أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز "الدراسات العربي الأوروبي" في باريس أن عودة شبح الإرهاب ليخيم مجدداً فوق أوروبا ليس سوى حرب إعلامية كمقدمة لتداعيات شن حرب جديدة في الشرق الأوسط .
وذكر المركز في بيان أنّ 47.5% من الذين شملهم الاستطلاع قالوا انه رأوا أن هذه الحرب الإعلامية الشرسة التي تخوضها الدول الأوروبية لتبرير سياستها في المنطقة ولتهيئة الرأي العام المحلي والدولي لما سيأتي في الأفق ولكسب تأييده ، ولنا في العراق و أفغانستان العبرة والنموذج لدور الماكينة الإعلامية الغربية في الطمس و التعتيم للحقائق وتضليل الرأي العام.
كما ذكر الاستطلاع أن 34.7 % رأوا أن شبح الإرهاب الوهمي فوق أوروبا تم اختلاقه لتضييق النطاق على المسلمين في أوروبا وتبرير السياسات المتشددة تجاه المهاجرين خاصة وأن الوضع في أوروبا مسيطر عليه ولا خوف هناك وان الإرهابيين سهل مراقبتهم واصطيادهم. فيما 17.8% رأوا أن شبح الإرهاب فوق أوروبا دعاية أمريكية لإبتزاز أوروبا حتى لا تبقى الولايات المتحدة وحدها في مواجهة ما يسمى بالإرهاب .
وخلص المركز إلى نتيجة مفادها : بداية شهر أكتوبر الأول 2010 تم في أوروبا وعلى وجه الخصوص في فرنسا وبريطانيا وألمانيا استنفار الأجهزة الأمنية أثر تلقيها معلومات من الولايات المتحدة الأميركية ومن المملكة العربية السعودية تفيد أن تنظيم "القاعدة" بصدد الإعداد لتنفيذ أعمال إرهابية قد تستهدف بالدرجة الأولى مراكز سياحية شهيرة . وخلقت هذه الحالة نوعاً من الرعب في أوساط المواطنين الذين ظنوا أنهم قد تخلصوا من التهديدات الإرهابية ، كما خلقت نوعاً من الإضطراب لدى السلطة السياسية حيث حاولت كل دولة أن تؤكد لمواطنيها أنهم بمنأى عن أي مخاطر وأن الدول الأوروبية الأخرى هي المهددة الأمر الذي كشف إلى أي حد أن التنسيق الأمني بين الدول الأوروبية كان هشاً ودون مستوى التحديات المحدقة . وترددت معلومات أن تنظيم القاعدة قد أعاد هيكلة خلاياه في الخارج وأنه قد وحد قيادته في أوروبا وجزيرة العرب وأفريقيا والمغرب العربي ولهذا بات يمتلك قدرة اكبر على تهديد الأمن الأوروبي وعلى العودة لخطف رهائن أوروبيين ممن كانوا في رحلات سياحية أو ممن ينشط في منظمات إنسانية فاعلة في أفريقيا .ويبدو أن الأوروبيين قد أعطوا التهديدات التي وصلتهم اكبر من حجمها في محاولة منهم لإستغلال هذا الواقع سياسياً على المستوى المحلي وعلى المستوى الدولي .على المستوى المحلي حاولت السلطات الأمنية الأوروبية في كل دولة على حدة أن تبرز مدى قدرتها على ضبط الأوضاع وحفظ الأمن بغية نيل ثقة المواطنين وكسب تأييدهم لرأس الدولة بعد أن تبين أن زعماء الدول الأوروبية المهددة هم ممن يعاني من ضعف شعبيته .
كما أن التهديدات الإرهابية استخدمت من قبل السلطات الأمنية للرد غير المباشر على من ينتقد سياسة مكافحة الهجرة وتقييد الشعائر الدينية الإسلامية في أوروبا .
وعلى المستوى الدولي أرادت الدول الأوروبية أن ترد على الحملات التي تشكك بفعالية إرسال جنود أوروبيين إلى الخارج وتحديداً إلى أفغانستان محاولة من وراء ذلك تبرير أهمية خطوة دعمها مكافحة الإرهاب خارج الحدود لطالما أن الإرهاب لا زال قائماً ولطالما أن هناك أدوات لا زالت قادرة على التهديد والتنفيذ ، في شتى الأحوال وأياً يكن التوظيف السياسي الذي جرى في أوروبا فإننا لا ننكر وجود تهديد إرهابي كما لا ننكر أن كل الإجراءات التي تم اتخاذها دولياً لمكافحة الإرهاب لم تكن بالمستوى المطلوب بسبب غياب التنسيق الدولي وعدم صياغة تعريفات واضحة تحدد ماهية الإرهاب والإرهابيين .