روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    فقه المعاملات عقدالبيع

    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    فقه المعاملات  عقدالبيع Empty فقه المعاملات عقدالبيع

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 10:33 am


    فقه المعاملات مقارن عقدالبيع


    أهمية العلم بأحكام العقود :
    لحاجة الناس لإبرامها في كثير من تعاملاتهم لحفظ الحقوق وتحديد
    الالتزامات،مع تجددها وتنوع أشكالها.

    تعريف العقد: لغة :

    قال ابن فارس : العين والقاف والدال أصل واحد يدل
    على شد وشدة وثوق، وإليه ترجع فروع الباب كلها، ( وله معان غيره
    والمناسب منها هنا ما كان دائراً حول الربط ) .

    العقداصطلاحاً : العقد له إطلاقان:

    الأول/عام:
    وهو يتناول جميع ما يلتزمه الإنسان سواء ذلك كان في العبادات أم في المعاملات مع الله أو المخلوق وسواء كان ذلك نتيجة اتفاق بين طرفين كالبيع أو ألزم الإنسان به نفسه كاليمين والنذر والوقف والإعتاق . وقد جاءت بهذا الاستعمال المذاهب الأربعة مع أنه غير شائع لأن أكثر إطلاقه على المعنى الخاص.
    قال الجصاص: وسميت اليمين على المستقبل عقداً لأن الحالف قد ألزم نفسه الوفاء بما حلف عليه ، وكذلك العهد والأمان ، وكذلك كل شرط إنسان على نفسه في شيء يفعله في المستقبل فهو عقد وكذلك النذور .
    واختار ابن العربي ذلك في تفسير قوله تعالى ( أوفوا بالعقود ) أن المقصود جميع العقود سواء كانت من طرف واحد أو من طرفين كالعهود والنكاح والشركة واليمين والحلف والفرائض والنذور.
    إذا هذا المعنى العام شامل لكل التزام سواء كان من طرف أو من طرفين مع الخالق أو مع المخلوق بالقول أو بالفعل وسواء كان العقد ماليا أم غير مالي .

    الثاني/خاص:
    وهذا هو الأكثر تداولا وعند إطلاق العقد فهو الأصل .
    عرفه الجرجاني بأنه :ربط أجزاء التصرف بالإيجاب والقبول شرعا.
    عرفه الزركشي في المنثور :ارتباط الإيجاب بالقبول الالتزامي. وهو بمعنى الأول.
    عرفه صاحب قدري باشا في مرشد الحيران بأنه : ارتباط الإيجاب الصادر
    من أحد المتعاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه .
    عرفه ابن الهمام : مجموع إيجاب أحد المتكلمين لقبول الآخر أو كلام الواحد القائم مقامهما .
    عرفه الزرقا : ارتباط إيجاب بقبول على وجه يظهر أثره في المحل.
    وعرف العقد في صيغ العقود بأنه: التزام المتعاقدين بارتباط الإيجاب والقبول .
    ويلاحظ أن جميع هذه التعريفات وغيرها لم تدخل العقود غير الصحيحة مع
    أن الأقرب دخولها في تعريف العقود وإن كانت لا ينطبق عليها الأمر بالوفاء
    لأنه من المقرر فقها ( أن الحقائق الشرعية تشمل الصحيح والفاسد، ولهذا
    سمى الفقهاء العقد الموقوف والفاسد والباطل عقوداً. لكن يجاب عن
    أصحاب التعريفات أنهم أرادوا العقود الشرعية .
    وعرفه أهل القانون : اتفاق إرادتين على إنشاء حق أو على نقله أو على إنهائه .
    وهذا يشمل العقد الباطل فأما تعريفات الشرعيين فتخرجه ، كما
    أن التعريف الفقهي ذكر الحقيقة العقدية ببيان ما يتركب منه العقد ماديا
    وهو الإيجاب والقبول فلا يكفي الاتفاق وإنما يستدل عليه بها.
    أقسام العقود: القسم الأول / من حيث التسمية وعدمها :
    أ/ العقود المسماة : وهي التي أقر الشارع لها اسما يدل على موضوعها
    الخاص واختصها بأحكام تترتب على انعقادها، كالبيع والإجارة والشركة
    ، ( وقد أوصلها الحنفية والحنابلة إلى خمسة وعشرين
    عقدا وقد يدخل بعضها في بعض ) .
    ب/ العقود الغير مسماة : هي التي لم يرد الشرع بتسميتها باسم خاص
    ولم يخصها بأحكام وهي غير محصورة ومنها التوريد والصيانة والمقاولات .
    وهي وإن لم ينص الشارع عليها إلا أنه يمكن تخريجها على أحد العقود المسماة
    فإن لم يمكن فإننا نتبين من عدم مخالفتها للأحكام الشرعية وتعتبر عقودا جديدة
    ويتأكد هذا بأن الأصل في العقود هو الحل . وعلى هذا أكثر أصول أحمد
    ومالك ،بعض أصول أبي حنيفة والشافعي.

    ومن الأدلة على ذلك:

    1. إطلاق الآية في قوله تعالى: (وأحل الله البيع) فكل ما يعد بيعًا فهو حلال.
    2. الآيات التي دلت على حصر المحرمات نوعًا أو وصفًا كلها تدل على أنها على خلاف الأصل ولذلك نص عليها وما عداها فهو حلال قال تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم).
    3. أدلة الأمر بإتمام العقود والعهود والوفاء بها لقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)، وجه الدلالة: أن الله أمر بالوفاء بها عموما وهذا يقتضي إباحتها.
    4. قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) فإذا كان هذا تشريعًا لبيوع الأجل كالسلم فلأن يدل على مشروعية البيوع الحالة أولى.
    5. قوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) وجه الدلالة: أنه اشترط التراضي فقط للإباحة.
    6. الأحاديث التي جاءت فيه أن ما سكت الشارع فهو عفو كما قال صلى الله عليه وسلم:" ما أحل الله في كتابه فهو حلال و ما حرم فهو حرام و ما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ( و ما كان ربك نسيا ) رواه الدارقطني وعند البيهقي عن ابن عباس وأبي الدرداء وصححه الألباني
    7. السنة الفعلية للنبي صلى الله عليه وسلم فقد باع واشترى.
    8. وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم للبيوع التي كانت جارية في عهده دليل على حلها.
    9. مقتضى تسخير الله لما في السموات والأرض دليل على الإباحة فلا تكتمل هذه النعمة وهذه المنة إلا بها.
    10. قوله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعبادة والطيبات...) وهي التي لا تختص بالمأكولات بل يعم كل زينة وطيبة ما لم يأتي الشارع بالمنع منها.
    11. دلالة العقود من باب الأفعال والتصرفات العادية والأصل في العقود الحل. ابن تيمية 29/155
    وعمدة القائلين بأن الأصل التحريم مارواه البخاري من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق ) . نوقش هذا من وجهين كما بينهما شيخ الإسلام في فتاواه:
    الوجه الأول: أن المراد بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ليس في كتاب الله) ، أن يكون مخالفاً لحكم الله، وليس المراد أن لا يذكر في كتابه - سبحانه - أو في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق) ، وإنما يكون هذا فيما إذا خالف الشرط أو العقد قضاء الله، أو شرطه، بأن كان ذلك الشرط، أو العقد مما حرمه الله - تعالى -، فمضمون الحديث أن العقد، أو الشرط إذا لم يكونا من الأفعال المباحة، فإنه يكون محرماً باطلاً، فليس في الحديث دليل على منع العقود أو الشروط التي لم تذكر في كتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا يتم الاستدلال به على أن الأصل في الأشياء الحظر.
    الوجه الثاني: لو سلمنا بأن معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم –((ليس في كتاب الله)) هو ما ذكروا من منع كل ما لم يرد من العقود الشروط في الكتاب والسنة ،فإن عدم الورود هنا معناه ما ليس في كتاب الله لا بعمومه ولا بخصوصه؛ أما ما كان فيه بعمومه فإنه لا يقال فيه : إنه ليس في كتاب الله. وقد ذكر أصحاب القول الأول أدلة كثيرة على وجوب الوفاء بالعقود والعهود، وهذا يقتضي إباحتها، وفي ذلك يقول ابن تيمية:" فإن المسلمين إذا تعاقدوا بينهم عقودًا ولم يكونوا يعلمون لا تحريمها ولا تحليلها، فإن الفقهاء جميعهم فيما أعلمه يصححونها إذا لم يعتقدوا تحريمها، وإن كان العاقد لم يكن حينئذ يعلم تحليلها لا باجتهاد ولا بتقليد، ولا يقول أحد : لا يصح العقد إلا الذي يعتقد أن الشارع أحله . فلو كان إذن الشارع الخاص شرطًا في صحة العقود، لم يصح عقد إلا بعد ثبوت إذنه، كما لو حكم الحاكم بغير اجتهاد، فإنه آثم، وإن كان قد صادف الحق .
    وأما إن قيل : لابد من دليل شرعي يدل على حلها،سواء كان عامًا أو خاصًا، فعنه جوابان :
    أحدهما : المنع، كما تقدم .
    والثاني : أن نقول : قد دلت الأدلة الشرعية العامة على حل العقود والشروط جملة، إلا ما استثناه الشارع ..)أ.هـ
    ويتبين مما تقدم رجحان القول بالجواز لقوة أدلته وضعف أدلة القائلين بأن الأصل الحظر، ومناقشتها، ولما في هذا القول من المشقة والحرج، لكثرة تعاملات الناس وعقودهم، فمطالبتهم بالدليل لكل ما يتعاملون به مما لا دليل على منعه يسبب تعطيل مصالحهم وإلحاق المشقة بهم، قال الجويني في الغياثي: ووضوح الحاجة إليها - أي إلى إباحة العقود التي لم يأت في الشرع تحريمها - يغني عن تكلف بسطٍ فيها، فليصدروا العقود عن التراضي، فهو الأصل الذي لا يغمض ما بقي من الشرع أصل، وليجروا العقود على حكم الصحة"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والأصل في هذا أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه" .
    القسم الثاني/ من حيث الصحة وعدمها : ( أو يقال من حيث ترتب آثاره عليه أو عدم ذلك )
    1/ الصحيح: وهو ما وافق الشرع وترتبت آثاره عليه (ثمرته) باتفاق الفقهاء.
    وآثار كل عقد بحسبه ففي البيع التمكن من العين بملكها والتصرف فيها وفي الإجارة التمكن من التصرف في المنفعة وفي النكاح التمكن من الوطء الشرعي .
    وضابط الصحيح :ما كان مشروعا بأصله ووصفه .
    والمراد بالأصل : هو الحال التي اعتبرها الشارع في أصل البيع والتي هي أركانه بأن يكون بإيجاب وقبول يفيدان التملك من عاقلين على مال متقوم .
    والوصف:الأوصاف المخصوصة التي اشترط الشارع وجودها في العقد ككون الثمن مؤجلا بأجل معلوم أو كون العقد وقع عن تراضي.
    2/ غير الصحيح: وهو ما ليس مشروعا أصلا ووصفا أو يقال ( هو ما لا تترتب آثاره عليه ).
    كعقد المجنون والصغير غير المميز أو العقد على ميتة ، ومثال ما ليس بمشروع بوصفه : كالعقد على محل مجهول .
    والحنفية يقسمون هذا النوع إلى قسمين : ( باطل ، وفاسد ) وسبب ذلك أن المخالفات درجات منها مخالفات أساسية ، ومنه مخالفات فرعية .
    وعرفوا الباطل عندهم : بما ليس مشروعا بأصله ووصفه كالعقد على ميتة أو دم ( وهذا ليس بمال أصلا ) أو على امرأة محرمة أو كون العاقد مجنونا أو صبيا غير مميز، وحكمه أنه لا ينقل ملكا ولا يثبت حقا .
    وعرفوا الفاسد عندهم : بأنه ما كان مشروعا بأصله دون وصفه كالبيع بأجل مجهول وعقد المكره والبيع بثمن مجهول وعقد الربا .
    وقد قدم لنا القرافي فرقا(70)من فروقه كما صاغه الزرقا في المدخل الفقهي العام وذلك لتمييز عدم مشروعية أصل العقد من عدم مشروعية وصفه ويتلخص "بالنظر إلى مقومات العقد الخمسة وهي : العاقدان، المحل، الموضوع ، والركن ( الإيجاب والقبول المعبران عن التراضي أو ما يقوم مقامهما في هذا التعبير ) فإذا كان النهي منصباً على أحد هذه المقومات ومؤثرا في صلاحهما أفاد عدم المشروعية في أصل العقد فيبطل ( يعني ما كان في ركنه أو محله خلل بأن يكون العاقدان أو أحدهما ليس أهلا للعقد أو بأن يكون محل العقد غير قابل له ) .
    وإذا كان منصبا على ناحية أخرى فرعية في العقد وكانت مقوماته هذه كلها سليمة فالعقد حينئذ مشروع الأصل غير مشروع الوصف وهذا يستوجب الفساد لا البطلان ، وعلى هذا فالنهي عن بيع الملاقيح والمضامين قد تعلق بالمحل وهو البيع والنهي عن الملامسة ،المنابذة قد تعلق بالركن وهو التراضي لعدم قيام طريقة الملامسة والمنابذة مقام الإيجاب والقبول في نظر الشارع .
    وبما أن المحل والركن هما مقومات العقد كان هذا النهي مفيدا عدم مشروعية أصله فيبطل .
    كذلك عقد المجنون مثلا فإن عدم أهلية العاقد كعدم العاقد وإن العاقد من مقومات العقد فيبطل عقد المجنون بطلانا".
    وهذا بخلاف عقد الربا فإن المقومات فيه كلها سليمة من العاقدين ومحله وركنه وموضوعه الذي هو بيع أو قرض ، ومتعلق النهي فيه إنما هو الفضل في أحد العوضين وهو ناحية فرعية زائدة عن المقومات الخمسة فيكون عقد الربا مشروعا بأصله ، وإنما أفاد النهي الشرعي عدم مشروعية ما اشتمل عليه من زيادة خالية من عوض وهي أوصافه فيفيد العقد فسادا.
    ( فالفساد عقد وجد صورة وشرعا بوجود العاقدين ووجد المحل القابل له لكن جاء على صفة لا يقرها الشارع بل نهى عنه كبيع المجهول جهالة فاحشة أو صفقتين في صفقة ) .
    ويلاحظ أنه ليس هناك ضابط عند الأحناف يضع حدا فاصلا بين الفساد والبطلان إلا أنه يمكن القول بالتتبع والاستقراء كما يقول الزرقا في مدخله أن التمييز بين الفساد والبطلان لا يجري إلا في العقود المالية التي تنشئ التزامات متقابلة أو تنقل الملكية.
    كعقود البيع والإجارة والرهن والحوالة والصلح عن المال والمخارجة والقسمة والشركة والمزارعة وأمثالها لأنها تنشئ التزامات متقابلة.
    ويدخل أيضا عقد القرض والهبة لأنهما ينقلان الملكية فكل ذلك مما يتميز فساده عن بطلانه يعتبر مع الفساد منعقدا .
    ـ ويخرج عن هذا الضابط :
    1/ جميع التصرفات الفعلية .
    2/ والتصرفات القولية التي ليست من قبيل العقود بل من تصرفات الإرادة المنفردة كالطلاق والإعتاق والوقف والكفالة .
    3/ والعقود غير المالية كالزواج والوكالة والوصية والتحكيم .
    4/ العقود المالية التي لا تنشأ التزامات متقابلة ولا تنقل الملكية كالإيداع والإعارة .
    ويمكن تعريف الفساد في العقد بمعناه المقصود في الفقه الحنفي ـ تعريف الزرقا ـ بأنه (اختلال في العقد المخالف لنظامه الشرعي في ناحية فرعية متممه يجعله مستحقا للفسخ).
    وأسباب الفساد عند الأحناف إما عامة وإما خاصة:
    فالأسباب الخاصة كثيرة ومتفاوتة وأما العامة فتدور حول .ثلاثة أسباب هي ( الإكراه ، الغرر ، الجهالة ).
    فهي العقود عندهم استوفت أركانها إلا أنه لحق بها أوصاف جعلت الشارع ينهى عنها كالجهالة والإكراه والربا .
    وهو عندهم يفيد الملك إذا تم قبض البيع بإذن المالك ولكنه ملك غير لازم فيجب على العاقد فسخه ما لم يوجد مانع فإن وجد المانع امتنع الفسخ كما لو تصرف في المبيع بنقل الملك ببيع أو هبة أو عتق أو أتلفه كما يمكن تصحيحه باستبعاد الوصف الموجب للفساد كإسقاط الزيادة الربوية .
    أما الجمهور فلم يفرقوا وإنما استثنوا فروعا فرقوا فيها بين الصحيح والفاسد ـ عند الحنابلة ـ ( الحج والوكالة والإجارة ) .
    وسبب الخلاف يرجع إلى اختلافهم في أثر النهي في المنهي عنه :
    فالجمهور: يرون أنه يقتضي فساد المنهي عنه سواء أكان النهي راجعاً لذات المنهي عنه كبيع الميتة أو إلى وصف ملازم له كعقد الربا.
    والحنفية يرون أن النهي يقتضي البطلان إن كان راجعاً لذات المنهي عنه والفساد إن كان راجعا لوصف ملازم له.
    وهي مسألة كبيرة توسعت فيها كتب الأصول بل ألف العلائي فيها مؤلفا مستقلا أسماه ( تحقيق المراد أن النهي يقتضي الفساد ) .
    والراجح قول الجمهور وهو اقتضاء النهي الفساد سواء كان المنهي عنه لذاته أو لأمر خارج ( لوصف ملازم ) .
    وهو مذهب الصحابة والتابعين دلت عليه أدلة كثيرة منها :
    1/ قوله صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
    2/ إجماع الصحابة والتابعين على بطلان البيوع الربوية للنهي عنها ، واحتجاجهم بالنهي على البطلان كما فعل عمر في بطلان نكاح المشركات للآية وفي نكاح المحرمات للحديث .
    3/ أن المنهي عنه مفسدة والقول بصحته مع النهي عنه يدفع المكلف لعصيان المنهي وفيه فتح لذريعة المحرم.
    4/ أن الصحة تضاد النهي لأن الصحيح مأذون فيه والمنهي عنه ليس مأذونا فيه فلا يمكن أن يكون منهيا عنه وصحيحا في آن واحد ، قال ابن تيمية ( ولا يوجد قط في شيء من صور النهي صورة تثبت فيها الصحة بنص ولا إجماع )
    ولكن هنا يجب أن نعلم أن النهي إن كان عائدا لأمر خارج فلا يبطل العقد عند أكثر العلماء.

