،أطراف معينة بمحاولة بث روح الفرقة بين المسلمين والاقباط لزلزلة استقرار
وامن مصر .
واشار فى حوار خاص مع برنامج (لقاء خاص) بالتلفزيون المصري الى ان هناك
مشاكل كثيرة خاصة بالاقباط يجب العمل على حالة لانهاء حالة الاحتقان
الموجودة .
وفيما يلي نَص حوار الأستاذ عبداللطيف المناوي رئيس مركز أخبار مصر مع
البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في "لقاء
خاص"
إفتتاحية:
السيدات والسادة، مصر هي وطن والكل قد يبقى ولم يبق هذا الوطن إلا بتآلف أبنائه على حماية هذا الوطن.
مقدمة:
شهدت الساعات الأولى من مطلع هذا العام الجديد حادثاً مأساوياً بل مجزرة
بكل المعاني راح ضحيتها شهداء مصريين أقباط وأصيب العشرات، وهذه الحادثة لا
ينبغي أن تمر دون عقاب من قام بها، وهذه الحادثة أو هذه المجزرة إستهدفت
مصر كلها لم تستهدف شخص بعينه بل إستهدفت كل مصر، ولأنها إستهدفت كل مصر
فلا أظن إلا إنه على كل مصري أن يحافظ على هذا الوطن، هذا الحزن وذلك الغضب
وحّد المصريين في لحظة نادرة، وهذا الحزن وهذا الغضب الذي يشعر به كل مصري
صالح وقادر بأن يكون منطلقاً لمستقبل قادم وهو مستقبل هذا الوطن والحفاظ
عليه.
البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية هو نموذج ليس فقط رأساً للكنيسة
القبطية المصرية ولكنه نموذج للوطنية المصرية، يتعامل معه المصريون جميعاً
مسلمين وأقباط بإعتباره نموذجاً للحكمة والوطنية.
واليوم جئنا إلى قداسة البابا شنودة لكي نتحدث حول ماحدث ولكي ننطلق منه إلى المستقبل، فكيف يمكن لنا الحفاظ على هذا الوطن؟.
قداسة البابا شنودة أهلاً بك، وإسمح لي أن أعزيك وأعزي كل المصريين وأعزينا
جميعاً على ذلك الحادث الأليم وعلى تلك المجزرة الأليمة وأود أن أسمع منك
في البداية كلمة حول هذا الحادث توجهها لأبنائك جميعاً.
قداسة البابا شنودة:
أبنائي الأحباء في كنيسة القديسين بسيدي بشر بالإسكندرية أعزيكم من كل قلبي
وآلامكم هي آلامُ لي شخصياً، أعزيكم في إستشهاد 20 بدون أي ذنب كانوا
يصلون وخرجوا من الصلاة إلى لقاء ربهم وأشعر تماماً أن هؤلاء قد وصلوا إلى
الفردوس، أعزي كنيستكم وأعزي الإسكندرية كلها وأعزي كل أحبائكم في مصر
وخارجها.
ولقد إستقبلت أمس فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وفضيلة وزير الأوقاف
وفضيلة مفتي مصر كلهم يعزونني أو يعزونكم في شخصي، كما تلقيت أيضاً تعزية
من فضيلة الشيخ القباني مفتي لبنان وأيضاً من فخامة رئيس لبنان، وتلقيت
أيضاً تعزيات من القدس نقلها إليّ نيافة مطران القدس من جهة جميع الكنائس
الموجودة في فلسطين برئاساتها الدينية وأيضاً رئاستها المدنية في شخص
الرئيس عباس، تلقينا أيضاً تعزية من روسيا وتعزية من كثير من رؤساء الدين
المسيحي في مصر، ويبدو أن الأمر فيه تعاطف كبير جداً عليكم من كل الجهات.
وقد إهتمت الصحف أيضاً بإبراز تعليقاتها عن تلك المذبحة التي حدثت في
الإسكندرية وأيضا السيد الرئيس تكلم عن هذا الموضوع وأصر على تتبّع الجناة
ومعاقبة المخطئين.
إسمح لي أن أضيف إلى تلك المشاعر من كل أنحاء العالم أيضاً إلى أن كل مصري
مسيحي على أرض الوطن كان يشعر بمدى حزن وغضب كل مصري مسلم على أرض البلد،
فهذا الوطن كما ذكرت وكما تقول أنت دائماً فإن مصر ليست وطن نعيش فيه
ولكنها وطناً يعيش فينا.
