الباب الأول
الإجراءات السابقة على رفع الدعوى الإدارية .
قبل إقامة الدعوى أمام محاكم مجلس الدولة قد يتعين اللجوء إلى بعض الإجراءات ، وهذه الإجراءات منها ما يكون وجوبيا بحيث لا تقبل الدعوى بغير اللجوء لمثل هذا الإجراء ، ومثال ذلك ، التظلم الوجوبى بالنسبة لبعض القرارات الإدارية ، واللجوء إلى لجان التوفيق المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000 بالنسبة لبعض المنازعات الإدارية ، ومنها ما يكون جوازيا بحيث تقبل الدعوى دون اللجوء إلى مثل هذا الإجراء ، ومثال ذلك التظلم الاختيارى ، وطلب المساعدة القضائية .
وفيما يلي نتناول هذه الإجراءات .
الفصل الأول
التظلم الاختيارى و التظلم الوجوبى
يقصد بالتظلم الإدارى لجوء الفرد إلى جهة الإدارة التى أصدرت القرار أو الجهة الرئاسية للجهة مصدرة القرار طالبا منها رفع الضرر الذى وقع عليه نتيجة لصدور القرار الإدارى محل التظلم ، ويطلق على هذا النوع من التظلم ، التظلم الإدارى تمييزا له عن نوع آخر من التظلم يتم أمام جهة القضاء ويسمى التظلم القضائى ، وثمة فروق عدة بين هذين النوعين سواء من حيث الجهة التى يقدم إليها التظلم أو من حيث أساس الطعن أو من حيث الإجراءات والأشكال أو المواعيد أو سلطة الجهة التى قدم إليها التظلم فى الفصل فيه ، وأخيرا من حيث حجية القرار الصادر بشأن التظلم وكيفية الطعن عليه.
ويتم التظلم الإدارى - عادة - قبل اللجوء إلى القضاء وذلك تجنبا للإجراءات الطويلة والمعقدة ، أو توفيرا للنفقات التى ستصرف على الدعاوى والطعون القضائية ، وأملا فى رجوع جهة الإدارة عن قراراتها التى أصدرتها.
وإذا كان الأصل فى التظلم أنه اختيارى بحيث يكون لذوى الشأن اللجوء إليه أو عدم اللجوء إليه فإنه يكون وجوبيا فى بعض الحالات الأخرى التى نص عليها القانون ، فما هى القواعد التى وضعها المشرع للتظلم الإدارى ( الاختيارى ) ، وما هى حالات التظلم الوجوبى والقواعد التى يخضع لها ؟
القواعد أو الأحكام العامة التى يخضع لها التظلم الإدارى
نصت الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون مجلس الدولة على أنه << .......... وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ، ويجب أن يبت فى التظلم قبل مضى ستين يوما من تاريخ تقديمه ، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا ، ويعتبر مضى ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه .
ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن فى القرار الخاص بالتظلم ستين يوما من تاريخ انقضاء الستين يوما المذكورة >> .
ومن خلال هذا النص ، و ما استقر عليها القضاء الإدارى ، يمكن القول بأن التظلم الإدارى يخضع للقواعد الآتية : -
يتم تقديم هذا التظلم إلى جهة الإدارة التى أصدرت القرار ، وفى هذه الحالة يسمى التظلم تظلما ولائيا ، أو يقدم التظلم إلى الجهة الرئاسية للجهة مصدرة القرار وفى هذه الحالة يسمى التظلم تظلما رئاسيا ، وفى الحالتين تعتبر جهة الإدارة مختصة بنظر التظلم ، ويترتب على التظلم آثاره القانونية .
وإذا قدم التظلم إلى جهة غير مختصة فلا يترتب عليه قطع ميعاد دعوى الإلغاء ، غير أن التظلم إلى جهة غير مختصة يقطع ميعاد رفع الدعوى متى كان لهذه الجهة ثمة اتصال بموضوع التظلم
و على المتظلم تقديم دليل تظلمه سواء بمستند تسليمه للإدارة أو أى دليل يؤدى الى اقتناع المحكمة بوجوده .
أنه لا يشترط فى التظلم الاختيارى شكل معين ، ومن ثم فإن أية وسيلة يعبر بها المتظلم عن تظلمه من قرار إدارى ما تعد تظلما إداريا ويترتب عليها النتائج القانونية لذلك ، ومن ثم يمكن أن يكون هذا التظلم قد تم شفاهة وأثبت هذا التظلم فى ورقة مكتوبة ، وذلك ما لم ينص القانون على شكل معين للتظلم أمام جهة الإدارة ، ومع مراعاة ما يقضى به القانون بالنسبة للتظلم الوجوبى.
كما لا يشترط أن يذكر المتظلم تاريخ صدور القرار المتظلم منه بل يكفى ذكر الموضوع الذى رفع بشأنه التظلم .
أن التظلم كى يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء يجب أن يقدم فى خلال ستين يوما من العلم أو الإعلان للقرار المتظلم منه ، والعبرة فى حساب هذه المدة هى بوصول التظلم إلى جهة الإدارة لا بتاريخ التظلم ، وإن كان الأمر متروكا لتقدير المحكمة فى النهاية ، أما إذا قدم التظلم بعد ذلك فلا يترتب على تقديمه قطع ميعاد دعوى الإلغاء ويكون القرار قد تحصن ضد الإلغاء .
أن القانون قد حدد للجهة الإدارية مدة ستين يوما للرد على هذا التظلم ، فإذا ردت الجهة الإدارية فى أى وقت - قبل انقضاء هذه المدة - فإن ميعاد دعوى الإلغاء يبدأ من تاريخ هذا الرد ، أما إذا لم ترد الجهة الإدارية فى خلال مدة الستين يوما فإن القانون قد اعتبر سكوت الإدارة بمثابة رفض للتظلم ، ومن ثم يبدأ ميعاد دعوى الإلغاء من تاريخ انقضاء المدة المذكورة .
و متى ثبت أن جهة الإدارة قد اتخذت مسلكا إيجابيا للرد على المتظلم لما اعتبر ذلك بمثابة رفض للتظلم ولما بدأ ميعاد لرفع الدعوى بعد ، بل يمتد الميعاد على الرغم من عدم الرد خلال المدة المحددة ( الستون يوما ) ، وبطبيعة الحال فإن من يقدر توافر هذا المسلك الإيجابى هى المحكمة .
غير أنه متى استبان للمتظلم أن جهة الإدارة لن تجيبه إلى طلبه أو تظلمه ، فإن ميعاد الطعن بالإلغاء يبدأ من هذه اللحظة أو ذلك التاريخ الذى تكشف فيه جهة الإدارة عن نيتها فى رفض التظلم .
التظلم الإدارى سواء كان ولائيا أم رئاسيا ـ أى سواء قدم التظلم إلى الجهة الإدارية التى أصدرت القرار أم قدم إلى الجهة الرئاسية لمصدر القرار ـ يقطع ميعاد دعوى الإلغاء .
أن التظلم الذى يقطع ميعاد دعوى الإلغاء هو التظلم الأول فقط ، ولا عبرة بتكرار التظلم حتى لا يكون ذلك ذريعة لإطالة ميعاد رفع الدعوى إلى ما لا نهاية ، أما إذا تعددت التظلمات فإنه لا يكون لها من أثر إلا من حيث قطع تقادم الحقوق .
ويشترط بصفة عامة كى ينتج التظلم أثره أن يكون هناك فائدة من تقديمه ، أما إذا كان التظلم لا فائدة ولا جدوى منه فلا يقطع الميعاد ، ومثال هذا التظلم غير المجدى والذى لا فائدة منه التظلم الذى يقدم إلى جهة الإدارة رغم تصريحها المتكرر برفضها لموضوع التظلم أو الشكوى.
وكذلك يعتبر التظلم غير مجد إذا تعلق الأمر بقرارات إدارية لا تملك جهة الإدارة الرجوع فيها أو تعديلها أو إلغاءها ، أو كانت قد استنفدت ولايتها بشأنها ، ومثال ذلك القرارات الخاصة بتقدير درجات الطلاب فى الامتحانات، والقرارات النهائية للسلطة التأديبية كقرارات مجالس التأديب .
