محكمــــــة النقــــــض
الدائرة الجنائية
مذكـــرة
بأسباب الطعن بالنقض
مقدمة من مكتب الأستاذ/ عدنان محمد عبد المجيد المحامي والمقبول للمرافعة أمام محكمة النقض بصفته وكيلا عن :
السيد/ --------------- متهم "طاعن"
السيده/ ----------- طـــاعنه
ضــــــــــــــد
النيابة العامة مطعون ضدها
وذلـــــك
طعنا على الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في القضية ر قم جنايات الحدائق والمقيدة برقم لسنة كلي غرب القاهرة والصادر بتاريخ 18يناير 2006 والقاضي منطوقه بالآتي :
"حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة ---------- بالحبس مع الشغل سنة واحدة وبتغريمه مبلغ مائتي ألف جنيه ورد مبلغ 942400.0جنيه في مواجهة زوجته وألزمته المصاريف الجنائية .." .
الاتهــــام
اسندت النيابة العامة إلى المتهم أنه خلال الفترة في عام 1999 وحتى 14/4/2003 بدائرة قسم حدائق القبة – محافظة القاهرة – بصفته من العاملين بإحدى الشركات المساهمة المصرية التابعة للشركة القابضة حصل لنفسه ولزوجته/ -------------------------- على كسب غير مشروع قدره 942400.00جنيه "تسعمائة واثنين وأربعون الف وأربعمائة جنيه" وذلك بسبب استغلاله لسلطة وأعمال وظيفته سالفة البيان ، بأن دأب على تقاضي مبالغ مالية وهدايا عينية من مقاولي الباطن المتعاملين مع جهة عمله مقابل تسهيل استلام أعمالهم واعتماد مستخلصاتهم بتلك الجهة بدون وجه حق على النحو المبين في التحقيقات .
وطالبت النيابة العامة عقابة المتهم طبقا للمواد 1/5 ، 10 ، 14/2 18/13/4 ، 23 في القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع والمادة 15/3 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1112 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون المذكور .
الواقعـــــــات
تتحصل – بالقدر اللازم للفصل في الطعن المطروح في الآتي :
أولا : بتاريخ 7/9/2003 قدمت هيئة الرقابة الإدارية مذكرة بتحرياتها مؤرخة في 26/8/2003 إلى السيد المستشار/ مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع ضمنتها الآتي ....."بإجراء التحريات عن المذكور واسرته تبين أن اسمه من مواليد– بن، و أنه عين بشركة بتاريخ 31/12/1995 و أنه يشغل حاليا وظيفة مدير تنفيذ مشروعات ......" كما أشارت التحريات إلى استغلاله لموقعه الوظيفي بشركة النيل في تحقيق استفادات ومنافع شخصية على حساب وظيفته خاصة وأن موقعه الإشرافي على مقاولي الباطن المتعاملين مع الشركة يتيح له ذلك ، وقد تضخمت ثروته في السنوات الأخيرة بما لا يتناسب مع مصدر دخله
واستطردت مذكرة التحريات في سرد أملاك المتهم دون ان تفطن إلى التناقض والتخاذل الذي رأن عليها حيث ذكرت المذكرة ملكية المتهم منذ عام 1994 ، 1995 ، 1996 ..... وحتى عام 1999 وهو العام والتاريخ الذي حددته مذكرة التحريات لتولي المتهم "الطاعن" الوظيفة التي قيل إنه استغلها في تحقيق كسب غير مشروع "مدير تنفيذ مشروعات .." بما يقطع في يقين تام لا لبس فيه ولا إبهام إن ثمة تناقض وتضارب قد ران على تلك المذكرة .
ثانيا : وكانت هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع قد سألت السيد/طارق عبدالحميد نجم عضو الرقابة الإدارية الذي قام بإجراء التحريات بتاريخ 7/9/2003 فقــال :
أ- عن مصدر تحرياته أنه سري لا يمكن البوح به حفاظا على سرية المعلومات ص3 من التحقيقات .
ب- إن سبب تضخم ثروة المتهم وأولاده وزوجته ناتج عن استغلاله لوظيفته كمدير بأنه قام بتقاضي رشاوي وعمولات من المقاولين الذين يتعاملون مع الشركة التي يعمل بها وإن موقعه الإشرافي كمدير تنفيذ يتيح له ذلك ، وأن ثروته قد تضخمت في السنوات الأخيرة بصورة لا تتناسب مع دخله .
جـ- وأدعى محرر التحريات أن المتهم لم يكن يمتلك شيئ هو أو زوجته ولكن نتيجة لاستغلاله لسلطات وظيفته كمدير تنفيذ بشركة النيل استطاع أن يكون تلك الثروة .. صـ6 من التحقيقات .
د- واستطرد محرر التحريات أن المتهم هو المختص بالإشراف على مقاولي الباطن المتعاملين مع الشركة واعتماد مستخلصاتهم لدى الشركة ومتابعة تنفيذ تلك الأعمال ومدى مطابقتها للجودة وهو المسئول الوحيد الذي يستطيع ان يتسلم تلك المشروعات بعد تمامها استلاما فعليا . وما لبث محرر التحريات إلا أن أنقلب على عقبيه متناقضا مع ما ذكره حين قرر أن المراحل الأولية وصرف المبالغ يتحكم فيها مدير التنفيذ وإن كان هناك لجنة للاستلام تكون في نهاية المشروع نهاية ص7 ، ص8 بالتحقيقات ، وعلى الرغم من هذا التناقض والتنافر والتضارب الذي اعتور مذكرة التحريات حين أدعى محررها تارة ان الطاعن هو المسئول الوحيد عن استلام المشروعات بعد تمامها وأخرى يتناقض حين يدعى ان الاستلام يكون بمعرفة لجنة في نهاية المشروع وهو في كلا القولين غير مصادف للحقيقة أو الواقع ، ذلك بأن استلام الأعمال تكون بمعرفة جهة الإسناد أو الجهة المالكة للمشروع التي قامت بإسناد الأعمال إلى شركة النيل العامة لإنشاء الطرق ، وهو ذات ما اكدته الأوراق الرسمية والحكم الصادر في الجناية رقم لسنة جنايات النزهة والمتعلق باتهام الطاعن في جناية رشوة والتي قضى فيها بتبرأته مما اسند إليه ، حيث ثبت منه أنه لا علاقة للطاعن باستلام الأعمال وأن الجهة التي تقوم باستلام الأعمال هي جهة الإسناد كما أن المتهم "الطاعن" ليس هو الوحيد الذي يقوم بالتوقيع على المستخلصات وإنما يقوم بالتوقيع معه مهندس التنفيذ والمدير العام ورئيس قطاع التنفيذ .
ثالثا : وبتاريخى 14/9/2003 ، 24/9/ 2003استدعت هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع المتهم "الطاعن" من محبسه " محبوس احتياطيا على ذمة قضية الرشوة" وكذلك زوجته لمواجهتهما بالتحريات فأنكر كلا منهما ما ورد بالمذكرةوقررا بأن أموالهما مشروعه تملكاها قبل تعيين الطاعن فى وظيفة مدير تنفيذ مشروعات بشركة النيل.
رابعا : بتاريخ 22/10/2003 ندبت هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع السيدة/ الخبيرة الحسابية بإدارة خبراء الكسب غير المشروع بوزارة العدل لفحص ثروة المتهم وزوجته وتقديم تقرير بذلك وكانت الخبيرة المذكورة قد أنتدبت معها خبيرين آخرين أحدهما خبير زراعي والآخر خبير هندسي لتولي ذات المأمورية .
خامسا : بتاريخ 26/9/2004 أودع هيئة الفحص والتحقيق تقرير الخبراء المكون من ثلاث تقارير (تقرير زراعي – تقرير هندسي – تقرير حسابي) والذي انتهى إلى وجود عجز لدى المتهم قدره 942400.0جنيه " تسعمائة اثنين وأربعون ألف وأربعمائة جنيه" .
سادسا : وكان المتهم قد أستدعى عقب القضاء بتبرأته من جناية الرشوة رقم 14690 لسنة 2003 النزهة إلى هيئة الفحص والتحقيق وتمت مواجهته بما جاء بتقرير الخبراء فأبدى المتهم "الطاعن" ودفاعه عدة اعتراضات على تقرير الخبراء على النحو الآتي :
أ- إن الخبيرة الحسابية قد قامت بعدم احتساب فوائد الودائع البنكية الخاصة بالمتهم "الطاعن" كإيرادات مشروعة .. معللة ذلك على نحو ما جاء بتقريرها ص30 بحصر لفظها ونصه :
"في ضوء عدم وجود أي مستندات توضح حركة الحسابات وتاريخها .. ومن ثم اعتبرت جميع ودائع المتهم "الطاعن" مصروفا .."
ب- إن الخبيرة الحسابية قد أضافت إلى ذمة المتهم "الطاعن" المالية مبلغ 69000جنيه التي تم ضبطها بمنزلة على ذمة قضية الرشوة .. وهذا المبلغ أمانة طرفه وخاص بشقيقة زوجته السيدة/ التي ju وهو قيمة قسط شقه لها .
جـ-وتضمنت اعتراضات المتهم "الطاعن" على تقرير الخبير الزراعي انه قد أجحف بحقوق زوجة المتهم "الطاعن" حين قرر ان تقدير أرباحها في مشروع تسمين وتربية الأغنام والماشية بمبلغ 78500.00جنيه لمدة عشر دورات في عام 1996 حتى عام 2002 مخالفا بذلك الأصول الحسابية والأوراق الرسمية والحكم القضائي الصادر لصالح الزوجة .
د- كما تضمن أعتراض الطاعن على التقرير الزراعى عدم أحتسابه لعوائد نشاط أنتاج عسل النحل المملوك للطاعن منذ عام 1981 قبل توليه الوظيفه العامه بحجة عدم تقديم مستندات الملكيه مخالفاً بذلك المستقر عليه أن الحيازة فى المنقول سند ملكية الحائز وأن المنحل منقول وتحت يد الطاعن وهو المستأجر للأرض المقام عليها بعقدى أيجار ثابتى التاريخ وقد أفادت الأوراق الرسميه من الوحدة المحليه بأن المنحل مملوك للطاعن وكذلك فواتير شراء سكر وغيرها .
