"حــق الدفــاع"
بحث مقدم من
الأستاذ/ صابر عمار
المحامي بالنقض
الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب
الفهـرس
الموضــوع الصفحـة
تعريف حـق الدفـاع 3
المبحث الأول: كفالــة حق الدفــاع 7
1. قرينة البراءة 8
2. المساواة أمام القاضى والقانون 9
3. مبدأ المواجهة 10
4. حق المثول أمام القضاء الطبيعى 11
5. علانية المحاكمة 13
6. كفالة الطعن فى الأحكام 13
7. الحق فى إختيار محامى 15
المبحث الثانى: حق الدفاع فى نظام المحكمة الجنائية الدولية 17
المبحث الثالث: نقابة المحامين الجنائيين الدوليين 20
المراجــــع 22
تعريف حق الدفاع
لاشك لدينا أن حق الدفاع هو أهم الحقوق الأساسية للإنسان وهو قديم قدم العدالة ذاتها، إذ يعتبر من الحقوق الطبيعية وشأنه شأن "الحق في الحياة" ذاتها، وهو"وثيق الصلة بالخصومة القضائية من زاوية تجلية جوانبها، وتصحيح إجراءاتها ومتابعتها، وعرض المسائل الواقعية والقانونية التى تتصل بموضوعها، ودحض ما يناهضها توكيدا لوجه الحق فيما يكون مهما من نقاطها، وعلى الأخص من خلال المفاضلة بين بدائل متعددة تعتبر جميعها من وسائل الدفاع، وإن كان بعضها أعمق اتصالاً بموضوع الخصومة القضائية، وأرجحها احتمالاً فى مجال كسبها، مع دعمها بما يكون منتجاً من الأوراق" (المحكمة الدستورية العليا المصرية ـ الدعوى 129 لسنة 18 ق/ جلسة 3/1/1998).
وأضافت فى موضع آخر أن "حقوق الإنسان وحرياته لا يجوز التضحية بها فى غير ضرورة تمليها مصلحة اجتماعية لها اعتبارها، وأن الحرية فى أبعادها الكاملة لا تنفصل عن حرمه الحياة، وأن إساءة استخدام العقوبة تشويه لأهدافها، يناقض القيم التى تؤمن بها الجماعة فى إتصالها بالأمم المتحضرة وتفاعلها معها، ولا يكفي بالتالي أن يقرر المشرع لكل متهم حقوقاً قبل سلطة الاتهام توازنها وتردها إلى حدود منطقية، بل يتعين أن يكون ضمان هذه الحقوق مكفولاً من خلال وسائل إجرائية إلزامية يملكها ويوجهها، ومن بينها ـ بل وفى مقدمتها ـ حق الدفاع بما يشتمل عليه من الحق فى الحصول على مشورة محامى، والحق فى دحض الأدلة التى تقدمها النيابة العامة إثباتاً للجريمة التى نسبتها إليه" (القضية 49 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 15/6/1996).
ولعل الاهتمام بحق الدفاع أمام القضاء يسبق ما عداه من حقوق أخرى معترف بها للانسان على إعتبار أن القضاء هو الملاذ وحائط الصد الأخير للإنسان المعرض للاحتجاز أو التحفظ، كما أن احترام هذه الحقوق مرتبط بكفالة حق التقاضي.
قد تعددت التعريفات بتعدد شرائح القانون، فمنهم من عرفه بأنه حق المتهم في محاكمة عادلة مؤسسة على إجراءات مشروعة(١) ومنهم من عبر عنه بأنه "تمكين المتهم من أن يعرض على قاضيه حقيقة ما يراه في الواقعة الجنائية المستندة إليه"(٢) ورأي آخر أنه "حق أصيل ينشأ من اللحظة التي يواجه فيها الشخص الإتهام، ويقصد بهذا الحق، تمكين لشخص من درء الاتهام عن نفسه إما بإثبات فساد دليله أو بإقامة الدليل على نقيضه وهو البراءة، والاتهام بطبيعته يقتضي الدفاع فهو ضرورة منطقية له"(٣)
ويرى آخرون لقصور التعريفات السابقة وخلطها بين حق الدفاع وبين ضمانات المحاكمة، أن حق الدفاع هو ما تكفله الدساتير لكل متقاضي، فتسمح له بتقديم كل ما يدعم حقه كي تستطيع المحكمة أن تصل بعد تفنيده الوقوف على حقيقة الأمر، فتصدر حكمها مطمئنة إلى صواب ما استندت إليه"(٤).
