مبحث تمهيدى
في تعريف عقد النقل وخصائصه
*******************
تعريف عقد النقل :-
عقد النقل هو ذلك العقد الذى يلتزم الناقل مقابل اجر بأن يقوم بوسائله الخاصة بنقل شئ من مكان لأخر .(1)
او طبقا لتعريف المادة 208 من القانون التجارى " عقد النقل هو اتفاق يلتزم بمقتضاه الناقل بأن يقوم بوسائله الخاصة بنقل شخص او شئ الى مكان معين مقابل اجره "
وبالتالى فأن محل التزام الناقل اى التغيير المكانى للشخص او الشئ ولذلك فأن التحريك المكانى للشخص او الشئ لا يعتبر نقلا متى كان التزاما تبعيا بالنسبة لالتزام اخر اهم .
ويجب ان يتم النقل بواسطة الناقل لا بدفع الشئ المنقول ذاته فلا يعتبر نقلا مجرد قيادة حيوانات حية لان القائد عندئذ لا يغير مكانها بل هى التى تتحرك انما لا يلزم للنقل وضع البضاعة فوق اداة النقل بل قد يتم ذلك بطريق الجر كما لو كانت البضاعة مشحونه فى مقطورة يملكها لناقل (2)
ويبرم عقد النقل بين الناقل والمرسل الا انه قد يفترض التسليم الى شخص ثالث يطلق عليه " المرسل اليه " وقد يكون المرسل و المرسل اليه شخص واحد كما اذا ارسل المرسل السلع محل النقل الى نفسه او الى فرع محله التجارى فلا تتضمن عملية النقل عندئذ الا شخصين . ولا يلزم ان تكون اداة النقل مملوكة للناقل مادام هو الذى يقوم بالعمل .
ويقع عقد النقل فى الاصل بين الناقل والمرسل اما المرسل اليه فهو اجنبى عن العقد الا انه مع ذلك تنشاء له بمقتضى العقد حقوقا لدى الناقل يستطيع بمقتضاها ان يطالبه بتسليم البضاعة عند وصولها وله ان يقاضيه بالتعويضات اذا ما وصلت البضاعة متأخرة عن الميعاد المتفق عليه او وصلت تالفة .
وكثيرا ما يتدخل فى عملية النقل شخص اخر هو الوكيل بالعمولة بالنقل وهو الذى يلتزم بأن يبرم بأسمه ولحساب موكله عقدا لنقل اشياء او عقد نقل اشخاص وبأن يقوم عند الاقتضاء بالعمليات المرتبطة بهذا النقل ( المادة 273/1 من القانون التجارى ) واذا تولى الوكيل بالعمولة النقل بوسائله الخاصة اعتبر ناقلا وتسرى عليه احكام عقد النقل .
ومن هذا اتلعريف نجد ان عقد نقل الاشياء يتمتع بعدة خصائص :-
** خصائص عقد النقل :-
اولا : عقد النقل عقد رضائى .
فهو يتم بمجرد تراضى طرفيهولا يتطلب افراغه فى شكل معين وقد اكدت على هذه الطبيعة المادة 210/1 من قانون التجارة اذ تنص على ان " يتم عقد النقل وعقد الوكالة بالعمولة للنقل بمجرد الاتفاق ويجوز اثبات العقد بكافة طرق الاثبات المقررة قانونا " .
ولا يشترط لوقوعه اوضاعا خاصة كالرسمية او الكتابة . والاصل ان يبرم العقد بعد مناقشة حرة بين طرفيه الا ان الغالب ان يكون النقل عقد اذعان يقتصر القبول فيه على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الناقل ولا يقبل مناقشة فيها كما هو الشأن فى عقد النقل بالسكة الحديد الذى يتم على اساس تعريفة النقل المعدة من الناقل .
ثانيا : عقد النقل من العقود الملزمة للطرفين .
اى انه يرتب التزامات على عاتق كلا من طرفيه منذ لحظة ابرامه واذا اخل احد المتعاقدين بتنفيذ التزامه جاز للمتعاقد الاخر طلب فسخ العقد الا انه من النادر عملا ان يطالب احد الطرفين بفسخ العقد وانما يقتصر الناقل على المطالبة بالتنفيذاى بدفع الاجرة ويلجأ الطرف الاخر الى اعمال مسئولية الناقل والمطالبة بالتعويض عن التأخر او عن هلاك البضاعة او تلفها .
ثالثا : عقد النقل من عقود المعاوضات .
وهذا يعنى ان الناقل يلتزم بعملية النقل نظير اجرة يلتزم بدفعها المرسل فلا يقوم الناقل بتنفيذ التزامه على وجه التبرع(1) .
وذلك طبقا لنص المادة 235 من قانون التجارة الا انه لا يشترط ان يكون المقابل الذى يلتزم به المرسل متعادلا مع خدمة النقل التى يؤديها الناقل ولكن يشترط ان لا يكون القابل صوريا او تافها والا اخذ حكم النقل المجانى وخضع لحكم المسئولية التقصيرية .
والنقل المجانى لا يترتب عليه قيام عقد النقل وهو لايخضع للاحكام القانونية لعقد النقل .
رابعا : تجارية عقد النقل .
يعتبر عقد النقل عملا تجاريا متى باشره الناقل على وجه الاحتراف وفقا للمادة 5/3 من قانون التجارة . ولا يعتبر عقد النقل تجاريا بالنسبة للمرسل الا اذا كان تاجرا او كانت الاشياء التى تعاقد على نقلها من البضائع او السلع التى يتعامل فيها فى تجارته اما اذا كان المرسل غير تاجر فالعقد مدنى بالنسبة له .
اما النقل الذى يتم صورة عرضية فانه يعتبر عقد مقاولة يخضع لاحكام عقد المقاولة المنصوص عليها فى القانون المدنى .
وتظهر اهمية التفرقة عما اذا كان مدنيا ام تجاريا من حيث تطبيق احكام مسئولية الناقل فلا تطبق الا اذا كان العقد تجاريا بالنسبة للناقل وبصرف النظر عن الطرف الاخر .
خامسا : عقد النقل من العقود الفورية .
مهما طال الزمن الذى يستغرقه النقل فهو فورى ما دام الالتزام الناشيء منه يقتضى تنفيذا فوريا اى يتم دفعة واحدة اما اذا كان الاتفاق ان يقوم الناقل بنقل شحنات متعددة على فترات معينة وكان التزامه هذا ناشئا عن عقد واحد كان عقدا مستمرا وامكن تطبيق نظرية الظروف الطارئة .
** نطاق عقد النقل .
يشمل تنفيذ عقد النقل العمليات السابقة واللاحقة على اتمام العمل المادى المتمثل فى التحريك المادى للأشياء المراد نقلها كعمليات الشحن والتفريغ وايداع البضائع لدى الناقل لحين تسليمها للمرسل اليه .