س: قداسة البابا هل تعتقد أن هذه الجريمة تؤثر فقط وموجهة فقط إلى أقباط مصر أم تعتقد إنها موجهة إلى مصر وكل مصر؟
إنها في الواقع أول مرة تقريباً في عصرنا الحاضر تحدث تفجيرات من هذا النوع
مما أصاب فزعاً عند الجميع سواء من الأقباط أو من المسلمين، ولقد تلقيت
تعزيات كثيرة من إخوتي المسلمين أيضاً وقد زارني بالأمس حوالي 10 من
وزرائنا يقدمون التعزيات أيضاً، فالبلد كلها شاعرة بأن كارثةً قد حدثت
والبعض من المسلمين يقولون الذي أصاب الأقباط اليوم يمكن أن يصيبنا غداً،
فهي مشكلة عامة من كل النواحي، ومادام الأمر هكذا فأرجو من أبنائنا أن
يهدأوا، وفي الهدوء يمكن حل جميع الموضوعات القائمة والتي في أذهان الآخرين
لأن المشاكل تحل بالهدوء وبالتفاهم وليس بالعصبية والإنفعال، وأحب أن أقول
لأبنائي في القاهرة أيضاً أن المظاهرات كثيرة قد حدثت وفي مجموعها ليست
الأقباط فقط إطلاقاً لأن كثيرين قد ركبوا الموّجة ودخلوا على إسم التعاطف
مع أحداث الإسكندرية وهم بعيدون كل البعد عن المشكلة، واشتركوا حتى في
الهتافات المسيحية ومع ذلك كان أسلوبهم غير أسلوبنا ولاقيَمهِم مثل قيَمنا.
س: دعني أستفسر عن هذه النقطة تحديداً قداسة البابا، حتى تصحح لي أو تؤكد
لي ما فهمت هل تقصد بأن المظاهرات التي هي غاضبة والغضب مفهوم من قِبل
العديد من الشباب المصريين الأقباط، هل حدث شكل من أشكال الإندساس من قِبل
عناصر أخرى غير مسيحية داخل هذه المظاهرات أو داخل هذه التجمعات بغرض تهييج
أو تسخين الموقف؟
قطعا..ً وبعض الهيئات السياسية التي لها إتجاه خاص، فهناك هتافات منهم
تجاوزت كل أدب وكل قيم بأمور لايمكن أن نرضاها ولايمكن أن تصدر أيضاً عن
مسيحي أو مسلم يتمسك بالقيم والخلق الكريمة، رأينا هذا بأنفسنا وبعضهم
أيضاً حاول إستخدام العنف بينما العنف ليس من إسلوبنا إطلاقاً ولكن كما
أقول إن عناصر إندسّت وتكلمت باسم الأقباط وهم بعيدون عن الأقباط وعن قيمهم
وعن أساليبهم ونحن لا نوافق إطلاقاً على التجاوزات التي حدثت.
س: إستمعت منكم قداسة البابا بالأمس تعبير أن الإنسان عندما يترك التحكم في
تصرفاته لمشاعره يغيب العقل، أريد أن أسمع منك تفسير هذه المسألة؟
الإنسان في ثورته أو هيجانه تقوده الأعصاب ولا يقوده العقل والأعصاب تمنع
العقل من التصرف وتبقى الأعصاب هي المسيطرة على الموقف والأعصاب ما أسهل أن
تخطئ إذا لم يحكمها العقل.
س: وتعتقد في هذه المرحلة إذا ما ذكرت أو إذا ما وجّهت كلمة إلى أبنائك من
الغاضبين والذي هو غضب متفهّم، ما الذي يمكن أن توجهه لهم في هذه المسألة؟
أرجو في غضب كل إنسان أن يتحكم عقلياً فيما يفعله وأن يحسب حساب ردود
الفعل، ربما إنسان في غضبه من أجل قضية معينة يخسر هذه القضية بأسلوبه
الغاضب، ليس من أجل غضبه حتى إن كانت تدفعه دوافع نبيلة ولكن من أجل
الطريقة التي يغضب بها والأسلوب الخاطئ الذي يعبر به عن هذا الغضب، كلنا
نغضب من أجل ما يحدث من شرور ولكننا نحسب حساباً لما نفعله ونحسب حساباً
لردود الفعل فيما نفعله وهكذا تتدخل الحكمة ليس معناها كبت المشاعر كلا
وإنما ضبط المشاعر حتى لا تخطئ.