هـ- وكانت هيئة الفحص والتحقيق بتاريخ 2/12/2004 ، 5/12/2004 قد استدعت الخبير الزراعي وسألته عن سبب عدم احتسابه لربحية المتهم في نشاط تربية النحل ، فقرر أن المتهم لم يقدم سند ملكيته للمنحل . فقامت هيئة الفحص والتحقيق بسؤاله عما إذا كان للمناحل رخصة أو ترخيص أو تسجيل لدى مصلحة الضرائب فأجاب بأنه ليس للمناحل تراخيص وإنها معفاه من الضرائب وكانت هيئة الفحص التحقيق قد طلبت منه تقدير إيرادات المنحل ، فقام بتقديرها عن المدة من عام 1991 وحتى 2003 بمبلغ 180000.00جنيه فقط مائة وثمانون ألف جنيه لا غير ..ولم تقوم هيئة الفحص والتحقيق بإضافتها إلى إيرادات المتهم وبادرت بإحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة الجنايات .
و- وكانت هيئة الفحص والتحقيق قد استدعت الخبيرة الحسابية وسألتها عن عدم احتساب الفوائد على ودائع المتهم فقررت إنها قامت باحتساب الفائدة على شهادة استثمار خاصة بنجله المتهم "يارا" والبالغ قيمتها 5000جنيه والتي حققت عائد وفائدة قدرها 27500.00 (فقط سبعة وعشرون ألف وخمسمائة جنيه" وذلك لوجود صورة من الشهادة وتاريخها وقيمة العائد السنوى لها لذا تم حساب عائدها كإيراد للمتهم أما العائد على ودائع المتهم لم تقم باحتسابه كإيراد للمتهم لعدم وجود حركة للحسابات لديها وتاريخها ونسبة العائد منها ، وبدلا من ان تقوم هيئة الفحص والتحقيق بإطلاع الخبيرة الحسابية على مسير الحساب "لان أموال المتهم متحفظ عليها" بادرت بإحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
سابعا : ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات وبالجلسة الأولى لنظرها يوم 16/5/2005 تمسك دفاع المتهم "الطاعن" باعتراضه على تقرير الخبراء المنتدبين بمعرفة هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع . فقضت المحكمة بذات التاريخ 16/5/2005 بإحالة القضية إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليعهد بدورة إلى خبرائه المختصين مباشرة المأمورية الموضحة بالحكم التمهيدي على ضوء ما ورد بالأعتراضات .
ثامنا : واستنادا إلى الحكم التمهيدي الصادر من محكمة الجنايات بتاريخ 16/5/2005 أحيلت الدعوى إلى مكتب خبراء إدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل والذي ندب بدوره لجنة ثلاثية مكونة من :
أ- السيد/ رئيس الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع
لتولي فحص الشق الزراعي لثروة المتهم "الطاعن"
ب- السيد مدير عام الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع
لتولي فحص الشق الحسابي لثروة المتهم "الطاعن" وعمل مركز مالي كامل على ضوء ما يسفر عنه فحص ثروة المتهم بالشق الزراعي والشق الهندسي والشق الحسابي .
وكان الخبراء الثلاثة قد قاموا بمباشرة المأمورية على ضوء ما جاء بالحكم التمهيدي الصادر بجلسة 16/5/2005. وأودعو تقريرهم المكون من ثلاثة تقارير أولهم زراعي والثاني هندسي والأخير حسابي تضمن إلى جانب فحص الشق الحسابي لثروة المتهم عمل مركز مالي كامل للمتهم على ضوء النتيجة النهائية التي انتهى إليها الخبراء الثلاث (زراعي-هندسي – حسابي) وقد تم اعتماد المركز المالي للمتهم "الطاعن" الوارد في التقرير الحسابي من الخبراء الثلاث والذي انتهى إلى نتيجة نهائية حاصلها أن لدى المتهم متوفر قدره 115091.00جنيه (فقط مائة خمسة عشر الف وواحد وتسعون جنيه ص18 ، ص19 بالتقرير الحسابي المودع لهيئة المحكمة المصدرة حكمها التمهيدي في جلسة 16/5/2005 .
مما مفاده إنه لا يوجد عجز في عناصر ثروة المتهم "الطاعن" وإن إيراداته فاقت مصروفاته مبلغ 115091.00جنيه (فقط مائة خمسة عشر ألف وواحد وتسعون جنيها لاغير .
تاسعا : وبجلسة 14/12/2005 استأجلت محكمة الجنايات نظر الدعوى للإطلاع على تقرير الخبراء ..... وبجلسة 18/1/2006 أصدرت محكمة الجنايات حكمها الطعين والمبين منطوقه بصدر هذه المذكرة .
- ومهما يكن من أمر فإن الحكم الطعين بدلا من أن يقوم بمطالعة التقارير الثلاثة التي أودعتها لجنة الخبراء التي انتدبتها بحكمه التمهيدي بجلسة 16/5/2005 والوقوف على التقرير الحسابي الذي أعد مركزا ماليا للمتهم "الطاعن" وتضمن أن لديه متوفر قدره 115091جنيه بعد فحص وتمحيص ثروة المتهم "الطاعن" بشقها الزراعي والهندسي والمالي وبدلا من تحصيل العناصر والأسس التي بنى عليها الخبراء تقاريرهم الثلاث ومناقشتهم وفهمها على النحو الصحيح .
بدلا من ذلك
أبتدع الحكم فهماً خاطىء لتقرير اللجنه المنتدبه ( زراعى – هندسى – حسابى ) وأختلت فكرته عنها وأختلط لديه الحابل بالنابل وبدلاً من فهم التقارير الثلاثه على أنها وحدة واحدة يمثل كل منها فحص جزء من ثروة الطاعن ، أدعى الحكم بخلاف الحقيقه أن كل تقرير هو بمثابة طعن فى التقرير الأخر وأختلق لكل تقرير منها جهة أصدرته فتارة هيئة جهاز الكسب وأخرى حكم تمهيدى لم يبين متى صدر ولا من أصدره ولا أين هو وحسبنا تحصيل الحكم للتقرير بحصر لفظه وفصله .
".. ثبت بتقرير الخبير الحسابي وجود عجز في عناصر الذمة المالية للمتهم يقدر بمبلغ 942400.00جنيه ........ (1) وحيث انه بسؤال المتهم في تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع أنكر ما نسب إليه وتقدم وكيل المتهم بعدة اعتراضات على تقرير الخبير الحسابي تم فحصها بمعرفة مكتب خبراء وزارة العدل وقدم مكتب الخبراء تقريرا انتهى فيه إلى وجود متوفر لدى المتهم قدره مائة وخمسة عشر ألف وواحد وتسعون جنيها....... (2) .
ثم قررت المحكمة إعادة المأمؤرية إلى مكتب الخبراء لفحص إعتراضات المتهم على التقريرين السابقين فباشر المأمورية التي أناطت المحكمة به تنفيذها وقدم تقريرا أنتهى فيه إلى تحديد أرباح المتهم من نشاط تربية وانتاج عسل النحل في الفترة من عام 90/91 وحتى نهاية عام 2002/2003 ، 241550 جنيها ........ (3) . ثم بجلسة 16/5/2005 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان طبيعة عمل المتهم الذي كان يباشره خلال الفترة في عام 1999 وحتى 14/4/2003 وما إذا كان هذا العمل يمكنه من استغلال وظيفته أو يحقق عن طريق نفوذه كسب غير مشروع وبيان ما طرأ في زيادة ثروته خلال تلك الفترة تكون قد دخلت ضمن عناصر ذمته أو ذمة زوجته وأولاده القصر تفوق دخله في تلك الفترة وحساب تلك الزيادة إن وجدت . وقد باشر مكتب الخبراء وأودع تقرير الذي ضمنه انه قام بإحتساب شقة المعمورة بمبلغ 64900 جنيها شاملة التشطيبات التي تمت فيها- وأن المتهم لم يقدم للخبير ما يفيد استلامه لمبلغ 340000جنيه قيمة الأرض التي قرر المتهم أنها كانت مخصصة له الجديدة وباعها للغير والبالغ مساحتها 754م2 وأن تلك الأرض مازالت مسجلة باسم المتهم في جهاز تنمية الجديدة ........ (4)"
والحق الذي لا مريه فيه ولا يأتيه الباطل من بين يديه إن عوار الحكم الطعين وعجزه عن فهم وتحصيل تقارير لجنة الخبراء التي أنتدبها بحكمه التمهيدي بجلسة 16/5/2005 قد بات واضحا وجليا أية ذلك ودليله :
أ- أدعى الحكم الطعين أن الدعوى قد أحيلت إلى مكتب خبراء وزارة العدل أربعة مرات :
الأولى : بمعرفة هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع وقد انتهى فيها تقرير الخبراء إلى وجود عجز في عناصر ذمة المتهم المالية قدره 942400.00جنيه .
الثانية : عندما قدم وكيل المتهم عدة اعتراضات لهيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع تم فحصها بمعرفة مكتب خبراء وزارة العدل وقدم مكتب الخبراء تقريرا انتهى فيه إلى وجود متوفر لدى المتهم قدره 115091.00جنيه .
الثالثة : عندما أدعى الحكم الطعين أن المحكمة قررت "أي محكمة!!؟!! بإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لفحص اعتراضات المتهم على التقريرين السابقين فباشر المأمورية الذي أناطت المحكمة به تنفيذها وقدم تقريرا انتهى فيه على تحديد ارباح المتهم في نشاط تريبة النحل خلال الفترة من 91/92 حتى 2002/2003 مبلغ 241500.00 جنيه .
والرابعة : عندما أدعى الحكم الطعين بأنه بجلسة 16/5/2005 "وهي الجلسة الأولى لنظر الدعوى" حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل "للمرة الرابعة" الذي باشر المأورية وأودع تقريرا ضمنه احتساب شقة المعمورة بمبلغ64900جنيه وعدم احتساب مبلغ 340000جنيه وأن المتهم لم يقدم للخبير ما يفيد استلامه المبلغ ....."