يجب أن يتعلق التظلم بقرار إدارى قد صدر بالفعل ، أما إذا كان القرار لم يصدر بعد فلا يعتبر هذا تظلما إداريا ، وإنما قد يعتبر من قبيل تنبيه الإدارة إلى شيء معين عند اتخاذها لقرار معين يتعلق بالموضوع الذى تم مخاطبة جهة الإدارة بشأنه .
القرار المنعدم لا يشترط التظلم منه .
وأخيرا فإنه إذا كان الهدف من التظلم الإدارى بصفة عامة هو عدول جهة الإدارة عن قراراتها الإدارية فلا بد أن يتعلق التظلم بقرار إدارى نهائى ، و من ثم لا يعتبر تظلما إداريا يرتب آثار التظلم من حيث قطع ميعاد دعوى الإلغاء إذا تعلق الأمر - موضوع التظلم - بأعمال مادية لجهة الإدارة أو بإجراءات تنفيذية أو قرارات مفسرة لقرارات سابقة أو إذا تعلق الأمر بإجراءات داخلية كالكتب والمنشورات الدورية التى تصدر بقصد توجيه العمل وذلك لأن كل هذه الأعمال لا تتوافر لها صفة القرار الإدارى الذى يتعلق بإنشاء أو تعديل أو المساس بمراكز قانونية معينة من خلال تعبير جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة .
وجدير بالذكر أيضاً أن المشرع قد ينظم في بعض الأحيان طريقا خاصا للتظلم غير ما ورد بقانون مجلس الدولة ، وفي هذه الحالة يجب اتباع ما ينص عليه هذا القانون الخاص ، خاصة فيما يتعلق بميعاد التظلم أو طريقة تقديمه ، ذلك أن القانون الخاص يقيد العام .
أحكام التظلم الوجوبى
إذا كان الأصل فى التظلم - كما سبق القول- أنه اختيارى ، لصاحب الشأن أن يقدمه أم لا ، إلا أن هناك قرارات إدارية معينة أوجب القانون التظلم منها إلى الجهة الإدارية المختصة قبل الطعن أمام القضاء ، ورتب على عدم تقديم التظلم الوجوبى منها وانتظار البت فيه - كمبدأ عام - عدم قبول الدعوى .
وهذا التظلم الوجوبى هو ما عبرت عنه المادة 12 من قانون مجلس الدولة ، والتى نصت على أنه << لا تقبل الطلبات الآتية :-
........
الطلبات المقدمة رأسا بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها فى البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة ( 10 ) ، وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرارات أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم ، وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة >> .
وهذه القرارات التى تطلب المشرع ضرورة التظلم منها قبل رفع الدعوى هى ما نص عليه فى البند ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة العاشرة من القانون.
وهذه القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى هى :-
الطلبات التى يقدمها ذوو الشأن بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين فى الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات .
مع ملاحظة أن القرار الصادر بسحب قرار الترقية لا يعتبر من هذه القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى .
الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبى .
و قد اختلفت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا فى مدى اشتراط التظلم الوجوبى بالنسبة للقرارات الإيجابية الصادرة بإنهاء الخدمة بكل صورها ومنها قرارات إنهاء الخدمة للاستقالة الضمنية وانتهت إلى أن هذه القرارات لا تخضع للتظلم الوجوبي
أما القرارات السلبية بالامتناع عن إنهاء الخدمة تطبيقا لحكم القانون (مثل ما يقضي به نص المادة 98 من قانون العاملين المدنيين بالدولة) فهي لا تندرج ضمن الحالات التى يتطلب فيها القانون ضرورة التظلم الوجوبي ، مثلها في ذلك مثل القرارات الإدارية السلبية عموما ، وبالتالي يقبل طلب وقف تنفيذها أيضا ، وأساس ذلك أن القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء الخدمة ليس من القرارات المنصوص عليها فى البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة المشار إليه .
الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية .
ولكن هل ينطبق القيد المتعلق بضرورة التظلم الوجوبي على الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام؟
من الجدير بالذكر أن المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد حددت المسائل التي تدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة ، ومن بينها البند 13 الخاص بالطعون في الجزاءات الموقعة علي العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانونا ، ولم تتضمن أحكام قانون مجلس الدولة ما يفيد ضرورة التظلم من هذه الجزاءات ، بل نصت المادة 42 من القانون على أنه مع مراعاة ما هو منصوص عليه في قانون العاملين بالقطاع العام يعمل عند نظر الطعون المنصوص عليها في البند الثالث عشر من المادة العاشرة بالقواعد والإجراءات المنصوص عليها في الفصل الثالث أولا من الباب الأول من هذا القانون عدا الأحكام المتعلقة بهيئة مفوضة الدولة .
وهذه الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة هى تلك التى تتعلق بالإجراءات أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية ، ومنها نص المادة 24 التى تنص على ميعاد الطعن بالإلغاء ، وانقطاع هذا الميعاد بالتظلم ، ومدة البت في التظلم . أى أن نصوص قانون مجلس الدولة لم يرد بها ما يشير إلى ضرورة التظلم الوجوبي من هذه القرارات المتعلقة بجزاءات العاملين بالقطاع العام ، وإنما فقط نص على ميعاد الطعن ، وانقطاعه في حالة التظلم .
وقد ذهب الغالبية من الفقه - وأحكام القضاء - إلى عدم إضفاء وصف الموظف العام على العاملين بالقطاع العام والذى ينظم أوضاعهم القانون رقم 48 لسنة 1978 حيث يختص القضاء العادى يختص بنظر المنازعات المتعلقة بالعاملين فى القطاع العام فيما عدا تأديبهم) ، وينطبق هذا الحكم من باب أولى على العاملين فى الشركات القابضة والشركات التابعة لها والمنشأة طبقا لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون قطاع الأعمال وذلك على الرغم من اعتبار هؤلاء العمال من الموظفين العموميين - وكذلك أموالها تعد من الأموال العامة - فى تطبيق أحكام قانون العقوبات .
كما يلاحظ أنه بعد صدور قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 ، والذي قسم شركات القطاع العام إلى شركات قابضة وأخرى تابعة، فقد نصت المادة 44 منه على أنه تسري في شأن واجبات العاملين بالشركات القابضة والتحقيق معهم وتأديبهم أحكام المواد من 78 إلى 87 ومن 91 إلى 93 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام وأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ، وأحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، كما تختص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة دون غيرها بالنسبة للعاملين بهذه الشركات المشار إليها بتوقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الشركة بعد العرض على اللجنة الثلاثية ، وكذلك بالفصل في التظلمات من القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية أو المجالس التأديبية المختصة بالشركة ، ويكون الطعن في أحكام المحاكم التأديبية الصادرة بتوقيع الجزاء أو في الطعون في القرارات التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة ، أما العاملون بالشركات التابعة فيسرى بشأن التحقيق معهم وتأديبهم أحكام قانون العمل .
أما بالنسبة للأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا فيبدو أن قضاء المحكمة الإدارية العليا مستقر في هذا الشأن إلى أن التظلم من قرارات الجزاء بالنسبة للعاملين بالقطاع العام هو تظلم اختياري.
و جدير بالذكر أنه يترتب على عدم إجراء التظلم الوجوبى قبل رفع الدعوى عدم قبولها .
ولكن ما هو الحل لو أن صاحب الشأن - الموظف رافع الدعوى أو موكله - لم يكن يعلم أن هذه القرارات من القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى وقام برفع الدعوى مباشرة أمام المحكمة المختصة ثم تبين له بعد ذلك أنه كان ينبغى أولا التظلم من هذه القرارات ؟
مما لاشك فيه أن المحكمة سوف تقضى بعدم قبول الدعوى لعدم التظلم قبل رفع الدعوى ، وهذا هو الأصل الذى جرت عليه أحكام القضاء الإدارى .
وما هو الحل أيضا لو أن المتظلم قدم تظلمه إلى جهة الإدارة ولم ينتظر الرد ورفع الدعوى أمام القضاء وذلك قبل انقضاء الستين يوما المقررة للانتظار حتى الفصل فى التظلم ؟
استقرت محكمة القضاء الإدارى ، والمحكمة الإدارية العليا على قبول الدعوى أيضا والنظر فيها ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم الفصل فى التظلم ، وذلك على أساس أن موقف جهة الإدارة سوف يتحدد أثناء نظر الدعوى ، وعلى ضوء قرار جهة الإدارة فى التظلم يكون الحكم فى الدعوى .
