مهنة المحاماة ظهرت بوادرها في مصر منذ فجر
التاريخ فالأسطورة الفرعونية 'حورس وست' بجانب الكفاح الأصلي فيها الا
انها قد طبعت بطابع كإنسانية المتحضرة فأصبحت في النهاية تمثل نزاعا
قانونيا أو قضية بين بطلي الاسطورة اقامها احدهما منذ الآخر بكل ما يتبع
ذلك من اجراءات قانونية أمام 42 قاضيا يمثلون مقاطعات مصر في ذلك العهد
ورأس أول درجة للتقاضي الإلة 'شو أونوريس' ودون محاضر الجلسات الإله
'تحوتي' إله الحكمة، وكان محامي 'حورس' والدته الإلهة 'ازيس' وعدد آخر من
الآلهة بينما كان محامي 'ست' الإله 'رع حور آختي' سيد الجميع، وأستمر
انعقاد المحكمة ثمانين عاما لأن القضية كانت حساسة تتعلق بمعرفة ما اذا
كان 'حورس' الذي ولد بعد وفاة ابيه 'أوزوريس' هو حقيقة ابن له؟ وايهما احق
بخلافة عرش 'أوزوريس' الأخ 'ست'، ام الابن المطعون في بنوته 'حورس'؟
وتوارث الشعب المصري 'طوال تاريخه' مهنة المحاماة في
القضاء العرفي وفي مجالس الصلح وفي التجمعات واستشهد الشعب في مرافعاته
بنصوص قانونية غاية في الدقة والاتقان خالية من العيوب والتغيرات هي
الامثال الشعبية التي تمثل فلسفته في التشريع للعادات والتقاليد والقيم
والأعراف الشعبية ومنها 'اللي أوله شرط آخره نور' و'كل شيء وله قانون'
و'صاحب الحق نطاح'.
وفي عهد العثمانيين عرفت مصر مهنة المحاماة في القضاء
الرسمي في نطاق دقيق تمثل في وساطة الأعيان والأمراء وكبار رجال الدولة أو
كما وضعهم المؤرخ 'الجبرتي' بالشفعاء، ولم تعرف مصر المحاماة بالمفهوم
الحالي الا ايام الحملة الفرنسية وبالتحديد اثناء محاكمة سليمان الحلبي
المتهم بقتل 'كليبر' القائد الفرنسي، وبعد المحاكمة شاع لفظ 'أفوكاتو'
واستمر شائعا لعشرات السنين ولم يتم التفكير في تعريبه الا في عهد الخديوي
عباس حلمي الثاني في مساء يوم 4 فبراير 1893 علي يد الشيخ محمد توفيق
البكري نقيب الاشراف واول رئيس لمجمع اللغة العربية الذي تأسس من 11 عضوا
بمنزل الشيخ البكري بالخرنفش، وقدم الشيخ البكري بحثا عن عشر كلمات أعجمية
تسللت الي اللغة العربية ومنها كلمة 'أفوكاتو' وأقترح البكري كلمة 'مدرة'
لتكون بديلا لها.
وتناقلت الصحف حينذاك هذه الكلمة وتصدي لنقدها في مجلة
'الهلال' 'جورجي زيدان' ورد عليه في مجلة 'الاستاذ' يوم 7 مارس 1893
'عبدالله النديم' في مناظرات رائعة اثارت ضجة صحفية، فيري 'جورحي زيدان'
ان كلمة 'مدرة' لا يمكن ان تكون بديلا عن كلمة 'افوكاتو' التي تفيد
المدافعة عن الآخرين في الأمور الشرعية، بينما لفظ 'مدرة' يعني فقط زعيم
القوم والمتكلم عنهم البديل كلمة 'محام' لأن فيها اشتقاقات 'حامي عنه..
ويحامي عنه.. والمحاماه' ودافع 'عبدالله النديم في مناظرته عن كلمة 'مدرة'
التي اقترحها الشيخ البكري ويري انها تقوم بالمراد وتعادل كلمة 'أفوكاتو'
وانها اعم واشمل من كلمة 'محام'.
