كتاب قرارات الحيازة
تنفيذ
قرارات الحيازة
أيمن حجاج العوادلي
المحامـــــــي
بالاستئناف العالي ومجلس الدولة
ماجستير في القانون
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا محمد الهادي إلى صراط مستقيم
وبعـد
أن تنفيذ قرارات الحيازة من المسائل التي ثار فيها الخلاف حول كيفية تنفيذها من اكثر من ناحية فقد ثار الخلاف حول تحديد طبيعة قرارات الحيازة هل تعد من السندات التنفيذية أم لاتعد من السندات التنفيذية وهل يجب وضع الصيغة التنفيذية علي قرارات الحيازة أم لا وهل يلزم إعلان قرار الحيازة قبل التنفيذ من عدمه0
وقد أدى الخلاف حول اعتبار قرارات الحيازة من السندات التنفيذية أم انها لا تعتبر كذلك إلى الاختلاف حول كيفية تنفيذ قرارات الحيازة هل تنفذ بواسطة الشرطة تبعا لأسلوب تنفيذ قرارات النيابة العامة أم يتم تنفيذها بواسطة معاوني التنفيذ وتحت إشراف مدير إدارة التنفيذ 0
إلا أن هذا الخلاف لا يكاد يكون له صدي في تحديد كيفية تنفيذ أحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة , بل يكاد هناك شبه إجماع علي أن تنفيذ أحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة يتم وفقا لقواعد التنفيذ الجبري في قانون المرافعات المدنية والتجارية علما بان طبيعة المنازعة محل قرارات الحيازة والتظلم واحدة لم تتغير0
بالإضافة إلى ذلك فان هذا الخلاف أدى إلى الاختلاف حول جواز الاستشكال في قرارات الحيازة من عدمه وحول ما إذا كان الإشكال في قرار الحيازة يؤدي إلى وقف تنفيذ قرار الحيازة من عدمه استنادا للأثر الواقف للإشكال0
وقد انعكس اثر هذا الخلاف في التطبيق العملي لتنفيذ قرارات الحيازة فالتطبيق العملي لتنفيذ قرارات الحيازة أدى إلى وجود تناقض في التنفيذ فبالرغم من أن الكتاب الدوري للنائب العام جعل الاختصاص بتنفيذ قرارات الحيازة للمحضرين وأوجب وضع الصيغة التنفيذية علي قرارات الحيازة قبل إعلانها لذوي الشان معني ذلك انه اعتبر قرارات الحيازة من السندات التنفيذية التي يخضع تنفيذها لاحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية , فضلا عن أن الكتاب الدوري رقم 6 محضرين الصادر من المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم الصادر في 2/11/ 1992 نص علي أن تنفيذ القرارات الوقتية الصادرة من النيابة العامة في منازعات الحيازة المدنية أو الجنائية يقوم بها المحضرون تطبيقا للمادة 44مكررا من قانون المرافعات علي أن تزيل بالصيغة التنفيذية المنصوص عليها في المادة 280/3 مرافعات [1]
وبالتالي فان الكتاب الدوري للنائب العام والكتاب الدوري لمساعد وزير العدل لشئون المحاكم قد اعتبرا قرارات الحيازة من السندات التنفيذية كونها تنفذ جبرا عن طريق المحضرين وتزيل بالصيغة التنفيذية0 إلا أن الكتاب الدوري رقم 6 لسنة 1992محضرين الصادر من المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم قد تناقض مع نفسه ونص علي انه لا يعتبر الإشكال أثناء التنفيذ طريقا للتظلم ولا يترتب عليه وقف التنفيذ[2]0فمادام السيد المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم قد اعتبر قرارات الحيازة من السندات التنفيذية والتي تنفذ جبرا بواسطة المحضرين وتزيل بالصيغة التنفيذية فكان لزاما عليه ألا ينص في كتابه الدوري علي أن الإشكال في قرارات الحيازة لا يترتب عليه وقف التنفيذ لانه بذلك يكون قد تناقض مع نفسه0
فضلا عن ذلك فان الفقه قد اتفق أيضا علي جواز الاستشكال في أحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة كون أحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة من السندات التنفيذية بصريح نص المادة 280/2 مرافعات0ذلك أدى إلى وجود اختلاف في إجراءات التنفيذ فيما ما بين قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم في قرارات الحيازة 0
