أودعت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة برئاسة المستشار محمد الحسينى رئيس المجلس، حيثيات حكمها الذى أصدرته مؤخرا، وأيدت فيه قرار الحكومة بتصدير الغاز إلى إسرائيل باعتبار ذلك الأمر عملا من أعمال سيادة الدولة ويتعلق بالأمن القومى المصرى، مع إلزام الحكومة بوضع آلية مراجعة دورية للكميات والأسعار خلال مدة التعاقد بما يحقق الصالح العام المصرى، وضمانا لتوفير الاحتياجات المحلية ومراجعة الحدين الأدنى والأعلى للأسعار بصفة مستمرة وفقا لتطورات أسعار السوق العالمى.
وألغت المحكمة الإدارية العليا بحكمها بهذا الشأن الحكم السابق إصداره من محكمة القضاء الإدارى الذى كان قد قضى بوقف تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل، بأسعار تفضيلية. وضمت هيئة المحكمة التى أصدرت الحكم فى عضويتها المستشارين نواب رئيس مجلس الدولة، مجدى العجاتى والدكتور سامى حامد وعادل بريك وصلاح الجروانى.
وأكدت المحكمة، فى حيثيات حكمها التى وقعت فى 20 ورقة، أن الموافقة الصادرة عن السلطة السياسية العليا بالدولة بتصدير الغاز الزائد عن حاجة الشعب المصرى لإسرائيل، تعد صادرة من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم لتنظيم علاقاتها الدولية، ومن ثم فإنها تخرج عن رقابة وولاية القضاء.
وأوضحت المحكمة أنه بالنسبة لما صدر عن مجلس الوزراء عام 2000 ثم وزير البترول عام 2004 بالتفويض فى إجراءات التعاقد مع شركة البحر الأبيض المتوسط لتصدير الغاز الطبيعى مع الشركات الواقعة فى منطقة البحر الأبيض المتوسط لتصدير الغاز إلى تلك المنطقة وأوروبا، بما فيها شركة كهرباء إسرائيل، فإن هذين القرارين صدرا من سلطة وطنية ووفقا للتشريعات المصرية ومن ثم يشكلان قرارين إداريين قابلين للانفصال عن عمل السيادة المشار إليه، ويخضعان للرقابة القضائية لمحاكم مجلس الدولة.
وقالت المحكمة إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن الاتفاقيات الدولية التى تتمخض عن أعمال تجارية تخضع لرقابة القضاء لعدم اعتبارها أعمال سيادة تنحسر عنها الرقابة القضائية، مضيفة أن حكم محكمة القضاء الإدارى بوقف تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل خالف القانون ويتعين إلغاؤه لأن المحكمة غير مختصة بنظر هذا القرار - قرار تصدير الغاز - باعتباره عملا من أعمال السيادة، مؤكدة فى ذات الوقت أن محاكم مجلس الدولة مختصة بالنظر فى القرار الإدارى المتعلق بتحديد كمية وسعر الغاز الذى يتم تصديره إلى إسرائيل.
وأضافت المحكمة، فى حيثيات حكمها، أن بيع الغاز الطبيعى المصرى إلى إسرائيل يتم بثمن لا يتناسب مع السعر العالمى، وهو ما يؤدى إلى إهدار جزء من ثروات مصر وعوائدها التى كان من شأنها المساهمة فى زيادة مستوى المعيشة وتحسين الدخل، ومن ثم أصبح لمقيمى الدعوى صفة فى إقامتها لما لهم ولغيرهم من مصلحة جدية فى المطالبة بتعديل هذه الأسعار مراعاة للصالح العام.
وأوضحت المحكمة أنه ثبت لديها أن كمية الغاز الطبيعى الذى يتم تصديره للأسواق المستهلكة بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وأوروبا تقدر بسبعة بلايين متر مكعب سنويا وتزداد فى حالة وجود فائض، أى أن الحد الأدنى للتصدير ثابت ومحدد بالكمية المذكورة وأن زيادتها فقط هى المشروطة بوجود فائض، كذلك تم تحديد سعر التصدير بحدين أدنى 0.25 دولار أمريكى/مليون وحدة حرارية بريطانية، وأقصى 0.75 دولار أمريكى/مليون وحدة حرارية بريطانية، أو 1.5 دولار أمريكى/ مليون وحدة حرارية بريطانية فى حالة وصول سعر خام برنت إلى 35 دولارا أمريكيا/ برميل أو أكثر.