وأخيراً عرفه البعض بأنه "تلك المكنات المستمدة من طبيعة العلاقات الإنسانية والتي لا يملك المشرع سوى إقرارها بشكل يحقق التوازن بين حقوق الأفراد وحرياتهم وبين مصالح الدولة، وهذه المكنات تخول للخصم سواء أكان طبيعياً أو معنوياً إثبات ادعاءاته القانونية أمام القضاء والرد على كل دفاع مضاد، في كل محاكمة عادلة يكفلها النظام القانوني"(٥)
ولا تختلف طبيعة "حق الدفاع" في مفاهيم القوانين والتشريعات الوطنية عنها في قواعد القانون الدولي، فقد تضمنت المادة 14/3 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية:
"3 . لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:
أ. أم يتم إعلامه سريعاً وبالتفصيل، وفي لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها.
ب. أن يعطي من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه.
ج. أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له.
د. أن يحاكم حضورياً وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكماً ، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه، دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر،
ه. أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام.
و. أن يزود مجاناً بترجمان إذا كان لا يفهم أو لايتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة. "ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنبه".
كما تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 في المادة الحادية عشر:
"(1) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه".
وتضمنت المبادىء الأساسية حول دور المحامي المعتمدة من مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين/ هافانا 1985 أن "الحماية الكافية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المقررة لجميع الأشخاص اقتصادية كانت أم اجتماعية أو ثقافية أو مدنية أو سياسية تقتضي حصول جميع الأشخاص فعلا على خدمات قانونية يقدمها مهنيون قانونيون مستقلون" وقد تضمنت حق كل شخص:
1. في طلب مساعدة من محام يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها وللدفاع عنه في جميع مراحل الاجراءات الجنائية،
2. وأن تلتزم الحكومات بتوفير اجراءات فعالة وآليات قادرة على الاستجابة تتيح الاستعانة بالمحامين بصورة فعالة،
3. وأن تقوم بإبلاغ جميع الأشخاص بحقهم في أن يتولى تمثيلهم ومساعدتهم محام يختارونه لدى القبض عليهم أو احتجازهم أو سجنهم أو لدى اتهامهم بارتكاب مخالفة جنائية،
4. وكذلك أن توفر للمحامين القدرة على أداء وظائفهم بدون خوف أو إعاقة، وأن توفرلهم الحماية الكافية.
كما تضمنت "مجموعة المبادىء المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن المعتمدة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9/12/1988 بند 11/1 "لا يجوز استبقاء أي شخص محتجزاً دون أن تتاح له فرصة للإدلاء بأقواله في أقرب وقت أمام سلطة قضائية أو سلطة أخرى، ويكون للشخص المحتجز الحق في أن يدافع عن نفسه أو أن يحصل على مساعدة محام بالطريقة التي يحددها القانون".
وتضمن (البند 17):
1. يحق للشخص المحتجز أن يحصل على مساعدة محام وتقوم السلطة المختصة بابلاغه بحقه هذا فور إلقاء القبض عليه وتوفر له التسهيلات المعقولة لممارسته.
2. إذا لم يكن للشخص المحتجز محام اختاره بنفسه، يكون له الحق في محام تعينه له سلطة قضائية أو سلطة أخرى في جميع الأحوال التي تقتضي فيها مصلحة العدالة ذلك ودون أن يدفع شيئا إذا كان لا يملك موارد كافية للدفع".
والبند (18):
1. أن يحق للشخص المحتجز أو المسجون أن يتصل بمحاميه وأن يتشاور معه
2. يتاح للشخص المحتجز أو المسجون الوقت الكافي والتسهيلات الكافية للتشاور مع محاميه....."
وقد تضمن الميثاق الإفريقي لحقوق الانسان والشعوب ما يفيد إقرار هذا الحق في المادة 7 منه، وكذا الميثاق العربي لحقوق الإنسان في المادة 16 حق المتهم في المحاكمة أمام قاضيه الطبيعي وحقه في الدفاع عن نفسه شخصياً أو بواسطة محام يختاره بنفسه.
