بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة دولية أنشأت بمقتضى اتفاقية دولية عقدت في روما بتاريخ 18/7/1998م ودخلت حيز النفاذ بإيداع وثيقة التصديق الستين في 1/7/2002، وتمثل هذه المعاهدة النظام الأساسي للمحكمة ، وهي محكمة أهم ما يميزها عما سبقها من المحاكم الجنائية الدولية بأن دائمة وليست مؤقتة
والمحكمة الجنائية الدولية جاءت نتاجا ً لتجارب المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة ، حيث أبدت غالبية الدول في المجتمع الدولي رغبتها بأن تنشأ محكمة جنائية دولية دائمة ذات اختصاص عام شبه عالمي وإلى أنه يجب أن تكون هناك شرعية عامة وغير انتقائية في تطبيق فكرة المسؤولية الجنائية الدولية ، وهو ما تم فعلا ً بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية ويدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية نوعيا ً أربعة أنواع من الجرائم الدولية والتي استقر العرف الدولي على أنها أشد الجرائم خطورة على النظام العام الدولي وهي جرائم الإبادة الجماعية ، الجرائم ضد الإنسانية ، جرائم الحرب ، جرائم العدوان
وتمارس المحكمة اختصاصها فقط على الأشخاص الطبيعيين ولا يشمل اختصاصها الأشخاص المعنويين أو الدول
كما ينعقد اختصاصها زمنيا ً وفقا ً للمادة 11 )
من النظام على الجرائم المرتكبة بعد دخول النظام الأساسي حيز النفاذ ، ولا يشمل الجرائم المرتكبة قبل ذلك
أما مكانيا ً فينعقد اختصاصها على الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم دولية من رعايا الدول الأطراف في النظام ، أو على الأشخاص المتهمين بارتكاب الجرائم الدولية فوق إقليم إحدى الدول الأطراف في النظام
وأما آلية الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية فقد نظمتها المادة
من النظام التي وضعت ثلاث طرق للإحالة إلى المحكمة هي
الإحالة عن طريق دولة طرف في النظام الأساسي للمحكمة
الإحالة عن طريق مجلس الأمن الدولي متصرفا ً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة
لمدعي عام المحكمة الجنائية الدولية صلاحية التحريك من تلقاء نفسه
ويبلغ عدد قضاة المحكمة
قاضيا ً يتم اختيارهم بناء على ترشيح الدول الأطراف وبشرط أن لا تضم المحكمة أكثر من قاضي ينتمون لنفس الدولة وتتكون المحكمة من الدوائر التالية رئاسة المحكمة
الدائرة التمهيدية
الدائرة الابتدائية
دائرة الاستئناف
مكتب المدعي العام ومساعدوه مسجل المحكمة
أما تكامل الاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية فيعني أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية هو اختصاص احتياطي استثنائي مكمل لاختصاص القضاء الوطني للدول وليس بديلا ً عنه ، أي أن القضاء الوطني ووفقا ً لمبدأ سيادة الدول هو المختص بالنظر في الجرائم المرتكبة فوق إقليم الدولة أو من قبل رعاياها ، وبالتالي فإن وجود قضاء غير قضاء هذه الدولة سواء كان دولي أو غير دولي ينازع القضاء الوطني فيما يعتبر من صلب اختصاصه يعتبر اعتداء ً على مبدأ راسخ في القانون الدولي هو مبدأ
السيادة الإقليمية للدول
ولذلك فقد ارتأت الدول عند إنشاء المحكمة الجنائية الدولية أن هذه المحكمة يجب أن لا يؤدي وجودها إلى التأثير على اختصاص القضاء الوطني أو الإعتداء عليه وفي الوقت ذاته يجب أن لا يؤدي ترك هذا الاختصاص حصرا ً للقضاء الوطني إلى إفلات مرتكبي الجرائم الدولية من المحاكمة أو المعاقبة ، وتوفيقا ً بين هذين الاعتبارين استقر الرأي على أن يكون اختصاص المحكمة الجنائية الدولية مكملا ً لاختصاص القضاء الوطني وليس بديلا ً عنه ، وبالتالي لا ينعقد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية إلا إذا كان القضاء الوطني غير قادر أو غير راغب في محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية وهو ما تم التعبير عنه في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من خلال مبدأ التكامل
ومبدأ التكامل القضائي الذي يقوم عليه اختصاص المحكمة الجنائية الدولية أثار الكثير من الجدل القانوني نظريا ً خلال المناقشات المنشأة للمحكمة وعمليا ً عند دخول النظام الأساسي حيز النفاذ ومباشرة المحكمة لأداء مهامها