** اثبات عقد النقل
اثبات عقد النقل يخضع للقواعد العامة فى الاثبات فيجوز الاثبات بكافة الطرق بما فيها البينة والقرائن فى مواجهة الناقل حيث ان النقل بالنسبة له يعد عملا تجاريا و تختلف كيفية الاثبات بالنسبة للمرسل و المرسل اليه يحسب طبيعة العقد بالنسبة لكل منهما فاذا كان العقد تجاريا بالنسبة لهما جاز اثباته بكافة طرق الاثبات واذا كان مدنيا فانه يتعين اتباع قواعد الاثبات المدنية .
وفى ذلك قضت محكمة النقض بأن " اذا كانت الكتابة ليست شرطا لانعقاد عقد النقل البرى ولا لاثباته ولا تعتبر ركنا من اركانه ومن ثم يخضع اثبات عقد النقل البرى للقواعد العامة فيجوز اثباته بالبينه والقرائن مهما كانت قيمته وذلك فى مواجهة الناقل الذى يعد عمله تجاريا دائما طالما كان محترفا لعمليات النقل "(1)
________________________________________
الفصل الاول - التزامات الشاحن
وسوف نفصلها على النحو التالى :
المبحث الاول :- تسليم الاشياء المراد نقلها للناقل
المبحث الثانى :- الالتزام بدفع الاجرة للناقل
المبحث الثالث :- حق المرسل فى توجيه الاشياء المراد نقلها
تمهيد :-
عقد النقل من العقود التى ترتب التزامات فى ذمة كلا من طرفيه الشاحن (المرسل) والناقل .
وعليه فاننا سوف نتكلم عن التزامات طرفيه بادئين بالتزامات الشاحن على التفصيل الاتى :
المبحث الاول - تسليم الاشياء المراد نقلها للناقل
المرسل هو الشخص الذى يتقدم للناقل طالبا منه خدمة النقل وفقا لعقد النقل الذى يتم الاتفاق على شروطه .
ويلتزم المرسل بتسليم الاشياء المراد نقلها للناقل بحالتها المتفق عليها فى العقد ويعتبر هذا الالتزام اول الاثار التى يرتبها عقد النقل وبداء به مراحل تنفيذ العقد(1)
** التزام المرسل بتسليم الناقل الشيء والوثائق اللازمة لتنفيذ النقل :-
وقد اكدت على ذلك المادة 223/1 من قانون التجارة اذ تنص على انه " على المرسل ان يسلم الناقل الشيء والوثائق اللازمة لتنفيذ النقل ويكون المرسل مسئولا عن عدم كفاية هذه الوثائق او عدم مطابقتها للحقيقة ويكون مسئولا عن ضياعها او اساءة استعمالها " .
ذلك ان الناقل لا يتمكن من تنفيذ التزامه الا بتسلم الشيء محل العقد والوثائق اللازمة لتنفيذ النقل مثل وثائق التصدير .
واذا كانت الوثائق المسلمة الى الناقل غير كافية لتنفيذ عقد النقل او غير صحيحة فان المرسل يكون مسئولا عما يحدث من اضرار نتيجة لذلك كالتاخير فى النقل او حدوث عيب بالشئ فلا يكون للمرسل اليه الرجوع على الناقل بالتعويض وانما عليه الرجوع على المرسل .
على ان الناقل يكون مسئولا عن ضياع هذه الوثائق او اساءة استعمالها ويكون للمرسل اليه الرجوع عليه بالتعويض .
** حالة اقتضاء النقل استعدادا خاصا :-
يكون التسليم فى محل الناقل عادة انه قد يتفق طرفى عقد النقل على مكان اخر لتسليم الاشياء المراد نقلها فيه فقد يتفق على ان يتم التسليم فى محل المرسل فى عقود النقل وذلك طبقا للمادة 223/2 التى تنص على ان " يكون تسليم الشئ محل عقد النقل فى محل الناقل بعقد النقل ما لم يتفق على غير ذلك " .
وقد يتفق على ان يكون تسليم الاشياء فى محطة عربات الناقل فاذا اقتضى النقل استعدادات خاصة وجب اخطار الناقل قبل التسليم بوقت كاف لكى يستعد لتلقى البضاعة وذلك طبقا لنص المادة 223/2 اذ تقول " اذا اقتضى النقل استعدادا خاصا من جانب الناقل وجب على المرسل اخطاره بذلك قبل تسليم الشئ اليه بوقت كاف "
ويجب ان تكون الاشياء المسلمة للناقل مطابقة للمواصفات والشروط المتفق عليها فى عقد النقل من حيث الصنف والوزن والكمية ويفترض ان تكون الاشياء المسلمة فى حالة معدة للسفر ودون خوف عليها من خطر الهلاك او التلف اثناء النقل ويقع عبء تجهيزها على المرسل الذى يلتزم بتغليف او تعبئة او حزم هذه الاشياء وفقا لطبيعتها بحيث لا تتعرض لهلاك او تلف ولا تعرض الاشياء الاخرى المنقولة معها للضرر .
واذا استلزم عقد النقل اتباع طريقة معينة فى التغليف او التعبئة او الحزم فعلى المرسل مراعتها طبقا لنص المادة 224/1 اذ تقول " اذا اقتضت طبيعة الشئ اعداده للنقل بتغليفه او تعبئته او حزمه وجب على المرسل ان يقوم بذلك بكيفية تقيه الهلاك ولا تعرض الاشخاص او الاشياء الاخرى التى تنقل معه للضرر واذا كانت شروط النقل تستلزم اتباع طريقة معينة فى التغليف او التعبئة او الحزم وجب على المرسل مراعاتها " . وبذلك يتحمل المرسل المسئولية عن الاضرار التى تلحق الاشياء المنقولة نتيجة لسوء التغليف او التعبئة او الحزم الا ان مسئولية المرسل لا تعفى الناقل من المسئولية اذا نقل الاشياء مع علمه بالعيب فى التغليف او التعبئة او الحزم ويتوافر علم الناقل بهذا العيب اذا كان ظاهرا او كان مما لا يخفى على الناقل المتبصر وذلك طبقا لنص المادة 224/2 من قانون التجارة .
ويجب على الناقل التأكد من ملائمة طريقة التغليف والتعبئة والحزم لطبيعة الاشياء المراد نقلها وفقا لعقد النقل فيجوز للناقل رفض تسلم البضاعة اذا وجد عيب فى طريقة اعدادها للنقل وفقا لعقد النقل فيجوز للناقل رفض تسلم البضاعة اذا وجد عيب فى طريقة اعدادها للنقل فاذا قبلها مع علمه بالعيب كان مسئولا عن الاضرار التى تصيب المرسل من هلاك او تلف البضاعة اثناء النقل حتى ولو كان الضرر ناتجا عن العيب فى اعداد البضاعة للنقل وهو يعتبر عالما بالعيب اذا كان ظاهرا او كان لا يخفى على الناقل العادى وبالتالى لا يستطيع التحلل من مسئوليته فيجب عليه ان يبذل عناية الناقل المعتاد اى المهنى المتبصر فى عمليات النقل للتأكد من سلامة التغليف طبقا للمادة 224/3 من قانون التجارة .