أ- والحق الذي لا مريه فيه إن الدعوى لم يتم احالتها إلى مكتب خبراء وزارة العدل سوى مرتين أثنين فقط :
الأولى انتدبتها هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع وتم بحثها بمعرفة خبير زراعي وخبير هندسي وخبير حسابي وانتهت التقارير الثلاثة بمركز مالي للمتهم انتهى بوجود عجز قدره 942400.00جنيه
والثانية بالحكم التمهيدي الصادر من المحكمة بجلسة 16/5/2005 وتم فحصها بمعرفة خبير زارعي وخبير هندسي وخبير حسابي وانتهت التقارير الثلاثة بمركز مالي للمتهم انتهى بوجود متوفر قدره 115091.00جنيه . الأمر الذي يؤكد ان الحكم الطعين قد عجز عن تحصيل واقعات الدعوى وحصلها بطريقة مخالفة لأوراقها
ب- وفصل الخطاب أن الحكم الطعين بدلا من مطالعة وتمحيص تقرير الخبراء المعد بمعرفة الخبراء الثلاث (زراعي-هندسي-حسابي) باشرت عملها بمقتضى حكمه التمهيدي الصادر في 16/5/2005 وأودعت تقريرها لديه المكون من تقرير زراعي وتقرير هندسي وتقرير حسابي يتضمن في نهايته المركز المالي للمتهم راح يقطع أوصال هذا التقرير – فأعتبر أن التقرير الحسابي الذي أعد في نهايته مركزا ماليا للمتهم بعد ان أودع الخبير الزراعي تقريره وأودع الخبير الهندسي تقريره وانتهى الخبير الحسابي في تقريره وتأسيسا على هذه التقارير الثلاثة تم عمل المركز المالي للمتهم الذي انتهى فيه إلى وجود متوفر قدره 115091.00جنيه .. ما هو إلا تقريرا منفصلا قدم بناءا على اعتراض المتهم لدى هيئة الفحص والتحقيق قبل أن تصل الدعوى إلى المحكمة .
- وزعم الحكم الطعين أن التقرير الزراعي الذي أعد بناءا على الحكم التمهيدي الصادر بجلسة 16/5/2005 .... كان بناءا على حكم محكمة الجنايات ردا على اعتراض المتهم على التقريرين السابقين وانتهى فيه إلى تحديد ربحية المتهم من نشاط تربية النحل وانتاج العسل فقط .
- وادعى الحكم الطعين أن التقرير الهندسي هو التقرير الوحيد الناتج عن مباشرة المأمورية الواردة بالحكم التمهيدي بجلسة 16/5/2005 دون التقريرين الآخرين .
الأمر الذي ينبئ عن خلل جسيم أصاب الحكم ، ادى إلى انحرافه ومسخه لوقائع الدعوى ومادياتها ولاشك أن المقدمات الخاطئة يترتب عليها لا محالة نتائج خاطئة .
وليت أمر الحكم الطعين قد اقتصر عن هذا الحد بل لقد أعتوره فساد في الاستدلال وخطأ في الاسناد وقصور في التسبيب ومخالفة للثابت في الأوراق وتناقص وتخاذل الأمر الذي ينأى به عن مطالعة الواقع والقانون على السواء ومن أجله بادر الطاعن بالطعن على الحكم بتاريخ حيث قيد طعنه برقم تتابع وفيما يلي مذكرة بأسباب الطعن بالنقض :
أسباب الطعن بالنقض
السبب الأول
الخطأ في تطبيق القانون
إن الناظر بعين الاعتبار لصحيح القانون يجد أن قضاء الحكم المطعون فيه قد أعتراه وأستغرقه الخطأ في تطبيق القانون من كل جانب حين قضى بإدانة الطاعن وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع والتى نصت على (( .... ويعتبر ناتجاً بسبب استغلال الخدمة أو الصفة أو السلوك المخالف كل زيادة في الثروة تطرأ بعد تولى الخدمة او قيام الصفة على الخاضع لهذا القانون او على زوجه وأولاده القصر متى كانت لا تتناسب مع موارده وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها )) على ما ران على النص السابق من مخالفة للدستور بما قررته من أعفاء للنيابة العامة من واجب الإثبات بإقامة قرينة على عدم مشروعية مصدر الأموال تتمثل في الزيادة التى لا تتناسب مع الموارد والتى يعجز الخاضع للقانون عن إثبات مشروعيتها وكانت مخالفته من عدة أوجه تتمثل في الأتى :-
أولاً :- مخالفة نص العقاب للمادة 41 من الدستور
تنص المادة 41 من الدستور على أن :
(( الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة ولا تمس .....))
ومفاده أن الحرية الشخصية كمبدأ عام لا يجوز المساس بها إلا عبر محاكمة منصفة تتم تحت ولاية الجهة المختصة ممثلة في السلطة القضائية وفقاً للأدلة المطروحة بين يديها الناشئة عن إجراءات التحقيق من قبلها لماديات الدعوى باعتبار أن السلطة القضائية قد أناط لها الشارع السلطة التقديريه الكاملة عند التعرض لحرية الأشخاص في حين أن النص قد أنشئ قرينه من صنع السلطة التشريعية تفترض ارتكاب المتهم لجريمة الكسب غير المشروع لمجرد وجود زيادة في ثروته وتعفى النيابة العامة من عبء إثبات أدلة الاتهام وتلقى على المتهم عبء نفى قرينة الاتهام وهو أفتأت على الحرية الشخصية التى صانها الدستور .
ثانياُ :- مخالفة نص العقاب للمادتين 67 ، 69 من الدستور
تنص المادة 67 من الدستور على أن (( المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ))
كما نصت المادة 69 من الدستور على أن (( حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول ))
وواقع الحال أن أفتراض البراءة الوارد بنص الدستور لا يعد قرينة قانونية تماثل الواردة بنص العقاب فى الأثار القانونيه إذ أن القرينة هى استنباط الشارع أو القاضى لأمر مجهول من أمر معلوم وهى بذلك دليل غير مباشر لأنها لا تؤدى الى ما يراد إثباته مباشرة وهى أقل ضماناً من غيرها لأنها استنتاجات ولم يبح الشارع الإثبات بالقرائن إلا في الأحوال قليلة الأهمية أو عند الضرورة كما هو الحال في الإثبات بالشهود في حين أن البراءة التى أفترضها الدستور أساسها الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها والمستمدة من الشريعة الإسلامية الغراء المصدر الرئيسى للتشريع من أن الأصل براءة الذمة وعلى من يدعى خلاف ذلك إقامة الحجة والبينة على صحة ادعاءه .
ولما كان قضاء الحكم المطعون فيه قد أنساق خلف ما قرره المشرع بإقامة قرينة قانونيته على أن المال المكتسب من مصدر غير مشروع إلى أن يقام الدليل من جانب الخاضع للقانون على مصدره وهى فى حقيقتها قرينة تنافر الأصل المقرر بمقتضى الشريعة الإسلامية والدستور كمصدر أعلى للتشريع لا تجوز مخالفته.
ثالثاً :- مخالفة نص العقاب للمادتين 86 ، 165 من الدستور
تنص المادة 86 من الدستور على أن (( يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ......))
كما قضت المادة 165 على أنه (( السلطة القضائية مستقلة ......))
بيد أن النص المعاقب به الطاعن يعد وبحق افتئات من جانب السلطة التشريعية على استقلال السلطة القضائية وإهدار لمبدأ الفصل بين السلطات المتعلق بالنظام العام للدولة لكون قيام السلطة التشريعية بافتراض قرينة الإدانة يعوق السلطة القضائية عن مهمتها الأصلية بالتحقق والتثبت بالأدلة الجازمه من قيام الجريمة وتوافر أركانها بما يحجب محكمة الموضوع عن تحقيق أدلة الاتهام و بما يخالف الدستور
ولما كان ذلك وكانت محكمة النقض قد تواتر قضاءها على أهدار حجية النصوص القانونية المخالفة للدستور في حالة طرح النزاع بين يديها بحكم تكون حجية قاصرة على أطرافه إعلاء لراية القانون الذى أنيط إليها حمايته والذود عنه وقد سبق لها أن أهدرت ذات نص العقاب الذى تساند إليه الحكم المطعون لمخالفته للدستور فقضت في ذلك بأنه
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه إنه إذا دان الأول بجريمة الكسب غير المشروع وألزم الباقين بالرد بقدر ما استفاد كل منهم ، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك لأن نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع التى دين بها الطاعن الأول يخالف الدستور إذ أهدر أصل البراءة المنصوص عليها في المادة 67 من الدستور بما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن الأول بوصف أنه خلال الفترة من سنة 1973 وحتى سنة 1987 بدائرة محافظة الجيزة : بصفته من العاملين في الجهاز الإدارى في الدولة ونائباً لوزير الشباب والرياضة ثم رئيساً للمجلس الأعلى للشباب والرياضة ثم وزيراً للشباب والرياضة ثم محافظاً للجيزة حصل لنفسه ولزوجته / رجاء عبد المطلب وولديه القاصرين خالد و وليد على كسب غير مشروع بسبب استغلاله للوظائف التى تولاها سالفة الذكر مما أدى إلى زيادة في ثروته بما لا يتناسب مع موارده المالية وعجز عن أثبات مصدر مشروع لها ، ومحكمة جنايات الجيزة قضت في 23 من أغسطس سنة 2000 بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه ما يوازى ما طرأ على ثروته من زيادة وبرد مثل ذلك المبلغ من أموال كل منهم بقدر ما استفاد من هذا الكسب وذلك عملاً بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع مع إيقاف تنفيذ عقوبة الحبس فقط ، ومن حيث إن التشريع يتدرج درجات ثلاث هى الدستور ثم التشريع العادى ثم التشريع الفرعى أو اللائحة ، وهذا التدرج في القوة ينبغى أن يسلم منطقاً إلى خضوع التشريع الأدنى للتشريع الأعلى ، ولا خلاف على حق المحاكم في الرقابة الشكلية للتأكد من توافر الشكل الصحيح للتشريع الأدنى كما يحدده التشريع الأعلى أى التأكد من تمام سنه بواسطة السلطة المختصة وتمام إصداره ونشره وفوات الميعاد الذى يبدأ منه نفاذه ، فإن لم يتوافر هذا الشكل تعين على المحاكم الامتناع عن تطبيقه . أما من حيث رقابة صحة التشريع الأدنى من حيث الموضوع ، فقد جاء اللبس حول سلطة المحاكم في الامتناع عن تطبيق تشريع أدنى مخالف لتشريع أعلى إزاء ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 175 من الدستور القائم بقولها (( تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين في القانون . )) ولا جدال أنه على ضوء النص الدستورى سالف البيان فإن اختصاص المحكمة الدستورية العليا المنفردة بالحكم بعدم دستورية النص التشريعى المطعون فيه أو والى دستوريته لا يشاركها فيه سواها ، وحجية الحكم في هذه الحالة مطلقة تسرى في مواجهة الكافة . على أنه في ذات الوقت للقضاء العادى التأكد من شرعية أو قانونية التشريع الأدنى بالتثبت من عدم مخالفته للتشريع الأعلى ، فإن ثبت له هذه المخالفة أقتصر دوره على مجرد الامتناع عن تطبيق التشريع الأدنى المخالف للتشريع الأعلى دون أن يملك إلغاءه أو القضاء بعدم دستوريته وحجية الحكم في هذه الحالة نسبية قاصرة على أطراف النزاع دون غيرهم ، ويستند هذا الاتجاه الى أن القضاء ملزم بتطبيق أحكام الدستور وأحكام القانون على