روح القانون

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الأستشارات القانونيه نقدمها مجانا لجمهور الزائرين في قسم الاستشارات ونرد عليها في الحال من نخبه محامين المنتدي .. او الأتصال بنا مباشره موبايل : 01001553651 _ 01144457144 _  01288112251

    المحامين وحوار الطرشان

    رمضان الغندور
    رمضان الغندور
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني
    مؤسس ومصمم المنتدي والدعم الفني


    عدد المساهمات : 7758
    نقاط : 21567
    السٌّمعَة : 16
    تاريخ التسجيل : 31/05/2009
    العمر : 67
    العمل/الترفيه : محامي حر

    المحامين وحوار الطرشان Empty المحامين وحوار الطرشان

    مُساهمة من طرف رمضان الغندور الأحد يناير 02, 2011 10:27 pm

    حقيقة أنا فى دهشة إلى حد الذهول من ظاهرة الجدل السائد فى الصحافة والإعلام بصفة عامة وفى مواقع كثيرة على الإنترنت حول قضايا جد قضايا جدلية كثيرة أغلبها لا يمت للواقع الحالى الأليم والمفجع بصلة ويدهشنى أكثر نبرة الحوار والخطاب الإعلامى خاصة فى كثير من البرامج التليفزيونية والذى هو أشبه ما يكون بحوار الطرشان وغالبا ما يتسم بالتشنج والإنفعال والتفكير العاطفى وخلط الأوراق والتعميم والتسرع فى إصدار الأحكام ويكاد يتوه فيه صوت العقل والحكمة والهدوء والتروى ونادرا جدا ما تقرأ أو تسمع أحد المتحاورين يقول للطرف الأخر ـ خاصة فى حوار حول قضايا خلافية يبدو أن رأيى قد جانبه الصواب فلم أكن أعرف هذه المعلومة أو على بينه بتلك الحقائق والبراهين التى ذكرتها مع ان الإعتراف بالحق فضيلة كما يقول المثل الشائع... الكل يريد أن يتكلم كثيرا ويسمع قليلا أو يسمع فقط ما يريد أن يسمعه أو يقاطع من يتحدث بأسلوب إستفزازى.
    وفى أغلب الأحيان يخرج الحوار عن القضية الأصلية ويتفرع الى قضايا فرعية أو منفصلة أو ينتقل من العام إلى الخاص فتحدث البلبلة والشوشرة ويتحول المتحاورون بقدرة قادر إلى أجهزة إرسال فقط دون إستقبال .
    لماذا تسود هذه الظاهرة فى مجتمعاتنا نحن المحامين أكثر من غيرها؟
    أليس غريبا أن تتفشى هذه الظاهرة المؤسفة المخجلة فى مجتمعاتنا على الرغم من أن الحوار هو قيمة إسلامية أكدها المولى عز وجل فى محكم آياته حيث يقول:
    (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125)
    هل هو هروب لا شعورى من الواقع المر الأليم والمهين؟
    هل هو نتيجة لتزايد مشاعر الإحباط واليأس من تغيير هذا الواقع؟
    هل هو شعور الشخص بفقدان الهوية أم محاولة لتحقيق وإثبات الذات؟
    هل هو شعور بالنقص أو الظلم أو هو حب الظهور على شاشة التليفزيون والسلام أم هو الرغبة والتطلع إلى زعامة ما من خلال ترديد شعارات جوفاء وعبارات رنانة طنانة كالببغاء قد مضى عهدها وثبت زيفها وأصبحت لا ترقى لمستوى الأحداث والقضايا المصيرية والأخطار الجسام التى تواجهنا اليوم وغدا ؟!
    كيف يتشدق البعض منا بالحرية والديمقراطية بينما هم يحجرون ويصادرون الرأى الأخر وينكلون به ؟!
    هل الخطأ أساسا يكمن فى أسلوب الحوار أم فى طريقة تفكير العقل ؟
    وإذا كان هذا كله يحدث بين زملاء يتحدثون لغة واحدة وبينهم الكثير من العادات والتقاليد المشتركة فماذا يفعلون وكيف يتحاورون مع الأخرين في المجتمع ولهم عادات وتقاليد وبيئات إجتماعية مختلفة؟!