    وإذا تقرر مذهب الجمهور فإن العقود الصحيحة لها أقسام منها :
    القسم الثالث/ أقسام العقود الصحيحة من حيث النفوذ وعدمه :
    1/ عقود نافذة : وهي العقود الصحيحة التي لا يتعلق بها حق للغير وتفيد الحكم في الحال.
    تعريف آخر لأبي زهرة في الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية : هو العقد الصادر من ذي أهلية و له ولاية إنشاء العقد وسلمت أوصافه من الخلل .
    تعريف آخر للزرقا في المدخل : هي الخالية من كل حق لغير العاقدين يوجب توقفها على إرادته والخالية من كل مانع يمنع نفاذها .
    2/عقود موقوفة : وهي العقود التي يتعلق به حق للغير ويفيد حكمه عند الإجازة.
    تعريف آخر لأبي زهرة : هو العقد الصادر من ذي أهلية وليس له ولاية إنشاء العقد المضاف لمحله مع سلامة أوصافه.
    تعريف الزرقا : هي العقود التي فيها تجاوز على حق الغير يوجب توقفها على إرادته وإجازته كعقد الفضولي أو فيها مانع آخر يمنع نفاذها كعقد المكره .
    حكم العقد الموقوف : فيه خلاف
    القول الأول: أن العقد الصحيح لا يكون إلا نافذا أما الموقوف فهو من العقود الباطلة ولو أجازه صاحب الشأن وهذا هو الجديد عند الشافعية و عند الحنابلة وقول الظاهرية .
    القول الثاني: أن العقد الصحيح يكون موقوفا وهو مذهب الحنفية والمالكية وقول للشافعية وقول عند الحنابلة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم فهو مذهب الجمهور.وإنما يكون العقد موقوفا عندهم إذا صدر من مالك غير أهل للاستقلال بصدوره عنه كالصبي المميز في عقود المعاوضات المالية أو كان صادرا من غير ذي ولاية شرعية كالفضولي أو في مال تعلق به حق الغير كبيع المرهون .
    قال ابن تيمية في العقد ص225 : وقد بينا أن مذهب أحمد أن من احتيج إلى وقفه من العقود وقف وهو ما كان المتصرف فيه معذورا في تصرفه كالصدقة بالمال الذي لا يعلم مالكه ، والمقبوض بعقد فاسد إذا باعه المشتري وقصد رده فإنه إن أجاز البائع البيع جاز وكان له الربح ، وكذلك الحكم بالتفريق بين المفقود وامرأته وتزويجها بغيره هو موقوف على رضا الزوج فإن أجاز الفرقة جازت وكانت زوجة الثاني وإن اختار فسخها وأخذ امرأته كان له ذلك كما قضى به الصحابة وأخذ به أحمد .
    وأشكل هذا على أكثر الفقهاء الذين لم يعلموا أوجه ما فعله الخلفاء الراشدون بل اعتقدوا خلاف القياس الصحيح وهو مبني على وقف العقود ... إلى قوله ( وبالجملة فالراجح في الدليل والذي عليه أكثر فقهاء المسلمين كأبي حنيفة ومالك وغيرهما جواز وقف العقود في الجملة على تفصيل لهم فيه ، وليس في هذا محذورا أصلا والعقد الموقوف يقع جائزا لا لازما .
    وقال : وليس في ذلك إضرارا بل صلاح بلا فساد فإن الرجل قد يرى أن يشتري لغيره أو يبيع له أو يستأجر له ثم يشاوره فإن رضي به وإلا فلم يصبه ما يضره .20/579 .
    واستدل المجيزون لوقف العقود بعموم نصوص الكتاب والسنة في حل البيع. كقوله تعالى (وأحل الله البيع). وقوله تعالى Sadإلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) فتصدق على الموقوف والنافذ فلم يقيده إلا بالرضا .
    ب. وما رواه البخاري في صحيحه عن عروة البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا يشتري له به شاة فاشترى له به شاتين فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة ....الحديث ووجه الدلالة فيه أن عروة تصرف في ملك غيره بلا إذن ( تصرف الفضولي ) ومع ذلك أقره النبي صلى الله عليه وسلم .
    وأما المانعون وهو المشهور عند الشافعية والحنابلة فعللوا بعدم الملك وعدم القدرة على التسليم .
    أنواع العقود الموقوفة : هي كثيرة جدا والأحناف أوصلوها إلى ثمانية وثلاثين نوعا نكتفي بأبرزها وهي :
    1/ العقد بالإكراه عند من يرى عدم فساده فهو موقوف على رضا المكره (عند بعض الأحناف كزفر ).
    2/ عقد الصغير المميز إذا تصرف في ماله تصرفا يحتمل النفع و الضر ومثله السفيه والمحجور عليه.
    3/ عقد المدين بدين مستغرق إذا حجر عليه .
    4/ وصية المريض في مرض الموت أو الوصية بما يزيد عن ثلث التركة أو الوصية للوارث فيقعان على إجازة الورثة .
    5/ عقد الفضولي ( وهو من يتصرف في حق غيره تصرفا قوليا من غير إذن شرعي ) .
    6/ بيع المرهون يقف على إجازة المرتهن .
    7/ مخالفة الوكيل لموكله فيما وكله به ( القدر أو الوصف أو الجنس ) فهو موقوف على إجازة الموكل.
    8/ بيع الشريك حصته الشائعة بدون علم شريكه فينعقد موقوفا عند الجمهور.
    القسم الرابع :وتنقسم العقود باعتبار ماليتها للعقود المالية والعقود غير المالية :
    1-فالعقد إذا وقع على عين من الأعيان يسمى عقدا ماليا باتفاق الفقهاء ، سواء أكان نقل ملكيتها بعوض ، كالبيع بجميع أنواعه من الصرف والسلم والمقايضة ونحوها أم بغير عوض ، كالهبة والقرض والوصية بالأعيان ونحوها ، أو بعمل فيها ، كالمزارعة والمساقاة والمضاربة ونحوها .
    2-أما إذا وقع على عمل معين دون مقابل كالوكالة والكفالة ، والوصاية ، أو الكف عن عمل معين كعقد الهدنة بين المسلمين وأهل الحرب ؛ فهو عقد غير مالي من الطرفين .
    3-وهناك عقود تعتبر مالية من جانب ، وغير مالية من جانب آخر كعقد النكاح والخلع والصلح عن الدم وعقد الجزية ونحوها .
    4-واختلفوا في العقود التي تقع على المنافع ، كالإجارة ، والإعارة ونحوهما ، فالجمهور يعتبرها من العقود المالية ؛ لأن المنافع أموال عندهم أو في حكم الأموال خلافا للحنفية ، حيث إن المنافع لا تعتبر أموالا عندهم .
    وعللوا أن صفة المالية للشيئ لا تثبت إلا بالتمول،و التمول إحراز الشيئ وصيانته ،والمنافع لا يمكن إحرازها إذ لا تبقى زمانين آنا بعد آن،وتتلاشى بعد الاكتساب.
    ونوقش:بأنه يمكن تمولها وحيازتها بحيازة أصلها كما أنه لا تشترط الحيازة المادية للشيئ ليكون مالا،فالحيازة في كل شيئ بحسبه. ولاشك أن ما ذهب إليه الجمهور هو الأظهر؛ لما يلي:
    أ-أن مسمى المال من المسميات المطلقة التي لم يرد لها حد شرعاً ولا لغة، فيكون مردها للعرف، وقد تعارف الناس على مالية غير الأعيان مما له قيمة كالمنافع وبعض الحقوق،وقد تقدم أن المنافع أحق بالمالية من الأعيان لأنها هي المقصودة،ولأنها مما ينطبق عليها وصف المال وهو ما يميل إليه الطبع.
    ب-أن الأدلة الشرعية جاءت باعتبار غير الأعيان كالمنافع أموالاً، كما في قوله صلى الله عليه وسلم ( أنكحتكها بما معك من القرآن) متفق عليه ،فجعل صداق المرأة منفعة، وهو لا يكون إلا مالاً، كما في قوله تعالى: (أن تبتغوا بأموالكم محصنين) سورة النساء (24 ) كما أنه يشرع العقد على المنفعة في الإجارة وهذا دليل ماليتها.
    3-أن حصر المالية بالأعيان لا دليل عليه، فكل ما أمكن تموله مما له قيمة يعد مالاً، بل إن الأعيان لا تقصد إلا لمنافعها.قال الزنجاني: إطلاق لفظ المال عليها أحق منه على العين، إذ التضمين لا يسمى مالا إلا لاشتمالها على المنافع، ولذلك لا يصح بيعها بدونها" تخريج الفروع على الأصول 1/225.
    قال الزركشي مبينا أقسام العقد من هذه الحيثية : العقد إما مالي من الطرفين حقيقة كالبيع والسلم ، أو حكما كالإجارة ، فإن المنافع تنزل منزل الأموال ، ومثله المضاربة والمساقاة .
    أو غير مالي من الجانبين كما في عقد الهدنة ، إذ المعقود عليه في الطرفين كف كل منهما عن الإغراء بين المسلمين وأهل الحرب ، وكعقد القضاء .
    أو مالي من أحد الطرفين كالنكاح والخلع والصلح عن الدم والجزية .
    وغير المالي من الطرفين أشد لزوما من المالي فيهما ، إذ يجوز في المالي فسخه بعيب في العوض كالثمن والمثمن ، كما في خيار العيب ، وغير المالي لا يفسخ أصلا إلا لحدوث ما يمنع الدوام .
    وينقسم المالي إلى محض وغيره ، فيقولون : معاوضة محضة وغير محضة ، فالمحضة : يكون المال فيها مقصودا من الجانبين ( كالبيع ) . والمعاوضة غير المحضة : لا تقبل التعليق إلا في الخلع من جانب المرأة ( نحو : إن طلقتني فلك ألف ) .
    وقال : ينقسم العقد إلى ما يرد على العين قطعا كالبيع بأنواعه ، وإلى ما يرد على المنافع في الأصح كالإجارة ، ولهذا قالوا : إنها تمليك المنافع بعوض ، وقال أبو إسحاق : المعقود عليه العين ليستوفى منها المنافع ".
    ومن أبرز المسائل الفقهية المعاصرة المترتبة على خلافهم في مالية المنافع حكم بيع الحقوق المعنوية فهي منافع فإذاقررنا أنها أموال فإنه يجوز التصرف فيهابالبيع وغيره وقد استدلوا على مالية المنافع وجواز بيعهابأدلة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم « إن أحق ما أخذت عليه أجرًا كتاب الله ».
    ووجه الدلالة: أجاز أخذ العوض مقابل الرقية فإذا جاز في القرآن جاز فيما دونه، فيدل على جواز بيع الحقوق.
    وقوله صلى الله عليه وسلم: « زوجتكها بما معك من القرآن »، حيث جعل التعليم عوضا عن البضع ويقوم مقام المهر،ومن المعلوم أن المهر لايكون إلا مالا لقوله تعالى(أن تبتغوا بأموالكم محصنين...) فمن با ب أولى أخذ العوض على تعليم القرآن وأولى منه أخذه على العلوم المباحة والمخترعات.
    القسم الخامس:وينقسم العقد من حيث وجود العوض وعدم العوض :عقود المعاوضة ، وعقود التبرع
    1-فعقد المعاوضة:هو العقد الذي يقوم على حقوق متقابلة متبادلة بين العاقدين،فيأخذ كل منهما شيئا ويعطي ما يقابله،كعقد البيع بأنواعه من المقايضة والسلم والصرف ،أو عقد الإجارة الاستصناع ، والصلح والنكاح والخلع ، والمضاربة والمزارعة والمساقاة والشركة ونحوها .
    2-عقود التبرعات:وهي التي تقوم على أساس المنحة أو المساعدة من طرف لآخر بغير مقابل، عقد الهبة ، والعارية ، الوديعة ، والوكالة ، والكفالة بغير أمر المدين ، والرهن ، والوصية ونحوها
    3- عقود تتضمن معنى التبرع ابتداء والمعاوضة في الانتهاء كعقد القرض ، فإن المقرض متبرع عند الإقراض لكنه عند رجوعه على المقترض بمثل ما أخذ يئول إلى المعاوضة .
    وكذلك عقد الكفالة بأمر المدين ، فإنها تبرع في الابتداء ، حينما يلتزم الكفيل بالدين الذي على المدين ، لكنه إذا دفع الدين للدائن ورجع على المدين بمثل ما دفعه تصير عقد معاوضة،ويطبق على العقد في ابتدائه شرائط التبرع،وفي انتهائه أحكام المعاوضة،فتشترط في العقود أهلية العاقد أهلية العاقد للتبرع فلاتقبل الكفالة من أهلية القاصر مثلا،ويجري حكم البيع في عوض الهبة فيرد بالعيب مثلا.
    من أوجه الاتفاق والافتراق بين المعاوضات والتبرعات:
    1-وتتفق عقود المعاوضات والتبرعات في إفادتها التمليك،
    2-وتفترق في أمرين:
    الفرق الأول :أن عقود المعاوضات لاتغتفر فيها الجهالة والغرر بخلاف عقود التبرعات وهذا عند المالكية وذلك لأنه لا عوض فيها يغتفر فيها الغرر والجهالة اليسيرة ؛ لأنها مبنية على اليسر والتوسعة. قال القرافي:"الفرق الرابع والعشرون بين قاعدة ما تؤثر فيه الجهالات والغرر وقاعدة ما لا يؤثر فيه ذلك من التصرفات ) وردت الأحاديث الصحيحة في نهيه عليه السلام عن بيع الغرر وعن بيع المجهول واختلف العلماء بعد ذلك فمنهم من عممه في التصرفات وهو الشافعي فمنع من الجهالة في الهبة والصدقة والإبراء والخلع والصلح وغير ذلك ومنهم من فصل وهو مالك بين قاعدة ما يجتنب فيه الغرر والجهالة وهو باب المماكسات والتصرفات الموجبة لتنمية الأموال وما يقصد به تحصيلها وقاعدة ما لا يجتنب فيه الغرر والجهالة وهو ما لا يقصد لذلك وانقسمت التصرفات عنده ثلاثة أقسام : طرفان وواسطة فالطرفان : أحدهما معاوضة صرفة فيجتنب فيها ذلك إلا ما دعت الضرورة إليه عادة كما تقدم أن الجهالات ثلاثة أقسام فكذلك الغرر والمشقة وثانيهما ما هو إحسان صرف لا يقصد به تنمية المال كالصدقة والهبة والإبراء فإن هذه التصرفات لا يقصد بها تنمية المال بل إن فاتت على من أحسن إليه بها لا ضرر عليه فإنه لم يبذل شيئا بخلاف القسم الأول إذا فات بالغرر والجهالات ضاع المال المبذول في مقابلته فاقتضت حكمة الشرع منع الجهالة فيه أما الإحسان الصرف فلا ضرر فيه فاقتضت حكمة الشرع وحثه على الإحسان التوسعة فيه بكل طريق بالمعلوم والمجهول فإن ذلك أيسر لكثرة وقوعه قطعا وفي المنع من ذلك وسيلة إلى تقليله فإذا وهب له عبده الآبق جاز أن يجده فيحصل له ما ينتفع به ولا ضرر عليه إن لم يجده لأنه لم يبذل شيئا وهذا فقه جميل ثم إن الأحاديث لم يرد فيها ما يعم هذه الأقسام حتى نقول يلزم منه مخالفة نصوص صاحب الشرع بل إنما وردت في البيع ونحوه وأما الواسطة بين الطرفين فهو النكاح فهو من جهة أن المال فيه ليس مقصودا . وإنما مقصده المودة والألفة والسكون يقتضي أن يجوز فيه الجهالة والغرر مطلقا ومن جهة أن صاحب الشرع اشترط فيه المال بقوله تعالى { أن تبتغوا بأموالكم } يقتضي امتناع الجهالة والغرر فيه فلو وجد الشبهين توسط مالك فجوز فيه الغرر القليل دون الكثير نحو عبد من غير تعيين وشورة بيت ولا يجوز على العبد الآبق والبعير الشارد لأن الأول يرجع فيه إلى الوسط المتعارف والثاني ليس له ضابط فامتنع وألحق الخلع بأحد الطرفين الأولين الذي لا يجوز فيه الغرر مطلقا لأن العصمة وإطلاقها ليس من باب ما يقصد للمعاوضة بل شأن الطلاق أن يكون بغير شيء فهو كالهبة فهذا هو الفرق بين القاعدتين والضابط للبابين والفقه مع مالك رحمه الله فيه" أ.هـ.وقد رجح ذلك ابن تيمية وابن القيم حيث قال في إعلامه مقررا منع الغرر في عقود المعاوضات 2/30" وكذلك سائر عقود المعاوضات بخلاف الوصية فإنها تبرع محض فلا غرر في تعلقها بالموجود والمعدوم وما يقدر على تسليمه إليه وما لا يقدر وطرده الهبة إذ لا محذور في ذلك فيها وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم هبة المشاع المجهول في قوله لصاحب كبة الشعر حين أخذها من المغنم وسأله أن يهبها له فقال: "أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك".