أما بالنسبة لإجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه فقد نص القانون على أن يتم تحديد ذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة .
وقد أصدر السيد المستشار رئيس مجلس الدولة قراره رقم 72 لسنة 1973 بشأن إجراءات التظلم الوجوبى من القرارات الإدارية وطريقة الفصل فيها محددا فيه هذه الإجراءات .
ومن البديهى أن يتم تقديم التظلم الإدارى بعد صدور القرار الإدارى لا قبله ، ومن ثم فإن الشكوى التى يقدمها صاحب الشأن للجهة الإدارية وذلك قبل صدور القرار لا تغنى عن تقديم التظلم الوجوبى - إذا كان التظلم وجوبيا من هذا القرار - وإذا تم رفع الدعوى قبل إجراء هذا التظلم أو انقضاء المواعيد المقررة لذلك كانت الدعوى غير مقبولة .
ولكن هل هناك ميعاد للتظلم الوجوبى يجب على المتظلم وجوبيا مراعاته ، وإذا كان هناك ميعاد للتظلم الوجوبى ولم يقدم المتظلم تظلمه بمراعاة هذا الميعاد فهل من حق جهة الإدارة أن تقبل هذا التظلم ، وما هو أثر ذلك على قبول دعوى الإلغاء المطروحة أمام القضاء ؟
فى الحقيقة أنه لا يوجد ميعاد محدد منصوص عليه فى القانون للتظلم الوجوبى ، غير أنه من المعلوم وفقا لنص القانون (م 24 من قانون مجلس الدولة) أن دعوى الإلغاء لن تقبل إلا إذا تم رفع الدعوى فى خلال ستين يوما من تاريخ نشر القرار الإدارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به .
وكل ما يترتب على التظلم الوجوبى هو قطع سريان هذا الميعاد لمدة أخرى قد تصل إلى ستين يوما إذا لم ترد جهة الإدارة على المتظلم ، أو لمدة أقل من ذلك إذا ردت جهة الإدارة صراحة على المتظلم ، وفى الحالتين يترتب على ذلك انقطاع ميعاد دعوى الإلغاء بحيث يجب على المتضرر رفع الدعوى فى خلال ستين يوما جديدة يبدأ حسابها من تاريخ رفض التظلم صراحة أو ضمنا.
ويفهم من كل ما سبق أن التظلم الوجوبي يجب أن يقدم خلال ستين يوما من صدور القرار المتظلم منه ، وبناء عليه فإن عدم تقديم التظلم فى الميعاد (ميعاد رفع دعوى الإلغاء وهو ستون يوما ) يترتب عليه عدم قبول دعوى الإلغاء وذلك لأن ميعاد دعوى الإلغاء ذاته قد انقضى ، أما قبول جهة الإدارة أو عدم قبولها للتظلم على الرغم من انقضاء ميعاد رفع دعوى الإلغاء فلا أثر له على قبول أو عدم قبول الدعوى حيث إن هذا قد أصبح أمرا غير قابل للنقاش حيث تقضى المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد .
وإذا كان التظلم الاختيارى يقطع ميعاد دعوى الإلغاء فيكون من باب أولى هذا الوضع بالنسبة للتظلم الإجباري .
مقارنة بين التظلم الاختيارى والتظلم الوجوبى
بعد أن انتهينا من الحديث عن الأحكام العامة للتظلم الإدارى وأحكام التظلم الوجوبى نرى أنه من المفيد عقد مقارنة سريعة بينهما لنتبين أوجه الاتفاق والاختلاف بينهما ، وهى : -
1- أن التظلم الاختيارى لا يشترط فيه شكل معين ،2- بينما يتطلب القانون فى التظلم الوجوبى مراعاة بيانات معينة فضلا عن كونه كتابيا .
3- أن التظلم الاختيارى متروك لحرية المتظلم إن شاء قدمه وإن شاء لم يقدمه ،4- وإن شاء تركه بعد تقديمه ولجأ للقضاء ،5- أما التظلم الوجوبى فيترتب على عدم اللجوء إليه عدم قبول الدعوى .
6- أن التظلم الاختيارى جائز بالنسبة لكافة القرارات الإدارية ،7- أما التظلم الوجوبى فهو مقصور على بعض القرارات الإدارية الخاصة بالموظفين العموميين ،8- والتى سبق ذكرها.
9- أن التظلم سواء كان اختياريا أم وجوبيا يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء ،10- مع ملاحظة أن التظلم الذى يرتب هذا الأثر هو التظلم الأول ،11- أما إذا تعددت التظلمات فلا تقطع الميعاد ،12- وإنما يقتصر أثرها على قطع التقادم السارى بالنسبة للحقوق سواء كان هذا التقادم خمسيا أو طويلا .
الفصل الثاني
طلب المساعدة القضائية
( الإعفاء من الرسوم )
نصت الفقرة الأخيرة من المادة 27 من قانون مجلس الدولة على أن يفصل مفوض الدولة فى طلبات الإعفاء من الرسوم ، كما نصت المادة التاسعة من المرسوم الصادر بشأن تعريفة الرسوم والإجراءات أمام القضاء الإداري على أن يعفى من الرسوم كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن دفعها بشرط أن تكون الدعوى محتملة الكسب .
ونصت المادة العاشرة من هذا المرسوم على أن يفصل فى طلبات الإعفاء أحد مستشارى المحكمة بعد الإطلاع على الأوراق وسماع أقوال الطالب وملاحظة سكرتارية المحكمة .
فما هو المقصود بطلبات الإعفاء من الرسوم ؟ وما هو الأثر المترتب عليها ؟
طلب الإعفاء من الرسوم والسلطة المختصة به وحجية القرار الصادر بشأنه.
من المعلوم وفقا لنص المادة 65 من قانون المرافعات أن على المدعى عند تقديم صحيفة دعواه أن يؤدى الرسم كاملا ، ويترتب على عدم سداد الرسوم المقررة رفض قبول طلب قيد صحيفة الدعوى أو الطلب أو استبعاد القضية من جدول الجلسات إذا تبين عدم سداد الرسوم بعد ذلك ، وهو ما تقضي به المادة 13 من قانون الرسوم القضائية .
ولكن ما هو الحل إذا كان المدعى - رافع الدعوى - أمام القضاء الإدارى لا يستطيع سداد الرسوم المقررة لإقامة الدعوى وكذلك أتعاب المحامى الذى سوف يتولى المرافعة عنه والدفاع عن مصالحه ؟ هل يعنى ذلك حرمان هذا الشخص من اللجوء للقضاء لعدم مقدرته المالية على تحمل أعباء ومصاريف الدعوى ؟ لمعالجة هذا الوضع ولعدم حرمان هذا المتقاضى من اللجوء إلى القضاء الإدارى للحصول على حقوقه فقد تقرر السماح له بالتقدم بطلب لإعفائه من هذه الرسوم القضائية وندب أحد المحامين للوقوف أمام القضاء والمرافعة عنه .
ويختص بالنظر فى هذا الطلب مفوض الدولة الموجود بمحاكم مجلس الدولة ، وله فى سبيل النظر فى هذا الأمر وتقرير الفصل فيه طلب المستندات اللازمة والدالة على عدم قدرة المدعى على الوفاء بالرسوم القضائية وأتعاب المحاماة ، وله أن يقرر رفض الطلب ، كما له أن يقرر قبوله ، وفى هذه الحالة الأخيرة يقوم بندب أحد المحامين نيابة عن المدعى .
ولكن هل يشترط للفصل فى طلب الإعفاء من الرسوم استدعاء الخصم أو الطرف الآخر فى الدعوى ( جهة الإدارة ) لسماع وجهة نظره فى هذا الموضوع ؟ ، وهل يتوقف الأمر على قبوله أو رضائه ؟
فى حقيقة الأمر أنه لا يوجد نص صريح بهذا المفهوم فى قانون مجلس الدولة وكل ما ورد يتعلق بحق ذي الشأن فى المعارضة فى تقدير الرسوم لا الإعفاء منها ، وذلك حيث نصت المادة 12 من المرسوم الخاص بتقدير الرسوم أمام القضاء الإداري على أنه << لذى الشأن أن يعارض فى مقدار الرسوم الصادر بها الأمر وتحصل المعارضة بتقرير فى سكرتارية المحكمة فى خلال الثمانية أيام التالية لإعلان الأمر >> .