ذلك بالرغم من أن طبيعة المنازعة في قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم واحدة لم تتغير0
فضلا عن التناقض في التطبيق العملي لتنفيذ قرارات الحيازة الناتج عن قرارات مساعد وزير العدل لشئون المحاكم كونه اعتبر قرارات الحيازة من السندات التنفيذية ثم اعتبر الإشكال في قرارات الحيازة لا يترتب عليه وقف التنفيذ 0
بالإضافة إلى ذلك فانه بالرغم من أن محل قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم في هذه القرارات هو الحيازة والتي تسقط بمضي المدة بمرور عام من عدم السيطرة عليها إذا كان ذلك ناشئا بسبب حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز أو دون علمه وذلك وفق نص المادة 957 من القانون المدني بل أن الحيازة ذاتها يتم اكتسابها بمضي المدة بمرور عام من بدايتها بشروط معينة وبالرغم من أن الحماية التي قررتها المادة 44 مكررا من قانون المرافعات للحيازة هي حماية مؤقتة والقرارات والأحكام الصادرة بناء عليها تصدر بصفة مؤقتة مع عدم المساس بأصل الحق وبالتالي فهذه القرارات والأحكام الصادرة في التظلم فيها لا تحوز حجية الأمر المقضي فيما تناولته هذه الأحكام وتلك القرارات مما سوف يؤدي إلى مشاكل قانونية في حالة عدم التقدم لتنفيذ القرار أو الحكم الصادر في التظلم من صاحب المصلحة في التنفيذ لمدة تزيد علي عام من التاريخ الذي يصبح فيه القرار أو الحكم الصادر في التظلم نهائيا لانه سوف يؤدي ذلك إلى سقوط حق الصادر لصالحه القرار أو الحكم في الحيازة فضلا عن أن ذلك من الممكن أن يؤدي ذلك إلى اكتساب الخصم الصادر ضده القرار أو الحكم في التظلم لحيازة العقار محل الخصومة بوضع اليد0
مما كان يجب معه علي المشرع ان يقوم بالنص علي وجوب تقديم قرار الحيازة أو الحكم الصادر في التظلم للتنفيذ خلال مدة معينة من التاريخ الذي يصبح فيه القرار أو الحكم نهائيا وإلا سقط القرار أو الحكم الصادر في التظلم بمضي المدة تفاديا للمشكلات التي من الممكن أن تحدث بسبب ذلك والتي تنتج من سقوط الحق في تنفيذ القرار أو الحكم الصادر في التظلم بمضي المدة لسقوط الالتزام محل القرار أو الحكم0
كل ذلك جعل من الأهمية التعرض لهذه الخلافات والمتناقضات والمشاكل التي سبق الحديث عنها
والله ولي التوفيق
وسوف نقسم هذا البحث إلى ثلاثة فصول
الفصل الأول:- وسائل تنفيذ قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم فيها
ويتم تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين
المبحث الأول :- تنفيذ قرارات النيابة العامة بشأن الحيازة
المبحث الثاني :- تنفيذ الأحكام الصادرة في التظلم في قرارات الحيازة
الفصل الثاني:منازعات التنفيذ في قرارات الحيازةوفي الأحكام الصادرة في التظلم فيها
وهنا يتم تقسيم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث
المبحث الأول :- إمكانية الاستشكال في قرارات الحيازة
المبحث الثاني :- الاستشكال في الأحكام الصادرة في التظلم في قرارات الحيازة
المبحث الثالث :- وقف التنفيذ أثناء نظر التظلم في قرار الحيازة
الفصل الثالث:سقوط الحق في تنفيذ قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم فيها
ويتم تقسيم هذا الفصل الي ثلاثة مباحث
المبحث الأول :- أسباب سقوط الحق في التنفيذ
المبحث الثاني :- القواعد الخاصة بسقوط الحق في تنفيذ
المبحث الثالث :- إعمال الأثر المترتب علي سقوط الحق في التنفيذ
الفصل الأول
وسائل تنفيذ قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم فيها