حد سواء ، غير أنه حين يستحيل تطبيقها معاً لتعارض أحكامهما ، فلا منص من تطبيق أحكام الدستور دون أحكام القانون إعمالاً لقاعدة تدرج التشريع وما يحتمه منطقها من سيادة التشريع الأعلى على التشريع الأدنى كما يؤيد هذا النظر ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا بأن لا شأن للرقابة الدستورية بالتناقض بين قاعدتين قانونيتين من مرتبة واحدة أو مرتبتين مختلفتين ، كما لا يمتد اختصاص المحكمة لحالات التعارض بين اللوائح والقوانين ولا بين التشريع ذات المرتبة الواحدة ، وإن هذا القول مجرد امتداد لما أنعقد عليه الإجماع من حق المحاكم في رقابة قانونية اللوائح أو شرعيتها وما جرى عليه قضاء محكمة النقض من الامتناع عن تطبيق اللائحة المخالفة للقانون بينما يختص القضاء الإدارى بإلغاء هذه اللائحة ، ومن غير المقبول أن يقرر هذا الحق للقضاء العادى بينما يمنع من رقابة مدى اتفاق القوانين مع قواعد الدستور وعدم مخالفتها له ، فهذان النوعان من الرقابة القضائية ليس إلا نتيجتين متلازمتين لقاعدة تدرج التشريع ، وليس من المنطق – بل يكون من المتناقض – التسليم بإحدى النتيجتين دون الأخرى ، فما ينسحب على التشريع الفرعى من تقرير رقابة قانونيته أو شرعيته ، ينبغى أن ينسحب كذلك على التشريع العادى بتخويل المحاكم حق الامتناع عن تطبيق القانون المخالف للدستور ، فضلاً عن أن تخويل المحاكم هذا الحق يؤكد مبدأ الفصل بين السلطات ، لأنه يمنع السلطة التشريعية من أن تفرض على السلطة القضائية قانوناً تسنه على خلاف الدستور وتجبرها بذلك على تطبيقه ، مما يخل باستقلالها ويحد من اختصاصها في تطبيق القواعد القانونية والتى على رأسها قواعد الدستور . ويؤكد هذا النظر أيضاً أن الدستور في المادة 175 منه أناط بالمحكمة الدستورية العليا حق تفسير النصوص التشريعية وأوضحت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 48 لسنة1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا حق جهات القضاء الأخرى في هذا الاختصاص بقولها (( كما أن هذا الاختصاص لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى جميعاً في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها ما دام لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم سواء من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية العليا . )) فرغم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالتفسير الملزم للكافة فإن المشرع لم يسلب هذا الحق من المحاكم ما دام لم يصدر قرار بالتفسير من المحكمة الدستورية العليا أو من السلطة التشريعية وهو ذات الشأن بالنسبة لامتناع المحاكم عن تطبيق القانون المخالف للدستور مادام لم يصدر من المحكمة الدستورية العليا حكم بدستورية النص القانونى أو عدم دستوريته . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – قد جرى على أنه لما كان الدستور هو القانون الوضعى الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوى في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أم لاحقاً على العمل بالدستور . لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل أو تخالف تشريعياً صادر من سلطة أعلى فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته . هذا وقد أيدت المحكمة الدستورية العليا هذا الإتجاه بطريق غير مباشر وذلك عندما قضت محكمة النقض بتاريخ 24 من مارس سنة 1975 باعتبار المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية تخالف نص المادة 44 من الدستور واعتبرتها منسوخة بقوة الدستور ثم جاءت المحكمة الدستوري العليا بتاريخ 2 من يونيو سنة 1984 وقضت بعدم دستورية المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية في القضية رقم 5 لسنة 4 قضائية دستورية ولم تذهب ولم تذهب المحكمة الدستورية العليا إلى القول بأن قضاء محكمة النقض السابق جاوز اختصاصه أو فيه اعتداء على سلطة المحكمة العليا التى كانت قائمة قبل المحكمة الدستورية العليا وبذات الاختصاص . كما صدر بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1993 حكم أخر لمحكمة النقض باعتبار المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية منسوخة بقوة الدستور لمخالفتها المادة 41 منه ولم يصدر حكم للمحكمة الدستورية العليا بعد في هذا الشأن . وخلاصة ما سلف إيراده أنه في الأحوال التى يرى فيها القضاء العادى أن القانون قد نسخه الدستور بنص صريح ، لا يعتبر حكمه فاصلاً في مسألة دستورية ، ولا يحوز هذا الحكم بذلك سوى حجية نسبية في مواجهة الخصوم دون الكافة . لما كان ما تقدم ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى أيضاً على أن الشرعية الإجرائية سواء ما أتصل منها بحيدة المحقق أو بكفالة الحرية الشخصية والكرامة البشرية للمتهم ومراعاة حقوق الدفاع ، أو ما أتصل بوجوب التزام الحكم بإدانة بمبدأ مشروعية الدليل وعدم مناهضته لأصل دستورى مقرر ، جميعها ثوابت قانونية أعلاها الدستور والقانون وحرص على حمايتها القضاء ليس فقط لمصلحة خاصة بالمتهم وإنما بحسبانها في المقام الأول تستهدف مصلحة عامة تتمثل في حماية قرينة البراءة وتوفير اطمئنان الناس إلى عدالة القضاء ، فالغلبة للشرعية الإجرائية ولو أدى إعمالها لإفلات مجرم من العقاب وذلك لاعتبارات أسمى تغياها الدستور والقانون . لما كان ذلك ، وكان قضاء محكمة الدستورية العليا قد جرى أيضاً على أن افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كلفهما الدستور بالمادتين 41، 67 فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التى تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التى نسبتها الى المتهم في كل ركن من أركانها وبالنسبة لكل واقعة ضرورية لقيامها وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة إذ هو من الركائز التى يستند إليها مفهوم المحاكمة المنصفة . وهذا القضاء تمشياً مع ما نصت عليه المادة 67 من الدستور من أن (( المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه )) ومفاد هذا النص الدستورى أن الأصل في المتهم البراءة وأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة فعليها وحدها عبء تقديم الدليل ، ولا يلزم المتهم بتقديم أى دليل على براءته ، كما لا يملك المشرع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو لنقل عبء الإثبات على عاتق المتهم . ولقد تواترت أحكام المحكمة الدستورية على القضاء بعدم دستورية القوانين التى تخالف هذا المبدأ وعلى سبيل المثال ما قررته المادة 195 من قانون العقوبات ، وما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش ، وما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب السياسية ، وما نصت عليه المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963 ، وكذلك ما نصت عليه المواد 37 ،38 ،117 من قانون الجمارك سالف الإشارة ، وكذلك ما نصت عليه المواد 2 ، 10، 11 ، 12 ، 14 ، 14 مكرر من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها . كما قضت محكمة النقض في الطعن رقم 22064 لسنة 63 ق بتاريخ 22 من يوليو سنة 1998 باعتبار الفقرة التاسعة من المادة 47 من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 منسوخاً ضمناً بقوة الدستور وجميع هذه النصوص ذات قاسم مشترك في أنها خالفت قاعدة أصل البراءة المنصوص عليها في الدستور ونقلت عبء الإثبات على عاتق المتهم . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع إذ نص في الفقرة الثانية من المادة الثانية منه على أن (( وتعتبر ناتجة بسبب استغلال الخدمة أو الصفة أو السلوك المخالف كل زيادة في الثروة تطرأ بعد تولى الخدمة أو قيام الصفة على الخاضع لهذا القانون أو زوجه أو على أولاده القصر متى كانت لا تتناسب مع موادهم وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها . )) ، يكون قد أقام قرينة مبناها افتراض حصول الكسب غير المشروع بسبب استغلال الخدمة إذا طرأت زيادة في ثروة الخاضع لا تتناسب مع موارده متى عجز عن إثبات مصدر مشروع لها ، ونقل إلى المتهم عبء إثبات براءته ، وكلاهما ممتنع لمخالفته المبادئ الأساسية المقررة بالمادة 67 من الدستور على نحو ما جرى تبيانه وفقاً لقضاء كل من محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا في النصوص التشريعية المشابهة والتى انتهت محكمة النقض إلى عدم إعمالها وإهمالها لمخالفتها للدستور ، بينما انتهت المحكمة الدستورية العليا إلى القضاء بعدم دستورية تلك النصوص لمخالفتها أيضاً للدستور . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن الأول لعجزه عن إثبات مصدر مشروع لما طرأ على ثروته من زيادة لا تتناسب مع موارده يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه قام على افتراض ارتكاب المتهم للفعل المؤثم وهو الكسب غير المشروع لمجرد عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ثروته ، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان المتهم بناء على هذا الافتراض الظني وقلب عبء الإثبات مستنداً إلى دليل غير مشروع وقرينة فاسدة تناقض الثوابت الدستورية التى تقضى بافتراض أصل البراءة ووجوب بناء الحكم بالإدانة على الجزم واليقين لا على الافتراض والتخمين .
الطعن رقم 30342 لسنة 70 ق
بجلسة 28/4/2004
فإذا ما تقرر ذلك وكان قضاء الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 والتى افترضت أن مصدر أموال الطاعن التى لا تتناسب مع موارده ناشئة عن مصدر غير مشروع وألقت على عاتق الخاضع لأحكام القانون عبء دحض هذه القرينة بما يعد مخالفة لنصوص الدستور لإهدارها مبدأ الفصل بين السلطات بغل يد السلطة القضائية عن تحقيق أدلة الدعوى والموازنة بينها و تعرضها للحرية الشخصية للطاعن دون مبرر بافتراض أدانته بعكس ما هو مقرر بمقتضى قاعدة أن الأصل في الإنسان براءة ذمته المستمدة من المصدر الرئيسى للتشريع ممثلاً في الشريعة الإسلامية بما يوجب نقضه لخطاءه فى تطبيق القانون.
