مجلة المحاماة - العدد الأول والثاني والثالث والتاسع والعاشر
السنة الرابعة والعشرون - سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر سنة 1943
أسماء بارزة في تاريخ المحاماة بفرنسا
المحاماة ضرورة تحتمها فكرة العدالة - نظرة الفقه والقضاء في فرنسا إلى المحامين - بيريه - نافر - لابوري - بريسون - فيفاني - هنري روبير - ميليران - اقتراحات في سبيل المحاماة بمصر.
يقول النقيب فرناندباين Fernand Payen والأستاذ جاستون دوفو gaston Duveau في كتابهما (مهنة المحامي وتقاليد المحاماة) La profession de l’Avocat et les usages du Barreau.
(لقد وجد المحامون منذ حرم على الناس أن يفضوا الخلافات التي بينهم بالقوة وسواء كانت القوانين مسهبة مفصلة أو موجزة مقتضية فإنها - في الواقع - تبدو دائمًا غامضة وناقصة فلا يمكن أن تكفي بعض صيغ تصاغ فيها مواد قانون لحل الخلافات التي لا حصر لها والتي يحتمل أن تنشب بين الناس، بل كيف يمكن للشارع أن يتنبأ بكل أنواع تلك الخلافات لكي يواجهها بتشريعه ؟ ففي كل مكان حيث يوجد نص من نصوص القانون يجب أن يوجد أولاً قاضٍ لتفسيره وتطبيقه على الحقائق، وحيث يوجد القاضي يجب أن يوجد إلى جانبه - على الأقل - محاميان.
وكل متقاضٍ يخلط بين مصلحته وحقه وبين حقه الذي يطالب به والحق الذي يقره القانون نفسه وأكثر المتقاضين تمسكًا بأحكام الضمير لا يتورع عن تضحية كل الاعتبارات ما دام في ذلك تمكينًا له من الوصول إلى حقه الذي يقره القانون.
ولذلك اتضحت فائدة اتخاذ بعض وسائل الحيطة لحماية القضاة - بقدر الإمكان - من الوقوع في الخطأ، ولكي يظل المتقاضون - رضوا أو كرهوا - ملتزمين حدود العدل في خصوماتهم، ولم يجدوا لتحقيق ذلك أصلح من أن يوسطوا بينهم وبين القضاة رجالاً يحترفون مهنة الدفاع عن المصالح العادلة، ويتخذون أساسًا لحرفتهم الحرص على قواعد العدل والخلق القويم.
هذا سبب أول من أسباب وجود المحامين، ولكنه ليس السبب الوحيد، فحتى لو راعى المتقاضون ضمائرهم فإن وجود المحامين يظل ضرورة حتمية.
وإذا سأل أحدهم عن السبب فيكفي أن يستمع في مكتب محامٍ إلى صاحب قضية وهو يعرض قضيته على محاميه، ثم يستمع إلى نفس القضية بعد ذلك من المحامي في ساحة المحكمة وهو يعرضها ويناقش وجهات النظر فيها.
أي عمل شاق قام به المحامي في تلك الفترة !
فهم ما قاله صاحب القضية، والتنبؤ بما سكت عنه واستخلاص المهم، ونبذ التافه، واستنباط تاريخ الدعوى من واقع مستنداتها، وشرح الأسباب، وإبداء الدوافع، وتبرير الأخطاء، كل ذلك يقوم به المحامي أثناء عرض الوقائع، وإيضاح النقط الغامضة، وسد الثغرات الناقصة، والتوفيق أحيانًا بين طرفي الخصومة، يقوم به المحامي أثناء تفسيره للعقود المحررة بين المتقاضين، وتحليل المبادئ القانونية والبحث عن الأحكام السابقة التي قررت نفس المبادئ فيما مضى والتعليق عليها، والتوفيق بينها وتطبيقها على النزاع المعروض، يقوم به المحامي عند مناقشة الناحية القانونية من القضية.
