إشهار الزواج
المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر.
مايو 1997
المبدأ : القرآن والسنة.
سئل :
جاء فى بعض الأحاديث الأمر بإعلان الزواج وضرب الدفوف ، فهل معنى ذلك أن الزوج لو لم يكن قادرا على الإعلان واكتفى بالعقد الشرعي الموثق والمشهود عليه لا يصح زواجه ؟.
أجاب :
المطلوب فى عقـد الزواج هو الأشهاد عليه بشـاهدين عدلين ، وذلك عند سماع الإيجاب والقبول من الزوج والزوجة أو من ينوب عنهما، وهذا الأشهاد كـاف فى صحة العقد، واقتضت النظم العصرية أن يوثق ذلك رسميا حتى لا يكون هناك إنكار، وحتى تضمن حقوق الزوجين والأولاد ، وبخاصـة عند ضعف روح التدين وطهارة ا لذمم. أما الإعلان والإشهار، بحضور عدد كبير أو بعمل وليمة أو حفل أو إعلان فى وسائل الإعلام فذلك سنة ، ليشيع العلم بهذا الزواج بين كثير من الناس ، ولا يشكوا فى علاقة الـرجل بالمرأة ولا بالنسل المتولـد منهما ، والحـديث الشريف يقول أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدفوف واجعلوه فى المساجد رواه الترمذى وحسنه ، لكن ضعفه البيهقى ، وهو وإن كان ضعيفا ، فهو يدعو إلى الإشهار بالوسائل المتاحة. ومنها الضرب بالدفوف واجتماع كثير من الناس فى مسجد أو نادٍ أو أى مكان آخر مع الحفاظ على كل الآداب. ولم يشترط لصحة العقد الإشهار والإعلان إلا الإمام مالك ، الذى قال : إن العقد بدون الشاهدين صحيح ، فهما شرط لصحة الدخول فى أحد قولين له ، والإعلان كـاف عنهما ، على أن يكون الإعلان وقت العقد ولا يجوز تأخيره وإن أجازه البعض. يراجع تفصيل ذلك فى الجزء الأول من موسوعة : الأسرة تحت رعاية الإسلام ص 341 .
البكر والثيب
المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر.
مايو 1997
المبدأ : القرآن والسنة.
سئل :
ما هو الحد الفاصل بين البكر والثيب وأحكام كل منهما ؟.
أجاب :
البكر هي المرأة التى لم تزل بكارتها بوطء حلال أو شبهة أو زنا والثيب هي التى زالت بكارتها بشىء من ذلك ، والبكارة هي الغشاء الخاص الموجود فى فرج المرأة، جاء فى “كفاية الأخيار “ فى فقه الشافعية “ج 2 ص 47 “ أن الثيوبة لو حصلت بالسقطة أو بإصبع أو حدة الطمث وهو الحيض ، أو طول التعنيس ، وهو بقاوها زمانا بعد أن بلغت حد التزويج ولم تزوج فالصحيح أنها كالأبكار، ولو وطئت مكرهة أو نائمة أو مجنونة فالأصح أنها كالثيب ، وقيل كالبكر، ولو خلقت بدون بكارة فهي بكر. وجاء فى المصدر نفسه أن المرأة لو ادعت البكارة أو الثيوبة فالصيمرى والماوردى قطعا بأن القول قولها ، ولا يكشف حالها ، لأنها أعلم ،
قال الماوردى :
ولا تسأل عن الوطء ولا يشترط أن يكون لها زوج ، قال الشاشى : وفى هذا نظر، لأنها ربما أذهبت بكارتها بأصابعها ،فله أن يسألها ، فإن اتهمها حلَّفها. قلت : طبع النساء نزاع إلى ادعاء نفى ما يجر إلى العار، فينبغى مراجعة القوابل فى ذلك وإن كان الأصل البكارة ، لأن الزمان قد كثر فساده فلابد من مراجعة القوابل ولا يكفى السكوت ، احتياطا للأبضاع والأنساب ومن أهم الأحكام المترتبة على ذلك أن البكر عندما تستأذن فى الزواج يكفى سكوتها ، أما الثيب فلابد من نطقها بالقبول أو الرفض ، روى مسلم أن النبي قال : “الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها “. ومن الأحكام أن الزوج لو تزوج بأخرى خصها بسبع ليال إن كانت بكرا ، أما إن كانت ثيبا فيخصها بثلاث ليال فقط ، ثم يسوى بين الجميع بعد ذلك فى القَسْمِ ، لقول أنس رضى الله عنه من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا ثم قسم ، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم قال أبو قلابة : لو شئت لقلت : إن أنَسًا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه البخاري ومسلم. ولو تزوج المرأة على أنها بكر فبانت ثيبا فالنكاح صحيح ، وهو بالخيار إن شاء أمسك وإن شاء طلق ، مع العلم بأن كتمانها ذلك حرام ، لأنه غش والغش حرام.