س: أحد المبادئ المسيحية هي أن الإنسان يمكن أن يجد الفرح في كل شيء، كيف
يمكن أيضاً أن نخلق من تلك الحالة القاسية ومن ذلك الموقف الصعب أن نبحث
فيه عن فرح وفقاً لفهم المسيح لها عليه السلام؟
من جهة الفرح شعورنا بأن الله تبارك إسمه يتدخل في كل مشكلة وفي كل ضيقة
حتى إن كان فيها شر هو قادر أن يحول الشر إلى خير، ففرحنا بأن الله يتدخل
بما أننا نجتاز ضيقة معينة لا نجتازها وحدنا إنما يكون الله معنا يراقب كل
شيء ويحول كل الأمور إلى خيّر فإن كان خيرّ يصل إلينا خيّراً وإن كان شر
يحوله الله إلى خيّر لهذا نفرح بالرب.
س: قداسة البابا في أثناء فترة ما قبل الثورة وكانت التقارير الإنجليزية
تخرج من مصر أحد التقارير كان يقول حاولنا أن نجد الفارق ما بين المسيحي
والمسلم في مصر فلم نجد إلا مصريين بعضهم يذهب إلى الجامع والبعض الآخر
يذهب إلى الكنسية، هذا الوطن الذي تحدثت عنه إنه نحن يعيش فينا لانعيش فيه،
كيف يمكن لنا ألانسمح بإستغلال هذا الفارق الديني لتدمير ولحرق هذا الوطن؟
المشكلة ليست في الفارق الديني ولكن المشكلة أن هناك كوارث تحل بالطرف من
أطراف هذا الوطن، يعني في الذي حدث إعتداء على كنيسة معينة إعتداء على
أقباط أو تفكير في مشاكل كثيرة هنا ليست المشكلة في التفريق الديني إنما
المشكلة في الواقع وتأثيره على الآخرين، لانستطيع أن نمنع الناس من إنهم
يتألموا من أجل ما يحدث ، ولانستطيع لأن الإنسان كتلة مشاعر ويعبر عن
مشاعره ولكن مانقوله إنه عندما يعبّر عن مشاعره لايخطيء في التعبير ولا
تُمسك عليه غلطة.
س: إذن أنت مع فكرة أن هذه الحالة من الحزن وتلك الحالة من الغضب ينبغي أن
تظل في حدود عدم خلق مساحة لخلق حالة من حالات الصدام بين أبناء وطن واحد؟
لايوجد صدام يحدث بل العكس كثير من المسلمين إنضموا إلى إخوتهم المسيحين في
تعبير واحد، حالياً جمعت بيننا الكارثة جعلت هناك شعور على رأي المثل
"اللي يتغدى بأخوك يتعشى بيك" فهناك عدو مشترك يريد أن يزلزل سلام هذا
البلد ونحن لانقبل زلزلة هذا السلام إطلاقاً، وممكن أن نحتمل وأنا شاعر إن
كل المسئولين في البلد يبذلون جهدهم لكي يتتبعوا الجريمة ومرتكبيها
والمحرضين عليها ونتائجها، وهذا نوع مخلص نشكرهم عليه كما نشكر ما قام به
الأطباء بمجهود مخلص ونبيل في أثناء هذا الحادث حتى إن وُجد طيارة طبية
للإنقاذ بسرعة للذين لايمكن علاجهم في الإسكندرية ينقلون إلى القاهرة،
فالبلد كلها تتكاتف من أجل الخروج من المشلكة، لاننكر أن مشكلة قد حدثت لكن
نضيف إليها أن البلد كلها تحاول الخروج من هذه المشكلة.