وقد أقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن في قضية "سونيتر مر ودور ماتش" في جلسة 20/1/88 حق الحصول على مساعدة محام يتضمن حق التشاور مع المحامي دون رقابة من السلطات في مكان الاحتجاز ويسري هذا الحق على كل من الزيارات الشخصية والمراسلات بين الشخص المحتجز والمحامي".
المبحث الأول
كفالة حق الدفاع ضمانة لحسن أداء العمل القضائي
تعبير كفالة "حق الدفاع" بمعنى حق الخصم في أن يسمع القاضي وجهة نظره وإعطاءه الفرصة لتقديم ما لديه من أوجه دفاع أو مستندات ومناقشة الخصم في كل ما يقال أو يقدم بهدف إهدار قيمته ومحاولة إقناع المحكمة لإصدار الحكم أو القرار لصالحه.
ولا تعتبر كفالة حق الدفاع قائمة إلا بتوافر مجموعة من المبادىء القانونية التي استقرت عليها البشرية وهي:
1. قرينة البراءة (الأصل فى الإنسان البراءة).
2. المساواة أمام القاضي الطبيعي.
3. مبدأ المواجهة.
4. حق المثول أمام القاضي الطبيعي.
5. علنية المحاكمة .
6. كفالة حق الطعن في الأحكام.
7. الحق فى اختيار المحامى.
(1) قرينة البراءة
أقرت قواعد القانون الدولي العام "قرينة البراءة" في الكثير من المواثيق الدولية، ففى المادة الأولى والمادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الانسان وحرياته الأساسية اعتراف واضح وصريح بها(١).
وقد أخذت هذه القرينة مكانتها في التشريعات الوطنية منها المادة 67 من الدستور المصري السابق الصادر 1981، فرنسا في المادة التاسعة من إعلان حقوق الانسان والمواطن 1789، والفصل 12 من الدستور التونسي والمادة 345/1 من الدستور الكويتي وقد استمدت هذه القرينة وجودها من وجودها في الشريعة الاسلامية من قاعدة "استصحاب الحال"(٢).
(١) دليل المحاكمات العادلة والمتضمنة – المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة – 2010 ص 192.
(٢) د. محمود صالح محمد العادلي – حق الدفاع أمام القضاء الجنائي – رسالة دكتوراة جامعة القاهرة 1991 ص 23
بحث مقدم من
الأستاذ/ صابر عمار
المحامي بالنقض
الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب
الفهـرس
الموضــوع الصفحـة
تعريف حـق الدفـاع 3
المبحث الأول: كفالــة حق الدفــاع 7
1. قرينة البراءة 8
2. المساواة أمام القاضى والقانون 9
3. مبدأ المواجهة 10
4. حق المثول أمام القضاء الطبيعى 11
5. علانية المحاكمة 13
6. كفالة الطعن فى الأحكام 13
7. الحق فى إختيار محامى 15
المبحث الثانى: حق الدفاع فى نظام المحكمة الجنائية الدولية 17
المبحث الثالث: نقابة المحامين الجنائيين الدوليين 20
المراجــــع 22
تعريف حق الدفاع
لاشك لدينا أن حق الدفاع هو أهم الحقوق الأساسية للإنسان وهو قديم قدم العدالة ذاتها، إذ يعتبر من الحقوق الطبيعية وشأنه شأن "الحق في الحياة" ذاتها، وهو"وثيق الصلة بالخصومة القضائية من زاوية تجلية جوانبها، وتصحيح إجراءاتها ومتابعتها، وعرض المسائل الواقعية والقانونية التى تتصل بموضوعها، ودحض ما يناهضها توكيدا لوجه الحق فيما يكون مهما من نقاطها، وعلى الأخص من خلال المفاضلة بين بدائل متعددة تعتبر جميعها من وسائل الدفاع، وإن كان بعضها أعمق اتصالاً بموضوع الخصومة القضائية، وأرجحها احتمالاً فى مجال كسبها، مع دعمها بما يكون منتجاً من الأوراق" (المحكمة الدستورية العليا المصرية ـ الدعوى 129 لسنة 18 ق/ جلسة 3/1/1998).