ومن ثم فلا وجوب لحضور الطرف الآخر فى الدعوى وإن جاز استدعاؤه لسماع رأيه فى طلب الإعفاء ولا يلزم هذا الرأي اللجنة أو مفوض الدولة الذى له أن يقرر الإعفاء إذا ما توافرت مبرراته وأهمها العجز عن الدفع ، واحتمال كسب الدعوى .
وكل ما للطرف الآخر أن يعارض - إذا ما أراد - فى تقدير هذه الرسوم وذلك فى خلال ثمانية أيام من إعلان هذا الأمر .
ولكن ما هو المقصود بالإعفاء من الرسوم ؟ هل معنى الإعفاء من الرسوم الإعفاء منها كلية بحيث لا يجوز مطالبة طالب الإعفاء بها ؟ ، أم يعنى ذلك إرجاء تحصيل هذه الرسوم إلى ما بعد الفصل فى الدعوى ؟
لاشك أن اشتراط احتمال كسب الدعوى كسبب للإعفاء يعنى أنه لو قدر مفوض الدولة أن طالب الإعفاء سيخسر الدعوى فإن عليه رفض هذا الطلب وتكون المغامرة من جانب المدعى إذا ما أراد رفع الدعوى رغم ذلك بتحمله للرسوم .
ولهذا يكون الإعفاء من الرسوم مؤقتا لحين الفصل فى الدعوى وحيث يتوقف الأمر على نتيجة الفصل فى الدعوى فإن كسبها صار الإعفاء نهائيا وتحمل الرسوم الطرف الآخر – ما لم يوجد سبب لإعفائه هو الآخر - أما إذا خسرها المدعى تحمل الرسوم وذلك لأن احتمال كسب الدعوى وهو سبب الإعفاء المؤقت قد أصبح مستحيلا ومن ثم سقط شرط من شروط الإعفاء .
ويمكن تفسير تحمل المدعى للمصاريف القضائية فى حالة الخسارة تطبيقا لقواعد قانون المرافعات التى تقضى بتحمل من يخسر الدعوى لمصاريف إقامتها .
أثر تقديم طلب الإعفاء من الرسوم .
استقرت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا على أن طلب الإعفاء من الرسوم مثله مثل التظلم يقطع ميعاد الطعن بالإلغاء فى القرارات الإدارية الجائز الطعن فيها بالإلغاء .
ومن البديهى أنه لكى ينتج هذا الطلب أثره فى قطع ميعاد دعوى الإلغاء أن يتم تقديمه قبل انقضاء ميعاد رفع دعوى الإلغاء ، وبالتالى يبدأ ميعاد جديد لرفع الدعوى من تاريخ الفصل فى هذا الطلب سواء بالرفض أو القبول ، وذلك ما لم يتوافر سبب آخر من أسباب انقطاع أو وقف ميعاد دعوى الإلغاء ( كرفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة أو التظلم ، أو القوة القاهرة ) .
وتقديم طلب الإعفاء يترتب عليه انقطاع الميعاد حتى لو كان المدعى قد تقدم سابقا بتظلم انقطع معه الميعاد ذلك أنه ليس فى القانون ما يمنع من انقطاع ميعاد رفع الدعوى أكثر من مرة متى تحققت الواقعة المبررة لانقطاع هذا الميعاد .كما أن تقديم طلب المساعدة القضائية من شأنه قطع ميعاد رفع الدعوى و يظل له هذا الأثر قائماً لحين صدور القرار وهو ما يعنى وجوب رفع الدعوى خلال ستين يوماً من تاريخ صدور القرار بالقبول أو الرفض فى طلب المساعدة القضائية .
ولا يمنع القرار الصادر بالرفض من تقديم طلب جديد بالإعفاء أو المساعدة وذلك حيث لا يحوز القرار الصادر بشأن الإعفاء من الرسوم فى الطلب الأول أية حجية لأنه لم يفصل فى خصومة قضائية ـ بل هو قرار ولائى ـ ولهذا يمكن للمدعى تقديم طلب جديد للإعفاء من هذه الرسوم أمام نفس المحكمة - سواء أمام نفس المفوض أو أمام غيره - أو أمام محكمة أخرى بشأن ذات الموضوع ، غير أن هذا الطلب الجديد لا يقطع ميعاد دعوى الإلغاء فى هذه الحالة إذ العبرة بالطلب الأول ، كما هو الحال بالنسبة للتظلم أيضا .
وإذا كان هذا هو أثر تقديم طلب الإعفاء من الرسوم بالنسبة لدعوى الإلغاء فإن تقديم هذا الطلب يترتب عليه أيضا بالنسبة لدعاوى القضاء الكامل قطع مدد التقادم ولذلك يبدأ ميعاد جديد للتقادم من تاريخ صدور القرار بالرفض أو القبول من مفوض الدولة .
وجدير بالذكر أن تقديم طلب الإعفاء بالنسبة للطعن بإلغاء القرار يشمل كذلك طلب التعويض عنه لوحدة الأساس القانوني لكليهما ، وهو عدم مشروعية القرار الإداري .
ولا يعنى تقديم طلب الإعفاء من الرسوم إقامة الدعوى القضائية أو مباشرتها ، وذلك حيث لا ترفع الدعوى إلا بإجراء معين ومختلف وهو إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة-كما نصت على ذلك المادة 25 ، وكما سنبين فيما بعد - وذلك حيث لا ينطوى طلب الإعفاء على معنى التكليف بالحضور للخصم أمام القضاء .
ولهذا أيضا لا يمنع التظلم الوجوبى قبل إقامة الدعوى من تقديم هذا الطلب قبل التظلم أو قبل الفصل فى التظلم لأنه - أى طلب الإعفاء - ليس إلا استعدادا لرفع الدعوى ، وإن كان البعض يرى أن تقديم طلب الإعفاء من الرسوم يغنى عن التظلم الوجوبى ويقوم مقامه ، وهو ما قررته المحكمة الإدارية العليا أيضا .
ولكن هل يجوز التقدم بطلب الإعفاء فى أى وقت بالنسبة لمن يرغب فى رفع الدعوى أمام القضاء الإداري؟
لاشك أنه يشترط أن تكون الدعوى أو الطعن قد قدم فى الميعاد الذى يتطلبه القانون سواء بالنسبة لدعوى الإلغاء ( ستون يوما ) أو بالنسبة لمواعيد الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية أو محكمة القضاء الإدارى أو المحاكم التأديبية ، إذ أنه لو قدم بعد هذه المواعيد لما كان هناك جدوى من نظره أو قبوله لأن الدعوى لن تقبل ، ويتولى تقدير ذلك مفوض الدولة الذى يعرض عليه الموضوع .
وإذا كان هناك ميعاد نهائى لا يجوز بعده تقديم طلب الإعفاء - فوات مواعيد الطعن - لأن الدعوى تكون فى هذه الحالة غير مقبولة إلا أنه لا يوجد وقت محدد للتقدم بالطلب ، ومن ثم يجوز التقدم بطلب الإعفاء قبل التظلم إلى الجهة الإدارية - إذا كان التظلم وجوبيا - أو قبل تلقى الرد على التظلم ومن باب أولى قبل رفع الدعوى أو إيداع الصحيفة.
وأخيرا فإن تحديد من يتولى سداد الرسوم فى الدعوى يتوقف على القرار الصادر فى الدعوى فإن صدر لصالح المدعى ( مقدم طلب الإعفاء ) صار الإعفاء المؤقت من السداد نهائيا وأمكن مطالبة الطرف الآخر فى الدعوى به ، أما إذا خسر المدعى دعواه وجب عليه سداد الرسوم وذلك على التفصيل السابق ذكره ووفقا لنصوص قانون المرافعات أيضا .
الإجراءات السابقة على رفع الدعوى الإدارية .