أن الحديث عن تنفيذ قرارات الحيازة وأحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة يجب أن يتم الحديث عنه في مبحثين المبحث الأول عن تنفيذ قرارات النيابة العامة بشأن الحيازة والمبحث الثاني عن تنفيذ الأحكام الصادرة في التظلم في قرارات الحيازة ونعرض لكل مبحث منهما علي حدة بالترتيب ثم نعرض لرأي الباحث
المبحث الأول
تنفيذ قرارات النيابة العامة بشأن الحيازة
تنص المادة 44 مكررا من قانون المرافعات يجب علي النيابة العامة متي عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة مدنية كانت أو جنائية أن تصدر فيها قرارا وقتيا مسببا واجب التنفيذ فورا0
إلا أن النص لم يحدد كيفية تنفيذ قرارات الحيازة هل يتم تنفيذها بواسطة الشرطة تحت إشراف النيابة العامة أم يتم تنفيذها وفقا لاحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية بواسطة معاوني التنفيذ ( المحضرين )0
مما أدي إلى وجود انقسام في الفقه في كيفية تنفيذ قرارات الحيازة فاتجه رأي إلى وجوب تنفيذ قرارات النيابة العامة في الحيازة عن طريق النيابة العامة والشرطة بينما اتجه رأي آخر إلى وجوب تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لاحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية وسوف نعرض لكل اتجاه من الاتجاهين في مطلب ثم نعرض لرأي الباحث0
المطلب الأول
الاتجاه الأول :- تنفيذ قرارات الحيازة بواسطة الشرطة
هذا الاتجاه يري ضرورة تنفيذ قرارات الحيازة عن طريق الشرطة وليس عن طريق معاوني التنفيذ وذلك للاستفادة من الإجراءات السريعة الحاسمة التي تتمتع بها النيابة العامة في إصدار وتنفيذ قراراتها لذلك فان تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لهذا الاتجاه لا يكون وفقا لاحكام التنفيذ الجبري في قانون المرافعات وبالتالي لا يلزم إعلان السند التنفيذي للمنفذ ضده ولا يخضع التنفيذ لإشراف مدير إدارة التنفيذ أو قاضي التنفيذ
فيري أستاذنا الدكتور / فتحي والي بان قرار النيابة العامة يتم تنفيذه بمجرد صدوره وفقا لإجراءات تنفيذ قرارات النيابة العامة ,وليس وفقا لإجراءات التنفيذ الجبري في قانون المرافعات هذا ولو كانت المنازعة مدنية . ذلك أن الحكمة من إضفاء سلطة منح الحماية الوقتية للحيازة للنيابة العامة هي الاستفادة من الإجراءات السريعة الحاسمة التي تتمتع بها النيابة العامة في إصدار قراراتها [3]0
كما قد قيل تقتضي منازعات الحيازة التدخل الفوري للسلطة ممثلة في النيابة العامة لتصدر فيها قرارا يكون واجب التنفيذ فورا ولو باستعمال القوة الجبرية , ويتم التنفيذ عن طريق الشرطة وليس عن طريق المحضرين ولا يتوقف التنفيذ علي إعلان القرار وانما يجب ولو لم يكن قد تم إعلانه [4]0
المطلب الثاني
الاتجاه الثاني :- تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لقواعد التنفيذ الجبري في قانون المرافعات
علي عكس الرأي السابق فانه حسب هذا الاتجاه فان تنفيذ قرارات الحيازة يتم وفقا لإجراءات التنفيذ الجبري لقانون المرافعات المدنية والتجاريـة أي بواسطة معاوني التنفيذ ( المحضرين ) وذلك علي سند من أن القرارات الصادرة من النيابة العامة في الحيازة لا يخرج عن كونه قرارا قضائيا يفصل في خصومة مدنية 0
فقد ذهب أنصار هذا الرأي بأنه لما كان قرار النيابة الصادر في منازعة الحيازة قرارا قضائيا يفصل في خصومة ينظمها قانون المرافعات بموجب نص المادة 44 مكررا والذي جعل من هذا القرار من قبيل السندات التنفيذية المشمولة بالنفاذ المعجل بصريح النص الذي أوجب تنفيذه فورا دون أن يقرن ذلك بحكم خاص ينظم أوضاع تنفيذه ومن ثم لا يجوز تنفيذ القرار إلا بعد إعلانه قانونا إلى من صدر ضـده عملا بالمادة 281 مرافعات وان ما ورد بالنص من أن القرار واجب التنفيذ فورا تعبير لا يقصد به اكثر من النفاذ المعجل[5].