وأضافت فى موضع آخر أن "حقوق الإنسان وحرياته لا يجوز التضحية بها فى غير ضرورة تمليها مصلحة اجتماعية لها اعتبارها، وأن الحرية فى أبعادها الكاملة لا تنفصل عن حرمه الحياة، وأن إساءة استخدام العقوبة تشويه لأهدافها، يناقض القيم التى تؤمن بها الجماعة فى إتصالها بالأمم المتحضرة وتفاعلها معها، ولا يكفي بالتالي أن يقرر المشرع لكل متهم حقوقاً قبل سلطة الاتهام توازنها وتردها إلى حدود منطقية، بل يتعين أن يكون ضمان هذه الحقوق مكفولاً من خلال وسائل إجرائية إلزامية يملكها ويوجهها، ومن بينها ـ بل وفى مقدمتها ـ حق الدفاع بما يشتمل عليه من الحق فى الحصول على مشورة محامى، والحق فى دحض الأدلة التى تقدمها النيابة العامة إثباتاً للجريمة التى نسبتها إليه" (القضية 49 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 15/6/1996).
ولعل الاهتمام بحق الدفاع أمام القضاء يسبق ما عداه من حقوق أخرى معترف بها للانسان على إعتبار أن القضاء هو الملاذ وحائط الصد الأخير للإنسان المعرض للاحتجاز أو التحفظ، كما أن احترام هذه الحقوق مرتبط بكفالة حق التقاضي.
قد تعددت التعريفات بتعدد شرائح القانون، فمنهم من عرفه بأنه حق المتهم في محاكمة عادلة مؤسسة على إجراءات مشروعة(١) ومنهم من عبر عنه بأنه "تمكين المتهم من أن يعرض على قاضيه حقيقة ما يراه في الواقعة الجنائية المستندة إليه"(٢) ورأي آخر أنه "حق أصيل ينشأ من اللحظة التي يواجه فيها الشخص الإتهام، ويقصد بهذا الحق، تمكين لشخص من درء الاتهام عن نفسه إما بإثبات فساد دليله أو بإقامة الدليل على نقيضه وهو البراءة، والاتهام بطبيعته يقتضي الدفاع فهو ضرورة منطقية له"(٣)
ويرى آخرون لقصور التعريفات السابقة وخلطها بين حق الدفاع وبين ضمانات المحاكمة، أن حق الدفاع هو ما تكفله الدساتير لكل متقاضي، فتسمح له بتقديم كل ما يدعم حقه كي تستطيع المحكمة أن تصل بعد تفنيده الوقوف على حقيقة الأمر، فتصدر حكمها مطمئنة إلى صواب ما استندت إليه"(٤).
وأخيراً عرفه البعض بأنه "تلك المكنات المستمدة من طبيعة العلاقات الإنسانية والتي لا يملك المشرع سوى إقرارها بشكل يحقق التوازن بين حقوق الأفراد وحرياتهم وبين مصالح الدولة، وهذه المكنات تخول للخصم سواء أكان طبيعياً أو معنوياً إثبات ادعاءاته القانونية أمام القضاء والرد على كل دفاع مضاد، في كل محاكمة عادلة يكفلها النظام القانوني"(٥)
ولا تختلف طبيعة "حق الدفاع" في مفاهيم القوانين والتشريعات الوطنية عنها في قواعد القانون الدولي، فقد تضمنت المادة 14/3 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية:
"3 . لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:
أ. أم يتم إعلامه سريعاً وبالتفصيل، وفي لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها.
ب. أن يعطي من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه.
ج. أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له.
د. أن يحاكم حضورياً وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكماً ، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه، دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر،
ه. أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام.
و. أن يزود مجاناً بترجمان إذا كان لا يفهم أو لايتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة. "ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنبه".
كما تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 في المادة الحادية عشر:
"(1) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه".
وتضمنت المبادىء الأساسية حول دور المحامي المعتمدة من مؤتمر الأمم المتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين/ هافانا 1985 أن "الحماية الكافية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المقررة لجميع الأشخاص اقتصادية كانت أم اجتماعية أو ثقافية أو مدنية أو سياسية تقتضي حصول جميع الأشخاص فعلا على خدمات قانونية يقدمها مهنيون قانونيون مستقلون" وقد تضمنت حق كل شخص:
1. في طلب مساعدة من محام يختاره بنفسه لحماية حقوقه وإثباتها وللدفاع عنه في جميع مراحل الاجراءات الجنائية،
2. وأن تلتزم الحكومات بتوفير اجراءات فعالة وآليات قادرة على الاستجابة تتيح الاستعانة بالمحامين بصورة فعالة،
3. وأن تقوم بإبلاغ جميع الأشخاص بحقهم في أن يتولى تمثيلهم ومساعدتهم محام يختارونه لدى القبض عليهم أو احتجازهم أو سجنهم أو لدى اتهامهم بارتكاب مخالفة جنائية،
4. وكذلك أن توفر للمحامين القدرة على أداء وظائفهم بدون خوف أو إعاقة، وأن توفرلهم الحماية الكافية.