واذا كانت كلمة 'افوكاتو' اكثر الالفاظ العجيبة الاعجمية
شيوعا ودورانا علي الشفاه في ذلك الوقت فرأي المجمع اللغوي ان يستبدل بها
كلمة 'مدرة' غير ان كلا الكلمتين ماتت وعاشت بعدها كلمة 'محام' التي
اقترحها 'جورجي زيدان' لتخرج من ارض الكنانة مصر، ولتنطلق من نقابتها الذي
انشأها الزعيم سعد زغلول عام 1912، ولتنقلها شفاه ابناء الامة العربية،
ولترفرف في ساحات العدالة من المحيط الي الخليج
استقلالية مهنة المحاماة
ترتبط المحاماة بالحياة القانونية ،كما تعيش في المحاكم
وفي المجتمع ويقع على المحامي واجب متعدد الأبعاد: واجبه نحو موكله،
وواجبه نحو خصمه، وواجبه نحو المحكمة ، وواجبه تجاه نفسه ، وواجبه تجاه
النظام القانوني في الدولة .
ولكن الواجب الأعلى والأسمى
الذي يقع على المحامي هو واجبه وولاؤه للعدل وأداء العدل . و انه من الخطأ
أن نعتبر المحامي لسان موكله ،والناطق باسمه فقط يقول ما يريد موكله،
وانه أداته لما يرشده إليه، إن المحامي ليس كذلك وإنما هو مدين بالولاء
والإخلاص للقضية الأهم وهي قضية العدالة . والمحاماة وهي من الحماية، تشكل
الدعامة الأساسية لتحقيق العدل ، فهي مهنة مستقلة تشكل مع القضاء سلطة
العدل ، وهي تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدل وتأكيد سيادة القانون .
والإنسان في صراعه من أجل
الحياة وبنضاله المستمر في درء الأخطار عن حياته وماله وحريته وكرامته
وعرضه بحاجة إلى حماية ، والمحاماة وجدت لحماية أغلى ما لدى الإنسان:
حياته وماله وحريته وكرامته وعرضه ، وحماية حقوق الأفراد وحقوق الأمة،
والحياة لا تستقيم بدون حماية ، ودون حماية المحاماة .
ويجب أن يكون المحامون قادرين
على إيصال العدالة للجميع عن طريق السعي لتحسين النظم القانونية وتحسين
المهارات المهنية التي تمكن المحامي من تقريب العدالة للناس وعرض قضاياهم
على القضاء وتعزيز فهم الجمهور لدور القانون في المجتمع .
مفهوم استقلال المحاماة .
ومفهوم المحاماة بالمعنى المتقدم جعل استقلالية المحاماة
أهم مقومات وجودها وفعاليتها في أداء دورها ، وإذا كان استقلال مهنة
المحاماة جزءاً من استقلال القضاء وكلاهما (استقلالية القضاء والمحاماة)
جزءان لا يتجزءان لازمان لإقامة العدل، فإن لاستقلالية المحاماة، معنى
ومفهوماً يختلف عن مفهوم ونطاق استقلال القضاء ، ومرد ذلك إلى أن المحاماة
ليست سلطة كسلطة القضاء أو سلطة كبقية سلطات الدولة ( التنفيذية
والتشريعية ) ، فالمحاماة منذ نشأتها هي مهنة معاونة القضاء تكمل وتشاطر
القضاء مهمة إقامة العدل ، ومن هنا اعتبر استقلال المحاماة جزءاً من
استقلال القضاء ، ومن هنا أيضاً أعتبر أن وجود النظام القانوني العادل
والناجع لإقامة العدالة والحماية الفاعلة لحقوق الإنسان وحرياته يتوقفان
على استقلال القضاة واستقلال المحامين .
ويقصد باستقلال المحاماة بوجه
عام قيام المحامين بأداء دورهم متحررين من كل تأثير أو ضغط من أي جهة كانت
، وأن تكون كل السبل ميسرة أمام الجمهور للاستعانة بالخدمة التي يقدمها
المحامون .
فالمحامي في أدائه لمهمته
وواجبه لا يخضع لغير ضميره الحر المستقل ، واستقلالية المحاماة باعتبارها
مستمدة من طبيعة وظيفته الاجتماعية كمشارك للقضاء في إقامة العدل تعني
حرية ممارسته لمهنته واستقلاليته في آلية الدفاع عن موكله ، ولعل هذا
المفهوم لاستقلالية المحاماة هو الذي دفع للقول بأن ( المحاماة دعامة
العدل باعتبار أن العدل أساس الملك ولا عدل بغير قضاء ولا قضاء بغير محاماة
) . و ينبغى التأكيد على أن استقلال مهنة المحاماة منوط بالمحامين في
التزامهم الأخلاقي بكل ما يكفل نزاهتهم ويحافظ على شرف وكرامة المهنة وفي
التزامهم بالحفاظ على كفاءتهم المهنية وتطوير قدراتهم المعرفية وأدائهم
العملي .
