لقد تم إرسال عشرين عربة إسعاف إلى ميدان التحرير.
عفوا لقد تم إرسال خمسين عربة إسعاف إلى الميدان.
عفوا عدد عربات الإسعاف التى تدخل الميدان تجاوز المائة.
وسنعاود إرسال المزيد من عربات الإسعاف حتى تغطى احتياجات ميدان التحرير وأى ميدان آخر فى البلد.
لا تقلقوا لقد وفرت وجهزت الدولة كل الاحتياطى اللازم من عربات الإسعاف لحمل شهدائكم.
فلتستشهدوا كما تريدون ولكم منا عربة لكل شهيد.
سنرسل العربات حتى لا تلقى جثثكم فى صناديق الزبالة.
نحن لا نرمز بذلك.. يكفينا أن نقتلكم ثم لكم منا خدمة حمل أجسادكم مادامت ميتة صامتة عاجزة عن الصراخ.
لأنه لا يصح أن تصرخوا فى وجه قاتليكم.
ولماذا تصرخون وبماذا تصرخون؟
ماذا تريدون؟
هل تريدون الحرية؟!
لا مانع ولكن نعطيكم حرية بمقدار ما نريد نحن لا كما تريدون. تريدون عدالة؟
لا مانع ولكن نحن نقرر ما هى العدالة.
تريدون حياة كريمة؟!
لا مانع ولكن نحن نقرر ما هى الحياة الكريمة التى تحيونها.
وتريدون أن ترتفع رؤوسكم حاملة كرامتها قائلة ارفع رأسك فوق أنت مصرى.
لا مانع ولكن نحن نقرر ما هى الدرجة التى ترتفع بها رأسك.
وإذا رفعتها أكثر من اللازم نقصفها لتقع بين يدى من يصرخ بجوارك.
حتى يتعلم ألا يرفع رأسه إلا بمقدار ما نقرر نحن.
ونحن لا نريدك أن ترفع رأسك دائما.
ارفعها مرة واحنها مرات حتى لا تشعر أنت بالتعب ولا نشعر نحن بالضيق.
فلتعلم أن تمسكك برفع رأسك يشعرنا بالضيق.
ولكن إذا كنت متمسكا بإصرار على رفع رأسك بكرامة لن نمنع عنك عربات الإسعاف التى ستحمل جسدك إلى مثواه الأخير ولكن بدون رأسك.
فنحن يا بنى نحطم الجمجمة تحطيما.
نفقأ ونصفى لك العينين.. ونكسر لك الفكين.. وندق العنق دقا ثم نصيب الرأس فى الجبين.
فما حاجتك إلى هذه القطعة من جسدك.
إذا بدونها أحسن لك.
فأنت فى قبرك ستكون بلا رأس ولن تحتاج إلى أن تعذب نفسك فى كل مرة يقولون لك فيها ارفع رأسك فوق أنت مصرى.
فأنت ميت.. برأسك أو بدونها.. أنت ميت.
ولكن تذكر دائما أننا حملناك بعربات الإسعاف وفرناها لك معترفين أنها من أموالك، ولكننا كان يمكن أن نمنعها عنك.
كيف علمنا بموعد قتلك؟
هذا سؤال ساذج.. نعم ساذج لأنك ثورى رومانسى حالم.
نحن يا بنى من نعطى الأوامر بقتلك ونحن من نعطى الأوامر لإرسال عربات الإسعاف كى تنقل جسدك بلا رأسك لأنك لم تحيها حية.
وهنا وقعت بين يدى رأس من كان يقف جانبى ونظرت إلى عينيه وجدتها ناظرة إلى تدفعنى لأن أصرخ.
ارفع رأسك فوق أنت مصرى.
فنظرت إلى وجه قاتلى ورفعت رأسى قائلا: ارفع رأسك فوق..... .........
وأثناء فقئ عينى وتكسير فكى ودق عنقى وعندما كانت رأسى فى طريقها إلى يد من يقف بجانبى سمعت صوته مختلطا بدوى عربة الإسعاف التى جاءت تحمل جسدى دون رأسى.
أنت مصرى...
ارفع رأسك فوق..
ولا تنسوا أن هناك كثيرين فى الميدان مستعدون لحمل رؤوس بعض البعض ما دامت لم تتحقق مطالب ثوراتهم، طالما ثاروا ولم تتحقق أحلامهم.
ولا تنسوا أنكم كنتم دائما تقولون لهم بعد 11 فبراير الزموا منازلكم عودوا لأشغالكم، وإذا لم تتحقق مطالب الثورة فالميدان موجود.
ولزمنا منازلنا وذهبنا لأشغالنا ولكن لم تتحقق مطالب الثورة.
كل يوم تضيف الأمة شهيدا جديدا، بل كل ساعة دون أن يضاف أى اسم من أسماء القتلة.
نحن لا نعرف إلى الآن من قتل شهداء ثورتنا العظيمة حتى أصبحنا على أعتاب ثورة ثانية.
والآن هم فى الميدان رؤوسهم مرفوعة غير مستعدين لانحنائها.
وارفع رأسك فوق.. أنت شهيد.
بقلم : خالد النبوى