بعد نشر خبر على موقع اليوم السابع عن قاض ينسحب من الإشراف على جولة الإعادة فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة لاكتشافه واقعة تزوير بمدرسة أبو صقل الابتدائية بمدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، انهالت التعليقات على الموقع فى اتجاهات مختلفة بين الدعاء للقاضى بأن يحفظه الله ويحميه وبين الإشادة بنزاهة القضاء بمصر وبين قبعة الاحترام التى لابد أن نرفعها جميعا تحية للقاضى.
التعليقات التى وصلت إلى 302 تعليق كانت دافعاً لإجراء حوار مع القاضى، الدكتور أيمن الوردانى، لنعرف منه التفاصيل الكاملة للواقعة ونقترب منه ليقص لنا كيف كان القضاة ينظرون إلى الانتخابات ولماذا شاركوا جزئيا فى الإشراف رغم اقتناعهم الأكيد بأن إشراف القضاء لابد يكون كاملا لفرض الهيمنة والسيطرة.القاض الذى أعاد لنا ذكريات انتخابات 2005 وما كشفته القاضية نهى الزينى من واقعة تزوير مازلنا نتحاكى بها حتى الآن، يكشف فى حواره مع "اليوم السابع" عن أداء اللجنة العليا للانتخابات فى الجولة الأولى وكيف اتخذ قراره بالانسحاب وتأثير ذلك على أسرته وماذا يقصد بأن القضاة لن يتكتموا على التزوير والفترة القادمة ستكشف مفاجآت وأن العليا للانتخابات لم تقدم للناخب المصرى ما كان يتمناه فى الانتخابات من نزاهة وحيادية:فى البداية نريد أن نعرف تفاصيل انسحابك من الإشراف على جولة الإعادة فى انتخابات الشعب؟
أنا كنت ضمن اللجنة العليا للانتخابات المكلفة بالإشراف على اللجان الانتخابية بمدينة العريش، وتلقيت شكوى فى تمام الساعة الخامسة عصرًا من إحدى اللجان الفرعية بمدرسة أبو حقل الابتدائية بمدينة العريش، فتوجهت على الفور بواسطة السيارة المخصصة لى، وهناك فوجئت بتجمهر عدد كبير من الأهالى الذين أكدوا لى أن بوابة المدرسة مغلقة منذ الثالثة عصرًا وأن الأمن يمنعهم من الدخول، فحاولت بصلاحياتى كقاض ومشرف على الانتخابات فى الدخول إلى مقر اللجنة وتبين أن أحد المرشحين يتولى "تقفيل" الصناديق الانتخابية بالداخل، فكلفت الحرس المرافق لى بالحديث إلى أفراد الأمن غير أن أحدا لم يستمع وظل الوضع كما هو عليه.وماذا فعلت بعد ذلك؟
أجريت اتصالاً هاتفياً برئيس اللجنة العامة المستشار إبراهيم أمين عبد المجيد وأخبرته بمضمون الواقعة، فقال لى "ارجع" فورًا.هل قال لك ارجع كنوع من التكتم على الواقعة أم ماذا؟
لا، قال لى ارجع حفاظا على سلامتى لأنه فى حال إصرارى على دخول اللجنة، من المتوقع أن أتعرض لأذى.وماذا فعلت بعد عودتك إلى مقر اللجنة؟
على الفور كتبت مذكرة تفصيلية بالواقعة وقدمتها إلى المستشار إبراهيم أمين عبد المجيد، رئيس اللجنة العامة، وطلبت فى نهايتها اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة والتحقيق الفورى فى الواقعة.وماذا تعنى بالإجراءات القانونية المناسبة للقانون؟
أقصد على الأقل استبعاد الصناديق الموجودة فى تلك اللجنة الفرعية بمدرسة أبو حقل الابتدائية.وهل تم استبعاد الصناديق الانتخابية باللجنة الانتخابية بمدرسة أبو حقل من عمليات الفرز؟
لا، لم يتم.لماذا؟
