مذكرات مجدى حسين فى قضية يوسف والى
الحلقة رقم 10
أطول يوم فى التاريخ !!
السبت8/4/2000
بعد نوم قلق استيقظنا استعدادا لحضور المحكمة .. وقد زال وهم أمس في الافراج عنا . وشعرت بحزن شديد من وكيل نيابة الخليفة ، هل جاء يخدعنا أم ماذا ؟ وهل يصح التعامل معنا بهذا الاسلوب ؟
ومن الذي وضع الوكيل في هذا الموقف المحرج .. الذي لايمكن أن أنساه له .. وكنت أقول لدى مصافحتي الأخيرة .. أننا سنلتقي مرة اخرى ان شاء الله .. ونظر لي نظرة تساؤل فقلت : " اعني انني سأمثل أمامك يوما ما كمتهم.. فأنا لم يحقق معي بعد أمام نيابة الخليفة !!" فهل سنلتقي مرة أخرى ؟ ! وبماذا سيفسر موقفه ؟! ساعتها سيقول : أنني لم أجزم أن القرار سيأتي ايجابيا .. ولكن قلت على الأغلب .. وكنت حريصا على صحتك .. أما أنا فأرى أن سيادة الوكيل قد أرسل في محاولة لإثنائي عن الاضراب ، وحمدت الله أنني لم أستجب له ..
وأعدت طرح فكرتي التي طرحتها بالأمس على صلاح وعصام .. فليس لدى أى رغبة في المثول أمام هذه المحكمة ، فلماذا لاأتعلل بحالتي الصحية كمضرب ولا أذهب ؟ ولم يحبذا الفكرة ، وكان المأمور قد قال لي بالأمس انك ان كنت متعبا فسنحملك الى المحكمة بسيارة اسعاف .
وبعد قليل شعرت باعياء شديد وحالة من الهبوط .. فطلبت الطبيب لأول مرة .. ولعلها فرصة للتعلل به لعدم المثول أمام هذا القاضي غير الطبيعي وجاء الطبيب المقدم أن أحوالك طيبة والضغط انخفض قليلا ويمكنك أن تذهب الى المحكمة .. أما ما يعتريك فهي مظاهر الجوع !
وبعد نصف ساعة شعرت أنني أفضل بالفعل ، وقلت على بركة الله .. ففي المحكمة سنرى الأهل والمحامين والخلان .. وكنت أفكر في اعطاء ظهري للمنصة .
تركنا مهماتنا ( أي حاجياتنا بلغة الجيش ) وسرنا في نفس الركب المعهود بالكلابشات .. في سيارة الترحيلات .. التي توقفت أمام المدخل الرئيسي لمحكمة جنوب .. وكانت حشود أمنية لاقبل لنا باحصائها .. وهي كافية - اذا صدق العزم - لتحرير القدس ، وعدنا من جديد الى السير في طوق أمني وما كدنا ندخل المبنى حتى بدأ صلاح بديوي بهتافات غير متفق عليها .. ولكنها كانت موفقة للغاية فيها الموقف السياسي .. والعزة وليس فيها شطط .. وقلت في نفسي ان بديوي عندما يريد أن يتألق فهذا في امكانه !!..
كان يهتف : ( عاشت حرية الصحافة - عاشت نقابة الصحفيين - يسقط عملاء اسرائيل - عاش قضاة محكمة النقض - يسقط تحالف والي مع وزير العدل - يسقط وزير العدل ) ..
وكان تقسيم عمل رائع غير متفق عليه .. فصلاح قام بالمظاهرة وحده .. بينما كنا ( عصام وأنا ) في حالة من التهافت لاتسمح بالهتاف ..