كما تضمنت "مجموعة المبادىء المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن المعتمدة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9/12/1988 بند 11/1 "لا يجوز استبقاء أي شخص محتجزاً دون أن تتاح له فرصة للإدلاء بأقواله في أقرب وقت أمام سلطة قضائية أو سلطة أخرى، ويكون للشخص المحتجز الحق في أن يدافع عن نفسه أو أن يحصل على مساعدة محام بالطريقة التي يحددها القانون".
وتضمن (البند 17):
1. يحق للشخص المحتجز أن يحصل على مساعدة محام وتقوم السلطة المختصة بابلاغه بحقه هذا فور إلقاء القبض عليه وتوفر له التسهيلات المعقولة لممارسته.
2. إذا لم يكن للشخص المحتجز محام اختاره بنفسه، يكون له الحق في محام تعينه له سلطة قضائية أو سلطة أخرى في جميع الأحوال التي تقتضي فيها مصلحة العدالة ذلك ودون أن يدفع شيئا إذا كان لا يملك موارد كافية للدفع".
والبند (18):
1. أن يحق للشخص المحتجز أو المسجون أن يتصل بمحاميه وأن يتشاور معه
2. يتاح للشخص المحتجز أو المسجون الوقت الكافي والتسهيلات الكافية للتشاور مع محاميه....."
وقد تضمن الميثاق الإفريقي لحقوق الانسان والشعوب ما يفيد إقرار هذا الحق في المادة 7 منه، وكذا الميثاق العربي لحقوق الإنسان في المادة 16 حق المتهم في المحاكمة أمام قاضيه الطبيعي وحقه في الدفاع عن نفسه شخصياً أو بواسطة محام يختاره بنفسه.
وقد أقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن في قضية "سونيتر مر ودور ماتش" في جلسة 20/1/88 حق الحصول على مساعدة محام يتضمن حق التشاور مع المحامي دون رقابة من السلطات في مكان الاحتجاز ويسري هذا الحق على كل من الزيارات الشخصية والمراسلات بين الشخص المحتجز والمحامي".
المبحث الأول
كفالة حق الدفاع ضمانة لحسن أداء العمل القضائي
تعبير كفالة "حق الدفاع" بمعنى حق الخصم في أن يسمع القاضي وجهة نظره وإعطاءه الفرصة لتقديم ما لديه من أوجه دفاع أو مستندات ومناقشة الخصم في كل ما يقال أو يقدم بهدف إهدار قيمته ومحاولة إقناع المحكمة لإصدار الحكم أو القرار لصالحه.
ولا تعتبر كفالة حق الدفاع قائمة إلا بتوافر مجموعة من المبادىء القانونية التي استقرت عليها البشرية وهي:
1. قرينة البراءة (الأصل فى الإنسان البراءة).
2. المساواة أمام القاضي الطبيعي.
3. مبدأ المواجهة.
4. حق المثول أمام القاضي الطبيعي.
5. علنية المحاكمة .
6. كفالة حق الطعن في الأحكام.
7. الحق فى اختيار المحامى.
(1) قرينة البراءة
أقرت قواعد القانون الدولي العام "قرينة البراءة" في الكثير من المواثيق الدولية، ففى المادة الأولى والمادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الانسان وحرياته الأساسية اعتراف واضح وصريح بها(١).
وقد أخذت هذه القرينة مكانتها في التشريعات الوطنية منها المادة 67 من الدستور المصري السابق الصادر 1981، فرنسا في المادة التاسعة من إعلان حقوق الانسان والمواطن 1789، والفصل 12 من الدستور التونسي والمادة 345/1 من الدستور الكويتي وقد استمدت هذه القرينة وجودها من وجودها في الشريعة الاسلامية من قاعدة "استصحاب الحال"(٢).
(١) دليل المحاكمات العادلة والمتضمنة – المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة – 2010 ص 192.
(٢) د. محمود صالح محمد العادلي – حق الدفاع أمام القضاء الجنائي – رسالة دكتوراة جامعة القاهرة 1991 ص 23