ويلتزم المرسل بأن يضع الاشياء المراد نقلها تحت يد الناقل فى الميعاد المتفق عليه فى عقد النقل فأذا لم يفى المرسل بالتزامه بتجهيز البضاعة فى الميعاد المحدد فأنه يلتزم بتعويض الناقل عما يقتضيه من وقت فى انتظار تجهيز البضاعة لنقلها كما يحق للناقل الامتناع عن تنفيذ التزامه بالنقل ويحصل على تعويض من المرسل
المبحث الثانى - الالتزام بدفع الاجرة
***********
** التزام المرسل بدفع اجرة النقل وغيرها من المصاريف :-
يلتزم المرسل بدفع اجرة النقل المتفق عليه للناقل مقابل قيام هذا الاخير بنقل الاشياء المراد نقلها الى المكان المتفق عليه وقد نصت المادة 235/1 على ذلك بقولها " يلتزم المرسل بدفع اجرة النقل وغيرها من المصاريف المستحقة للناقل ما لم يتفق على ان يتحملها المرسل اليه " .
والالتزام بدفع اجرة النقل هو الالتزام الرئيسى للمرسل والمقابل للالتزام الرئيسى للناقل وهو النقل ويطلق على الاجرة فى العمل مصطلح " النولون " وهى تكون مستحقة عند الارسال او عند الوصول ويحدد العقد مقدار الاجرة وميعاد ومكان الوفاء بها .
ويستقل الناقل فى غالب الاحيان بتحديد اجرة النقل وخاصة اذا كان يحتكر عمليات فى منطقة معينة او بوسيلة معينة ولكن هذا لايمنع من التفاوض حول قيمة الاجرة مع الناقل الذى لا يخضع لاشراف ادارى والالتزام بتعريفة محددة تفرضها جهة الادارة(1).
واجرة النقل من البيانات التى يجب ورودها فى وثيقة النقل وفقا للمادة 218 من القانون التجارى ومع ذلك قد لايتفق على الاجرة ومن ثم يتم تحديدها وفقا لما يقضى به العرف وليحق باجرة النقل ما ينفقه الناقل من مصروفات تقتضيها المحافظة على البضائع كمصروفات الصيانه والوزن والايداع والرسوم الجمركية والتامين على البضاعة حيث جرى العرف التجارى على قيام الناقل بالتامين على البضاعة اثناء النقل (2) ويستحق الناقل مصاريف اضافية اذا غير الطريق المتفق عليه اذا وجد ت ضرورة لذلك وهى المصاريف الاضافية الناشئة عن ذلك .
** الاتفاق على تحمل المرسل اليه اجرة النقل او غيرها من المصاريف :-
وقد يتم الاتفاق على دفع الاجرة عند تسلم البضاعة للناقل فيكون الملتزم بهذا هو المرسل فاذا اخل بهذا الالتزام يستطيع الناقل ان يدفع بعدم التنفيذ ويمتنع عن استلام البضاعة واتمام عمليات النقل الا ان طرفىعقد النق قد يتفقان على ان الاجرة تستحق عند وصول البضاعة (1)
ويكون الملتزم بدفعها فى هذه الحالة هو المرسل اليه فاذا امتنع هذا الاخير عن دفع الاجرة يستطيع الرجوع على المرسل باجرة النقل حيث اقام المشرع تضامنا بين المرسل والمرسل اليه فى دينهما المتمثل فى اجرة النقل وذلك وفقا للمادة 235/2 من القانون التجارى بقولها " واذا اتفق على ان يتحمل المرسل اليه اجرة النقل او غيرها من المصاريف كان كل من المرسل والمرسل اليه مسئولين عن دفعها بالتضامن قبل الناقل ".
واذا اتفق على ان يتحمل المرسل اليه اجرة النقل او غيرها من المصاريف كان كل من المرسل والمرسل اليه مسئولين بالتضامن قبل الناقل وقد قصد من ذلك تأمين الناقل فى الحصول على الاجرة والمصاريف .
ـ اثر القوة القاهرة على الالتزام بدفع الاجرة ؟
التزام المرسل بدفع الاجرة يقابله التزام الناقل باتمام عملية النقل فلا يستحق الناقل اجرة الا اذا قام بنقل البضاعة الى المكان المتفق عليه .
فاذا هلكت الاشياء المراد نقلها بقوة قاهرة اصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا وبالتالى لا يستحق الاجرة المتفق عليها .
وذلك طبقا لنص المادة 236 من القانون التجارى بقولها " لا يستحق الناقل اجرة ما يهلك من الاشياء التى يقوم بنقلها "
وقد جاء بالمذكرة الايضاحية لمشروع القانون انه " لا يستحق الناقل اجرة نقل ما يهلك من الشئ بقوة قاهرة ".
الا ان قانون التجارة القديم قد خلا من نص مقابل للمادة 236 لذلك ثار الخلاف حول استحقاق الناقل اجرة نقل ما يهلك بقوة قاهرة من البضاعة التى يقوم بنقلها من عدمه .
ـ ذهب راى الى انه اذا هلكت البضاعة فى الطريق بقوة قاهرة فلا يستحق اجرة النقل (1) قياسا على المادة 221 من قانون التجارة البحرية لتى تسقط حق الناقل فى الاجرة متى هلكت البضاعة بسبب قوة قاهرة .
وهذا الحل معقول اذ من العدل ان يتقاسم كل من الناقل ومالك البضاعة نتائج القوة القاهرة فتضيع على الناقل اجرته وحسب المالك ان ضاعت عليه بضاعته فضلا عن ذلك فأن ضياع البضاعة يحول دون استكمال التزامات الناقل فلا يكون له الحق فى المطالبة بالحقوق المقابلة لهذه الالتزامات عملا بالمادة 159 من القانون المدنى التى تقضى بأنه " اذا انقضى الالتزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المتقابلة له "
اما اذا ترتب على الحادث القهرى هلاك البضاعة هلاكا جزئيا استحقت اجرة النقل بكاملها .