س: حالة الإحساس بالخطر المشترك وكما ذكرت وجود عدو مشترك يسعى إلى زلزلة
هذا الإستقرار كما تقول، في رأيك هناك أطراف كما ذكرت عديدة من الشخصيات
وعلى رأسهم الرئيس مبارك شخصياً، بأن هناك مخططات للوقيعة بين أبناء مصر من
المسلمين والمسيحيين، قداسة البابا كيف ترى أنت الوسيلة لقطع الطريق على
هذه الوقيعة ونجاحها في إحداث أي شكل من أشكال التوتر في العلاقة أو إحداث
إحتقان في العلاقة من أبناء الوطن الواحد؟
من رأيي أن الدولة أيضاً عليها واجب وتنظر إلى مشاكل الأقباط وتحاول حلها،
لأن عندما تحدث مشكلة ولايوجد متاعب داخلية سابقة تُحل المشكلة بسهولة لكن
إذا حدثت مشكلة وفي القلب متاعب من أمور أخرى تزداد المشكلة، فمن رأيي أن
الدولة تساهم أيضاً في إيجاد الهدوء بتصحيح المشاعر المتضايقة من أمور
عديدة لم تُحل بعد، أو ما يسمونه في السياسة بالملف القبطي.
أ.عبداللطيف: أفضل أن أسميه الملف المصري!!
فقال البابا سميه ما شئت، لكن المهم فيه أشياء لاتخص كل المصريين
أ.عبداللطيف: لكنها تؤثر بشكل آخر على كل المصريين!!
س: قداسة البابا هل تعتقد أن الوصول إلى صيغة دولة يكون فيها القانون هو
السيد على المواطن دون النظر إلى كونه من هذه الديانة أو تلك من ذلك العرق
أو ذاك، هل تعتقد أن الوصول إلى ذلك المستوى هو المستوى الذي يمكن أن يخرج
بنا إلى منطقة الإستقرار وعدم القدرة على زعزعة الإستقرار؟
كلنا نؤمن بسيادة القانون وبأهمية القانون وأي دولة لايوجد فيها قانون تختل
ولكن هناك نقطة أخرى نضعها إلى جوار هذا الأمر وهي عدالة القانون، ومن ضمن
شروط عدالة القانون المساواة بين الكل في قانون واحد، الدول تصحح الكثير
من قوانينها أو تسن قوانين جديدة، وتقدر على تغيير دساتيرها لكي تصل إلى
وضع صحيح، فنفرض أن هناك قانون يعاني منه البعض فسيظل التعب قائم مع
إعترافنا بسيادة القانون لكن هناك قانون وهناك تعب هذا التصحيح.
س: وهذا التصحيح يمكن له أن يتأتى من خلال الحوار بين أبناء الوطن على
قاعدة المساواة وعلى قاعدة الشراكة الحقيقية في هذا الوطن، هل تعتقد إن هذا
الأسلوب هو الذي ينبغي أن ندعو له وأن نبني عليه في المرحلة المقبلة؟
الشراكة بين أبناء الوطن أمر مهم ولكن هناك أشياء تخرج عن نطاق أبناء الوطن
إلى السلطة نفسها لذلك أقول القانون وهنا تبدو مثلاً أهمية المجالس
التشريعية التي تسن القوانين لكي تتناسب مع راحة الشعب كله بلا إستثناء.
س: قداسة البابا أذكر بذلك التعبير الدستوري المهم أيضاً الذي اُحدِث
مؤخراً في المادة الأولى من الدستور والتي وضعت أساس الدولة المواطنة، هل
تعتقد أن هذا المبدأ الذي أقر من قِبل أغلبية ساحقة من المصريين يحتاج إلى
تدعيم في بعض المناطق التشريعية وفي بعض القوانين الأخرى الموجودة على
الساحة؟
أنا أعتقد أن كلمة الموطنة كلمة جميلة ولكن كثير من الناس لايفهمون تفاصيلها، ما تفاصيل كلمة المواطنة؟
أ. عبداللطيف: كيف تراها أنت قداسة البابا ماهي تفاصيل المواطنة في وجهة نظرك؟
من رأيي كلمة المواطنة أن كل إنسان في مصر مواطن وكمواطن يتمتع بكل حقوق
المواطنة بلا نقص وبلا تمييز، لكن الناس يتغنون بكلمة المواطنة دون أن
يدخلوا في تفاصيل ومعنى هذه المواطنة هو كيفية تطبيق المواطنة على الكل
وأكلمك بصراحة.