    وقد خالف الجمهور فمنعوا الغرر حتى في عقود التبرعات مستدلين بحديث أبي هريرة وفيه: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر)). قالوا وهذا نص في منع الغرر في المبايعات والتجارات، فيلحق بذلك عقود التبرعات؛ لاتفاقها في المعنى؛ وهو حفظ المال الذي هو أحد مقاصد الشارع.
    ونوقش هذا الاستدلال: بأن الغرر منع في عقود المعاوضات، وما فيه شائبة معاوضة؛ لأن المال في هذه العقود مقصود تحصيله أو مشروط، فمنع الشارع الحكيم الغرر فيهما، صوناً للمال عن الضياع في أحد العوضين أو كليهما. أما عقود الإحسان والتبرعات فمقصودها بذل المال وإهلاكه في البر، فلذلك لم يأت ما يدل على منع الغرر فيها، وليست كعقود المعاوضات، فتلحق بهاوأجابواعن الحديث بأنه لاجهالة فيه لأن النبي وَهَبَ نصيبه، ونصيب بني عبد المطلب من تلك الكُبَّة التي رفعها الرجل، وهذان نصيبان مشاعان معلومان؛ إذ إن نصيب النبي خمس الخمس، ونصيب بني عبد المطلب خمس الخمس، فيكون قد وهب الرجل خمسي خمس الكبة، فلا جهالة في الهبة.
    ومن آثار هذا التقسيم ما قاله الزركشي من أنه حيث اعتبر العوض في عقد من الطرفين - أو من أحدهما - فشرطه أن يكون معلوما ، كثمن المبيع ، وعوض الأجرة ونحوهما ، إلا في الصداق وعوض الخلع ، فإن الجهالة فيه لا تبطله ؛ لأن له مردا معلوما ، وهو مهر المثل ، وقد يكون العوض في حكم المجهول ، كالعوض في المضاربة والمساقاة ، وهناك عقود يكتفى فيها بالعلم الطارئ بالعوض ، كالشركة مثلا فإنه يشترط فيها العلم بقدر النسبتين في المال المختلط ، من كونه مناصفة أو مثالثة في الأصح إذا أمكن معرفته من بعد ، وعقود أخرى لا يكتفى فيها بالعلم ، كالمضاربة ، والقرض .
    الفرق الثاني:وجوب الوفاء في عقود المعاوضات بالاتفاق إذا تمت صحيحة بشروطها ، عملا بقوله تعالى : { أوفوا بالعقود } ؛ لأن في عدم الوفاء بها ضررا للعاقد الآخر ، لضياع ما بذله من العوض في مقابلته ، بخلاف عقود التبرع ، كالهبة والعارية والقرض والوصية ، ونحوها ،فالجمهور أنه لا يجب الوفاء فيها بما تعهد المتبرع ؛ لأنه محسن ، وما على المحسنين من سبيل ،
    ومع ذلك فإن الفقهاء صرحوا باستحباب الوفاء في عقود التبرع ؛ لأنها من البر والإحسان ، وقد حث الشارع عليهما في أكثر من موضع ، قال تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى }
    أما المالكية فيجب الوفاء عندهم في بعض عقود التبرع أيضا ، ومن فروع ذلك عندهم جواز الرجوع بالهبة قبل القبض عند الجمهور خلافا للمالكية ،وجواز الرجوع بطلب المستعار مطلقة أو مؤقتة عند الجمهور بخلاف المالكية فالعارية المؤجلة لازمة عندهم إلى انقضاء الأجل.
    ومن أهم ما يتفرع على ذلك-عدم جواز الإلزام بالوعد في عقود المعاوضات وجوازه في عقود التبرعات وهذا هو الصحيح في النقل عن المذهب المالكي خلافا لمن أطلق الإلزام بالوعد عنهم ،وذلك لأن:
    ‌أ- أن المقصود بالوعد لدى المتقدمين منهم هو الوعد بالمعروف، أما في المعاوضة فلم يقل أحد بلزومه لما ينشأ عنه من محاذير شرعية تقدمت الإشارة لها.
    ولذا عرفه ابن عرفة المالكي: "بأنه إخبار عن إنشاء المخبر معروفا في المستقبل".
    ولذا فالمالكية الذين قالوا بالإلزام منعوا في المعاوضات صورة ليس فيها إلزام لشبهة القرض الذي جر نفعا، قال ابن رشد : " والعينة على ثلاثة أوجه: جائز ومكروهة ومحظورة، فالجائزة أن يمر الرجل بالرجل من أهل العينة، فيقول له: هل عندك سلعة كذا أبتاعها منك، فيقول له: لا. فينقلب عنه على غير مراوضة ولا مواعدة، فيشتري تلك السلعة التي سأله عنها، ثم يلقاه فيخبره أنه قد اشترى السلعة التي سأله عنها فيبيعها بما شاء نقدا أو نسيئة. والمكروهة أن يقول له: اشتر سلعة كذا وكذا، فأنا أربحك فيها وأشتريها منك، من غير أن يراوضه على الربح، والمحظورة أن يرواضه على الربح". قال في الشرح الصغير للدردير (3/129): معلقا على الصورة نفسها "فالعينة : وهي بيع - من طلبت منه سلعة للشراء وليست عنده، لطالبها بعد شرائها - جائزة ، إلا أن يقول الطالب: اشترها بعشرة نقدا، وأنا آخذها منك باثني عشر إلى أجل، فيمنع لما فيه من تهمة سلف جر نفعا ؛ لأنه كأنه سلفه عشرة ثمن السلعة يأخذ عنها بعد الأجل اثني عشر".
    ‌ب- أنهم ينصون على المواعدة وهي تكون من طرفين في معاوضة يصيرها عقداً بخلاف الحال هنا فهي وعد من طرف واحد في غير معاوضة.
    ففي قواعد الونشريسي: "الأصل منع المواعدة بما لا يصح ومؤكد في الحال".
    ‌ج- ثم إن نسبة القول بلزومه قضاء عند المالكية غير دقيق فقد نقل عليش في فتاواه (فتح العلي المالك ...) أربعة أقوال:
    أ-يقضى بها مطلقا ولم ينسبه لأحد. ب- ولا يقضى به مطلقا.
    ج- يقضى به إن كان مبنيا على سبب وهو قول أصبغ.
    د-إن كان مبنيا على سبب ودخل الموعود في شيئ وهذا مذهب ابن القاسم..
    وأجيب: بأنه إذا جاز في التبرعات ففي المعاوضات أولى لما يترتب عليها من التزامات مالية، وضرر مع عدم الإلزام بالوعد.
    ورد هذا الجواب: بأن ذلك يترتب عليه محظور شرعي وهو بيع مالايملك لأن الوعد الملزم هو عقد في حقيقته،وهو واقع في حال عدم الملك للتوثق من عزم المشتري من الشراء،فيكون العقد من غير مالك،ولذا فلم يقل أحد من أهل العلم بالإلزام بالوعد في المعاوضات.
    التقسيم السادس للعقود - باعتبار اشتراط القبض فيها أو عدمه - إلى نوعين :
    الأول : عقود لا يشترط فيها قبض المعقود عليه حين العقد في الجملة .
    ومن هذا النوع عقد البيع المطلق ،والإجارة والنكاح والوصية والوكالة والحوالة ونحوها ، فالبيع مثلا ينعقد بالإيجاب والقبول ، وتترتب عليه آثاره : من انتقال ملكية المبيع إلى المشتري ، وملكية الثمن إلى البائع ، سواء أحصل التقابض بينهما أم لا ، وهذا باتفاق الفقهاء ، إلا أن الحنفية والشافعية صرحوا بأن الملك وإن كان ينتقل في البيع بمجرد العقد ، لكن لا يستقر إلا بالقبض ، كالصداق في عقد النكاح والإجارة تنعقد بمجرد الإيجاب والقبول ، وتترتب عليها آثارها بالعقد دون الحاجة إلى الاستيفاء عند جمهور الفقهاء خلافا للحنفية حيث قالوا : لا يملك المؤجر الأجرة بنفس العقد ، وإنما يملكها بالاستيفاء ، أو التمكن منه أو بالتعجيل ، أو بشرط التعجيل ، كما لا يملك المستأجر المنافع بالعقد ؛ لأنها تحدث شيئا فشيئا ، وإنما يملكها بالاستيفاء أو يوما فيوما والنكاح يترتب عليه آثاره بمجرد العقد ، ولا يحتاج إلى قبض الصداق ، وكذلك الوصيةوالوكالة والحوالة لا تحتاج في انعقادها إلى قبض المعقود عليه .
    الثاني : عقود يشترط فيها قبض المعقود عليه حين العقد . وهذه تنقسم إلى أقسام :
    أ - عقود يشترط فيها القبض لنقل الملكية ، كالهبة والقرض والعارية .
    أما الهبة - وهي تمليك في الحياة بغير عوض - فجمهور الفقهاء : الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة قالوا : لا تنتقل الملكية فيها بمجرد الإيجاب والقبول ، بل يحتاج ذلك إلى القبض بإذن الواهب وقال المالكية : لا يشترط لانتقال الملكية في عقد الهبة القبض ، بل تثبت للموهوب له ملكية الموهوب بالعقد ، وعلى الواهب إقباضه وكذلك القرض : فالجمهور من الحنفية والشافعية ، والحنابلة على أنه يشترط لنقل ملكيته إلى المقترض القبض وذهب المالكية إلى أن المقترض يملك القرض بالعقد ، ولا يحتاج ذلك إلى قبض العين المقرضة ،وعلى ذلك فإذا هلكت العين بعد العقد وقبل القبض فإن ضمانها على المقرض عند جمهور الفقهاء ، بناء على بقاء الملكية لديه
    وفي عقد العارية صرح الحنفية بأن ملك المنافع من الأموال المعارة لا تنتقل بمجرد العقد ، بل يحتاج ذلك إلى قبض المعار وقال الشافعية والحنابلة : إن العارية إباحة الانتفاع ، فلا تنتقل فيها المنافع أصلا ؛ لأنها ليست تمليك المنافع . وعند المالكية تملك منفعة المعار بالعقد وإن لم يقبض المعار .
    ب - عقود يشترط فيها القبض لصحتها ، كالصرف ، وبيع الأموال الربوية ، والسلم ، والمضاربة ، والمساقاة ، والمزارعة .
    أما عقد الصرف - وهو بيع النقد بالنقد - فاتفق الفقهاء على أنه يشترط في صحته التقابض في البدلين قبل التفرق عن مجلس العقد ، لقوله صلى الله عليه وسلم : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز .
    وكذلك بيع الأموال الربوية كالبر والشعير ونحوهما فيشترط في بيعها بمثلها التقابض ، لما ورد في الأحاديث من النهي عن بيع النسيئة في ذلك ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء مثلا بمثل .
    وأما عقد السلم - وهو : عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد – فاتفق الفقهاء إلى أنه يشترط في صحته قبض رأس المال قبل الافتراق ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من أسلف في شيئ فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم "،والتسليف هو الإعطاء ؛ ولأن الافتراق قبل قبض رأس المال يؤدي إلى بيع دين بدين ، وهو ممنوع ، لما ورد من النهي عن ذلك في الحديث الصحيح .
    إلا أن المالكية يجوزون تأخير قبض رأس المال في السلم عن مجلس العقد يومين أوثلاثة ؛ لأن ما قارب الشيء فله حكمه. وأما المضاربة فالجمهور على اشتراط تسليم رأس المال إلى العامل ، بحيث يمكنه التصرف فيه .
    وذهب الحنابلة في رواية : إلى عدم اشتراط ذلك.
    ج - عقود يشترط للزومها القبض : كالهبة والرهن ، فقد صرح جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة : بأن عقد الهبة لا يلزم بمجرد الإيجاب والقبول قبل القبض ، فيكون للواهب حق الرجوع ما دام الموهوب له لم يقبض ، حتى إن بعض الفقهاء قالوا بعدم لزوم الهبة بعد القبض أيضا ، فللواهب الرجوع فيها إلا في حالات خاصة وذهب المالكية إلى أن الهبة تلزم بالقبض إلا في حالات خاصة
    وأما الرهن : فقد اشترط جمهور الفقهاء في لزومه القبض ، فيبطل عقد الرهن برجوع الراهن عن الرهن بالقول أو بتصرف يزيل الملك.
    التقسيم السابع: أقسام العقود من حيث الضمان وعدمه تنقسم بهذا الاعتبار إلى قسمين:
    القسم الأول: عقود الضمان:
    وهي التي يعتبر المال المنتقل, بناء على تنفيذها, من يد إلى يد مضموناً على الطرف القابض له . فمهما يصيبه من تلف فما دونه , ولو بآفة سماوية , يكون على مسؤوليته وحسابه .
    وهذه العقود هي: البيع , والقسمة , والصلح عن مال بمال , والخارجة , والقرض , وإقالة هذه العقود.
    والضمان اصطلاحاً هو: عبارة عن غرامة التالف وقيل: «هو التزام بتعويض مالي عند ضرر للغير» .
    أدلة مشروعية الضمان:
    1- فيما يتصل بمعنى الكفالة ، قال الله تعالى: (ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) أي كفيل وضامن ، فقد ضمن يوسف – عليه السلام – لمن جاء بصواع الملك – وهو إناؤه الذي كان يشرب به – قدر ما يحمله البعير من الطعام.
    2- ومن الأحاديث في ضمان المتلفات المالية مارواه أنس قال: أهدت بعض أزواج النبي ^ إليه طعاماً في قصعة ، فضربت عائشة القصعة بيدها فألقت ما فيها ، فقال النبي ^: (طعام بطعام ، وإناء بإناء) .
    3- وفي ضمان ما يتصل بوضع اليد ؛ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) .
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    فقه المعاملات  عقدالبيع Empty رد: فقه المعاملات عقدالبيع