رأي الباحـــث
بعد استعراض الحجج والأسباب التي يستند إليها كل فريق من الاتجاهين السابق ذكرهما نري الأخذ بالاتجاه الثاني الذي يوجب تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لإجراءات التنفيذ الجبري لقانون المرافعات المدنية والتجاريـة بواسطة معاوني التنفيذ وذلك للأسباب التي ذكرها أنصار الاتجاه الثاني بالإضافة إلى الأسباب الآتية 0
أولا :- أن قانون المرافعات المدنية والتجارية هو القانون الإجرائي العام ويتم اللجوء إلى أحكامه عند خلو النص في أي قانون آخر0 فإذا كان المشرع لم يحدد في المادة 44 مكررا من قانون المرافعات كيفية تنفيذ قرارات الحيازة فانه يجب الرجوع إلى قواعد التنفيذ الجبري في قانون المرافعات بوصفه القانون الإجرائي العام 0
صحيح إن هذه القاعدة غير مطلقة كما استقر الفقه علي ذلك في انه لايتم اللجوء إلى قواعد قانون المرافعات باعتباره قانون إجرائي عام إلا في الحالة التي يكون فيها تطبيق أحكامه لا تتعارض مع وظيفة الجهة القضائية المطالبة بتنفيذه ومتسقة لاداء وظيفتها 0
ولما كان قرار النيابة العامة بشأن الحيازة هو قرارا قضائيا يفصل في خصومة مدنية ينظمها قانون المرافعات وبالتالي وجب الرجوع إلى قواعد التنفيذ الجبري في قانون المرافعات بشأن تنفيذ قرارات الحيازة0
ثانيا :- أن المشرع ذاته جعل مجال تطبيق أحكام التنظيم الجديد لمنازعات الحيازة قانون المرافعات وذلك بالنص علي هذا التنظيم الجديد بالمادة 44 مكررا من قانون المرافعات , معني ذلك أن المشرع عندما أراد أن يضع نظاما جديدا لمنازعات الحيازة أراد أن يكون مجال تطبيقه أحكامه قانون المرافعات المدنية والتجارية وبالتالي فان كل ما يتعلق بما جاء بقرارات الحيازة يجب أن يكون مجاله قانون المرافعات المدنية والتجارية بما فيه قواعد التنفيذ الجبري وذلك تمشيا مع إرادة المشرع0
وهذا ما عبرت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1992بأن المشرع لم يحسم الخلاف الذي ثار بين جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي حول تحديد الجهة المختصة منها بنظر التظلم من قرار النيابة الوقتي حول الحيازة إذا صدر في منازعة مدنية بحتة ليست فيها شبهة اتهام جنائي , لهذه الاعتبارات فقد عالج المشرع الأمر علي وجه يحسم الخلاف في شان هذه المسائل ويسهل الأمر علي القضاة والمتنازعين في جلاء ووضوح , فوضع تنظيما جديدا لمنازعات الحيازة يكون مجاله قانون المرافعات المدنية والتجارية برقم 44 مكررا أوجب فيها علي النيابة العامة متي عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة أن تصدر فيها قرارا وقتيا واجب التنفيذ فورا سواء كانت مدنية بحتة أو جنائية[6]0
فلو أراد المشرع أن يكون مجال تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لقرارات النيابة العامة بواسطة الشرطة مثل تنفيذ الأحكام الجنائية لنص علي التنظيم الجديد لمنازعات الحيازة
في قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن مجال تطبيق أحكام النظام الجديد في التنفيذ ليس قانون المرافعات المدنية والتجارية وإنما قانون الإجراءات الجنائية علي اعتبار انه يخضع في تنفيذه لذات الأحكام والإجراءات التي يخضع لها تنفيذ الأحكام الجنائية التي تخضع في تنفيذها لقانون الإجراءات الجنائية
تنفيذ
قرارات الحيازة
أيمن حجاج العوادلي
المحامـــــــي
بالاستئناف العالي ومجلس الدولة
ماجستير في القانون
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا محمد الهادي إلى صراط مستقيم
وبعـد