أ. عبداللطيف: وأنا أيضاً أكلمك بصراحة أنا آت اليوم بلا أوراق وبلا إعداد
أنا آت لأتحدث معك في ظل هذا الوضع والذي أظن أن حديث قداستك في هذه
المرحلة يعد من الأهمية بمكان لكل المصريين وليس بطرف من المصريين، إذن في
هذا الشكل دولة إختارت المواطنة نص صحيح وواضح في الدستور، ألا تعتقد إنه
ينبغي أن يجلس أبناء الوطن بعضهم مع بعض في ظل أجواء هادئة حتى لو كانت
هناك حالة من حالات السخونة للحوار حول هذه القضايا؟ وألا تعتقد بأن مؤسسات
دولة وقانون دولة يساوي بين المواطنين يمكن أن يؤدي بنا إلى تلك الحالة من
الإستقرار كما ذكرت سابقاً؟
كلمة أبناء الوطن لها معاني كثيرة في أبناء الوطن من جهة الشعب وأيضاً
أعضاء مجلس الشعب من أبناء الوطن وأعضاء مجلس الشورى من أبناء الوطن وكل
الهيئات الداخلة في السلطة أو الإدارة
كلهم من أبناء الوطن فهل فقط يجتمع أبناء الوطن الذين لا سلطة لهم ونترك
أبناء الوطن أصحاب السلطة المفروض إنهم ينظروا إلى مشاكل الشعب ويبدأوا في
حلها دون أن ينبههم أحد وإلا ما يحلوها فسيضطرون البعض بأنهم يهيجوا
ويقولوا لهم "ياجماعة خلوا بالكم مننا" وهؤلاء أيضاً من أبناء الوطن
ومسئولين وسوف يحاسبون أمام الله عن كل تصرفاتهم وهل قاموا بخدمة جميع
المواطنين وقلنا لا وأنا لا أتكلم فقط من جهة مشاكل الأقباط، هناك مشاكل
كثيرة مثل البطالة وإرتفاع الأسعار والمرتبات التي هي أقل من مستوى الصرف،
وهذه مشاكل كلها تهم أبناء الوطن وأحياناً عندما يتضرر الناس من حالاتهم
الإقتصادية من الفقر أو من الجوع يمكن أن يسخرهم أي شخص أو يجرهم في إتجاه
معين مدعياً صالحهم إنه يريد أن يهتم بهم في فقرهم، فالمسألة مسألة مشكلات
قائمة من المفروض أن تُحل في حدود الإمكانية المتاحة ولا أطالب الدولة بما
هو فوق مستواها.
س: قداسة البابا دعني أثمن ما ذكرته الآن في تلك الرؤية الشاملة للحالة وأن
الحالة عندما نتحدث عن حوار حول وطن وحول قضايا وطن فسوف نتحدث فقط عن
قضايا بعض المصريين والتي تتحدث عن قضايا كل المصريين وهذه الرؤية مطلوب أن
تصل إلى الشارع إلى الناس وإذا ما كان هناك خلل فهو ليس خلل موجه بعينه
ولكن قد يكون خلل أكثر هموماً يصيب جزء من الكل!
سواء كان خاص أو عام لابد أن نتنبه إلى كل أنواع الخلل الموجود في المجتمع
ونحاول علاجها لكن السكوت عنه لايعني إنه غير موجود فهو موجود سواء بحثه
القائمون بالأمر أم لم يبحثوه.
س: قداسة البابا هل تعتقد أن حالة الوحدة على تسميتها بالوحدة الوطنية
وأفضل أن أسميها بحالة الوطنية المصرية، هل هذه الحالة على محك أم تعتقد أن
الحالة الأخيرة أثبتت قوة ذلك الترابط المصري - المصري في مواجهة أي
تهديدات خارجية أو داخلية؟
عبارة الوحدة المفروض أن تكون وحدة في العمل وأيضاً وحدة في الفكر ووحدة في
المشاعر وبهذا الشكل تتحقق الوحدة الوطنية وكما هي وحدة بين المسلمين
والأقباط هناك وحدة ايضاً من المفروض أن تكون على مستوى الأحزاب وعلى مستوى
السياسة أي لايكون هناك خط يسير وخط آخر يسير ضده، والوحدة تحتاج إلى
مفهوم عام يؤمن به الجميع وبعد المفهوم العام نجد الوسيلة التي تحقق هذا
المفهوم، وبالنسبة لكل هذا نحتاج إلى ثقافة إجتماعية وثقافة سياسية وثقافة
روحية ونحتاج أيضاً إلى تثبيت قيم معينة، والشخص الذي يحب أن يعيش وحده
ولايهمه الآخرين أو يقدر على جمع المال ويترك غيرة كيف نقول له وحدة وطنية
فالوحدة وحدة قلب ووحدة مشاعر ولكن نقول ينبغي أن تتوحدوا ولكن كيف نتوحد؟.
