغرب

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحاماة في كلمات  للاستاذ /خالد خالص  ـ المغرب Empty المحاماة في كلمات للاستاذ /خالد خالص ـ المغرب

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت أكتوبر 15, 2011 3:34 pm

    سأختزل الكلام عن مهنة المحاماة في بعض الجمل وفي بعض الأمثلة التي تدل على عظمة وهيبة هذه المهنة.
    فالمحاماة التي ظهرت منذ أن ظهرت الخصومة لم تعرف على شكلها الحالي إلا في القرن الثالث عشر. وهي بطبيعة الحال من الحماية خلقت للدفاع عن حياة الإنسان وعن حريته وكرامته وعرضه وماله. وهي في حد ذاتها رسالة إنسانية سامية، شريفة ونبيلة، رسالة مبادئ ومواقف تساهم في تكريس الحضارة وفي دعم العمل الديمقراطي في المجتمع.
    كما يشهد التاريخ على ان المحامين ساهموا في تكوين الدولة العصرية وتقلدوا ولازالوا يتقلدون أعلى المناصب عبر العالم: وأقتصر على ذكر بعض المناصب التي تقلدها أو يتقلدها بعض المحامين التي كان لها ذرع في مأسسة الدولة المغربية الحديثة كمنصب الوزير الأول لعدة مرات ومنصب الوزارات التالية: وزير الدولة لعدة مرات، العدل لعدة مرات، الداخلية، الخارجية، حقوق الإنسان، التعليم، الفلاحة، الشغل لعدة مرات، العلاقات مع البرلمان، الصحة، وغيرها.
    وتقلد كذلك المحامون منصب مستشار للملك ومنصب رئيس البرلمان ومنصب مستشارين بالمجلس الدستوري، وعلى رأس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ومقاعد في البرلمان وفي مجلس المستشارين وفي أكاديمية المملكة وعلى رأس كبار الشركات ...
    عرفنا كذلك العديد من المحامين الذين كانوا على رأس أحزاب سياسية وبعضهم لازال يقود سفينة حزبه.
    عرفنا الكثير من المحامين سفراء لبلدهم وآخرون على رأس مؤسسات عمومية او جمعيات حقوقية.
    وناضل المحامون المغاربة من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات وإرساء الدولة الديمقراطية حيث عرف الكثير منهم الاختطاف والتعذيب والسجون.
    أما على الصعيد الدولي فأختصر على ذكر الماهاطما غاندي، الرئيس ريتشارد نكسون، فرانسوا ميتيران، نيكولا ساركوزي، باراكو باما، هيلاري كلينطون ... فالمحاماة إذن منبث لرجالات الدولة.
    وبالرجوع إلى فرنسا مرة أخرى فإن المرء لم يكن له أن يتصور مائدة للملك مثلا دون وجود محامين حولها. وكان الكل معجب بمهنة المحاماة ومحترم لقدسية رسالتها إلى حد قول الملك لويز الثاني عشر " لو لم أكن ملكا لفرنسا لوددت أن أكون محاميا" أو كقول فولتير" كنت أود ان أكون محاميا ". ولن ينسى المحامون المغاربة إشارة التقدير للملك محمد السادس لمهنة المحاماة حينما ارتدى بذلة المحامي بمناسبة انعقاد مؤتمر اتحاد المحامين العرب بمدينة الدار البيضاء.
    وبخصوص البذلة المهنية للمحامي دائما فإن الجميع يعلم بأنها تتكون اليوم من رداء أسود مع كتفية وياقة وربطة عنق من الحرير الأبيض. إلا انه في السابق كان المحامون يرتدون البذلة الحمراء في مناسبات الحفلات الرسمية في فرنسا وبالخصوص عند دخول الملك والملكة وكانوا يمشون وراء رجال الملك وبينهم عونين من البرلمان لإبراز انهم يشكلون هيئة مستقلة.
    وكان المحامون يترافعون وهم واضعون القبعة على رأسهم وهو دليل آخر على استقلالهم عن الهيئة القضائية إذ لم يكونوا يزيلون القبعة إلا وقت النطق بالحكم احتراما لقرار المحكمة.
    وأعتقد بأنه من الضروري التذكير بان رسالة المحاماة مرتبطة بحق من الحقوق الإنسانية للإنسان إذ لا يمكن تصور الإنسانية بدون حق الدفاع ولا يمكن تصور حق الدفاع بدون محامين أكفاء مستقلين، محامين أقوياء محصنين.
    هذه هي الأسباب التي جعلتني أختار هذه المهنة وهذه هي الأسباب التي جعلتني أختار الدفاع عنها والتوثيق لها منذ عدة سنين وعبر العديد من المنابر. وقد تم تجميع جزء كبير مما أنجز بمناسبة بعض الأنشطة في مجموعة هي موضوع هذا اللقاء.
    ولا يمكن اعتبار المعطيات والمقترحات الواردة بهذه المجموعة بوحي منزل أو بحقيقة مطلقة أو بحلول نهائية بقدر ما هي معطيات ومقترحات للتأمل.
    فالكتاب إذن ليس بقول قاطع بل هو وسيلة ومحاولة للسؤال والتساؤل وهذا هو ما تمت محاولة التركيز عليه. فيكفي أن يكون هناك تباين في آراء القراء بين الاتفاق من عدمه ليكون الكتاب قد بلغ ما كان يريده الكاتب أي إثارة النقاش.
    السيدات والسادة:
    يبقى التساؤل عن ما هي الآفاق المستقبلية لمهنة المحاماة؟ بطبيعة الحال هناك العولمة، عولمة الخدمات القانونية في القريب العاجل حيث سيصبح العالم كله سوقا مفتوحة في وجه كل الفاعلين القانونيين الأكثر قوة بطبيعة الحال والمحامين المغاربة لا يمكنهم التملص من الظاهرة باعتبار ان المغرب كان من االدول الأولى التي وقعت على اتفاقية الكاط ومن الدول الأولى التي وقعت على اتفاقية الكاطس. وسيكون المحامي المغربي في المحك: إما سيكون أو سوف لن يكون. لذلك ناديت رفقة العديد من الفعاليات ولا زلنا ننادي بتعديل جذري للقانون المنظم لمهنة المحاماة دفاعا عن المهنة والمهنية وعدم الاقتصار على تعديل بعض الفصول ليتفاعل المحامي المغربي من الآن مع النظام العالمي الجديد لان عولمة الخدمات القانونية لن تكون خيارا للمحامي بإمكانه الأخذ بها أم تركها بل هو حتمية لا محيد له عنها. والعولمة في اعتقادي لن تزيد المحاماة في المغرب والمحامي المغربي إلا عظمة وقوة إذا ما تم التهييء لها بجدية.
    وإذا كانت لي وللعديد من الفعاليات الرغبة في تطوير المشهد القضائي المغربي لمصالحة المغاربة مع قضائهم ومع دفاعهم فلأن الوقت لم يعد يحتمل التأخير لأن المغرب أصبح اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى قضاء قوي وإلى دفاع أقوى لمواجهة التحديات.
    وأتمنى أن يكون هذا الكتاب أو هذه المجموعة التي جمعتنا اليوم تتضمن بعض المقترحات التي بإمكانها المساعدة على تحقيق ولو جزء بسيط مما يصبو إليه القضاة والمحامون والمواطنون بصفة عامة.
    وأشكر الجميع مرة أخرى.
    والسلام عليكم ورحمة الله.