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 10:35 am

    -وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (الزعيم غارم

    مصطلحات ذات صلة بعقود الضمان :
    أولا: البيع: وهو اصطلاحاًً: مبادلة المال المتقوم بالمال المتقوم تمليكا وتملكاً أو هو مقابلة مال بمال على وجه مخصوص .
    ثانيا: الصلح على مال بمال: والصلح اصطلاحاً: عقد تنقطع به خصومة المتخاصمين .
    (وذلك أن يكون لرجل على آخر مال ، فيصالحه على دفع جزء من ماله ، أو على أن يعطيه حاجة بدل ماله ، ويسمى الأول إبراءً ، الثاني معاوضة، وهو اصطلاح ، وإلا فالكل معاوضة ، لذا فكل ما صلح أن يكون بدلاً في البيع ؛ صلح أن يكون بدلاً في الصلح ، ومالا فلا ، فلا يصح الصلح على خمر وخنزير، ولا على ألف إلى الحصاد ، وبما أن الصلح معاوضة فهو عقد ضمان) .
    ثالثاً: المخارجة: (وهو أن يتراضى الورثة مع وارث منهم على أن يأخذ شيئاً معلوماً من التركة ، أو من غيرها بدل ميراثه ، ويسمى التخارج ، فهو عقد معاوضة؛ لأن الوارث هذا ترك نصيبه من الميراث بدل الشيء المعلوم ، وهو نوع من الصلح ، فهو إذن عقد ضمان ، فبمجرد العقد يملك الوارث الشيء المعلوم ، وتزول ملكيته عن حقه من الميراث ، سواء علم قدره أم لا).
    رابعاً: القرض: وهو: (دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله) .
    (وهو في الحقيقة يشبه البيع ؛ لأنهما مبادلة مال بمال ، فهو إذن عقد معاوضة ، فهو عقد ضمان ، فمتى قبض المقترضُ القرض أصبح من ضمانه مطلقاً ، سواء هلك بتعد أو بتقصير ، أم بآفة سماوية ، أم بغيرها ، كالمشتري إذا استلم المبيع) .
    القسم الثاني: عقود أمانة:

    ¬¬وهي التي يكون المال المقبوض في تنفيذها أمانة في يد قابضه لحساب صاحبه. فلا يكون القابض مسؤولاً عما يصيبه من تلف فما دون إلا إذا تعدى عليه أو قَصَّر في حفظه.
    وهذه العقود هي الإيداع, والإعارة, والشركة بأنواعها , والوكالة, والوصاية.
    مصطلحات ذات صلة بعقود الأمانة :
    أولاً: الوديعة: واصطلاحاً: اسم للمال ، أو المختص المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض.
    والمراد بالمختص كلب الصيد ، فخرج بمال: ما ليس بمال كالخمر ، وبالمختص: الكلب الذي لا يقتنى ، وبالمدفوع: ما ألقته الريح ، واللقطة ، والمغصوب ، وبالحفظ: العارية ، وبقوله بلا عوض: الأجير على حفظ المال.
    ولا خلاف أن الوديعة أمانة ، ولا تضمن إلا بالتفريط ، وإن شرط المودِع على المودع ضمانها لم يصح الشرط ، وكذا لو شرط المودَع الضمان على نفسه لا يضمن ؛ لأن الشرط ينافي العقد.
    ثانيا: الشركة:
    (وهي أن يتفق اثنان أو أكثر على الاشتراك في الاتجار بمال وربحه
    والفقهاء متفقون على أن يد الشريك – في شركات الأموال بأنواعها – يد أمانة كالإيداع ؛ لأن كل شريك قبض مال الشريك الآخر بإذن صاحبه للمتاجرة به ، لا لدفع الثمن ؛ كالمقبوض على سوم الشراء، ولا للاستيثاق به كالرهن ، ولذا فلا ضمان على أي من الشريكين إلا بالتعدي ، ويقبل قول الشريك في تلف المال ، وفي مقدار الربح والخسارة)
    القسم الثالث: عقود مزدوجة الأثر: فتنشىء الضمان من وجه, والأمانة من وجه.
    وهذه العقود هي: الإجارة, والرهن, والصلح عن مال بمنفعة.
    فالإجارة يعتبر فيها المال المأجور أمانة في يد المستأجر, لكن منافعه المعقود على استيفائها مضمونة على المستأجر بمجرد تمكنه من استيفائها. فلو ترك المأجور دون أن ينتفع به حتى مضت مدة الإجارة يكون مافات من المنافع فائتاً على حسابه, وتلزمه الأجرة التي هي قيمة تلك المنافع (المجلة / 470).
    والصلح عن مال بمنفعة يعتبر في حكم الإجارة كما تقدم في بحث تقسيم العقود .
    فالمال الذي يقدمه أحد المتصالحين لتكون منفعته خلال مدة معينة بدلاً متصالحاً عليه في عقد الصلح يعتبر كالمأجور في يد المستأجر. فمنافعه تمضي مضمونة على حساب القابض , فيعد بمضيها مستوفياً لبدل الصلح. أما عين المال فأمانة في يده. والمال المرهون مضمون منه على المرتهن ما يعادل الدَّين , والزائد أمانة في يده كما تقدم . ضابط التمييز بين عقود الضمان وعقود الأمانة:
    والمبدأ الشرعي الذي يقوم على أساسه التمييز بين عقود الضمانات وعقود الأمانات, بحسب ما يوحي به استقراء الأحكام واستنطاق عللها الفقهية في شتى المناسبات, هو أنَّ فكرة الضمان في العقد تدور مع معنى المعارضة فيه ولو نهاية ومآلاً. وحينئذ يكون العقد عقد ضمان في الناحية التي تتعلق بها المعارضة. ويكون القابض ضامناً في هذه الناحية. أما فيما سوى ذلك فيعتبر العقد عقد أمانة؛ وتنفيذه بالتسليم والتسلم يجعل القابض أميناً على المال المقبوض.
    قال الشيخ مصطفى الزرقاء رحمه الله:
    «وتخريجاً على هذا المبدأ نرى:
    أ- أنَّ عقد البيع يعتبر عقد ضمان مطلقاً. وكذا عقد الصلح عن مال بمال. ذلك لأنَّ قبض المال المعقود عليه فيهما إنما هو قبض على أساس الاستيفاء لما استحقه القابض في مقابل عوض.
    وكذلك عقد القرض, لأنَّ المال إنما يقبض فيه امتلاكاً على أساس الإيفاء برد مثله عوضاً عنه. فهو معاوضة انتهاءً ومالاً كما تقدم.
    ب - أما عقد الإجارة فإنَّ المعارضة فيه إنما هي بين الأجرة والمنفعة دون عين المأجور, وليس تسليم العين إلا وسيلة ضرورية لاستيفاء منفعتها. فتعتبر الإجارة عقد ضمان بالنسبة إلى الأجرة والمنفعة لأنها محل المعارضة ومتعلقها. ويكون المؤجر ضامناً للأجرة التي يتسلمها, والمستأجر ضامناً للمنافع التي تصبح تحت تصرفه.
    أما عين المأجور في يد المستأجر فالعقد في حقها عقد أمانة.
    وكذلك عقد الرهن. فإن قبض المرهون إنما هو قبض على أساس الاستيفاء عند الاقتضاء إلى جانب معنى الاستيثاق
    والاستيفاء هنا معاوضة. لكن الاستيفاء من المرهون محدَّدٌ بمقدار الدين. فيكون الزائد من المرهون أمانة, إذ لا معاوضة بالنسبة إليه.
    ج ـ وأما عقود الإعارة, والوكالة, والشركة, ونحوها فإنها خالية خلواً تاماً من معنى المعارضة. فتعتبر عقود أمانة, ويكون مال الموكل في يد وكيله, ومال القاصر في يد وصيه, ومال الشريك في يد شريكه, والعارية في يد مستعيرها, كل ذلك أمانة محضة غير مضمونة بمقتضى العقد, كالوديعة .