لأن اللجنة العليا للانتخابات برئاسة المستشار سيد عبد العزيز _وهو قاض أحترمه جدا وأتمنى أن أكون مثله، رفض ذلك.وما العلة التى استندت عليها اللجنة العليا للانتخابات بشأن رفض طلبكم فى استبعاد الصناديق الانتخابية بمدرسة أبو حقل الابتدائية؟
العليا للانتخابات تعللت أن اللجنة الفرعية بمدرسة أبو حقل تم إيقاف التصويت فيها مؤقتا لبعض الوقت من قبل الأمن لوقوع أحداث شغب.وهل اقتنعت بالتعليل الوارد من اللجنة العليا للانتخابات؟
بعيدا عن التعليل، لكن بكل بساطة أى قرار تتخذه اللجنة العليا للانتخابات بإيقاف التصويت مؤقتًا فى أى لجنة فرعية يكون بناء على مذكرة من اللجنة العامة بكل دائرة انتخابية، ونحن كلجنة عامة لم نطلب إيقاف التصويت فى تلك مدرسة أبو حقل مؤقتا.. إذن من أين جاء ذلك القرار.هل كنت تعتقد أن انتخابات مجلس الشعب 2010 سيحدث بها تسويد للبطاقات الانتخابية وتزوير واستخدام أعمال البلطجة والعنف من قبل المرشحين أمام اللجان الانتخابية؟
لن أخبئ عليك أنى وعدد من أصدقائى القضاة المكلفين بالإشراف على الانتخابات كنا نتناقش كثيرا بشأن نزاهة الانتخابات وهل سيكون النظام صادقاً فى وعده بأن انتخابات 2010 مختلفة عن أى انتخابات سابقة، وهل هناك صفقات بين الأحزاب المختلفة وهل الانتخابات ستكون نموذجًا جديدًا فى دولة تنادى بتفعيل دور الأحزاب فى الشارع وتحث على المواطن المصرى للتوجه للصناديق الانتخابية للإدلاء بصوته لأن "صوته أمانه".وهل بالفعل صوت المواطن المصرى له قيمة فى انتخابات الجولة الأولى؟
لن أتحدث معك فى العموم لكن سأتحدث بصفة شخصية، فأنا حتى الساعة الثالثة كنت أكاد أصدق وعود النظام بأن الانتخابات نزيهة وحيادية ولا يوجد بها أى تزوير، لكن مع تلقى الشكوى وانتقالى إلى مقر اللجنة وما تم معى هناك فقد تأكد لى أن "صوت المواطن مش أمانة ومش بإيده كمان".بعد رفض طلبك بإلغاء الصناديق بلجنة مدرسة أبو حقل الابتدائية التى وقع بها التزوير، صعدت المشكلة أكثر عندما تقدمت بمذكرة إلى اللجنة العليا للانتخابات تعتذر فيها عن الإشراف على الانتخابات فى جولة الإعادة، لتسجل اسمك كأول قاض ينسحب من الإشراف على الانتخابات.. ألم تفكر فى ذلك القرار قبل اتخاذه فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد وما يتربت عليها من عواقب على مستقبلك القضائى ومستقبل عائلتك؟
أنا لا أخاف من أحد، أنا قاض وما ينفعش أعمل غير كده، القاضى الذى يحكم بين الناس بالعدل لابد أن يفعل ما فعلت "وعايز أقولك إنه يكفينى أن ابنتى الصغيرة تقولى" يابابا أنا فرحانة بيك قوى وفخورة بيك قوى".طالما أن القاضى الذى يحكم بالعدل بين الناس لابد أن يفعل مثلما فعلت حضرتك فى حال اكتشاف مخالفات.. إذن فلماذا لم نشهد قضاة آخرين يعتذرون عن الإشراف على الانتخابات وسط كل وقائع التزوير والبلطجة والعنف فى كل دوائر الجمهورية والموثقة الفيديو والصور والمنشورة بكافة الصحف والمواقع الإلكترونية والبرامج الفضائية؟
أؤكد لك أنك خلال الأيام القادمة ستنكشف مفاجآت كثيرة.تقصد أن وقائع تزوير جديدة ستنكشف على يد القضاة خلال الأيام المقبلة؟