    ملخص لمداخلة الأستاذ خالد خالص بمناسبة تكريمه من قبل جامعة محمد الخامس بالرباط السويسي على اثر صدور كتابه حول "اصلاح قانون المحاماة، دفاعا عن المهنة والمهنية".

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحاماة في كلمات  للاستاذ /خالد خالص  ـ المغرب Empty رد: المحاماة في كلمات للاستاذ /خالد خالص ـ المغرب

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت أكتوبر 15, 2011 3:38 pm

    مدخل لدراسة اعراف وتقاليد مهنة المحاماة




    الأستاذ خالد خالص
    المحامي بهيئة الرباط
    عضو مجلس الهيئة
    التقاليد من التقليد. يقال فلان" قلد فلانا" اي فعل مثله او سار على منواله. فالتقاليد اذن هي نتيجة لتراكم افكار او سلوكات اعتاد عليها الناس و قلد بعضهم بعضا. و ما اعتاد عليه الناس يعرف بالعادات.
    ولكي تصبح العادات تقاليد فإنه من الضروري ان تبقى مرسخة في العقول لفترة زمنية طويلة حتى تصبح عبر التعود عليها تقاليد " ملزمة ".
    والاعراف هي ما استقر في النفوس وتعارف عليه الناس - بمعزل عن السلطة العامة - بانه الصح وبانه السليم دون ان يكون مدونا في وثيقة مكتوبة.
    ويمكن القول بان العادات والتقاليد و الاعراف تختلف من مجتمع إلى مجتمع لان لكل مجتمع خصوصياته الذاتية وعوامله الجغرافية والبيئية التي تجعله يتبع هذه التقاليد والعادات او يؤمن بهذه الاعراف او تلك حسب تكيفه مع البيئة التي ينشأ وسطها المجتمع.
    ويمكن لبعض التقاليد و الاعراف ان تتغير داخل نفس المجتمع لانها اصبحت بالية ومتلاشية بعد مرور زمن معين عليها واحتياجها للتجديد. كما انه من الممكن ان تكون القيم الاساسية للصواب والخطأ والتي بنيت عليها قد تغيرت بتغير الزمن والحضارة والفلسفات والديانات وتطور العلوم و ما الى ذلك.
    و يمكن للتقاليد و الاعراف ان تتغير من اسرة الى اسرة ومن جماعة الى جماعة و من منطقة الى منطقة و من مهنة الى مهنة كما يمكن ان تلتقى نفس التقاليد و نفس الاعراف عند البعض و لو لم يكونوا منتمين لاسرة واحدة او لجماعة واحدة او لمنطقة واحدة او لمهنة واحدة.
    والعرف تصرف اجتماعي - ايجابي او سلبي - ينشأ من العادات و التقاليد التي انتشرت شيئا فشيئا و توارثتها الاجيال لانها نابعة منهم و تطورت معهم حسب حاجياتهم و شعورهم بضرورة احترامها من تلقاء انفسهم.
    فالعرف اذن قاعدة تلقائية، نابعة مباشرة من المجتمع، لم يتم التشاور بشانها، عامة و مستمرة و معترف بها و بالزاميتها(1). و من تم فالعرف يتألف من عنصرين اثنين : الاول مادي او موضوعي قائم على عنصر التكرار و الاستمرارية و التوحيد لقاعدة معينة في ظروف معينة و الثاني معنوي مبني على ايمان الناس بالزامية اتباع و طاعة القاعدة اما لانهم يعتقدون بانها مطابقة للعدل و لتنظيم العلاقات التي خلقت من اجلها و اما لانها اضحت بفعل احترامها المستمر قاعدة قانونية بالفعل و من تم وجبت طاعتها. "و اذا تخلف العنصر المعنوي عن القاعدة كانت "عادة" و اذا توفر هذا العنصر كانت "عرفا"،" (2). كما ان نتائج مخالفة العادة تختلف عن نتائج مخالفة العرف اذ لا تطبق العادة الا اذا كان الاطراف على علم بها و قرر اتباعها و تمسك بها احد الخصوم بينما العرف يطبق في حق الاطراف بغض النظر عن علمهما او جهلهما به و بغض النظر عن تمسك احدهم به لان العرف ينزل منزلة القانون حينما لا يخالفه (3). و هو ما يستنتج من نص الفصل 475 من قانون الالتزامات و العقود الذي ينص على ما يلي : "لا يسوغ للعرف و العادة ان يخالفا القانون ان كان صريحا". كما ينص الفصل 476 من نفس القانون بانه "يجب على من يتمسك بالعادة ان يثبت وجودها، و لا يصح التمسك بالعادة الا اذا كانت عامة او غالبة و لم تكن فيها مخالفة للنظام العام و لا للاخلاق الحميدة". و ينص الفصل 231 ق.ل.ع على ان كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية و هو لا يلزم بما وقع التصريح به فحسب بل ايضا بكل ملحقات الالتزام التي يقررها القانون او العرف او الانصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته". كما يحيل نفس القانون على العرف في العديد من فصوله (4). و تنص المادة 2 من مدونة التجارة المغربية (5) بدورها على ما يلي : " يفصل في المسائل التجارية بمقتضى قوانين و اعراف و عادات التجارة او بمقتضى القانون المدني ما لم تتعارض قواعده مع المبادىء الاساسية للقانون التجاري". و تضيف المادة 3 تجاري : "ترجح الاعراف و العادات الخاصة و المحلية على الاعراف و العادات العامة" ( انظر كذلك المادتين 418 ، 419، الخ ).
    و الملاحظ هو ان التطور الاجتماعي يسبق دائما التطور القانوني لان القانون تابث بطبعه بينما الفكر الاجتماعي في تطور مستمر و لابد من مرور حقبة زمنية علي التطور الاجتماعي لمطابقة القانون مع هذا الاخير. و القانون على عكس الاعراف صعب الانقياد للتقلبات التي تعرفها الظاهرات الاجتماعية و السياسية والاقتصادية و الدينية،... و هو ما يخالف القاعدة الفقهية المعروفة التي تنادي بتبدل الاحكام بتبدل الازمان.