    ثامنا:أقسام العقود من حيث الفورية والاستمرارية
    تنقسم بهذا الاعتبار إلى قسمين:

    القسم الأول:عقود فورية:
    وهي العقود التي لا يحتاج تنفيذها إلى زمن ممتد يشغله باستمرار ، بل يمكن أن تنتهي العلاقة بين العاقدين فوراً ، وذلك باستيفاء كل عاقد ما يستحقه.
    كالبيع ، والصلح والهبة. ففي البيع – على سبيل المثال – تنتهي العلاقة بين العاقدين بأن يسلم البائع السلعة للمشتري فوراً ، ويسلم المشتري الثمن للبائع فوراً.
    تقدّم فيما سبق تعريف البيع والصلح والقرض وأما الهبة فهي (تمليك في الحياة بغير عوض).
    القسم الثاني: عقود مستمرة (متراخية):
    وهي التي بحسب موضوعها, يستغرق تنفيذها مدة ممتدة من الزمن بحيث يكون الزمن عنصراً أساسياً في تنفيذها. ولذلك تسمى أيضاً عقوداً زمنية. وذلك كالإجارة والإعارة, وشركة العقد, والوكالة. فإنَّ تنفيذ هذه العقود وأمثالها باستيفاء منافع المأجور والعارية, وبممارسة أعمال الشركة والوكالة , يحتاج إلى وقت متَّسع يسري حكم العقد فيه باستمرار.
    ويعتبر من هذا القبيل اليوم في النظر القانوني عقد الاشتراك في الصحف الدورية من جرائد ومجلات, والتعهد بتقديم بعض الأرزاق والأطعمة يومياً إلى صاحب مطعم أو فندق أو مستشفى مثلاً, فإنه يعتبر عقداً مستمراً ولو كان في الحقيقة من قبيل البيع. ويسمى في الاصطلاح القانوني: عقد التوريد.
    وقد ينقلب العقد الفوري إلى عقد مستمر ، كالبيع بثمن مقسط ، والاشتراك في مجلة أو صحيفة ، والتعاقد مع صاحب مخبز أو مطعم لتوريد الخبز أو الأطعمة .
    مصطلحات ذات صلة بالعقود الفورية والمستمرة :
    أولاً: الإجارة: وفي الاصطلاح هي: (عقد على منفعة معلومة مباحة من عين معينة ، أو موصوفة في الذمة ، أو على عمل معلوم بعوض معلوم مدة معلومة) .
    ثانياً: الوكالة: وهي (تفويض التصرف والحفظ) .
    ثالثاً: العارية: وهي: )إباحة الانتفاع بعين من أعيان المال) .
    أثر التمييز بين العقد الفوري والمستمر:
    1- (أن الالتزام في العقد المستمر يتقابل تقابلاً تاماً ، فما تم في جانب يتم ما يقابله في الجانب الآخر.
    2- إذا فسخ العقد المستمر لعيب حدث في العين المستأجرة بعد العقد وهذا العيب يمنع المستأجر عن منفعة ما وقع عليه ، لزم المستأجر من الأجرة بمقدار انتفاعه) .
    وهذا بخلاف العقد الفوري, فإنه لا يحق للمشتري فسخ العقد لعيب حدث في العين بعد القبض.
    قال الشيخ مصطفى الزرقا:
    إن لهذا التمييز بين العقود الفورية والعقود الاستمرارية نتائج هامة اتفق فيها النظر الشرعي الإسلامي والنظر القانوني الحديث, أهمها أمران:
    1ــ أنَّ العقد الفوري كالبيع مثلاً إذا فسخ يكون فسخه مستنداً إلى الماضي, فيوجب التراد فيما نفذ من التزامات العاقدين.
    أما العقد المستمر ففسخه يكون مقتصراً غير مستند, أي بلا أثر رجعي كما تقدم في بحث انحلال العقود.
    2ـ إنَّ الالتزامات المتقابلة في عقد المعاوضة المستمر إنما تثبت بصورة متناظرة بين الطرفين شيئاً فشيئاً. فما تمَّ منها في جانب يتم ما يقابله في الجانب الآخر.
    ففي عقد الإيجار الذي تتقابل فيه المنفعة بالأجرة إنما يتحقق ويستقر التزام المستأجر بالأجرة تدريجياً كلما انتفع, وبقدر ما انتفع.
    حتى إنه إذا اشترط تعجيل الأجرة لا يستقر الالتزام بها في ذمة المستأجر ــ ولو استحق عليه تعجيلها ـ إلا مجزأً بحسب ما يمضي من منافع المأجور تدريجياً على حساب المستأجر.
    فلو فَسَخ العقد قبل انقضاء مدة الإجارة يسترد من الأجرة ما أسلف عن المدة الباقية.
    وقد صرَّح فقهاؤنا أنَّ الأصل في الإجارة أن يستحق المؤجر المطالبة لحظة فلحظة. ولكن لصعوبة ذلك وتعذره جعل له حق المطالبة بأجرة الدار يوماً فيوماً, وبأجرة الدابة مرحلة فمرحلة, إلا أن يكون هناك شرط أو عرف مخالف. (
    3ــ إنَّ عقد المعاوضة المستمر يعتبر في النظر الفقهي بمثابة عقود متجدِّدة في المدة التي يستغرقها تنفيذه.
    وعلى هذا كان عقد الإجارة يحق للمستأجر فسخه بطروء العيب الحادث على المأجور وهو في يده, كما يحق له فسخه بظهور العيب القديم فيه. وهذا بخلاف عقد البيع الفوري, فإنه لا يحق للمشتري فسخه بالعيب الحادث في المبيع بعد قبضه إياه, بل بالعيب القديم الموجود فيه قبل التسليم.
    فباعتبار التجدُّد في عقد الإجارة مع آناء الزمن يصبح العيب الحادث في المأجور عيباً قديماً بالنسبة إلى المستقبل.
    وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
    ((تلف المعقود عليه له أثر في انفساخ بعض العقود ، والعقود نوعان :
    النوع الأوّل العقود الفوريّة : وهي الّتي لا يحتاج تنفيذها إلى زمنٍ ممتدٍّ يشغله باستمرارٍ ، بل يتمّ تنفيذها فوراً دفعةً واحدةً في الوقت الّذي يختاره العاقدان ، كالبيع المطلق والصّلح والهبة وغيرها.
    وهذا النّوع من العقود لا ينفسخ بتلف المعقود عليه إذا تمّ قبضه.
    فعقد البيع مثلاً يتمّ بالإيجاب والقبول ، وإذا قبض المشتري المبيع وهلك بيده لا ينفسخ العقد ، لأنّ الهالك ملك المشتري ، والمالك هو الّذي يتحمّل تبعة الهالك كما هو معروف ، وهذا متّفق عليه بين الفقهاء.
    أمّا إذا هلك المبيع بعد الإيجاب والقبول وقبل القبض ففيه تفصيل وبيان : فقد صرّح المالكيّة - وهو المفهوم من كلام الحنابلة - أنّه إذا كان المبيع ممّا فيه حقّ توفيةً لمشتريه ، وهو المال المثليّ من مكيلٍ أو موزونٍ أو معدودٍ ، ينفسخ العقد بالتّلف والضّمان على البائع.
    أمّا إذا كان المبيع معيّناً وكان عقاراً ، أو من الأموال القيميّة الّتي ليس لمشتريها حقّ توفيةٍ فلا ينفسخ العقد بالتّلف ، وينتقل الضّمان إلى المشتري بالعقد الصّحيح اللّازم.
    وأطلق الحنفيّة والشّافعيّة القول بانفساخ البيع إذا هلك المبيع قبل قبضه.
    قال السّمرقنديّ : ولو هلك المبيع قبل التّسليم فالهلاك يكون على البائع ، يعني يسقط الثّمن وينفسخ العقد. وقال الحنفيّة : إذا هلك الثّمن قبل القبض فإن كان مثليّاً لا ينفسخ العقد ، لأنّه يمكن تسليم مثله ، بخلاف المبيع ، لأنّه عين وللنّاس أغراض في الأعيان. أمّا إن هلك الثّمن وليس له مثل في الحال ففيه خلاف.
    ولا أثر لتلف الثّمن في الانفساخ إذا لم يكن عيناً بأن كان نقداً دراهم أو دنانير ، لأنّه ليس مقصوداً بالعقد ، ولأنّ الدّراهم والدّنانير لا تتعيّن بالتّعيين في العقد.
    هذا ، وأمّا إتلاف المبيع قبل القبض إن كان من قبل البائع ينفسخ به العقد بلا خلافٍ.
    وإن كان من قبل المشتري يعتبر قبضاً يوجب الضّمان عليه.
    النوع الثّاني العقود المستمرّة : وهي الّتي يستغرق تنفيذها مدّةً من الزّمن وتمتدّ بامتداد الزّمن حسب الشّروط المتّفق عليها بين الطّرفين والّتي تقتضيها طبيعة هذه العقود ، كالإجارة والإعارة والوكالة وأمثالها.
    وهذا النّوع من العقود ينفسخ بتلف المعقود عليه ، سواء أكان قبل القبض أم بعده ، وهذا متّفق عليه بين الفقهاء في الجملة. فعقد الإجارة مثلاً ينفسخ بهلاك العين المستأجرة.
    فإن تلفت قبل القبض أو عقيب القبض قبل مضيّ مدّةٍ يتمكّن المستأجر من الانتفاع بها ينفسخ العقد من أصله ويسقط الأجر.
    وإن تلفت العين المستأجرة بعد مضيّ شيءٍ من المدّة فإنّ الإجارة تنفسخ فيما بقي من المدّة ، دون ما مضى ، ويكون للمؤجّر من الأجر بقدر ما استوفى من المنفعة أو بقدر ما مضى من المدّة.
    وفي إجارة الدّوابّ صرّح الفقهاء : أنّه إذا وقعت الإجارة على دوابّ بعينها لحمل المتاع ، فماتت انفسخت الإجارة ، بخلاف ما إذا وقعت على دوابّ لا بعينها وسلّم الأجر إليه فماتت لا ينفسخ العقد ، وعلى المؤجّر أن يأتي بغير ذلك للمستأجر. وكذلك إذا وقع على العين ما يمنع نفعها بالكلّيّة ، كما لو أصبحت الدّار المستأجرة غير صالحةٍ للسّكنى عند الجمهور ( المالكيّة والحنابلة وهو ظاهر مذهب الحنفيّة والأصحّ عند الشّافعيّة ) وذلك لزوال الاسم بفوات السّكنى ، لأنّ المنفعة المعقود عليها تلفت فانفسخت الإجارة ، كما لو استأجر دابّةً ليركبها فزمنت ( أي مرضت مرضاً مزمناً ) بحيث لا تصلح إلاّ لتدور في الرّحى . وفي قولٍ عند الحنفيّة ، وهو مقابل الأصحّ عند الشّافعيّة : لا ينفسخ العقد لكن له الفسخ ، لأنّ أصل المعقود عليه لا يفوت ، لأنّ الانتفاع بالعرصة ( وهي أرض المبنى ) ممكن بدون البناء ، إلاّ أنّه ناقص ، فصار كالعيب ومن العقود المستمرّة الّتي تنفسخ بتلف المعقود عليه عقد الشّركة وعقد المضاربة ، كما هو مبيّن في موضعهما . وكذلك عقد العاريّة بتلف المعار ، وتنتهي الوكالة الخاصّة بفوات محلّ الوكالة