لا أستطيع أن أفصح لك عن أى معلومات بشأن ذلك، لكن ما أؤكده لك أن قضاة مصر لن يقبلوا أن يروا واقعة تزوير ويتكتموا عليها.أيهما أفضل من وجهة نظرك الإشراف الكامل على الانتخابات كما كان فى 2005 أم الإشراف الجزئى كما يحدث حاليا فى 2010؟
الإشراف الكامل، طبعا فالقضاء إما أن يبسط سلطانه وهيمنته على العملية الانتخابية أو يتوقف عن الإشراف، ضمانا للحيدة والنزاهة وحقوق المواطن أن يشعر بأن صوته له قيمة كبيرة فى مستقبل البلد.طالما أنك تؤمن بالإشراف الكامل للقضاة على الانتخابات ولا تعترف بالإشراف الجزئى.. إذن لم شاركت فى الإشراف على الانتخابات بوضعها الحالى من البداية؟
شاركت عندما وردنى خطاب انتداب من قبل اللجنة العليا للانتخابات ولأننى كنت أتمنى أن يصدق النظام فى وعده بأن الانتخابات ستمر نزيهة وبسلام دون أى تزوير أو بلطجة، وللعلم لو طلبوا منى فى الانتخابات المقبلة الإشراف على الانتخابات جزئيا، فسأرفض.ما رأيك فى أداء عمل اللجنة العليا للانتخابات فى الجولة الأولى من الإعادة؟
اللجنة حتى الآن لم تقدم للناخب المصرى ما كان يتمناه فى الانتخابات من نزاهة وحيادية، ليس لتقصير منها بقدر ما هو لقلة الاختصاصات المخولة إليها فى العملية الانتخابية.كلام حضرتك غريب وبعيد عن الواقع يا سيادة القاضى فكيف أن الاختصاصات المخولة لها قليلة وهى بحسب ما يفهم أى مواطن مصرى أنها اللجنة العليا للانتخابات المسئولة عن العملية الانتخابية من الألف إلى الياء؟
لا، هنا يكمن الخطأ فاللجنة ليست مسئولة عن العملية الانتخابية من الألف إلى الياء، فمثلا من يقوم بتنقيح الجداول الانتخابية ومن يقوم بإعداد الكشوف النهائية للمرشحين، اللجنة فقط دورها فى الإشراف ولا تحقق فى أى مخالفة إلا فى حال ورود شكوى بها كما أنه فى حال ورود الشكوى فتحيلها إلى النائب العام.. إذن أين السلطة الكاملة، أنا أنزعج دائما عندما أسمع من حولى أن اللجنة العليا للانتخابات تم تشكيلها فقط "لإعلان النتيجة"هل هذا فقط ما يزعجك فقط؟
لا أنزعج أيضا أن الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب التى تحدد مصير البلاد تمت وسط تماس واضح بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية بمعنى أنه لا يصح تماما أن يكون مقر اللجنة العامة فى قسم الشرطة، فكيف يمتلك المواطن الشجاعة التقدم للجنة العامة بقسم الشرطة ليقدم شكوى ضد ضابط مثلا، فضلا عن أنه كيف يكون 2286 قاضياً يتولون مهمة الإشراف على 44734 لجنة فرعية.. من المؤكد أن القاضى سيصاب بالإرهاق لأنه مطلوب منه التجول على ما يزيد على 50 لجنة فضلا عن أنه لا يتحقق من وجود مخالفات فى أى لجنه من عدمه.ما رسالتك للقضاة المشرفين على العملية الانتخابية؟
أقول لكل قاض إن يثبت أى مخالفات مهما كانت المخالفات ومهما كانت النتائج وأن يعلم كل قاض أن ثوب العدالة الذى يرتديه هو ثوب طاهر يجب أن يحرص دائما على نقائه وألا ينال منه أحد.السيرة الذاتية للمستشار أيمن أحمد الوردانى
محل الميلاد: قرية كفور البهايثة – مركز ميت غمر – الدقهلية
تخرج من كلية الحقوق سنة 1986
التحق بالسلك القضائى سنة 1988
رئيس محكمة استئناف منذ عام 2005
حصل على الدكتوراة فى القانون سنة 2009 اليوم السابع