    و المشرع واع بمنزلة العرف و قوته لدى المجتمع او لدى فآت معينة من المجتمع و كم من قانون الى جانب قانون الالتزامات و العقود و مدونة التجارة يحيل على العرف و يحتكم اليه لان العرف متواجد تقريبا (6) في جميع فروع القانون بغض النظر عل اهميته التي تختلف من فرع لآخر.
    و للتاريخ فقط و دون الدخول في الشرح و التفسير نذكر بظهير 11 شتنبر 1914 الذي قرر بان القبائل المشهورة بالاعراف البربرية ستضل خاضعة لقوانينها و اعرافها الخاصة. و نذكر كذالك بالظهير البربري المؤرخ في 16 ماي 1930 الذي انشأ المحاكم العرفية لتطبق الاعراف البربرية و بالقرار الوزيري المؤرخ في 15 شتنبر 1934 الذي انشأ 90 محكمة عرفية ابتدائية و 6 محاكم استئناف عرفية( 7 ).
    و نظرا لاهمية العرف فان بعض الدول لا زالت تحتكم لتقاليدها و لاعرافها و تحتفظ بالمحاكم العرفية.
    و القانون نفسه ينشأ عادة نشأة عرفية ( Cool نابعة من حاجيات المجتمع و يعبر عن ارادة افراده. و قد ترجم الفصل التالث من الدستور المغربي هذه النظرية فنص على ان : " القانون هو اسمى تعبير عن ارادة الامة، و يجب على الجميع الامتثال له" (9).
    ومقابل خضوع الفرد لقوة الجماعة وقوانينها و اوامرها و نواهيها، وعدم إمكانية الحصول لنفسه ومن ذاته على الحق الذي يدعيه، فإنه ينتظر من هذه الجماعة ان تعمل على حمايته وإنصافه من كل اعتداء على شخصه أو على ماله ليتفرغ هو الى الخلق و الابداع.
    و القانون كالعرف ليس واحدا في جميع الدول بل من الممكن ان يختلف القانون من دولة الى اخرى اذ هو الا مرآة المجتمع الذي وضع من اجله كما انه من الممكن ان يكون الممنوع في بعض الدول مباح في دول اخرى و يمكن للقانون ان يغير في نفس المجتمع حسب تطور هذا الاخير و حاجاته.
    و الملاحظ انه كلما تقدم الفرد في النضج كلما زاد حرصه على احترام القانون بوحي من ضميره و دونما حاجة للشعور بالخوف من العقاب سواء كان هذا القانون عرفيا او وضعيا.
    و لن ندخل في تقسيم القانون الى عام و خاص او الى مختلف فروعه و لكن القانون بصفة شمولية باعتباره مجموعة من القواعد العامة المجردة الملزمة يخاطب جميع افراد المجتمع باعتبار ان "المغاربة سواء امام القانون"( 10). و المهنيون كأشخاص يدخلون كذلك ضمن المخاطبين باحكام القواعد القانونية العامة التي تحدد لهم حقوقهم و واجباتهم داخل المجتمع. الا ان جل المهن كانت وراء ظهور قوانين خاصة تنظمها كقوانين المحاماة والطب و الصيدلة و الصحافة و التجارة و الشغل و غيرها كثير لان المجتمع ادرك ان لكل مهنة خصائصها وادرك ضرورة اثقال كاهل المهني بالتزامات لا تقع على غيره من عامة الناس اوبتشديد البعض منها بالنسبة للمهني.
    و من بين الاسباب التي دفعت لسن قانون خاص بمهنة المحاماة مثلا كذلك هو ضرورة تحديد المبادىء و القواعد التي تحكم سلوك المحامي و تحدد ما له من حقوق و ما عليه من واجبات في ادائه لمهنته. و هذا النظام القانوني يعرف بقواعد اخلاقيات مهنة المحاماة او “La déontologie de la profession d’avocat » (11) و كانت تعرف قبل ذلك بآداب مهنة المحاماة او بتقاليد و اعراف مهنة المحاماة.
    و مهنة الدفاع هاته ظهرت منذ ان وجدت الخصومة. و المحاماة توجد كلما كانت النزاعات بين الناس لا تحسم بالقوة. وهي مهنة مرتبطةارتباطا لصيقا بنصرة الحق والدفاع عن المظلوم وإرساء دولة القانون والمؤسسات. كما تعد هذه المهنة معقلا للدفاع عن الحرية وعن استقلال القضاء. و حق الدفاع حق مقدس من الحقوق الاساسية للانسان يقاس به مستوى الديموقراطية في المجتمع.
    ومن هذا المنطلق لم تكن مهنة المحاماة في يوم من الأيام مهنة غذائية بل هي رسالة إنسانية سامية، شريفة ونبيلة، رسالة مبادئ ومواقف تساهم في دعم العمل الديمقراطي في المجتمع. ومن تم كان يشترط دائما وأبدا في الراغب في تحملها وتحمل مخاطرها ان تكون له الموهبة و ان يتمتع بخصال الشجاعة الأدبية والجرأة والذكاء والفطنة وسرعة البديهة وما يعرف " بالحضور" والالمام بالقوانين وبقدرة الجدال بالتي هي احسن وقدرة الاقناع إلى جانب خصال الصدق والنزاهة والاستقامة والشر ف.
    و المحاماة امانة و مسؤولية و لا غرابة في ذلك اذ يعيش المحامون يوميا آلام وآمال الموطنين و هم مسؤولون عن الدفاع عن كرامة الانسان و رد الحقوق لاصحابها و دفع الاتهام الباطل عنهم و مراقبة التشريع و مناقشته و انتقاذه و اقتراح البدائل والمساهمة في تطوير المجتمع بهدف تحقيق تقدمه و امنه و استقراره الى جانب المهام الاخرى الملقاة على عاتق المحامي (12).
    ومن تم كان للمحامين و لا يزال إسهامات قوية في بسط العدالة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المجتمع و كان للكثير منهم نصيب الأسد في تقلد المناصب العليا ذات المسؤولية. ومن اطلع على التشكيلات الوزارية التي انطلقت في المغرب منذ فجر الاستقلال إلى اليوم مثلا سيكون له تصور عن ذلك. و كانت المحاماة دائما هي السلم الذي يرقى بصاحبه الى ارفع المناصب مع الاحتفاظ بدرجته بجدول هيئة المحامين التي غالبا ما يرجع للالتحاق بها في يوم من الايام. و قد كان الامر دائما و ابدا على هذا النحو في الدول الأخرى حيث كان المحامي مبجلا مدللا إلى درجة قول لويز الثاني عشر " لو لم اكن ملكا لفرنسا لوددت ان اكون محاميا" او كقول فولتير " كنت اتمنى ان اكون محاميا لان المحاماة اجل مهنة في العالم".
