روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    حــق الدفــاع"

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    حــق الدفــاع" Empty حــق الدفــاع"

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة يناير 20, 2012 3:17 pm

    "حــق الدفــاع"

    بحث مقدم من
    الأستاذ/ صابر عمار
    المحامي بالنقض
    الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب


    الفهـرس

    الموضــوع الصفحـة


    تعريف حـق الدفـاع 3

    المبحث الأول: كفالــة حق الدفــاع 7
    1. قرينة البراءة 8
    2. المساواة أمام القاضى والقانون 9
    3. مبدأ المواجهة 10
    4. حق المثول أمام القضاء الطبيعى 11
    5. علانية المحاكمة 13
    6. كفالة الطعن فى الأحكام 13
    7. الحق فى إختيار محامى 15

    المبحث الثانى: حق الدفاع فى نظام المحكمة الجنائية الدولية 17

    المبحث الثالث: نقابة المحامين الجنائيين الدوليين 20

    المراجــــع 22







    تعريف حق الدفاع

    لاشك لدينا أن حق الدفاع هو أهم الحقوق الأساسية للإنسان وهو قديم قدم العدالة ذاتها، إذ يعتبر من الحقوق الطبيعية وشأنه شأن "الحق في الحياة" ذاتها، وهو"وثيق الصلة بالخصومة القضائية من زاوية تجلية جوانبها، وتصحيح إجراءاتها ومتابعتها، وعرض المسائل الواقعية والقانونية التى تتصل بموضوعها، ودحض ما يناهضها توكيدا لوجه الحق فيما يكون مهما من نقاطها، وعلى الأخص من خلال المفاضلة بين بدائل متعددة تعتبر جميعها من وسائل الدفاع، وإن كان بعضها أعمق اتصالاً بموضوع الخصومة القضائية، وأرجحها احتمالاً فى مجال كسبها، مع دعمها بما يكون منتجاً من الأوراق" (المحكمة الدستورية العليا المصرية ـ الدعوى 129 لسنة 18 ق/ جلسة 3/1/1998).

    وأضافت فى موضع آخر أن "حقوق الإنسان وحرياته لا يجوز التضحية بها فى غير ضرورة تمليها مصلحة اجتماعية لها اعتبارها، وأن الحرية فى أبعادها الكاملة لا تنفصل عن حرمه الحياة، وأن إساءة استخدام العقوبة تشويه لأهدافها، يناقض القيم التى تؤمن بها الجماعة فى إتصالها بالأمم المتحضرة وتفاعلها معها، ولا يكفي بالتالي أن يقرر المشرع لكل متهم حقوقاً قبل سلطة الاتهام توازنها وتردها إلى حدود منطقية، بل يتعين أن يكون ضمان هذه الحقوق مكفولاً من خلال وسائل إجرائية إلزامية يملكها ويوجهها، ومن بينها ـ بل وفى مقدمتها ـ حق الدفاع بما يشتمل عليه من الحق فى الحصول على مشورة محامى، والحق فى دحض الأدلة التى تقدمها النيابة العامة إثباتاً للجريمة التى نسبتها إليه" (القضية 49 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 15/6/1996).

    ولعل الاهتمام بحق الدفاع أمام القضاء يسبق ما عداه من حقوق أخرى معترف بها للانسان على إعتبار أن القضاء هو الملاذ وحائط الصد الأخير للإنسان المعرض للاحتجاز أو التحفظ، كما أن احترام هذه الحقوق مرتبط بكفالة حق التقاضي.
    قد تعددت التعريفات بتعدد شرائح القانون، فمنهم من عرفه بأنه حق المتهم في محاكمة عادلة مؤسسة على إجراءات مشروعة(١) ومنهم من عبر عنه بأنه "تمكين المتهم من أن يعرض على قاضيه حقيقة ما يراه في الواقعة الجنائية المستندة إليه"(٢) ورأي آخر أنه "حق أصيل ينشأ من اللحظة التي يواجه فيها الشخص الإتهام، ويقصد بهذا الحق، تمكين لشخص من درء الاتهام عن نفسه إما بإثبات فساد دليله أو بإقامة الدليل على نقيضه وهو البراءة، والاتهام بطبيعته يقتضي الدفاع فهو ضرورة منطقية له"(٣)

    ويرى آخرون لقصور التعريفات السابقة وخلطها بين حق الدفاع وبين ضمانات المحاكمة، أن حق الدفاع هو ما تكفله الدساتير لكل متقاضي، فتسمح له بتقديم كل ما يدعم حقه كي تستطيع المحكمة أن تصل بعد تفنيده الوقوف على حقيقة الأمر، فتصدر حكمها مطمئنة إلى صواب ما استندت إليه"(٤).