و إيجازاً فإنه يمكن القول
إن حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تقتضي حصول جميع
الأشخاص على خدمات قانونية يقدمها مهنيون قانونيون مستقلون يتمتعون
بالكفاءة والجدارة والقدرة على أداء واجبات الدفاع ويتحلون بالنزاهة
والحيدة والالتزام الخلقي في عملهم . والمحاماة القادرة على المشاركة في
إدارة نظام العدالة وإعلاء صرح الحق هي المحاماة المستقلة المرتبطة
بالقضاء المستقل في دولة تحترم وتكفل حقوق الإنسان ، وهي المحاماة التي
تتولى شؤونها نقابات المحامين التي تتمتع بالاستقلال في إدارة وتولي شؤون
المهنة والحفاظ على كرامتها وكفاءة منتسبيها ومساءلة المخل منهم بواجباته
المهنية والأخلاقية ، واستقلال المحاماة منوط بكفالة حق كل شخص في الوصول
إلى خدمة المحامي والاستعانة به والتمتع بمساعدته عند عدم توفر القدرة
المادية على توكيله ، واستقلالية المهنة المقدسة منوط بالمحامين في سعيهم
للحفاظ على استقلاليتهم وهيبة نقابتهم وفي فرض احترام الغير للمهنة سواء
الأشخاص أو السلطات أو القضاء أو الأجهزة والجهات التي يباشرون عملهم
أمامها وحماية واحترام استقلالية المحاماة أخيراً واجب على الدولة
وسلطاتها الثلاث من خلال توفير الأجواء للمحامين في أدائهم لوظيفتهم
المهنية دون عائق أو تدخل وعدم تعريضهم للاعتداء أو الملاحقة أو المضايقة
جراء ما يجرونه من مهام الدفاع عن موكليهم ، وتوفير ضمانات حمايتهم من كل
اعتداء واحترام علاقتهم بموكليهم وسرية مكاتبهم وأوراقهم وأعمالهم
واتصالاتهم
التاريخ فالأسطورة الفرعونية 'حورس وست' بجانب الكفاح الأصلي فيها الا
انها قد طبعت بطابع كإنسانية المتحضرة فأصبحت في النهاية تمثل نزاعا
قانونيا أو قضية بين بطلي الاسطورة اقامها احدهما منذ الآخر بكل ما يتبع
ذلك من اجراءات قانونية أمام 42 قاضيا يمثلون مقاطعات مصر في ذلك العهد
ورأس أول درجة للتقاضي الإلة 'شو أونوريس' ودون محاضر الجلسات الإله
'تحوتي' إله الحكمة، وكان محامي 'حورس' والدته الإلهة 'ازيس' وعدد آخر من
الآلهة بينما كان محامي 'ست' الإله 'رع حور آختي' سيد الجميع، وأستمر
انعقاد المحكمة ثمانين عاما لأن القضية كانت حساسة تتعلق بمعرفة ما اذا
كان 'حورس' الذي ولد بعد وفاة ابيه 'أوزوريس' هو حقيقة ابن له؟ وايهما احق
بخلافة عرش 'أوزوريس' الأخ 'ست'، ام الابن المطعون في بنوته 'حورس'؟
وتوارث الشعب المصري 'طوال تاريخه' مهنة المحاماة في
القضاء العرفي وفي مجالس الصلح وفي التجمعات واستشهد الشعب في مرافعاته
بنصوص قانونية غاية في الدقة والاتقان خالية من العيوب والتغيرات هي
الامثال الشعبية التي تمثل فلسفته في التشريع للعادات والتقاليد والقيم
والأعراف الشعبية ومنها 'اللي أوله شرط آخره نور' و'كل شيء وله قانون'
و'صاحب الحق نطاح'.