أن تنفيذ قرارات الحيازة من المسائل التي ثار فيها الخلاف حول كيفية تنفيذها من اكثر من ناحية فقد ثار الخلاف حول تحديد طبيعة قرارات الحيازة هل تعد من السندات التنفيذية أم لاتعد من السندات التنفيذية وهل يجب وضع الصيغة التنفيذية علي قرارات الحيازة أم لا وهل يلزم إعلان قرار الحيازة قبل التنفيذ من عدمه0
وقد أدى الخلاف حول اعتبار قرارات الحيازة من السندات التنفيذية أم انها لا تعتبر كذلك إلى الاختلاف حول كيفية تنفيذ قرارات الحيازة هل تنفذ بواسطة الشرطة تبعا لأسلوب تنفيذ قرارات النيابة العامة أم يتم تنفيذها بواسطة معاوني التنفيذ وتحت إشراف مدير إدارة التنفيذ 0
إلا أن هذا الخلاف لا يكاد يكون له صدي في تحديد كيفية تنفيذ أحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة , بل يكاد هناك شبه إجماع علي أن تنفيذ أحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة يتم وفقا لقواعد التنفيذ الجبري في قانون المرافعات المدنية والتجارية علما بان طبيعة المنازعة محل قرارات الحيازة والتظلم واحدة لم تتغير0
بالإضافة إلى ذلك فان هذا الخلاف أدى إلى الاختلاف حول جواز الاستشكال في قرارات الحيازة من عدمه وحول ما إذا كان الإشكال في قرار الحيازة يؤدي إلى وقف تنفيذ قرار الحيازة من عدمه استنادا للأثر الواقف للإشكال0
وقد انعكس اثر هذا الخلاف في التطبيق العملي لتنفيذ قرارات الحيازة فالتطبيق العملي لتنفيذ قرارات الحيازة أدى إلى وجود تناقض في التنفيذ فبالرغم من أن الكتاب الدوري للنائب العام جعل الاختصاص بتنفيذ قرارات الحيازة للمحضرين وأوجب وضع الصيغة التنفيذية علي قرارات الحيازة قبل إعلانها لذوي الشان معني ذلك انه اعتبر قرارات الحيازة من السندات التنفيذية التي يخضع تنفيذها لاحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية , فضلا عن أن الكتاب الدوري رقم 6 محضرين الصادر من المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم الصادر في 2/11/ 1992 نص علي أن تنفيذ القرارات الوقتية الصادرة من النيابة العامة في منازعات الحيازة المدنية أو الجنائية يقوم بها المحضرون تطبيقا للمادة 44مكررا من قانون المرافعات علي أن تزيل بالصيغة التنفيذية المنصوص عليها في المادة 280/3 مرافعات [1]
وبالتالي فان الكتاب الدوري للنائب العام والكتاب الدوري لمساعد وزير العدل لشئون المحاكم قد اعتبرا قرارات الحيازة من السندات التنفيذية كونها تنفذ جبرا عن طريق المحضرين وتزيل بالصيغة التنفيذية0 إلا أن الكتاب الدوري رقم 6 لسنة 1992محضرين الصادر من المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم قد تناقض مع نفسه ونص علي انه لا يعتبر الإشكال أثناء التنفيذ طريقا للتظلم ولا يترتب عليه وقف التنفيذ[2]0فمادام السيد المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم قد اعتبر قرارات الحيازة من السندات التنفيذية والتي تنفذ جبرا بواسطة المحضرين وتزيل بالصيغة التنفيذية فكان لزاما عليه ألا ينص في كتابه الدوري علي أن الإشكال في قرارات الحيازة لا يترتب عليه وقف التنفيذ لانه بذلك يكون قد تناقض مع نفسه0
فضلا عن ذلك فان الفقه قد اتفق أيضا علي جواز الاستشكال في أحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة كون أحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة من السندات التنفيذية بصريح نص المادة 280/2 مرافعات0ذلك أدى إلى وجود اختلاف في إجراءات التنفيذ فيما ما بين قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم في قرارات الحيازة 0
ذلك بالرغم من أن طبيعة المنازعة في قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم واحدة لم تتغير0