    وأخيراً عرفه البعض بأنه "تلك المكنات المستمدة من طبيعة العلاقات الإنسانية والتي لا يملك المشرع سوى إقرارها بشكل يحقق التوازن بين حقوق الأفراد وحرياتهم وبين مصالح الدولة، وهذه المكنات تخول للخصم سواء أكان طبيعياً أو معنوياً إثبات ادعاءاته القانونية أمام القضاء والرد على كل دفاع مضاد، في كل محاكمة عادلة يكفلها النظام القانوني"(٥)


    ولا تختلف طبيعة "حق الدفاع" في مفاهيم القوانين والتشريعات الوطنية عنها في قواعد القانون الدولي، فقد تضمنت المادة 14/3 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية:

    "3 . لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:
    ‌أ. أم يتم إعلامه سريعاً وبالتفصيل، وفي لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها.
    ‌ب. أن يعطي من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه.
    ‌ج. أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له.
    ‌د. أن يحاكم حضورياً وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكماً ، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه، دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر،
    ‌ه. أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام.
    ‌و. أن يزود مجاناً بترجمان إذا كان لا يفهم أو لايتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة. "ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنبه".

    كما تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 في المادة الحادية عشر:
    "(1) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه".

    وتضمنت المبادىء الأساسية حول دور المحامي المعتمدة من مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين/ هافانا 1985 أن "الحماية الكافية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المقررة لجميع الأشخاص اقتصادية كانت أم اجتماعية أو ثقافية أو مدنية أو سياسية تقتضي حصول جميع الأشخاص فعلا على خدمات قانونية يقدمها مهنيون قانونيون مستقلون" وقد تضمنت حق كل شخص:
    1. في طلب مساعدة من محام يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها وللدفاع عنه في جميع مراحل الاجراءات الجنائية،
    2. وأن تلتزم الحكومات بتوفير اجراءات فعالة وآليات قادرة على الاستجابة تتيح الاستعانة بالمحامين بصورة فعالة،
    3. وأن تقوم بإبلاغ جميع الأشخاص بحقهم في أن يتولى تمثيلهم ومساعدتهم محام يختارونه لدى القبض عليهم أو احتجازهم أو سجنهم أو لدى اتهامهم بارتكاب مخالفة جنائية،
    4. وكذلك أن توفر للمحامين القدرة على أداء وظائفهم بدون خوف أو إعاقة، وأن توفرلهم الحماية الكافية.

    كما تضمنت "مجموعة المبادىء المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن المعتمدة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9/12/1988 بند 11/1 "لا يجوز استبقاء أي شخص محتجزاً دون أن تتاح له فرصة للإدلاء بأقواله في أقرب وقت أمام سلطة قضائية أو سلطة أخرى، ويكون للشخص المحتجز الحق في أن يدافع عن نفسه أو أن يحصل على مساعدة محام بالطريقة التي يحددها القانون".

    وتضمن (البند 17):
    1. يحق للشخص المحتجز أن يحصل على مساعدة محام وتقوم السلطة المختصة بابلاغه بحقه هذا فور إلقاء القبض عليه وتوفر له التسهيلات المعقولة لممارسته.
    2. إذا لم يكن للشخص المحتجز محام اختاره بنفسه، يكون له الحق في محام تعينه له سلطة قضائية أو سلطة أخرى في جميع الأحوال التي تقتضي فيها مصلحة العدالة ذلك ودون أن يدفع شيئا إذا كان لا يملك موارد كافية للدفع".

    والبند (18):
    1. أن يحق للشخص المحتجز أو المسجون أن يتصل بمحاميه وأن يتشاور معه
    2. يتاح للشخص المحتجز أو المسجون الوقت الكافي والتسهيلات الكافية للتشاور مع محاميه....."

    وقد تضمن الميثاق الإفريقي لحقوق الانسان والشعوب ما يفيد إقرار هذا الحق في المادة 7 منه، وكذا الميثاق العربي لحقوق الإنسان في المادة 16 حق المتهم في المحاكمة أمام قاضيه الطبيعي وحقه في الدفاع عن نفسه شخصياً أو بواسطة محام يختاره بنفسه.

    وقد أقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن في قضية "سونيتر مر ودور ماتش" في جلسة 20/1/88 حق الحصول على مساعدة محام يتضمن حق التشاور مع المحامي دون رقابة من السلطات في مكان الاحتجاز ويسري هذا الحق على كل من الزيارات الشخصية والمراسلات بين الشخص المحتجز والمحامي".

    المبحث الأول
    كفالة حق الدفاع ضمانة لحسن أداء العمل القضائي

    تعبير كفالة "حق الدفاع" بمعنى حق الخصم في أن يسمع القاضي وجهة نظره وإعطاءه الفرصة لتقديم ما لديه من أوجه دفاع أو مستندات ومناقشة الخصم في كل ما يقال أو يقدم بهدف إهدار قيمته ومحاولة إقناع المحكمة لإصدار الحكم أو القرار لصالحه.

    ولا تعتبر كفالة حق الدفاع قائمة إلا بتوافر مجموعة من المبادىء القانونية التي استقرت عليها البشرية وهي:

    1. قرينة البراءة (الأصل فى الإنسان البراءة).
    2. المساواة أمام القاضي الطبيعي.
    3. مبدأ المواجهة.
    4. حق المثول أمام القاضي الطبيعي.
    5. علنية المحاكمة .
    6. كفالة حق الطعن في الأحكام.
    7. الحق فى اختيار المحامى.