وفي عهد العثمانيين عرفت مصر مهنة المحاماة في القضاء
الرسمي في نطاق دقيق تمثل في وساطة الأعيان والأمراء وكبار رجال الدولة أو
كما وضعهم المؤرخ 'الجبرتي' بالشفعاء، ولم تعرف مصر المحاماة بالمفهوم
الحالي الا ايام الحملة الفرنسية وبالتحديد اثناء محاكمة سليمان الحلبي
المتهم بقتل 'كليبر' القائد الفرنسي، وبعد المحاكمة شاع لفظ 'أفوكاتو'
واستمر شائعا لعشرات السنين ولم يتم التفكير في تعريبه الا في عهد الخديوي
عباس حلمي الثاني في مساء يوم 4 فبراير 1893 علي يد الشيخ محمد توفيق
البكري نقيب الاشراف واول رئيس لمجمع اللغة العربية الذي تأسس من 11 عضوا
بمنزل الشيخ البكري بالخرنفش، وقدم الشيخ البكري بحثا عن عشر كلمات أعجمية
تسللت الي اللغة العربية ومنها كلمة 'أفوكاتو' وأقترح البكري كلمة 'مدرة'
لتكون بديلا لها.
وتناقلت الصحف حينذاك هذه الكلمة وتصدي لنقدها في مجلة
'الهلال' 'جورجي زيدان' ورد عليه في مجلة 'الاستاذ' يوم 7 مارس 1893
'عبدالله النديم' في مناظرات رائعة اثارت ضجة صحفية، فيري 'جورحي زيدان'
ان كلمة 'مدرة' لا يمكن ان تكون بديلا عن كلمة 'افوكاتو' التي تفيد
المدافعة عن الآخرين في الأمور الشرعية، بينما لفظ 'مدرة' يعني فقط زعيم
القوم والمتكلم عنهم البديل كلمة 'محام' لأن فيها اشتقاقات 'حامي عنه..
ويحامي عنه.. والمحاماه' ودافع 'عبدالله النديم في مناظرته عن كلمة 'مدرة'
التي اقترحها الشيخ البكري ويري انها تقوم بالمراد وتعادل كلمة 'أفوكاتو'
وانها اعم واشمل من كلمة 'محام'.
واذا كانت كلمة 'افوكاتو' اكثر الالفاظ العجيبة الاعجمية
شيوعا ودورانا علي الشفاه في ذلك الوقت فرأي المجمع اللغوي ان يستبدل بها
كلمة 'مدرة' غير ان كلا الكلمتين ماتت وعاشت بعدها كلمة 'محام' التي
اقترحها 'جورجي زيدان' لتخرج من ارض الكنانة مصر، ولتنطلق من نقابتها الذي
انشأها الزعيم سعد زغلول عام 1912، ولتنقلها شفاه ابناء الامة العربية،
ولترفرف في ساحات العدالة من المحيط الي الخليج
استقلالية مهنة المحاماة
ترتبط المحاماة بالحياة القانونية ،كما تعيش في المحاكم
وفي المجتمع ويقع على المحامي واجب متعدد الأبعاد: واجبه نحو موكله،
وواجبه نحو خصمه، وواجبه نحو المحكمة ، وواجبه تجاه نفسه ، وواجبه تجاه
النظام القانوني في الدولة .
ولكن الواجب الأعلى والأسمى
الذي يقع على المحامي هو واجبه وولاؤه للعدل وأداء العدل . و انه من الخطأ
أن نعتبر المحامي لسان موكله ،والناطق باسمه فقط يقول ما يريد موكله،
وانه أداته لما يرشده إليه، إن المحامي ليس كذلك وإنما هو مدين بالولاء
والإخلاص للقضية الأهم وهي قضية العدالة . والمحاماة وهي من الحماية، تشكل
الدعامة الأساسية لتحقيق العدل ، فهي مهنة مستقلة تشكل مع القضاء سلطة
العدل ، وهي تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدل وتأكيد سيادة القانون .
والإنسان في صراعه من أجل
الحياة وبنضاله المستمر في درء الأخطار عن حياته وماله وحريته وكرامته
وعرضه بحاجة إلى حماية ، والمحاماة وجدت لحماية أغلى ما لدى الإنسان:
حياته وماله وحريته وكرامته وعرضه ، وحماية حقوق الأفراد وحقوق الأمة،
والحياة لا تستقيم بدون حماية ، ودون حماية المحاماة .
ويجب أن يكون المحامون قادرين
على إيصال العدالة للجميع عن طريق السعي لتحسين النظم القانونية وتحسين
المهارات المهنية التي تمكن المحامي من تقريب العدالة للناس وعرض قضاياهم
على القضاء وتعزيز فهم الجمهور لدور القانون في المجتمع .
مفهوم استقلال المحاماة .