قبل إقامة الدعوى أمام محاكم مجلس الدولة قد يتعين اللجوء إلى بعض الإجراءات ، وهذه الإجراءات منها ما يكون وجوبيا بحيث لا تقبل الدعوى بغير اللجوء لمثل هذا الإجراء ، ومثال ذلك ، التظلم الوجوبى بالنسبة لبعض القرارات الإدارية ، واللجوء إلى لجان التوفيق المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000 بالنسبة لبعض المنازعات الإدارية ، ومنها ما يكون جوازيا بحيث تقبل الدعوى دون اللجوء إلى مثل هذا الإجراء ، ومثال ذلك التظلم الاختيارى ، وطلب المساعدة القضائية .
وفيما يلي نتناول هذه الإجراءات .
الفصل الأول
التظلم الاختيارى و التظلم الوجوبى
يقصد بالتظلم الإدارى لجوء الفرد إلى جهة الإدارة التى أصدرت القرار أو الجهة الرئاسية للجهة مصدرة القرار طالبا منها رفع الضرر الذى وقع عليه نتيجة لصدور القرار الإدارى محل التظلم ، ويطلق على هذا النوع من التظلم ، التظلم الإدارى تمييزا له عن نوع آخر من التظلم يتم أمام جهة القضاء ويسمى التظلم القضائى ، وثمة فروق عدة بين هذين النوعين سواء من حيث الجهة التى يقدم إليها التظلم أو من حيث أساس الطعن أو من حيث الإجراءات والأشكال أو المواعيد أو سلطة الجهة التى قدم إليها التظلم فى الفصل فيه ، وأخيرا من حيث حجية القرار الصادر بشأن التظلم وكيفية الطعن عليه.
ويتم التظلم الإدارى - عادة - قبل اللجوء إلى القضاء وذلك تجنبا للإجراءات الطويلة والمعقدة ، أو توفيرا للنفقات التى ستصرف على الدعاوى والطعون القضائية ، وأملا فى رجوع جهة الإدارة عن قراراتها التى أصدرتها.
وإذا كان الأصل فى التظلم أنه اختيارى بحيث يكون لذوى الشأن اللجوء إليه أو عدم اللجوء إليه فإنه يكون وجوبيا فى بعض الحالات الأخرى التى نص عليها القانون ، فما هى القواعد التى وضعها المشرع للتظلم الإدارى ( الاختيارى ) ، وما هى حالات التظلم الوجوبى والقواعد التى يخضع لها ؟
القواعد أو الأحكام العامة التى يخضع لها التظلم الإدارى
نصت الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون مجلس الدولة على أنه << .......... وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية ، ويجب أن يبت فى التظلم قبل مضى ستين يوما من تاريخ تقديمه ، وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا ، ويعتبر مضى ستين يوما على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه .
ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن فى القرار الخاص بالتظلم ستين يوما من تاريخ انقضاء الستين يوما المذكورة >> .
ومن خلال هذا النص ، و ما استقر عليها القضاء الإدارى ، يمكن القول بأن التظلم الإدارى يخضع للقواعد الآتية : -
يتم تقديم هذا التظلم إلى جهة الإدارة التى أصدرت القرار ، وفى هذه الحالة يسمى التظلم تظلما ولائيا ، أو يقدم التظلم إلى الجهة الرئاسية للجهة مصدرة القرار وفى هذه الحالة يسمى التظلم تظلما رئاسيا ، وفى الحالتين تعتبر جهة الإدارة مختصة بنظر التظلم ، ويترتب على التظلم آثاره القانونية .
وإذا قدم التظلم إلى جهة غير مختصة فلا يترتب عليه قطع ميعاد دعوى الإلغاء ، غير أن التظلم إلى جهة غير مختصة يقطع ميعاد رفع الدعوى متى كان لهذه الجهة ثمة اتصال بموضوع التظلم
و على المتظلم تقديم دليل تظلمه سواء بمستند تسليمه للإدارة أو أى دليل يؤدى الى اقتناع المحكمة بوجوده .
أنه لا يشترط فى التظلم الاختيارى شكل معين ، ومن ثم فإن أية وسيلة يعبر بها المتظلم عن تظلمه من قرار إدارى ما تعد تظلما إداريا ويترتب عليها النتائج القانونية لذلك ، ومن ثم يمكن أن يكون هذا التظلم قد تم شفاهة وأثبت هذا التظلم فى ورقة مكتوبة ، وذلك ما لم ينص القانون على شكل معين للتظلم أمام جهة الإدارة ، ومع مراعاة ما يقضى به القانون بالنسبة للتظلم الوجوبى.
كما لا يشترط أن يذكر المتظلم تاريخ صدور القرار المتظلم منه بل يكفى ذكر الموضوع الذى رفع بشأنه التظلم .
أن التظلم كى يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء يجب أن يقدم فى خلال ستين يوما من العلم أو الإعلان للقرار المتظلم منه ، والعبرة فى حساب هذه المدة هى بوصول التظلم إلى جهة الإدارة لا بتاريخ التظلم ، وإن كان الأمر متروكا لتقدير المحكمة فى النهاية ، أما إذا قدم التظلم بعد ذلك فلا يترتب على تقديمه قطع ميعاد دعوى الإلغاء ويكون القرار قد تحصن ضد الإلغاء .
أن القانون قد حدد للجهة الإدارية مدة ستين يوما للرد على هذا التظلم ، فإذا ردت الجهة الإدارية فى أى وقت - قبل انقضاء هذه المدة - فإن ميعاد دعوى الإلغاء يبدأ من تاريخ هذا الرد ، أما إذا لم ترد الجهة الإدارية فى خلال مدة الستين يوما فإن القانون قد اعتبر سكوت الإدارة بمثابة رفض للتظلم ، ومن ثم يبدأ ميعاد دعوى الإلغاء من تاريخ انقضاء المدة المذكورة .
و متى ثبت أن جهة الإدارة قد اتخذت مسلكا إيجابيا للرد على المتظلم لما اعتبر ذلك بمثابة رفض للتظلم ولما بدأ ميعاد لرفع الدعوى بعد ، بل يمتد الميعاد على الرغم من عدم الرد خلال المدة المحددة ( الستون يوما ) ، وبطبيعة الحال فإن من يقدر توافر هذا المسلك الإيجابى هى المحكمة .
غير أنه متى استبان للمتظلم أن جهة الإدارة لن تجيبه إلى طلبه أو تظلمه ، فإن ميعاد الطعن بالإلغاء يبدأ من هذه اللحظة أو ذلك التاريخ الذى تكشف فيه جهة الإدارة عن نيتها فى رفض التظلم .
التظلم الإدارى سواء كان ولائيا أم رئاسيا ـ أى سواء قدم التظلم إلى الجهة الإدارية التى أصدرت القرار أم قدم إلى الجهة الرئاسية لمصدر القرار ـ يقطع ميعاد دعوى الإلغاء .
أن التظلم الذى يقطع ميعاد دعوى الإلغاء هو التظلم الأول فقط ، ولا عبرة بتكرار التظلم حتى لا يكون ذلك ذريعة لإطالة ميعاد رفع الدعوى إلى ما لا نهاية ، أما إذا تعددت التظلمات فإنه لا يكون لها من أثر إلا من حيث قطع تقادم الحقوق .
ويشترط بصفة عامة كى ينتج التظلم أثره أن يكون هناك فائدة من تقديمه ، أما إذا كان التظلم لا فائدة ولا جدوى منه فلا يقطع الميعاد ، ومثال هذا التظلم غير المجدى والذى لا فائدة منه التظلم الذى يقدم إلى جهة الإدارة رغم تصريحها المتكرر برفضها لموضوع التظلم أو الشكوى.
وكذلك يعتبر التظلم غير مجد إذا تعلق الأمر بقرارات إدارية لا تملك جهة الإدارة الرجوع فيها أو تعديلها أو إلغاءها ، أو كانت قد استنفدت ولايتها بشأنها ، ومثال ذلك القرارات الخاصة بتقدير درجات الطلاب فى الامتحانات، والقرارات النهائية للسلطة التأديبية كقرارات مجالس التأديب .