    و المحاماة او المحامين هم الجناح الآخر للقضاء الذي لا يمكنه التحليق بدونهم. و لا يمكن اعتبار المحاماة باي حال من الاحوال "بمهنة من لا مهنة له" (13 ) بل هي فن و موهبة و "فن رفيع" ( 14) قبل ان تكون صناعة او مهنة.
    و لكل علاقة من العلاقات و لكل فن من الفنون و لكل مهنة من المهن و لكل فئة من فئات المجتمع آدابها و تقاليدها واعرافها. فللكلام آدابه و للطعام آدابه و للشراب آدابه و للمشي آدابه و للجلوس آدابه، الخ . و للطب اعرافه و تقاليده و لكل حرفة من الحرف اعرافها و تقاليدها. و المحاماة كرسالة و كفن و كمهنة لها آدابها و قواعدها النابعة من تقاليدها و اعرافها المتوارثة. و تقاليد و اعراف المحاماة كانت غير مكتوبة و تنتقل من جيل الى جيل مع حرص كل جيل على اتباعها و احترامها. الا انه مع مرور الزمن و تطوره و امام بعض التحلل من القيم المتعارف عليها كان و لابد من تدخل المشرع لتقنين بعض تلك الآداب حتى لا تضيع و تضيع معها مهنة المحاماة. الا ان القانون المنظم لهذه الاخيرة لا يمكنه ان يقنن جميع تقاليد و اعراف مهنة الدفاع نظرا لكثرتها غير انه يحيل دائما و ابدا على هذه الاداب و هذه القواعد في عدة من فصوله كالفصل 12 من ظهير 10 شتنبر 1993 بمثابة قانون بتنظيم مهنة المحاماة (15 ) او الفصلين 59 او 65 من نفس الظهير (16 ) او الفصل 85 الذي يعطي الاختصاص لمجلس الهيئة لوضع النظام الداخلي للهيئة و تعديله وفق ما يتطلبه تطبيق قواعد المهنة و تقاليدها و اعرافها. و كان المشرع دائما و ابدا واع باهمية تقاليد و اعراف مهنة المحاماة حيث نجد مثلا الفصل 24 من ظهير 10 يناير 1924 المتعلق بتنظيم هيئة المحامين و مزاولة مهنة المحاماة ينص على ان التمرين يتضمن بالضرورة " تعلم قواعد المهنة و تقاليدها و عوائدها " (17) على عكس ما ورد بدراسة نشرت سنة 1997 ( 18)
    كما ان النظام الداخلي لهيئة المحامين بالرباط مثلا يحيل هو الاخر على اعراف و تقاليد المهنة سواء في احكامه العامة (19) او في الفصل السابع (20) و العاشر (21 ) او غيرهما كالفصول 77 و 88 و 102 مثلا.
    و تقاليد و اعراف مهنة المحاماة تتسم بالعالمية نظرا لارتباط المحامين اينما كانوا باهداف واحدة. و ان دل هذا على شيء فانما يدل على اهميتها و على سموها في توحيد عمل المحامي و في توطيد علاقته بزملائه و بموكليه و بالقضاء ككل.
    والهدف من هذه الدراسة و من اثارة هذا الموضوع ككل لا يقتصر فقط على تحديد اعراف وتقاليد مهنة المحاماة او حتى إلى تقديم جرد دقيق لها وانما الهدف الحقيقي المتوخى هو اكتشاف ملامح التقاليد المهنية ومجالاتها والقيم العليا الحاكمة لها.
    فهي دعوى ليس لتقليد اعمى للماضي بقدر ما هي دعوى لتحقيق التواصل والاستمرارية مع الماضي.
    واحترام الاعراف والتقاليد الموروثة يوسع من ارضية التفاهم والاحترام بين المحامين. وقد يستهين البعض باعراف وتقاليد مهنة المحاماة لانها في ظنه لا تتلائم مع متطلبات العصر الحالي. ولكن المحامي اذا تمعن جيدا في الامر فإنه سيدرك ان حدوده الشخصية والاجتماعية وغيرها متواضعة للغاية وانه كلما احترم اسرة الدفاع التي ينتمي اليها بعاداتها وتقاليدها و اعرافها ومحامياتها ومحاميها كلما ساهم في تماسك هذه الاسرة وكلما شعر هو ومن يتبع خطاه بقوة الجماعة وبروح التكافل والتضامن امام مصائب و مصاعب الحياة بصفة عامة وامام مصاعب و مخاطر المهنة بصفة خاصة.
    وفي التقاليد و الاعراف جسور لا يحس بصلتها الا من احترمها واعتبرها من بين اهم دخائره الشخصية لانها تفك عنه العزلة وتجعله يشعر بانتمائه لاسرة متماسكة قوية صامدة.
    فلمهنة المحاماة اذن قيمها و توابتها النابعة من تقاليدها واعرافها. و اذا تحلل المحامون من ثوابتهم انقطع التواصل بينهم و تفككت مهنتهم. فالحفاظ على الاصول و التمسك بها ليس اختيارا فكريا بقدر ما هو ضرورة تاريخية ترتبط مباشرة بوجود المحاماة. و يمكن الجزم بان تفحص الحالة التي توجد عليها مهنة المحاماة في مغرب اليوم تؤكد لا محالة على وجود خلل في مدى احترام و اتباع القواعد السلوكية المتعارف عليها. و لايمكن الكلام عن وحدة المحامين وتماسكهم و من تم عن قوتهم بدون اتفاقهم هم اولا و اخيرا على تقاليد و اعراف تحكم سلوكم.
    فعلينا ان نحيي تقاليدنا و اعرافنا المهنية ليس ولعا بالماضي و لا تشبتا اعمى بالقديم بل تمسكا رشيدا بهويتنا و بمهنتنا و ايمانا راسخا في ان قوة المهنة تكمن في قوة من يمارسها و ان قوة ممارسيها تتمركز في تمسكهم بقيم رسالتهم و احياء تقاليدهم و اعرافهم التي تفرقهم عن غيرهم. و بدون هذا الاحياء لن نستطيع ان نكتشف قدراتنا و لن نسترجع قوتنا و ستكون مهنة الدفاع في حاجة لمن يدافع عنها باعتبار ان اصحابها لم يكونوا في مستوى حمل المشعل الذي سلمه لهم اسلافهم. و كما قال النقيب عبد الكريم بنجلون التويمي : "ان في هجران التقاليد المأثورة قضاء مبرما على سلك المحاماة و سلاحا فتاكا في يد اعدائه و المتربصين لعثراته" ( 22).
    فما هي اذن تقاليد و اعراف مهنة المحاماة و ما هو مفهومها ؟. و ما هو نطاقها و مدى قوتها الالزامية ؟. ان الجواب على هذه التساؤلات سيكون موضوع دراسة مستفيضة قادمة ان شاء الله.