    (1) قرينة البراءة

    أقرت قواعد القانون الدولي العام "قرينة البراءة" في الكثير من المواثيق الدولية، ففى المادة الأولى والمادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الانسان وحرياته الأساسية اعتراف واضح وصريح بها(١).

    وقد أخذت هذه القرينة مكانتها في التشريعات الوطنية منها المادة 67 من الدستور المصري السابق الصادر 1981، فرنسا في المادة التاسعة من إعلان حقوق الانسان والمواطن 1789، والفصل 12 من الدستور التونسي والمادة 345/1 من الدستور الكويتي وقد استمدت هذه القرينة وجودها من وجودها في الشريعة الاسلامية من قاعدة "استصحاب الحال"(٢).
    (١) دليل المحاكمات العادلة والمتضمنة – المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة – 2010 ص 192.

    (٢) د. محمود صالح محمد العادلي – حق الدفاع أمام القضاء الجنائي – رسالة دكتوراة جامعة القاهرة 1991 ص 23

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    حــق الدفــاع" Empty رد: حــق الدفــاع"

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الجمعة يناير 20, 2012 3:24 pm


    وقد أشارت المحكمة الدستورية المصرية إلى أن "افتراض براءة المتهم من التهمة الجنائية، يقترن دائما من الناحية الدستورية ـ ولضمان فعاليته ـ بوسائل إجرائية تعتبر وثيقة الصلة بالحق فى الدفاع، ومن بينها حق المتهم فى مواجهة الأدلة التى طرحتها النيابة العامة إثباتا للجريمة، مع الحق فى نفيها بالوسائل التى يقدر مناسبتها وفقاً للقانون" (القضية رقم 10 لسنة 18 قضائية "دستورية" بجلسة 16/11/1996 ج 8 "دستورية" ص 142 وينبي على إقرار القرينة "أن الشك يفسر لصالح المتهم" وهي إعمالاً للقاعدة الواردة في الشريعة الإسلاميــة "درء الحدود بالشبهات".

    (2) المساواة أمام القاضي والقانون

    يفيد مبدأ المساواة أمام القاضي والقانون من المبادىء الجوهرية لكفالة حقوق الدفاع، وهو ما صادف اهتمام عالمي حيث أورد الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة السابعة ما مفاده أن "الناس جميعاً سواء أمام القانون وهم متساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الاعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز، وكذلك المادة 8 "لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون". وأكدت المادة العاشرة "لكل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآحرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظراً منصفاً وعلنياً للفصل في حقوقه والتزاماته في أية تهمة جزائية موجهة إليه".

    وهو يعني إعطاء الخصوم فرصاً متساوية وحقوقاً متكافئة فى تقديم الطلبات والدفاع وأوجه(1) الدفوع باعتبار أن المساواة بين الخصوم ضرب من ضروب العدالة، كما تعني غياب أي معاملة تفضيلية بين الأطراف فى علاقة قانونية معينة.

    والمساواة أمام القانون لا تعني ألا يخص القانون بعض الفئات بمعاملة خاصة إجرائية مثل الحصانة النيابية أو الوظيفية، وفى ذلك قالت المحكمة الدستورية فى مصر "إن مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق لا يعني المساواه بين جميع الأفراد رغم اختلاف ظروفهم ومراكزهم القانونية، إذ
    يملك المشرع لمقتضيات الصالح العام وضع شروط عامة مجردة تحدد المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث يكون لمن توافرت فيهم هذه الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التى كفلها لهم المشرع، وينتفي مبدأ المساواة بينهم وبين من تخلفت هذه الشروط بالنسبة لهم".

    (1) د. السيد تمام ـ الحق فى الاطلاع ـ بحث منشور فى تجميع أبحاث مؤتمر حق الدفاع ـ إبريل 96 كلية الحقوق ـ جامعة عين شمس ص 219


    (3) مبدأ المواجهة

    يعتبر هذا المبدأ من أهم مظاهر حقوق الدفاع، على الرغم من أهمية باقي عناصر "حق الدفاع" كعلانية الجلسات وتسبيب الأحكام وإتاحة فرصة الطعن على الأحكام، فمن المبادئ الرئيسية فى القضاء عدم جواز الحكم على شخص قبل إحاطته علماً بموضوع الطلب الموجه إليه، وتمكينه من الدفاع عن نفسه، ولا يستطيع القاضي تكوين رأيه القضائي إلا بعد إلمامه بكافة عناصر النزاع من جميع الخصوم وعدم الإقتصارعلى سماع خصم دون الآخر.

    وهو يوجب إخطار الخصم بالطلب أو التهمة الموجهه إليه، والحق فى العلم بجميع عناصر الخصومة التى هو طرف فيها، وأن يمنح فسحة من الوقت مناسبة لإعداد دفاعه وتجهيز مستنداته للرد على كل ما يوجه إليه.