الشبكة عند فسخ الخطبة
المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر.
مايو 1997
المبدأ : القرآن والسنة.
سئل :
إذا فسخت الخطبة قبل عقد الزواج فهل للخطيب أن يطلب ما دفعه للخطيبة من شبكة وخلافها ؟.
أجاب :
الشبكة فى بعض الأعراف هدية لا يساوم عليها فهي غير المهر تماما ، وهنا إذا فسخت الخطبة فلا حق للخاطب فيها لأن الهدية تملك بالتسليم ، وفى بعض الأعراف تكون الشبكة من ضمن المهر ، يساوم عليها ، فإن كانت كبيرة يخفف عن الخاطب المهر ، وإن كانت صغيرة زيد فى المهر ، فإذا فسخت الخطبة أى قبل العقد ردت الشبكة إلى الخاطب لعدم تمام الموضوع الذى قدمت من أجله ، سواء أكان الفسخ من جهته أم من جهتها بهذا حكمت بعض المحاكم المصرية ، وحكمت محاكم أخرى بأن الفسخ إذا كان من جهة الخاطب لا تسترد الشبكة ، ووجهة النظر أن الشبكة هدية إذا قبضت لا يجوز استردادها فالراجع فى هبته كالكلب الراجع فى قيئه كما فى الحديث ، لكن إذا كان العرف يعتبرها جزءا من المهر فتكون من حق الخاطب. وننصح بأن الفسخ إذا كان من جهة الخاطب واستحق الشبكة أن يعوضها ما قد تكلفته من نفقات فى مثل حفل الخطبة أو غيرها ، كما ننصح بعدم تعجل المخطوبة فى التزامات مالية وغيرها أملا فى إتمام الزواج ، فإن فترة الخطبة بمثابة دراسة يتقرر بعدها الزواج أو عدمه ، حيث يكون لكل منهما الحق فى فسخ الخطبة ، ومن أراد التوسعة فليرجع إلى الجزء الأول من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام
الصداق
المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر.
مايو 1997
المبدأ : القرآن والسنة.
سئل :
هل فى الإسلام شىء عن مؤخر ومقدم الصداق ، وما رأى الدين فى حالة تنازل المرأة عنه ، وما حكم المغالاة فى المهور ؟.
أجاب :
الصداق عِوَض يدفع للمرأة عند النكاح ، وهو ملك لها لا يجوز لوليها أو زوجها أن يأخذ شيئا منه إلا برضاها ، كما قال تعالى(وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شىء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) النساء : 4 ، وقال (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا “ وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا) النساء: 20، 21 المهر يجوز أن يدفع مرة واحدة ، وأن يدفع على أقساط ، وذلك حسب الاتفاق وهو يجب بمجرد العقد ويتأكد بالدخول ، ولو طلقها قبل الدخول كان لها النصف ، كما قال تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح )البقرة : 337 ، أما الطلاق بعد الدخول فلا يبيح له استرداد شيء منه ، وما دام المهر ملكا للزوجة فهي حرة التصرف فيه ما دامت عاقلة رشيدة ، ويجوز لها أن تتنازل عنه كله أو بعضه ،. كما تنص عليه الآية المذكورة، وكما يجوز عند الخلع أن تتنازل عنه كله أو بعضه بل تعطيه أكثر مما دفع كما ذهب إليه بعض الفقهاء ، ودليله حديث حبيبة بنت سهل الأنصارية وقد اختلعت من زوجها ثابت بن قيس وردت إليه مهرها وهو حديقة أو حديقتان على خلاف فى الروايات وكان ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري ، وذلك بعد قوله تعالى(ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) البقرة : 229. وليس للصداق حد أدنى فيجوز أن يكون بكل ما يُموَّل، لحديث التمس ولو خاتما من حديد ورأى بعض الفقهاء ألا يقل عن ربع دينار، وبعضهم ألا يقل عن عشرة دراهم ، بل يجوز أن يكون منفعة. ولا حد لأكثره بدليل آية{وآتيتم إحداهن قنطارا وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عدم المغالاة فيه ، فقد روى أحمد والبيهقى بإسناد جيد حديث من يمن المرأة أن تتيسر خطبتها وأن يتيسر صداقها وأن يتيسر رحمها يعنى بالولادة، ولم يرض لفقير أن يكلف نفسه فوق طاقته فيدفع مهرا كبيرا بالنسبة إليه ، فقد روى مسلم حديث الرجل الذى تزوج على أربع أواق فاستنكره النبي صلى الله عليه وسلم وقال كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ، ما عندنا ما نعطيك ، ولكن عسى أن نبعثك فى بعث تصيب منه... فالمدار كله على طاقة الزوج والناس مختلفون فى ذلك ، والغالب أن المغالاة فى المهور تكون من جهة الزوجة ، إلى جانب ما يطلب من شبكة وهدايا ومصاريف أخرى ، وهو أمر له نتائجه الخطيرة ، فهو يقلل من الإقبال على الزواج وبخاصة فى الظروف الاقتصادية الحرجة ولو استدان الزوج قد يعجز عن الوفاء ، وذلك له أثره على حياتها الزوجية، قد يحس بالنفور والامتعاض من الزوجة التى تسببت له فى الهم بالليل والذل بالنهار. ومن أجل هذا نهى عمر عن المغالاة فى المهور بما يشبه أن يكون قرارا يسرى على الجميع ، غير أن امرأة ذكرته بقوله تعالى : (وآتيتم إحداهن قنطارا ) فرجع عن فكرته ومن الواجب أن يكون هناك تعاون بين الطرفين فى تيسير أمر الزواج بل على المجتمع ممثلا فى المسئولين أن يتدخل من أجل مصلحة الجميع
الولي فى الزواج
المفتى : فضيلة الشيخ عطية صقر.
مايو 1997
المبدأ :
القرآن والسنة.
سئل :
ما حكم الدين فى المرأة التى تزوج نفسها دون وليها ؟.
أجاب :
مما درج عليه الناس من قديم الزمان أن تكون هناك كفاءة بين الزوجين ، ومن هنا وجد الاختيار فى قبول أحد الطرفين للآخر عند الخطبة، والمقياس الأول للكفاءة هو الدين الذى يليه فى المرتبة الأخلاق ، وما بعدها يترك للعوامل التى تختلف زمانا ومكانا. والذي يزن ذلك هو العاقل الحكيم الذى يزن الأمور بميزان العقل البعيد عن حدة العواطف ، وذلك أحرى بالرجال إلى حد كبير، دون إغفال للناحية العاطفية عند المرأة ، فلابد من إشراكها فى الاختيار أيضا ، وبهذا الاشتراك يوجد نوع من التوازن فى تقدير كفاءة الزوج. وللعلماء فى تقدير الكفاءة وجهان : أحدهما أنها شرط لصحة النكاح متى فقدت بطل العقد، وهو قول الشافعية وأحد الروايتين عن أحمد ، وبه قال أبو حنيفة إذا زوجت العاقلة نفسها ولها ولى عاصب لم يرض بالزواج قبل العقد ، والوجه الثانى أنها شرط للزوم النكاح ، فيصح العقد بدونها ويثبت الخيار، وهو الرواية الثانية عن أحمد ، والكفاءة بهذا حق للأولياء كما أنها حق للمرأة. ومن هنا شرعت استشارة البنت ، واحترام رأيها وجاءت فى ذلك نصوص منها : ما رواه مسلم “لا تُنكح الأيم حتى تُستأمر ولا تنكح البكر حتى تُستأذن “ قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال “أن تسكت “ وفى رواية “الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تُستأمر وأذنها سكوتها” ومما يدل على تأكدها حديث البخاري أن خنساء بنت خدام زوَّجها أبوها وهى كارهة وكانت ثيبا فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فردَّ نكاحها ، وفى رواية أحمد والنسائى وابن ماجه أن خنساء أو غيرها قالت للرسول –إن أبى زوجنى من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته ، فجعل النبي الأمر إليها –أى الخيار-فلما رأت ذلك قالت : أجزت ما صنع أبى ولكن أردت أن أعلم النساء أنه ليس للآباء من الأمر شيء. وكانت الأََمَة “بريرة “ متزوجة من العبد “مغيث “ فلما عتقت لم ترض أن تبقى معه لعدم