فضلا عن التناقض في التطبيق العملي لتنفيذ قرارات الحيازة الناتج عن قرارات مساعد وزير العدل لشئون المحاكم كونه اعتبر قرارات الحيازة من السندات التنفيذية ثم اعتبر الإشكال في قرارات الحيازة لا يترتب عليه وقف التنفيذ 0
بالإضافة إلى ذلك فانه بالرغم من أن محل قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم في هذه القرارات هو الحيازة والتي تسقط بمضي المدة بمرور عام من عدم السيطرة عليها إذا كان ذلك ناشئا بسبب حيازة جديدة وقعت رغم إرادة الحائز أو دون علمه وذلك وفق نص المادة 957 من القانون المدني بل أن الحيازة ذاتها يتم اكتسابها بمضي المدة بمرور عام من بدايتها بشروط معينة وبالرغم من أن الحماية التي قررتها المادة 44 مكررا من قانون المرافعات للحيازة هي حماية مؤقتة والقرارات والأحكام الصادرة بناء عليها تصدر بصفة مؤقتة مع عدم المساس بأصل الحق وبالتالي فهذه القرارات والأحكام الصادرة في التظلم فيها لا تحوز حجية الأمر المقضي فيما تناولته هذه الأحكام وتلك القرارات مما سوف يؤدي إلى مشاكل قانونية في حالة عدم التقدم لتنفيذ القرار أو الحكم الصادر في التظلم من صاحب المصلحة في التنفيذ لمدة تزيد علي عام من التاريخ الذي يصبح فيه القرار أو الحكم الصادر في التظلم نهائيا لانه سوف يؤدي ذلك إلى سقوط حق الصادر لصالحه القرار أو الحكم في الحيازة فضلا عن أن ذلك من الممكن أن يؤدي ذلك إلى اكتساب الخصم الصادر ضده القرار أو الحكم في التظلم لحيازة العقار محل الخصومة بوضع اليد0
مما كان يجب معه علي المشرع ان يقوم بالنص علي وجوب تقديم قرار الحيازة أو الحكم الصادر في التظلم للتنفيذ خلال مدة معينة من التاريخ الذي يصبح فيه القرار أو الحكم نهائيا وإلا سقط القرار أو الحكم الصادر في التظلم بمضي المدة تفاديا للمشكلات التي من الممكن أن تحدث بسبب ذلك والتي تنتج من سقوط الحق في تنفيذ القرار أو الحكم الصادر في التظلم بمضي المدة لسقوط الالتزام محل القرار أو الحكم0
كل ذلك جعل من الأهمية التعرض لهذه الخلافات والمتناقضات والمشاكل التي سبق الحديث عنها
والله ولي التوفيق
وسوف نقسم هذا البحث إلى ثلاثة فصول
الفصل الأول:- وسائل تنفيذ قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم فيها
ويتم تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين
المبحث الأول :- تنفيذ قرارات النيابة العامة بشأن الحيازة
المبحث الثاني :- تنفيذ الأحكام الصادرة في التظلم في قرارات الحيازة
الفصل الثاني:منازعات التنفيذ في قرارات الحيازةوفي الأحكام الصادرة في التظلم فيها
وهنا يتم تقسيم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث
المبحث الأول :- إمكانية الاستشكال في قرارات الحيازة
المبحث الثاني :- الاستشكال في الأحكام الصادرة في التظلم في قرارات الحيازة
المبحث الثالث :- وقف التنفيذ أثناء نظر التظلم في قرار الحيازة
الفصل الثالث:سقوط الحق في تنفيذ قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم فيها
ويتم تقسيم هذا الفصل الي ثلاثة مباحث
المبحث الأول :- أسباب سقوط الحق في التنفيذ
المبحث الثاني :- القواعد الخاصة بسقوط الحق في تنفيذ
المبحث الثالث :- إعمال الأثر المترتب علي سقوط الحق في التنفيذ
الفصل الأول
وسائل تنفيذ قرارات الحيازة والأحكام الصادرة في التظلم فيها
أن الحديث عن تنفيذ قرارات الحيازة وأحكام القاضي المختص بالأمور المستعجلة في التظلم في قرارات الحيازة يجب أن يتم الحديث عنه في مبحثين المبحث الأول عن تنفيذ قرارات النيابة العامة بشأن الحيازة والمبحث الثاني عن تنفيذ الأحكام الصادرة في التظلم في قرارات الحيازة ونعرض لكل مبحث منهما علي حدة بالترتيب ثم نعرض لرأي الباحث