    وهذا التزام على الخصم والقاضي معاً، فالقاضي يراقب التزام الخصوم طوال مراحل الدعوى مدنية أو جنائية بمراعاة هذا المبدأ، كما يلزم نفسه بإحترامه فى كل ما يقوم به من إجراءات.

    وعلى هذا الأساس يعتبر كفالة "حق الاطلاع" تطبيق لمبدأ حق المواجهة وتبدو أهمية هذا الحق فى عصر انحسار المرافعة الشفوية وتزايد أهمية المرافعات المكتوبة، وتزايد أعداد القضايا، ويجب أن يمتد "حق الإطلاع" على كل ما يقدم فى الدعوى من مذكرات أو مستندات أو يتم فيها من تحقيقات أو أبحاث خبراء أو تقارير فنية.

    (4) حق المثول أمام القضاء الطبيعي

    يشكل مبدأ "القاضي الطبيعي" ضمانة أساسية في المحاكمة العادلة، ويقضي هذا المبدأ بمحاكمة الشخص من قبل قاض أو محكمة عادية متخصصة ومنشأة مسبقاً، وإنفاذاً لهذا المبدأ تحظر المحاكمة الاستثنائية كالمحاكم الخاصة ومحاكم الطوارىء ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

    وبالرغم من أن مبدأ "القاضي الطبيعي" يقوم على الإزدواجية في التساوي أمام القانون والمحاكم – وهذا يقضي بألا تكون القوانين تمييزية أو تطبق بطريقة تمييزية من جانب القضاة، فقد أشارت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الانسان إلى أن "الحق في المساواة والحماية أمام القانون دون أي تمييز لا يجعل جميع الاختلافات في المعاملات تمييزية" وقد ذكرت اللجنة مراراً أن الاختلاف في المعاملات يعتبر مقبولاً في حالة وجود معايير وأسباب موضوعية لهذا الاختلاف "راجع مبدأ المساواة أمام القضاء والقانون".

    "وليس هناك من شك فى أن ترسيخ حق اللجوء إلى القاضي الطبيعي هو الأساس الذي يقوم عليه مبدأ المساواه أمام القضاء، ودون الدخول فى تفاصيل حول ماهية القضاء الطبيعي وعناصره، فإننا نعود لنؤكد على ما جاء فى توصيات مؤتمر العدالة الأول الذي عقده نادي القضاة بالقاهرة عام 1986 من أن عناصر القضاء الطبيعي تتحدد فى ضرورة أن تكون المحكمة المختصة محددة بالقانون فى وق5ت سابق على نشوء الدعوى، بحيث لا يجوز بعد نشوء النزاع أو وقوع الجريمة إنتزاع المتهم من قاضيه الطبيعي إلى محكمة أخرى أقل ضماناً تنشأ خصيصاً من أجله وأن يكون اختصاص هذا القضاء محدداً وفقاً لمعايير موضوعية مجردة غير متوقف على مشيئة سلطة معينة وأن يكون دائماً، إذ أن المحاكم المؤقتة لا تعتبر من القضاء الطبيعي"(١).

    ولقد تبنت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الانسان في الكثير من قراراتها مبدأ "القاضي الطبيعي". فقد أوصت اللجنة في قرارها رقم 32/1989 بأنه على
    الدول أن تأخذ بعين الاعتبار المبادىء الواردة في مشروع الإعلان العالمي
    لاستقلال القضاء والمعروفة بإسم "إعلان سنغفي"، حيث نصت المادة (5) من هذا الإعلان على أنه "(ب) لايجوز إنشاء محاكم من أجل انتزاع الولاية القضائية الأصلية والمخولة للمحاكم العادية، (ج) لكل فرد الحق في أن يحاكم مع توخي السرعة الواجبة وبدون تأخير لا مبرر له أمام المحاكم العادية أو الهيئات القضائية، بموجب قانون يخضع للمراجعة من قبل المحاكم، ويجدر الإشارة هنا إلى قرارين بشأن نزاهة النظام القضائي التي أكدت عليها اللجنة بالقول "لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق الإجراءات القانونية المقررة، ويتعين عدم إنشاء محاكم لا تستعمل هذه الإجراءات المقررة قانوناً لتنتزع الولاية القضائية التي تتمتع بها المحاكم العادية أو الهيئات القضائية.

    وقد حرضت الدساتير في مختلف دول العالم على أن تؤكد في أعلى وثيقة قانونية ـ الدستور ـ على كفالة حق التقاضي أمام القاضي الطبيعي، كما حظرت بعض الدساتير إنشاء محاكم استثنائية أو خاصة مثل الدستور اليوناني 1911 والدستورين الفنلندي 1919 والبلجيكي 1831. وهو ما كفله الاعلان العالمي لحقوق الانسان في مادته العاشرة. وكذلك الاعلان العالمي لاستقلال العدالة الصادر مؤتمر استقلال العدالة – مونتريال – كندا 1983 حيث حظرت المادة الثانية منه إنشاء المحاكم الاستثنائية وهو ما تبناه الاعلان العربي لاستقلال القضاء الصادر عن اتحاد الحقوقيين العرب/ عمان 1985 في المادة الثانية منه وأكد في المادة الثالثة منه على أن حق التقاضي حق مضمون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي.