ومفهوم المحاماة بالمعنى المتقدم جعل استقلالية المحاماة
أهم مقومات وجودها وفعاليتها في أداء دورها ، وإذا كان استقلال مهنة
المحاماة جزءاً من استقلال القضاء وكلاهما (استقلالية القضاء والمحاماة)
جزءان لا يتجزءان لازمان لإقامة العدل، فإن لاستقلالية المحاماة، معنى
ومفهوماً يختلف عن مفهوم ونطاق استقلال القضاء ، ومرد ذلك إلى أن المحاماة
ليست سلطة كسلطة القضاء أو سلطة كبقية سلطات الدولة ( التنفيذية
والتشريعية ) ، فالمحاماة منذ نشأتها هي مهنة معاونة القضاء تكمل وتشاطر
القضاء مهمة إقامة العدل ، ومن هنا اعتبر استقلال المحاماة جزءاً من
استقلال القضاء ، ومن هنا أيضاً أعتبر أن وجود النظام القانوني العادل
والناجع لإقامة العدالة والحماية الفاعلة لحقوق الإنسان وحرياته يتوقفان
على استقلال القضاة واستقلال المحامين .
ويقصد باستقلال المحاماة بوجه
عام قيام المحامين بأداء دورهم متحررين من كل تأثير أو ضغط من أي جهة كانت
، وأن تكون كل السبل ميسرة أمام الجمهور للاستعانة بالخدمة التي يقدمها
المحامون .
فالمحامي في أدائه لمهمته
وواجبه لا يخضع لغير ضميره الحر المستقل ، واستقلالية المحاماة باعتبارها
مستمدة من طبيعة وظيفته الاجتماعية كمشارك للقضاء في إقامة العدل تعني
حرية ممارسته لمهنته واستقلاليته في آلية الدفاع عن موكله ، ولعل هذا
المفهوم لاستقلالية المحاماة هو الذي دفع للقول بأن ( المحاماة دعامة
العدل باعتبار أن العدل أساس الملك ولا عدل بغير قضاء ولا قضاء بغير محاماة
) . و ينبغى التأكيد على أن استقلال مهنة المحاماة منوط بالمحامين في
التزامهم الأخلاقي بكل ما يكفل نزاهتهم ويحافظ على شرف وكرامة المهنة وفي
التزامهم بالحفاظ على كفاءتهم المهنية وتطوير قدراتهم المعرفية وأدائهم
العملي .
و إيجازاً فإنه يمكن القول
إن حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تقتضي حصول جميع
الأشخاص على خدمات قانونية يقدمها مهنيون قانونيون مستقلون يتمتعون
بالكفاءة والجدارة والقدرة على أداء واجبات الدفاع ويتحلون بالنزاهة
والحيدة والالتزام الخلقي في عملهم . والمحاماة القادرة على المشاركة في
إدارة نظام العدالة وإعلاء صرح الحق هي المحاماة المستقلة المرتبطة
بالقضاء المستقل في دولة تحترم وتكفل حقوق الإنسان ، وهي المحاماة التي
تتولى شؤونها نقابات المحامين التي تتمتع بالاستقلال في إدارة وتولي شؤون
المهنة والحفاظ على كرامتها وكفاءة منتسبيها ومساءلة المخل منهم بواجباته
المهنية والأخلاقية ، واستقلال المحاماة منوط بكفالة حق كل شخص في الوصول
إلى خدمة المحامي والاستعانة به والتمتع بمساعدته عند عدم توفر القدرة
المادية على توكيله ، واستقلالية المهنة المقدسة منوط بالمحامين في سعيهم
للحفاظ على استقلاليتهم وهيبة نقابتهم وفي فرض احترام الغير للمهنة سواء
الأشخاص أو السلطات أو القضاء أو الأجهزة والجهات التي يباشرون عملهم
أمامها وحماية واحترام استقلالية المحاماة أخيراً واجب على الدولة
وسلطاتها الثلاث من خلال توفير الأجواء للمحامين في أدائهم لوظيفتهم
المهنية دون عائق أو تدخل وعدم تعريضهم للاعتداء أو الملاحقة أو المضايقة
جراء ما يجرونه من مهام الدفاع عن موكليهم ، وتوفير ضمانات حمايتهم من كل
اعتداء واحترام علاقتهم بموكليهم وسرية مكاتبهم وأوراقهم وأعمالهم
واتصالاتهم