بقلم سليمان جودة
فى واحدة من انتخابات البرلمان قبل ثورة يوليو ١٩٥٢، قرر إسماعيل صدقى باشا، رئيس الوزراء وقتها، ورئيس حزب الشعب، ترشيح نفسه فى دائرة من دوائر الغربية، وقرر الوفد، فى المقابل، ترشيح أفندى من أفندياته، فى مواجهة صدقى باشا، وحين جرت الانتخابات، ثم أعلنوا النتيجة، فإن أفندى الوفد قد فاز على الباشا الكبير، رغم اسم ومكانة الرجل فى ذلك الوقت، ولم يكن الناخب الذى أعطى صوته للأفندى، فى مواجهة الباشا، يقارن وهو يضع صوته فى الصندوق، بين شخص، وشخص، حتى وإن كان الأول، كما نرى، صاحب صيت وسمعة هائلة، ثم كان المرشح الذى ينافسه، مجرد أفندى لا نكاد نذكر اسمه الآن!
لم يكن هذا كله، فى ذهن الناخب، وإنما كان فى ذهنه، أن وراء الأفندى، حزباً كبيراً، له برنامجه لحل مشاكل الناس، وعنده رؤاه ولديه تصوراته وأفكاره وبالتالى، فإن الفيصل فى تلك اللحظة، لم يكن الشخص، كشخص، حتى ولو كان هو صدقى باشا، بجلالة قدره، وإنما كان العنصر الحاسم، هو البرنامج، وهو الأجندة، وهو الأولويات التى تميز حزباً، عن آخر، وليس شخصاً، عن شخص سواه!
وربما لهذا السبب، شاعت فى تلك الأيام، عبارة كانت تقول: «لو رشح الوفد حجراً لانتخبناه»، بما يعنى أن المهم عند جمهور المواطنين، لم يكن أبداً اسم المرشح، ولا شكله، ولا لونه، ولا طبعاً ثروته، أو فلوسه، وإنما كانت المقارنة، طول الوقت، بين حزب يملك برنامجاً واضحاً، للتعامل مع ما يعانى منه المواطن فى حياته، وبين حزب آخر لا يملك برنامجاً من هذا النوع!
فما معنى هذا؟!.. معناه أن نظام القائمة النسبية، فى انتخابات البرلمان، كان مطبقاً فى تلك الفترة، عملياً، وكان الناخب يخرج إلى اللجان، فى يوم الانتخابات، وهو مدرك مقدماً، أنه ذاهب ليمنح صوته، لحزب، وليس لفرد، وكانت العصبيات التى نراها اليوم، فى انتخابات ٢٠١٠، لا وجود لها، ولا كانت هناك هذه القبليات التى تتصارع فى الدوائر، ولا كان هناك أثر للفلوس التى تتدفق فى دوائر الجمهورية، بلا حساب، لشراء صوت الناخب، الذى لا يعطى صوته، والحال هكذا، لبرنامج حزبى متكامل،
ولكن يتم شراء الصوت، فى بورصة علنية، وبأكثر من طريقة، وتكون النتيجة الطبيعية، أن الذين يدخلون البرلمان، فى أغلبهم، ليسوا هم المرشحين الذين يريدهم الناخبون، فى حقيقة الأمر، ولكنهم الذين اشتروا الأصوات، بأى وسيلة، ليكون لك، بعد ذلك أن تتصور مستوى أداء برلمان جرى انتخاب نوابه، على هذه الصورة!
وقد انقطعت أصوات الأحزاب الكبيرة، من أجل الأخذ بنظام القائمة النسبية، لا النظام الفردى، ولكن دون جدوى، وفى كل مرة كان رئيس الدولة نفسه، يعلن رغبته فى الأخذ بنظام القائمة، كان أصحاب المصلحة الذين يضمنون مقاعدهم بالدم والنار والمال، يتحايلون على رغبته، ويشوشرون عليها، ويفرغونها من مضمونها!