يجب أن يتعلق التظلم بقرار إدارى قد صدر بالفعل ، أما إذا كان القرار لم يصدر بعد فلا يعتبر هذا تظلما إداريا ، وإنما قد يعتبر من قبيل تنبيه الإدارة إلى شيء معين عند اتخاذها لقرار معين يتعلق بالموضوع الذى تم مخاطبة جهة الإدارة بشأنه .
القرار المنعدم لا يشترط التظلم منه .
وأخيرا فإنه إذا كان الهدف من التظلم الإدارى بصفة عامة هو عدول جهة الإدارة عن قراراتها الإدارية فلا بد أن يتعلق التظلم بقرار إدارى نهائى ، و من ثم لا يعتبر تظلما إداريا يرتب آثار التظلم من حيث قطع ميعاد دعوى الإلغاء إذا تعلق الأمر - موضوع التظلم - بأعمال مادية لجهة الإدارة أو بإجراءات تنفيذية أو قرارات مفسرة لقرارات سابقة أو إذا تعلق الأمر بإجراءات داخلية كالكتب والمنشورات الدورية التى تصدر بقصد توجيه العمل وذلك لأن كل هذه الأعمال لا تتوافر لها صفة القرار الإدارى الذى يتعلق بإنشاء أو تعديل أو المساس بمراكز قانونية معينة من خلال تعبير جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة .
وجدير بالذكر أيضاً أن المشرع قد ينظم في بعض الأحيان طريقا خاصا للتظلم غير ما ورد بقانون مجلس الدولة ، وفي هذه الحالة يجب اتباع ما ينص عليه هذا القانون الخاص ، خاصة فيما يتعلق بميعاد التظلم أو طريقة تقديمه ، ذلك أن القانون الخاص يقيد العام .
أحكام التظلم الوجوبى
إذا كان الأصل فى التظلم - كما سبق القول- أنه اختيارى ، لصاحب الشأن أن يقدمه أم لا ، إلا أن هناك قرارات إدارية معينة أوجب القانون التظلم منها إلى الجهة الإدارية المختصة قبل الطعن أمام القضاء ، ورتب على عدم تقديم التظلم الوجوبى منها وانتظار البت فيه - كمبدأ عام - عدم قبول الدعوى .
وهذا التظلم الوجوبى هو ما عبرت عنه المادة 12 من قانون مجلس الدولة ، والتى نصت على أنه << لا تقبل الطلبات الآتية :-
........
الطلبات المقدمة رأسا بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها فى البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة ( 10 ) ، وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرارات أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت فى هذا التظلم ، وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة >> .
وهذه القرارات التى تطلب المشرع ضرورة التظلم منها قبل رفع الدعوى هى ما نص عليه فى البند ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة العاشرة من القانون.
وهذه القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى هى :-
الطلبات التى يقدمها ذوو الشأن بالطعن فى القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين فى الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات .
مع ملاحظة أن القرار الصادر بسحب قرار الترقية لا يعتبر من هذه القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى .
الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبى .
و قد اختلفت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا فى مدى اشتراط التظلم الوجوبى بالنسبة للقرارات الإيجابية الصادرة بإنهاء الخدمة بكل صورها ومنها قرارات إنهاء الخدمة للاستقالة الضمنية وانتهت إلى أن هذه القرارات لا تخضع للتظلم الوجوبي
أما القرارات السلبية بالامتناع عن إنهاء الخدمة تطبيقا لحكم القانون (مثل ما يقضي به نص المادة 98 من قانون العاملين المدنيين بالدولة) فهي لا تندرج ضمن الحالات التى يتطلب فيها القانون ضرورة التظلم الوجوبي ، مثلها في ذلك مثل القرارات الإدارية السلبية عموما ، وبالتالي يقبل طلب وقف تنفيذها أيضا ، وأساس ذلك أن القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء الخدمة ليس من القرارات المنصوص عليها فى البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة المشار إليه .
الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية .
ولكن هل ينطبق القيد المتعلق بضرورة التظلم الوجوبي على الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام؟
من الجدير بالذكر أن المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد حددت المسائل التي تدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة ، ومن بينها البند 13 الخاص بالطعون في الجزاءات الموقعة علي العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانونا ، ولم تتضمن أحكام قانون مجلس الدولة ما يفيد ضرورة التظلم من هذه الجزاءات ، بل نصت المادة 42 من القانون على أنه مع مراعاة ما هو منصوص عليه في قانون العاملين بالقطاع العام يعمل عند نظر الطعون المنصوص عليها في البند الثالث عشر من المادة العاشرة بالقواعد والإجراءات المنصوص عليها في الفصل الثالث أولا من الباب الأول من هذا القانون عدا الأحكام المتعلقة بهيئة مفوضة الدولة .
وهذه الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة هى تلك التى تتعلق بالإجراءات أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية ، ومنها نص المادة 24 التى تنص على ميعاد الطعن بالإلغاء ، وانقطاع هذا الميعاد بالتظلم ، ومدة البت في التظلم . أى أن نصوص قانون مجلس الدولة لم يرد بها ما يشير إلى ضرورة التظلم الوجوبي من هذه القرارات المتعلقة بجزاءات العاملين بالقطاع العام ، وإنما فقط نص على ميعاد الطعن ، وانقطاعه في حالة التظلم .
وقد ذهب الغالبية من الفقه - وأحكام القضاء - إلى عدم إضفاء وصف الموظف العام على العاملين بالقطاع العام والذى ينظم أوضاعهم القانون رقم 48 لسنة 1978 حيث يختص القضاء العادى يختص بنظر المنازعات المتعلقة بالعاملين فى القطاع العام فيما عدا تأديبهم) ، وينطبق هذا الحكم من باب أولى على العاملين فى الشركات القابضة والشركات التابعة لها والمنشأة طبقا لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون قطاع الأعمال وذلك على الرغم من اعتبار هؤلاء العمال من الموظفين العموميين - وكذلك أموالها تعد من الأموال العامة - فى تطبيق أحكام قانون العقوبات .
كما يلاحظ أنه بعد صدور قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 ، والذي قسم شركات القطاع العام إلى شركات قابضة وأخرى تابعة، فقد نصت المادة 44 منه على أنه تسري في شأن واجبات العاملين بالشركات القابضة والتحقيق معهم وتأديبهم أحكام المواد من 78 إلى 87 ومن 91 إلى 93 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام وأحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ، وأحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ، كما تختص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة دون غيرها بالنسبة للعاملين بهذه الشركات المشار إليها بتوقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الشركة بعد العرض على اللجنة الثلاثية ، وكذلك بالفصل في التظلمات من القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية أو المجالس التأديبية المختصة بالشركة ، ويكون الطعن في أحكام المحاكم التأديبية الصادرة بتوقيع الجزاء أو في الطعون في القرارات التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة ، أما العاملون بالشركات التابعة فيسرى بشأن التحقيق معهم وتأديبهم أحكام قانون العمل .
أما بالنسبة للأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا فيبدو أن قضاء المحكمة الإدارية العليا مستقر في هذا الشأن إلى أن التظلم من قرارات الجزاء بالنسبة للعاملين بالقطاع العام هو تظلم اختياري.
و جدير بالذكر أنه يترتب على عدم إجراء التظلم الوجوبى قبل رفع الدعوى عدم قبولها .
ولكن ما هو الحل لو أن صاحب الشأن - الموظف رافع الدعوى أو موكله - لم يكن يعلم أن هذه القرارات من القرارات التى يجب التظلم منها قبل رفع الدعوى وقام برفع الدعوى مباشرة أمام المحكمة المختصة ثم تبين له بعد ذلك أنه كان ينبغى أولا التظلم من هذه القرارات ؟
مما لاشك فيه أن المحكمة سوف تقضى بعدم قبول الدعوى لعدم التظلم قبل رفع الدعوى ، وهذا هو الأصل الذى جرت عليه أحكام القضاء الإدارى .