    _____________________________________________

    1) مازو و شاباس، "المدخل لدراسة القانون"، الطبعة 11، منشورات مونكريستيان، 1996، ص.142.
    2)" عباس العبودي، المرجع السابق، ص.50.
    3 ) د.مصطفى الجمال و نبيل ابراهيم سعد، "النظرية العامة للقانون"، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2002.
    4) انظر الفصول : 510 (المتجاوز بالفصل... من القانون التجاري..) ، 578، 580، 581، 603، 615، 663، 671، 688، 689، 707، 733، 734، 754، و 761 من قانون الالتزامات و العقود مثلا.
    5) ) ظهير 1 غشت 1996 بتنفيذ القانون المتعلق بمدونة التجارة كما وقع تعديله.
    6) ) يستتنى العرف من القانون الجنائي الذي بقوم على مبدأ "لا جريمة و لا عقوبة الا بنص".
    7) يعد العرف اقدم مصادر القانون.
    Cool 8 في جهة الرباط مع محكمة استئنافية بالخميسات ، 21 في جهة مكناس و 5 في جهة فاس مع محكمة استئنافية بازرو، 10 في جهة تازة مع محكمة استئناف بهرمومو، 23 في جهة تادلة مع محكمة استئناف بمراكش، 12 في جهة تافيلالت مع محكمة استئناف بقصرالسوق.
    9) الفصل 5 من الدستور المغربي لسنة 1996.
    10) الفصل....من الدستور المغربي.
    11) La déontologie de la profession d’avocat « est le nom barbare " que l’on donne à la science dont l’objet est l’étude des règles morales et juridiques qui doivent régir une profession ». J.Hamelin et A.Damien, « Les règles de la profession d’avocat », 9ème éd. Dalloz 2000, p.1.. و يمكن الكلام هنا على علم الواجبات.
    12) خالد خالص، "المحامي ما فائدته؟ دفاعا عن مهنة المحاماة – دور المحامي –" مجلة المحاكم المغربية، العدد........، ص.... او مجلة القصر، العدد 4،....
    13) النقيب عبدالرحمن بنعمرو.
    14) عنوان كتاب للاستاذ محمد شوكت التوني : "المحاماة فن رفيع"، المجموعة المتحدة للطبع و النشر، 1957.
    15) الفصل 12 المتعلق بالقسم ضمن في مقتضياته "احترام قواعد المهنة..." و هي عبارة فضفاضة من شأنها ان تشمل القواعد القانونية المكتوبة و كذا القواعد النابعة من التقاليد و الاعراف. و نفس الشأن بالنسبة للفصل 65.
    16) ينص الفصل 59 على ما يلي : "يعاقب تأديبيا المحامي الذي يرتكب مخالفة للتصوص القانونية او التنظيمية او قواعد المهنة و اعرافها او اخلالا بالمروءة و الشرف و لو تعلق الامر باعمال خارجة عن النطاق المهني".
    17) الجريدة الرسمية و تاريخ 15 يناير 1924.
    18) اعراف و تقاليد مهنة المحاماة، الحسن رامضي، مجلة الاشعاع، العدد 16، 1997، ص. 61.
    19) "على كل محام، شرفيا كان او رسميا او متمرنا ان يلتزم بكل الاعراف و التقاليد.
    20) حقوق و واجبات المحامي هي المنصوص عليها في القانون المنظم للمهنة و النظام الداخلي و كذا قواعد المهنة و اعرافها."
    21) "على المحامي ان يمتنع في حياته الخاصة عن كل عمل...يتنافى مع تقاليد المهنة و اعرافها".
    22) النقيب عبد الكريم بنجلون التويمي في محاضرة القاها في اطار ندوة التدريب بالدارالبيضاء بتاريخ 17 يونيو 1976، مجلة المحاكم المغربية، العدد.....، ص....
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    المحاماة في كلمات  للاستاذ /خالد خالص  ـ المغرب Empty رد: المحاماة في كلمات للاستاذ /خالد خالص ـ المغرب

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود السبت أكتوبر 15, 2011 3:42 pm