الدائرة الجنائية
مذكـــرة
بأسباب الطعن بالنقض
مقدمة من مكتب الأستاذ/ عدنان محمد عبد المجيد المحامي والمقبول للمرافعة أمام محكمة النقض بصفته وكيلا عن :
السيد/ --------------- متهم "طاعن"
السيده/ ----------- طـــاعنه
ضــــــــــــــد
النيابة العامة مطعون ضدها
وذلـــــك
طعنا على الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في القضية ر قم جنايات الحدائق والمقيدة برقم لسنة كلي غرب القاهرة والصادر بتاريخ 18يناير 2006 والقاضي منطوقه بالآتي :
"حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة ---------- بالحبس مع الشغل سنة واحدة وبتغريمه مبلغ مائتي ألف جنيه ورد مبلغ 942400.0جنيه في مواجهة زوجته وألزمته المصاريف الجنائية .." .
الاتهــــام
اسندت النيابة العامة إلى المتهم أنه خلال الفترة في عام 1999 وحتى 14/4/2003 بدائرة قسم حدائق القبة – محافظة القاهرة – بصفته من العاملين بإحدى الشركات المساهمة المصرية التابعة للشركة القابضة حصل لنفسه ولزوجته/ -------------------------- على كسب غير مشروع قدره 942400.00جنيه "تسعمائة واثنين وأربعون الف وأربعمائة جنيه" وذلك بسبب استغلاله لسلطة وأعمال وظيفته سالفة البيان ، بأن دأب على تقاضي مبالغ مالية وهدايا عينية من مقاولي الباطن المتعاملين مع جهة عمله مقابل تسهيل استلام أعمالهم واعتماد مستخلصاتهم بتلك الجهة بدون وجه حق على النحو المبين في التحقيقات .
وطالبت النيابة العامة عقابة المتهم طبقا للمواد 1/5 ، 10 ، 14/2 18/13/4 ، 23 في القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع والمادة 15/3 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1112 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون المذكور .
الواقعـــــــات
تتحصل – بالقدر اللازم للفصل في الطعن المطروح في الآتي :
أولا : بتاريخ 7/9/2003 قدمت هيئة الرقابة الإدارية مذكرة بتحرياتها مؤرخة في 26/8/2003 إلى السيد المستشار/ مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع ضمنتها الآتي ....."بإجراء التحريات عن المذكور واسرته تبين أن اسمه من مواليد– بن، و أنه عين بشركة بتاريخ 31/12/1995 و أنه يشغل حاليا وظيفة مدير تنفيذ مشروعات ......" كما أشارت التحريات إلى استغلاله لموقعه الوظيفي بشركة النيل في تحقيق استفادات ومنافع شخصية على حساب وظيفته خاصة وأن موقعه الإشرافي على مقاولي الباطن المتعاملين مع الشركة يتيح له ذلك ، وقد تضخمت ثروته في السنوات الأخيرة بما لا يتناسب مع مصدر دخله
واستطردت مذكرة التحريات في سرد أملاك المتهم دون ان تفطن إلى التناقض والتخاذل الذي رأن عليها حيث ذكرت المذكرة ملكية المتهم منذ عام 1994 ، 1995 ، 1996 ..... وحتى عام 1999 وهو العام والتاريخ الذي حددته مذكرة التحريات لتولي المتهم "الطاعن" الوظيفة التي قيل إنه استغلها في تحقيق كسب غير مشروع "مدير تنفيذ مشروعات .." بما يقطع في يقين تام لا لبس فيه ولا إبهام إن ثمة تناقض وتضارب قد ران على تلك المذكرة .
ثانيا : وكانت هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع قد سألت السيد/طارق عبدالحميد نجم عضو الرقابة الإدارية الذي قام بإجراء التحريات بتاريخ 7/9/2003 فقــال :
أ- عن مصدر تحرياته أنه سري لا يمكن البوح به حفاظا على سرية المعلومات ص3 من التحقيقات .
ب- إن سبب تضخم ثروة المتهم وأولاده وزوجته ناتج عن استغلاله لوظيفته كمدير بأنه قام بتقاضي رشاوي وعمولات من المقاولين الذين يتعاملون مع الشركة التي يعمل بها وإن موقعه الإشرافي كمدير تنفيذ يتيح له ذلك ، وأن ثروته قد تضخمت في السنوات الأخيرة بصورة لا تتناسب مع دخله .
جـ- وأدعى محرر التحريات أن المتهم لم يكن يمتلك شيئ هو أو زوجته ولكن نتيجة لاستغلاله لسلطات وظيفته كمدير تنفيذ بشركة النيل استطاع أن يكون تلك الثروة .. صـ6 من التحقيقات .
د- واستطرد محرر التحريات أن المتهم هو المختص بالإشراف على مقاولي الباطن المتعاملين مع الشركة واعتماد مستخلصاتهم لدى الشركة ومتابعة تنفيذ تلك الأعمال ومدى مطابقتها للجودة وهو المسئول الوحيد الذي يستطيع ان يتسلم تلك المشروعات بعد تمامها استلاما فعليا . وما لبث محرر التحريات إلا أن أنقلب على عقبيه متناقضا مع ما ذكره حين قرر أن المراحل الأولية وصرف المبالغ يتحكم فيها مدير التنفيذ وإن كان هناك لجنة للاستلام تكون في نهاية المشروع نهاية ص7 ، ص8 بالتحقيقات ، وعلى الرغم من هذا التناقض والتنافر والتضارب الذي اعتور مذكرة التحريات حين أدعى محررها تارة ان الطاعن هو المسئول الوحيد عن استلام المشروعات بعد تمامها وأخرى يتناقض حين يدعى ان الاستلام يكون بمعرفة لجنة في نهاية المشروع وهو في كلا القولين غير مصادف للحقيقة أو الواقع ، ذلك بأن استلام الأعمال تكون بمعرفة جهة الإسناد أو الجهة المالكة للمشروع التي قامت بإسناد الأعمال إلى شركة النيل العامة لإنشاء الطرق ، وهو ذات ما اكدته الأوراق الرسمية والحكم الصادر في الجناية رقم لسنة جنايات النزهة والمتعلق باتهام الطاعن في جناية رشوة والتي قضى فيها بتبرأته مما اسند إليه ، حيث ثبت منه أنه لا علاقة للطاعن باستلام الأعمال وأن الجهة التي تقوم باستلام الأعمال هي جهة الإسناد كما أن المتهم "الطاعن" ليس هو الوحيد الذي يقوم بالتوقيع على المستخلصات وإنما يقوم بالتوقيع معه مهندس التنفيذ والمدير العام ورئيس قطاع التنفيذ .
ثالثا : وبتاريخى 14/9/2003 ، 24/9/ 2003استدعت هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع المتهم "الطاعن" من محبسه " محبوس احتياطيا على ذمة قضية الرشوة" وكذلك زوجته لمواجهتهما بالتحريات فأنكر كلا منهما ما ورد بالمذكرةوقررا بأن أموالهما مشروعه تملكاها قبل تعيين الطاعن فى وظيفة مدير تنفيذ مشروعات بشركة النيل.
رابعا : بتاريخ 22/10/2003 ندبت هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع السيدة/ الخبيرة الحسابية بإدارة خبراء الكسب غير المشروع بوزارة العدل لفحص ثروة المتهم وزوجته وتقديم تقرير بذلك وكانت الخبيرة المذكورة قد أنتدبت معها خبيرين آخرين أحدهما خبير زراعي والآخر خبير هندسي لتولي ذات المأمورية .
خامسا : بتاريخ 26/9/2004 أودع هيئة الفحص والتحقيق تقرير الخبراء المكون من ثلاث تقارير (تقرير زراعي – تقرير هندسي – تقرير حسابي) والذي انتهى إلى وجود عجز لدى المتهم قدره 942400.0جنيه " تسعمائة اثنين وأربعون ألف وأربعمائة جنيه" .
سادسا : وكان المتهم قد أستدعى عقب القضاء بتبرأته من جناية الرشوة رقم 14690 لسنة 2003 النزهة إلى هيئة الفحص والتحقيق وتمت مواجهته بما جاء بتقرير الخبراء فأبدى المتهم "الطاعن" ودفاعه عدة اعتراضات على تقرير الخبراء على النحو الآتي :
أ- إن الخبيرة الحسابية قد قامت بعدم احتساب فوائد الودائع البنكية الخاصة بالمتهم "الطاعن" كإيرادات مشروعة .. معللة ذلك على نحو ما جاء بتقريرها ص30 بحصر لفظها ونصه :
"في ضوء عدم وجود أي مستندات توضح حركة الحسابات وتاريخها .. ومن ثم اعتبرت جميع ودائع المتهم "الطاعن" مصروفا .."
ب- إن الخبيرة الحسابية قد أضافت إلى ذمة المتهم "الطاعن" المالية مبلغ 69000جنيه التي تم ضبطها بمنزلة على ذمة قضية الرشوة .. وهذا المبلغ أمانة طرفه وخاص بشقيقة زوجته السيدة/ التي ju وهو قيمة قسط شقه لها .
جـ-وتضمنت اعتراضات المتهم "الطاعن" على تقرير الخبير الزراعي انه قد أجحف بحقوق زوجة المتهم "الطاعن" حين قرر ان تقدير أرباحها في مشروع تسمين وتربية الأغنام والماشية بمبلغ 78500.00جنيه لمدة عشر دورات في عام 1996 حتى عام 2002 مخالفا بذلك الأصول الحسابية والأوراق الرسمية والحكم القضائي الصادر لصالح الزوجة .
د- كما تضمن أعتراض الطاعن على التقرير الزراعى عدم أحتسابه لعوائد نشاط أنتاج عسل النحل المملوك للطاعن منذ عام 1981 قبل توليه الوظيفه العامه بحجة عدم تقديم مستندات الملكيه مخالفاً بذلك المستقر عليه أن الحيازة فى المنقول سند ملكية الحائز وأن المنحل منقول وتحت يد الطاعن وهو المستأجر للأرض المقام عليها بعقدى أيجار ثابتى التاريخ وقد أفادت الأوراق الرسميه من الوحدة المحليه بأن المنحل مملوك للطاعن وكذلك فواتير شراء سكر وغيرها .