وما هو الحل أيضا لو أن المتظلم قدم تظلمه إلى جهة الإدارة ولم ينتظر الرد ورفع الدعوى أمام القضاء وذلك قبل انقضاء الستين يوما المقررة للانتظار حتى الفصل فى التظلم ؟
استقرت محكمة القضاء الإدارى ، والمحكمة الإدارية العليا على قبول الدعوى أيضا والنظر فيها ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم الفصل فى التظلم ، وذلك على أساس أن موقف جهة الإدارة سوف يتحدد أثناء نظر الدعوى ، وعلى ضوء قرار جهة الإدارة فى التظلم يكون الحكم فى الدعوى .
أما بالنسبة لإجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه فقد نص القانون على أن يتم تحديد ذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة .
وقد أصدر السيد المستشار رئيس مجلس الدولة قراره رقم 72 لسنة 1973 بشأن إجراءات التظلم الوجوبى من القرارات الإدارية وطريقة الفصل فيها محددا فيه هذه الإجراءات .
ومن البديهى أن يتم تقديم التظلم الإدارى بعد صدور القرار الإدارى لا قبله ، ومن ثم فإن الشكوى التى يقدمها صاحب الشأن للجهة الإدارية وذلك قبل صدور القرار لا تغنى عن تقديم التظلم الوجوبى - إذا كان التظلم وجوبيا من هذا القرار - وإذا تم رفع الدعوى قبل إجراء هذا التظلم أو انقضاء المواعيد المقررة لذلك كانت الدعوى غير مقبولة .
ولكن هل هناك ميعاد للتظلم الوجوبى يجب على المتظلم وجوبيا مراعاته ، وإذا كان هناك ميعاد للتظلم الوجوبى ولم يقدم المتظلم تظلمه بمراعاة هذا الميعاد فهل من حق جهة الإدارة أن تقبل هذا التظلم ، وما هو أثر ذلك على قبول دعوى الإلغاء المطروحة أمام القضاء ؟
فى الحقيقة أنه لا يوجد ميعاد محدد منصوص عليه فى القانون للتظلم الوجوبى ، غير أنه من المعلوم وفقا لنص القانون (م 24 من قانون مجلس الدولة) أن دعوى الإلغاء لن تقبل إلا إذا تم رفع الدعوى فى خلال ستين يوما من تاريخ نشر القرار الإدارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو فى النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به .
وكل ما يترتب على التظلم الوجوبى هو قطع سريان هذا الميعاد لمدة أخرى قد تصل إلى ستين يوما إذا لم ترد جهة الإدارة على المتظلم ، أو لمدة أقل من ذلك إذا ردت جهة الإدارة صراحة على المتظلم ، وفى الحالتين يترتب على ذلك انقطاع ميعاد دعوى الإلغاء بحيث يجب على المتضرر رفع الدعوى فى خلال ستين يوما جديدة يبدأ حسابها من تاريخ رفض التظلم صراحة أو ضمنا.
ويفهم من كل ما سبق أن التظلم الوجوبي يجب أن يقدم خلال ستين يوما من صدور القرار المتظلم منه ، وبناء عليه فإن عدم تقديم التظلم فى الميعاد (ميعاد رفع دعوى الإلغاء وهو ستون يوما ) يترتب عليه عدم قبول دعوى الإلغاء وذلك لأن ميعاد دعوى الإلغاء ذاته قد انقضى ، أما قبول جهة الإدارة أو عدم قبولها للتظلم على الرغم من انقضاء ميعاد رفع دعوى الإلغاء فلا أثر له على قبول أو عدم قبول الدعوى حيث إن هذا قد أصبح أمرا غير قابل للنقاش حيث تقضى المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد .
وإذا كان التظلم الاختيارى يقطع ميعاد دعوى الإلغاء فيكون من باب أولى هذا الوضع بالنسبة للتظلم الإجباري .
مقارنة بين التظلم الاختيارى والتظلم الوجوبى
بعد أن انتهينا من الحديث عن الأحكام العامة للتظلم الإدارى وأحكام التظلم الوجوبى نرى أنه من المفيد عقد مقارنة سريعة بينهما لنتبين أوجه الاتفاق والاختلاف بينهما ، وهى : -
1- أن التظلم الاختيارى لا يشترط فيه شكل معين ،2- بينما يتطلب القانون فى التظلم الوجوبى مراعاة بيانات معينة فضلا عن كونه كتابيا .
3- أن التظلم الاختيارى متروك لحرية المتظلم إن شاء قدمه وإن شاء لم يقدمه ،4- وإن شاء تركه بعد تقديمه ولجأ للقضاء ،5- أما التظلم الوجوبى فيترتب على عدم اللجوء إليه عدم قبول الدعوى .
6- أن التظلم الاختيارى جائز بالنسبة لكافة القرارات الإدارية ،7- أما التظلم الوجوبى فهو مقصور على بعض القرارات الإدارية الخاصة بالموظفين العموميين ،8- والتى سبق ذكرها.
9- أن التظلم سواء كان اختياريا أم وجوبيا يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء ،10- مع ملاحظة أن التظلم الذى يرتب هذا الأثر هو التظلم الأول ،11- أما إذا تعددت التظلمات فلا تقطع الميعاد ،12- وإنما يقتصر أثرها على قطع التقادم السارى بالنسبة للحقوق سواء كان هذا التقادم خمسيا أو طويلا .
الفصل الثاني
طلب المساعدة القضائية
( الإعفاء من الرسوم )
نصت الفقرة الأخيرة من المادة 27 من قانون مجلس الدولة على أن يفصل مفوض الدولة فى طلبات الإعفاء من الرسوم ، كما نصت المادة التاسعة من المرسوم الصادر بشأن تعريفة الرسوم والإجراءات أمام القضاء الإداري على أن يعفى من الرسوم كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن دفعها بشرط أن تكون الدعوى محتملة الكسب .
ونصت المادة العاشرة من هذا المرسوم على أن يفصل فى طلبات الإعفاء أحد مستشارى المحكمة بعد الإطلاع على الأوراق وسماع أقوال الطالب وملاحظة سكرتارية المحكمة .
فما هو المقصود بطلبات الإعفاء من الرسوم ؟ وما هو الأثر المترتب عليها ؟
طلب الإعفاء من الرسوم والسلطة المختصة به وحجية القرار الصادر بشأنه.
من المعلوم وفقا لنص المادة 65 من قانون المرافعات أن على المدعى عند تقديم صحيفة دعواه أن يؤدى الرسم كاملا ، ويترتب على عدم سداد الرسوم المقررة رفض قبول طلب قيد صحيفة الدعوى أو الطلب أو استبعاد القضية من جدول الجلسات إذا تبين عدم سداد الرسوم بعد ذلك ، وهو ما تقضي به المادة 13 من قانون الرسوم القضائية .
ولكن ما هو الحل إذا كان المدعى - رافع الدعوى - أمام القضاء الإدارى لا يستطيع سداد الرسوم المقررة لإقامة الدعوى وكذلك أتعاب المحامى الذى سوف يتولى المرافعة عنه والدفاع عن مصالحه ؟ هل يعنى ذلك حرمان هذا الشخص من اللجوء للقضاء لعدم مقدرته المالية على تحمل أعباء ومصاريف الدعوى ؟ لمعالجة هذا الوضع ولعدم حرمان هذا المتقاضى من اللجوء إلى القضاء الإدارى للحصول على حقوقه فقد تقرر السماح له بالتقدم بطلب لإعفائه من هذه الرسوم القضائية وندب أحد المحامين للوقوف أمام القضاء والمرافعة عنه .
ويختص بالنظر فى هذا الطلب مفوض الدولة الموجود بمحاكم مجلس الدولة ، وله فى سبيل النظر فى هذا الأمر وتقرير الفصل فيه طلب المستندات اللازمة والدالة على عدم قدرة المدعى على الوفاء بالرسوم القضائية وأتعاب المحاماة ، وله أن يقرر رفض الطلب ، كما له أن يقرر قبوله ، وفى هذه الحالة الأخيرة يقوم بندب أحد المحامين نيابة عن المدعى .