    تاسعا:أقسام العقود من حيث الأصلية والتبعية : تنقسم بهذا الاعتبار إلى قسمين:القسم الأول:عقود أصلية: وهي كل عقد يكون مستقلاً في وجوده غير مرتبط بأمر آخر على سبيل التبعية له في الوجود والزوال. وذلك كالبيع, والإجارة والإيداع, والإعارة إلخ..
    القسم الثاني: عقود تبعية: وهي ما كان العقد تابعاً ومرتبطاً في وجوده وزواله بعقد آخر ، وذلك كعقد الرهن والكفالة فالرهن والكفالة كلاهما توثيق لغيرهما ، فلا ينعقدان ابتداءً إذا لم يكن هناك عقد آخر يقومان عليه ، ويسقطان بسقوطه ، بفسخ أو إبراء من الدين ، ونحو ذلك.
    وينعقد الرهن في مقابل دَين موعود. كما لو وعد إنسان آخر بأن يقرضه مبلغاً, وأخذ منه رهناً سلفاً في مقابله. وكما لا ينعقدان ابتداءً إلا في مقابل حق آخر, يزولان بزوال ذلك الحق المقابل كما يسقط كل فرع بسقوط أصله. فلو أبْرأ الدائنُ المدينَ الأصيل سَقَطت الكفالة أيضاً عن الكفيل تبعاً لسقوط الدَّيْن. ومثل ذلك يقال في الرهن, فإنه يبطل بإبراء الدائن المدين .
    مصطلحات ذات صلة بالعقود الأصلية والتبعية :
    أولاً: الرهن: وهو: (عقد من جائز التصرف يقتضي توثيق دين مالي لازم أو عين مالية مضمونة ، بدين مالي لازم – على من هو عليه – أو عين مالية مضمونة يمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها – كله أو بعضه – عند تعذر الوفاء) .
    ثانياً: الكفالة: وهي: (ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق) .
    عاشرا:تقسيم العقود باعتبار لزومها وعدمه:تنقسم لعقود لازمة وعقود غير لازمة .
    العقد اللازم هو : ما لا يكون لأحد العاقدين فيه حق الفسخ دون رضا الآخر ، ومقابله : العقد الجائز أو غير اللازم : وهو ما يكون لأحد العاقدين فيه حق الفسخ .
    وقد قسم الفقهاء العقد باعتبار اللزوم والجواز إلى أنواع :
    قال السيوطي : العقود الواقعة بين اثنين على أقسام :
    الأول : لازم من الطرفين قطعا ، كالبيع والصرف والسلم والتولية والتشريك ، وصلح المعاوضة ، والحوالة ، والإجارة والمساقاة ، والهبة للأجنبي بعد القبض ، والصداق وعوض الخلع .
    الثاني : جائز من الطرفين قطعا ، كالشركة والوكالة والقراض ، والوصية والعارية ، الوديعة والقرض ، والجعالة والقضاء والوصايا ، وسائر الولايات غير الإمامة .
    والثالث : ما فيه خلاف ، والأصح أنه لازم كالمسابقة والمناضلة ، بناء على أنهما كالإجارة ، ومقابله يقول : إنهما كالجعالة ، والنكاح لازم من المرأة قطعا ، ومن الزوج على الأصح ، كالبيع ، وقيل : جائز منه لقدرته على الطلاق .
    الرابع : ما هو جائز ويئول إلى اللزوم ، وهو الهبة والرهن قبل القبض ، والوصية قبل الموت .
    الخامس : ما هو لازم من أحد الطرفين جائز من الآخر ، كالرهن بعد القبض والضمان ، والكفالة ، وعقد الأمان ، والإمامة العظمى ) .
    وذكر الزركشي أن القسمة في الحقيقة ثلاثية : لازم من الطرفين ، جائز منهما ، لازم من أحدهما ، وقال : من حكم اللازم أن يكون المعقود عليه معلوما مقدورا على تسليمه في الحال ، والجائز قد لا يكون كذلك ، كالجعالة تعقد على رد الآبق .
    ومن أحكام العقد اللازم من الطرفين : أنه لا يثبت فيه خيار مؤبد ، ولا ينفسخ بموت أحد العاقدين أو كليهما ، أو بالجنون أو الإغماء ، والجائز بخلافه ، وهذه القاعدة ليست مطردة عند الحنفية ؛ لأن عقد الإجارة عقد لازم من الطرفين عندهم لكنها تنفسخ بالوفاة ؛ لأنها تنعقد على المنافع ، وهي تحدث شيئا فشيئا ، فالمنافع التي تحدث بعد وفاة العاقدين لم تكن موجودة حين العقد ، فتفسخ الإجارة عند الحنفية بالوفاة .
    - تقسيم العقد باعتبار قبوله الخيار :
    قسم ابن قدامة العقد باعتبار قبوله الخيار أو عدم قبوله إلى ستة أقسام ، وبين حكم هذه الأقسام كالتالي :
    أ - عقد لازم يقصد منه العوض ، وهو البيع وما في معناه ، وهو نوعان :
    أحدهما : يثبت فيه الخياران : خيار المجلس وخيار الشرط ، كالبيع فيما لا يشترط فيه القبض في المجلس ، والصلح بمعنى البيع ، والهبة بعوض على إحدى الروايتين ، والإجارة في الذمة ، نحو أن يقول : استأجرتك على أن تخيط لي هذا الثوب ونحوه ، فهذا يثبت فيه الخيار ، فأما الإجارة المعينة ، فإن كانت مدتها من حين العقد دخلها خيار المجلس دون خيار الشرط ؛ لأن دخوله يفضي إلى فوت بعض المنافع المعقود عليها ، أو إلى استيفائها في مدة الخيار ، وكلاهما لا يجوز .
    النوع الثاني : ما يشترط فيه القبض في المجلس ، كالصرف والسلم وبيع مال الربا بجنسه ، فلا يدخله خيار الشرط .
    ب - عقد لازم لا يقصد به العوض كالنكاح والخلع ، فلا يثبت فيهما خيار ؛ لأن الخيار إنما يثبت لمعرفة الحظ في كون العوض جائزا لما يذهب من ماله ، والعوض هنا ليس هو المقصود ، وكذلك الوقف والهبة ؛ ولأن في ثبوت الخيار في النكاح ضررا .
    ج - عقد لازم من أحد طرفيه دون الآخر ، كالرهن لازم من جهة الراهن جائز في حق المرتهن ، فلا يثبت فيه الخيار ؛ لأن المرتهن يستغني بالجواز في حقه عن ثبوت خيار آخر ، والراهن يستغني بثبوت الخيار له إلى أن يقبض ، وكذلك الضامن والكفيل .
    د - عقد جائز من الطرفين كالشركة والمضاربة والجعالة والوكالة الوديعة والوصية ، فهذه لا يثبت فيها خيار استغناء بجوازها والتمكن من فسخها بأصل وضعها .
    هـ - عقد متردد بين الجواز واللزوم كالمساقاة والمزارعة ، والظاهر أنهما جائزان ، فلا يدخلهما خيار ، وقيل : هما لازمان ، ففي ثبوت الخيار فيهما وجهان .
    و - عقد لازم يستقل به أحد المتعاقدين ، كالحوالة ، والأخذ بالشفعة فلا خيار فيهما ؛ لأن من لا يعتبر رضاه لا خيار له ، وإذا لم يثبت في أحد طرفيه لم يثبت في الآخر كسائر العقود .
    أثر لزوم العقد أثر لزوم العقد في المعاوضات المالية
    المقصد الأول:نقل الملكية:
    إن كلا من المتعاقدين حينما يعقد عقد معاوضة ،فإنما غايته،ومقصده حصوله على المعقود عليه،وتملكه.فإذا تم العقد فإن المعقود عليه يصبح مالكا لذلك العاقد.
    المقصد الثاني:التسليم: إن التسليم للمعقود عليه يعتبر من الالتزامات التي تنشأ عن لزوم العقد في المعاوضات المالية,فيلزم كل واحد من طرفي العقد وهما الملزم,والملزم بتسليم الملزم به.
    المقصد الثالث:الضمان للمعقود عليه: الضمان يراد به التغريم يقال:ضمن الشئ إذا غرمه وضمنته المال ,إذا ألزمته إياه. ينحصر في ثلاث حالات:
    الحالة الأولى:أن يتم التلف بعد القبض: فإذا تم التعاقد وقام المشتري بقبض المعقود عليه,فإنه يضمنه
    الحالة الثانية :أن يتلف قبل التمكين من القبض: في هذه الحالة يكون تلف المعقود عليه قبل القبض,فالمشتري لم يتمكن من قبض السلعة فيكون الضمان على البائع .
    الحالة الثالثة:أن يتلف بعد التمكن من القبض وقبل قبضه:
    القول الأول:التفريق بين ما يحتاج إلى توفية,كالمكيل ,والموزون,والمعدود,وغيرهما,فما كان يحتاج إلى ذلك ,فلاضمان على المشترى إلا بعد قبضه
    القول الثاني:إن المشتري ليس له التصرف في المعقود عليه إلا بعد قبضه ,سواء كان عقارا,أو غير عقار,مطعوما أو غير مطعوم ,والضمان على البائع قبل القبض مطلقا
    القول الثالث:إن المشتري ليس له التصرف في المعقود عليه,إلا بعد قبضه,إلا العقار
    المقصد الرابع:شغل الذمة بالدين: تعتبر عقود المعاوضات المالية المبنية على المداينة,كالبيع المؤجل ,والسلم,والإجارة من العقود الموجبة لشغل ذمة العاقد بحق الطرف الآخر.
    آثار لزوم العقد الخاصة في المعاوضات المالية:
    المقصد الأول:قطع الخصومة: هذا الأثر يظهر في عقد الصلح,إذ عادة ما يكون الصلح بين أطراف متنازعة ,قد ذهب الود عنها,ونشأ الخلاف بينهما,والصلح بأنواعه يقيم ما فسد.
    المقصد الثاني :فض الشراكة: هذا الأثر يظهر في عقد القسمة في الأعيان,إذ أنها تكون في شئ مشترك فيه يكون لكل شريك نصيب مشاع غير محدد ولا متميز.
    المقصد الثالث :حرية الرقبة: يظهر هذا الأثر في عقدين من عقود المعاوضات المالية وهما عقد العتق بعوض وعقد المكاتبة فهذان العقدان المقصد الأساسي منهما تحرير الرقبة من رق العبودية لغير الله سبحانه.
    المقصد الرابع:الربح والخسارة: هذا الأثر من الآثار المترتبة على لزوم عقد المضاربة فإن عقدها يستلزم استحقاق طرفي العقد لمقاسمة الربح بينهما على حسب مااتفقا عليه كما أنهما يتحملان خسارته
    أثر لزوم العقد في التوثيق : الأثر العام للزوم العقد في عقود التوثيق
    ويظهر هذا الأثر لدى أهل العلم رحمهم الله من خلال الرهن فلزوم الرهن بعد قبضه وهو تمكين المرتهن من استيفاء حقه من العين المرهونة إذا حل الأجل ولم يقم الراهن بالسداد.
    وإن تعذر إحضاره مع بقائه لزم الكفيل الدين أو عوض الدين.
    آثار لزوم العقد الخاصة في عقود التوثيق :
    المقصد الأول :استحقاق المطالبة بالإحضار المراد باستحقاق المطالبة بالإحضار أن المكفول له من حقه أن يطالب الكفيل بأن يحضر مكفوله.
    المقصد الثاني :استحقاق المطالبة بالسداد: والمراد باستحقاق المطالبة بالسداد أن المكفول له والمضمون له حقه أن يطلب الكفيل والضامن بسداد الحق الذي له على المكفول .
    المقصد الثالث: عدم تصرف الراهن في العين المرهونة:
    مما يترتب على لزوم عقد الرهن أن الراهن لا يحق له أن يتصرف في العين المرهونة بما يلغي التوثيق في جانب المستفيد.
    آثر لزوم العقد في عقود الإرفاق : آثار لزوم العقد العامة في عقود الإرفاق :
    العقود التي يراد بها الإرفاق هي العقود التي يقصد منها مجرد الإحسان فلا تشمل على قصد المعاوضة كالبيع ونحوه وتنحصر هذه العقود في أربعة أنواع:
    النوع الأول :القرض: ووجه الرفق فيه أن صاحب المال يعطي المستدين المال وهو لا يريد المتاجرة أو الغبن وإنما يقصد الإحسان والرفق به ثم يقوم المستدين برد الدين على حسب ما اتفق عليه الطرفان.
    النوع الثاني :العارية: والرفق فيها مبني على المعير يعطي العين لأخيه المسلم ليستفيد من منفعتها على سبيل الإحسان ولا يطالب بعوض على ذلك كما في الإجارة فكان مقصده الرفق محضا من هذا الوجه
    النوع الثالث:الهبة لغير الثواب: وفيها يقوم الواهب بإعطاء الموهوب المال بقصد الرفق به ولا يرد عوضا في مقابلها
    النوع الرابع :الوصية:وفيها يقوم الموصي بمنح الموصى له المال قاصداً بذلك الإحسان لا غير إذ الوصية لا تنفذ إلا بعد موت الموصي.
    المقصد الأول :انتقال ملكية الذات: تنتقل ملكية الذات في بعض عقود الإرفاق من المرِفق إلى المُرَفق به ويكون المُرَفق ملزما بهذا الأثر المترتب على العقد المتفق عليه بين الطرفين.
    المقصد الثاني:انتقال ملكية المنفعة: تنتقل ملكية المنفعة دون العين في عقد واحد من عقود الإرفاق وهو عقد العارية .
    آثار لزوم العقد الخاصة في عقود الإرفاق : المقصد الأول :رد البدل:
    الرد:هو الإرجاع والبدل هو الخلف والغير فبدل الشئ خلفه وتبديل الشئ تغيره والأصل في التبديل جعل شئ مكان شئ آخر.
    المقصد الثاني:رد ذات العين: يظهر هذا الأثر في عقد العارية فالمستعير إذا انتهت حاجته من العارية يقوم برد عين العارية إذا كانت باقية.
    المقصد الثالث :الضمان: لا خلاف بين أهل العلم رحمهم الله في أن المستعير إذا كان فرط في حفظ العارية فتلفت فإنه ضامن لهذه العارية وعليه أن يدفع لمن أعاره بدلا عنها.
    أثر لزوم العقد في عقد النكاح وفروعه : أثر اللزوم في عقد النكاح :
    المقصد الأول:المهر: الصداق وهو العوض الذي يبذله الزوج عند عقد النكاح من اجل نكاح المرأة
    المقصد الثاني :النفقة: إذا كانت المرأة محبوسة على خدمة بيتها كان من الطبعي أن يلزم الرجل بالنفقة عليها والكسوة لها. فإذا تم عقد النكاح وحصل تمكين الزوج من زوجته فإن النفقة تجب عليه.
    المقصد الثالث:حل الاستمتاع: للزوج بموجب عقد النكاح أن يستمتع بزوجته ويقضي وطره وفق الضوابط الشرعية.
    المقصد الرابع :القوامة على الزوجة: للرجل على زوجته حق القوامة وهو يقتضي إمساك الزوج لزوجته في بيته ومنعها من الخروج
    المقصد الخامس:ثبوت المحرمية: ليس كل امرأة يجوز للرجل أن يتزوجها بل هناك من النساء من تحرم على الرجل أن ينكحها.
    المقصد السادس:التوارث: يعتبر الإرث من الآثار المترتبة على لزوم عقد النكاح إذا توفي أحدهما بعد العقد وإن لم يحصل دخول ولذلك اعتبر النكاح من أسباب الإرث في الشريعة الإسلامية.
    المقصد السابع:القسم بين الزوجات: إذا كان للرجل أكثر من امرأة فإنه يجب علية أن يقسم بينهن بالعدل في المبيت والنفقة والكسوة.
    اثر لزوم العقد في فروع النكاح : المقصد الأول : وقوع الفرقة البائنة بين الزوجين:
    من الآثار التي تنبني على لزوم عقدي الخلع والطلاق بعوض وقوع الفرقة بين الزوجين وينفسخ العقد وهذه الفرقة تكون بائنة.
    المقصد الثاني :التسليم للعوض: إن الزوجة تكون ملزمة بتسليم ما تم العقد عليه من عوض لزوجها الذي خالعها أو طلقها.
    المقصد الثالث:انتقال ملكية العوض في الخلع والطلاق: المراد بانتقال ملكية العوض أن الزوج يصبح مالكا لما بذلته الزوجة أو غيرها
    المقصد الرابع:شغل الذمة بعوض الخلع ,والطلاق: إذا كانت الزوجة لم تسلم العوض واتفقت مع زوجها على تأجيله وتعجيل طلاقها فإنه يترتب على هذا التعاقد أن ذمة الزوجة تكون مشغولة بذلك العوض.
    آثار لزوم العقد العامة في السير والجهاد : المقصد الأول :عصمة النفس: إذا تم إبرام عقد الهدنة أو الأمان مع الكفار فإنهم يصبحون معصومي الأنفس ولا يجوز التعدي عليهم.
    المقصد الثاني :عصمة المال: من الآثار العامة لعقود الذمة والأمان والهدنة في الجهاد أن أموال الكفار تكون معصومة كدمائهم.
    آثار لزوم العقد الخاصة في السير والجهاد : المقصد الأول :إيصال المُؤَمن إلى مأمنه:
    كمن أعطي الأمان فأعجب بحال المسلمين وما هم عليه فدخل في الدين الحنيف فإن لم يكتب الله عز وجل له ذلك فإن على المسلم الذي بذل له الأمان أن يرجعه مأمنه.
    المقصد الثاني:الدفاع عن أهل الذمة: في عقد أهل الذمة يبقى أهل الذمة في ديارهم مقابل دفعهم الجزية لأهل الإسلام.
    موانع لزوم العقد : المانع العام للزوم العقد(الإكراه) تعريف الإكراه في الاصطلاح:إلزام الغير بما لا يريده
    أنواع الإكراه القسم الأول :الإكراه بحق: كإكراه القاضي المولي على الطلاق بعد مضي مدة الإيلاء وإكراه الغاصب على رد المغصوب لصاحبه.
    القسم الثاني:الإكراه بغير حق: الملجئ كإتلاف عضو وغير ملجئ كالحبس القصير
    أثر الإكراه في منع لزوم العقد : هذا القسم اختلف العلماء رحمهم الله أن الإكراه عارض من عوارض الأهلية غير المكتسبة فإذا توفرت في الإكراه جميع شروطه وابرم بموجب هذا الإكراه عقد من العقود فهل يوصف هذا العقد بأنه لازم يجب الوفاء به أو يقال بأنه غير معتبر ولا يتعد به لوجود الإكراه.
    القسم الأول :العقود التي تحتمل الفسخ: ويقصد بها التي يمكن أن يرجع العاقد فيها,كالبيع فإن البائع إذا لم يستسلم الثمن جاز له أن يرجع في بيعه,وهكذا في الإجارة,والهبة ونحوها.
    القسم الثاني:العقود التي لا تحتمل الفسخ: ويقصد بها العقود التي لا يمكن الرجوع فيها,فإذا صدرت فلا تقبل أن يفسخها العاقد,كالعتق,والنكاح,والتدبير
    انتهاء العقد وأسبابه : انتهاء العقد إما أن يكون اختياريا أو يكون ضروريا ،والأول : إما أن يكون بإرادة عاقد واحد أو بإرادة كليهما ، فإذا كان بإرادة أحد العاقدين يسمى في اصطلاح الفقهاء فسخا ، وإذا كان برضا كلا العاقدين يسمى إقالة. والثاني ، أي الانتهاء الضروري : إما أن يكون في العقود المؤقتة ، كالإجارة والإعارة والوكالة ونحوها ، أو يكون في العقود المطلقة ، كالرهن والنكاح والبيع ونحوها ، ويسمى الانتهاء في هذه الصورة انفساخا.