المبحث الأول
تنفيذ قرارات النيابة العامة بشأن الحيازة
تنص المادة 44 مكررا من قانون المرافعات يجب علي النيابة العامة متي عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة مدنية كانت أو جنائية أن تصدر فيها قرارا وقتيا مسببا واجب التنفيذ فورا0
إلا أن النص لم يحدد كيفية تنفيذ قرارات الحيازة هل يتم تنفيذها بواسطة الشرطة تحت إشراف النيابة العامة أم يتم تنفيذها وفقا لاحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية بواسطة معاوني التنفيذ ( المحضرين )0
مما أدي إلى وجود انقسام في الفقه في كيفية تنفيذ قرارات الحيازة فاتجه رأي إلى وجوب تنفيذ قرارات النيابة العامة في الحيازة عن طريق النيابة العامة والشرطة بينما اتجه رأي آخر إلى وجوب تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لاحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية وسوف نعرض لكل اتجاه من الاتجاهين في مطلب ثم نعرض لرأي الباحث0
المطلب الأول
الاتجاه الأول :- تنفيذ قرارات الحيازة بواسطة الشرطة
هذا الاتجاه يري ضرورة تنفيذ قرارات الحيازة عن طريق الشرطة وليس عن طريق معاوني التنفيذ وذلك للاستفادة من الإجراءات السريعة الحاسمة التي تتمتع بها النيابة العامة في إصدار وتنفيذ قراراتها لذلك فان تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لهذا الاتجاه لا يكون وفقا لاحكام التنفيذ الجبري في قانون المرافعات وبالتالي لا يلزم إعلان السند التنفيذي للمنفذ ضده ولا يخضع التنفيذ لإشراف مدير إدارة التنفيذ أو قاضي التنفيذ
فيري أستاذنا الدكتور / فتحي والي بان قرار النيابة العامة يتم تنفيذه بمجرد صدوره وفقا لإجراءات تنفيذ قرارات النيابة العامة ,وليس وفقا لإجراءات التنفيذ الجبري في قانون المرافعات هذا ولو كانت المنازعة مدنية . ذلك أن الحكمة من إضفاء سلطة منح الحماية الوقتية للحيازة للنيابة العامة هي الاستفادة من الإجراءات السريعة الحاسمة التي تتمتع بها النيابة العامة في إصدار قراراتها [3]0
كما قد قيل تقتضي منازعات الحيازة التدخل الفوري للسلطة ممثلة في النيابة العامة لتصدر فيها قرارا يكون واجب التنفيذ فورا ولو باستعمال القوة الجبرية , ويتم التنفيذ عن طريق الشرطة وليس عن طريق المحضرين ولا يتوقف التنفيذ علي إعلان القرار وانما يجب ولو لم يكن قد تم إعلانه [4]0
المطلب الثاني
الاتجاه الثاني :- تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لقواعد التنفيذ الجبري في قانون المرافعات
علي عكس الرأي السابق فانه حسب هذا الاتجاه فان تنفيذ قرارات الحيازة يتم وفقا لإجراءات التنفيذ الجبري لقانون المرافعات المدنية والتجاريـة أي بواسطة معاوني التنفيذ ( المحضرين ) وذلك علي سند من أن القرارات الصادرة من النيابة العامة في الحيازة لا يخرج عن كونه قرارا قضائيا يفصل في خصومة مدنية 0
فقد ذهب أنصار هذا الرأي بأنه لما كان قرار النيابة الصادر في منازعة الحيازة قرارا قضائيا يفصل في خصومة ينظمها قانون المرافعات بموجب نص المادة 44 مكررا والذي جعل من هذا القرار من قبيل السندات التنفيذية المشمولة بالنفاذ المعجل بصريح النص الذي أوجب تنفيذه فورا دون أن يقرن ذلك بحكم خاص ينظم أوضاع تنفيذه ومن ثم لا يجوز تنفيذ القرار إلا بعد إعلانه قانونا إلى من صدر ضـده عملا بالمادة 281 مرافعات وان ما ورد بالنص من أن القرار واجب التنفيذ فورا تعبير لا يقصد به اكثر من النفاذ المعجل[5].