وتسيد صلاح لعدة دقائق مبنى محكمة جنوب .. كما يتسيد أحد نجوم الكرة الملعب ، ووقف الناس وكأن على رؤوسهم الطير في تكتلات تنظر وهي منبهرة إلا انني لم أكن في حالة تسمح بتفرس الوجوه وتحليلها .. أي تحليل مزيج الخوف والتعاطف والتأييد والاندهاش.. وران صمت رهيب على هذا المبنى العتيد ولم تكن لتسمع همسة واحدة إلا هتافات صلاح بديوي .. وقد أدت هذه المظاهرة لدفعنا الى الحبس خانة .. وهي من الأماكن البائسة التي يتعذب فيها المساجين انتظارا للمحكمة أو للترحيل منها ، وعندما وجدتهم يسوقونا الى الزنازين الضيقة العفنة المحتشدة بشتى أنواع المساجين ، قلت في نفسي لماذا أظل مسالما على طول الخط ؟! وقلت للمقدم المسئول عن ترحلينا .. اسمع ياسيدي نحن نتعرض لمعاملة غير قانونية مرة أخرى .. فنحن ممنوعون من الاتصال بالمحامين منذ 8 أيام ، واليوم تريدون أن تدخلونا الجبس خانة دون مقابلة المحامين .. حتى لانجد فرصة للتشاور معهم ..
وقلت بصوت عال على مسمع من المساجين والضباط والجنود : استعدوا وأبلغ رؤساءك أننى سأعمل مشكلة الآن .. (وكنت بالفعل أنتوي مقاومة ادخالنا في الحبس خانة .. اذا لم يحضر أحد المحامين الينا ) ولأول مرة منذ عرفت السجون والأسر أقرر المقاومة الجسدية .. ولم أكن أفكر أنني سأنتصر في المعركة .. ولكنني على الأقل لن أدخل زنزانة الحبس خانة الا جثة .
في هذه اللحظات .. أنسى أنني في الكلابشات ، وأنسى أن عظام جسدي متهالكة .. وحقا فان الروح أقوى من الجسد .. أى جسد .
وقد أدى هذا الاحتجاج الى نقلنا الى غرفة خاصة ملحقة بالحبس خانة .. هي غرفة حقيرة ولكنها نظيفة ولنا وحدنا .. ولكن هذا لم يكن مطلبي الأساسي .. بل مطلبي هو السماح لنا بالاتصال بالمحامين قبل الجلسة .. ووعدني ضابط بتحقيق ذلك ، وكان كل الضباط حريصين أن يعلنوا : أنها أوامر وأنهم آسفون .. ورغم أن هذا رد تقليدي .. الا أن رنة الصدق كانت موجودة بصورة متفاوتة بين ضابط وآخر .
وقد أدت كل هذه الزنجرة والزمجرة الى نقلنا سريعا الى قاعة المحكمة .. وبمجرد دخولنا المبنى من جديد .. عاود صلاح بديوي مظاهرته وتكرر المشهد مرة أخرى .. وبدأت أستجمع قواي وأهتف معه لدى دخولنا القاعة فاستجابت القاعة لنا فأخذت تهتف وتردد الهتافات مع بديوى .. ودخلنا قفص الاتهام .. وهو القفص الذي دخلته من قبل في مناسبات مختلفة .. وهاأنا فيه من جديد مع المتهمين بالمخدرات .. وخلال ذلك وقعت عيني على زوجتى وأخي مصطفى ، والأستاذ عادل حسين والمحامين .. ولم أجد أى عضو من أعضاء مجلس النقابة ، وهم لم يزورونا طوال هذه المدة في الحبس الاحتياطي غير المشروع ، واذا كانوا قد منعوا فقد كانت هذه فرصتهم ليلتقوا بنا اليوم اذا كان لديهم اهتمام حقيقي بقضية حبس الصحفيين التي انتخبوا من أجلها !!
وبادر الأستاذ فايز بالسؤال عن مسألة منع الأكل عننا يومي الخميس والجمعة ( وكنا قد رفضنا استلام الأكل تماما يوم الجمعة أيضا ) وهذا السؤال أكد لي أنهم لم يستنتجوا اضرابنا عن الطعام ، وأخذوا بالاحتمال الثاني .. على أي حال فقد أوشك الاضراب أن يتحول الى عمل من أعمال الماضي ..