التكافؤ، ولم ترض بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم حين تدخل بينهما ، وفى مصنف عبد الرزاق أن امرأة مات زوجها فى غزوة أحد وترك لها ولدا ، فخطبها أخوه فأراد أبوها أن يزوجها رجلا غيره ، ولما تم الزواج شكت للنبي أن عم ولدها أخذه منها لما تزوجت غيره ، فقال لأبيها “أنت الذى لا نكاح لك ، اذهبي فتزوجي عم ولدك “. هذا كله فى المشورة واحترام رأى المرأة عند الزواج ، لكن هل لها أن تباشر العقد بنفسها أم الذى يباشر هو ولى أمرها؟ يرى جمهور الفقهاء “مالك والشافعي وأحمد” أن المرأة لا تباشر العقد بنفسها سواء أكانت بكرا أو ثيبا ، لأن العقد هو نهاية المطاف من التشاور، وولى الأمر أرجح رأيا كما تقدم وجاء فى ذلك حديث رواه أصحاب السنن “لا تزوج المرأة نفسها ، فإن الزانية هي التى تزوج نفسها” وحديث آخر من روايتهم “أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل “ ثلاث مرات. كما ورد حديث “لا نكاح إلا بولى وشاهدي عدل “ رواه ابن حبان. يقول النووي فى شرح صحيح مسلم ، إن العلماء اختلفوا فى اشتراط الولي فى صحة النكاح ، فقال مالك والشافعي : يشترط ولا يصح نكاح إلا بولى وقال أبو حنيفة : لا يشترط فى الثيب ولا فى البكر البالغة ، بل لها أن تزوج نفسها بغير أذن وليها ، وقال أبو ثور: يجوز أن تزوج نفسها بإذن وليها و لا يجوز بغير إذنه ، وقال داود : يشترط الولي فى تزويج البكر دون الثيب اهـ. هذا ، وإذا كان القانون المصري يأخذ برأي أبى حنيفة للتيسير، فإن المرأة المصرية التى تريد أن تثبت وجودها وتتمتع بحريتها واستقلالها استغلته استغلالا سيئا ، ورأينا بنات يخرجن عن طاعة أوليائهن ويتزوجن من يُردن ، وتعرضن بذلك إلى أخطار جسيمة. وأرى العودة إلى رأى الجمهور فهو أقوى وأحكم ، والظروف الحاضرة ترجح ذلك ، وقد رأى عمر رضى الله عنه إيقاع الطلاق ثلاثا بلفظ واحد ، لسوء استغلال الرجال لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من إيقاعه مرة واحدة ، وإذا وجدت المصلحة فثمَّ شرع الله.
أثر العنة فى عقد الزواج
المفتي : فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق
25رمضان 1401 - 26 يولية 1981 م
المبادئ :
1 - العنة ابتداء عيب يجيز للزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها
2 - اعتراف الزوجة بوصول زوجها إليها مانع من سماع دعواها أنه عنين بعد ذلك
3- إذا وصل الزوج إلى زوجته وقاعا فى مكان الحرث منها ولو مرة فلا يفرق بينهما بما طرأ عليه من مرض يحول دون الوصول إلى حرثها.
4- يحصل حق المرأة بالوطء مرة وما زاد عليها فهو مستحق ديانة لا قضاء، ويأثم إذا ترك الوقاع متعنتا مع القدرة على الوطء.
5- على الزوجين الامتثال لأوامر الله سبحانه بالمعاشرة بالمعروف فإذا استحالت العشرة وانعدم السبب الشرعي للتفريق قضاء، فلا جناح عليهما فيما افتدت به
سئل :
بالطلب المقدم من الأستاذ/ [ م ع ق ] المحامى المقيد برقم 46 لسنة 1981 الذى يطلب فيه حكم الشريعة الغراء فى امرأة تزوجت رجلا يكبرها بسبعة عشرة عاما وأنجبت منه على فراش الزوجية الصحيحة ولدا وبنتا، ومنذ وضعها للبنت من نحو ستة عشر عاما لم يقربها بالمعاشرة الزوجية معللا بأنه مريض بالقلب ، وقد عرض الزوج على العديد من الأطباء، ولم يجدوا به مرضا عضويا يمنعه من ذلك وقد تعرضت الزوجة بسبب عدم قضاء رغبتها الجنسية لحالة مرضية خطيرة جعلتها تطلب من زوجها الطلاق إلا أنه رفض والسؤال هل من حق هذه الزوجة طلب الطلاق لهذا السبب.