    (5) علانية المحاكمة

    والعلانية هي حق كل شخص بغير تمييز في مشاهدة المحاكمة، وهو الأمر الذي يحقق الصالح العام بما يتوافر لهذه الأحكام من مصدر فيه وثقة تكسبها احترام الخصوم والجمهور.

    وقد رأى البعض أن علانية المحاكمة تسيء إلى المتهم وتتعارض مع قرنية البراءة، بما تمثله العلانية من إساءة إلى سمعته والتأثير على أسرته خاصة إذا ما صاحب العلانية نشر بالصحف، يصعب معه محو أثر المحاكمة والنشر من أذهان الناس، ورغم وجاهة هذه الرؤى، إلا أن العلانية مازلت هي القاعدة، والسرية هي الاستثناء، ولا يعني اللجوء إلى سرية إجراءات المحاكمة المساس بحقوق الدفاع ، والسرية لا تتقرر إلا بموجب قانون أو قرار محكمة مراعاة للآداب العامة أو النظام العام أو لحماية أطراف الدعوى أو الشهود.

    وقد سبق أن أشرنا إلى المادة العاشرة والمادة 14/1من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما تضمنتاه من النص على علنية المحاكمة، وعامة وفى جميع الأحوال يجب النطق بالأحكام فى جلسة علنية، وإلا كان الحكم باطلاً طبقاً لأحكام قانون المرافعات المصري على سبيل المثال.

    (6) كفالة الطعن في الأحكام

    إرتبط حق الطعن باعتباره ـ ضمانة لحق الدفاع ـ بتسبيب الأحكام، ذلك أن الطعن فى الأحكام وهو الرخصة المخولة لأي من أطراف الدعوى للمطالبة أمام محكمة أعلى ـ ينظهما القانون ـ فى طلب تصحيح ما قد يلحق بالحكم من أخطاء إجرائية أو موضوعية، بغية إلغاءه أو إصلاح ما به من أخطاء أو تعديله بما يحقق العدالة، وهو بهذا ضمانة من ضمانات حقوق الدفاع يستطيع صاحب الشأن من خلالها أن يعيد عرض دفاعه أو أن يستوفي ما لحقه من نقص أو مناقشة أسباب الحكم الصادر ضده.

    وينظم القانون طرق الطعن ومواعيده، وهو يقوم على فكرة "احتمال الخطأ القضائي"، وهو احتمال قائم باعتبار أن مصدر الحكم قاضي بشر يخطىء ويصيب، وتختلف طرق الطعن باختلاف النظم القضائية والقانونية.

    مع الإعتبار أن قصر التقاضي على درجة واحدة، لم ينظر إليه باعتباره مانعاً من التقاضي أو باعتباره يشكل مخالفة، وقد قضت المحكمة العليا: "بأن هذا الأمر يستقل المشرع بتقديره وفقا لظروف بعض المنازعات وما يقتضيه الصالح العام من سرعة حسمها"(١).

    وأكدت فى حكم آخر "بأن قصر التقاضي على درجة واحدة، وإن كان يدخل فى إطار السلطة التقديرية التى يملكها المشرع، وبالقدر وفى الحدود الضيقة التى تقتضيها مصلحة عامة لها ثقلها، إلا أن المشرع إذا اختار التقاضي على درجتين، فإن كلا منهما يبنغي أن تستكمل ملامحها، وأن يكون استنفادها بعد الإنتفاع من ضماناتها دون نقصان، ذلك أن التقاضي على درجتين ـ وكلما كان مقرراً بنصوص آمرة ـ يعتبر أصلا فى إقتضاء الحقوق المتنازع عليها، ومؤداه أن الخصومة القضائية لا تبلغ نهايتها إلا بعد استغراقها لمرحلتيها بالفصل استئنافياً فيها، ويقتضي ذلك بالضرورة أن يكون حق الدفاع منسحباً إليهما معاً وأن يكون بصره بهما حديداً، إذ هما حلقتان متكاملتان، ومحدتان معاً للخصومة القضائية محصلتها النهائية، فلا يكون لحقائق العدل من سواء إذا انغلق طريق أحدهما" (المحكمة الدستورية العليا ـ الدعوى 64 لسنة 17 ق ـ جلسة7/2/1998).

    (١) د.سرى صيام ـ المساواة أمام القضاء ـ1991
    (١) المحكمة العلياـ الدعوى13,14 لسنة7 ق وارد فى ضمانة المحاكمة المنصفة فى قضاء المحكمة الاوربية لحقوق الانسان والمحكمة الدستورية فى مصر ـ بحث للدكتور عادل عمر شريف ـ ندوه اتحاد المحامين العرب 1995 ص 150 هامش 35
    فى حين أكدت المادة 14/5 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية "لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقاً للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر فى قرار إدانته وفى العقاب الذى حكم به عليه"، ويجب النظر هنا إلى عبارة "وفقا للقانون" فقد رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن المادة 14/5 لا تلزم الدول بأن توفر أكثر من مرحلة واحدة للاستئناف.