وأدليت بكلمة من وراء القضبان .. لتوضيح أننا مضربون عن الطعام ، ورويت المتاعب الصحية التي تعرضت لها ، ورويت ما حدث من نيابة الخليفة وما دار مع وكيل النيابة..
وكيف انني قلت اذا ذهبت الى بيتي اليوم ستكون مصر دولة تحكمها القانون ، واذا بقيت في تخشيبة الخليفة فهذا يعني أن البلد ليس به أى قانون .
وقلت لجمهور الحاضرين أن اضرابنا جاء احتجاجا على هذا الاحتجاز غير القانوني .. ولكننا ما كنا لنضرب ضد حكم قضائي أيا كان رأينا فيه .. وبالتالي فاننا سنظل مضربين اذا استمر الحبس الاحتياطي خارج اطار القانون .. ولن نفك الاضراب الا اذا حكم علينا اليوم بأي حكم أو أخلى سبيلنا لمتابعة المحاكمة من منازلنا .
وتشاورت مع الأستاذ عادل عيد عما يجب فعله ، وهل هناك فرصة لرد القاضي مرة أخرى ؟ وهل من الأفضل رفع قضية مخاصمة معه ؟ ورفض الأستاذ عادل عيد هذه المقترحات التي لن توقف سير القضية ، وأكد أن عينه الآن على " النقض " فقلت له : على بركة الله ، أنت القائد ، ونحن علينا السمع والطاعة ..
كذلك اقترحت عليه أن نعطي ظهرنا للمنصة ، فلم يحبذ الفكرة ، قلت له اذا وجه القاضى حديثا الى فلن أتحدث معه .. قال هذا من حقك وحيل الكلام الى، واستمرينا في تجاذب أطراف الحديث مع زوجاتنا وعادل حسين وأخي مصطفى وهذه أول مرة يحضر لمحاكماتي ولابد أنه ترك عمله في هذا اليوم فكنت ممتنا له .. كذلك كانت في القاعة على ما أذكرالأساتذة / محفوظ عزام - د. عبدالله حسين - عطيه شعلان - أحمد نبيل الهلالي - محمود السقا - أحمد عبد الحفيظ - حسن كريم - محمد حمد . وقلت لزوجاتنا نحن فخورون بكم لدرجة أننا بحثنا فكرة الزواج من أربع لرفع عدد مناصرينا .. فضحكت زوجتي وقالت طب روح شوف من سيتزوجكم وانتم في التخشيبة .. وكنت أقف قليلا واجلس قليلا على الدكة داخل القفص حيث كنت أشعر بعدم قدرتي على حمل نفسي .. ونحن من كثرة شرب المياه نذهب الى دورة المياه كثيرا فطلبت الذهاب لدورة المياه قبل أن تبدأ المحكمة .. واحتاج الأمر لتشاور على مستوى عال بين رتب الداخلية ، وربما مع القضاة أيضا .. وتم وضع الكلابشات مرة أخرى ، وكانت قد فكت بعد دخولنا القفص ، ولما وجدت الضابط يضع الكلابش بصورة مشتركة مع أحد الجنود قلت غير معقول أن أذهب الى دورة المياه مع عسكرى لأقضى حاجتي هنا في القفص أحسن !! فأكد لى انه سيحررنى بمجرد الوصول للدورة و لن يدخل العسكرى معى !! قلت له هذا فضل كبير و فى الطريق الى الدورة كان أحد الضباط بين معتذر ومشجع .. حتى لو كان يخدعني .. فان هذا الكلام يهدئ من ثورتي على الأقل .. وفي الدورة كانت المياه مقطوعة وكنت أريد أن أتوضأ .. فبذل الرجل جهدا حقيقيا للبحث عن مياه ولكنها كانت مقطوعة في المبنى كله .. وعدت الى القفص من جديد
الحلقة رقم 10
أطول يوم فى التاريخ !!