هـ- وكانت هيئة الفحص والتحقيق بتاريخ 2/12/2004 ، 5/12/2004 قد استدعت الخبير الزراعي وسألته عن سبب عدم احتسابه لربحية المتهم في نشاط تربية النحل ، فقرر أن المتهم لم يقدم سند ملكيته للمنحل . فقامت هيئة الفحص والتحقيق بسؤاله عما إذا كان للمناحل رخصة أو ترخيص أو تسجيل لدى مصلحة الضرائب فأجاب بأنه ليس للمناحل تراخيص وإنها معفاه من الضرائب وكانت هيئة الفحص التحقيق قد طلبت منه تقدير إيرادات المنحل ، فقام بتقديرها عن المدة من عام 1991 وحتى 2003 بمبلغ 180000.00جنيه فقط مائة وثمانون ألف جنيه لا غير ..ولم تقوم هيئة الفحص والتحقيق بإضافتها إلى إيرادات المتهم وبادرت بإحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة الجنايات .
و- وكانت هيئة الفحص والتحقيق قد استدعت الخبيرة الحسابية وسألتها عن عدم احتساب الفوائد على ودائع المتهم فقررت إنها قامت باحتساب الفائدة على شهادة استثمار خاصة بنجله المتهم "يارا" والبالغ قيمتها 5000جنيه والتي حققت عائد وفائدة قدرها 27500.00 (فقط سبعة وعشرون ألف وخمسمائة جنيه" وذلك لوجود صورة من الشهادة وتاريخها وقيمة العائد السنوى لها لذا تم حساب عائدها كإيراد للمتهم أما العائد على ودائع المتهم لم تقم باحتسابه كإيراد للمتهم لعدم وجود حركة للحسابات لديها وتاريخها ونسبة العائد منها ، وبدلا من ان تقوم هيئة الفحص والتحقيق بإطلاع الخبيرة الحسابية على مسير الحساب "لان أموال المتهم متحفظ عليها" بادرت بإحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
سابعا : ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات وبالجلسة الأولى لنظرها يوم 16/5/2005 تمسك دفاع المتهم "الطاعن" باعتراضه على تقرير الخبراء المنتدبين بمعرفة هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع . فقضت المحكمة بذات التاريخ 16/5/2005 بإحالة القضية إلى مكتب خبراء وزارة العدل ليعهد بدورة إلى خبرائه المختصين مباشرة المأمورية الموضحة بالحكم التمهيدي على ضوء ما ورد بالأعتراضات .
ثامنا : واستنادا إلى الحكم التمهيدي الصادر من محكمة الجنايات بتاريخ 16/5/2005 أحيلت الدعوى إلى مكتب خبراء إدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل والذي ندب بدوره لجنة ثلاثية مكونة من :
أ- السيد/ رئيس الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع
لتولي فحص الشق الزراعي لثروة المتهم "الطاعن"
ب- السيد مدير عام الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع
لتولي فحص الشق الحسابي لثروة المتهم "الطاعن" وعمل مركز مالي كامل على ضوء ما يسفر عنه فحص ثروة المتهم بالشق الزراعي والشق الهندسي والشق الحسابي .
وكان الخبراء الثلاثة قد قاموا بمباشرة المأمورية على ضوء ما جاء بالحكم التمهيدي الصادر بجلسة 16/5/2005. وأودعو تقريرهم المكون من ثلاثة تقارير أولهم زراعي والثاني هندسي والأخير حسابي تضمن إلى جانب فحص الشق الحسابي لثروة المتهم عمل مركز مالي كامل للمتهم على ضوء النتيجة النهائية التي انتهى إليها الخبراء الثلاث (زراعي-هندسي – حسابي) وقد تم اعتماد المركز المالي للمتهم "الطاعن" الوارد في التقرير الحسابي من الخبراء الثلاث والذي انتهى إلى نتيجة نهائية حاصلها أن لدى المتهم متوفر قدره 115091.00جنيه (فقط مائة خمسة عشر الف وواحد وتسعون جنيه ص18 ، ص19 بالتقرير الحسابي المودع لهيئة المحكمة المصدرة حكمها التمهيدي في جلسة 16/5/2005 .
مما مفاده إنه لا يوجد عجز في عناصر ثروة المتهم "الطاعن" وإن إيراداته فاقت مصروفاته مبلغ 115091.00جنيه (فقط مائة خمسة عشر ألف وواحد وتسعون جنيها لاغير .
تاسعا : وبجلسة 14/12/2005 استأجلت محكمة الجنايات نظر الدعوى للإطلاع على تقرير الخبراء ..... وبجلسة 18/1/2006 أصدرت محكمة الجنايات حكمها الطعين والمبين منطوقه بصدر هذه المذكرة .
- ومهما يكن من أمر فإن الحكم الطعين بدلا من أن يقوم بمطالعة التقارير الثلاثة التي أودعتها لجنة الخبراء التي انتدبتها بحكمه التمهيدي بجلسة 16/5/2005 والوقوف على التقرير الحسابي الذي أعد مركزا ماليا للمتهم "الطاعن" وتضمن أن لديه متوفر قدره 115091جنيه بعد فحص وتمحيص ثروة المتهم "الطاعن" بشقها الزراعي والهندسي والمالي وبدلا من تحصيل العناصر والأسس التي بنى عليها الخبراء تقاريرهم الثلاث ومناقشتهم وفهمها على النحو الصحيح .
بدلا من ذلك
أبتدع الحكم فهماً خاطىء لتقرير اللجنه المنتدبه ( زراعى – هندسى – حسابى ) وأختلت فكرته عنها وأختلط لديه الحابل بالنابل وبدلاً من فهم التقارير الثلاثه على أنها وحدة واحدة يمثل كل منها فحص جزء من ثروة الطاعن ، أدعى الحكم بخلاف الحقيقه أن كل تقرير هو بمثابة طعن فى التقرير الأخر وأختلق لكل تقرير منها جهة أصدرته فتارة هيئة جهاز الكسب وأخرى حكم تمهيدى لم يبين متى صدر ولا من أصدره ولا أين هو وحسبنا تحصيل الحكم للتقرير بحصر لفظه وفصله .
".. ثبت بتقرير الخبير الحسابي وجود عجز في عناصر الذمة المالية للمتهم يقدر بمبلغ 942400.00جنيه ........ (1) وحيث انه بسؤال المتهم في تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع أنكر ما نسب إليه وتقدم وكيل المتهم بعدة اعتراضات على تقرير الخبير الحسابي تم فحصها بمعرفة مكتب خبراء وزارة العدل وقدم مكتب الخبراء تقريرا انتهى فيه إلى وجود متوفر لدى المتهم قدره مائة وخمسة عشر ألف وواحد وتسعون جنيها....... (2) .
ثم قررت المحكمة إعادة المأمؤرية إلى مكتب الخبراء لفحص إعتراضات المتهم على التقريرين السابقين فباشر المأمورية التي أناطت المحكمة به تنفيذها وقدم تقريرا أنتهى فيه إلى تحديد أرباح المتهم من نشاط تربية وانتاج عسل النحل في الفترة من عام 90/91 وحتى نهاية عام 2002/2003 ، 241550 جنيها ........ (3) . ثم بجلسة 16/5/2005 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان طبيعة عمل المتهم الذي كان يباشره خلال الفترة في عام 1999 وحتى 14/4/2003 وما إذا كان هذا العمل يمكنه من استغلال وظيفته أو يحقق عن طريق نفوذه كسب غير مشروع وبيان ما طرأ في زيادة ثروته خلال تلك الفترة تكون قد دخلت ضمن عناصر ذمته أو ذمة زوجته وأولاده القصر تفوق دخله في تلك الفترة وحساب تلك الزيادة إن وجدت . وقد باشر مكتب الخبراء وأودع تقرير الذي ضمنه انه قام بإحتساب شقة المعمورة بمبلغ 64900 جنيها شاملة التشطيبات التي تمت فيها- وأن المتهم لم يقدم للخبير ما يفيد استلامه لمبلغ 340000جنيه قيمة الأرض التي قرر المتهم أنها كانت مخصصة له الجديدة وباعها للغير والبالغ مساحتها 754م2 وأن تلك الأرض مازالت مسجلة باسم المتهم في جهاز تنمية الجديدة ........ (4)"
والحق الذي لا مريه فيه ولا يأتيه الباطل من بين يديه إن عوار الحكم الطعين وعجزه عن فهم وتحصيل تقارير لجنة الخبراء التي أنتدبها بحكمه التمهيدي بجلسة 16/5/2005 قد بات واضحا وجليا أية ذلك ودليله :
أ- أدعى الحكم الطعين أن الدعوى قد أحيلت إلى مكتب خبراء وزارة العدل أربعة مرات :
الأولى : بمعرفة هيئة الفحص والتحقيق بجهاز الكسب غير المشروع وقد انتهى فيها تقرير الخبراء إلى وجود عجز في عناصر ذمة المتهم المالية قدره 942400.00جنيه .
الثانية : عندما قدم وكيل المتهم عدة اعتراضات لهيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع تم فحصها بمعرفة مكتب خبراء وزارة العدل وقدم مكتب الخبراء تقريرا انتهى فيه إلى وجود متوفر لدى المتهم قدره 115091.00جنيه .
الثالثة : عندما أدعى الحكم الطعين أن المحكمة قررت "أي محكمة!!؟!! بإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لفحص اعتراضات المتهم على التقريرين السابقين فباشر المأمورية الذي أناطت المحكمة به تنفيذها وقدم تقريرا انتهى فيه على تحديد ارباح المتهم في نشاط تريبة النحل خلال الفترة من 91/92 حتى 2002/2003 مبلغ 241500.00 جنيه .
والرابعة : عندما أدعى الحكم الطعين بأنه بجلسة 16/5/2005 "وهي الجلسة الأولى لنظر الدعوى" حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل "للمرة الرابعة" الذي باشر المأورية وأودع تقريرا ضمنه احتساب شقة المعمورة بمبلغ64900جنيه وعدم احتساب مبلغ 340000جنيه وأن المتهم لم يقدم للخبير ما يفيد استلامه المبلغ ....."