    ولكل هذه الصور أسباب وأحكام نجملها فيما يلي :
    أولا - الأسباب الاختيارية لانتهاء العقد :
    أ - الفسخ : الفسخ :حل ارتباط العقد ورفع حكمه بالإرادة ، ويكون في العقود غير اللازمة بطبيعتها ، كعقد الوكالة والوديعة والشركة ونحوها اتفاقا ، وكذا عقد الإعارة المطلقة عند جمهور الفقهاء ، أو بشرط أن لا تكون مقيدة بعمل أو أجل عند المالكية ، فهذه العقود يمكن إنهاؤها بالفسخ بإرادة كل من العاقدين مع مراعاة عدم الضرر ، وكذا العقود اللازمة كعقد البيع والإجارة وغيرهما إذا كان فيها خيار لكل من الطرفين أو أحدهما ، فتفسخ بإرادة من له الخيار .
    ب - الإقالة .
    الإقالة رفع العقد وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطرفين (1) ، ومحل الإقالة العقود اللازمة من الطرفين مما يقبل الفسخ بالخيار ؛ لأن هذه العقود لا يمكن فسخها إلا بإرادة الطرفين واتفاق المتعاقدين ، وعلى ذلك فإن الإقالة تصح في عقود البيع والمضاربة ، والإجارة والرهن ( بالنسبة للراهن ) والسلم والصلح وهي عقود لازمة .
    ولا تصح الإقالة في العقود غير اللازمة كالإعارة والوصية ، والجعالة أو العقود اللازمة التي لا تقبل الفسخ بالخيار كالوقف والنكاح .
    ج - انتهاء المدة المعينة أو العمل المعين :
    تنتهي بعض العقود بانتهاء مدتها المقررة لها باتفاق الطرفين ، أو بانتهاء العمل الذي عقد العقد لأجله .فعقد الإجارة المقيد بمدة ينتهي بانتهاء المدة باتفاق الفقهاء كالدار للسكنى أو الأرض للزراعة ، إلا إذا وجد عذر يقتضي امتداد المدة ، كأن يكون في الأرض زرع لم يحصد ، أو كانت سفينة في البحر وانقضت المدة قبل وصولها إلى الساحل ،كما تنقضي الإجارة لعمل معين بانتهاء العمل المعقود عليه في إجارة الأشخاص ، كالحمال والقصار والخياط إذا أنهوا العمل .
    وكذلك عقد الوكالة المقيدة لإجراء عمل معين ، فإنها تنتهي بانتهاء العمل المفوض للوكيل .
    ثانيا - أسباب العقد الضرورية :
    أ - هلاك المعقود عليه . اتفق الفقهاء على أن تلف المعقود عليه سبب لانتهاء بعض العقود ، وذلك لتعذر دوام العقد ، فإذا تلفت الدابة المستأجرة ، أو انهدمت الدار المستأجرة للسكنى انفسخت الإجارة،وكذلك إذا تلفت العين المعارة أو المودعة في عقدي العارية والإيداع ، أوتلف رأس المال في عقدي الشركة ( شركة الأموال أو المضاربة ) كما هو مفصل في المصطلحات الخاصة بكل عقد من هذه العقود .
    وهذا السبب يؤثر في العقود المستمرة التي تدوم آثارها بدوام المحل ، أما ما يظهر أثره فورا - كعقد البيع مثلا - فلا يؤثر فيه هلاك المعقود عليه ( المبيع ) بعد قبض البدلين .
    أما قبل قبض المبيع ، فقد اختلف الفقهاء في أثر هلاك المبيع في انفساخ البيع : فقال الحنفية والشافعية بانفساخه ، مع تفصيل عندهم .
    قال الكاساني في هلاك المبيع قبل القبض : إن هلك كله قبل القبض بآفة سماوية انفسخ البيع ؛ لأنه لو بقي أوجب مطالبة المشتري بالثمن ، وإذا طالبه بالثمن فهو يطالبه بتسليم المبيع ، وإنه عاجز عن التسليم ، فتمتنع المطالبة أصلا ، فلم يكن في بقاء البيع فائدة ، فينفسخ ، وكذلك إذا هلك بفعل المبيع ، بأن كان حيوانا فقتل نفسه ، وكذا إذا هلك بفعل البائع ، ويسقط الثمن عن المشتري عندنا ، وإن هلك بفعل المشتري لا ينفسخ البيع وعليه الثمن ؛ لأنه بالإتلاف صار قابضا
    وقال النووي : المبيع قبل قبضه من ضمان البائع ، فإن تلف بآفة سماوية انفسخ البيع وسقط الثمن عن المشتري .
    أما المالكية فقالوا : إذا كان المبيع مما فيه حق توفية لمشتريه - وهو المال المثلي من مكيل أو موزون أو معدود - ينفسخ العقد بالتلف والضمان على البائع ، أما إذا كان المبيع معينا وعقارا أو من الأموال القيمية فلا ينفسخ العقد بالتلف ، وينتقل الضمان إلى المشتري بالعقد الصحيح اللازم ومثله عند الحنابلة .
    ب - وفاة أحد العاقدين أو كليهما :
    وفاة أحد العاقدين أو كليهما لا تؤثر في العقود اللازمة في الجملة ، ما عدا عقد الإجارة عند الحنفية ، فإنهم يقولون : تنفسخ الإجارة بوفاة المؤجر أو المستأجر ؛ لأن المنافع ليست أموالا موجودة حين العقد ، وتحدث شيئا فشيئا ، فإذا أبقينا عقد الإجارة بعد الوفاة فالمستأجر أو ورثته ينتفعان من العين المنتقلة ملكيتها بوفاة المؤجر إلى الورثة ، والمنافع المستحدثة لم تكن موجودة حين الوفاة حتى تنتقل إلى ورثة المستأجر .
    وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الموت لا يؤثر في انتهاء عقد الإجارة إذا كانت مدتها باقية ؛ لأن المنافع أموال يقدر وجودها حين العقد ، فانتقلت إلى المستأجر بالعقد .
    أما العقود غير اللازمة - كالوكالة والإعارة والوديعة ونحوها - فتنفسخ في الجملة وتنتهي بوفاة أحد العاقدين أو كليهما ؛ لأنها عقود تنفسخ بإرادة أحد الطرفين في حياتهما وتستمر بإرادتهما ، فإذا توفي العاقد فقد بطلت إرادته وانتهت رغبته ، فبطلت آثار هذه العقود التي كانت تستمر باستمرار إرادة العاقدين .
    ج - غصب المعقود عليه : غصب محل بعض العقود يوجب انفساخها ، ففي عقد الإجارة
    قال الشافعية والحنابلة : إن غصبت العين المستأجرة فللمستأجر الفسخ ؛ لأن فيه تأخير حقه ، فإن فسخ فالحكم فيه كما لو انفسخ العقد بتلف العين ، وإن لم يفسخ حتى انقضت مدة الإجارة فله الخيار بين الفسخ والرجوع بالمسمى ، وبين البقاء على العقد ومطالبة الغاصب بأجر المثل.
    وقال الحنفية : لو غصبت العين المستأجرة من يد المستأجر سقط الأجر كله فيما إذا غصبت في جميع المدة ، وإن غصبت في بعضها سقط بحسابها ، وذلك لزوال التمكن من الانتفاع بالعين المستأجرة ، وتنفسخ الإجارة بالغصب في المشهور عند الحنفية ، خلافا لبعضهم .
    وألحق المالكية الغصب بتعذر الاستيفاء من المعقود عليه ، فحكموا بانفساخ العقد به ، وصرحوا بأن الإجارة تنفسخ بتعذر ما يستوفى منه المنفعة ، والتعذر أعم من التلف ، فيشمل الضياع والمرض والغصب وغلق الحوانيت قهرا وغير ذلك
    د - أسباب أخرى يفسخ بها العقد أو ينتهي .
    ذكر بعض الفقهاء من أسباب فسخ العقد أو انتهائه الاستحقاق ، فقد ذكر المالكية والشافعية والحنابلة أن المبيع إذا استحق للغير بالبينة أو بإقرار المشتري فإن البيع ينفسخ وينتهي حكمه ، وقال الحنفية : إن الحكم بالاستحقاق لا يوجب فسخ العقد ، بل يوجب توقفه على إجازة المستحق ، فإن أجاز وإلا ينفسخ ويسترد المشتري الثمن من البائع. وبهذا ينتهي مايتعلق بأقسام العقود ويتم دراسة الخيارات(المجلس-الشرط-الغبن والتدليس-العيب-الرؤية-التعيين) من الأبحاث المقدمة.
    الشروط في العقد عند الحنابلة وشيخ الإسلام : قال ابن قدامة-رحمه الله -:
    ( فصل : والشروط تنقسم إلى أربعة أقسام أحدها , ما هو من مقتضى العقد , كاشتراط التسليم وخيار المجلس , والتقابض في الحال . فهذا وجوده كعدمه , لا يفيد حكما , ولا يؤثر في العقد .
    الثاني , تتعلق به مصلحة العاقدين , كالأجل , والخيار , والرهن , والضمين , والشهادة , أو اشتراط صفة مقصودة في المبيع , كالصناعة والكتابة , ونحوها . فهذا شرط جائز يلزم الوفاء به . ولا نعلم في صحة هذين القسمين خلافا .
    الثالث , ما ليس من مقتضاه , ولا من مصلحته , ولا ينافي مقتضاه , وهو نوعان ;
    أحدهما , اشتراط منفعة البائع في المبيع , فهذا قد مضى ذكره .
    الثاني , أن يشترط عقدا في عقد , نحو أن يبيعه شيئا بشرط أن يبيعه شيئا آخر , أو يشتري منه , أو يؤجره , أو يزوجه , أو يسلفه , أو يصرف له الثمن أو غيره , فهذا شرط فاسد يفسد به البيع , سواء اشترطه البائع أو المشتري , وسنذكره إن شاء الله تعالى .
    الرابع , اشتراط ما ينافي مقتضى البيع , وهو على ضربين ;
    أحدهما , اشتراط ما بني على التغليب والسراية , مثل أن يشترط البائع على المشتري عتق العبد , فهل يصح ؟ على روايتين ; إحداهما , يصح . وهو مذهب مالك وظاهر مذهب الشافعي { لأن عائشة . رضي الله عنها اشترت بريرة وشرط أهلها عليها عتقها وولاءها , فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم شرط الولاء , دون العتق } والثانية , الشرط فاسد . وهو مذهب أبي حنيفة ; لأنه شرط ينافي مقتضى العقد , أشبه إذا شرط أن لا يبيعه لأنه شرط عليه إزالة ملكه عنه , أشبه ما لو شرط أن يبيعه . وليس في حديث عائشة أنها شرطت لهم العتق , وإنما أخبرتهم بإرادتها لذلك من غير شرط , فاشترطوا الولاء , فإذا حكمنا بفساده , فحكمه حكم سائر الشروط الفاسدة التي يأتي ذكرها . وإن حكمنا بصحته , فأعتقه المشتري , فقد وفى بما شرط عليه , وإن لم يعتقه , ففيه وجهان ; أحدهما , يجبر ; لأن شرط العتق إذا صح , تعلق بعينه , فيجبر عليه , كما لو نذر عتقه . والثاني , لا يحبر ; لأن الشرط لا يوجب فعل المشروط , بدليل ما لو شرط الرهن , والضمين , فعلى هذا يثبت للبائع خيار الفسخ , لأنه لم يسلم له ما شرطه له , أشبه ما لو شرط عليه رهنا . وإن تعيب المبيع , أو كان أمة , فأحبلها , أعتقه , وأجزأه ; لأن الرق باق فيه . وإن استغله , أو أخذ من كسبه شيئا , فهو له . وإن مات المبيع , رجع البائع على المشتري بما نقصه شرط العتق , فيقال : كم قيمته لو بيع مطلقا ؟ وكم يساوي إذا بيع بشرط العتق ؟ فيرجع بقسط ذلك من ثمنه , في أحد الوجهين وفي الآخر يضمن ما نقص من قيمته .
    الضرب الثاني , أن يشترط غير العتق ; مثل أن يشترط أن لا يبيع , ولا يهب , ولا يعتق , ولا يطأ . أو يشترط عليه أن يبيعه , أو يقفه , أو متى نفق المبيع وإلا رده , أو إن غصبه غاصب رجع عليه بالثمن , وإن أعتقه فالولاء له . فهذه وما أشبهها شروط فاسدة . وهل يفسد بها البيع ؟ على روايتين ; قال القاضي : المنصوص عن أحمد أن البيع صحيح . وهو ظاهر كلام الخرقي هاهنا . وهو قول الحسن , والشعبي والنخعي والحكم وابن أبي ليلى , وأبي ثور . والثانية , البيع فاسد . وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن { النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط } ولأنه شرط فاسد , فأفسد البيع , كما لو شرط فيه عقدا آخر . ولأن الشرط إذا فسد , وجب الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن , وذلك مجهول فيصير الثمن مجهولا . ولأن البائع إنما رضي بزوال ملكه عن المبيع بشرطه , والمشتري كذلك إذا كان الشرط له , فلو صح البيع بدونه , لزال ملكه بغير رضاه , والبيع من شرطه التراضي . ولنا , ما روت عائشة , قالت : { جاءتني بريرة , فقالت : كاتبت أهلي على تسع أواق , في كل عام أوقية , فأعينيني . فقلت : إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة , ويكون لي ولاؤك فعلت . فذهبت بريرة إلى أهلها , فقالت لهم , فأبوا عليها , فجاءت من عندهم , ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس , فقالت : إني عرضت عليهم , فأبوا , إلا أن يكون الولاء لهم . فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : خذيها , واشترطي الولاء , فإنما الولاء لمن أعتق ففعلت عائشة , ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس , فحمد الله , وأثنى عليه , ثم قال : أما بعد , ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله , ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل , وإن كان مائة شرط , قضاء الله أحق , وشرط الله أوثق , وإنما الولاء لمن أعتق } متفق عليه . فأبطل الشرط , ولم يبطل العقد . قال ابن المنذر : خبر بريرة ثابت . ولا نعلم خبرا يعارضه , فالقول به يجب . فإن قيل : المراد بقوله : " اشترطي لهم الولاء " . أي عليهم . بدليل أنه أمرها به , ولا يأمرها بفاسد . قلنا : لا يصح هذا التأويل بوجهين ; أحدهما , أن الولاء لها بإعتاقها فلا حاجة إلى اشتراطه . الثاني , أنهم أبوا البيع , إلا أن يشترط الولاء لهم , فكيف يأمرها بما يعلم أنهم لا يقبلونه منها ؟ وأما أمره بذلك فليس هو أمرا على الحقيقة , وإنما هو صيغة الأمر بمعنى التسوية بين الاشتراط وتركه , كقوله تعالى { : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } وقوله { : فاصبروا أو لا تصبروا } والتقدير : واشترطي لهم الولاء , أو لا تشترطي . ولهذا قال عقيبه : { فإنما الولاء لمن أعتق } . وحديثهم لا أصل له على ما ذكرنا , وما ذكروه من المعنى في مقابلة النص غير مقبول .)أهـ. المغني (6/323)
    ومما تقدم من كلام ابن قدامة يتبين أن الشروط عند الحنابلة ثلاثة أقسام:
    أولا:الشروط الصحيحة وهي ثلاثة أنواع :
    1-ما كان من مقتضى العقد وهي كل شرطٍ يقتضيه العقد عند الإطلاق من غير اشتراط.
    2-ما كان من مصلحة العقد. 3-اشتراط منفعةٍ في المعقود عليه.
    ثانيا: الشروط الباطلة التي لا تبطل العقد،وهي التي تنافي مقتضى العقد،كأن يبيعه ويشترط عليه أن لا يبيع,أولا يهب،وصححوا –استثناء- ما لو باعه العبد وشرط عليه أن يعتقه.
    ثالثا: الشروط الباطلة المبطلة للعقد وهي نوعان:
    1-شرط عقد في عقد آخر. 2- تعليق العقد على شرط.
    ويوافق شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم الحنابلة في الشروط الصحيحة إلا أنهم يوسعون نطاق قبولها لتشمل الشروط الباطلة عند الحنابلة بنوعيها،ولقد أصًل ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين (3/303) في قوله: "وهاهنا قضيتان كليتان من قضايا الشرع الذي بعث الله به رسوله:
    إحداهما: أنَّ كل شرطٍ خالف حكم الله وناقض كتابه فهو باطل كائناً ما كان .
    والثانية: أن كل شرط لا يخالف حكمه ولا يناقض كتابه وهو ما يجوز تركه وفعله بدون الشرط فهو لازم بالشرط،ولا يستثنى من هاتين القضيتين شيء , وقد دل عليهما كتاب الله وسنة رسوله واتفاق الصحابة ,ولا تعبأ بالنقض بالمسائل المذهبية والأقوال الآرائية ؛ فإنها لا تهدم قاعدة من قواعد الشرع ; فالشروط في حق المكلفين كالنذر في حقوق رب العالمين , فكل طاعة جاز فعلها قبل النذر لزمت بالنذر , وكذلك كل شرط قد جاز بذله بدون الاشتراط لزم بالشرط , فمقاطع الحقوق عند الشروط"
    وبيَن ذلك شيخ الإسلام- رحمه الله- في كلام محكم تفصيلي كما في مجموع الفتاوى في قوله:
    "إنَّ العقد له حالان: حال إطلاق وحال تقييد ، ففرق بين العقد المطلق وبين المعنى المطلق من العقود ، فإذا قيل: هذا شرط ينافي مقتضى العقد ، فإن أريد به: ينافي العقد المطلق ، فكذلك كل شرط زائد ، وهذا لا يضره .وإن أريد: ينافي مقتضى العقد المطلق والمقيد احتاج إلى دليل على ذلك وإنما يصح هذا إذا نافى مقصود العقد ، فإن العقد إذا كان له مقصود يراد في جميع صوره ، وشرط فيه ما ينافي ذلك المقصود ، فقد جمع بين إثبات المقصود ونفيه ، فلا يحصل شيء ، ومثل هذا الشرط باطل بالاتفاق،بل هو مبطل للعقد عندنا،والشروط الفاسدة قد تبطل لكونها قد تنافي مقصود الشارع، مثل اشتراط الولاء لغير المعتق؛ فإن هذا لا ينافي مقتضي العقد ولا مقصوده، فإن مقصوده الملك، والعتق قد يكون مقصودًا للعقد ،فإن اشْتِراء العبد لعتقه يقصد كثيرًا . فثبوت الولاء لا ينافي مقصود العقد، وإنما ينافي كتاب الله وشرطه؛ كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق " فإذا كان الشرط منافيا لمقصود العقد كان العقد لغوًا . وإذا كان منافيًا لمقصود الشارع كان مخالفًا لله ورسوله.فأما إذا لم يشتمل على واحد منهما، فلم يكن لغوًا، ولا اشتمل على ما حرمه الله ورسوله، فلا وجه لتحريمه، بل الواجب حله؛ لأنه عَمَلٌ مقصود للناس يحتاجون إليه ،إذ لولا حاجتهم إليه لما فعلوه؛ فإن الإقدام على الفعل مظنة الحاجة إليه.ولم يثبت تحريمه، فيباح؛ لما في الكتاب والسنة مما يرفع الحرج".29/155
    ومنه يتبين أن الشروط الباطلة عند شيخ الإسلام تنحصر في نوعين:


    عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 10:40 am عدل 1 مرات
    محمد راضى مسعود
    محمد راضى مسعود
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 7032
    نقاط : 15679
    السٌّمعَة : 118
    تاريخ التسجيل : 26/06/2009
    العمل/الترفيه : محامى بالنقض

    فقه المعاملات  عقدالبيع Empty رد: فقه المعاملات عقدالبيع

    مُساهمة من طرف محمد راضى مسعود الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 10:39 am

    - المخالفة لمقصود الشرع ويراد بها المخالفة لحكم الله،المناقضة لكتابه،ومثل لها باشتراط الولاء لغير المعتق،فهو باطل مع كون العقد صحيحا..
    2- المخالفة لمقصود العقد،ويراد بها ما يناقض العقد ويتعذر معه التعاقد،ومثل لها باشتراط الطلاق في النكاح ، أو اشتراط الفسخ في العقد
    فأما الأول فإن الشرط فيه باطل لا يبطل معه العقد بل هو لازم إن كان المشترط عالما بالتحريم وفيه يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "ونفس الحديث-حديث بريرة- صريحٌ في أن مثل هذا الشرط الفاسد لا يفسد العقد ، وهذا هو الصواب ، وهو قول ابن أبي ليلى ، وهو مذهب أحمد في أظهر الروايتين عنه.وإنما استشكل هذا الحديث من ظنَّ أن الشرط الفاسد يفسِد العقد ، وليس كذلك ،
    لكن إن كان المشترِط يعلم أنه شرطٌ محرم لا يحل اشتراطه ، فوجود اشتراطه كعدمه ، مثل هؤلاء القوم ، فيصح اشتراء المشتري ويملك المشترى ، ويلغو هذا الشرط الذي قد علم البائع أنه محرمٌ لا يجوز الوفاء به.." أما إن كان المشترط جاهلا بالتحريم فإن العقد في حقه غير لازم بل هو موقوف عليه إن شاء أمضاه بدون الشرط أو أبطله،ويبين ذلك ابن تيمية بقوله:" وأما إن كان المشترِط لمثل هذا الشرط الباطل جاهلا بالتحريم ، ظانّا منه أنَه شرط لازم ،فهذا لا يكون البيع في حقه لازما ، ولا يكون أيضا باطلا ،وهذا ظاهر مذهب أحمد ، بل له الفسخ إذا لم يعلم أن هذا الشرط لا يجب الوفاء به ؛ فإنه إنما رضي بزوال ملكه بهذا الشرط ، فإذا لم يحصل له فملكه له إن شاء ، وإن شاء أن ينفذ البيع أنفذه ، كما لو ظهر بالمبيع عيبٌ ، وكالشروط الصحيحة إذا لم يوفَ له بها ، إذا باع بشرط رهن أو ضمين فلم يأت به ، فله الفسخ والإمضاء والقول بأن البيع باطلٌ في مثل هذا ضعيفٌ مخالفٌ للأصول" (29/340).
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه
    تنبيه يمنع وضعها في مراكز تصوير
    تصحيح أخوكم سعد السبر
    نظرية العقد أهم المراجع في المادة /
    1/العقد لشيخ الإسلام ابن تيمية.
    2/الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية لأبي زهرة
    3/ الأموال ونظرية العقد في الفقه لمحمد يوسف موسى .
    4/ نظرية العقد للسنهوري .
    5/ المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا .
    6/الملكية ونظرية العقد للدكتور أحمد فراج حسين.
    7/ الموسوعة الفقهية الكويتية .
    8/ عقد البيع للزرقا .
    9/ العقد في الفقه الإسلامي للدكتور/ عباس محمد .
    وثَمَّ كتب في أجزاء من الموضوع مثل :
    1/ أحكام لزوم العقد للدكتور/ عبد الرحمن الجلعود .
    2/ أحكام الرجوع في المعاوضات المالية للدكتور/فضل عثمان .
    3/ صيغ العقود في الفقه الإسلامي للدكتور/ صالح الغليقة .
    4/ تصرفات الأمين في العقود المالية للدكتور/ عبد العزيز الحجيلان .
    5/أسباب انحلال العقود المالية للدكتور عبدالرحمن العايد. وغيرها من الكتب.
    المنهج هو: 1- أقسام العقود 2- بيان الخيارات في العقود . 3-انتهاء العقد وأسبابه .

    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:15 am