ـ بينما يذهب راى اخر الى ان الاجرة لاتستحق فى حالة الهلاك الكلى اما الهلاك الجزئى فانه يسقط عن المرسل ما يمثل نسبة البضائع الهالكة الى مجموع البضائع المنقولة(2)
**الضمانات التى قررها القانون لضمان استيفاء اجرة النقل :-
نصت المادة 239 من قانون التجارة على ضمانات استيفاء اجرة النقل بقولها " للناقل حبس الشئ محل النقل لاستيفاء اجرة النقل والمصاريف وغيرها من المبالغ التى تستحق له بسبب النقل وللناقل امتياز على الثمن الناتج من التنفيذ على الشئ محل النقل لاستيفاء جميع المبالغ المستحقه له ويتبع فى هذا التنفيذ على هذه الاشياء المرهونه رهنا تجاريا ";
1- الحق فى حبس الشئ محل النقل .
خولت الفقرة الاولى من المادة 239 للناقل حبس الشئ محل النقل لاستيفاء اجرة النقل والمصاريف وغيرها من المبالغ التى تستحق له بسبب النقل ..
وتظهر اهمية حق الحبس اذا كان الناقل لم يحصل على الاجرة والمصاريف التى تستحق له بسبب النقل مقدما وانما كانت الاجرة والمصاريف وغيرها من المبالغ التى تستحق له بسبب النقل تستحق عند تسليم الشئ الى المرسل اليه وامتنع الاخير عن دفعها ومن ثم اجازت له المادة حبس الشئ الى المرسل اليه وامتنع الاخير عن دفعها ومن ثم اجازت له المادة حبس الشئ محل النقل وعدم تسليمه الى المرسل اليه حتى يؤدى اليه مستحقاته .
ويعتبر هذا النص تطبيقا للقواعد العامة فى حق الحبس المنصوص عليه بالمادة 246 من القانون المدنى التى تقضى بأن " لكل من التزم باداء شئ ان يمتنع عن الوفاء به مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه التزام المدين ومرتبط به او مادام لم يقدم التامينات الكافية . ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشئ او محرزه اذا هو انفق عليه مصروفات ضرورية او ناقصة فأن له ان يمتنع عن رد هذا الشئ حتى يستوفى ما هو مستحق له الا ان يكون الالتزام بالرد ناشئا عن عمل غير مشروع ".
ولم يتضمن القانون القديم نصا مماثلا الا ان الاجماع منعقد على ثبوت حق الحبس للناقل استنادا للقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 246 مدنى
وفى هذا قضت محكمة النقض بأن :
1- (أ) " استعمال الناقل حقه فى حبس الاشياء المنقولة او بعضها استيفاء لاجرة النقل المستحقة له لايعفيه من واجب المحافظة عليها فى فترة احتباسها بل عليه ان يبذل فى حفظها وصيانتها من العناية ما يبذله الشخص المعتاد ويكون مسئولا عن هلاكها وتلفها ما لم يثبت ان ذلك يرجع لسبب اجنبى لا يد له فيه وهو ما تقضى به المادتان 247/2 , 1103 من القانون المدنى "
2- (ب) " متى وفى المرسل اليه الاجرة الى الناقل انقضى حق الحبس وزال المانع الذى كان يحول دون تسليم الاشياء المنقولة اليه ويعود الالتزام بالتسليم فى ذمة الناقل وفقا لاحكام عقد النقل فيلتزم بتسليم تلك الاشياء سليمة للمرسل اليه اذ لا يترتب على استعمال حق الحبس انفساخ هذا العقد او انقضاء الالتزامات الناشئة عنه بل يقتصر الامر على وقف تنفيذ التزام الناقل بالتسليم حتى يفى المرسل اليه بالتزامه بالوفاء باجرة النقل ولا يغير من ذلك ان يكون المرسل اليه هو المتسبب فى حبس البضاعة بتخلفه عن الوفاء باجرة النقل اذ ان تقصيره فى الوفاء بالتزامه هذا وان كان يخول الناقل ان يستعمل حقه فى الحبس الا انه لايعفيه من التزامه بالمحافظة على الشئ المحبوس وهو التزام متولد عن حق الحبس ذاته ولا يمكن ان يعتبر مجرد التاخير فى الوفاء بالاجرة هو السبب فيما يصيب الاشياء المحبوسة من تلف فى فترة احتباسها وللحابس اذا خشى على الشئ المحبوس من الهلاك او التلف ان يحصل على اذن من القضاء فى بيعه طبقا لنص المادة 1119 من القانون المدنى وينتقل حينئذ الحق فى الحبس من الشئ الى ثمنه "(1)
2- حق الامتياز على ثمن الشئ المبيع .
اعطت الفقرة الثانية من المادة للناقل امتيازا على الثمن الناتج من التنفيذ على الشئ محل النقل لاستيفاء جميع المبالغ المستحقه له ويتبع فى ذلك اجراءات التنفيذ على الاشياء المرهونه رهنا تجاريا ..
وحق الامتياز يوجد اذا بيع الشئ محل النقل وهو يشمل كافة المبالغ التى تستحق له بسبب النقل .
وقد خلا القانون القديم من نص مماثل للفقرة السابقة وقد ذهب رأى فى ظله الى القول بان الحبس المنصوص عليه فى القواعد العامة لا يخول الناقل اى امتياز على ثمن البضاعة عملا بنص المادة 147 /1 مدنى التى تقضى بان مجرد الحق فى حبس الشئ لا يثبت حق امتياز عليه وانه لا امتياز الا بنص (1)
بينما ذهب راى اخر الى ثبوت حق الامتياز للناقل على ثمن الشئ المنقول عند التنفيذ عليه وذلك نتيجة لحقه فى الحبس (2)
المبحث الثالث - حق المرسل فى توجيه الاشياء المنقولة
**************************
من المسائل الجوهرية التى يتضمنها عقد النقل مكان وصول الاشياء المراد نقلها والبيانات الكاملة لتحديد شخصية من يتسلم هذه الاشياء من الناقل وهو المرسل اليه .
الا انه قد تقوم للمرسل مصلحة فى ان يغيير جهة وصول البضاعة او ابدال المرسل اليه بأخر او حتى اعادة الاشياء ثانية الى مكان القيام ويظل للمرسل الحق فى اصدار تعليمات للناقل بشأن هذه التعديلات طالما كانت الاشياء فى الطريق ولم يتم تسليمها او اخطار المرسل اليه بالحضور لاستلامها كما يشترط لمباشرة المرسل اليه لهذا الحق ان يلتزم فى مواجهة الناقل بتعويضه عن المصروفات التى ينفقها فى سبيل تنفيذ التعليمات الجديدة وذلك طبقا للمادة 232/1 من قانون التجارة " فيجوز للمرسل اثناء وجود الشئ فى حيازة الناقل ان يأمره بالامتناع عن مباشرة النقل بوقفه او اعادة الشئ اليه او بتوجيهه الى شخص اخر غير المرسل اليه الاصلى او الى مكان اخر او غير ذلك من التعليمات بشرط ان يدفع المرسل للناقل
في تعريف عقد النقل وخصائصه
*******************
تعريف عقد النقل :-
عقد النقل هو ذلك العقد الذى يلتزم الناقل مقابل اجر بأن يقوم بوسائله الخاصة بنقل شئ من مكان لأخر .(1)
او طبقا لتعريف المادة 208 من القانون التجارى " عقد النقل هو اتفاق يلتزم بمقتضاه الناقل بأن يقوم بوسائله الخاصة بنقل شخص او شئ الى مكان معين مقابل اجره "
وبالتالى فأن محل التزام الناقل اى التغيير المكانى للشخص او الشئ ولذلك فأن التحريك المكانى للشخص او الشئ لا يعتبر نقلا متى كان التزاما تبعيا بالنسبة لالتزام اخر اهم .