    كيف يستقيم حق حرية التعبير مع أسلوب القذف أو التشهير أو أسلوب الغمز واللمز والتنابز بالألقاب؟
    ولماذا يتحاور بعضنا والكثيرون منا مع الأخر من منطلق أن هذا الآخر مدان إلى أن تثبت براءته لا العكس؟!
    كيف يكون الحوار بناءا إذا إستسهل الكثيرون منا اللجوء إلى التفسير التأمرى لكثير من الأحداث والقضايا الملحة التى تواجهنا عمال على بطال رغم إعترافى بأن عالم النشاط النقابي ملئ بالدسائس والمؤامرات؟! أو ليس فى هذا إعتراف منا بالعجز والقصور أو الكسل والتراخى عن البحث والتدقيق أو عن الفهم الصحيح ؟!!
    إذن ما الجدوى من الحوار أصلا إذا ماتشبث كل طرف برأيه وموقفه رغم الخطأ الواضح أو النقص فى المعلومات؟!
    حقيقة أنا لا أعرف الإجابة ولكنها كلها أسئلة أطرحها للجدل البناء والنقاش المفيد على الساحة بأسرها.
    وإذا كان لا بد من الخلاف ـ وهو أمر طبيعى يحدث بين البشر وحتى بين الأخ وأخيه ـ فلماذا لا نعرف أو حتى نحاول أن نتعلم كيف نختلف؟!
    أتذكر أننى قرأت ان "تب أونيل" رئيس مجلس النواب الأمريكى المخضرم عن الحزب الديمقراطى يروى موقفا حدث بينه وبين الرئيس الأمريكى الجمهورى رونالد ريجان أثناء المناقشات الحامية فى الكونجرس حول صفقة بيع طائرات الأواكس الأمريكية للمملكة العربية السعودية وكان ريجان يتصل ببعض أعضاء الكونجرس الأمريكى المنقسم لإقناعهم بضرورة الموافقة على الصفقة وفى أحد الأيام إتصل الرئيس ريجان بـ تب أونيل الذى كان يعارض الموافقة على بيع طائرات الأواكس التى تحتوى على أدق وأحدث وأخطرالأسرارالتكنولوجية الأمريكية لدولة أجنبية واحتد النقاش بينهما واستمر لأكثر من ساعة كاملة وكان ريجان رئيسا جديدا ولم يتفق الإثنان على موقف ويروى تب أونيل أنه إتصل تليفونيا بالرئيس رونالد ريجان فى السابعة من مساء نفس اليوم ليسأله عما إذا كان وقته يسمح لأن يدعوه إلى البيت الأبيض على فنجان قهوة أو أحد المشروبات (كلاهما من أصل أيرلندى) ويبدو أن ريجان كان لا يزال غاضبا من بعض ما دار بينهما أثناء النقاش قبل ساعات قليلة ولم يستطع أن يخفى مشاعره فقال لـ تب أونيل : تب إننى حقا فى دهشة وإستغراب من طلبك هذا بعد أن إحتد النقاش بيننا وأغضب كل منا الآخر ظهر اليوم فكيف تريد أن تأتى للحديث والتسامر؟
    فرد عليه السياسى المخضرم تب أونيل قائلا: " سيدى الرئيس لقد حدث هذا قبل الساعة السادسة مساء وأثناءمواعيد العمل الرسمية ونحن الآن فى السابعة مساء".
    قضايانا كبيرة وشائكة ومعقدة ومعظمها عادلة وتحتاج الى قوة كبيرة للدفاع عنها وإيجاد حلول جذرية لها وهذا فى رأيى لا يتحقق إلا بإعمال العقل والتفكير لا التكفير والإيمان القوى المستنير واتحادنا وتماسكنا لا بمزيد من الفرقة والإنقسام فنحن جميعا فى سفينة واحدة فى وسط محيط هذا العالم وأري الأمواج العالية والأعاصير تتلاطم على السفينة من كل جانب ورياح الخطر تهب على المنطقة بأسرها فى وقت أرى الكثيرين منا فى عالمنا العربى يخوضون معارك جدلية عقيمة لن تغير من واقعنا المأساوى الأليم أو تدرأ خطرا فمن أين لنا كل هذه الرفاهية؟
    منذ ما يقرب من أربعين عاما قال المفكر الكندى الكبير مارشال مكلوهان كلمته الشهيرة:
    إن أكثر ما يقلقنى ويشغل تفكيرى هو أن ندخل كشعوب القرن الحادى والعشرين ونحن لا زلنا نجر معنا قيود وأغلال القرن التاسع عشر

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 3:13 am