الثورة حصل انفلات أمني ثم أخلاقي ثم عقلي فأصبح ليس لدينا سياسي متزن لا
ليبرالي ولا سلفي ولا إخواني فالجميع يعيشون بمنطقة انعدام الوزن نتيجة
تلاحق الأحداث والأماني الدافقة والطرق المغلقة .
فقد أثار شعار تطبيق
الشريعة الإسلامية الذي رفعه البعض في الانتخابات المصرية جدلا واسعا بين
المؤيدين والمعارضين والمتحفظين إزاء توقيت إثارة الموضوع وطريقة عرضه ومدى
تأثيره على الناخب.
فظهور مطلب تطبيق
الشريعة في المشهد الانتخابي في مرحلة ما بعد الثورة جاء بالتزامن مع صعود
التيار الإسلامي في الحياة السياسية كما ارتبط ذلك بتأسيس الإخوان
المسلمين والسلفيين لأحزاب مما أثار قلق التيارات الليبرالية والشبابية من
القدرات التنظيمية العالية للإسلاميين.
الليبرالية شعرت بأنها لم ترتب
صفوفها لخوض الانتخابات لذا حاولت تأجيلها عدة مرات وهو ما قابلته القوى
الإسلامية بحشد للمجتمع خلف شعار تطبيق الشريعة لدى الاستفتاء على
التعديلات الدستورية.
السلفيين خاضوا منذ ذلك الوقت معركة تطبيق
الشريعة الإسلامية لآخر مدى وتزامن مع ذلك تسرع بعض رموزهم بالمغالاة في
الإدلاء بالتصريحات المتشددة مما أدى للانتقاص من رصيدهم الشعبي .
فكان
لزاما قبل الحديث عن تطبيق الشريعة التيقن أن الشريعة والشرعية أمران
متلازمان فالشريعة هي التشريع وهي منهج متكامل لكل مجالات الحياة في كل
زمان ومكان أما التطبيق فهو الشرعية لذلك فلابد أن يكون المجتمع مؤهلا
لتطبيق الشريعة .
فالتطبيق ليس فقط ضرورة دنيوية بل مرجعية إسلامية فالقرآن نزل تدريجا وتطبيقه كان تدريجيا .
و على الإسلاميين التركيز أولا على الأمور العامة التي تخص المجتمع
والدولة كمحاربة الفساد والتمكين للحريات العامة واستقرار الأوضاع السياسية
والاقتصادية وإعلاء سيادة القانون .
ويجب النظر للشريعة نظرة عمومية
فمن الممكن البدء بتطبيقها في المعاملات المالية وصيانة الحقوق والحريات
الشخصية مع تعليق حدي الزنا والسرقة إلى ما بعد تهيئة المجتمع .
وعلي
التيار السلفي التروي والتريث في آرائه حتى لا يعطي ذريعة لضرب المشروع
الإسلامي وكلي ثقه في جماعة الإخوان المسلمين وترتيب أولوياتها حيث سيركزون
على البدء بإقامة مجتمع فاضل تضمن فيه الدولة حد الكفاف لكل مواطن ثم
تنتقل بعد ذلك إلى ضمان حد الكفاية له لأن المعدة ليس لها دين بعدها يمكن
التفكير في تطبيق الحدود.