ولكن هل يشترط للفصل فى طلب الإعفاء من الرسوم استدعاء الخصم أو الطرف الآخر فى الدعوى ( جهة الإدارة ) لسماع وجهة نظره فى هذا الموضوع ؟ ، وهل يتوقف الأمر على قبوله أو رضائه ؟
فى حقيقة الأمر أنه لا يوجد نص صريح بهذا المفهوم فى قانون مجلس الدولة وكل ما ورد يتعلق بحق ذي الشأن فى المعارضة فى تقدير الرسوم لا الإعفاء منها ، وذلك حيث نصت المادة 12 من المرسوم الخاص بتقدير الرسوم أمام القضاء الإداري على أنه << لذى الشأن أن يعارض فى مقدار الرسوم الصادر بها الأمر وتحصل المعارضة بتقرير فى سكرتارية المحكمة فى خلال الثمانية أيام التالية لإعلان الأمر >> .
ومن ثم فلا وجوب لحضور الطرف الآخر فى الدعوى وإن جاز استدعاؤه لسماع رأيه فى طلب الإعفاء ولا يلزم هذا الرأي اللجنة أو مفوض الدولة الذى له أن يقرر الإعفاء إذا ما توافرت مبرراته وأهمها العجز عن الدفع ، واحتمال كسب الدعوى .
وكل ما للطرف الآخر أن يعارض - إذا ما أراد - فى تقدير هذه الرسوم وذلك فى خلال ثمانية أيام من إعلان هذا الأمر .
ولكن ما هو المقصود بالإعفاء من الرسوم ؟ هل معنى الإعفاء من الرسوم الإعفاء منها كلية بحيث لا يجوز مطالبة طالب الإعفاء بها ؟ ، أم يعنى ذلك إرجاء تحصيل هذه الرسوم إلى ما بعد الفصل فى الدعوى ؟
لاشك أن اشتراط احتمال كسب الدعوى كسبب للإعفاء يعنى أنه لو قدر مفوض الدولة أن طالب الإعفاء سيخسر الدعوى فإن عليه رفض هذا الطلب وتكون المغامرة من جانب المدعى إذا ما أراد رفع الدعوى رغم ذلك بتحمله للرسوم .
ولهذا يكون الإعفاء من الرسوم مؤقتا لحين الفصل فى الدعوى وحيث يتوقف الأمر على نتيجة الفصل فى الدعوى فإن كسبها صار الإعفاء نهائيا وتحمل الرسوم الطرف الآخر – ما لم يوجد سبب لإعفائه هو الآخر - أما إذا خسرها المدعى تحمل الرسوم وذلك لأن احتمال كسب الدعوى وهو سبب الإعفاء المؤقت قد أصبح مستحيلا ومن ثم سقط شرط من شروط الإعفاء .
ويمكن تفسير تحمل المدعى للمصاريف القضائية فى حالة الخسارة تطبيقا لقواعد قانون المرافعات التى تقضى بتحمل من يخسر الدعوى لمصاريف إقامتها .
أثر تقديم طلب الإعفاء من الرسوم .
استقرت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا على أن طلب الإعفاء من الرسوم مثله مثل التظلم يقطع ميعاد الطعن بالإلغاء فى القرارات الإدارية الجائز الطعن فيها بالإلغاء .
ومن البديهى أنه لكى ينتج هذا الطلب أثره فى قطع ميعاد دعوى الإلغاء أن يتم تقديمه قبل انقضاء ميعاد رفع دعوى الإلغاء ، وبالتالى يبدأ ميعاد جديد لرفع الدعوى من تاريخ الفصل فى هذا الطلب سواء بالرفض أو القبول ، وذلك ما لم يتوافر سبب آخر من أسباب انقطاع أو وقف ميعاد دعوى الإلغاء ( كرفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة أو التظلم ، أو القوة القاهرة ) .
وتقديم طلب الإعفاء يترتب عليه انقطاع الميعاد حتى لو كان المدعى قد تقدم سابقا بتظلم انقطع معه الميعاد ذلك أنه ليس فى القانون ما يمنع من انقطاع ميعاد رفع الدعوى أكثر من مرة متى تحققت الواقعة المبررة لانقطاع هذا الميعاد .كما أن تقديم طلب المساعدة القضائية من شأنه قطع ميعاد رفع الدعوى و يظل له هذا الأثر قائماً لحين صدور القرار وهو ما يعنى وجوب رفع الدعوى خلال ستين يوماً من تاريخ صدور القرار بالقبول أو الرفض فى طلب المساعدة القضائية .
ولا يمنع القرار الصادر بالرفض من تقديم طلب جديد بالإعفاء أو المساعدة وذلك حيث لا يحوز القرار الصادر بشأن الإعفاء من الرسوم فى الطلب الأول أية حجية لأنه لم يفصل فى خصومة قضائية ـ بل هو قرار ولائى ـ ولهذا يمكن للمدعى تقديم طلب جديد للإعفاء من هذه الرسوم أمام نفس المحكمة - سواء أمام نفس المفوض أو أمام غيره - أو أمام محكمة أخرى بشأن ذات الموضوع ، غير أن هذا الطلب الجديد لا يقطع ميعاد دعوى الإلغاء فى هذه الحالة إذ العبرة بالطلب الأول ، كما هو الحال بالنسبة للتظلم أيضا .
وإذا كان هذا هو أثر تقديم طلب الإعفاء من الرسوم بالنسبة لدعوى الإلغاء فإن تقديم هذا الطلب يترتب عليه أيضا بالنسبة لدعاوى القضاء الكامل قطع مدد التقادم ولذلك يبدأ ميعاد جديد للتقادم من تاريخ صدور القرار بالرفض أو القبول من مفوض الدولة .
وجدير بالذكر أن تقديم طلب الإعفاء بالنسبة للطعن بإلغاء القرار يشمل كذلك طلب التعويض عنه لوحدة الأساس القانوني لكليهما ، وهو عدم مشروعية القرار الإداري .
ولا يعنى تقديم طلب الإعفاء من الرسوم إقامة الدعوى القضائية أو مباشرتها ، وذلك حيث لا ترفع الدعوى إلا بإجراء معين ومختلف وهو إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة-كما نصت على ذلك المادة 25 ، وكما سنبين فيما بعد - وذلك حيث لا ينطوى طلب الإعفاء على معنى التكليف بالحضور للخصم أمام القضاء .
ولهذا أيضا لا يمنع التظلم الوجوبى قبل إقامة الدعوى من تقديم هذا الطلب قبل التظلم أو قبل الفصل فى التظلم لأنه - أى طلب الإعفاء - ليس إلا استعدادا لرفع الدعوى ، وإن كان البعض يرى أن تقديم طلب الإعفاء من الرسوم يغنى عن التظلم الوجوبى ويقوم مقامه ، وهو ما قررته المحكمة الإدارية العليا أيضا .
ولكن هل يجوز التقدم بطلب الإعفاء فى أى وقت بالنسبة لمن يرغب فى رفع الدعوى أمام القضاء الإداري؟
لاشك أنه يشترط أن تكون الدعوى أو الطعن قد قدم فى الميعاد الذى يتطلبه القانون سواء بالنسبة لدعوى الإلغاء ( ستون يوما ) أو بالنسبة لمواعيد الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم الإدارية أو محكمة القضاء الإدارى أو المحاكم التأديبية ، إذ أنه لو قدم بعد هذه المواعيد لما كان هناك جدوى من نظره أو قبوله لأن الدعوى لن تقبل ، ويتولى تقدير ذلك مفوض الدولة الذى يعرض عليه الموضوع .
وإذا كان هناك ميعاد نهائى لا يجوز بعده تقديم طلب الإعفاء - فوات مواعيد الطعن - لأن الدعوى تكون فى هذه الحالة غير مقبولة إلا أنه لا يوجد وقت محدد للتقدم بالطلب ، ومن ثم يجوز التقدم بطلب الإعفاء قبل التظلم إلى الجهة الإدارية - إذا كان التظلم وجوبيا - أو قبل تلقى الرد على التظلم ومن باب أولى قبل رفع الدعوى أو إيداع الصحيفة.
وأخيرا فإن تحديد من يتولى سداد الرسوم فى الدعوى يتوقف على القرار الصادر فى الدعوى فإن صدر لصالح المدعى ( مقدم طلب الإعفاء ) صار الإعفاء المؤقت من السداد نهائيا وأمكن مطالبة الطرف الآخر فى الدعوى به ، أما إذا خسر المدعى دعواه وجب عليه سداد الرسوم وذلك على التفصيل السابق ذكره ووفقا لنصوص قانون المرافعات أيضا .