س: هل لا تعتقد قداسة البابا بأن الحادث الأليم تلك المجزرة الأليمة التي
حدثت منذ عدة أيام قد أثبتت ذلك أن هناك قاعدة راسخة موجودة بالفعل في نفوس
المصريين جميعاً مسلمين وأقباط بأن هناك حالة من الإرتباط الوثيق، هل هذه
المشاعر هل ذلك الإحساس بالتوحد ألا تعتقد إنه ينبغي البناء عليه في
المستقبل؟
ممكن جداً بشرط ألا يكون التوحد مؤقت أي عندما يزول السبب تزول الوحدة.
س: كيف يمكن الحفاظ على ألا يكون هذا التوحد توحد مؤقت وأنا هنا أتكلم على كل الأطراف كيف يمكن الحفاظ على تلك الحالة من التوحد؟
التوحد يحتاج إلى تفاهم أبناء الشعب وأيضاً يشترك في هذا الأمر الإعلام
المرئي وأيضاً الصحافة والكل يتوحد، ساعات نقرأ في الصحف إن الدنيا خربت
وربنا يعوض علينا وهناك صحف أخرى نجد فيها بنيان، وأقصد أن لا يوجد وحدة
وطنية في التعبير عن أحداث البلد، يمكن لذلك أن يكون نتيجة طبيعية لتعدد
الأحزاب ولكن نأمل أن الأحزاب تجمعهم وحدة وطنية.
س: كلنا يعلم خلفيتك الإعلامية وإنك حتى الآن عضو في نقابة الصحفيين منذ
عام 1965 أي 46 عاماً، ونعلم إهتمامك بهذه المسألة، هل ملاحظاتك على تناول
الإعلام وأتكلم عن الإعلام كله ولا أتحدث عن إعلام بديانة معينة أو على
أرضية معينة، ألا تعتقد أن هذا الإعلام في تناوله للمسائل المرتبطة بأمور
دينية أو أمور طائفية يحتاج إلى التوصل إلى ما يمكن تسميته بـ"مدونة سلوك"
للتعامل مع القضايا الدينية التي تسبب بشكل أو بآخر حالة من حالات الإحتقان
والتي يمكن تحميلها تلك الحالة من الإحتقان خلال الفترة القصيرة الماضية؟
أنا أرى إن بعض الصحف تهتم بسرعة السبق في النشر دون أن تتأكد من صحة
الخبر، وتعتقد أنها أول صحيفة أو قناة تتكلم عن هذا الموضوع تعتبر نفسها
لامعة ولم يحدث تدقيق في الأخبار، ونسمع الآن في بعض الصحف أن جاءها من
مصدر موثوق به لا نعرف من هذا المصدر ولا نعرف موثوق به أم لا بل أحيانا
تنشر عني أنا شخصياً أخبار لم تحدث أبداً "حدث إن البابا عمل كذا وكذا
وكذا" وأنا لا أفعل شئ، والصحف لها عدة أغراض غرض منه الخبر وغرض أيضاً
الثقافة الشعبية حتى وأن لم يكن في الأمر أخبار، فالعنصر الذي به أخبار
يحتاج إلى دقة وأحياناً بعض الصحف تلجأ إلى عنصر الإثارة إما إثارة من
الناحية المالية أو الناحية السياسية أو الناحية الجنسية حتى أو من ناحية
الأخلاق كل هذا موجود في صحف ولكن نحن من المفروض أن نبحث عن الصحافة التي
تعطي خبراً سليماً صحيحاً ليست له ردود فعل سيئة.