    ورأت اللجنة الأمريكية الدولية أن التزام الدولة بضمان الحق فى الاستئناف
    أمام محكمة أعلى لا يتطلب فقط إقرار القوانين ـ المنظمة لذلك الحق ـ ولكن يستلزم اتخاذ تدابير تكفل ممارسة هذا الحق.

    وأن الحق فى الإستئناف لن يكون فعالاً ما لم يبلغ المتهم بحيثيات حكم الإدانة الصادر ضده فى غضون فترة زمنية معقولة، ومن ثم فهذا الحق متصل بحق المتهم فى الحصول على حكم مسبب(١).

    وعلى الرغم من الاتفاقية الأوربية لحقوق الانسان لم تتضمن نصاً على الحق فى الاستئناف، إلا أن أحكام المحكمة الأوربية تفيد أن هذا الحق متأصل فى الحق فى المحاكمة العادلة المكفولة بموجب المادة (6) من الاتفاقية الأوربية.

    (7) الحق في اختيار محامي

    اعترف القانون للمتهم بالحق في الدفاع عن نفسه بالإصالة أو الوكالة واستلزمت بعض التشريعات ومنها التشريع المصري ضرورة إحضار محام مع المتهم في جناية وبعض الجنح الهامة، كما أجازت للمتهم أن يتولى – مع ذلك – مهمة الدفاع عن نفسه، والمحامي "هو كل شخص يسمح له النظام القانوني بالمساهمة في تحقيق العدالة في المجتمع بطريقة سلمية، من خلال قيامه بالدفاع عن المصالح الخاصة بموكله أمام المحكمة أو أي من جهات التحقيق".

    وقد تضمنت مبادىء الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين "لكل شخص الحق فى طلب المساعدة من محام يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها، والدفاع عنه فى جميع مراحل الإجراءات الجنائية" (المبدأ 1)، والمادة 8/ج من الميثاق الإفريقي لحقوق الانسان والشعوب "حق الدفاع بما فى ذلك الحق فى اختيار مدافع عنه".

    وفي إطار الضمانات التي قررها القانون للمحامي، اعترف له بالحق في قبول أو رفض الدفاع عن أي من الأشخاص دون حاجة إلى إبداء الأسباب، وله حق اختيار طريقة الدفاع عنه، كما له الحق في إنهاء الوكالة في أي وقت يراه مع مراعاة التوازن بين المصالح وقد أجاز القانون للموكل ـ سواء كان محتجزاً أو متهماً ـ بالحق في اختيار محاميه بإرادته المنفردة. كما له في أغلب التشريعات الوطنية الاعتراض على المحامي الذي تقوم المحكمة بانتدابه للدفاع عنه في إطار برامج المساعدة القانونية لغير القادرين.

    وقد تضمنت المبادىء الدولية المتعلقة بإستقلال ومسئولية القضاة والمحامين وممثلي النيابة العامة "إعلان سينغفي" تعريف المحامي بأنه "الشخص المؤهل والمفوض بالمرافقة والتصرف بالنيابة عن موكله بالانخراط في ممارسة القانون والمثول أمام المحاكم وإسداء المشورة وتمثيله في الأمور القانونية".

    وقد أقرت المحكمة الدستورية العليا فى مصر بحق الشخص فى اختيار محاميه بقولها "إختيار الشخص لمحام يكون قادراً على تحمل أتعابه إنما يتم فى إطار علاقة قانونية قوامها الثقة المتبادلة بين طرفيه، ويتعين بالتالى أن يظل الحق فى هذا الاختيار محاطاً بالحماية التى كفلها الدستور لحق الدفاع كي يحصل من يلوذ بهذا الحق على المعونة التى يطلبها معتصماً فى بلوغها بمن يختاره من المحامين متوسماً فيه أنه الأقدر ـ لعلمه وخبرته وتخصصه ـ على ترجيح كفته، ذلك أنه فى نطاق علاقة تقوم على الثقة المتبادلة بين الشخص ومحاميه، فإنه يكون مهيأ أكثر للقبول بالنتائج التى يسفر عنها الحكم فى دعواه، فضلاً عن أن حدود هذه العلاقة توفر لمن كان طرفاً فيها من المحامين حرية إدارة الدفاع" (القضية 6 لسنة 13 قضائية دستورية ـ جلسة 16/5/92).

    ويجب أن يمنح المحامي أجلاً مناسب لإعداد دفاعه، ويمكن من الإطلاع على أوراق الدعوى أو ما يقدم فيها وألا تكون الرغبة لدى المحكمة ـ أيا كانت درجتها ـ فى سرعة الفصل فى الدعوى مبرراً للاعتداء على هذا الحق المقدس.

    المبحث الثانى
    حق الدفاع فى نظام المحكمة الجنائية الدولية

    تضمنت "الديباجة" الواردة فى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية "أن المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب هذا النظام الأساسي ستكون مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية، وتصميماً منها على ضمان الاحترام الدائم لتحقيق العدالة الدولية".