رأي الباحـــث
بعد استعراض الحجج والأسباب التي يستند إليها كل فريق من الاتجاهين السابق ذكرهما نري الأخذ بالاتجاه الثاني الذي يوجب تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لإجراءات التنفيذ الجبري لقانون المرافعات المدنية والتجاريـة بواسطة معاوني التنفيذ وذلك للأسباب التي ذكرها أنصار الاتجاه الثاني بالإضافة إلى الأسباب الآتية 0
أولا :- أن قانون المرافعات المدنية والتجارية هو القانون الإجرائي العام ويتم اللجوء إلى أحكامه عند خلو النص في أي قانون آخر0 فإذا كان المشرع لم يحدد في المادة 44 مكررا من قانون المرافعات كيفية تنفيذ قرارات الحيازة فانه يجب الرجوع إلى قواعد التنفيذ الجبري في قانون المرافعات بوصفه القانون الإجرائي العام 0
صحيح إن هذه القاعدة غير مطلقة كما استقر الفقه علي ذلك في انه لايتم اللجوء إلى قواعد قانون المرافعات باعتباره قانون إجرائي عام إلا في الحالة التي يكون فيها تطبيق أحكامه لا تتعارض مع وظيفة الجهة القضائية المطالبة بتنفيذه ومتسقة لاداء وظيفتها 0
ولما كان قرار النيابة العامة بشأن الحيازة هو قرارا قضائيا يفصل في خصومة مدنية ينظمها قانون المرافعات وبالتالي وجب الرجوع إلى قواعد التنفيذ الجبري في قانون المرافعات بشأن تنفيذ قرارات الحيازة0
ثانيا :- أن المشرع ذاته جعل مجال تطبيق أحكام التنظيم الجديد لمنازعات الحيازة قانون المرافعات وذلك بالنص علي هذا التنظيم الجديد بالمادة 44 مكررا من قانون المرافعات , معني ذلك أن المشرع عندما أراد أن يضع نظاما جديدا لمنازعات الحيازة أراد أن يكون مجال تطبيقه أحكامه قانون المرافعات المدنية والتجارية وبالتالي فان كل ما يتعلق بما جاء بقرارات الحيازة يجب أن يكون مجاله قانون المرافعات المدنية والتجارية بما فيه قواعد التنفيذ الجبري وذلك تمشيا مع إرادة المشرع0
وهذا ما عبرت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 23 لسنة 1992بأن المشرع لم يحسم الخلاف الذي ثار بين جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي حول تحديد الجهة المختصة منها بنظر التظلم من قرار النيابة الوقتي حول الحيازة إذا صدر في منازعة مدنية بحتة ليست فيها شبهة اتهام جنائي , لهذه الاعتبارات فقد عالج المشرع الأمر علي وجه يحسم الخلاف في شان هذه المسائل ويسهل الأمر علي القضاة والمتنازعين في جلاء ووضوح , فوضع تنظيما جديدا لمنازعات الحيازة يكون مجاله قانون المرافعات المدنية والتجارية برقم 44 مكررا أوجب فيها علي النيابة العامة متي عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة أن تصدر فيها قرارا وقتيا واجب التنفيذ فورا سواء كانت مدنية بحتة أو جنائية[6]0
فلو أراد المشرع أن يكون مجال تنفيذ قرارات الحيازة وفقا لقرارات النيابة العامة بواسطة الشرطة مثل تنفيذ الأحكام الجنائية لنص علي التنظيم الجديد لمنازعات الحيازة
في قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن مجال تطبيق أحكام النظام الجديد في التنفيذ ليس قانون المرافعات المدنية والتجارية وإنما قانون الإجراءات الجنائية علي اعتبار انه يخضع في تنفيذه لذات الأحكام والإجراءات التي يخضع لها تنفيذ الأحكام الجنائية التي تخضع في تنفيذها لقانون الإجراءات الجنائية