    المرأة و المحاماة


    خالد خالص


    ظهرت مهنة الدفاع منذ ان وجدت الخصومة. وهي مهنة مرتبطة ارتباطا لصيقا بنصرة الحق والدفاع عن المظلوم وإرساء دولة القانون والمؤسسات. كما تعد هذه المهنة معقلا للدفاع عن الحرية وعن استقلال القضاء. و حق الدفاع حق مقدس من الحقوق الاساسية للانسان يقاس به مستوى الديموقراطية في المجتمع.
    ومن هذا المنطلق لم تكن مهنة المحاماة في يوم من الأيام مهنة غذائية بل هي رسالة إنسانية سامية، شريفة ونبيلة، رسالة مبادئ ومواقف تساهم في دعم العمل الديمقراطي في المجتمع. ومن تم كان يشترط دائما وأبدا في الراغب في تحملها وتحمل مخاطرها ان تكون له الموهبة و ان يتمتع بخصال الشجاعة الأدبية والجرأة والذكاء والفطنة وسرعة البديهة وما يعرف " بالحضور" والالمام بالقوانين وبقدرة الجدال بالتي هي احسن وقدرة الاقناع إلى جانب خصال الصدق والنزاهة والاستقامة والشر ف.
    و المحاماة امانة و مسؤولية و لا غرابة في ذلك اذ يعيش المحامون يوميا آلام وآمال الموطنين و هم مسؤولون عن الدفاع عن كرامة الانسان و رد الحقوق لاصحابها و دفع الاتهام الباطل عنهم و مراقبة التشريع و مناقشته و انتقاذه و اقتراح البدائل والمساهمة في تطوير المجتمع بهدف تحقيق تقدمه و امنه و استقراره الى جانب المهام الاخرى الملقاة على عاتق المحامي.
    ومن تم كان للمحامين و لا يزال إسهامات قوية في بسط العدالة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المجتمع و كان للكثير منهم نصيب الأسد في تقلد المناصب العليا ذات المسؤولية. ومن اطلع على التشكيلات الوزارية التي انطلقت في المغرب منذ فجر الاستقلال إلى اليوم مثلا سيكون له تصور عن ذلك. و قد كان الامر دائما و ابدا على هذا النحو في الدول الأخرى حيث كان المحامي مبجلا مدللا إلى درجة قول فولتير " كنت اتمنى ان اكون محاميا لان المحاماة اجل مهنة في العالم".
    وإذا كانت هذه المهنة رسالة مقدسة، فإن تحملها والدفاع عنها لا يقتصر على الرجال دون النساء اذ نجد نسبة النساء اللواتي يزاولنها في فرنسا مثلا تصل اليوم الى 50%.
    وإذا كنا اليوم نجد الامر طبيعيا فإنه لم يكن على ذلك المنوال الى غاية القرن الماضي اذ لم يكن يسمح للمرأة في فرنسا مثلا بان تدافع حتى عن نفسها إلا بحضور زوجها. و قد حاولت سنة 1897 السيدة جان شوفان ولوج مهنة المحاماة حيث طلبت أداء اليمين القانونية أمام محكمة الاستئناف بباريز الا ان محاولتها باءت بالفشل حيث رفضت هذه المحكمة قبول طلبها بعلة ان القانون لا يسمح للمرأة بان تزاول مهنة المحاماة، هذه المهنة التي كانت منذ قرون ذكورية فقط. وقد انتظرت المرأة الفرنسية الفاتح من دجنبر 1900 ليقوم السيدين بوانكاري وفيفياني بفرض التصويت على قانون يسمح للمرأة بمزاولة مهنة المحاماة و كانت اولكا بوتي ( (Olga Petit اول امرأة ولجت المحاماة. بل اكثر من ذلك فان دورية 1892 كانت تمنع على النساء بصفة عامة ارتداء السروال وكان و لا بد من انتظار سنة 1909 ليتم التنصيص على ان ارتداء السروال لا يشكل جنحة بالنسبة للمرأة التي تسوق الحصان او الدراجة النارية و بقي المنع على ما هو عليه بالنسبة للباقي. الا ان العادة انتشرت سنة 1920 ليصبح ارتداء السروال عادي بالنسبة للنساء سنة 1960.
    و للمقارنة فقط فان المحاميات القبرصيات كانت مجبرات على ارتداء كسوة كلاسيكية و قميص ابيض ( tailleur classique et chemisier blanc ) كما كانت ممنوعات من ارتداء السروال. و بقي الامر على هذا النحو حتى بداية سنة 2005 حيث تم السماح لهن بارتداء السروال شريطة ان يكون كلاسيكيا و قاتم اللون.