ويجب ان يتم النقل بواسطة الناقل لا بدفع الشئ المنقول ذاته فلا يعتبر نقلا مجرد قيادة حيوانات حية لان القائد عندئذ لا يغير مكانها بل هى التى تتحرك انما لا يلزم للنقل وضع البضاعة فوق اداة النقل بل قد يتم ذلك بطريق الجر كما لو كانت البضاعة مشحونه فى مقطورة يملكها لناقل (2)
ويبرم عقد النقل بين الناقل والمرسل الا انه قد يفترض التسليم الى شخص ثالث يطلق عليه " المرسل اليه " وقد يكون المرسل و المرسل اليه شخص واحد كما اذا ارسل المرسل السلع محل النقل الى نفسه او الى فرع محله التجارى فلا تتضمن عملية النقل عندئذ الا شخصين . ولا يلزم ان تكون اداة النقل مملوكة للناقل مادام هو الذى يقوم بالعمل .
ويقع عقد النقل فى الاصل بين الناقل والمرسل اما المرسل اليه فهو اجنبى عن العقد الا انه مع ذلك تنشاء له بمقتضى العقد حقوقا لدى الناقل يستطيع بمقتضاها ان يطالبه بتسليم البضاعة عند وصولها وله ان يقاضيه بالتعويضات اذا ما وصلت البضاعة متأخرة عن الميعاد المتفق عليه او وصلت تالفة .
وكثيرا ما يتدخل فى عملية النقل شخص اخر هو الوكيل بالعمولة بالنقل وهو الذى يلتزم بأن يبرم بأسمه ولحساب موكله عقدا لنقل اشياء او عقد نقل اشخاص وبأن يقوم عند الاقتضاء بالعمليات المرتبطة بهذا النقل ( المادة 273/1 من القانون التجارى ) واذا تولى الوكيل بالعمولة النقل بوسائله الخاصة اعتبر ناقلا وتسرى عليه احكام عقد النقل .
ومن هذا اتلعريف نجد ان عقد نقل الاشياء يتمتع بعدة خصائص :-
** خصائص عقد النقل :-
اولا : عقد النقل عقد رضائى .
فهو يتم بمجرد تراضى طرفيهولا يتطلب افراغه فى شكل معين وقد اكدت على هذه الطبيعة المادة 210/1 من قانون التجارة اذ تنص على ان " يتم عقد النقل وعقد الوكالة بالعمولة للنقل بمجرد الاتفاق ويجوز اثبات العقد بكافة طرق الاثبات المقررة قانونا " .
ولا يشترط لوقوعه اوضاعا خاصة كالرسمية او الكتابة . والاصل ان يبرم العقد بعد مناقشة حرة بين طرفيه الا ان الغالب ان يكون النقل عقد اذعان يقتصر القبول فيه على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الناقل ولا يقبل مناقشة فيها كما هو الشأن فى عقد النقل بالسكة الحديد الذى يتم على اساس تعريفة النقل المعدة من الناقل .
ثانيا : عقد النقل من العقود الملزمة للطرفين .
اى انه يرتب التزامات على عاتق كلا من طرفيه منذ لحظة ابرامه واذا اخل احد المتعاقدين بتنفيذ التزامه جاز للمتعاقد الاخر طلب فسخ العقد الا انه من النادر عملا ان يطالب احد الطرفين بفسخ العقد وانما يقتصر الناقل على المطالبة بالتنفيذاى بدفع الاجرة ويلجأ الطرف الاخر الى اعمال مسئولية الناقل والمطالبة بالتعويض عن التأخر او عن هلاك البضاعة او تلفها .
ثالثا : عقد النقل من عقود المعاوضات .
وهذا يعنى ان الناقل يلتزم بعملية النقل نظير اجرة يلتزم بدفعها المرسل فلا يقوم الناقل بتنفيذ التزامه على وجه التبرع(1) .
وذلك طبقا لنص المادة 235 من قانون التجارة الا انه لا يشترط ان يكون المقابل الذى يلتزم به المرسل متعادلا مع خدمة النقل التى يؤديها الناقل ولكن يشترط ان لا يكون القابل صوريا او تافها والا اخذ حكم النقل المجانى وخضع لحكم المسئولية التقصيرية .
والنقل المجانى لا يترتب عليه قيام عقد النقل وهو لايخضع للاحكام القانونية لعقد النقل .
رابعا : تجارية عقد النقل .
يعتبر عقد النقل عملا تجاريا متى باشره الناقل على وجه الاحتراف وفقا للمادة 5/3 من قانون التجارة . ولا يعتبر عقد النقل تجاريا بالنسبة للمرسل الا اذا كان تاجرا او كانت الاشياء التى تعاقد على نقلها من البضائع او السلع التى يتعامل فيها فى تجارته اما اذا كان المرسل غير تاجر فالعقد مدنى بالنسبة له .
اما النقل الذى يتم صورة عرضية فانه يعتبر عقد مقاولة يخضع لاحكام عقد المقاولة المنصوص عليها فى القانون المدنى .
وتظهر اهمية التفرقة عما اذا كان مدنيا ام تجاريا من حيث تطبيق احكام مسئولية الناقل فلا تطبق الا اذا كان العقد تجاريا بالنسبة للناقل وبصرف النظر عن الطرف الاخر .
خامسا : عقد النقل من العقود الفورية .
مهما طال الزمن الذى يستغرقه النقل فهو فورى ما دام الالتزام الناشيء منه يقتضى تنفيذا فوريا اى يتم دفعة واحدة اما اذا كان الاتفاق ان يقوم الناقل بنقل شحنات متعددة على فترات معينة وكان التزامه هذا ناشئا عن عقد واحد كان عقدا مستمرا وامكن تطبيق نظرية الظروف الطارئة .
** نطاق عقد النقل .
يشمل تنفيذ عقد النقل العمليات السابقة واللاحقة على اتمام العمل المادى المتمثل فى التحريك المادى للأشياء المراد نقلها كعمليات الشحن والتفريغ وايداع البضائع لدى الناقل لحين تسليمها للمرسل اليه .
