عندما تتابع فصول وصولات وجولات انتخابات مجلس الشعب، يثور في النفس تساؤل مهم، وهو لماذا لم يترشح أي محافظ وهو في منصبه لخوض انتخابات مجلس الشعب؟ ومبعث التساؤل أن الوزراء وهم أعضاء في الحكومة يترشحون، بل ويصرون على الفوز.. السر أو السبب لا يرجع إلى قناعة المحافظين بمناصبهم، ولا إلى طمع الوزراء ورغبتهم في نيل حصانة البرلمان بجانب مميزاتهم كوزراء، ولكن للأمر أسباب قانونية.
قبل بحثنا عن الأسباب القانونية توجهنا بالسؤال إلى القاضي السيد عبد العزيز عمر، رئيس اللجنة العليا للانتخابات فقال: إنه لا يعرف سبب عدم ترشح المحافظين لانتخابات مجلس الشعب، ولكنه لا يعتقد أن هناك أسبابا قانونية تمنعهم من ذلك.
بينما قال القاضي أحمد مكي، نائب رئيس محكمة النقض، إن هناك أسبابا قانونية ودستورية تمنع المحافظين من الجمع بين وظيفتهم كمحافظين وبين عضويتهم بمجلس الشعب، وإذا ترشح المحافظ وفاز، فلابد أن يتنازل عن وظيفته كمحافظ للدخول تحت قبة البرلمان، وإلا تعتبر عضويته باطلة ويتم إسقاطها، بينما يسمح الدستور والقانون للوزراء بالترشح والجمع بين منصبهم كوزراء وبين عضويتهم بمجلس الشعب.
وأوضح أن الفرق بين المحافظ وبين الوزير، هو أن المحافظ موظف حكومي، ويعتبر ممثل الرئيس في المحافظة وراعي مصالح الناس بها، ولا يمكنه التفرغ لعضوية مجلس الشعب، بينما منصب الوزير سياسي وتنفيذي ولا يشترط عليه مجلس الشعب التفرغ للعضوية، بل إن النظام السياسي يفرض عليهم الترشح والفوز بالانتخابات في دوائرهم، لتأكيد شعبيتهم لدى الناس، وحتى تكون الحكومة محصنة داخل البرلمان من الاستجوابات ومن فكرة إسقاطها في أي وقت.
وبالاطلاع على اللائحة الداخلية لمجلس الشعب التي لها قوة القانون والدستور، وجدنا في الباب الثاني عشر بها والخاص بشئون العضوية في الفصل الثاني المتعلق بأحوال عدم الجمع المادة 356 التي تقول: إنه لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الشعب، وعضوية المجالس الشعبية المحلية أو وظائف العمد والمشايخ، أو عضوية اللجان الخاصة بها، أو منصب المحافظ.
أما المادة 357 فتحظر على العضو الجمع بين عضوية المجلس وممارسة مهام الوظيفة العامة في الحكومة أو القطاع العام، ما لم يقرر المجلس استثناء العضو من التفرغ للعضوية طبقا لقانون مجلس الشعب.
والمادة الأولى هي التي تجعل المحافظين لا يفكرون في الترشح حتى لا يفقدون وظيفتهم كمحافظين إذا ما فازوا بالانتخابات، بينما المادة الثانية هي التي تشجع الوزراء على الترشح، حيث يستثنيهم المجلس من شرط التفرغ للعضوية.
وهذا ما جعل الدكتور فتحي البرادعي، محافظ دمياط، الذي كان نائباً عن دائرة كفر الزيات في مجلس الشعب في الفترة من 1995 إلى 2000، ثم نائباً عن نفس الدائرة في مجلس الشورى في عام 2001، وترأس لجنة الشئون الخارجية والعربية، يقدم استقالته بعد تعيينه محافظاً لدمياط.
وهذا أيضا ما جعله يدفع في انتخابات 2010 بنجله، نظرًا لأن البرادعي الأب، لا يزال في منصب المحافظ.
وفي انتخابات هذا العام أيضا، نجد أن من أشهر مرشحي الحزب الوطني على مقعد الفئات بدائرة "العدوة" في المنيا المستشار نبيل بديني، محافظ كفر الشيخ السابق، حيث لم يفكر في الترشح للانتخابات إلا بعد خروجه من منصبه كمحافظ.
الأهرام