السبت8/4/2000
بعد نوم قلق استيقظنا استعدادا لحضور المحكمة .. وقد زال وهم أمس في الافراج عنا . وشعرت بحزن شديد من وكيل نيابة الخليفة ، هل جاء يخدعنا أم ماذا ؟ وهل يصح التعامل معنا بهذا الاسلوب ؟
ومن الذي وضع الوكيل في هذا الموقف المحرج .. الذي لايمكن أن أنساه له .. وكنت أقول لدى مصافحتي الأخيرة .. أننا سنلتقي مرة اخرى ان شاء الله .. ونظر لي نظرة تساؤل فقلت : " اعني انني سأمثل أمامك يوما ما كمتهم.. فأنا لم يحقق معي بعد أمام نيابة الخليفة !!" فهل سنلتقي مرة أخرى ؟ ! وبماذا سيفسر موقفه ؟! ساعتها سيقول : أنني لم أجزم أن القرار سيأتي ايجابيا .. ولكن قلت على الأغلب .. وكنت حريصا على صحتك .. أما أنا فأرى أن سيادة الوكيل قد أرسل في محاولة لإثنائي عن الاضراب ، وحمدت الله أنني لم أستجب له ..
وأعدت طرح فكرتي التي طرحتها بالأمس على صلاح وعصام .. فليس لدى أى رغبة في المثول أمام هذه المحكمة ، فلماذا لاأتعلل بحالتي الصحية كمضرب ولا أذهب ؟ ولم يحبذا الفكرة ، وكان المأمور قد قال لي بالأمس انك ان كنت متعبا فسنحملك الى المحكمة بسيارة اسعاف .
وبعد قليل شعرت باعياء شديد وحالة من الهبوط .. فطلبت الطبيب لأول مرة .. ولعلها فرصة للتعلل به لعدم المثول أمام هذا القاضي غير الطبيعي وجاء الطبيب المقدم أن أحوالك طيبة والضغط انخفض قليلا ويمكنك أن تذهب الى المحكمة .. أما ما يعتريك فهي مظاهر الجوع !
وبعد نصف ساعة شعرت أنني أفضل بالفعل ، وقلت على بركة الله .. ففي المحكمة سنرى الأهل والمحامين والخلان .. وكنت أفكر في اعطاء ظهري للمنصة .
تركنا مهماتنا ( أي حاجياتنا بلغة الجيش ) وسرنا في نفس الركب المعهود بالكلابشات .. في سيارة الترحيلات .. التي توقفت أمام المدخل الرئيسي لمحكمة جنوب .. وكانت حشود أمنية لاقبل لنا باحصائها .. وهي كافية - اذا صدق العزم - لتحرير القدس ، وعدنا من جديد الى السير في طوق أمني وما كدنا ندخل المبنى حتى بدأ صلاح بديوي بهتافات غير متفق عليها .. ولكنها كانت موفقة للغاية فيها الموقف السياسي .. والعزة وليس فيها شطط .. وقلت في نفسي ان بديوي عندما يريد أن يتألق فهذا في امكانه !!..
كان يهتف : ( عاشت حرية الصحافة - عاشت نقابة الصحفيين - يسقط عملاء اسرائيل - عاش قضاة محكمة النقض - يسقط تحالف والي مع وزير العدل - يسقط وزير العدل ) ..
وكان تقسيم عمل رائع غير متفق عليه .. فصلاح قام بالمظاهرة وحده .. بينما كنا ( عصام وأنا ) في حالة من التهافت لاتسمح بالهتاف ..