س: أرجع بقداستكم لما ذكرته من لقاءات بالأمس ولقاءك مع فضيلة الإمام
الأكبر هذا اللقاء ماذا دار فيه، هل يمكن لهذا اللقاء أن يكون أمراً يُبنى
عليه أيضاً في تلك الرؤية التي نتحدث عنها لدولة واحدة لكل المصريين؟ ماذا
دار في اللقاء؟
تقريباً اللقاء كان يشمل أمرين أمر منهم واجب العزاء ويشكرون عليه والأمر
الثاني التفكير في تكوين ما يسمى بالعائلة المصرية وإقتراح أسماء تدخل فيها
ويجتمعون ويتباحثوا ويتم نشرها في الإذاعة.
س: قداسة البابا أيام قليلة تفصلنا عن الإحتفال بعيد الميلاد المجيد وكثير
من الحديث يدور حول هل هناك إحتفالات هل لاتوجد إحتفالات، هل توجد وسوف
يقام القداس أم لن يقام القداس، السؤال هو كيف سيكون يوم الإحتفال بعيد
الميلاد المجيد؟
بالنسبة لي أحب أن أقول إننا سنحتفل إنشاء الله بعيد الميلاد المجيد، لأن
ميلاد السيد المسيح هو حدث هام بالنسبة لنا نحن المسيحيين وسنحتفل بالعيد،
وعدم الإحتفال بالعيد معناه إننا غير متدينين من جهة ومن جهة أخرى معناه
تصعيد الأمور بطريقة خطرة لاتوصل إلى نتيجة، وأيضاً عدم الإحتفال بالعيد
فيه نوع من الإحتكاك بالدولة، وعدم الإحتفال بالعيد معناه أننا تحكمنا
الأعصاب وليس العقل والحكمة، وأيضاً هناك أمر مهم بأن هناك مشاكل تحتاج إلى
مدى زمني تُحل فيها لا أستطيع أن أطلب طلب وأصر على تنفيذه في نفس اليوم
لأن تنفيذ أي طلب يحتاج إلى تمهيدات ويحتاج إلى دراسات وهناك مطالب كثيرة.
س: إذن الإحتفال بالعيد قائم ونحن مدعوين،... قداسة البابا أيام قليلة
وتتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتتلقى العلاج ونرجو لك السلامة
والعودة إلى وطنك بالسلامة بإذن الله، ماذا سوف تقول لأبنائك في المهجر؟
أقول لهم يبغي أن تكون لكم والكنيسة الأم سياسة واحدة.
س: قداسة البابا إذا ما طلب منك في هذه الأيام في تلك اللحظة أن توجه كلمة لكل أبناء الوطن.. ماذا تقول لهم؟
أضيف كلمة لأبنائنا في القاهرة الذين تكثر مظاهرتهم ويندس بينهم كثيرون
يسيئون إليهم بالتصرفات الخاطئة التي تُنسب للأقباط وربما ليسوا لهم علاقة
بها، وأقول لهم أن المشاكل تحل بالهدوء وليس بالهياج وأن هناك بعض الأخطاء
تعطل قضيتهم بما يحدث أو ما يحدث من غيرهم وينسب إليهم، وهناك دور للدولة
لتهدئة الناس ليس فقط على المستوى الديني.
س: ماذا تقول لكل أبناء الوطن من المصريين؟
أقول إن البلد بلدنا كلنا وخيرها خير لكل واحد فينا وضررها ضرر لكل واحد
فينا وفي بيتنا جميعاً نعيش في محبة وفي سلام ولانترك سبباً يجعل الغير
يتدخل في أمورنا.
خاتمة:
أشكر قداسة البابا شنودة، مرة أخرى السيدات والسادة هذا الوطن خُلق ليبقى
وسوف يظل ويبقى بأبنائه أبناء وطن واحد متوحدين، أعيد وأكرر ما ذكرت في
منتصف الحوار بأن أحد الساسة البريطانيين عندما جاء إلى مصر في منتصف القرن
الماضي أرسل ببرقيته إلى حكومته يقول "حاولت البحث عن مسيحيين وعن مسلمين
فلم أجد سوى مصريين بعضهم يذهب إلى الجامع والبعض الآخر يذهب إلى الكنيسة"
وهذا هو الواقع وتلك هي الحالة التي نعيش فيها وهذا الوطن لم يتقدم ولن
يتطور إلا بأبنائه جميعاً.. دولة لكل المصريين بلا تفرقة وحكم قانون على
الجميع دون أن يفرق بين مواطن وآخر