    كما تضمنت المادة 21/3 "يجب أن يكون تطبيق وتفسير القانون عملاً بهذه المادة متسقين مع حقوق الانسان المعترف بها دولياً وهو ما يمكن اعتباره إحالة إلى كل ما سبق ذكره من نصوص وردت فى العهد الدولي للحقوق السياسية والاقتصادية، وباقي الاتفاقيات المعنية بحقوق الإنسان خاصة ما يتعلق منها بالمحاكمة المنصفة التى سبق أن أشرنا إليها.

    وأشارت المادة (22) "أن الشخص لا يسأل جنائياً طبقاً لهذا النظام الأساسي ما لم يشكل السلوك المعني، وقت وقوعه، جريمة تدخل فى اختصاص المحكمة، وهو ما يؤكد مبدأ القضاء الطبيعي والنظر إلى المحكمة كقضاء طبيعي ـ حال توافر اختصاصه طبقاً لمواد النظام، وقد تضمنت المادة 23 عدم عقاب أي شخص إلا طبقاً لهذا النظام وأشارت أيضا المادة 24 على قاعدة عدم رجعية المحاكمة عن سلوك سابق لبدء نفاذ النظام.

    تضمنت المادة 66:
    "1. أن الإنسان بريء إلى أن تثبت إدانته أمام المحكمة وفقاُ للقانون الواجب التطبيق.
    2. يقع على المدعي العام عبء إثبات أن المتهم مذنب.
    3. يجب على المحكمة أن تقتنع أن المتهم مذنب دون شك معقول قبل إصدار حكمها بإدانته".

    وقد كفل نظام روما بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية في المادة 67 تحت عنوان حقوق المتهم الإعتراف بحقه في الضمانات التي عددتها المادة على قدم المساواة التامة.

    وعلى ذلك جاءت الفقرة الثامنة من المادة 66 من نظام روما بأنه يجب على المحكمة أن تقتنع بأن المتهم مذنب دون شك معقول قبل إصدار حكمها بالإدانة، وما قدمت له في الفقرة الثانية من ذات المادة من أنه يقع على المدعي العام إثبات أن المتهم مذنب، وبالتالي فالشك وحده يكفي لقيام حكم بالبراءة، فاليقين الذي تقوم عليه أحكام الإدانة يعتبر دعامة هامة وضرورية لحق الدفاع إذ يبعث ذلك على الثقة والاطمئنان في نفوس المتهم ومحاميه.

    وقد أكدت المادة 67/1 ذلك "عند البت في أي تهمة يكون للمتهم الحق في أن يحاكم محاكمة علنية، مع مراعاة أحكام هذا النظام الأساسي، وفي أن تكون المحاكمة منصفة ويجري على نحو نزيه، ويكون له الحق في الضمانات الدنيا على قدم المساواة التامة".

    كما أكدت المادة 40 على استقلال القضاه بأن نصت على استقلال القضاه في أدائهم لوظائفهم، وأنهم لايزاولون أي نشاط من المحتمل أن يتعارض مع وظائفهم القضائية أو يؤثر على الثقة في استقلالهم، كما حددت المواد 35 طريقة اختيار القضاه بالانتخاب من جمعية الدول الأعضاء ونظمت المادة 41 إعفائهم من مناصبهم وتنحيتهم، وكلها قواعد تؤكد حرص الدول الأعضاء على كفالة استقلال القضاء.

    وقد تضمنت ديباجة إتفاقية روما بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ما يؤكد على أنه يدرك هذه الحقيقة بما جاء به أن الدول الموقعة قد عقدت العزم من أجل هذه الغايات ولصالح الأجيال الحالية والمقبلة، على إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة ذات علاقة بمنظومة الأمم المتحدة وذات اختصاص على الجرائم الأشد خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره" وهو ما أكدته أيضاً عبارات المادة الأولى من النظام "تنشأ بهذا محكمة جنائية دولية وتكون أهمية هذه المحكمة لها السلطة لممارسة اختصاصها على الأشخاص إزاء أشد الجرائم موضع الاهتمام الدولي......."

    وهي بهذا الشكل والوصف تعتبر قاضياً طبيعياً ـ في حدود اختصاصه ـ من حيث أنها محكمة دائمة ومستقلة محدد اختصاصها طبقاً لنظامها الأساسي ومكملة للنظام القضائي الوطني، وذلك في إطار الالتزام بما تضمنته المواقف الدولية المعنية من ضوابط أهمها الحيدة دون تحيز على أساس الوقائع ووفقاً للقانون، ودون أية تغييرات أو تأشيرات غير سليمة أو أية إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات مباشرة أو غير مباشرة، من أي جهة أو لأي سبب "مبادىء الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية".

    وقد تضمنت المادة 64/7 "تعقد المحاكمة في جلسات علنية، أنه يجوز للدائرة الابتدائية أن تقرر أن ظروفاً معينة تقتضي انعقاد بعض الإجراءات في جلسة سرية، وقد تضمنت المادة 68/2 "استثناءاً من مبدأ علنية الجلسات المنصوص عليه في المادة (64)، لدوائر المحكمة أن تقوم بحماية للمجني عليهم والشهود أو المتهم بإجراء أي جزء من المحاكمة في جلسات سرية أو السماح بتقديم الأدلة بوسائل ألكترونية أو بوسائل خاصة أخرى....."