أجاب :
اتفق علماء الشريعة الإسلامية على أن سلامة الزوج من بعض العيوب شرط أساسى للزوم الزواج بالنسبة للمرأة بمعنى أنه إذا تبين لها وجود عيب فيه كان لها الحق فى رفع أمرها إلى القاضي طالبة التفريق بينها وبين زوجها المعيب والفقهاء وإن اختلفوا فى تحديد هذه العيوب إلا أنهم اتفقوا على أن العنة عيب يجيز للزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها والعنة بضم العين وفتحها الاعتراض، من عن بالبناء للمفعول والعنين فى اللغة من لا يقدر على الجماع، وشرعا من تعجز آلته عن الدخول فى قبل زوجته وموضع الحرث منها وأكثر ( المغني لابن قدامه الحنبلي مع الشرح الكبير ج - 7 ص 610 والمحلي لابن حزم ج - 11 ص 269، 270، 271، 272 ) أهل العلم على أن الزوجة إن اعترفت أن زوجها قد وصل إليها بطل أن يكون عنينا، فإذا ادعت عجزه بعد هذا لم تسمع دعواها ولم تضرب له مدة، بهذا قال الإمام أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وعطاء وطاووس والأوزاعي والليث بن سعد والحسن بن يحيى وشريح وعمرو بن دينار وأبو عبيد ومقتضى هذا أن الزوج إذا وصل إلى زوجته وقاعا فى مكان الحرث منها ولو مرة، فلا يفرق بينهما بما طرأ عليه من مرض وقف به دون تكرر الوصول إلى حرثها وهذا هو ما روي أيضا عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إن على الزوجة أن تصبر إن كانت العلة طارئة، وكان قد سبق له جماعها وقد نص فقهاء المذهب الحنفي فى هذا الموضع على أنه الفتاوى الخانية المطبوعة على هامش الفتاوى الهندية ج - 1 ص 412 طبعة ثانية بولاق الأميرية 310 هجريةولو تزوج ووصل إليها ثم عجز عن الوطء بعد ذلك، وصار عنينا، لم يكن لها حق الخصومة الدر المختار للحصفي شرح تنوير الابصار للعلائي وحاشية رد المختار لابن عابدين ج - 2 ص 917، 918 والبحر الرائق لابن نجيم المصري الحنفى ج - 4ص 135 ( فلو جن بعد وصوله إليها مرة أو صار عنينا بعد الوصول إليها لا يفرق بينهما لحصول حقها بالوطء مرة، وما زاد عليها فهو مستحق ديانة لا قضاء، ويأثم إذا ترك الديانة متعنتا مع القدرة على الوطء ) وفقه هذا المذهب هو المعمول به قضاء فى التفريق بين الزوجين بسبب تعيب الزوج بالعنة، بل على وجه العموم بالنسبة لعيوب التناسل ، كما تشير إلى هذا المذكرة الإيضاحية للقانونين رقمى 25 لسنة 1920 و 25 لسنة 1929- إذ جاء بها فى الفقرة الخامسة ما يلي ( ومما تحسن الإشارة إليه هنا أن التفريق بالطلاق بسبب اللعان أو العنة أو إباء الزوج عن الإسلام عند إسلام زوجته يبقى الحكم فيه على مذهب أبى حنيفة ) ومن ثم فلا يسري على الادعاء بالعنة حكم المادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 1929 كما نبهت إلى ذلك المذكرة الإيضاحية على الوجه السابق لما كان ذلك وكان البادي من السؤال أن هذه الزوجة قد وصل إليها زوجها وأنجبت منه ابنا وبنتا فى مراحل التعليم المختلفة، ثم إنه توقف عن وقاعها منذ حملت فى ابنتهما التى بلغت سنها الآن ست عشرة سنة إذ كان ذلك فقد بطل عن هذا الزوج وصف العنة، ولم يبق لزوجته هذه حق فى طلب التفريق بينها وبينه قضاء لهذا السبب لحصول حقها فى المباشرة بينهما والإنجاب، وإن كان الزوج يأثم ديانة إذا ترك وقاعها متعنتا مع القدرة عليه ( المراجع السابقة فى فقه المذهب الحنفي ) ومع هذا ففيما نقل عن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه النصيحة المثلى لهذه الزوجة، إذ عليها وفقا لقوله أن تصبر وتصابر نفسها وتستعين على تهدئة أحوالها ورغباتها الجسدية بالصوم، كما نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ( صحيح البخارى ج - 4 ص 218 ) وليستمع الزوجان إلى قول الله سبحانه ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها )البقرة 229 - 231 ، ، وإلى قوله تعالى ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) ، وعلى الزوجين الامتثال لأوامر الله سبحانه فى القرآن الكريم (سورة النساء الآية 19 وسورة الطلاق الآية 6 ) بالمعاشرة بالمعروف، فإذا استحالت العشرة وانعدم السبب الشرعي للتفريق بين الزوجين قضاء فقد وجه الله سبحانه فى القرآن الكريم إلى حل عقدة الزواج بقوله ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) والله سبحانه وتعالى أعلم