وتسيد صلاح لعدة دقائق مبنى محكمة جنوب .. كما يتسيد أحد نجوم الكرة الملعب ، ووقف الناس وكأن على رؤوسهم الطير في تكتلات تنظر وهي منبهرة إلا انني لم أكن في حالة تسمح بتفرس الوجوه وتحليلها .. أي تحليل مزيج الخوف والتعاطف والتأييد والاندهاش.. وران صمت رهيب على هذا المبنى العتيد ولم تكن لتسمع همسة واحدة إلا هتافات صلاح بديوي .. وقد أدت هذه المظاهرة لدفعنا الى الحبس خانة .. وهي من الأماكن البائسة التي يتعذب فيها المساجين انتظارا للمحكمة أو للترحيل منها ، وعندما وجدتهم يسوقونا الى الزنازين الضيقة العفنة المحتشدة بشتى أنواع المساجين ، قلت في نفسي لماذا أظل مسالما على طول الخط ؟! وقلت للمقدم المسئول عن ترحلينا .. اسمع ياسيدي نحن نتعرض لمعاملة غير قانونية مرة أخرى .. فنحن ممنوعون من الاتصال بالمحامين منذ 8 أيام ، واليوم تريدون أن تدخلونا الجبس خانة دون مقابلة المحامين .. حتى لانجد فرصة للتشاور معهم ..
وقلت بصوت عال على مسمع من المساجين والضباط والجنود : استعدوا وأبلغ رؤساءك أننى سأعمل مشكلة الآن .. (وكنت بالفعل أنتوي مقاومة ادخالنا في الحبس خانة .. اذا لم يحضر أحد المحامين الينا ) ولأول مرة منذ عرفت السجون والأسر أقرر المقاومة الجسدية .. ولم أكن أفكر أنني سأنتصر في المعركة .. ولكنني على الأقل لن أدخل زنزانة الحبس خانة الا جثة .
في هذه اللحظات .. أنسى أنني في الكلابشات ، وأنسى أن عظام جسدي متهالكة .. وحقا فان الروح أقوى من الجسد .. أى جسد .
وقد أدى هذا الاحتجاج الى نقلنا الى غرفة خاصة ملحقة بالحبس خانة .. هي غرفة حقيرة ولكنها نظيفة ولنا وحدنا .. ولكن هذا لم يكن مطلبي الأساسي .. بل مطلبي هو السماح لنا بالاتصال بالمحامين قبل الجلسة .. ووعدني ضابط بتحقيق ذلك ، وكان كل الضباط حريصين أن يعلنوا : أنها أوامر وأنهم آسفون .. ورغم أن هذا رد تقليدي .. الا أن رنة الصدق كانت موجودة بصورة متفاوتة بين ضابط وآخر .
وقد أدت كل هذه الزنجرة والزمجرة الى نقلنا سريعا الى قاعة المحكمة .. وبمجرد دخولنا المبنى من جديد .. عاود صلاح بديوي مظاهرته وتكرر المشهد مرة أخرى .. وبدأت أستجمع قواي وأهتف معه لدى دخولنا القاعة فاستجابت القاعة لنا فأخذت تهتف وتردد الهتافات مع بديوى .. ودخلنا قفص الاتهام .. وهو القفص الذي دخلته من قبل في مناسبات مختلفة .. وهاأنا فيه من جديد مع المتهمين بالمخدرات .. وخلال ذلك وقعت عيني على زوجتى وأخي مصطفى ، والأستاذ عادل حسين والمحامين .. ولم أجد أى عضو من أعضاء مجلس النقابة ، وهم لم يزورونا طوال هذه المدة في الحبس الاحتياطي غير المشروع ، واذا كانوا قد منعوا فقد كانت هذه فرصتهم ليلتقوا بنا اليوم اذا كان لديهم اهتمام حقيقي بقضية حبس الصحفيين التي انتخبوا من أجلها !!
وبادر الأستاذ فايز بالسؤال عن مسألة منع الأكل عننا يومي الخميس والجمعة ( وكنا قد رفضنا استلام الأكل تماما يوم الجمعة أيضا ) وهذا السؤال أكد لي أنهم لم يستنتجوا اضرابنا عن الطعام ، وأخذوا بالاحتمال الثاني .. على أي حال فقد أوشك الاضراب أن يتحول الى عمل من أعمال الماضي ..
