الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد: فهذا بحث في التعويض عن الأضرار المترتبة على المماطلة في الديون وأحكامها. وفيه تمهيد ومبحثان: المبحث الأول: ضرر مجرد التأخير في المماطلة في الديون. المبحث الثاني: الضرر الناتج عن فوات الربح المفترض في المماطلة في الديون.
تمهيد: المماطلة في الديون تعود بالضرر على أهل الحقوق من جهة تأخر ديونهم، ومنعهم من الانتفاع بها تلك المدة وعدم تمكنهم من التصرف فيها، وهذا التأخر في سداد الديون هو في نفسه ضرر، وقد يترتب عليه ضرر آخر من جهة فوات أرباح متوقعة أو متيقنة، وقد يكون الضرر فعلياً كأن يحمله هذا التأخر والمماطلة إلى تكبد الخسائر المادية لأجل استخلاص حقه والظفر به أو ببعضه فضلاً عن الضرر المعنوي الذي قد يتكبده الدائن من الحزن والابتذال بالمرافعة والمخاصمة وكثرة التردد، الأمر الذي يتنـزه عن مثله أهل المروءات.
لذا فإن بحث التعويض عن الأضرار المترتبة على المماطلة في الديون ، من جهة جواز التعويض المالي عنها أو عدمه، يعد من أهم مسائل هذا البحث، وهي من المسائل المعاصرة الملحة في كثير من الجهات ذات العلاقة، وقبل الشروع في بيان هذه الأضرار، يجدر بيان معنى الضرر، وشروط التعويض المالي عنه، وتحرير محل النزاع في التعويض عن أضرار المماطلة في الديون، والكلام في ذلك ينتظم في ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف الضرر.
والضُّر في اللغة: ضد النفع، ويطلق على سوء الحال، والفقر، والشدة في البدن والمرض(1)، ومنه قوله _تعالى_: "مَسَّنِيَ الضُّرُّ"(2).
والضرر في الاصطلاح: يطلق على"كل أذى يَلحقُ الشخص، سواء أكان في مال متقوم محترم، أو جسم معصوم، أو عرض مصون"(3).
المبحث الثاني: شروط التعويض المالي للضرر.
نص العلماء على قاعدة هي من القواعد الكبرى في الشريعة، وهي أن الضرر يزال، وقد يكون زوال هذا الضرر بالتعويض المالي، إلا أن التعويض أخص من الضرر، فليس كل ضرر يعوض بالمال كي يزول، وقد ذكر الفقهاء شروطاً لاستحقاق الضرر للتعويض المالي(4)، وهي ما يلي:
عدل سابقا من قبل محمد راضى مسعود في الخميس سبتمبر 16, 2010 9:37 pm عدل 1 مرات