السنة الرابعة والعشرون - سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر سنة 1943
أسماء بارزة في تاريخ المحاماة بفرنسا
المحاماة ضرورة تحتمها فكرة العدالة - نظرة الفقه والقضاء في فرنسا إلى المحامين - بيريه - نافر - لابوري - بريسون - فيفاني - هنري روبير - ميليران - اقتراحات في سبيل المحاماة بمصر.
يقول النقيب فرناندباين Fernand Payen والأستاذ جاستون دوفو gaston Duveau في كتابهما (مهنة المحامي وتقاليد المحاماة) La profession de l’Avocat et les usages du Barreau.
(لقد وجد المحامون منذ حرم على الناس أن يفضوا الخلافات التي بينهم بالقوة وسواء كانت القوانين مسهبة مفصلة أو موجزة مقتضية فإنها - في الواقع - تبدو دائمًا غامضة وناقصة فلا يمكن أن تكفي بعض صيغ تصاغ فيها مواد قانون لحل الخلافات التي لا حصر لها والتي يحتمل أن تنشب بين الناس، بل كيف يمكن للشارع أن يتنبأ بكل أنواع تلك الخلافات لكي يواجهها بتشريعه ؟ ففي كل مكان حيث يوجد نص من نصوص القانون يجب أن يوجد أولاً قاضٍ لتفسيره وتطبيقه على الحقائق، وحيث يوجد القاضي يجب أن يوجد إلى جانبه - على الأقل - محاميان.
وكل متقاضٍ يخلط بين مصلحته وحقه وبين حقه الذي يطالب به والحق الذي يقره القانون نفسه وأكثر المتقاضين تمسكًا بأحكام الضمير لا يتورع عن تضحية كل الاعتبارات ما دام في ذلك تمكينًا له من الوصول إلى حقه الذي يقره القانون.
ولذلك اتضحت فائدة اتخاذ بعض وسائل الحيطة لحماية القضاة - بقدر الإمكان - من الوقوع في الخطأ، ولكي يظل المتقاضون - رضوا أو كرهوا - ملتزمين حدود العدل في خصوماتهم، ولم يجدوا لتحقيق ذلك أصلح من أن يوسطوا بينهم وبين القضاة رجالاً يحترفون مهنة الدفاع عن المصالح العادلة، ويتخذون أساسًا لحرفتهم الحرص على قواعد العدل والخلق القويم.
هذا سبب أول من أسباب وجود المحامين، ولكنه ليس السبب الوحيد، فحتى لو راعى المتقاضون ضمائرهم فإن وجود المحامين يظل ضرورة حتمية.
وإذا سأل أحدهم عن السبب فيكفي أن يستمع في مكتب محامٍ إلى صاحب قضية وهو يعرض قضيته على محاميه، ثم يستمع إلى نفس القضية بعد ذلك من المحامي في ساحة المحكمة وهو يعرضها ويناقش وجهات النظر فيها.
أي عمل شاق قام به المحامي في تلك الفترة !
فهم ما قاله صاحب القضية، والتنبؤ بما سكت عنه واستخلاص المهم، ونبذ التافه، واستنباط تاريخ الدعوى من واقع مستنداتها، وشرح الأسباب، وإبداء الدوافع، وتبرير الأخطاء، كل ذلك يقوم به المحامي أثناء عرض الوقائع، وإيضاح النقط الغامضة، وسد الثغرات الناقصة، والتوفيق أحيانًا بين طرفي الخصومة، يقوم به المحامي أثناء تفسيره للعقود المحررة بين المتقاضين، وتحليل المبادئ القانونية والبحث عن الأحكام السابقة التي قررت نفس المبادئ فيما مضى والتعليق عليها، والتوفيق بينها وتطبيقها على النزاع المعروض، يقوم به المحامي عند مناقشة الناحية القانونية من القضية.