فى واحدة من انتخابات البرلمان قبل ثورة يوليو ١٩٥٢، قرر إسماعيل صدقى باشا، رئيس الوزراء وقتها، ورئيس حزب الشعب، ترشيح نفسه فى دائرة من دوائر الغربية، وقرر الوفد، فى المقابل، ترشيح أفندى من أفندياته، فى مواجهة صدقى باشا، وحين جرت الانتخابات، ثم أعلنوا النتيجة، فإن أفندى الوفد قد فاز على الباشا الكبير، رغم اسم ومكانة الرجل فى ذلك الوقت، ولم يكن الناخب الذى أعطى صوته للأفندى، فى مواجهة الباشا، يقارن وهو يضع صوته فى الصندوق، بين شخص، وشخص، حتى وإن كان الأول، كما نرى، صاحب صيت وسمعة هائلة، ثم كان المرشح الذى ينافسه، مجرد أفندى لا نكاد نذكر اسمه الآن!
لم يكن هذا كله، فى ذهن الناخب، وإنما كان فى ذهنه، أن وراء الأفندى، حزباً كبيراً، له برنامجه لحل مشاكل الناس، وعنده رؤاه ولديه تصوراته وأفكاره وبالتالى، فإن الفيصل فى تلك اللحظة، لم يكن الشخص، كشخص، حتى ولو كان هو صدقى باشا، بجلالة قدره، وإنما كان العنصر الحاسم، هو البرنامج، وهو الأجندة، وهو الأولويات التى تميز حزباً، عن آخر، وليس شخصاً، عن شخص سواه!
وربما لهذا السبب، شاعت فى تلك الأيام، عبارة كانت تقول: «لو رشح الوفد حجراً لانتخبناه»، بما يعنى أن المهم عند جمهور المواطنين، لم يكن أبداً اسم المرشح، ولا شكله، ولا لونه، ولا طبعاً ثروته، أو فلوسه، وإنما كانت المقارنة، طول الوقت، بين حزب يملك برنامجاً واضحاً، للتعامل مع ما يعانى منه المواطن فى حياته، وبين حزب آخر لا يملك برنامجاً من هذا النوع!
فما معنى هذا؟!.. معناه أن نظام القائمة النسبية، فى انتخابات البرلمان، كان مطبقاً فى تلك الفترة، عملياً، وكان الناخب يخرج إلى اللجان، فى يوم الانتخابات، وهو مدرك مقدماً، أنه ذاهب ليمنح صوته، لحزب، وليس لفرد، وكانت العصبيات التى نراها اليوم، فى انتخابات ٢٠١٠، لا وجود لها، ولا كانت هناك هذه القبليات التى تتصارع فى الدوائر، ولا كان هناك أثر للفلوس التى تتدفق فى دوائر الجمهورية، بلا حساب، لشراء صوت الناخب، الذى لا يعطى صوته، والحال هكذا، لبرنامج حزبى متكامل،
ولكن يتم شراء الصوت، فى بورصة علنية، وبأكثر من طريقة، وتكون النتيجة الطبيعية، أن الذين يدخلون البرلمان، فى أغلبهم، ليسوا هم المرشحين الذين يريدهم الناخبون، فى حقيقة الأمر، ولكنهم الذين اشتروا الأصوات، بأى وسيلة، ليكون لك، بعد ذلك أن تتصور مستوى أداء برلمان جرى انتخاب نوابه، على هذه الصورة!
وقد انقطعت أصوات الأحزاب الكبيرة، من أجل الأخذ بنظام القائمة النسبية، لا النظام الفردى، ولكن دون جدوى، وفى كل مرة كان رئيس الدولة نفسه، يعلن رغبته فى الأخذ بنظام القائمة، كان أصحاب المصلحة الذين يضمنون مقاعدهم بالدم والنار والمال، يتحايلون على رغبته، ويشوشرون عليها، ويفرغونها من مضمونها!