أ- والحق الذي لا مريه فيه إن الدعوى لم يتم احالتها إلى مكتب خبراء وزارة العدل سوى مرتين أثنين فقط :
الأولى انتدبتها هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع وتم بحثها بمعرفة خبير زراعي وخبير هندسي وخبير حسابي وانتهت التقارير الثلاثة بمركز مالي للمتهم انتهى بوجود عجز قدره 942400.00جنيه
والثانية بالحكم التمهيدي الصادر من المحكمة بجلسة 16/5/2005 وتم فحصها بمعرفة خبير زارعي وخبير هندسي وخبير حسابي وانتهت التقارير الثلاثة بمركز مالي للمتهم انتهى بوجود متوفر قدره 115091.00جنيه . الأمر الذي يؤكد ان الحكم الطعين قد عجز عن تحصيل واقعات الدعوى وحصلها بطريقة مخالفة لأوراقها
ب- وفصل الخطاب أن الحكم الطعين بدلا من مطالعة وتمحيص تقرير الخبراء المعد بمعرفة الخبراء الثلاث (زراعي-هندسي-حسابي) باشرت عملها بمقتضى حكمه التمهيدي الصادر في 16/5/2005 وأودعت تقريرها لديه المكون من تقرير زراعي وتقرير هندسي وتقرير حسابي يتضمن في نهايته المركز المالي للمتهم راح يقطع أوصال هذا التقرير – فأعتبر أن التقرير الحسابي الذي أعد في نهايته مركزا ماليا للمتهم بعد ان أودع الخبير الزراعي تقريره وأودع الخبير الهندسي تقريره وانتهى الخبير الحسابي في تقريره وتأسيسا على هذه التقارير الثلاثة تم عمل المركز المالي للمتهم الذي انتهى فيه إلى وجود متوفر قدره 115091.00جنيه .. ما هو إلا تقريرا منفصلا قدم بناءا على اعتراض المتهم لدى هيئة الفحص والتحقيق قبل أن تصل الدعوى إلى المحكمة .
- وزعم الحكم الطعين أن التقرير الزراعي الذي أعد بناءا على الحكم التمهيدي الصادر بجلسة 16/5/2005 .... كان بناءا على حكم محكمة الجنايات ردا على اعتراض المتهم على التقريرين السابقين وانتهى فيه إلى تحديد ربحية المتهم من نشاط تربية النحل وانتاج العسل فقط .
- وادعى الحكم الطعين أن التقرير الهندسي هو التقرير الوحيد الناتج عن مباشرة المأمورية الواردة بالحكم التمهيدي بجلسة 16/5/2005 دون التقريرين الآخرين .
الأمر الذي ينبئ عن خلل جسيم أصاب الحكم ، ادى إلى انحرافه ومسخه لوقائع الدعوى ومادياتها ولاشك أن المقدمات الخاطئة يترتب عليها لا محالة نتائج خاطئة .
وليت أمر الحكم الطعين قد اقتصر عن هذا الحد بل لقد أعتوره فساد في الاستدلال وخطأ في الاسناد وقصور في التسبيب ومخالفة للثابت في الأوراق وتناقص وتخاذل الأمر الذي ينأى به عن مطالعة الواقع والقانون على السواء ومن أجله بادر الطاعن بالطعن على الحكم بتاريخ حيث قيد طعنه برقم تتابع وفيما يلي مذكرة بأسباب الطعن بالنقض :
أسباب الطعن بالنقض
السبب الأول
الخطأ في تطبيق القانون
إن الناظر بعين الاعتبار لصحيح القانون يجد أن قضاء الحكم المطعون فيه قد أعتراه وأستغرقه الخطأ في تطبيق القانون من كل جانب حين قضى بإدانة الطاعن وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع والتى نصت على (( .... ويعتبر ناتجاً بسبب استغلال الخدمة أو الصفة أو السلوك المخالف كل زيادة في الثروة تطرأ بعد تولى الخدمة او قيام الصفة على الخاضع لهذا القانون او على زوجه وأولاده القصر متى كانت لا تتناسب مع موارده وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها )) على ما ران على النص السابق من مخالفة للدستور بما قررته من أعفاء للنيابة العامة من واجب الإثبات بإقامة قرينة على عدم مشروعية مصدر الأموال تتمثل في الزيادة التى لا تتناسب مع الموارد والتى يعجز الخاضع للقانون عن إثبات مشروعيتها وكانت مخالفته من عدة أوجه تتمثل في الأتى :-
أولاً :- مخالفة نص العقاب للمادة 41 من الدستور
تنص المادة 41 من الدستور على أن :
(( الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة ولا تمس .....))
ومفاده أن الحرية الشخصية كمبدأ عام لا يجوز المساس بها إلا عبر محاكمة منصفة تتم تحت ولاية الجهة المختصة ممثلة في السلطة القضائية وفقاً للأدلة المطروحة بين يديها الناشئة عن إجراءات التحقيق من قبلها لماديات الدعوى باعتبار أن السلطة القضائية قد أناط لها الشارع السلطة التقديريه الكاملة عند التعرض لحرية الأشخاص في حين أن النص قد أنشئ قرينه من صنع السلطة التشريعية تفترض ارتكاب المتهم لجريمة الكسب غير المشروع لمجرد وجود زيادة في ثروته وتعفى النيابة العامة من عبء إثبات أدلة الاتهام وتلقى على المتهم عبء نفى قرينة الاتهام وهو أفتأت على الحرية الشخصية التى صانها الدستور .
ثانياُ :- مخالفة نص العقاب للمادتين 67 ، 69 من الدستور
تنص المادة 67 من الدستور على أن (( المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ))
كما نصت المادة 69 من الدستور على أن (( حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول ))
وواقع الحال أن أفتراض البراءة الوارد بنص الدستور لا يعد قرينة قانونية تماثل الواردة بنص العقاب فى الأثار القانونيه إذ أن القرينة هى استنباط الشارع أو القاضى لأمر مجهول من أمر معلوم وهى بذلك دليل غير مباشر لأنها لا تؤدى الى ما يراد إثباته مباشرة وهى أقل ضماناً من غيرها لأنها استنتاجات ولم يبح الشارع الإثبات بالقرائن إلا في الأحوال قليلة الأهمية أو عند الضرورة كما هو الحال في الإثبات بالشهود في حين أن البراءة التى أفترضها الدستور أساسها الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها والمستمدة من الشريعة الإسلامية الغراء المصدر الرئيسى للتشريع من أن الأصل براءة الذمة وعلى من يدعى خلاف ذلك إقامة الحجة والبينة على صحة ادعاءه .
ولما كان قضاء الحكم المطعون فيه قد أنساق خلف ما قرره المشرع بإقامة قرينة قانونيته على أن المال المكتسب من مصدر غير مشروع إلى أن يقام الدليل من جانب الخاضع للقانون على مصدره وهى فى حقيقتها قرينة تنافر الأصل المقرر بمقتضى الشريعة الإسلامية والدستور كمصدر أعلى للتشريع لا تجوز مخالفته.
ثالثاً :- مخالفة نص العقاب للمادتين 86 ، 165 من الدستور
تنص المادة 86 من الدستور على أن (( يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ......))
كما قضت المادة 165 على أنه (( السلطة القضائية مستقلة ......))
بيد أن النص المعاقب به الطاعن يعد وبحق افتئات من جانب السلطة التشريعية على استقلال السلطة القضائية وإهدار لمبدأ الفصل بين السلطات المتعلق بالنظام العام للدولة لكون قيام السلطة التشريعية بافتراض قرينة الإدانة يعوق السلطة القضائية عن مهمتها الأصلية بالتحقق والتثبت بالأدلة الجازمه من قيام الجريمة وتوافر أركانها بما يحجب محكمة الموضوع عن تحقيق أدلة الاتهام و بما يخالف الدستور
ولما كان ذلك وكانت محكمة النقض قد تواتر قضاءها على أهدار حجية النصوص القانونية المخالفة للدستور في حالة طرح النزاع بين يديها بحكم تكون حجية قاصرة على أطرافه إعلاء لراية القانون الذى أنيط إليها حمايته والذود عنه وقد سبق لها أن أهدرت ذات نص العقاب الذى تساند إليه الحكم المطعون لمخالفته للدستور فقضت في ذلك بأنه
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه إنه إذا دان الأول بجريمة الكسب غير المشروع وألزم الباقين بالرد بقدر ما استفاد كل منهم ، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك لأن نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع التى دين بها الطاعن الأول يخالف الدستور إذ أهدر أصل البراءة المنصوص عليها في المادة 67 من الدستور بما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن الأول بوصف أنه خلال الفترة من سنة 1973 وحتى سنة 1987 بدائرة محافظة الجيزة : بصفته من العاملين في الجهاز الإدارى في الدولة ونائباً لوزير الشباب والرياضة ثم رئيساً للمجلس الأعلى للشباب والرياضة ثم وزيراً للشباب والرياضة ثم محافظاً للجيزة حصل لنفسه ولزوجته / رجاء عبد المطلب وولديه القاصرين خالد و وليد على كسب غير مشروع بسبب استغلاله للوظائف التى تولاها سالفة الذكر مما أدى إلى زيادة في ثروته بما لا يتناسب مع موارده المالية وعجز عن أثبات مصدر مشروع لها ، ومحكمة جنايات الجيزة قضت في 23 من أغسطس سنة 2000 بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه ما يوازى ما طرأ على ثروته من زيادة وبرد مثل ذلك المبلغ من أموال كل منهم بقدر ما استفاد من هذا الكسب وذلك عملاً بالفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع مع إيقاف تنفيذ عقوبة الحبس فقط ، ومن حيث إن التشريع يتدرج درجات ثلاث هى الدستور ثم التشريع العادى ثم التشريع الفرعى أو اللائحة ، وهذا التدرج في القوة ينبغى أن يسلم منطقاً إلى خضوع التشريع الأدنى للتشريع الأعلى ، ولا خلاف على حق المحاكم في الرقابة الشكلية للتأكد من توافر الشكل الصحيح للتشريع الأدنى كما يحدده التشريع الأعلى أى التأكد من تمام سنه بواسطة السلطة المختصة وتمام إصداره ونشره وفوات الميعاد الذى يبدأ منه نفاذه ، فإن لم يتوافر هذا الشكل تعين على المحاكم الامتناع عن تطبيقه . أما من حيث رقابة صحة التشريع الأدنى من حيث الموضوع ، فقد جاء اللبس حول سلطة المحاكم في الامتناع عن تطبيق تشريع أدنى مخالف لتشريع أعلى إزاء ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 175 من الدستور القائم بقولها (( تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين في القانون . )) ولا جدال أنه على ضوء النص الدستورى سالف البيان فإن اختصاص المحكمة الدستورية العليا المنفردة بالحكم بعدم دستورية النص التشريعى المطعون فيه أو والى دستوريته لا يشاركها فيه سواها ، وحجية الحكم في هذه الحالة مطلقة تسرى في مواجهة الكافة . على أنه في ذات الوقت للقضاء العادى التأكد من شرعية أو قانونية التشريع الأدنى بالتثبت من عدم مخالفته للتشريع الأعلى ، فإن ثبت له هذه المخالفة أقتصر دوره على مجرد الامتناع عن تطبيق التشريع الأدنى المخالف للتشريع الأعلى دون أن يملك إلغاءه أو القضاء بعدم دستوريته وحجية الحكم في هذه الحالة نسبية قاصرة على أطراف النزاع دون غيرهم ، ويستند هذا الاتجاه الى أن القضاء ملزم بتطبيق أحكام الدستور وأحكام القانون على حد سواء ، غير أنه