وأدليت بكلمة من وراء القضبان .. لتوضيح أننا مضربون عن الطعام ، ورويت المتاعب الصحية التي تعرضت لها ، ورويت ما حدث من نيابة الخليفة وما دار مع وكيل النيابة..
وكيف انني قلت اذا ذهبت الى بيتي اليوم ستكون مصر دولة تحكمها القانون ، واذا بقيت في تخشيبة الخليفة فهذا يعني أن البلد ليس به أى قانون .
وقلت لجمهور الحاضرين أن اضرابنا جاء احتجاجا على هذا الاحتجاز غير القانوني .. ولكننا ما كنا لنضرب ضد حكم قضائي أيا كان رأينا فيه .. وبالتالي فاننا سنظل مضربين اذا استمر الحبس الاحتياطي خارج اطار القانون .. ولن نفك الاضراب الا اذا حكم علينا اليوم بأي حكم أو أخلى سبيلنا لمتابعة المحاكمة من منازلنا .
وتشاورت مع الأستاذ عادل عيد عما يجب فعله ، وهل هناك فرصة لرد القاضي مرة أخرى ؟ وهل من الأفضل رفع قضية مخاصمة معه ؟ ورفض الأستاذ عادل عيد هذه المقترحات التي لن توقف سير القضية ، وأكد أن عينه الآن على " النقض " فقلت له : على بركة الله ، أنت القائد ، ونحن علينا السمع والطاعة ..
كذلك اقترحت عليه أن نعطي ظهرنا للمنصة ، فلم يحبذ الفكرة ، قلت له اذا وجه القاضى حديثا الى فلن أتحدث معه .. قال هذا من حقك وحيل الكلام الى، واستمرينا في تجاذب أطراف الحديث مع زوجاتنا وعادل حسين وأخي مصطفى وهذه أول مرة يحضر لمحاكماتي ولابد أنه ترك عمله في هذا اليوم فكنت ممتنا له .. كذلك كانت في القاعة على ما أذكرالأساتذة / محفوظ عزام - د. عبدالله حسين - عطيه شعلان - أحمد نبيل الهلالي - محمود السقا - أحمد عبد الحفيظ - حسن كريم - محمد حمد . وقلت لزوجاتنا نحن فخورون بكم لدرجة أننا بحثنا فكرة الزواج من أربع لرفع عدد مناصرينا .. فضحكت زوجتي وقالت طب روح شوف من سيتزوجكم وانتم في التخشيبة .. وكنت أقف قليلا واجلس قليلا على الدكة داخل القفص حيث كنت أشعر بعدم قدرتي على حمل نفسي .. ونحن من كثرة شرب المياه نذهب الى دورة المياه كثيرا فطلبت الذهاب لدورة المياه قبل أن تبدأ المحكمة .. واحتاج الأمر لتشاور على مستوى عال بين رتب الداخلية ، وربما مع القضاة أيضا .. وتم وضع الكلابشات مرة أخرى ، وكانت قد فكت بعد دخولنا القفص ، ولما وجدت الضابط يضع الكلابش بصورة مشتركة مع أحد الجنود قلت غير معقول أن أذهب الى دورة المياه مع عسكرى لأقضى حاجتي هنا في القفص أحسن !! فأكد لى انه سيحررنى بمجرد الوصول للدورة و لن يدخل العسكرى معى !! قلت له هذا فضل كبير و فى الطريق الى الدورة كان أحد الضباط بين معتذر ومشجع .. حتى لو كان يخدعني .. فان هذا الكلام يهدئ من ثورتي على الأقل .. وفي الدورة كانت المياه مقطوعة وكنت أريد أن أتوضأ .. فبذل الرجل جهدا حقيقيا للبحث عن مياه ولكنها كانت مقطوعة في المبنى كله .. وعدت الى القفص من جديد