** اثبات عقد النقل
اثبات عقد النقل يخضع للقواعد العامة فى الاثبات فيجوز الاثبات بكافة الطرق بما فيها البينة والقرائن فى مواجهة الناقل حيث ان النقل بالنسبة له يعد عملا تجاريا و تختلف كيفية الاثبات بالنسبة للمرسل و المرسل اليه يحسب طبيعة العقد بالنسبة لكل منهما فاذا كان العقد تجاريا بالنسبة لهما جاز اثباته بكافة طرق الاثبات واذا كان مدنيا فانه يتعين اتباع قواعد الاثبات المدنية .
وفى ذلك قضت محكمة النقض بأن " اذا كانت الكتابة ليست شرطا لانعقاد عقد النقل البرى ولا لاثباته ولا تعتبر ركنا من اركانه ومن ثم يخضع اثبات عقد النقل البرى للقواعد العامة فيجوز اثباته بالبينه والقرائن مهما كانت قيمته وذلك فى مواجهة الناقل الذى يعد عمله تجاريا دائما طالما كان محترفا لعمليات النقل "(1)
________________________________________
الفصل الاول - التزامات الشاحن
وسوف نفصلها على النحو التالى :
المبحث الاول :- تسليم الاشياء المراد نقلها للناقل
المبحث الثانى :- الالتزام بدفع الاجرة للناقل
المبحث الثالث :- حق المرسل فى توجيه الاشياء المراد نقلها
تمهيد :-
عقد النقل من العقود التى ترتب التزامات فى ذمة كلا من طرفيه الشاحن (المرسل) والناقل .
وعليه فاننا سوف نتكلم عن التزامات طرفيه بادئين بالتزامات الشاحن على التفصيل الاتى :
المبحث الاول - تسليم الاشياء المراد نقلها للناقل
المرسل هو الشخص الذى يتقدم للناقل طالبا منه خدمة النقل وفقا لعقد النقل الذى يتم الاتفاق على شروطه .
ويلتزم المرسل بتسليم الاشياء المراد نقلها للناقل بحالتها المتفق عليها فى العقد ويعتبر هذا الالتزام اول الاثار التى يرتبها عقد النقل وبداء به مراحل تنفيذ العقد(1)
** التزام المرسل بتسليم الناقل الشيء والوثائق اللازمة لتنفيذ النقل :-
وقد اكدت على ذلك المادة 223/1 من قانون التجارة اذ تنص على انه " على المرسل ان يسلم الناقل الشيء والوثائق اللازمة لتنفيذ النقل ويكون المرسل مسئولا عن عدم كفاية هذه الوثائق او عدم مطابقتها للحقيقة ويكون مسئولا عن ضياعها او اساءة استعمالها " .
ذلك ان الناقل لا يتمكن من تنفيذ التزامه الا بتسلم الشيء محل العقد والوثائق اللازمة لتنفيذ النقل مثل وثائق التصدير .
واذا كانت الوثائق المسلمة الى الناقل غير كافية لتنفيذ عقد النقل او غير صحيحة فان المرسل يكون مسئولا عما يحدث من اضرار نتيجة لذلك كالتاخير فى النقل او حدوث عيب بالشئ فلا يكون للمرسل اليه الرجوع على الناقل بالتعويض وانما عليه الرجوع على المرسل .
على ان الناقل يكون مسئولا عن ضياع هذه الوثائق او اساءة استعمالها ويكون للمرسل اليه الرجوع عليه بالتعويض .
** حالة اقتضاء النقل استعدادا خاصا :-
يكون التسليم فى محل الناقل عادة انه قد يتفق طرفى عقد النقل على مكان اخر لتسليم الاشياء المراد نقلها فيه فقد يتفق على ان يتم التسليم فى محل المرسل فى عقود النقل وذلك طبقا للمادة 223/2 التى تنص على ان " يكون تسليم الشئ محل عقد النقل فى محل الناقل بعقد النقل ما لم يتفق على غير ذلك " .
وقد يتفق على ان يكون تسليم الاشياء فى محطة عربات الناقل فاذا اقتضى النقل استعدادات خاصة وجب اخطار الناقل قبل التسليم بوقت كاف لكى يستعد لتلقى البضاعة وذلك طبقا لنص المادة 223/2 اذ تقول " اذا اقتضى النقل استعدادا خاصا من جانب الناقل وجب على المرسل اخطاره بذلك قبل تسليم الشئ اليه بوقت كاف "
ويجب ان تكون الاشياء المسلمة للناقل مطابقة للمواصفات والشروط المتفق عليها فى عقد النقل من حيث الصنف والوزن والكمية ويفترض ان تكون الاشياء المسلمة فى حالة معدة للسفر ودون خوف عليها من خطر الهلاك او التلف اثناء النقل ويقع عبء تجهيزها على المرسل الذى يلتزم بتغليف او تعبئة او حزم هذه الاشياء وفقا لطبيعتها بحيث لا تتعرض لهلاك او تلف ولا تعرض الاشياء الاخرى المنقولة معها للضرر .
واذا استلزم عقد النقل اتباع طريقة معينة فى التغليف او التعبئة او الحزم فعلى المرسل مراعتها طبقا لنص المادة 224/1 اذ تقول " اذا اقتضت طبيعة الشئ اعداده للنقل بتغليفه او تعبئته او حزمه وجب على المرسل ان يقوم بذلك بكيفية تقيه الهلاك ولا تعرض الاشخاص او الاشياء الاخرى التى تنقل معه للضرر واذا كانت شروط النقل تستلزم اتباع طريقة معينة فى التغليف او التعبئة او الحزم وجب على المرسل مراعاتها " . وبذلك يتحمل المرسل المسئولية عن الاضرار التى تلحق الاشياء المنقولة نتيجة لسوء التغليف او التعبئة او الحزم الا ان مسئولية المرسل لا تعفى الناقل من المسئولية اذا نقل الاشياء مع علمه بالعيب فى التغليف او التعبئة او الحزم ويتوافر علم الناقل بهذا العيب اذا كان ظاهرا او كان مما لا يخفى على الناقل المتبصر وذلك طبقا لنص المادة 224/2 من قانون التجارة .
ويجب على الناقل التأكد من ملائمة طريقة التغليف والتعبئة والحزم لطبيعة الاشياء المراد نقلها وفقا لعقد النقل فيجوز للناقل رفض تسلم البضاعة اذا وجد عيب فى طريقة اعدادها للنقل وفقا لعقد النقل فيجوز للناقل رفض تسلم البضاعة اذا وجد عيب فى طريقة اعدادها للنقل فاذا قبلها مع علمه بالعيب كان مسئولا عن الاضرار التى تصيب المرسل من هلاك او تلف البضاعة اثناء النقل حتى ولو كان الضرر ناتجا عن العيب فى اعداد البضاعة للنقل وهو يعتبر عالما بالعيب اذا كان ظاهرا او كان لا يخفى على الناقل العادى وبالتالى لا يستطيع التحلل من مسئوليته فيجب عليه ان يبذل عناية الناقل المعتاد اى المهنى المتبصر فى عمليات النقل للتأكد من سلامة التغليف طبقا للمادة 224/3 من قانون التجارة .