حين يستحيل تطبيقها معاً لتعارض أحكامهما ، فلا منص من تطبيق أحكام الدستور دون أحكام القانون إعمالاً لقاعدة تدرج التشريع وما يحتمه منطقها من سيادة التشريع الأعلى على التشريع الأدنى كما يؤيد هذا النظر ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا بأن لا شأن للرقابة الدستورية بالتناقض بين قاعدتين قانونيتين من مرتبة واحدة أو مرتبتين مختلفتين ، كما لا يمتد اختصاص المحكمة لحالات التعارض بين اللوائح والقوانين ولا بين التشريع ذات المرتبة الواحدة ، وإن هذا القول مجرد امتداد لما أنعقد عليه الإجماع من حق المحاكم في رقابة قانونية اللوائح أو شرعيتها وما جرى عليه قضاء محكمة النقض من الامتناع عن تطبيق اللائحة المخالفة للقانون بينما يختص القضاء الإدارى بإلغاء هذه اللائحة ، ومن غير المقبول أن يقرر هذا الحق للقضاء العادى بينما يمنع من رقابة مدى اتفاق القوانين مع قواعد الدستور وعدم مخالفتها له ، فهذان النوعان من الرقابة القضائية ليس إلا نتيجتين متلازمتين لقاعدة تدرج التشريع ، وليس من المنطق – بل يكون من المتناقض – التسليم بإحدى النتيجتين دون الأخرى ، فما ينسحب على التشريع الفرعى من تقرير رقابة قانونيته أو شرعيته ، ينبغى أن ينسحب كذلك على التشريع العادى بتخويل المحاكم حق الامتناع عن تطبيق القانون المخالف للدستور ، فضلاً عن أن تخويل المحاكم هذا الحق يؤكد مبدأ الفصل بين السلطات ، لأنه يمنع السلطة التشريعية من أن تفرض على السلطة القضائية قانوناً تسنه على خلاف الدستور وتجبرها بذلك على تطبيقه ، مما يخل باستقلالها ويحد من اختصاصها في تطبيق القواعد القانونية والتى على رأسها قواعد الدستور . ويؤكد هذا النظر أيضاً أن الدستور في المادة 175 منه أناط بالمحكمة الدستورية العليا حق تفسير النصوص التشريعية وأوضحت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 48 لسنة1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا حق جهات القضاء الأخرى في هذا الاختصاص بقولها (( كما أن هذا الاختصاص لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى جميعاً في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها ما دام لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم سواء من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية العليا . )) فرغم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالتفسير الملزم للكافة فإن المشرع لم يسلب هذا الحق من المحاكم ما دام لم يصدر قرار بالتفسير من المحكمة الدستورية العليا أو من السلطة التشريعية وهو ذات الشأن بالنسبة لامتناع المحاكم عن تطبيق القانون المخالف للدستور مادام لم يصدر من المحكمة الدستورية العليا حكم بدستورية النص القانونى أو عدم دستوريته . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – قد جرى على أنه لما كان الدستور هو القانون الوضعى الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوى في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أم لاحقاً على العمل بالدستور . لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل أو تخالف تشريعياً صادر من سلطة أعلى فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته . هذا وقد أيدت المحكمة الدستورية العليا هذا الإتجاه بطريق غير مباشر وذلك عندما قضت محكمة النقض بتاريخ 24 من مارس سنة 1975 باعتبار المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية تخالف نص المادة 44 من الدستور واعتبرتها منسوخة بقوة الدستور ثم جاءت المحكمة الدستوري العليا بتاريخ 2 من يونيو سنة 1984 وقضت بعدم دستورية المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية في القضية رقم 5 لسنة 4 قضائية دستورية ولم تذهب ولم تذهب المحكمة الدستورية العليا إلى القول بأن قضاء محكمة النقض السابق جاوز اختصاصه أو فيه اعتداء على سلطة المحكمة العليا التى كانت قائمة قبل المحكمة الدستورية العليا وبذات الاختصاص . كما صدر بتاريخ 15 من سبتمبر سنة 1993 حكم أخر لمحكمة النقض باعتبار المادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية منسوخة بقوة الدستور لمخالفتها المادة 41 منه ولم يصدر حكم للمحكمة الدستورية العليا بعد في هذا الشأن . وخلاصة ما سلف إيراده أنه في الأحوال التى يرى فيها القضاء العادى أن القانون قد نسخه الدستور بنص صريح ، لا يعتبر حكمه فاصلاً في مسألة دستورية ، ولا يحوز هذا الحكم بذلك سوى حجية نسبية في مواجهة الخصوم دون الكافة . لما كان ما تقدم ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى أيضاً على أن الشرعية الإجرائية سواء ما أتصل منها بحيدة المحقق أو بكفالة الحرية الشخصية والكرامة البشرية للمتهم ومراعاة حقوق الدفاع ، أو ما أتصل بوجوب التزام الحكم بإدانة بمبدأ مشروعية الدليل وعدم مناهضته لأصل دستورى مقرر ، جميعها ثوابت قانونية أعلاها الدستور والقانون وحرص على حمايتها القضاء ليس فقط لمصلحة خاصة بالمتهم وإنما بحسبانها في المقام الأول تستهدف مصلحة عامة تتمثل في حماية قرينة البراءة وتوفير اطمئنان الناس إلى عدالة القضاء ، فالغلبة للشرعية الإجرائية ولو أدى إعمالها لإفلات مجرم من العقاب وذلك لاعتبارات أسمى تغياها الدستور والقانون . لما كان ذلك ، وكان قضاء محكمة الدستورية العليا قد جرى أيضاً على أن افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كلفهما الدستور بالمادتين 41، 67 فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التى تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التى نسبتها الى المتهم في كل ركن من أركانها وبالنسبة لكل واقعة ضرورية لقيامها وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة إذ هو من الركائز التى يستند إليها مفهوم المحاكمة المنصفة . وهذا القضاء تمشياً مع ما نصت عليه المادة 67 من الدستور من أن (( المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه )) ومفاد هذا النص الدستورى أن الأصل في المتهم البراءة وأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة فعليها وحدها عبء تقديم الدليل ، ولا يلزم المتهم بتقديم أى دليل على براءته ، كما لا يملك المشرع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو لنقل عبء الإثبات على عاتق المتهم . ولقد تواترت أحكام المحكمة الدستورية على القضاء بعدم دستورية القوانين التى تخالف هذا المبدأ وعلى سبيل المثال ما قررته المادة 195 من قانون العقوبات ، وما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش ، وما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب السياسية ، وما نصت عليه المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963 ، وكذلك ما نصت عليه المواد 37 ،38 ،117 من قانون الجمارك سالف الإشارة ، وكذلك ما نصت عليه المواد 2 ، 10، 11 ، 12 ، 14 ، 14 مكرر من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها . كما قضت محكمة النقض في الطعن رقم 22064 لسنة 63 ق بتاريخ 22 من يوليو سنة 1998 باعتبار الفقرة التاسعة من المادة 47 من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 منسوخاً ضمناً بقوة الدستور وجميع هذه النصوص ذات قاسم مشترك في أنها خالفت قاعدة أصل البراءة المنصوص عليها في الدستور ونقلت عبء الإثبات على عاتق المتهم . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع إذ نص في الفقرة الثانية من المادة الثانية منه على أن (( وتعتبر ناتجة بسبب استغلال الخدمة أو الصفة أو السلوك المخالف كل زيادة في الثروة تطرأ بعد تولى الخدمة أو قيام الصفة على الخاضع لهذا القانون أو زوجه أو على أولاده القصر متى كانت لا تتناسب مع موادهم وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها . )) ، يكون قد أقام قرينة مبناها افتراض حصول الكسب غير المشروع بسبب استغلال الخدمة إذا طرأت زيادة في ثروة الخاضع لا تتناسب مع موارده متى عجز عن إثبات مصدر مشروع لها ، ونقل إلى المتهم عبء إثبات براءته ، وكلاهما ممتنع لمخالفته المبادئ الأساسية المقررة بالمادة 67 من الدستور على نحو ما جرى تبيانه وفقاً لقضاء كل من محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا في النصوص التشريعية المشابهة والتى انتهت محكمة النقض إلى عدم إعمالها وإهمالها لمخالفتها للدستور ، بينما انتهت المحكمة الدستورية العليا إلى القضاء بعدم دستورية تلك النصوص لمخالفتها أيضاً للدستور . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن الأول لعجزه عن إثبات مصدر مشروع لما طرأ على ثروته من زيادة لا تتناسب مع موارده يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه قام على افتراض ارتكاب المتهم للفعل المؤثم وهو الكسب غير المشروع لمجرد عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ثروته ، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان المتهم بناء على هذا الافتراض الظني وقلب عبء الإثبات مستنداً إلى دليل غير مشروع وقرينة فاسدة تناقض الثوابت الدستورية التى تقضى بافتراض أصل البراءة ووجوب بناء الحكم بالإدانة على الجزم واليقين لا على الافتراض والتخمين .
الطعن رقم 30342 لسنة 70 ق
بجلسة 28/4/2004
فإذا ما تقرر ذلك وكان قضاء الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بمقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 62 لسنة 1975 والتى افترضت أن مصدر أموال الطاعن التى لا تتناسب مع موارده ناشئة عن مصدر غير مشروع وألقت على عاتق الخاضع لأحكام القانون عبء دحض هذه القرينة بما يعد مخالفة لنصوص الدستور لإهدارها مبدأ الفصل بين السلطات بغل يد السلطة القضائية عن تحقيق أدلة الدعوى والموازنة بينها و تعرضها للحرية الشخصية للطاعن دون مبرر بافتراض أدانته بعكس ما هو مقرر بمقتضى قاعدة أن الأصل في الإنسان براءة ذمته المستمدة من المصدر الرئيسى للتشريع ممثلاً في الشريعة الإسلامية بما يوجب نقضه لخطاءه فى تطبيق القانون.