    وقد نظم الباب الثامن من النظام الأساسى أمر الطعن على الحكم وأجازت المادة 81 الطعن بالإستئناف للمدعي العام والمدان وذلك للغلط الإجرائى والغلط فى الوقائع والغلط فى القانون أو أي من الأسباب التى تمس نزاهة أو موثوقية الإجراءات أو القرار. وللمحكمة طبقاً للمادة 83 أن تلغى أو تعدل الحكم كما لها أن تأمر بإجراء محاكمة جديدة أمام دائرة إبتدائية أخرى,

    كما أجازت المادة 84 للمحكمة الاستئنافية بناء على طلب المدان أو المدعي العام أن تعيد النظر فى الحكم النهائي بالإدانة إستناداً إلى أحد الأسباب التى عددتها كاكتشاف أدلة جديدة أو أنها لم تكن متاحة وقت المحاكمة وأن ذلك لا يرجع إلى الطرف مقدم الطلب أو أن تكون على قدر من الأهمية بحيث أنها لو قدمت أثناء المحاكمة لكان من المرجح أن تسفر عن حكم مختلف.

    المبحث الثالث
    نقابة المحامين الجنائيين الدوليين

    تأسست نقابة المحامين الجنائيين الدوليين ـ فى إطار إحترام حقوق الدفاع ـ كاتحاد – طبقا للقانون الهولندي ـ مستقل لممارسي القانون أو النقابات القانونية، وذلك بغرض تعزيز دور المحكمة واستقلال محامي الدفاع، والدفاع عن المجني عليهم أمام المحكمة، وتعزيز مبدأ حرية إختيار المحامين وتسهيل عملهم أمام المحكمة، بالإضافة إلى تعزيز حصول المحامين على المعرفة والمهارات اللازمة أمام المحكمة.

    وقد أعدت مجموعة الدول الأطراف مدونة للسلوك المهنى اعتمدت بالقرارICC-ASP/4/Res.1

    وتضمنت مدونة السلوك التزام المحامي بتقديم تعهد رسمي أمام المحكمة مفاده "أتعهد رسمياً بأن أؤدي واجباتي وأمارس وظيفتي أمام المحكمة الجنائية الدولية بنزاهة وجد وشرف وحرية واستقلال وسرعة وضمير، وبأن أحترم سرية المهنة بمنتهى الدقة وغيرها من الواجبات التى تفرضها مدونة قواعد السلوك للمحامين أمام المحكمة الجنائية الدولية".

    وتضمنت المادة 6 ما يضمن استقلال المحامين، وحثت المادة السابعة المحامين على الالتزام بالمحافظة على مستوى عال من الكفاءة فيما يخص القانون الواجب التطبيق فى المحكمة، يشارك المحامون فى جميع مبادرات التدريب المطلوبة للحفاظ على هذه الكفاءة. كما أكدت المادة 8 على التزامهم باحترام السرية المهنية وسرية المعلومات.

    ونظمت المدونة ما يضمن منع تضارب المصالح (مادة 10)، وكيفية إنهاء الوكالة بما لا يعرض مصالح الموكلين للخطر(مادة 18).


    * * *












    المراجــع:

    - مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة العليا والدستورية فى أربعين عام.
    - المبادئ الدولية المتعلقة باستقلال ومسئولية القضاه والمحامين ـ اللجنة الدولية للحقوقيين.
    - حـق الدفاع أمـام القضاء الجنائي ـ رسالة دكتوراه ـ جامعة القاهرة د. محمود صالح محمد العادلي ـ 1990.
    - المؤتمر الثامن للأمم المتحدة لمنع الجريمة ـ هافانا ـ كوبا. عادل أمين، إصدارات اتحاد المحامين العرب.
    - الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان ـ د. محمود شريف بسيوني ـ دار الشروق/ القاهرة.
    - استقلال القضاء ـ د. محمد كامل عبيد ـ 1991.
    - مؤتمر حق الدفاع ـ كلية الحقوق/ جامعة عين شمس ـ إبريل 1996.
    - ضمانات المحامي وحقوقه ـ بحث صابر عمار ـ 2005.
    - حق الدفاع ـ بحث حمدي الأسيوطي.
    - مجلة الحق ـ مجلة فصلية يصدرها اتحاد المحامين العرب.
    - الحق فى محاكمة عادلة ـ ندوة اتحاد المحامين العرب ـ 1995.
    - المحكمة الجنائية الدولية ـ د. محمود شريف بسيوني ط 2002.
    - رسالة المحاماة ـ أسامة توفيق أبو الفضل ط 2010.
    - القانون الأساسى لنقابة المحامين الجنائيين الدوليين.
    - مدونة قواعد السلوك المهني للمحامين أمام المحكمة الجنائية الدولية.

    * * *






      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 7:06 am