    اما في إيطاليا فإن مجلس هيئة المحامين بتوران كان هو السباق سنة 1883 لاتخاذ قرار يسمح للمرأة بالتسجيل في سلك المحاماة. ولكن هذا القرار ألغي من قبل محكمة الاستئناف و تم تأييد القرار الاستئنافي من قبل محكمة النقض باعتبار ان المساواة نسبية وان هناك تباينات ضرورية بين الرجل و المرأة.
    وقد ضل الامر بين أخذ ورد وبقيت الامور على حالها إلى ما بعد سنة 1920 حيث ولجت ليديا بوويت ( Lidia Poët ) مهنة المحاماة.
    أما في كندا فإن دراسة القانون كانت مفتوحة في وجه الرجال فقط. وكان ولا بد من انتظار يوم 29 أبريل 1941 ليتم تغيير قانون الكيبيك. وكان الفصل 28 من قانون 25 أكتوبر 1917 ينص على أنه " لا يمكن ان يقبل لدراسة القانون إلا البريطاني من جنس ذكوري" ورغم الطلبات المتعددة للسيدة لانكسطاف ( Langstaff ) والسيدة فلورانس سيمول بيل واليزابيط مونك ( Florence Symour Bell, Elizabeth C. Monk ) فإن مطالبتهن للالتحاق بمعاهد لدراسة القانون كانت ولمدة ثلاثين سنة تقابل بالرفض القاطع.
    وفي نفس الوقت فإن ايوا (iowa ) في الولايات المتحدة كانت أول ولاية قبلت أول امرأة لولوج كلية الحقوق سنة 1869. الا ان الملاحظ كذلك انه في سنة 1920 ومن مجموع 129 معهد للقانون 27 منهم كانت لازالت مقفلة في وجه النساء.
    اما فيما كان يعرف بالكندا الانجليزي وبعد ست سنوات من المعارك المستمرة والمسترسلة فإن السيدة كلارا بريت مارتان ( Clara Brett Martin ) أصبحت أول امرأة محامية بفضل قانون خاص تم التصويت عليه بالبرلمان الانطاري ( Otarien ) بتاريخ 2/2/1897.
    وبقيت المناطق الكندية الأخرى تتبع تدريجيا نفس النهج وبقيت منطقة طيرنوف (Terreneuve) هي المنطقة ما قبل الأخيرة التي سمحت للنساء بمزاولة مهنة المحاماة سنة 1933 ليبقى الكيبيك هو الأخير إلى غاية سنة 1941. والنساء لم تدخلن المحاماة من بابها الواسع في الكيبيك إلا بصعوبة وبصوت واحد زكى الأغلبية داخل المجلس العام لهيئة المحامين سنة1942.
    و بتاريخ 3 دجنبر 1888 كانت اول امراة تقدمت بطلب اداء اليمين القانونية لممارسة مهنة المحاماة ببروكسيل ببلجيكا هي الاستاذة ماري بوبلين. و رغم ان هذه الاخيرة كانت حاصلة على الدكتورة في الحقوق فان محكمة الاستئناف رفضت طلبها بتاريخ 11 نونبر 1889 بعلة ان المشرع لم يقنن امكانية السماح للمرأة بممارسة مهنة المحاماة. و بقيت المعنية بالامر تناضل من اجل حقوق المرأة الى ان توفيت يوم 5 يونيو 1913 منهكة بالمعارك و النضال التي كانت تقوده. و لم يسمح للمرأة في بلجيكا بولوج مهنة المحاماة الا سنة 1922.
    وفي المملكة العربية السعودية لازال المنع قائما بالنسبة للنساء إلى يومنا هذا ولم يسمح لهن بمزاولة مهنة المحاماة إلا في سنة 2004 و سوى داخل مكاتب نسائية مستقلة داخل مكاتب المحاماة لمزاولة أعمالهن كمستشارات قانونيات يتعاملن مباشرة مع قضايا النساء دون امكانية الحضور او الوقوف او الترافع امام القضاة. و بامكانهن تحرير المذكرات الدفاعية المتعلقة بالنساء شريطة ان تقدم هذه المذكرات و ان تتم المرافعة من قبل المحامين الذكور.
    وفي المغرب كان يمنع ابان عهد الحماية على المغاربة ذكورا ام نساء مزاولة مهنة المحاماة بحيث كانت هذه المهنة مخصصة فقط لحاملي الجنسية الفرنسية او لجنسية أجنبية (الفصل 34 من ظهير 12 غشت 1913 بخصوص المسطرة المدنية ) ولم يسمح للمغاربة بولوج مهنة المحاماة و مزاولتها امام المحاكم الفرنسية إلا بمقتضى ظهير 10 نونبر 1924 المتعلق بتنظيم هيئة المحامين و مزاولة مهنة المحاماة.
    و كانت المرأة محجورة أبيها او زوجها او وليها...و لم يكن يسمح لها حتى برؤية زوجها قبل الزواج حيث كان المثل الشعبي يقول بان "المرأة تخرج مرتين في عمرها ، مرة لبيت زوجها و مرة لقبرها". و عانت المرأة المغربية كباقي النساء في العالم من الحيف و التهميش.