ويلتزم المرسل بأن يضع الاشياء المراد نقلها تحت يد الناقل فى الميعاد المتفق عليه فى عقد النقل فأذا لم يفى المرسل بالتزامه بتجهيز البضاعة فى الميعاد المحدد فأنه يلتزم بتعويض الناقل عما يقتضيه من وقت فى انتظار تجهيز البضاعة لنقلها كما يحق للناقل الامتناع عن تنفيذ التزامه بالنقل ويحصل على تعويض من المرسل
المبحث الثانى - الالتزام بدفع الاجرة
***********
** التزام المرسل بدفع اجرة النقل وغيرها من المصاريف :-
يلتزم المرسل بدفع اجرة النقل المتفق عليه للناقل مقابل قيام هذا الاخير بنقل الاشياء المراد نقلها الى المكان المتفق عليه وقد نصت المادة 235/1 على ذلك بقولها " يلتزم المرسل بدفع اجرة النقل وغيرها من المصاريف المستحقة للناقل ما لم يتفق على ان يتحملها المرسل اليه " .
والالتزام بدفع اجرة النقل هو الالتزام الرئيسى للمرسل والمقابل للالتزام الرئيسى للناقل وهو النقل ويطلق على الاجرة فى العمل مصطلح " النولون " وهى تكون مستحقة عند الارسال او عند الوصول ويحدد العقد مقدار الاجرة وميعاد ومكان الوفاء بها .
ويستقل الناقل فى غالب الاحيان بتحديد اجرة النقل وخاصة اذا كان يحتكر عمليات فى منطقة معينة او بوسيلة معينة ولكن هذا لايمنع من التفاوض حول قيمة الاجرة مع الناقل الذى لا يخضع لاشراف ادارى والالتزام بتعريفة محددة تفرضها جهة الادارة(1).
واجرة النقل من البيانات التى يجب ورودها فى وثيقة النقل وفقا للمادة 218 من القانون التجارى ومع ذلك قد لايتفق على الاجرة ومن ثم يتم تحديدها وفقا لما يقضى به العرف وليحق باجرة النقل ما ينفقه الناقل من مصروفات تقتضيها المحافظة على البضائع كمصروفات الصيانه والوزن والايداع والرسوم الجمركية والتامين على البضاعة حيث جرى العرف التجارى على قيام الناقل بالتامين على البضاعة اثناء النقل (2) ويستحق الناقل مصاريف اضافية اذا غير الطريق المتفق عليه اذا وجد ت ضرورة لذلك وهى المصاريف الاضافية الناشئة عن ذلك .
** الاتفاق على تحمل المرسل اليه اجرة النقل او غيرها من المصاريف :-
وقد يتم الاتفاق على دفع الاجرة عند تسلم البضاعة للناقل فيكون الملتزم بهذا هو المرسل فاذا اخل بهذا الالتزام يستطيع الناقل ان يدفع بعدم التنفيذ ويمتنع عن استلام البضاعة واتمام عمليات النقل الا ان طرفىعقد النق قد يتفقان على ان الاجرة تستحق عند وصول البضاعة (1)
ويكون الملتزم بدفعها فى هذه الحالة هو المرسل اليه فاذا امتنع هذا الاخير عن دفع الاجرة يستطيع الرجوع على المرسل باجرة النقل حيث اقام المشرع تضامنا بين المرسل والمرسل اليه فى دينهما المتمثل فى اجرة النقل وذلك وفقا للمادة 235/2 من القانون التجارى بقولها " واذا اتفق على ان يتحمل المرسل اليه اجرة النقل او غيرها من المصاريف كان كل من المرسل والمرسل اليه مسئولين عن دفعها بالتضامن قبل الناقل ".
واذا اتفق على ان يتحمل المرسل اليه اجرة النقل او غيرها من المصاريف كان كل من المرسل والمرسل اليه مسئولين بالتضامن قبل الناقل وقد قصد من ذلك تأمين الناقل فى الحصول على الاجرة والمصاريف .
ـ اثر القوة القاهرة على الالتزام بدفع الاجرة ؟
التزام المرسل بدفع الاجرة يقابله التزام الناقل باتمام عملية النقل فلا يستحق الناقل اجرة الا اذا قام بنقل البضاعة الى المكان المتفق عليه .
فاذا هلكت الاشياء المراد نقلها بقوة قاهرة اصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا وبالتالى لا يستحق الاجرة المتفق عليها .
وذلك طبقا لنص المادة 236 من القانون التجارى بقولها " لا يستحق الناقل اجرة ما يهلك من الاشياء التى يقوم بنقلها "
وقد جاء بالمذكرة الايضاحية لمشروع القانون انه " لا يستحق الناقل اجرة نقل ما يهلك من الشئ بقوة قاهرة ".
الا ان قانون التجارة القديم قد خلا من نص مقابل للمادة 236 لذلك ثار الخلاف حول استحقاق الناقل اجرة نقل ما يهلك بقوة قاهرة من البضاعة التى يقوم بنقلها من عدمه .
ـ ذهب راى الى انه اذا هلكت البضاعة فى الطريق بقوة قاهرة فلا يستحق اجرة النقل (1) قياسا على المادة 221 من قانون التجارة البحرية لتى تسقط حق الناقل فى الاجرة متى هلكت البضاعة بسبب قوة قاهرة .
وهذا الحل معقول اذ من العدل ان يتقاسم كل من الناقل ومالك البضاعة نتائج القوة القاهرة فتضيع على الناقل اجرته وحسب المالك ان ضاعت عليه بضاعته فضلا عن ذلك فأن ضياع البضاعة يحول دون استكمال التزامات الناقل فلا يكون له الحق فى المطالبة بالحقوق المقابلة لهذه الالتزامات عملا بالمادة 159 من القانون المدنى التى تقضى بأنه " اذا انقضى الالتزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المتقابلة له "
اما اذا ترتب على الحادث القهرى هلاك البضاعة هلاكا جزئيا استحقت اجرة النقل بكاملها .
ـ بينما يذهب راى اخر الى ان الاجرة لاتستحق فى حالة الهلاك الكلى اما الهلاك الجزئى فانه يسقط عن المرسل ما يمثل نسبة البضائع الهالكة الى مجموع البضائع المنقولة(2)
**الضمانات التى قررها القانون لضمان استيفاء اجرة النقل :-
نصت المادة 239 من قانون التجارة على ضمانات استيفاء اجرة النقل بقولها " للناقل حبس الشئ محل النقل لاستيفاء اجرة النقل والمصاريف وغيرها من المبالغ التى تستحق له بسبب النقل وللناقل امتياز على الثمن الناتج من التنفيذ على الشئ محل النقل لاستيفاء جميع المبالغ المستحقه له ويتبع فى هذا التنفيذ على هذه الاشياء المرهونه رهنا تجاريا ";
1- الحق فى حبس الشئ محل النقل .
خولت الفقرة الاولى من المادة 239 للناقل حبس الشئ محل النقل لاستيفاء اجرة النقل والمصاريف وغيرها من المبالغ التى تستحق له بسبب النقل ..
وتظهر اهمية حق الحبس اذا كان الناقل لم يحصل على الاجرة والمصاريف التى تستحق له بسبب النقل مقدما وانما كانت الاجرة والمصاريف وغيرها من المبالغ التى تستحق له بسبب النقل تستحق عند تسليم الشئ الى المرسل اليه وامتنع الاخير عن دفعها ومن ثم اجازت له المادة حبس الشئ الى المرسل اليه وامتنع الاخير عن دفعها ومن ثم اجازت له المادة حبس الشئ محل النقل وعدم تسليمه الى المرسل اليه حتى يؤدى اليه مستحقاته .
ويعتبر هذا النص تطبيقا للقواعد العامة فى حق الحبس المنصوص عليه بالمادة 246 من القانون المدنى التى تقضى بأن " لكل من التزم باداء شئ ان يمتنع عن الوفاء به مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه التزام المدين ومرتبط به او مادام لم يقدم التامينات الكافية . ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشئ او محرزه اذا هو انفق عليه مصروفات ضرورية او ناقصة فأن له ان يمتنع عن رد هذا الشئ حتى يستوفى ما هو مستحق له الا ان يكون الالتزام بالرد ناشئا عن عمل غير مشروع ".
ولم يتضمن القانون القديم نصا مماثلا الا ان الاجماع منعقد على ثبوت حق الحبس للناقل استنادا للقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 246 مدنى
وفى هذا قضت محكمة النقض بأن :
1- (أ) " استعمال الناقل حقه فى حبس الاشياء المنقولة او بعضها استيفاء لاجرة النقل المستحقة له لايعفيه من واجب المحافظة عليها فى فترة احتباسها بل عليه ان يبذل فى حفظها وصيانتها من العناية ما يبذله الشخص المعتاد ويكون مسئولا عن هلاكها وتلفها ما لم يثبت ان ذلك يرجع لسبب اجنبى لا يد له فيه وهو ما تقضى به المادتان 247/2 , 1103 من القانون المدنى "
2- (ب) " متى وفى المرسل اليه الاجرة الى الناقل انقضى حق الحبس وزال المانع الذى كان يحول دون تسليم الاشياء المنقولة اليه ويعود الالتزام بالتسليم فى ذمة الناقل وفقا لاحكام عقد النقل فيلتزم بتسليم تلك الاشياء سليمة للمرسل اليه اذ لا يترتب على استعمال حق الحبس انفساخ هذا العقد او انقضاء الالتزامات الناشئة عنه بل يقتصر الامر على وقف تنفيذ التزام الناقل بالتسليم حتى يفى المرسل اليه بالتزامه بالوفاء باجرة النقل ولا يغير من ذلك ان يكون المرسل اليه هو المتسبب فى حبس البضاعة بتخلفه عن الوفاء باجرة النقل اذ ان تقصيره فى الوفاء بالتزامه هذا وان كان يخول الناقل ان يستعمل حقه فى الحبس الا انه لايعفيه من التزامه بالمحافظة على الشئ المحبوس وهو التزام متولد عن حق الحبس ذاته ولا يمكن ان يعتبر مجرد التاخير فى الوفاء بالاجرة هو السبب فيما يصيب الاشياء المحبوسة من تلف فى فترة احتباسها وللحابس اذا خشى على الشئ المحبوس من الهلاك او التلف ان يحصل على اذن من القضاء فى بيعه طبقا لنص المادة 1119 من القانون المدنى وينتقل حينئذ الحق فى الحبس من الشئ الى ثمنه "(1)
2- حق الامتياز على ثمن الشئ المبيع .
اعطت الفقرة الثانية من المادة للناقل امتيازا على الثمن الناتج من التنفيذ على الشئ محل النقل لاستيفاء جميع المبالغ المستحقه له ويتبع فى ذلك اجراءات التنفيذ على الاشياء المرهونه رهنا تجاريا ..
وحق الامتياز يوجد اذا بيع الشئ محل النقل وهو يشمل كافة المبالغ التى تستحق له بسبب النقل .
وقد خلا القانون القديم من نص مماثل للفقرة السابقة وقد ذهب رأى فى ظله الى القول بان الحبس المنصوص عليه فى القواعد العامة لا يخول الناقل اى امتياز على ثمن البضاعة عملا بنص المادة 147 /1 مدنى التى تقضى بان مجرد الحق فى حبس الشئ لا يثبت حق امتياز عليه وانه لا امتياز الا بنص (1)
بينما ذهب راى اخر الى ثبوت حق الامتياز للناقل على ثمن الشئ المنقول عند التنفيذ عليه وذلك نتيجة لحقه فى الحبس (2)
المبحث الثالث - حق المرسل فى توجيه الاشياء المنقولة
**************************
من المسائل الجوهرية التى يتضمنها عقد النقل مكان وصول الاشياء المراد نقلها والبيانات الكاملة لتحديد شخصية من يتسلم هذه الاشياء من الناقل وهو المرسل اليه .
الا انه قد تقوم للمرسل مصلحة فى ان يغيير جهة وصول البضاعة او ابدال المرسل اليه بأخر او حتى اعادة الاشياء ثانية الى مكان القيام ويظل للمرسل الحق فى اصدار تعليمات للناقل بشأن هذه التعديلات طالما كانت الاشياء فى الطريق ولم يتم تسليمها او اخطار المرسل اليه بالحضور لاستلامها كما يشترط لمباشرة المرسل اليه لهذا الحق ان يلتزم فى مواجهة الناقل بتعويضه عن المصروفات التى ينفقها فى سبيل تنفيذ التعليمات الجديدة وذلك طبقا للمادة 232/1 من قانون التجارة " فيجوز للمرسل اثناء وجود الشئ فى حيازة الناقل ان يأمره بالامتناع عن مباشرة النقل بوقفه او اعادة الشئ اليه او بتوجيهه الى شخص اخر غير المرسل اليه الاصلى او الى مكان اخر او غير ذلك من التعليمات بشرط ان يدفع المرسل للناقل