    و كانت اول امرأة مغربية التحقت بهيئة المحاميين بالرباط كمحامية متمرنة سنة 1963 ليتم تسجيلها في الجدول بتاريخ 11 شتنبر 1966 هي الاستاذة نجاة الشرايبي برادة تبعتها بعد ذلك الاستاذة لطيفة بودخيل الفلوس التي التحقت كمتمرنة سنة 1965 و تم تسجيلها بالجدول بتاريخ 16 دجنبر 1968 لتتبعهما فيما بعد محاميات اخريات كالاستاذة عائشة بنمسعود ( 4 يناير 1969 ) و حميدة الصائغ ( 22 شتنبر 1969 ) و عائشة العلوي الشدادي ( 4 يونيو 1971 ) و فتيحة ابو زيد ( 17 دجنبر 1971 ) و فاطمة ضاكة الدكالي ( 29 مارس 1974 ) و لطيفة المانوني ( 14 مارس 1975 )، الخ. و كانت اول محامية تقلدت منصب العضوية في مجلس هيئة المحامين بالرباط من سنة 1980 الى غاية سنة 1982 تم من سنة 1983 الى غاية سنة 1985 هي الاستاذة فتيحة ابو زيد.
    و قد صرحت احدى البرلمانيات المغربيات بتاريخ 2 فبراير 2005 على اثر ندوة البرلمانيات العربيات ببيروت بان نسبة النساء في قطاع المحاماة وصلت بالمغرب الى 48%. و رغم انني لا اتوفر شخصيا على احصائيات رسمية عامة و دقيقة فانني اظن بان هذه النسبة مبالغ فيها شىء ما و لا تعكس الحقيقة.
    و ساتناول بالدرس المعطيات التقريبية التي اتوفر عليها و المتعلقة بمدينة الرباط حيث التحق اول مغربي بمهنة المحاماة سنة 1949 و هو الاستاذ محمد البوحميدي الذي تقلد منصب نقيب هيئة المحامين بالرباط من سنة 1969 الى سنة 1971 . و كانت نسبة النساء في قطاع المحاماة بمدينة الرباط بالنسبة للمسجلات بالجدول ( حسب آخر جدول ) على الشكل التالي :
    - من سنة 1949 الى سنة 1965 : 0% من النساء و 100% من الرجال.
    - من سنة 1966 الى سنة 1970 ( خمس سنوات ): التحقت 4 نساء و 48 من الذكور اي ان نسبة النساء كانت هي 8% بينما نسبة الرجال كانت 92%.
    - من سنة 1971 الى سنة 1980 ( عشر سنوات ): التحقت 9 نساء و 69 من الرجال اي بنسبة 12% للنساء و 88% للذكور.
    - من سنة 1981 الى سنة 1990 ( عشر سنوات ) : التحقت 78 من النساء و 277 من الرجال اي بنسبة 22 % للنساء و 78% للرجال.
    - من سنة 1991 الى سنة 2000 ( عشر سنوات ) : التحقت 134 من النساء و 276 من الذكور اي بنسبة 33 % للنساء و 67% للذكور.
    - من 2001 الى 2004 ( اربع سنوات ) التحقت 49 من النساء و 112 من الذكور اي بنسبة 30% للنساء و 70 % الذكور.
    و بالنسبة للمسجلين في لائحة التمرين من 2001 الى غاية 2004 فان عدد النساء بلغ 37 امرأة بينما عدد الذكور و صل الى 52 رجل اي بنسبة 42 % للنساء و 58 % للرجال.
    اما بالنسبة لمجموع المسجلين في الجدول من سنة 1949 الى غاية نهاية سنة 2004 فان الجدول ( و بغض النظر عن الوفايات او الاستقالات، الخ ) يتضمن الان 1045 منها 773 من الرجال و 272 من النساء اي بنسبة 26 % للنساء و 74 % للرجال.
    و لم تقتصر المغربيات على ممارسة مهنة المحاماة داخل المغرب بل خرقن الحدود ليمارسن المهنة في بلدان اخرى كالاستاذة عائشة انصار الراشدي المسجلة بجدول المحامين بباريزمنذ يناير 1977 ( و هي من المناضلات من اجل اقرار حقوق المرأة ) او لتقلد منصب وزاري كالاستاذة ياسمينة بادو التي بدأت مشوارها بهيئة المحامين بالرباط او لتقلد منصب برلماني او رئيسة فريق برلماني كالاستاذة فطوم قدامى المحامية بهيئة الرباط و غيرهن كثير.
    و خلاصة القول انه بعد ازيد من عشرين سنة من الممارسة في هذا القطاع فان بامكاني الجزم على ان المحامية المغربية تشرف المرأة المغربية و تشرف المرأة العربية و تشرف المرأة بصفة عامة اينما كانت.
    فتحية للمحامية المغربية و تحية للمرأة المغربية و تحية للمرأة اينما حلت او ارتحلت.



    الرباط في فاتح مارس 2005

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 8:32 pm